أجزاء من المحيط الأطلسي تبرد بسرعة قياسية ولا أحد يعرف السبب
بعد أكثر من عام من ارتفاع درجات حرارة البحار العالمية بشكل قياسي، يبرد المحيط الأطلسي بسرعة أكبر من أي وقت مضى، مما قد يؤثر في الطقس بمعظم أنحاء العالم
بقلم جايمس دينين
على مدى الأشهر الثلاثة الماضية، حدث التحول من درجات الحرارة الساخنة إلى درجات الحرارة الباردة في المحيط الأطلسي الاستوائي Equatorial Atlantic Ocean بسرعة قياسية. ويأتي نمط «إلنينيا الأطلسي» Atlantic Niña الناشئ هذا قبيل التحول المتوقع إلى ظاهرة إلنينيا الأكثر برودة في المحيط الهادي، وقد يكون لهذه الأحداث المتتالية تأثيرات مضاعفة في الطقس بمعظم أنحاء العالم.
ويعد التحول نحو درجات حرارة أكثر برودة في كلا المحيطين تغييراً موضع ترحيب بعد أكثر من عام من درجات الحرارة القياسية في البر والبحر، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى ارتفاع انبعاثات الغازات الدفيئة Greenhouse gas ونمط ظاهرة إلنينيو El Niño الدافئ في المحيط الهادي الاستوائي الذي تطور في منتصف عام 2023.
يقول بيدرو دينيزيو Pedro DiNezio من جامعة كولورادو بولدر University of Colorado Boulder: «لقد بدأنا نرى أن المتوسط العالمي لدرجات حرارة المحيطات ينخفض قليلاً». ووفقاً للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي US National Oceanic and Atmospheric Administration في الولايات المتحدة (اختصاراً: الإدارة NOAA)، كانت درجات حرارة سطح البحر العالمية في يوليو الماضي أكثر برودة قليلا مما كانت عليه في يوليو 2023 ــ منهية بذلك سلسلة استمرت 15 شهرا من ارتفاع متوسط درجات حرارة المحيطات إلى مستويات قياسية.
تراجعت ظاهرة إلنينيو في المحيط الهادي في شهر مايو، ومن المرجح أن تتطور ظروف ظاهرة إلنينيا أكثر برودة من المتوسط في الفترة ما بين سبتمبر ونوفمبر، وفقاً لأحدث توقعات الإدارة NOAA. ويرجع ذلك جزئياً إلى قوة الرياح على طول خط الاستواء، والتي تسمح للمياه الباردة بالارتفاع من أعماق المحيط. ومن ناحية أخرى، ترتبط ظاهرة إلنينيو بالرياح التجارية Trade winds الأضعف التي تقلل من ارتفاع المياه الباردة. وتسمى هذه الدورة المتعددة السنوات بإلنينيو-التذبذب الجنوبي El Niño-Southern Oscillation (اختصاراً: الدورة ENSO)، وهي أحد المصادر الرئيسية للتقلبات الطبيعية داخل المناخ العالمي.
على الرغم من أن تأثيره في المناخ أقل بكثير، إلا أن المحيط الأطلسي الاستوائي يتقلب أيضاً بين «ظواهر إلنينيو» الدافئة و«ظواهر إلنينيا» الباردة كل بضع سنوات. ومثل الدورة ENSO، غالباً ما يرتبط هذا التذبذب أيضاً بقوة الرياح التجارية.
وكما هي الحال في المحيط الهادي، شهد المحيط الأطلسي الاستوائي ظروف إلنينيو حارة بشكل غير عادي خلال معظم عام 2023، وكانت درجات حرارة سطح البحر في وقت سابق من هذا العام (2024) هي الأكثر دفئاً منذ عقود. يقول مايكل ماكفادين Michael McPhaden من الإدارة NOAA: «إنها الحلقة الأحدث في سلسلة من الأحداث المتعلقة بنظام مناخي خرج عن مساره لعدة سنوات».
على مدى الأشهر الثلاثة الماضية، انخفضت درجات الحرارة في ذلك الجزء من المحيط الأطلسي بسرعة أكبر من أي وقت مضى في السجلات التي يعود تاريخها إلى عام 1982. ويقول فرانز فيليب توشين Franz Philip Tuchen، من جامعة ميامي University of Miami في فلوريدا: «إن هذا التحول المفاجئ أمر محير لأن الرياح التجارية القوية التي تدفع عادة مثل هذا التبريد لم تتطور بعد. لقد استعرضنا قائمة الآليات المحتملة، ولم يتم تحديد أي شيء حتى الآن».
إذا ظلت درجات الحرارة أقل بمقدار 0.5°س من المتوسط لمدة شهر آخر على الأقل، فسيتم اعتبارها رسمياً «إلنينيا أطلسية»، كما يقول توشين.
ومن المرجح أن تؤثر ظاهرة إلنينيا المحتملة في أنماط الطقس بمعظم أنحاء العالم بسبب تأثيرها في درجة الحرارة والرطوبة. وترتبط ظاهرة إلنينيا في المحيط الهادي عموما بالطقس الجاف في غرب الولايات المتحدة والطقس الرطب في شرق إفريقيا، في حين تميل ظاهرة إلنينيا في المحيط الأطلسي إلى تقليل هطول الأمطار في منطقة الساحل بإفريقيا وتعزيزه في أجزاء من البرازيل. يمكن أن يكون لظاهرتي إلنينيا أيضاً تأثيرات متعارضة في موسم الأعاصير الجاري في المحيط الأطلسي: من المتوقع أن تزيد ظاهرة إلنينيا في المحيط الهادي من احتمال حدوث أعاصير في المحيط الأطلسي في سبتمبر، لكن ظاهرة إلنينيا في المحيط الأطلسي قد تُضعف بعض الظروف، مثل نشاط الموجات الجوية، اللازمة لتشكل الأعاصير الاستوائية Hurricanes.
يمكن للدورات أيضاً أن تؤثر في بعضها بعضا بشكل مباشر. ومن الصعب التنبؤ بكيفية حدوث ذلك بالضبط، ولكن هناك سبباً للاعتقاد بأن ظاهرة إلنينيا في المحيط الأطلسي يمكن أن تؤخر تطور ظاهرة إلنينيا في المحيط الهادي، مما يؤدي إلى إبطاء تأثيرات التبريد في معظم أنحاء المناخ العالمي، كما يقول ماكفادين. «قد تكون هناك لعبة شد الحبل بين المحيط الهادي الذي يحاول تبريد نفسه والمحيط الأطلسي الذي يحاول تدفئته».
© 2024, New Scientist, Distributed by Tribune Content Agency LLC