هل سنصل إلى صافٍ صفري بالسرعة الكافية، وكيف سيستجيب المناخ؟

بقلم جيمس دينين

قبل عقد من الزمن، كان مصطلح «الصافي الصفري» Net zero عبارة عن لغة غامضة. وحالياً، صار هذا هو الهدف الرئيسي لمكافحة تغير المناخ Climate change ونقطة نقاش مألوفة في معظم أنحاء العالم.

المفهوم واضح ومباشر. وعلى حد تعبير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ Intergovernmental Panel on Climate Change (اختصاراً: الهيئة IPCC): «يتحقق صافي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الصفري عندما تتوازن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناجمة عن الأنشطة البشرية على مستوى العالم من خلال عمليات إزالة ثاني أكسيد الكربون الناجمة عن الأنشطة البشرية على مدى فترة محددة».

ومن السهل أيضاً تتبع صعود هذا المفهوم إلى الصدارة. وبمجرد إثبات الحاجة إلى صافي انبعاثات صِفري لوقف ارتفاع درجات الحرارة، ظهرت هذه السياسة لأول مرة في اتفاق باريس لعام 2015. بعد ذلك انفجرت في الوعي العام بعد تقرير الهيئة IPCC لعام 2018 الذي ينص صراحة على أن العالم يجب أن يصل إلى صافٍ صفري بحلول عام 2050 لتجنب أسوأ آثار ظاهرة الاحترار العالمي Global warming.

وسرعان ما صارت المملكة المتحدة أول اقتصاد رئيسي يتعهد بخفض الانبعاثات إلى مستوى الصفر. والآن، قدمت أغلب البلدان، بما في ذلك الصين والولايات المتحدة والهند – الدول الثلاث الأكثر إطلاقاً للانبعاثات – مثل هذه التعهدات بشكل أو بآخر.

ولكن الأمر الأقل وضوحا هو ما إذا كانت كل هذه الأهداف قوية بالقدر الكافي لجعلنا نصل إلى صافي الانبعاثات الصفرية بالسرعة الكافية – وماذا يحدث للمناخ بمجرد أن نحقق هدفنا. العديد من التعهدات بصافي الصفر تعتبر «ضعيفة»، وفقاً لمشروع تتبع العمل المناخي Climate Action Tracker project. وفي كثير من الأحيان تفتقر خطط البلدان إلى خطوات مؤقتة قابلة للتحقيق أو تتجاهل قطاعات مهمة من الاقتصاد. وهذا يشير إلى أنه ستفوت معظم المواعيد النهائية. لكن الوصول إلى صافي الصفر بعد 50 عاماً من الآن، مثلا، ليس كافياً، كما تقول أماندا ليفين Amanda Levin من مجلس الدفاع عن الموارد الطبيعية Natural Resources Defense Council. «عليك أن تبذل الجهود لخفض الكربون حالياً».

تحقيق صافي انبعاثات صِفري هو مجرد واحد من العديد من الأهداف المهمة التي يعتمد عليها المناخ في المستقبل

إضافة إلى ذلك، فإن تحقيق صافي انبعاثات صِفري هو مجرد واحد من العديد من الأهداف المهمة التي يعتمد عليها المناخ في المستقبل. تقول ليفين إن مقدار الانبعاثات التي نصدرها قبل الوصول إلى الصافي الصفري، وما يحدث بعد أن نصل إلى هناك، لهما القدر نفسه من الأهمية.

وتكمن قضية أخرى في الكيفية التي يمكن بها للمسؤولين عن الانبعاثات أن يزعموا أنهم يحرزون تقدماً من خلال الدفع للآخرين لتجنب الانبعاثات – على سبيل المثال من خلال حماية غابة كان من الممكن قطعها لولا ذلك – بدلاً من خفض انبعاثاتهم. وفي حين أن «تعويضات الكربون» Carbon offsets هذه فعالة من الناحية النظرية، إلا أنه غالباً ما يكون من الصعب التحقق منها عملياً، كما تقول ليفين. «إن سوق تعويضات الكربون حالياً غير منظم إلى حد كبير، وبصراحة، هو الغرب المتوحش».

كذلك، فإن التعويض على أساس الانبعاثات التي اجتنبها سيكون أكثر ندرة مع نفاد الانبعاثات التي يجب تجنبها، لذلك لا يمكن أن يكون جزءاً من الحل طويل المدى، كما يقول مايلز ألين Myles Allen من جامعة أكسفورد University of Oxford. «ولأنه أُسيء استخدامه، فقد سئم المجتمع البيئي منه الآن». ونتيجة لذلك، دعا البعض إلى الالتزام بالصفر الحقيقي، أي عدم وجود انبعاثات على الإطلاق.

لكن تقول ليفين إن الانبعاثات الناتجة من رحلات الطيران لمسافات طويلة أو استخدام الأسمدة، مثلا، يكاد يكون من المستحيل التخلص منها. ومن هنا جاء الضغط من أجل إزالة ثاني أكسيد الكربون من خلال تقنيات مثل الالتقاط المباشر للهواء أو غير ذلك من الأساليب القائمة على الطبيعة.

ماذا يحدث عندما نصل إلى الصافي الصفري؟
أما بالنسبة إلى ما قد يحدث إذا وصل العالم إلى صافي الانبعاثات صِفري في الوقت المحدد، فقد وجدت دراسة حديثة أن ردود الأفعال الاحترارية قد تعني استمرار درجات الحرارة بالارتفاع، اعتمادا على كمية الانبعاثات التي نبعثها بشكل عام.

وفي هذه الحالة، ستكون هناك حاجة إلى المزيد من عمليات إزالة الكربون لمعالجة التجاوز والحفاظ على صافي صفري عندما تبدأ المصارف الطبيعية Natural sinks بخفض تركيز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي. تقول ألين: «إن التوازن الحقيقي الذي نحتاج إليه على المدى الطويل هو بين إنتاج ثاني أكسيد الكربون والتخلص منه بشكل دائم».

© 2024, New Scientist, Distributed by Tribune Content Agency LLC.