أفضل 10 صور من تلسكوب جيمس ويب الفضائي
على مدار العامين الماضيين، كشف تلسكوب جيمس ويب عن الكون بتفاصيل رائعة. والآن تشاركنا ماغي أديرين - بوكوك صورها المفضلة من صوره حتى الآن
بقلم ماغي أديرين – بوكوك
يظل يوم عيد الميلاد للعام 2021 يومًا لا يُنسى – وإن كان مرهقًا – بالنسبة إليَّ وإلى آلاف من زملائي العلماء والمهندسين والتقنيين. بعد سنوات من التأخير، غادر تلسكوب جيمس ويب الفضائي James Webb Space Telescope الطموحُ الأرضَ أخيرًا. لقد شاهدت أنا والعديد من الآخرين الذين عملوا في المشروع الإطلاق ونحن نحبس أنفاسنا، على أمل ألا يحدث أي خطأ. حتى بعد إطلاقه بنجاح، استمر القلق بضعة أسابيع أخرى؛ حيث أكمل تلسكوب جيمس ويب الفضائي تسلسله المعقد. ولكن مع وجود عدد قليل فقط من العقبات البسيطة، أصبح التلسكوب جاهزًا تقريبًا لالتقاط البيانات العلمية.
الآن، يبشر تلسكوب جيمس ويب الفضائي بعصر جديد من علم الفلك؛ يمنح رؤية غير مسبوقة للكون، ومراقبة أطوال الموجات تحت الحمراء غير المرئية لأعيننا. يمكن لهذا أن يخترق سحب الغبار لرؤية المناطق التي تولد فيها النجوم الجديدة، ويسافر مسافاتٍ شاسعةً تسمح لنا بالنظر إلى الأيام الأولى للكون. لقد كان تلسكوب جيمس ويب الفضائي يلتقط صورًا هائلة لكوننا المذهل لأكثر من عامين، وحتى الآن. فيما يلي 10 من الصور المفضلة لديَّ التي التقطتها حتى الآن.
الصورة (1)
نظرة جديدة على أعمدة الخلق: يلقي تلسكوب جيمس ويب نظرة جديدة على إحدى أشهر صور هابل
السُّدم Nebulae عبارة عن دوامات عملاقة من الغاز والغبار بين النجوم. وتسمى بعض أنواع السُدم بـ«حضانات النجوم» Stellar nurseries؛ لأن دوامات الغاز والغبار تبدأ في الاندماج، وتجذب جاذبيتها مزيدًا من المادة. وفي النهاية تنهار هذه الكتل على نفسها، وتولد النجوم.
وقد لفتت إحدى هذه الحضانات النجمية، أعمدة الخلق Pillars of creation، انتباه الجمهور – لأول مرة – عندما تم تصويرها بواسطة تلسكوب هابل الفضائي Hubble Space Telescope في العام 1995. ولإعطاء فكرة عن الحجم، فإن أطول عمود على اليسار يمتد نحو أربع سنوات ضوئية في الفضاء، والنتوءات الصغيرة في النهاية تعادل حجم مجموعتنا الشمسية بالكامل.
وبينما كانت رؤية هابل محجوبة بسبب غبار السديم، فإن رؤية الأشعة تحت الحمراء لتلسكوب جيمس ويب قادرة على النظر من خلالها، ومن ثمَّ يمكننا تطوير فهم أفضل لكيفية حدوث تكوين النجوم داخل هذه الحضانات النجمية.
