أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
قضايا

هل تلوث الهواء يقتل حقًّا نحو تسعة ملايين شخص كلَّ عام؟

بقلم: مايكل لو بيج Michael Le Page

 

المترجم: تامر صلاح

هل تلوث الهواء يقتل بالفعل نحو 800 ألف شخص في أوروبا وتسعة ملايين في جميع أنحاء العالم كل عام؟ هذا هو الاستنتاج الواضح لدراسة تدّعي أن تلوث الهواء يتسبب في 800 ألف حالة وفاة “إضافية” في أوروبا كل عام، وهو ضعف التقديرات السابقة.

لكن البيانات لا تعني أن تسعة ملايين شخص لقوا حتفهم بسبب تلوث الهواء فقط. بل هي وسيلة لتمثيل الضرر الناجم عن تلوث الهواء.

ولا يعني ذلك أن تلوث الهواء ليس بالأمر الخطير. وفي الواقع تشير هذه الدراسة إلى أن تلوث الهواء يُعدُّ قاتلًا أكبر من التدخين، فباستخدام المنهج نفسه قدّرت الدراسة أنه يتسبب في وفاة سبعة ملايين شخص إضافي في جميع أنحاء العالم كلَّ عام.

يقول المؤلف الرئيسي يوس ليليفيلد  Jos Lelieveld، من معهد ماكس بلانك للكيمياء Max Planck Institute for Chemistry في ماينز بألمانيا: «أعتقد أن هذه هي الرسالة المهمة لهذه الدراسة.» وقال إن تلوث الهواء انضم الآن إلى صفوف عوامل الخطر الرئيسية مثل ارتفاع ضغط الدم  High blood  pressure  وداء السكري  Diabetes والسمنة Obesity.

جمع الأضرار

من المهم أن نفهم من أين تأتي هذه الأرقام. ومعالجة الضرر الناجم عن تلوث الهواء أصعب بكثير من شيء مثل حوادث السيارات التي لدينا بيانات ثابتة عنها؛ لأنه يؤدي عادةً إلى تفاقم آثار الاضطرابات الشائعة مثل أمراض الجهاز التنفسي.

أجرت العديد من الفرق في جميع أنحاء العالم دراسات طويلة الأمد تقارن، على سبيل المثال، الأشخاص الذين يعيشون في مناطق ذات مستويات مختلفة من تلوث الجسيمات العالقة Particulate في الهواء لمعرفة كيفية تأثيرها في خطر الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي والقلب والأوعية الدموية.

وتشير النتائج الأخيرة إلى أن تلوث الهواء يساهم أكبر بكثير في أمراض القلب والأوعية الدموية مما كان يعتقد سابقاً. ولكن إخبار الأفراد «نسب خطر»  Hazard ratios  لتلوث الهواء- المعيار العلمي القياسي- لن يعني لهم شيئاً.

وبدلاً من ذلك، فمن الإجراءات المعتادة ترجمة المخاطر إلى مقاييس أكثر فهماً. جمع فريق ليليفيلد أحدث تقديرات المخاطر مع بيانات عن تعرض الأفراد لتلوث الهواء في أوروبا لحساب عدد الوفيات المبكرة الإضافية في 2015. ويقول ليليفيلد إن «790 ألف شخص لم يكونوا ليلقوا حتفهم إلا في وقت لاحق لو لم يكن هناك تلوث في الهواء.»

الجميع يموت

 

بالطبع، الجميع يموتون في وقت ما. فهناك طريقة أخرى للتعبير عن النتائج نفسها وهي أن هؤلاء الأشخاص البالغ عددهم 800 ألف شخص فقدوا في المتوسط 17 عامًا من العمر، أو أن الشخص العادي في أوروبا يفقد عامين من حياته بسبب تلوث الهواء.

ويقول ديفيد سبيغل هالتر David Spiegelhalter، من مركز وينتون للتواصل بشأن المخاطر والأدلة  Winton Centre for Risk and Evidence Communication    في المملكة المتحدة: «هذه مجرد طرق مختلفة لحساب مجموع الأيام الضائعة من المجموعات المختلفة. وهي طريقة مربكة.»

إلا أن هناك طريقة أخرى للتعبير عن الخطر وهي أن هناك 120 حالة وفاة إضافية لكل 100 ألف شخص في السنة. لكن بمثل هذا التعبير ربما لا يبدو الأمر سيئاً جدا. لكننا، على سبيل المثال، لا نعتقد أن ثلاث حالات قتل لكل 100 ألف شخص سنويًّا في أوروبا يعد رقماً مقبولاً إلى حد ما.

الوضع ليس سيئًا بشكل خاص في المملكة المتحدة. فتلوث الهواء يتسبب في وفاة 100 شخص في المملكة المتحدة كل عام، مقارنة بـ 140 في إيطاليا و 150 في ألمانيا وأكثر من 200 في دول أوروبا الشرقية مثل بلغاريا وكرواتيا ورومانيا وأوكرانيا، وفقاً للدراسة.

الوضع ليس سيئًا بشكل خاص في المملكة المتحدة. فتلوث الهواء يتسبب في وفاة 100 شخص في المملكة المتحدة كل عام، مقارنة بـ 140 في إيطاليا و 150 في ألمانيا وأكثر من 200 في دول أوروبا الشرقية مثل بلغاريا وكرواتيا ورومانيا وأوكرانيا، وفقاً للدراسة.

الصورة الأكبر هي أن تلوث الهواء بدأ يتراجع تدريجياً على مدار عقود في أوروبا بسبب تشديد الرقابة على انبعاثات المركبات – على الرغم من أن الارتفاع في حرق الأخشاب في بعض الأماكن يعاكس هذا الاتجاه.

لذا، فقد ساهم تلوث الهواء في حدوث المزيد من الوفيات في الماضي – لكننا لم نعرف عنها. فقط الآن تكشف دراسات مثل هذه التأثير الكامل لتلوث الهواء. ومن المفارقات أن هذا يرجع جزئيًّا إلى أن انخفاض مستويات التلوث يعني أن لدينا الآن بيانات أفضل من المناطق الأقل تلوثًا، كما يقول ليليفيلد.

المرجع العلمي: DOI: 10.1093/eurheartj/ehz135

ÓNew Scientist

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

زر الذهاب إلى الأعلى