سلاسل الجبال تخبئ في جوفها مصدرًا محتملا للطاقة النظيفة
مع استمرار البحث عن الهيدروجين الجيولوجي - وهو مصدر طاقة نظيف محتمل تحت الأرض - يتجه بعض الباحثين إلى الجبال
بقلم مايكل لو بيج
قد تشكّل السلاسل الجبلية مصدرًا واعدًا للطاقة النظيفة؛ يتمثل في وجود كميات من الهيدروجين المحصورة فيها، وغير المُستغلَّة حتى الآن؛ فعلى الرغم من أن دراسات سابقة أشارت إلى إمكان وجود هذا «الهيدروجين الجيولوجي Geologic hydrogen» في باطن الأرض، فإن الباحثين لم يلتفتوا إلى الجبال – بوصفها مخزنًا محتملًا له – إلا في الآونة الأخيرة.
يقول فرانك زوان Frank Zwaan، من مركز هيلمهولتز لعلوم الأرض Helmholtz Centre for Geosciences في ألمانيا: «بعض المعادن تتفاعل مع الماء، ولديها القدرة على توليد الهيدروجين، وهو ما يمثل موردًا للطاقة النظيفة وغير المُكلِّفة».
تتوافر كميات هائلة من هذه المعادن على سطح الأرض، إلا أنها تتركز – بشكل رئيسي – في أعماق القشرة الأرضية، ضمن طبقة تُعرف بـ «الوشاح Mantle»، وهي منطقة لا تتلامس فيها هذه المعادن بالمياه. غير أن تشكُّل السلاسل الجبلية وبروزها يمكن أن يؤديا إلى رفع أجزاء من صخور الوشاح إلى الطبقات السطحية؛ حيث تتفاعل مع الماء فيما يُعرَف باسم عملية التحوُّل السربنتيني Serpentinisation.
ولاستكشاف إمكان تشكُّل الهيدروجين، صمَّم زوان وفريقه نمذجة لمحاكاة عملية الرفع الجيولوجي؛ بهدف تحديد كمية المادة القادمة من الوشاح، والتي تصل إلى طبقات تتوافر فيها درجات حرارة مثالية، ويتدفق إليها الماء بكمية كافية لحدوث هذا التفاعل. وتشير نتائج تجربتهم إلى إمكان توليد كميات كبيرة من الهيدروجين في جوف السلاسل الجبلية (الجمعية العامة للاتحاد الأوروبي للجيوفيزياء 2025، doi.org/pk75).
تتفاعل طائفة من المعادن مع الماء، ويمكن أن ينتج عن هذا التفاعل الهيدروجين كمصدر غير مكلف للطاقة النظيفة
تحدث عملية التحوُّل السربنتيني أيضًا عند حيود منتصف المحيط Mid-ocean ridges، ويعتقد بعض العلماء أن لها دورًا في نشأة الحياة؛ إلا أن زوان يستبعد إمكان احتجاز الهيدروجين المتولِّد فيها؛ نظرًا إلى انخفاض درجات الحرارة عن 122 درجة سيليزية (252 درجة فهرنهايت)، ما يعني أن الهيدروجين المحصور داخل تلك الطبقات سينتهي عَشاءً للبكتيريا. أما تحت الجبال، فمن الممكن الحفر إلى أعماق ترتفع فيها درجات الحرارة على نحو يحول دون بقاء الكائنات الحية.
قال زوان، خلال اجتماع الاتحاد الأوروبي لعلوم الأرض European Geosciences Union في فيينا، في أبريل 2025: «لا شيء يمكن أن يعيش هناك، ما يجعلها بيئة مثالية لحفظ الهيدروجين. بل وقد يكون هناك إمكان آخر يتمثل في الحفر ضمن ما يمكن تسميته «مطبخ الهيدروجين»، أي المنطقة التي يتولَّد فيها الهيدروجين».
تدعم نتائجَ النمذجة بياناتٌ أوليةٌ من دراسات أُجريت على سلاسل جبلية بعينها، مثلًا: أكد جيانريتو ماناتشال Gianreto Manatschal، من جامعة ستراسبورغ University of Strasbourg في فرنسا، عملية توليد الهيدروجين في منطقة غراوبوندن في جبال الألب السويسرية؛ إلا أنه أوضح – خلال الاجتماع – أن الكميات لاتزال غير معروفة، مضيفًا: «أبحاثنا لاتزال في بداياتها».كما أشارت الباحثة ألكسندرا روبرت Alexandra Robert، من جامعة تولوز University of Toulouse في فرنسا، إلى اكتشاف تسرب للهيدروجين من أعماق جبال البيرينيه الشمالية. وبالمثل، مازال هذا البحث في بداياته.
© 2025, New Scientist, Distributed by Tribune Content Agency LLC