أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
تغذية

هل الأطعمة المُخمَّرة مثل الكيمتشي مفيدة حقًّا لأمعائك؟

منذ فترة طويلة وهناك موجة تُروِّج للفوائد الصحية للأطعمة والمشروبات المخمرة، ولكن الأدلة القاطعة لمصلحة مشروب الكومبوتشا والملفوف المخمر والكفير مراوغة بشكل مدهش!

بقلم غرايس وايد

لقد اعتاد البشر على تخمير الأطعمة والمشروبات، منذ ما لا يقل عن 13 ألف عام، والترويج لفوائدها الصحية منذ الفترة نفسها تقريبًا. ولكن على الرغم من تاريخنا الطويل مع هذه الأطعمة، فإننا لم نبدأ – بعد – في تحديد ما إذا كانت هذه الأطعمة مفيدة لصحتنا بالفعل أم لا.

ولكن على عكس أسلافنا، فإننا نعرف الآن كيف تعمل عملية التخمير: حيث تعمل الميكروبات، مثل بعض أنواع الخميرة والبكتيريا، على تكسير السكريات الموجودة في الحبوب والفواكه والخضراوات ومنتجات الألبان بطريقة تمنعها من التلف، وتنتج نكهات فريدة. ولكن ماذا يعني هذا بالنسبة إلى صحتنا؟

لقد ربطت دراسات عديدة بين الأطعمة المخمرة – خاصة منتجات الألبان – وانخفاض خطر الإصابة بأمراض القلب والسكري من النوع الثاني والسمنة. على سبيل المثال، وجدت دراسة أُجريت في العام 2023، وشملت أكثر من 46 ألف بالغ يعيشون في الولايات المتحدة، أن تناول الأطعمة المخمرة كان مرتبطًا بانخفاض ضغط الدم، ومؤشر كتلة الجسم Body mass index (اختصارًا: المؤشر BMI)، ومحيط الخصر.

ولكن كثيرًا من الأبحاث تقرن بين جميع أنواع الأطعمة المخمرة في البحث نفسه. وعلى الرغم من الهالة الصحية المحيطة بهذه المنتجات، فإننا نعلم أن الأشخاص الذين يستهلكونها ربما يميلون إلى الاعتناء بصحتهم بطرق أخرى أيضًا؛ لذا يصعب تحديد أي العامِلَين يوفر بالفعل أي فائدة ملحوظة.

فوائد الزبادي

ومع ذلك، فإن الحجة أقوى لمصلحة الزبادي؛ فقد ربطت العديد من الدراسات الكبيرة استهلاكه بتحسين المناعة، وكثافة العظام، وطول العمر، وانخفاض خطر الإصابة بأمراض القلب، والأوعية الدموية، وارتفاع ضغط الدم. ومع ذلك، فإن تحديد السبب والنتيجة من هذه الدراسات الرصدية أمر صعب، وقد لا يكون لبعض الفوائد أي علاقة بالتخمير. على سبيل المثال، يحتوي الزبادي على نسبة عالية من الكالسيوم، وهو عنصر غذائي مفيد لعظام أقوى.

ومع ذلك، في وقت سابق من هذا العام، أعلنت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية US Food and Drug Administration أن استهلاك ثلاث حصص – على الأقل – من الزبادي أسبوعيًّا قد يقلل من خطر الإصابة بمرض السكري من النوع 2. وكان هذا استنادًا إلى دراسات متعددة، بما في ذلك دراسة شملت أكثر من 192 ألف بالغ يعيشون في الولايات المتحدة. ووجدت أن زيادة استهلاك الزبادي بأكثر من نصف حصة يوميًّا كان مرتبطًا بانخفاض خطر الإصابة بمرض السكري من النوع 2، بنسبة 11% على مدى أربع سنوات.

تقول سيمين ميداني Simin Meydani، من جامعة تافتس Tufts University في ماساتشوستس، إن الروابط بين مرض السكري من النوع 2 ومنتجات الألبان غير المخمرة أقل قوة؛ مما يشير إلى أن هذه الفوائد تتعلق بالميكروبات الموجودة في الزبادي. 

نحن نعلم أن البكتيريا المُستخدَمة في تخمير الزبادي تطلق مُركبات تسمى الببتيدات النشطة Bioactive peptides بيولوجيًّا، والتي عادة ما تكون مرتبطة ببروتينات الحليب، وغير متاحة لمُستهلِكها، ويُعتقد أنها تساعد في خفض ضغط الدم وتنظيم الاستجابات المناعية.

