أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
فيزياء

نوع جديد من التجارب في مصادم الهادرونات الكبير قد يكشف الحقيقة الكمّيَّة

يختبر مصادم الهادرونات الكبير التشابك في نطاق جديد تماماً من الطاقة، ويستكشف معنى نظرية الكم - واحتمال وجود حقيقة أكثر غرابة فيما وراءها

بقلم مايكل بروكس

بالنسبة إلى آلان بار Alan Barr، بدأ الأمر خلال إجراءات الإغلاق التي فرضها فيروس كوفيد-19 (Covid-19). إذ يقول: «كان لدي المزيد من الوقت. كان يمكنني الجلوس والتفكير».

لقد استمتع بكونه جزءاً من النجاح في مصادم الهادرونات الكبير Large Hadron Collider (اختصاراً: المصادم LHC) التابع للمنظمة الأوروبية للأبحاث النووية (اختصاراً: المنظمة سيرن CERN) بالقرب من جنيف بسويسرا، وهو مصادم الجسيمات الذي اكتشف بوزون هيغز Higgs boson. لكنه صار يتساءل، هل أخطأوا بسبب خدعة ما؟ «لقد أمضيت ساعات طويلة في تجميع أجزاء من الجهاز معاً». وفكرت: حسناً، لقد بنينا هذه القطعة الجميلة من الجهاز، ولكن ربما يمكننا فعل المزيد بها.

يُنظر إلى المصادم LHC عادةً على أنه آلة للعثور على جسيمات جديدة. لكن، الآن يتساءل بار وعدد كبير من علماء الفيزياء الآخرين عما إذا كان من الممكن أيضاً استخدام هذه النظرية لاستكشاف المعنى الكامن وراء نظرية الكم ولماذا تصور الواقع على أنه غريب جداً.

وهذا بالضبط ما ينكبّ بار وزملاؤه بجدية في البحث عنه الآن. في عام 2023، نشروا نتائج تجربة أظهروا فيها أن أزواجاً من الجسيمات الأساسية تسمى الكواركات القِمِّيَّة Top quarks يمكن وضعها في الحالة الكمّيّة (الكمومية) Quantum state المعروفة بالتشابك Entanglement.

كانت هذه مجرد أولى تجارب التشابك العديدة في مصادمات الجسيمات والتي يمكن أن تفتح طريقة جديدة تماماً لدراسة طبيعة الكون Universe. ويمكننا الآن أن نتساءل لماذا يصعب تحديد الواقع في ميكانيكا الكم Quantum mechanics وما علاقة ذلك بالتجارب – أو حتى الجسيمات – التي تتمتع بإرادة حرة. إن القيام بذلك يمكن أن يكشف ما إذا كان الزمكان Space-Time أساسياً أو ربما يكشف النقاب عن حقيقة أعمق وأكثر غرابة من ميكانيكا الكم. يقول بار: «يمكننا فعل أشياء مختلفة حقاً باستخدام هذا المصادم».

إذا كنت تريد كشف أسرار عالَم الكم، فإن التشابك يوفر لك المفتاح. وفقاً لإروين شرودنغر Erwin Schrödinger، أحد مؤسسي نظرية الكم Quantum theory، فإن التشابك هو «السمة المميزة» Characteristic trait للمجال. إنه في الأساس رابط بين الجسيمات الكمية، مهما كانت منفصلة على نطاق واسع في المكان، وهو ما يتحدى المنطق السليم. ولهذا السبب رفضها ألبرت آينشتاين Albert Einstein ووصفها بأنها «الفعل المخيف عن بعد» Spooky action at a distance وافترض -بشكل غير صحيح – أن وجودها سيتم دحضه بمجرد نضوج النظرية.

التشابك يعمل بهذه الطريقة. أولاً، اجعل جسيمين كميين، مثل فوتونات الضوء Photons of light، يتفاعلان بطريقة ما. وقد يكون الأمر بسيطاً مثل تصادمهما، أو أن يكون كلاهما نتاجاً للحدث الكمي نفسه، مثل الاضمحلال التلقائي Spontaneous decay لبوزون هيغز.

يكون الفعل المخيف واضحاً عندما تقيس أحدهما ثم تقيس الآخر. وفي الظروف المناسبة، يكشف هذا أن خصائص الجسيمين مترابطة: فالفعل على أحدهما له تأثير فوري ومتوافق في الآخر.

