أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
تغذية

الحقيقة المذهلة حول الفوائد الصحية لتناول الوجبات الخفيفة

يأتي ربع السعرات الحرارية التي نتناولها من الوجبات الخفيفة، وتشير الأبحاث الجديدة إلى أن هذا ليس بالضرورة أمرًا سيئًا بالنسبة إلينا؛ فإذا تناولنا الوجبات الخفيفة بالشكل الصحيح، فإنها قد تعزز صحتنا

بقلم غراهام لوتون

كثيرًا ما يُقال لنا ألا نأكل بين الوجبات، وهناك تصور عام بأن تناول الوجبات الخفيفة Snacking غير صحي؛ ولكن – كما هي العادة – عندما يتعلق الأمر بالطعام، فإن الإغراء يسود.

إن تناول الوجبات الخفيفة أمر شائع جدًّا، ويزداد انتشاره بشكل متزايد؛ ففي أوائل سبعينات القرن العشرين، مثلًا، استهلك البالغون في الولايات المتحدة نحو 18% من إجمالي السعرات الحرارية التي يتناولونها في شكل وجبات خفيفة. وبحلول العام 2010 ارتفعت هذه النسبة إلى 23%. وقد تم تسجيل أرقام مماثلة في المملكة المتحدة والبرازيل والنرويج.

لقد أسفرت الأبحاث حول التأثيرات الصحية لتناول الوجبات الخفيفة عن نتائج مذهلة

ونظرًا إلى شيوع تناول الوجبات الخفيفة؛ فمن الجيد أن نعرف ما إذا كانت الحكمة الموروثة صحيحة. ولكن الأبحاث بشأن التأثيرات الصحية لتناول الوجبات الخفيفة أسفرت عن نتائج متباينة؛ فقد وجدت بعض الدراسات أن تناول الوجبات الخفيفة، كما هو متوقع، له عواقب صحية سلبية، ولكن دراسات أخرى وجدت العكس.

وللحصول على صورة أكثر وضوحًا، قامت سارة بيري Sarah Berry، من كينغز كوليدج لندن King’s College London، وهي أيضًا كبيرة العلماء في تطبيق التغذية زوي Zoe nutrition app، وزملاؤها، بإعادة تحليل البيانات التي جمعوها كجزء من تجربة أُجريت في العامين 2018 و2019؛ حيث سجَّل نحو 850 مشاركًا كل ما تناولوه، ومتى تناولوه، على مدار يومين إلى أربعة أيام. كما تم اختبارهم على مجموعة من مقاييس صحة القلب والأوعية الدموية، مثل مستويات الدهون والغلوكوز في الدم.

ووجدت بيري وفريقها أن 95% من المشاركين في الدراسة تناولوا وجبات خفيفة، وهو ما عرَّفوه بأنه تناول الطعام أو الشراب قبل الوجبات الرئيسية أو بعدها بـ 30 دقيقة على الأقل. وكان متوسط عدد الوجبات الخفيفة في اليوم 2.28، وكان نحو 24 % من السعرات الحرارية المُستهلَكة في شكل وجبات خفيفة. كما ابتكر الباحثون مقياسًا للجودة الغذائية للوجبات الخفيفة، يُسمى مؤشر النظام الغذائي للوجبات الخفيفة Snack diet index.

تناول الوجبات الخفيفة: جيد أم سيئ؟

كانت النتيجة الإجمالية التي توصلوا إليها مفاجئة إلى حد ما: تناول الوجبات الخفيفة – في حد ذاته – لا يرتبط بنتائج صحية سلبية، وهذا يتناقض مع واحدة من أكثر الحجج شيوعًا ضد تناول الوجبات الخفيفة. تقول بيري: «هناك العديد من الأشخاص الذين يقولون إن تناول الوجبات الخفيفة عدة مرات طوال اليوم أمر سيئ، فأنت في حاجة إلى منح جسمك قسطًا من الراحة».

ومع ذلك، تشير نتائج فريقها إلى أن الحال ليست هكذا. تقول: «لم يكن هناك فرق في النتائج الصحية اعتمادًا على عدد مرات تناول الوجبات الخفيفة. إذا تناولت ثلاث وجبات خفيفة، أو ست وجبات خفيفة، فلا يهم».

لكن تناول الوجبات الخفيفة ليس غذاءً مجانيًّا أيضًا، بل يعتمد على ما تأكله ومتى. ومن غير المستغرب أن الأشخاص الذين تناولوا وجبات خفيفة رديئة الجودة، مثل البسكويت ورقائق البطاطس والكعك، و/ أو تناولوا الطعام بعد الساعة 9 مساءً، كانوا أسوأ حالًا من الناحية الصحية من أولئك الذين لم يتناولوا الوجبات الخفيفة على الإطلاق، أو الذين تناولوا المكسرات والبذور والفواكه والخضراوات الطازجة.

