أصغر «مسطرة» على الإطلاق تقيس مسافاتٍ صغيرة مثل عرض الذرة
تستخدم تقنيةٌ جديدة جزيئاتٍ متوهجة وضوءَ ليزر ومجاهر لقياس مسافات صغيرة تصل إلى 0.1 نانومتر - عرض الذرة النموذجية
أصغر «مسطرة» على الإطلاق دقيقة للغاية؛ إلى درجة أنها يمكنها قياس عرض ذرة واحدة داخل بروتين ما.
تُطوَى البروتينات والجزيئات الكبيرة الأخرى، أو الجزيئات الماكروية Macromolecules، أحيانًا في شكل خاطئ، ويمكن أن يؤثر هذا في طريقة عملها. وتؤدي بعض التغييرات البنيوية دورًا في حالات مثل مرض ألزهايمر (تُنطق آلزايمر) Alzheimer’s disease.
ولفهم هذه العملية من المهم تحديد المسافة الدقيقة بين الذرات – ومجموعات الذرات – داخل هذه الجزيئات الكبيرة، كما يقول شتيفن ساهْل Steffen Sahl من معهد ماكس بلانك للعلوم المتعددة التخصصات Max Planck Institute for Multidisciplinary Sciences بألمانيا.
«أردنا أن ننتقل من المجهر (الميكروسكوب) الذي يرسم مواقع الجزيئات الكبيرة بعضها بالنسبة إلى بعض، وأن نخطو هذه الخطوة الجريئة بالدخول داخل الجزيء الكبير»، كما يقول.
لإنشاء «المسطرة» داخل الجزيء، استخدم ساهْل وزملاؤه الخاصية الفلورية Fluorescence، أو حقيقة أن بعض الجزيئات تتوهج عند إضاءتها. إذ ربطوا جزيئين فلوريين عند نقطتين مختلفتين على جزيء بروتين أكبر، ثم استخدموا شعاع ليزر لإضاءتهما. بناءً على الضوء الذي أطلقته الجزيئات المتوهجة، تمكن الباحثون من قياس المسافة بينهما.
لقد استخدموا هذه الطريقة لقياس المسافات بين جزيئات عديد من البروتينات المفهومة جيدًا. كانت أصغر هذه المسافات 0.1 نانومتر فقط – عرض الذرة النموذجية. كما أعطت المسطرة الفلورية قياسات دقيقة تصل إلى نحو 12 نانومترًا؛ مما يعني أنها يمكن استخدامُها على نطاق قياس أوسع مما يمكن تحقيقه بعديد من الطرق التقليدية.
في أحد الأمثلة نظر الباحثون إلى شكلين مختلفين من البروتين نفسه، ووجدوا أنه يمكنهم التمييز بينهما؛ لأن النقطتين أنفسهما كانتا على بعد نانومتر واحد لشكل من شكلي البروتين، وأربعة نانومترات للشكل الآخر. وفي تجربة أخرى، تمكنوا من قياس مسافات صغيرة في خلية سرطان عظام بشرية.
يقول ساهْل إن الفريق حقق هذه الدقة مستفيدًا من عديد من التطورات التكنولوجية الحديثة، مثل المجاهر الأفضل، والجزيئات الفلورية التي لا تومض Flicker ولا تتوهج Glow، والتي قد تسبب اللبس بسبب الخلط بينها وبين أي تأثير آخر. يقول جوناس ريس Jonas Ries من جامعة فيينا University of Vienna في النمسا: «لا أعرف كيف حصلوا على مجاهرهم شديدة الاستقرار. إنها بلا شك تقنية جديدة، وهي بالتأكيد تقدُّم تقني». لكن الدراسات المستقبلية يجب أن تحدد الجزيئات الدقيقة التي ستثبت أنها الأكثر فائدة كمصدر للمعلومات لعلماء البيولوجيا، كما يقول.
أما كيرتي براكاش Kirti Prakash من مؤسسة رويال مارسدن للخدمات الصحية الوطنية ومعهد أبحاث السرطان The Royal Marsden NHS Foundation Trust and Institute of Cancer Research في المملكة المتحدة فيقول: «على الرغم من أنها تتميز بدقة مثيرة للإعجاب، فإن الطريقة الجديدة قد لا تحقق بالضرورة نفس مستوى التفاصيل أو الدقة، عند تطبيقها على أنظمة بيولوجية أكثر تعقيدًا»، مُردفًا أن عديدًا من التقنيات الجديدة الأخرى أصبحت بالفعل قادرةً على المنافسة من حيث قياس مسافات أصغر فأصغر.
ويقول ساهْل إن فريقه سيعمل الآن على مسارَين: تحسين الطريقة أكثر فأكثر، وتوسيع أفكارِهم حول الجزيئات الكبيرة التي يمكنهم الآن النظر داخلَها.
© 2024, New Scientist, Distributed by Tribune Content Agency LLC.