الصورة (2):
JWST takes a deeper look إن عين الأشعة تحت الحمراء التي يستخدمها التلسكوب ترصد أبعد من أي تلسكوب آخر
قبل عدة سنوات، التقيت روبرت ويليامز Robert Williams الذي كان مدير معهد علوم تلسكوب الفضاء Space Telescope Science Institute في بالتيمور. وقد كُلِّف ويليامز بإجراء أول عملية رصد في مجال عميق باستخدام تلسكوب هابل – مجال هابل العميق Hubble Deep Field (اختصارًا: المجال HDF). وفي هذه المسوحات، تم توجيه التلسكوب للنظر إلى جزء معين من السماء لعدة أيام، بدلًا من الدقائق المعتادة. لقد صُدم العديد من الناس عندما اقترح روبرت هذه الفكرة لأول مرة. إن التلسكوبات – مثل تلسكوب جيمس ويب وتلسكوب هابل – مطلوبة بشدة، ومع ذلك فقد اقترح روبرت إجراء عملية تعريض لمدة 10 أيام. والأسوأ من ذلك أنه وفريقه اختاروا منطقة من السماء لا توجد بها أجسام ساطعة معروفة – مجال رؤية يبدو كأنه مساحة فارغة. واستمرت عملية الرصد خلال شهر ديسمبر 1995، وتم التقاط 342 تعريضًا منفصلًا. وقد كشفت تعريضات مجال هابل العميق عن المسافة، وعمر وتركيب المجرات التي تم تصويرها. لقد كان نجاحًا باهرًا، لدرجة أن تلسكوب جيمس ويب أعاد إنشاء هذا الإنجاز؛ حيث التقط هذه الصورة لمجموعة المجرات SMACS 0723.
الصورة (3):
نظرة أقرب: تعمل عدسة الجاذبية على تكبير المجرات البعيدة بشكل طبيعي
هناك كثير مما يمكن النظر إليه في صورة تلسكوب جيمس ويب لـ SMACS 0723 (أول مجال عميق لتلسكوب جيمس ويب)؛ مما يستدعي إلقاء نظرة فاحصة. ترتبط المجرات بعضها ببعض بفعل الجاذبية؛ مما يؤدي إلى تركيزها في عنقود. يمكن لكتلتها المُجمَّعة
التلاعب بالضوء القادم من المجرات خلفها وثنيه. تسمى هذه الظاهرة الطبيعية عدسة الجاذبية Gravitational lensing. يكبر الجرم العملاق ويُشوّه، وأحيانًا يخلق صورًا معكوسة للأجرام خلفه.
هناك العديد من المجرات المعكوسة في صورة المجال العميق هذه (يمكنك رؤيتها في الخطوط البرتقالية التي تحيط بألمع مجرة في العنقود). تظهر كل مجرة، بمركزها الساطع المملوء بالنجوم، مرتين في كل شريط. يمكنك رؤية حوافها تتلألأ بالنجوم، مثل ضوء الشمس الذي يلتقط حافة الموجة.
الصورة (4):
أورانوس الكوكب المقلوب: يلتقط تلسكوب جيمس ويب صورة لقطب الكوكب بتفاصيل رائعة
كان أورانوس، العملاق الجليدي الضخم، أول كوكب يُكتشف باستخدام التلسكوب في العام 1781، وكان ذلك من قِبل عالم الفلك الألماني البريطاني ويليام هيرشل William Herschel الذي اعتقد في البداية أنه مذنب أو نجم. يستغرق أورانوس وقتًا طويلًا – بشكل لا يُصدَّق – للدوران حول الشمس (84 عامًا!)، وهذا يعني أنه
سيستغرق 10 سنوات أخرى قبل أن يكمل دورته الثالثة حول الشمس منذ اكتشافه. مداره هو شيء يميزه عن زملائه الكواكب في المجموعة الشمسية: يبدو أنه يدور على جانبه، مثل الكرة التي تتدحرج حول الشمس.
وهذا يعني أن كل قطب يحصل على 42 عامًا من أشعة الشمس المستمرة، تليها 42 عامًا من الظلام. تعرض صورة كاميرا NIRCam الخاصة بالتلسكوب جيمس ويب لأورانوس الغطاءَ القطبي الشمالي للكوكب، إلى جانب حلقاته الخارجية المتوهجة.