فكر في هذا الارتباط كأنك تقلب عُمْلتين معدنيتين عدة مرات وتجد أنهما تهبطان دائماً مثل رأسين أو ذيلين. بعد فترة من الوقت، قد تشك في حدوث شيء مريب، ربما كان هناك مغناطيس مخفي هو الذي تسبب في هبوطهما بالاتجاه نفسه دون كلل. وإذا لم تتمكن من العثور على مغناطيس مخفي، فقد ترفع يديك وتعلن أن شخصاً ما سيأتي في النهاية بتفسير معقول.

كان هذا بالتأكيد أمل آينشتاين، وكان ذلك رأي عالِم الفيزياء في المنظمة سيرن CERN جون بيل John Bell، الذي اقترح في ستينات القرن العشرين تجربة للتحقق من الارتباطات بين الجسيمات المتشابكة التي كانت منفصلة عن بعضها بعضا. عادة، في اختبارات بيل هذه، يتم إنشاء فوتونين متشابكين من المصدر نفسه ثم يتم إرسالهما إلى اثنين من الباحثين الافتراضيين يدعيان أليس Alice وبوب Bob. وقد اختار كل من أليس وبوب عشوائياً قياس اتجاه الفوتون الخاص بهما – قياس خاصية كمية تعرف بالدوران Spin – على طول واحد من ثلاثة اتجاهات. وبعد ذلك، قارن الملاحظات لتقييم الارتباط. ونظراً لأن نظرية الكم تتعامل فقط مع الاحتمالات Probabilities المتعلقة بنتائج القياسات، وليس النتائج الثابتة Fixed outcomes، فيجب إجراء الإعداد والقياس عدة مرات. ولكن إذا كان هناك فعلاً فعل مخيف عن بعد، أو بالأحرى مصطلح غير محلي، فيجب أن يكون هناك ارتباط أكثر مما توقعه آينشتاين. وقد قاس بيل ذلك في «تباين» Inequality رياضياتي لا يمكن انتهاكه إلا إذا كان آينشتاين مخطئاً بشأن اللامكانية Non-locality.

كان أملهم بأن يسود المنطق السليم عبثا. ومنذ ذلك الحين، دُحضت تباينات بيل في عدد لا يحصى من تجارب المختبر، مما يثبت أنه في العالَم الكمي، يمكن ربط النقاط البعيدة في المكان على الفور. بل أثبت الفيزيائيون أن التشابك بين مجموعة متنوعة من الكيانات، من الذرات المُبرَّدة إلى الماس.

ومع ذلك، وعلى الرغم من كل نجاحنا التجريبي، يظل التشابك حقيقة صريحة وغير مريحة عن الواقع. فلا يزال يتعين علينا أن نكشف عن رؤى أعمق حول معنى نظرية الكم أو أن نفهم ما إذا كانت القواعد الكمية التي اختبرناها في ظروف معملية خاضعة للتحكم الجيد لا تزال تنطبق على الحدود القصوى الموجودة في مصادمات الجسيمات.

الآن، قد يكون هذا على وشك التغيير لأننا نجري اختبارات بيل داخل البيئات الفوضوية عالية الطاقة Messy high-energy environments لمصادمات الجسيمات. أظهرت مراقبة التشابك بين أزواج الكواركات القِمِّيَّة في المصادم (اختصاراً: المصادم LHC) في عام 2023 أنه يمكننا دراسة هذه الظاهرة في مجال جديد تماماً، والحصول على منظور مختلف لعالم الكم. يقول بار، الذي يقيم في جامعة أكسفورد University of Oxford: «إننا نقوم بذلك بطاقة أعلى تريليون مرة من اختبارات بيل النموذجية… في مثل هذا النظام المختلف تماماً، قد تفاجئنا الطبيعة».

لم يكن تشابك الكواركات القِمِّيَّة عبارة عن ملاحظة مباشرة

لم يكن تشابك الكواركات القِمِّيَّة عبارة عن ملاحظة مباشرة. تعرف الباحثون على التشابك من خلال النظر في خصائص سلسلة الجسيمات التي اصطدمت بكاشفات أطلس detectors ATLAS التابع للمصادم LHC بعد اضمحلال الكواركات بشكل طبيعي. يقول خوان رامون مونيوز دي نوفا Juan Ramón Muñoz de Nova من جامعة كومبلوتنسي Complutense University of Madrid بمدريد بإسبانيا: «يمكنك استنتاج ما حدث من الحطام Debris». لكن هذا الاستنتاج صعب: فهو يعتمد على دراسة الزوايا التي تتحرك بها الجسيمات المتتالية مع معرفة الطاقة الدقيقة لاصطدامات البروتونات التي شكلت الكواركات في المقام الأول والمسارات Trajectories التي اتبعتها.

