أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
Advertisement
ملف خاص

ما الذكاء العام الاصطناعي وهل هو مفهوم مفيد؟

جعلت أكبر شركات الذكاء الاصطناعي في العالم الذكاء العام الاصطناعي، أو AGI، هدفها. ولكن ليس من الواضح دائماً ما يعنيه الذكاء الاصطناعي العام، وهناك جدل حول ما إذا كانت فكرة قيمة أم لا

بقلم أليكس ويلكنز

إذا كنت مهتماً ولو بشكل عابر بالذكاء الاصطناعي، فمن المؤكد أنك قد صادفت فكرة الذكاء العام الاصطناعي. لقد صار الذكاء الاصطناعي العام Artificial general intelligence (اختصاراً: الذكاء AGI)، كما هو معروف في كثير من الأحيان، كلمةً طنانة على مدى السنوات القليلة الماضية مع انتشار الذكاء الاصطناعي في الوعي العام على خلفية نجاح نمذجات اللغة الكبيرة Large language models (اختصاراً: النمذجات LLM)، وهو شكل من أشكال الذكاء الاصطناعي الذي يدعم بوتات الدردشة مثل ChatGPT.

ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى أن الذكاء AGI صار بمثابة النجم الهادي للشركات في طليعة هذا النوع من التكنولوجيا. مثلا، ينص موقع OpenAI، منشئ ChatGPT، على أن مهمته هي «التأكد من أن الذكاء AGI يفيد البشرية جمعاء». وأصبحت الحكومات أيضا مهووسة بالفرص التي قد يقدمها الذكاء AGI، فضلا عن التهديدات الوجودية المحتملة، في حين تتحدث وسائل الإعلام (بما في ذلك هذه المجلة بطبيعة الحال) عن ادعاءات بأننا شهدنا بالفعل «شرارات الذكاء AGI» في النمذجات LLM.

على الرغم من كل هذا، ليس من الواضح دائماً ما يعنيه الذكاء AGI حقاً. والواقع أن هذا هو موضوع نقاش ساخن في مجتمع الذكاء الاصطناعي AI، حيث يُصرُّ البعض على أنه هدف مفيد، في حين يصر آخرون على أنه مجرد خيال لا معنى له وينمُّ عن سوء فهم لطبيعة الذكاء ــ واحتمالات تكراره في الآلات. تقول ميلاني ميتشل Melanie Mitchell من معهد سانتا في Santa Fe Institute في نيو مكسيكو: «علمياً، إنه ليس مفهوماً حقاً».

لقد كان الذكاء الاصطناعي الشبيه بالإنسان Artificial human-like intelligence والذكاء الاصطناعي الفائق Superintelligent AI من العناصر الأساسية في الخيال العلمي لعدة قرون. ولكن مصطلح الذكاء AGI انطلق منذ نحو 20 عاماً عندما استخدمه عالمي الحاسوب بن غورتزل Ben Goertzel وشين ليغ Shane Legg، المؤسس المشارك لشركة DeepMind للذكاء الاصطناعي. وقد لخصت هذه العبارة بدقة الشعور المتزايد بأن هذا المجال يجب أن يتجاوز التطبيقات الضيقة لبناء أنظمة يمكنها أن تفعل كل ما يمكن للإنسان أن يفعله.

منذ ذلك الحين، سعت شركة DeepMind على وجه الخصوص إلى إعادة تعريف الذكاء AGI بحيث يتعلق فقط بـ«المهام المعرفية» Cognitive tasks. في عام 2023، وضّح ليغ، بالتعاون مع المؤسس المشارك لشركة DeepMind، ديميس هاسابيس Demis Hassabis، وزملائهم، ما يشكل الذكاء AGI. واقترحوا إطاراً من ستة مستويات، حيث المستوى الأعلى هو نظام يمكنه «التفوق بنسبة 100% على البشر» عبر «مجموعة واسعة من المهام غير الجسدية، بما في ذلك القدرات ما وراء المعرفية مثل تعلم مهارات جديدة».

رسوم: Google DeepMind

مشكلة الذكاء AGI
تقول ميريديث موريس Meredith Morris، عضو الفريق في شركة DeepMind، التي انضمت الآن إلى شركة غوغل Google: «إن فكرة المستويات تشير حقاً إلى وجود هذه الاستمرارية… هناك هذا التقدم مع تطور التكنولوجيا». وتأمل موريس أن يجذب عملهم مزيداً من الاهتمام لهذه الفكرة، وفي نهاية المطاف إلى شكل من أشكال الإجماع حول ماهية الذكاء AGI فعلياً: «نود أن يكون لدينا أشخاص من تلك المجالات الأخرى التي تدرس الذكاء والتعلم يعملون جنباً إلى جنب مع باحثينا على تطوير هذه المعايير».

لكن ميتشل تشير إلى أن الذكاء في حد ذاته مفهوم متعدد الأبعاد، يتقاطع مع الكثير من مفاهيم أخرى غامضة بالقدر نفسه، مثل الشعور والفهم. على هذا النحو، لا يمكن قياسه بسهولة باستخدام الاختبار بالطريقة نفسها مثل المهام الأخرى الأكثر واقعية، مثل القدرة على ترجمة اللغة.

إن تطبيق المزيد من التدقيق على الوقت الذي يمكن فيه اعتبار الذكاء الاصطناعي الذكاء AGI قد يؤدي إلى تقدم، لكن ميتشل لا تزال متشككة في إمكانية تحقيق نوع الآلة التي يتصورها أنصار الذكاء AGI، لأنه من غير الواضح ما إذا كان من الممكن تجريد كليات الذكاء البشري إلى قائمة مُحدَّدة بذاتها من المفاهيم – ناهيك عن تكرارها في الذكاء الاصطناعي. وتقول: «هناك نوع من الإيمان السائد في هذا المجال منذ فترة طويلة، بأننا قادرون على تطوير ذكاء بمستوى الإنسان في هذه الركائز غير المجسدة… وما إذا كان ذلك ممكنا أم لا، فأعتقد أنه سؤال مفتوح كبير». أما توماس ديتريش Thomas Dietterich من جامعة ولاية أوريغون Oregon State University، فيرى أن مشكلة الذكاء AGI هي مشكلة أكثر عملية ــ على وجه التحديد، أنه من الخطأ تعريف الذكاء الاصطناعي من حيث السمات البشرية. يقول: «نحن نركز على تكرار قدراتنا، وهذا يؤدي إلى أن نُسبغ على أنظمتنا سمات بشرية على نطاق واسع، ومنحها أسماء مثل سيري وأليكسا».

بدلا من ذلك، كما يقول، ينبغي لنا أن نفكر في الذكاء الاصطناعي باعتباره «جهاز ذكاء اصطناعيا يمكنه القيام بأشياء معينة لنا» – وهو ما يبدو مشابهاً إلى حد كبير لما كان يدور في ذهن مجتمع الذكاء الاصطناعي قبل ظهور مفهوم الذكاء AGI.

© 2024, New Scientist, Distributed by Tribune Content Agency LLC.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

زر الذهاب إلى الأعلى