أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
أحدث التطورات

البحث عن المادة المعتمة داخلَ منجم في يوركشير

قد تكون هذه التجربة الجديدة هي محاولتَنا الأخيرة للكشف المباشر عن المادة المعتمة

هل يمكن لحل اللغز الأكثر إحباطاً في علم الفلك أن يكون اًقابعاً في قاع منجم في يوركشير؟ يأمل الفيزيائيون الذين يحلمون بالجيل المقبل من أجهزة كشف المادة المعتمة Dark matter، الموصوفة في بحث هذا الشهر، تحقيقَ ذلك.

على مدار الخمسين عاماً الماضية تزايدت الأدلة التي تشير إلى أن معظم المادة في الكون تأخذ شكلاً لا ندركه. تشير أرصاد المجرّات وعناقيد المجرّات والكون ككل إلى وجود ”مادة معتمة“، وهي مادة غير مرئية لا نستطيع استنتاج وجودها إلا من خلال تأثير جاذبيتها. وليس هناك من نظرية بديلة مقنعة مثل فكرة أن معظم المادة في الكون موجودة بهذا الشكل الذي لا نعرف.

ومع ذلك، سيكون الأمر أكثر إقناعاً بكثير إذا تمكنّا من تحديد ماهية جسيمات المادة المعتمة المزعجة هذه، وهذا يعني على الأرجح اكتشافها مباشرة. هناك عديد من التجارب التي تسعى إلى تحقيق ذلك الآن، أكثرها حساسية هي وضع خزانات تحتوي على نحو 10 أطنان من مادة الزينون Xenon عميقاً في باطن الأرض، حيث تخفى عن الأشعة الكونية التي قد تقصفها على السطح. يجب أن تمر الملايين من جزيئات المادة المعتمة عبر هذه الخزانات في كل ثانية، وأن يمضي معظمها قُدماً من دون أي تأثير على الإطلاق.

سنحتاج إلى خزان أكبر
يجب أن يسجل جزءٌ صغير جداً منها ضربة مباشرة على ذرة زينون، لينتج عنه وميض ضوء يمكن رؤيته. مثل هذه التفاعلات نادرة جداً (وربما يكون هذا أمراً جيداً، مع مرور ملايين جزيئات المادة المعتمة عبر جسمك الآن). تأمل تجارب مثل XENONnT، الموجودة في مختبر غران ساسو Gran Sasso lab المَهيب تحت جبل ليس بعيداً عن مدينة روما، في اكتشاف أقل من خمسة حوادث منها سنوياً، وهذا لا يكفي لمساعدتنا في العثور على المادة المعتمة.

”هكذا يبدأ السعي لإنشاء جهاز كشف أكبر. نأمل أن يعني مزيدٌ من الزينون حدوث مزيد من الاصطدامات المباشرة بالمادة المعتمة“

وهكذا يبدأ العمل لبناء جهاز كشف أكبر. إن أداة DARWIN/XLZD المقترحة واسمها البشع هذا جاء نتيجة لمشاركة مجموعات مختلفة من العلماء التجريبيين. ستحتوي على ما يصل إلى 60 طناً من الزينون. ونأمل أن يعني وجود مزيد من الزينون حصول مزيد من الاصطدامات المباشرة مع المادة المعتمة. هذا يجب أن يسمح لنا باكتشاف جسيمات المادة المعتمة التي هي أخف وزناً، أو أكثر ممانعة للتفاعل مع المادة العادية.

وبالفعل، تُجرَى تجارب في سويسرا وألمانيا لإثبات إمكانية بناء أجهزة كشف حساسة بدرجة كافية للاستفادة من خزان الزينون الأكبر حجماً، ولكن البحث عن مصدر تمويل ما زال جارياً، ولم يجر اختيار الموقع بعد. ويُعَد منجم بولبي Boulby Mine المذهل في شمال يوركشير، والذي ظهر في حلقة برنامج سماء الليل Sky at Night في شهر يونيو 2024، مرشحاً جيداً كأي مرشح آخر، وخاصة إذا رغبت المملكة المتحدة في تقديم مساهمة كبيرة في هذا الجهد الجريء.

البروفيسور كريس لينتوت:
عالم فيزياء فلكية يشارك بتقديم برنامج سماء الليل Sky at Night
هذه التجربة التالية تستحق الانتظار، لأنها ستكون الأخيرة من نوعها. كن أفضل بكثير من هذا في اكتشاف الاصطدامات مع الجسيمات الشبحية، وسوف تبدأ في رؤية جسيمات النيوترينو، وليس المادة المعتمة. نحن نعلم أن هذه الجسيمات عديمةَ الكتلة تقريباً وسريعةَ الحركة موجودة بالتأكيد، ويمكن أن تتفاعل مع المادة العادية. إنها ستغمر أي إشارة من المادة المعتمة في أجهزة الكشف عالية الحساسية. سيكون هذا هو الصالون الأخير لمجموعة من التجارب التي تمنحنا أفضل فرصة للكشف المباشر عن المادة المعتمة. ومن المحبط أن فشل التجارب لن يثبت أن المادة المعتمة ليست مكوناً رئيساً في الكون، ولكن نجاحها سيكون أعظم اكتشاف فيزيائي في القرن الحادي والعشرين.

* كريس لينتوت Prof Chris Lintott: كان يقرأ… DARWIN/XLZD DARWIN/XLZD: A Future Xenon Observatory for Dark Matter and Other Rare Interactions by Laura Baudis Read it online at: arxiv.org/abs/2404.19524

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

Back to top button