جائزة نوبل في الكيمياء تُمنَح للتنبؤ الدقيق بهياكل البروتينات
حصل ديفيد بيكر David Baker، وديميس حسابيس Demis Hassabis، وجون إم. جامبر John M. Jumper على جائزة نوبل في الكيمياء للعام 2024؛ لأبحاثهم في مجال التنبؤ بهياكل البروتينات، وتصميم بروتينات جديدة
بقلم مايكل لوبيج
مُنِحت جائزة نوبل في الكيمياء للعام 2024 لديفيد بيكر، وديميس حسابيس، وجون إم. جامبر عن عملهم المتعلق بفهم بنية البروتينات، التي تؤدي أدوارًا حيوية في جميع الكائنات الحية. وقد طور حسابيس وجامبر، من غوغل ديب مايند Google DeepMind، ذكاءً اصطناعيًّا يتنبأ ببنية البروتينات. كما كُرِّم بيكر، من جامعة واشنطن University of Washington، لعمله المتعلق بتصميم بروتينات جديدة.
البروتينات هي الجزيئات التي تمكِّن الحياة كما نعرفها. تتكون جميع الآلات الرئيسة للحياة من البروتينات بدءًا من العضلات التي تُمدنا بالطاقة، والجزيئات التي تقرأ وتنسخ الحمض النووي، إلى الأجسام المضادة التي تحمينا من العدوى.
«لفَهم الحياة، تحتاج أولًا إلى فهم شكل البروتينات»، قال هاينر لينكه Heiner Linke، رئيس لجنة نوبل للكيمياء، في مؤتمر صحافي: «تتكون جميع البروتينات من سلاسل من الأحماض الأمينية Amino acids، وهناك نحو 20 نوعًا مختلفًا من هذه المركبات. ويتحدَّد شكل البروتينات بناءً على تسلسُل الأحماض الأمينية، ولكن الطريقة التي تُطوَى Fold up بها السلاسل هي طريقة معقدة للغاية، بحيث يكون التنبؤ ببنية البروتين من معرفة تسلسُله أمرًا صعبًا جدًّا.
وأوضح لينكه قائلًا: «على مدار عدة عقود، كان هذا الأمر يُعتبَر مستحيلًا».
طوَّرت عديد من الفرق البحثية طرقًا حسابية مختلفة للتنبؤ بهياكل البروتين، لكن دقتها كانت منخفضة. ثم طوَّر حسابيس وجامبر ذكاء اصطناعيًا يُسمَّى ألفا فولد AlphaFold كانت النسخة الأولى من خوارزمية AlphaFold – التي كُشف عنها في العام 2018 – هي مجرد تحسين للطرق الأخرى. إلا أن النسخة الثانية، التي صدرت في العام 2020، كانت قفزةً هائلة إلى الأمام، حيث تنبأت بثلُثي هياكل البروتين بدقة تتجاوز 90%.
بحلول العام 2022، استُخدِمت خوارزمية AlphaFold للتنبؤ ببنية جميع البروتينات المعروفة تقريبًا، مع إتاحة النتائج مجانًا.
وقال يوهان أكفيست Johan Åqvist، العضو في لجنة جائزة نوبل للكيمياء: «لقد كان هذا الأمرُ إنجازًا هائلًا. إنه مصدر رائع للأبحاث الكيميائية والبيولوجية».
أما بيكر فقد عمل فترةً طويلة على المشكلة العكسية، ألا وهي تصميم بروتين ببنية مرغوب فيها. والاحتمالات هنا لا حصر لها؛ إذ يمكن استخدام البروتينات الجديدة لفعل أي شيء تقريبًا، بدءًا من علاج الأمراض إلى إنشاء آلات نانوية معقدة. وتابع أكفيست: «لقد فتح ديفيد بيكر عالَمًا جديدًا تمامًا من البروتينات لم نشهده من قبل. إنه تطوُّر مذهل».
وقد ابتكر بيكر برمجية Software تُسمى روزيتا Rosetta لتحقيق ذلك، وهي متاحة مجانًا أيضًا. وفي العام 2003 أثبت هو وفريقه – لأول مرة – أن برمجية روزيتا تعمل، عندما صمموا بروتينًا وصنعوه، ثم استخدموا تقنية تُسمَّى التصوير بالأشعة السينية X-ray crystallography؛ لإظهار أن لديهم بالفعل بروتينًا بالبنية المصممة.
وبينما وصف أكفيست هذا العمل الذي تحقق في العام 2003 بأنه «إنجاز علمي خارق»، كان البروتين المُنشَأ صغيرًا وبسيطًا، ولم يفعل أي شيء.
وقد وصف بيكر نفسه العملية بأنها أكثر تدريجية، قائلًا: «لقد حدث ذلك بالفعل على مدار سنوات عديدة. فطَوال العشرين عامًا الماضية، تمكنَّا من تصميم بروتينات ذات وظائف أكثر تعقيدًا وقوة».
وأردف بيكر: «مع تحسُّننا أكثر فأكثر في ذلك، أصبح نطاق التطبيقات أكثر إثارةً للاهتمام. لقد كان هذا انفتاحًا هائلًا على الاحتمالات، لأن البروتينات في الطبيعة تصنع عديدًا من الأشياء المختلفة. إنها تتوسط جميع العمليات في أجسامنا وفي جميع الكائنات الحية».
كما أشاد بيكر بزملائه قائلًا: «لقد وقفتُ على أكتاف عمالقة. فقد كان لديَّ طوال حياتي المهنية زملاءُ رائعون جدًّا للعمل معهم».
لقد جاءت الجائزة بمنزلة مفاجأة، على الرغم من التكهنات بأنه قد يحصل عليها، كما قال. «هذا يوم فريد، إنه يوم عزيز».
جائزة الكيمياء هي جائزة نوبل الثالثة التي تُمنَح حتى الآن هذا العام؛ ففي 8 أكتوبر مُنحت جائزة نوبل في الفيزياء للعام 2024 لجون هوبفيلد وجيفري هينتون عن عملهما في الشبكات العصبية الاصطناعية. وفي 7 أكتوبر ذهبت جائزة نوبل في علم وظائف الأعضاء أو الطب للعام 2024 إلى فيكتور أمبروس وغاري روفكون لاكتشافهما أن قطعًا صغيرة من الحمض النووي الريبي تُسمى الحمض الريبوزي الميكروي microRNAs تؤدي دورًا رئيسًا في التحكم في الجينات.
يُذكَر أن جائزة نوبل في الكيمياء للعام الماضي ذهبت إلى ثلاثة من مطوري النقاط الكمّيّة (الكمومية) Quantum dots؛ وهي جزيئات صغيرة جدًّا إلى درجة أن خصائصها الكهربائية والبصرية تتأثر بالفيزياء الكمومية.
© 2024, New Scientist, Distributed by Tribune Content Agency LLC.