لكن هذا يعني أيضاً أن العديد من البيتابايتات Petabytes من البيانات حول اضمحلال الجسيمات التي جمعتها المنظمة سيرن CERN على مدى السنوات القليلة الماضية، والبيانات التي سيتم جمعها في تجاربها المستقبلية، يجب أن تكون مصدراً غنياً بالمثل للمعلومات. يقول مونيوز دي نوفا: «هذا يمهد الطريق أمام العديد من التجارب الكمية المستقبلية في المصادمات».

الزمكان الناشئ
أحد الاحتمالات المثيرة للاهتمام هو أن تجارب المصادمات هذه يمكن أن تقلب افتراضاتنا حول طبيعة المكان، كما يقول فلاتكو فيدرال Vlatko Vedral، الفيزيائي النظري في جامعة أكسفورد University of Oxford. ويقول إن اختبارات بيل التقليدية تدرس التشابك على مسافات كبيرة، لكن الارتباطات على مسافات صغيرة مثيرة للاهتمام بالقدر نفسه. تبحث هذه الاختبارات المبنية على المصادم في الروابط التي تمتد على جزء من كوادريليون من المتر فقط، وقد تخبرنا ما إذا كان لا يوجد شيء مثل المكان – ومن ثمَّ المكانية – على هذا المقياس. ويشير إلى أنه ربما يكون الفعل المخيف عن بعد هو القاعدة Norm، وأن عالَم الجسيمات لامكاني بالأصل Default. في هذه الحالة، ربما لا يكون المكان Space أساسياً، ولكنه ينشأ من التشابك كظاهرة ناشئة Emergent phenomenon. ويتساءل: «هل يمكن أن نكون مخطئين بافتراضنا أن الأمور يجب أن تكون مكانية هناك؟».

إضافة إلى ذلك، فإن الطاقات العالية تجلب عالماً جديداً من الجسيمات «الافتراضية» Virtual، كما يقول بار. عندما يتم تعجيل الجسيمات إلى سرعة قريبة من سرعة الضوء داخل مصادم مثل المصادم LHC، فإن بعض طاقة الشعاع تتحول إلى جسيمات إضافية. فهذه ليست حقيقية، في حد ذاتها: إنها اضطرابات عابرة في المجالات عالية الطاقة داخل المصادم. لكنها متورطة في مجموعة من الظواهر الرائعة والمثيرة للجدل، بما في ذلك الطريقة المتناقضة التي تصدر بها الثقوب السوداء Black holes الإشعاع، وربما الطاقة المعتمة التي تعمل على تسريع توسع كوننا. يقول بار: «هناك عالم كامل من الظواهر الكمية التي تود أن تكون قادراً على التحقق منها» باستخدام اختبارات بيل لمصادم الجسيمات.

ويمكن أن تساعدنا المصادمات على اكتشاف المزيد عن الفروق الدقيقة وحدود نظرية الكم نفسها. ففي النهاية، على الرغم من نجاح النظرية نجاحاً رائعاً في التنبؤ بالنتيجة المحتملة لسلسلة من التجارب التي تتضمن جسيمات على المستوى الكمي، فإننا لا نفهم سبب نجاحها. قد تساعد مراقبة التشابك في المصادمات على العثور على أجزاء من نظرية «ما بعد الكم» Post-quantum التي تخبرنا من أين تنشأ الظواهر الكمية.

وقد يساعدنا أيضاً على تحليل الاختلافات الدقيقة في التشابك. أحد التفاصيل التي غالباً ما يتم التغاضي عنها في عالم الكم هي أن التشابك ليس مجرد شيء واحد. يتشارك جسيمان متشابكان بشكل كامل، أو إلى «أقصى حد» Maximally، في جميع المعلومات الخاصة بهما، فلا يمكنك وصف أحدهما دون وصف الآخر. ولكن الهزات من بيئتها مثلا قد تتسبب في فقدان بعض المعلومات الموجودة في جسيمين متشابكين، مما يجعلهما أقل تشابكاً، ولكن ليس منفصلين تماماً. تقول مارتينا جافوركوفا Martina Javurkova من جامعة ماساتشوستس University of Massachusetts في أمهيرست: «هناك مستويات مختلفة».

