أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
تغذية

المغذي الفائق البسيط بشكل مدهش والذي له تأثيرات صحية بعيدة المدى

تفشل معظم المكونات التي يُروَّج لها - باعتبارها المفتاح لتحسين الصحة - في الارتقاء إلى مستوى التوقعات، ولكن الألياف تتحدى هذا الاتجاه؛ إذ تعود بالفائدة على الجسم كله، وليس الأمعاء فقط

بقلم مايكل مارشال

عندما يتعلق الأمر بنظامنا الغذائي، فهناك قائمة متغيرة – باستمرار – من الأشياء التي يُروَّج لها باعتبارها مفتاحًا لصحة أفضل: تقليل الكربوهيدرات، أو تناول الطعام مثل الإنسان البدائي، أو تناول جرعات كبيرة من الأطعمة الخارقة المفترَضة مثل الكركم. تفشل معظم هذه الأطعمة في الارتقاء إلى مستوى الضجيج، ولكن هناك عنصرًا غذائيًّا خارقًا واحدًا بعكس ذلك.

من المعروف أن الألياف الغذائية مفيدة لك، لكن قلة منا يدركون مدى تأثيرها على الصحة. ومع ذلك، فإن معرفة هذه الفوائد تستحق كل هذا العناء، خاصة أن الأنظمة الغذائية الشائعة – في الدول ذات الدخل المرتفع – تعني أنه من السهل جدًّا تجاهلها.

لقد اختبر العديد منا – بشكل مباشر – تأثيرات الألياف الغذائية على أجسامنا. ويُطلق عليها أحيانًا «ملين الطبيعة» Nature’s laxative؛ حيث يمكن أن يؤدي نقصها إلى الإمساك. ولكن الألياف لا تقتصر على حركات الأمعاء؛ فالأنظمة الغذائية الغنية بهذا المكوِّن ترتبط بانخفاض مخاطر العديد من الحالات الصحية، بما في ذلك السرطان وأمراض القلب؛ وذلك لأن الألياف ليست مجرد حشو من الورق المقوى، بل هي أيضًا غذاء للكائنات الحية الدقيقة في أمعائنا، وهذا يعني أنه يمكن الشعور بتأثيراتها في جميع أنحاء جسمك؛ فيؤثر هذا الميكروبيوم على صحة جهاز المناعة والدماغ وأكثر من ذلك، من خلال المواد الكيميائية التي ينتجها.

تقول بترا لويس Petra Louis، من جامعة أبردين University of Aberdeen في المملكة المتحدة: «الألياف هي جزء من نظامنا الغذائي لا يمكننا هضمه. يأتي معظمها من جدران الخلايا النباتية». تتكون الألياف كيميائيًّا من الكربوهيدرات طويلة السلسلة Long-chain carbohydrates. هناك العديد من الأنواع التي تختلف خصائصها، بما في ذلك مدى قابليتها للذوبان. وتشمل النشا المقاوم Resistant starch، الموجود في الموز غير الناضج ودقيق الشوفان. والسليلوز، الموجود عادة في الحبوب الكاملة.

الأدلة على اتباع نظام غذائي غني بالألياف تم تجاهل الألياف الغذائية – إلى حد كبير – حتى نحو 50 عامًا مضت. في العام 1969، بدأ الجراح دينيس بوركيت Denis Burkitt في القول بأن العديد من أمراض الأمعاء، بما في ذلك سرطان القولون والمستقيم، ناجمة عن نظام غذائي يفتقر إلى الألياف. بعد عقود من الزمن، تزايدت النتائج التي تدعم فوائد الألياف.

يقول جيم مان Jim Mann، من جامعة أوتاغو Otago University في دنيدن بنيوزيلندا: «إن الأدلة على الألياف الغذائية ساحقة الآن». شارك في تأليف تحليل تلوي Meta-analysis في العام 2019، غطى 185 دراسة تتبعت 58 تجربة إكلينيكية (سريرية)، ووجد هذا أن الأشخاص الذين تناولوا أكبر قدر من الألياف كان لديهم خطر الوفاة لأي سبب، ولكن حالات الوفاة المرتبطة بالقلب والأوعية الدموية، خلال فترات الدراسة، كانت أقل بنسبة 15 إلى 30% مقارنة بأولئك الذين تناولوا أقل قدر من الألياف. كما كانت لديهم حالات أقل من سرطان القولون، والمستقيم، والسكتة الدماغية، وأمراض القلب التاجية، ومرض السكري من النوع 2.

وإضافة إلى ذلك، ارتفعت الفوائد الصحية بما يتماشى مع استهلاك الألياف الغذائية. وهذا يشير إلى وجود علاقة سببية. كما أظهر عدد من التجارب العشوائية الخاضعة للرقابة (المعيار الذهبي للأدلة الطبية) أن الأنظمة الغذائية الغنية بالألياف تؤدي إلى انخفاض ضغط الدم، ومستويات الكوليسترول. وتشير التقديرات إلى أن نقص الألياف الغذائية يسبب أكثر من نصف مليون حالة وفاة على مستوى العالم.