الصورة (5):
ليس له غلاف جوي: على الرغم من المسافة، فإن تلسكوب جيمس ويب قادر على تحديد الغلاف الجوي لكوكب خارج المجموعة الشمسية
كان LHS 475 b أول كوكب خارجي تم تأكيده بواسطة تلسكوب جيمس ويب. اكتُشف في البداية بواسطة صائد الكواكب الخارجية: القمر الاصطناعي لمسح الكواكب الخارجية العابرة Transiting Exoplanet Survey Satellite (اختصارا: القمر TESS) التابع لوكالة ناسا، وتذهب أرصاد تلسكوب جيمس ويب إلى خطوة أبعد من ذلك: يمكنه قياس طيف نفاذية الضوء Transmission الكوكب الخارجي – الضوء الذي يمر عبر غلافه الجوي. في حالة LHS 475 b لم يتمكن علماء الفلك من اكتشاف أي غازات، مثل: الهيدروجين أو الميثان. قادهم هذا إلى استنتاج أن الكوكب الخارجي
الصخري ليس له غلاف جوي. في الرسم البياني أعلاه، يمثل الخط الأصفر المسطح طيف نفاذية كوكب خارجي ليس له غلاف جوي، في حين يوضح الخط الأورجواني كيف سيبدو إذا كان له غلاف جوي مُشبع بالكربون، في حين يمثل الخط الأخضر غلافًا جويًّا غنيًّا بالميثان. تُظهر نقاط البيانات الرمادية لـ LHS 475 b أنها تتوافق – بشكل وثيق – مع النموذج الخالي من الملامح.
الصورة (6):
الرمق الأخير: بعضٌ من أجمل المناظر في الفضاء الناشئة من النجوم المحتضرة
سديم الحلقة Ring Nebula هو مثال على سديم كوكبي Planetary nebula، والذي – على الرغم من اسمه – لا علاقة له بالكواكب. قبل بضعة آلاف من السنين، كان أحد النجوم يموت ويتحول إلى عملاق أحمر Red giant وفي حين كان يفعل ذلك، انتفخت طبقاته الخارجية إلى أضعاف حجمها الأصلي. ومع تمدد نجم مثل هذا، تنخفض درجة حرارة سطحه من نحو 5,600°س (°10,000ف) إلى 2,000 – 3,000°س (3,600 – 5,500°ف).
تتسبب درجات الحرارة المنخفضة هذه في إنتاج النجوم الضوء في الجزء الأكثر حمرة من الطيف. بمرور الوقت تنفجر طبقات الغاز المتماسكة بعيدًا عن النجم؛ مما يخلق سحابة كروية من الغاز، والتي أخطأ علماء الفلك السابقون في اعتبارها كوكبًا.
الصورة (7):
تشكل نجوم في الجبار: طفرات الحيود تكشف عن نجوم حديثة الولادة
سديم الجبار Orion Nebula: هو حضانة نجمية Stellar nursery تبلغ كتلتها نحو ألفي ضعف كتلة شمسنا، وهي شديدة السطوع. وهو جزء من مجمع سحابة الجبار الجزيئية الأكبر حجمًا. تتشكل النجوم في جميع أنحاء المجموعة، ولكنها تميل إلى التركز في سديم الجبار. تمنحنا أدوات جيمس ويب منظورًا جديدًا لهذا الجرم المدروس جيدًا، وليس دائمًا بالطرق المقصودة في الأصل. مثلا، من السهل رؤية ألمع النجوم في هذه الصورة لأنها تحتوي على ثمانية فروع بسبب طفرات الحيود Diffraction spikes الشهيرة في تلسكوب جيمس ويب.
الصورة (8):
مجموعة من المجرات: التلسكوب جيمس ويب يحلل التفاصيل الدقيقة لأصغر المقاييس التي تم رصدها على الإطلاق
المجرات عبارة عن أنظمة عملاقة تتكون من النجوم، والغاز بين النجوم، والغبار، والمادة المعتمة، وكلها متماسكة بفعل الجاذبية.
وهي مقسَّمة إلى ثلاث فئات رئيسية: إهليليجية Elliptical، وحلزونية Spiral، وغير منتظمة Irregular. وتشكل المجرات الإهليليجية نحو ثلث المجرات المعروفة. وهي تحتوي على القليل من الغاز والغبار، وتميل إلى عدم وجود مناطق نشطة لتكوين النجوم. وتبدو المجرات الحلزونية، مثل مجرتنا درب التبانة Milky way، مثل الأقراص المسطحة الكلاسيكية، مع انتفاخ في مراكزها. وتحتوي على نجوم نشطة في طور التكوين، وهي شائعة جدًّا. ولا تندرج المجرات غير المنتظمة ضمن أي من الفئتين، وهي أكثر شيوعًا عند مراقبة الكون المبكر. وكجزء من برنامج الفيزياء بدقة زاوية عالية في المجرات القريبة Physics at High Angular Resolution in Nearby Galaxies (اختصارًا: البرنامج PHANGS)، رصد تلسكوب جيمس ويب 19 مجرة حلزونية قريبة.
