أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
ملف خاص

كيفية استخدام علم النفس للتلاعب بعقلك والوقوع في حب التمرين

إذا كنت ترى فكرة التمرين أكثر جاذبية من التمرين الفعلي، فأنت لست وحدك. ولكن هناك طرقًا لتدريب دافعيتك وتطوير عادات أفضل

بقلم ديفيد روبسون

إذا كانت فكرة التمرين تبدو لك أكثر جاذبية من الواقع، فستحس بما تحس به جيسيكا هوارد Jessica Howard، التي لطالما راودتها تلك النية الغامضة لركض الماراثون، لكنها لم تبرح مكانها على الأريكة. تقول مستذكرة: «لم أركض، ولم أتحرك. كنت أكسل من أن أفعل».

تغير كل هذا عندما شاركت، كطالبة في جامعة بانغور Bangor University في المملكة المتحدة، في وحدة تعليمية خاصة متاحة هناك تهدف إلى معالجة التحدي الرئيسي الذي يواجهه الكثير منا، عندما يتعلق الأمر بالتمرين؛ ألا وهو التحفيز. اتضح أن هناك حيلًا يمكننا استخدامها لمساعدتنا على كسر العادات السيئة والوصول إلى أهدافنا.

يمثل استجماع الرغبة في التمرين تحديًا كبيرًا لمعظم الناس (انظر: لماذا لا نحب التمرين؟). وهذا يمثل مشكلة بشكل خاص في البلدان مرتفعة الدخل، والتي لديها ضعف مستويات الخمول، مقارنة بالبلدان منخفضة الدخل، وحيث لا يكون العديد من الناس نشطين بما يكفي للبقاء في صحة جيدة على المدى الطويل.

يمكن لبعض الحواجز، مثل اعتلال الصحة، أو نقص المساحة والموارد المناسبة، أن تحد بشكل خطير من قدرتنا على ممارسة الرياضة. ومع ذلك، بالنسبة إلى الكثيرين، فإن المعركة داخلية؛ فنحن نكافح من أجل اقتطاع الوقت اللازم. قد ندرك تمامًا الفوائد طويلة الأجل لصحتنا الجسدية والعقلية، لكننا ننجذب إلى الأشياء التي تجلب المزيد من المكافآت الفورية دون الحاجة إلى أن نتعب أنفسنا – مثل التراخي أمام التلفاز؛ ففي قلب هذا تكمن فكرة «الإشباع المتأخر» Delayed gratification، وهو عائق شائع أمام العديد من التغييرات السلوكية.

تهدف الوحدة التعليمية «ولدت للركض» في بانغور إلى إيجاد طرق للتغلب على ذلك، من خلال تعليم الطلبة كيفية بناء عادات جديدة بشكل أكثر فعالية، مع التركيز – بشكل خاص – على هدف الركض في سباق الماراثون. «الفكرة هي أنه من خلال استخدام بعض النظريات والتقنيات النفسية، يمكنك تحقيق الأهداف الصعبة التي لم تكن تعتقد أنها ممكنة»، بحسب ما تضيف فرانسيس غاراد كول Frances Garrad-Cole، منظمة الوحدة التعليمية. وتضيف: «جزء من تحقيق الأهداف الصعبة هو القدرة على تحفيز نفسك عندما تكون لديك انتكاسات، ولا تشعر برغبة في ذلك، ولديك اهتمامات معاكسة وما إلى ذلك. تعلمك هذه الوحدة التعليمية طرقًا للتغلب على هذه التحديات للبقاء متحمسًا».

كِزْ نفسَك
من الأفكار الجيدة التي يمكن استخدامها في البداية حيل نفسية تعرف بـ«الوكزات» Nudges. والهدف منها هو إزالة أي إزعاج قد يوفر عذرًا للانسحاب. يمكنك وضع حذاء الركض الخاص بك عند الباب الأمامي في الليلة السابقة لركضك الصباحي، على سبيل المثال. تقول غاراد كول: «لذلك عندما يرن المنبه، فأنت لا تفكر في الأمر؛ لقد دفعت نفسك إلى تغيير السلوك».

كما أنه يساعد على إدراك الأشكال المختلفة للتحفيز وتأثيراتها على السلوك. يأتي الدافع الخارجي من الحوافز الخارجية. على سبيل المثال، قد تقرر الركض في ماراثون لأنك تعتقد أنه قد يبدو جيدًا في سيرتك الذاتية، أو لدعم مؤسسة خيرية. وعلى النقيض من ذلك، يأتي الدافع الداخلي من النشاط نفسه. إذا تعلمت أن تجد المتعة في التمرين لأنه يساعد على تصفية ذهنك ومكافحة التوتر، فسيكون ذلك دافعًا داخليًا. تشير الأبحاث إلى أن هذا الأخير من المرجح أن يساعدنا على تكوين عادة جديدة، مثل التدريب المنتظم.