عندما يتعلق الأمر بدور ميكروبيوم Microbiome الأمعاء في هذا، فإننا نعلم أن مجتمعًا من الكائنات الحية الدقيقة Microorganisms، خاصة البكتيريا، يتغذى بالألياف في الأمعاء الغليظة. يمكن لبعض البكتيريا أن تكسّر سلاسل الكربوهيدرات الطويلة إلى جزيئات أصغر، يمكنها هي وغيرها من الميكروبات هضمها. يأخذ البعض الآخر منتجات التحلل هذه ويخمّرها؛ مما تنتج عنه أحماض دهنية قصيرة السلسلة Short-chain fatty acids، مثل بيوتيريت Butyrate. يقول لويس: «إنه نظام إيكولوجي» Ecosystem.

وهذا يفيدنا بعدة طرق. يقول لويس: «تُفضِّل الأمعاء الغليظة بيوتيريت كمصدر للطاقة على الجزيئات الأخرى»؛ لذا فإن الميكروبات التي تنتجها تغذي جدار أمعائنا بشكل غير مباشر. قد يساعد هذا على تفسير سبب تقليل الألياف لخطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم. هناك أيضًا مستقبلات Receptors للأحماض الدهنية قصيرة السلسلة في العديد من أجزاء أجسامنا، والتي تؤثر في أنظمتنا العصبية والمناعية.

لكن الأمر لا يتعلق فقط بالميكروبيوم. تؤدي الألياف أيضًا إلى شعورنا بجوع أقل من خلال تحفيز إطلاق هرمون يقلل الشهية في الأمعاء الدقيقة، يسمى الهرمون PYY، إضافة إلى إبطاء امتصاص الغلوكوز في الدم.

ما مقدار الألياف التي يجب أن تأكلها؟

مع وضع هذا في الاعتبار، ما مقدار الألياف التي يجب أن تأكلها، وأي نوع؟ توصي منظمة الصحة العالمية The World Health Organization البالغين بالحصول على 25 غرامًا على الأقل يوميًا؛ وفي المملكة المتحدة يُوصَى بـ 30 غرامًا، وهذا يعادل محتوى الألياف في 12 إلى 14 شريحة من خبز القمح الكامل. معظمنا يفتقر إلى هذا بشكل مؤسف. وفي دراسة أُجريت في العام 2024، على أكثر من ألفي بالغ في سويسرا، تَبيَّن أن 13% فقط من هؤلاء استوفوا الإرشادات المُوصَى بها، والتي تبلغ 30 غرامًا يوميًّا، مع استهلاك كمية أقل من الألياف من قِبل أولئك الذين يتناولون أعلى كمية من الأطعمة شديدة المعالجة. وفي المملكة المتحدة، يحصل الناس – في المتوسط – على 15 غرامًا فقط يوميًّا، ولكن يبدو أن الوضع أسوأ في الولايات المتحدة؛ حيث اكتشفت دراسة أُجريت في العام 2017 أن نحو 5% فقط من السكان استوفوا الإرشادات المُوصَى بها. وقد يتفاقم هذا العجز بسبب الاتجاه نحو تناول كميات منخفضة من الكربوهيدرات؛ حيث يصعب الحصول على ما يكفي من الألياف من الفاكهة والخضراوات وحدها.

إن إحدى الطرق لتعزيز تناول الألياف هي تناول الأطعمة التي تم تكميلها بالألياف المُستخرجَة، أو الألياف الصناعية المصنوعة من مكونات نباتية. ومع ذلك، على عكس الأطعمة الكاملة «لا يوجد دليل وبائي إكلينيكي مثبت» على الفوائد الصحية من هذه الأشكال من الألياف، كما يقول مان. «لا أشعر بهذه الدرجة من الراحة لإخبار الناس أنه يمكنهم تناول الألياف المُستخرجَة أو الاصطناعية». الدليل الجيد هو الأنظمة الغذائية؛ حيث تأتي الألياف من الأطعمة الليفية الطبيعية.

هناك أيضًا أدلة ناشئة على أن الأنواع المختلفة من الألياف لها تأثيرات مختلفة. وجدت مراجعة أُجريت في العام 2023 أن الألياف غير القابلة للذوبان تبدو أكثر فعالية من الشكل القابل للذوبان في تقليل خطر الوفاة بالسرطان، وأمراض القلب، والأوعية الدموية. كما وجدت أن الألياف من الحبوب الكاملة والبذور والخضراوات كانت مرتبطة بانخفاض معدل الوفيات لأي سبب، في حين أن الألياف من المكسرات والبذور – على وجه التحديد – قللت من خطر الوفاة بأمراض القلب والأوعية الدموية. وبالمثل، يقول مان إن الألياف من البقوليات يبدو أن لها أقوى تأثير على مستويات الغلوكوز في الدم، في حين تميل ألياف الحبوب إلى التأثير – بشكل أساسي – على الأمعاء.

لذا، كما هي الحال دائمًا مع الطعام، فإن التنوع أمر جيد. يقول جون ماذرز John Mathers، من جامعة نيوكاسل Newcastle University في المملكة المتحدة: «تناولْ كثيرًا من الأطعمة النباتية، خاصة الخضراوات والفواكه والحبوب الكاملة والبقوليات – البازلاء والفاصوليا – والمكسرات، وهي كلها مصادر جيدة للألياف الغذائية».

© 2025, New Scientist, Distributed by Tribune Content Agency LLC.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

Back to top button