ثم هناك «التوجيه» Steering، وهو شكل غير متماثل من التشابك الكمي، حيث يهيمن تأثير جسيم واحد، أو مجموعة من الجسيمات، في الآخر. وهناك خلاف، يتضمن شبكة من الروابط الأضعف بحيث لا يزال بإمكان جسيم واحد التأثير في الآخر، ولكن بطريقة أقل دراماتيكية بكثير. تقول جافوركوفا: «إنهما حالتان قابلتان للانفصال، لكن بإمكانهما تقديم معلومات إضافية عن بعضهما البعض».

التشابك بين البتات الكمية هو جوهر الحوسبة الكمية Quantum computing، لذا فإن فَهْم هذه الفروق الدقيقة في التشابك يساعدنا على بناء حواسيب كمية أكثر تطوراً. إضافة إلى ذلك، هناك إمكانية التشابك الذي يشمل ثلاثة أو أربعة جسيمات أو ربما أكثر. ومن الصعب جداً دراسة هذه الحالات في المختبرات التقليدية، ولكنها تحدث بشكل طبيعي أثناء تصادمات الجسيمات. وقد تكون لهذا آثار كبيرة في الحوسبة الكمية. يقول بار: «نحن نعرف كيفية إنجاح الأمر».

إذا لم يكن كل هذا كافياً، فماذا عن التعمق في أعماق ما يعنيه أن تكون إنساناً يجري تجربة علمية؟ في المصادم LHC، تمت إزالة الفعل البشري تماماً من اختبار بيل. عادة، يختار المجرب اتجاهاً معيناً للكاشفات أو يستخدم مولد أرقام عشوائياً لتحديد الاختيار. وهذا جزء من عملية إظهار أن الارتباطات بين الجسيمات لا تأتي من بعض الخصائص الموجودة مسبقاً في الجسيمات نفسها والمخفية عنا.

ولكن في اختبار بيل للمصادم، تُقاس الحالة الكمية للجسيم عندما يضمحل تلقائياً إلى جسيمات أخرى أقل كتلة. لذا، فإن اختبارات بيل المعتمدة على المصادم «تحدث» Happen دون أي تدخل بشري، وقبل أن تتفاعل الجسيمات مع جهاز الكشف الخاص بالمصادم، كما يقول كريستوفر تيمبسون Christopher Timpson، الفيلسوف المقيم أيضاً في جامعة أكسفورد University of Oxford. ويقول إن كل ذلك يثير التساؤلات حول ماهية القياس، وما إذا كانت الجسيمات تمتلك شيئاً أقرب إلى الإرادة الحرة Free will. «هل يحق للجسيم أن يختار طبيعة القياس الذي يتم إجراؤه عليه؟» يتساءل. «وإذا تم اختيار اتجاه القياس بواسطة الجسيم، وليس من خلال عملية مستقلة، فهل هذا هو مولد الأرقام العشوائية نفسه؟»

بعبارة أخرى، كل هذا قد يكون له ما يسهم في «مشكلة القياس» Measurement problem التي طال أمدها، وهي مصدر كل الأفكار الغريبة في نظرية الكم حول الشكل الحقيقي للواقع. يمكن إعداد الجسيم الكمي بحيث يكون في حالات متعددة ومختلفة في وقت واحد. فهذا «التراكب» Superposition، الذي تجسده قطة شرودنغر النافقة والحية Schrödinger’s dead-and-alive cat، يستمر حتى يتم قياسه. ولكن لم يتمكن أحد على الإطلاق من الاتفاق على ما يشكل قياساً فعلياً، مما أدى إلى عدد لا يحصى من التفسيرات لما يحدث عند إجراء القياس.