الصورة (9): عالم بعيد:
لن تكون الصورة المباشرة الأولى التي يلتقطها تلسكوب جيمس ويب لكوكب خارج المجموعة الشمسية هي الأخيرة
بالنسبة إلى كوكب، فإن الكوكب HIP 65426 b كبير بشكل لا يمكن تصوره. يُعرف باسم «كوكب المشتري العملاق» Super-Jupiter exoplanet؛ لأنه يتراوح بين ستة واثني عشر ضعف كتلة المشتري Jupiter، وكان أول كوكب خارجي يرصده تلسكوب جيمس ويب مباشرةً. في العام 2022، أُطلق عليه الاسم الرسمي ناجساكوبايك Najsakopajk، والذي يعني «الأم الأرض» Mother Earth باللغة المكسيكية الأصلية Zoque. يُعد ناجساكوبايك ذا أهمية كبيرة لعلماء الكواكب؛ لأنه لا يتناسب مع فهمنا الحالي لتكوين الكواكب. إنه يقع بعيدًا جدًّا عن نجمه الأم، ماتزا Matza؛ على بعد أقل من 100 مرة من بعد الأرض عن الشمس. يعني هذا الانفصال أن تلسكوب جيمس ويب كان قادرًا على التقاط الضوء الخافت للكوكب الخارجي (ناجساكوبايك أضعف بأكثر من ألف مرة من نجمه المضيف في الأشعة تحت الحمراء القريبة، وأضعف بعدة آلاف من المرات في الأشعة تحت الحمراء المتوسطة)، من دون أن يطغى عليه نجمه الأم. وللقيام بذلك، استخدم تلسكوب جيمس ويب الكرونوغراف Coronagraph لتصوير الغلاف الجوي للنجم، والذي يحجب ضوء النجم بشكل فعال؛ حتى تتمكن أداة التلسكوب من التقاط صورة للكوكب. ويكشف التصوير عند مجموعة متنوعة من الأطوال الموجية عن خصائص مختلفة للكوكب الخارجي، وهو عرض رائع للتقنيات الرائدة التي يمكن لتلسكوب جيمس ويب تطبيقها.
الصورة (10): حلقة حول نجم:
نجم شريك يولِّد نمطًا فريدًا من الغبار في WR 140
في هذه الصورة، التقط تلسكوب جيمس ويب حلقات تشبه التموج من الغبار الكوني المحيط بنجم وولف رايت 140 Wolf–Rayet (اختصارًا: النجم WR140). لقد درسنا النجم WR140 لعقود من الزمن؛ لأنه مثال لا يُصدَّق على إنتاج الغبار. تعاني هذه الأنواع من النجوم المحتضرة من فقدان هائل للكتلة بسبب انهيارها الجاذبي السريع. لكن يبدو أن النجم WR140 يحتوي على تركيز عالٍ بشكل خاص من الغبار. والعلماء غير متأكدين مما إذا كان هذا بسبب العمليات النووية داخل النجم، أم لأنه ليس وحيدًا. يقترن النجم WR140 بنجم ضخم، ويرتبط الاثنان في رقصة كونية كل منهما حول الآخر. كل ثماني سنوات، يجتمع هذان النجمان معًا بواسطة مداراتهما. عندما يكونان أبعد ما يكونان كل منهما عن الآخر، يكونان أبعد قليلًا، كل منهما عن الآخر، عن الشمس وأورانوس – أقل بقليل من 3 بلايين كيلومتر (1.9 بليون ميل). وفي أقرب نقطة لهما، يكونان قريبين، كل منهما من الآخر، مثل قرب الشمس من الأرض. تُوجِّه الرياح النجمية Stellar winds المتنافسة غبار النجمين؛ مما يولِّد نمط WR 140 الفريد.
© BBC Sky at Night Magazine October 2024
صور
NASA/ESA/CSA/STSCI; IMAGE PROCESSING/JOSEPH DEPASQUALE (STSCI)/ALYSSA PAGAN (STSCI)/ANTON M. KOEKEMOER (STSCI)