«يبدو أن ما يهم هو جودة الوجبة الخفيفة – من الواضح – والتوقيت»، كما تقول بيري. قد يكون تأثير تناول الوجبات الخفيفة – في وقت متأخر – بسبب الاضطرابات في الإيقاعات اليومية Circadian rhythms المرتبطة بتناول الطعام في الوقت الخطأ.

ولكن هذا هو الشيء: الأشخاص الذين تناولوا وجبات خفيفة صحية، ولم يتناولوا وجبات خفيفة في وقت متأخر كانوا أفضل حالًا ممن لم يتناولوا الوجبات الخفيفة. يرتبط تناول الوجبات الخفيفة، من الفاكهة والخضروات والمكسرات والبذور في وقت مبكر من اليوم، بوزن صحي، ومؤشر كتلة الجسم Body mass index (اختصارًا: المؤشر BMI).

قد يكون ذلك لأن الوجبات الخفيفة الصحية، في الوقت المناسب، تقلل من الجوع، وتناول السعرات الحرارية بشكل عام. في العام 2022، أجرى فريق من جامعة وينونا ستيت Winona State University، في مينيسوتا، تجربة إعطاء طلبة السنة الأولى في الكلية – والذين غالبًا ما يكتسبون الوزن بعد بدء الجامعة – وجبة خفيفة قبل 90 دقيقة من وجبة العشاء المسائية؛ إما أنهم حصلوا على 190 سعرة حرارية من الجوز، أو حلوى جيلاتينية تحتوي على 190 سعرة حرارية، وإما أنهم لم يتناولوا أي وجبة خفيفة. حصل الأشخاص الذين تناولوا الوجبات الخفيفة على عدد أقل من السعرات الحرارية في الوجبة التالية، وأقل بشكل عام، مقارنة بالمجموعة التي لم تتناول الوجبات الخفيفة، حتى مع أخذ الوجبة الخفيفة في الاعتبار. كما أثبت الجوز أنه أكثر فعالية من الحلوى في تقليل تناول السعرات الحرارية، وهذا يشير إلى أن تناول وجبة خفيفة من الأطعمة الكاملة قبل الوجبات مباشرة يمكن أن يقلل من إجمالي استهلاكنا للطاقة.

هناك شيء آخر تجب مراعاته، عند تناول وجبة خفيفة، وهو سبب قيامك بذلك. تُظهر الأبحاث أن معظمنا يتناول الوجبات الخفيفة بدافع العادة، أو الملل، وليس بدافع الجوع. تقول بيري: «إذا لم تكن في حاجة إلى الطاقة، فهذه هي المشكلة».

ويتفق ريتشارد ماتيس Richard Mattes، من جامعة بيرديو Purdue University في إنديانا، مع هذا الرأي. ويقول إن قدرتنا على قياس استهلاكنا للطاقة ليست دقيقة «لذا ففي البيئة الحالية، حيث تتوافر الأطعمة بكثرة، وتفرض العادات الاجتماعية علينا أن نتناول الطعام عندما لا نكون جائعين، فإن هذا يميل إلى أن يكون المشكلة».

وهذا يعني أن التخطيط للوجبات الخفيفة، أو عدم التخطيط له، أمر مهم. يقول ماتيس: «عندما يكون تناول الوجبات الخفيفة حدثًا مُخطَّطًا لتناول الطعام، فإن التعويض [عن السعرات الحرارية في أوقات الوجبات] يبدو أقوى. وعندما يكون حدثًا غير مُخطَّط لتناول الطعام، فإنه يكون أقل تعويضًا بشكل عام، ومن ثمَّ فإن الطاقة من هذه الأنواع من الوجبات الخفيفة تميل إلى إضافة المزيد إلى إجمالي استهلاك الطاقة اليومي».

والرسالة التي يمكن استخلاصها من هذا هي: أن تناول الوجبات الخفيفة ليس سيئًا لصحتك تلقائيًّا، ويمكن أن يكون إيجابيًّا. تقول بيري: «إذا كنت من الأشخاص الذين يتناولون الوجبات الخفيفة، مادمتَ تتناول طعامًا صحيًّا، ولا تتناوله في وقت متأخر من الليل، فإن الأدلة الحالية تدعم أن هذا يمكن أن يكون جزءًا من نمط غذائي صحي ومتوازن… إنها استراتيجية غذائية بسيطة يمكنها تحسين صحتك».

يقول ماتيس: «أعتقد أنه يتعين علينا أن نقبل أن الناس يريدون تناول الطعام مرات أكثر في اليوم، مقارنة بما اعتادوا عليه. والهدف الحقيقي الآن هو فهم كيفية دمج ذلك بطريقة لا تسبب مشكلات».

© 2025, New Scientist, Distributed by Tribune Content Agency LLC.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

Back to top button