التفسيرات الكمية
تشمل الأمثلة الشهيرة تفسير العوالم المتعددة Many-worlds interpretation، الذي يقول إن الأحداث الكمية تتكشف في سلسلة متتالية من الأكوان المنفصلة Separated universes؛ وتفسير كوبنهاغن Copenhagen interpretation، الذي يقول إن القياس على جسيم كمي يؤدي إلى تغيير جوهري في النظام الذي نلاحظه باعتباره العالم الطبيعي «الكلاسيكي» Classical؛ وتفسير المتغيرات الخفية Hidden variables interpretation، والذي يشير إلى أن المسار Course الغريب للأحداث الكمية ناتج من عوامل معينة لا يمكننا الوصول إليها. ومن وجهة النظر هذه، إذا كانت لدينا معرفة بالمتغيرات المخفية فقط، فلن يبدو أي شيء غريباً.

بعض هذه الأفكار، مثل تفسير كوبنهاغن، تتطلب سياقاً كلاسيكياً. وفي حالات أخرى، مثل صورة العوالِم المتعددة، كل شيء هو ميكانيكا الكم. يقول فيدرال إنه إذا استبعدت المصادمات أي شيء، فمن المرجح أن يكون فكرة أن العالم الكلاسيكي له صلة بأي شكل من الأشكال بفهم الأشياء. ويرجع ذلك جزئياً إلى عدم وجود إجراء على نطاق بشري – أي كلاسيكي – عند إجراء قياسات كمية داخل مصادمات الجسيمات. لكن فيدرال يعترف بأن هذا أيضاً هو تحيزه الغريزي. ويقول: «إذا فشلت ميكانيكا الكم، وعندما بدأت التجارب تتعارض معها، فمن غير المرجح أن نشهد نوعاً من العودة إلى الفيزياء الكلاسيكية». وبدلا من ذلك، فمن المرجح أن يكشف عن حقيقة أكثر إرباكا، والتي تبدو، في بعض السيناريوهات، مثل ميكانيكا الكم.

يهتم بار أيضاً بما قد يعلمنا إياه المصادم LHC حول صحة بعض التفسيرات الكمية. ويقول: «لن أقول إن ذلك سيفضل بالتأكيد شيئاً على آخر، لكن يبدو أنه يضع عنصر الذاتية موضع التساؤل… وهذا يميل إلى تفضيل تفسيرات معينة لميكانيكا الكم». وهو يعمل بالفعل مع فلاسفة الفيزياء للبحث فيما قد تكشفه تجارب المصادمات حول كيفية تفاعلنا مع المادة الكمية. تيمبسون هو واحد منهم، ويعتقد أن هناك قدراً هائلاً من الأشياء التي يجب استكشافها. ويقول: «تمثل هذه التجارب ملعباً للجمع بين المخاوف المتعلقة بالقياسات الكمية، والتفسيرات الكمية، وطبيعة التشابك، وطبيعة اللامكانية».

ومع ذلك، في تجربة المصادم، لا يمكن للباحثين أن يأخذوا أي شيء على أنه أمر مسلم به: هناك الكثير من الأشياء المجهولة في التجارب الكمية التي تنطوي على مثل هذه الظروف القاسية إضافة إلى جسيمات يصعب الوصول إليها مثل الكواركات القِمِّيَّة وبوزونات القوة النووية الضعيفة W. ويقول يوآف أفيك Yoav Afik من المنظمة سيرن CERN، وهو أحد الباحثين الذين يقفون وراء نتيجة الكواركات القِمِّيَّة المتشابكة: «إن أنواع التفاعلات التي نراها في المصادم LHC ستكون بالتأكيد غريبة في المختبر». ويقول إن هذا العمل قد أحدث مفاجأة بالفعل، إذ كانت درجة التشابك الملحوظة أقوى مما تتوقع وفقاً للنموذج القياسي لفيزياء الجسيمات Standard model of particle physics، مما يشير إلى وجود جسيمات وقوى جديدة. يقول أفيك: «من الممكن أن نتمكن من استخدام هذه التقنيات لقياس شيء مثير للاهتمام حول النموذج القياسي نفسه».

في الواقع، هناك الكثير من الإثارة لدرجة أن بار حريص على تجنب الضجيج حول ما سينتج من دراسة فيزياء الكم في المصادمات. ويقول: «سأكذب إذا قلت إنني حصلت على كل الإجابات… ولكن بغض النظر عن النتائج، فإنها تطرح الكثير من الأسئلة التي ستجعلنا نُمعن التفكير أكثر فأكثر».

© 2024, New Scientist, Distributed by Tribune Content Agency LLC.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

زر الذهاب إلى الأعلى