يمكن للبكتيريا الحية في الزبادي – أيضًا – أن تؤثر في تكوين ميكروبيوم الأمعاء Gut microbiome الذي يؤدي دورًا حاسمًا في تنظيم الاستجابات المناعية Immune responses، والتمثيل الغذائي Metabolism. تقول ميداني: «الفكرة هي أنه من خلال توفير البكتيريا، من خلال الزبادي، وإدخالها إلى الأمعاء، فإننا نزيد من [كمية] البكتيريا المفيدة».

وتقول إيزابيل سافاري أوزيلو Isabelle Savary-Auzeloux، من المعهد الوطني الفرنسي للزراعة والأغذية والبيئةFrench National Institute for Agriculture, Food and Environment، إن الفوائد الصحية للأطعمة المخمرة الأخرى أقل وضوحًا؛ فنحن نعلم – على سبيل المثال – أن الألياف الغذائية تغذي ميكروبات الأمعاء وتساعدها على النمو. وتحتوي الخضراوات المخمرة والنيئة على كميات مماثلة من الألياف؛ لذا فقد يكون ذلك هو الذي يحدث الفارق وليس التخمير.

وللتعرف على ذلك، وضع جاستن سونينبرغ Justin Sonnenburg، من جامعة ستانفورد Stanford University في كاليفورنيا، وزملاؤه 36 بالغًا على نظام غذائي غني إما بالألياف النباتية، وإما بالأطعمة المخمرة، مثل: الزبادي وشاي الكومبوتشا والملفوف المخلل والكيمتشي. وفي المتوسط، تناول المشاركون في المجموعة الأولى 45 غرامًا من الألياف يوميًّا من دون زيادة تناولهم الخضراوات المخمرة. وفي الوقت نفسه تناول المشاركون في مجموعة الأطعمة المخمرة ما معدله ست حصص من هذه الأطعمة يوميًّا من دون زيادة تناولهم الألياف.

بعد 10 أسابيع، لم يلاحظ الأشخاص الذين تناولوا نظامًا غذائيًّا غنيًّا بالألياف أي تغييرات كبيرة في تنوع ميكروبات الأمعاء، أو في مستويات الدم، من علامات الالتهاب، والتي يمكن استخدامها لتتبع الاستجابة المناعية، بما في ذلك الالتهاب المزمن المرتبط بحالات مثل أمراض القلب والسكري من النوع 2 والسرطان.

يميل الأشخاص الذين يستهلكون الأطعمة المخمرة إلى الاهتمام بصحتهم بطرق أخرى أيضًا

ومع ذلك، لاحظ الباحثون زيادة في تنوع ميكروبيوم الأمعاء لدى الأشخاص الذين تناولوا نظامًا غذائيًّا من الأطعمة المخمرة. كان هذا مرتبطًا – بشكل وثيق – بتناول شيئين على وجه الخصوص: الزبادي ومحلول ملحي نباتي، وهو السائل الذي تُنقَع فيه الخضراوات المخمرة مثل الكيمتشي. وبالمقارنة مع بداية الدراسة، كان لدى المشاركين الذين تناولوا الأطعمة المخمرة – أيضًا – مستويات أقل من علامات Inflammatory markers. ويبدو أن الألياف وحدها ليست مسؤولة عن الفوائد.

تعزيز ميكروبيوم الأمعاء

وإضافة إلى ذلك، اعتقد الباحثون أنهم سيشاهدون البكتيريا الموجودة في الأطعمة المخمرة تستقر في أمعاء المشاركين؛ لكن قليلًا منها فعل ذلك. وبدلًا من ذلك، بدا أن وجودها يخلق – بطريقة ما – مكانًا مناسبًا لسلالات بكتيرية جديدة – أو لم تُرصَد من قبل – لتزدهر.

كل هذا يشير إلى أن الأطعمة المخمرة، خاصة الزبادي، قد تعزز صحتنا؛ لكن هذا لايزال بعيدًا عن أن يكون قاطعًا، كما تقول ميداني. هناك حاجة إلى مزيد من التجارب المُتحكَّم بها Controlled trials، وكذلك إلى فهم أكثر تفصيلًا لسلالات بكتيرية مُحدَّدة. تقول: «اعتمادًا على نوع البكتيريا، قد تحصل على فوائد صحية مختلفة».

إذا قررت تناول مزيد من الأطعمة المخمرة، توصي سافاري أوزيلو بالعثور على مصدر موثوق، وتحذر من طريق «افعل ذلك بنفسك». يمكن أن يؤدي التخمير غير الخبير في المنزل إلى تعزيز العوامل المُمرِضة Pathogens الضارة، مثل: الإشريكية القولونية إيشيريشيا كولاي Escherichia coli، أو السالمونيلا Salmonella؛ مما قد يتركك في حالة سيئة من التسمم الغذائي، بدلًا من ميكروبيوم أمعاء هانئ.

© 2025, New Scientist, Distributed by Tribune Content Agency LLC.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

Back to top button