من المواضيع الرئيسية الأخرى للوحدة التعليمية هي «الذهنية»، سواء كنت تعتقد أن الصفات الضرورية، على سبيل المثال، لركض الماراثون فطرية وغير قابلة للتغيير، أم أنه يمكن تنميتها بمرور الوقت. قد تفترض أنه ليس لديك المقدار اللازم من قوة الإرادة للقيام بالتدريب. ويميل الأشخاص ذوو العقليات «الثابتة» إلى تفسير أي فشل على أنه علامة على أنهم لا يملكون القدرة على النجاح. والأشخاص الذين لديهم عقليات «النمو» يكونون أكثر مرونة ويرون خيبات أملهم كفرصة للتعلم، مما يساعدهم على تحقيق نجاح أكبر على المدى الطويل.

عقلياتنا مرنة: يمكن أن يساعدنا التعرف على قدرة الدماغ على التغيير والتكيف مع السلوكيات الجديدة في تبني عقلية النمو.

تتمثل إحدى الطرق العملية الأخرى للبقاء على المسار الصحيح بإنشاء خطة تدريب يمكن تقسيمها إلى مجموعات من الأهداف الأكبر والأصغر، باستخدام المبادئ SMART، والتي تشير إلى أن الأهداف يجب أن تكون محدَّدة Specific، وقابلة للقياس Measurable، وقابلة للتحقيق Achievable، وذات صلة Relevant ومحددة زمنيًا Time-bound. إذا كان هدفك هو تحسين الجري، فقد يشمل ذلك التسجيل في أحد أحداث Parkrun (ركض المتنزهات) كل يوم سبت، أو استخدام تطبيق لتحديد أهداف واقعية لزيادة المسافة الإجمالية كل أسبوع.

محاسبة نفسك
أخيرًا، هناك المساءلة. تبدأ وحدة بانغور التعليمية في يناير، وبحلول عطلة عيد الفصح، يصير العديد من الطلبة يتدربون بانتظام. ومع ذلك، تمثل فترة العطلة تحديات جديدة، حيث تفقد الترتيب الذي توفره المحاضرات والندوات والجولات الجماعية المنتظمة.

يشير علماء النفس إلى هذا الدعم الخارجي على أنه كـ«السقالة»، وأحد الدروس الرئيسية هو أنه عليك بناء سقالتك الداعمة الخاصة بك. يمكنك استخدام تطبيق تتبع، على سبيل المثال، حيث يكون أداؤك مرئيًا للآخرين. يمكن أن يساعدك هذا على الشعور بالمسؤولية عن أفعالك، والحصول على التشجيع عندما تلتزم بجدولك الزمني.

وقد كانت النتائج خير دليل؛ ففي السنة الأولى التي قُدِّم فيها المساق، لم يسبق لأي من الطلبة الركض في ماراثون كامل من قبل، والعديد منهم، مثل هوارد، بالكاد مارسوا الرياضة على الإطلاق. وفي النهاية، أكملت الغالبية إما ماراثونًا كاملًا أو نصف ماراثون. تقول غاراد كول: «من المذهل مشاهدة هؤلاء الطلبة يتغيرون».

ومن المثير للدهشة أنها وجدت أن هذه الوحدة التعليمية تساعد على تحسين التعاطف الذاتي للمشاركين؛ أي قدرتهم على التعامل مع أنفسهم بلطف عندما يواجهون خيبات الأمل. هذا مهم، لأن التعاطف مع الذات يمكن أن يساعدنا على التعامل بشكل بناء مع الإجهاد، ويرتبط بصحة نفسية أفضل.

من المؤكد أن هذا النهج نجح مع هوارد التي أكملت منذ ذلك الحين عددًا من سباقات الماراثون، وأصبحت مدربةً للركض. تقول: «لقد غيرت الوحدة التعليمية حياتي». الدروس التي تعلمتها يمكن أن تفعل الشيء نفسه بالنسبة لك.

لماذا لا نحب التمرين؟
الخمول أمر مرضي: يمكن أن يقتلنا حرفيًا، في النهاية. فلماذا يعاني الكثير منا للعثور على الدافع لممارسة الرياضة؟ ونظرًا لفوائده الصحية الهائلة، قد تعتقد أننا جميعًا سنسعى إليه بكل ما أوتينا من عزم.

المشكلة تكمن في مصطلح «التمرين»، كما يقول دانييل ليبرمان Daniel Lieberman، من جامعة هارفارد Harvard University. لم نتطور قطُّ للتمرين، نحن مستعدون لممارسة التمارين الرياضية المعتدلة طوال اليوم، وليس الترياثلون أو أجهزة الركض. ولم يكن هناك أي ضغط انتخابي (انتقائي) تطوري Evolutionary selection pressure يجعلنا نحب التمرين. كان على أسلافنا القدامى مشي مسافات طويلة كل يوم من أجل البقاء، لذلك لم يكن عدم ممارسة الرياضة خيارًا قَطُّ. على العكس من ذلك، ربما كانت هناك ميزة تطورية لأولئك الذين تجنبوا النشاط غير الضروري عندما استطاعوا ذلك؛ مما أدى إلى الحفاظ على الطاقة الثمينة.

© 2024, New Scientist, Distributed by Tribune Content Agency LLC.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

زر الذهاب إلى الأعلى