أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
تغذية

هل يمكننا حقًّا تحقيق التوازن بين هرموناتنا بتناول أطعمة معينة؟

الأنظمة الغذائية التي تدعي السيطرة على هرمون الإستروجين الزائد، أو هرمونات التوتر، هي موضة رائجة على «إنستغرام» و«تيك توك». قد تكون مفيدة لنا، ولكن ليس للأسباب التي تدعيها

بقلم ليندا رودريغيز – مكروبي

إذا قضيتَ أكثر من خمس دقائق على «إنستغرام» أو «تيك توك»؛ خاصة إذا كنتِ امرأةً في سن معينة، فمن المرجح أن تقابلي شخصًا لائقًا وجذابًا، يعرض عليك ما تناوله اليوم، وعادة ما يكون ذلك وعاء من الشوفان وبذور الكتان والتوت، أو طَبقًا من الخضار الورقية مع اللحوم الخالية من الدهون، أو غيرها من «البروتينات عالية الجودة» Quality proteins، أو سلطة من الجزر النيئ، وقليل من أي شيء آخر، وكل ذلك يقدم بطريقة تثير الحسد، مصحوبًا بادعاء مفاده أن هذه الأطعمة توازن هرمون الإستروجين الزائد، وتخفِّض هرمون التوتر (الكورتيزول)، وتدعم وظيفة الغدة الكظرية، أو حتى تساعدك على التخلص من «البطن الهرموني» Hormonal belly.

إن ما تسمى «الأنظمة الغذائية» التي توازن الهرمونات ليست جديدة تمامًا؛ فقد بدأت كتب المساعدة الذاتية التي تفترض أن التوازن الهرموني هو الطريق إلى العافية في الظهور في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين؛ حيث جمعت بين الادعاءات التي تبدو علمية، وخطط إنقاص الوزن. ولكن ماذا يعني «اختلال التوازن الهرموني» Hormone imbalance حقًّا؟

لا يوجد كثير من الهرمونات، كما اتضح. الهرمونات هي الرسل الكيميائية التي تنتجها الغدد الصماءEndocrine glands الموجودة في جميع أنحاء الجسم، مثل: الغدة الدرقية، والغدة النخامية، والمبيضين، والخصيتين، وهي تنظم العديد من الوظائف الأساسية. تقول أميليا شيري Amelia Sherry، أخصائية التغذية المُسجَّلة في نيويورك: «الهرمونات هي التي تدير العرض بشكل أساسي، إذا جاز التعبير، في أجسامنا. تنظم هرمونات مختلفة كل شيء، بما في ذلك النوم، والجوع، والشبع، والنمو، والحمل، والنمو، واستقلاب الطاقة، وسكر الدم… وأكثر من ذلك».

لذا فإن مفهوم «التوازن» Balance لا معنى له في ظل نظام الغدد الصماء المتغيِّر باستمرار. تقول دينا أديمولام Deena Adimoolam، من جمعية الغدد الصماء Endocrine Society: «إن مصطلح «اختلال التوازن الهرموني» Hormonal imbalance ليس مصطلحًا يستخدمه علماء الغدد الصماء بسهولة؛ لأنه يشير إلى وجود خطأ ما إذا لم تكن الهرمونات، عند قياسها، ضمن «النطاق الطبيعي» Normal range دائمًا. والحقيقة هي أن هرموناتنا تتقلب طوال اليوم وطوال الليل».

في أغلب الأحيان، يعمل هذا النظام من تلقاء نفسه. وعندما لا يعمل، فغالبًا ما يكون ذلك بسبب شيء أكثر خطورة من سلطة الجزر التي يمكن أن تعالجها. يمكن لبعض الحالات أن تسبب مستويات إشكالية من هرمون معين في الجسم، سواء كان ذلك أقل من اللازم أو أكثر. تتميز متلازمة تَكيُّس المبايض Polycystic ovarian syndrome (اختصارًا: المتلازمة PCOS)، وهي واحدة من أكثر الحالات شيوعًا التي يتناولها المؤثرون، بفائض من الأندروجينات، مثلًا، في حين يحدث قصور الغدة الدرقية Hypothyroidism عندما تنتج الغدة الدرقية القليل جدًّا من هرمون الثيروكسين Thyroxine، وثلاثي يودوثيرونين Triiodothyronine. في حالات أخرى، يمكن أن يشير الكثير من الهرمون، أو القليل جدًّا، إلى وجود ورم في الغدة.

صورة: Jennifer Pallian/ Unsplash

تأثير النظام الغذائي في الهرمونات

صحيح، مع ذلك، أن نظامنا الغذائي يؤدي دورًا. تقول شيري: «ما نأكله أو لا نأكله يمكن أن يؤثر في إنتاجنا الهرموني». يمكن أن يكون التأثير مباشرًا؛ مما يتسبب في قيام أجسامنا بإنتاج المزيد، أو الأقل، من هرمون معين، أو غير مباشر، من خلال تغيير حساسية الخلايا للإشارات الهرمونية. هذه التأثيرات أكثر وضوحًا مع الهرمونات التي تنظم نسبة السكر في الدم والشبع؛ حيث يمكن لبعض الأطعمة أن تؤدي إلى تفاقم المشكلات الموجودة، كما تقول أديمولام: «إذا كنت مصابًا بداء السكري من النوع 2، فإن تناول كثير من الغلوكوز – السكر – يمكن أن يؤدي إلى زيادة أخرى في هرمون الأنسولين؛ مما يؤدي إلى المزيد من مقاومة الأنسولين Insulin resistance، وإلى تفاقم السيطرة على نسبة السكر في الدم». تحتوي بعض الأطعمة، وأغلفة الأطعمة، على مواد كيميائية تعطِّل الغدد الصماء، ويمكن أن تتداخل مع هرمونات الجسم، مثلا: يرتبط استهلاك الوجبات السريعة بمستويات أعلى من المواد الكيميائية المستخدَمة في البلاستيك، والتي تسمى الفثالات Phthalates، ربما بسبب التعبئة، أو إجراءات المعالجة. حتى التعرُّض القليل نسبيًّا لهذه المواد الكيميائية يمكن أن تكون له آثار بيولوجية وتنموية كبيرة على كل من البشر والحياة البرية.

ولكن التفاعل بين الهرمونات والبيئة ليس بالبساطة التي يتصورها كثير من المؤثرين. تقول شيري: «هناك العديد من العوامل المعقَّدَة التي تدخل في إنتاج الهرمونات، وإشارات الهرمونات، وكيفية تفاعل الهرمونات بعضها مع بعض»؛ لذا، على الرغم من أن اتباع نظام غذائي دقيق يمكن أن يساعد على تقليل تناول المواد البيئية المعطِّلة للغدد الصماء، فإنه لا يستطيع علاج حالات مثل المتلازمة PCOS. ولا يوجد دليل على أن تناول نظام غذائي غني – مثلا، بفول الصويا وبذور الكتان؛ وهي منتجات نباتية مملوءة بالإستروجين النباتي الذي يحاكي هرمون الإستروجين الثديي – من شأنه أن «يعيد ضبط» Reset مستويات هرمون الإستروجين الشخصية، كما يزعم البعض أحيانًا.

اضطراب في الأكل

على الرغم من أن العديد من الأنظمة الغذائية التي يتم الترويج لها على أنها تعمل على موازنة الهرمونات ليست خطرة في حد ذاتها، فإنها قد تكون لها آثار إشكالية؛ بعضها مُصمَّم للمساعدة على علاج المتلازمة PCOS، أو سن اليأس Perimenopause، أو انقطاع الطمث Menopause، والأشخاص الذين يعانون الحالات معرضون لخطر أكبر للإصابة باضطرابات الأكل. تقول شيري إن المعلومات الخاطئة عما يمكن أن تحققه هذه الأنظمة الغذائية قد تزيد – فقط – من احتمال اضطراب الأكل Disordered eating بين جمهورها المُستهدَف. تقول: «هذه المخاطر الحقيقية جدًّا – إلى جانب الافتقار إلى الأدلة الموثوقة بأن أي نظام غذائي معين سيُعالِج أو يعكس التغييرات الهرمونية المرتبطة بالمتلازمة PCOS أو سن اليأس – تجعلني أشعر بحذر شديد تجاه أي نظام غذائي يدعي ذلك».

قد يكون من غير الضروري أن ننظر إلى أي نصيحة غذائية يتم تقديمها على TikTok بدرجة من الشك، لكن العديد من الأنظمة الغذائية الهرمونية يُروَّج لها على وسائل التواصل الاجتماعي، وقد تكون جيدة لنا، فهي فقط لا تعيد التوازن إلى نظام الغدد الصماء.

تقول شيري: «إن التوصيات بتناول مزيد من الحبوب الكاملة، ومزيد من البروتينات الخالية من الدهون، والدهون النباتية، والفواكه، والخضراوات، والأطعمة الغنية بالألياف، هي التغييرات الغذائية نفسها التي نوصي بها للوقاية من الأمراض، وتحسين جودة الحياة والصحة العامة، [ولكن] هل ستعالِج حالتك؟ لا».

لذا؛ عندما يتعلق الأمر بالأنظمة الغذائية التي تعمل على موازنة الهرمونات، فلا تصدق الضجيج، على الرغم من أن هذا لا يعني أنها غير مفيدة بتاتًا.

© 2025, New Scientist, Distributed by Tribune Content Agency LLC.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

Back to top button