أوروبا تتجه إلى التنافس في سباق التسلح الذكي العالمي
مع 1.5 بليون يورو للذكاء الاصطناعي، والمفوضية الأوروبية تعقد آمالها على الأخلاق
تحاول أوروبا اللحاق بالولايات المتحدة والصين في سباق تسلح الذكاء الاصطناعي Artificial Intelligence (اختصارا: AI). وقد أعلنت المفوضية الأوروبية The European Commission في الأسبوع الماضي أنها ستخصص 1.5 بليون يورو لتمويل أبحاث الذكاء الاصطناعي حتى عام 2020. كما قالت إنها ستقدم مبادئ توجيهية أخلاقية لتطوير الذكاء الاصطناعي بحلول نهاية العام مما يوحي بأنّ أوروبا يمكن أن تصبح قوة موازية وقائية لمنافسيها العالميين. وكما تثار مخاوف بشأن عدم العدالة والشفافية في المجال المتقدم بسرعة.
يمارس كل من الولايات المتحدة والصين طريقة “ابتكار غير مرخص: اكسر الأشياء أوّل بأوّل وتحرّك بسرعة،” كما تقول إليونور باولز Eleonore Pauwels، باحثة في الأخلاقيات من جامعة الأمم المتحدة United Nations University في مدينة نيويورك. وفي المقابل، فإنّ الأوروبيين “يراهنون على كونهم الرجل الطيب،” كما تقول. وهذا قد يعني، على سبيل المثال، تطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي التي تتطلب مجموعات بيانات أصغر، وتعزيز الخصوصية والثقة، وهي أكثر شفافية من منافسيها، كما تقول باولز. وتضيف أنه يبقى أن نرى ما إذا كانت أوروبا قادرة على جعل هذه الرؤية النبيلة حقيقة واقعة.
وتقول المفوضية إنها ستمول الأبحاث الأساسية إضافة إلى الأبحاث التي يمكن أن تندرج في السوق، وتعتزم مساعدة الدول الأعضاء على إنشاء مراكز أبحاث مشتركة في جميع أنحاء أوروبا. كما تخطط لتحديث القوانين لتيسير إعادة استخدام معلومات القطاع العام، بما في ذلك البيانات البحثية المتاحة. فمجموعات البيانات الكبيرة ضرورية لتدريب الذكاء الاصطناعي.
ويقول جيفري دينغ Jeffrey Ding، الذي يُدرِّس حوكمة الذكاء الاصطناعي في جامعة أكسفورد University of Oxford في المملكة المتحدة ويرصد إمكانات الذكاء الاصطناعي لدى البلدان المختلفة، أنّ لدى أوروبا أبحاثا قوية في مجال الذكاء الاصطناعي، ولكنها صناعة ضعيفة، ويرجع ذلك جزئياً إلى أنّ شركاتها الناشئة تستقطب تمويل لرأس المال الاستثماري أقل بكثير مما في الولايات المتحدة والصين. كما يصنّف دينغ الولايات المتحدة كمنافس أكثر صرامة من الصين التي يقول إنها تتبع الولايات المتحدة في كل مسار باستثناء إتاحة الوصول إلى البيانات.
ويضيف ستيفان إيلوز غراس Stéphan Eloïse Gras، الباحث الفرنسي في العلوم الإنسانية الرقمية من جامعة نيويورك New York University (اختصارا: الجامعة NYU) في مدينة نيويورك، أنّ طموحات أوروبا تعوقها سياسات صناعية عتيقة توفر دعمًا كبيرًا للشركات الكبيرة التي تتجنب المخاطرة، ودعما قليلا للشركات الناشئة غير المضمونة. كما أنّ الرواتب الفلكية للصناعة قد أغرت المواهب من الجامعات الأوروبية بالانتقال إلى دول أخرى، كما يقول جان بونس Jean Ponce، الباحث في مجال الرؤية الاصطناعية من مدرسة الأساتذة العليا École Normale Supérieure، والذي أمضى 22 عامًا في العمل بالولايات المتحدة ويعمل حاليًا على إبرام اتفاق ذكاء اصطناعي فرنسي-أمريكي في جامعة نيويورك.
ويمكن أن يساعد دفع التمويل والمبادئ الأخلاقية المقبلة على تعزيز ما يسميه برنارد شولكوبف Bernhard Schölkopf، وهو باحث في التعلم الآلي من معهد ماكس بلانك للأنظمة الذكية Max Planck Institute for Intelligent Systems في تيوبنغن Tübingen بألمانيا ، “نظرة أوروبية بخصوص الذكاء الاصطناعي” والتي تقدر الخصوصية والشفافية والعدالة. ويضيف شولكوبف: “ومع ذلك، سيكون من قصر النظر بالنسبة إلى أوروبا التركيز فقط على المشكلات المحتملة والسماح للآخرين بدفع حدود المعرفة. فنحن لا نفهم جيدا بعد كيفية جعل أنظمة [الذكاء الاصطناعي] قوية، أو كيفية التنبؤ بتأثير التدخلات.”
وتقول المفوضية إنها ستعمل الآن مع الدول الأعضاء على اتخاذ خطوات ملموسة لتحقيق طموحات القارة بخصوص الذكاء الاصطناعي. وتأتي الإجراءات الأوروبية بعد شهر واحد من إعلان فرنسا عن نواياها بشأن الذكاء الاصطناعي، وبعد أسبوع من حث تقرير برلمان المملكة المتحدة الحكومة على مساعدة البلاد على أن تصبح متقدّمة في الذكاء الاصطناعي. وفي العاشر من أبريل، وقّعت 25 دولة أوروبية بيانا للمبادئ وافقت فيه الحكومات على العمل معًا فيما يخص الذكاء الاصطناعي والنظر في تمويل أبحاث الذكاء الاصطناعي “على سبيل الأولوية.”
وفي الرابع والعشرين من أبريل، قامت مجموعة من تسعة باحثين بارزين في الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك شولكوبف، بأخذ زمام الأمور بكتابة رسالة مفتوحة تحث الحكومات على إنشاء مختبر أوروبي دولي حكومي للأنظمة الذكية والتعلّم European Lab for Learning & Intelligent Systems (اختصارا: المختبر ELLIS)، مستوحى من مختبر البيولوجيا الجزيئية الأوروبي European Molecular Biology Laboratory. وسيكون المختبر ELLIS “أفضل صاحب عمل في مجال أبحاث ذكاء الآلات،” وعلى قدم المساواة مع جامعات عالمية رائدة، كما تقول الرسالة، فتقدم رواتب مغرية و“حرية أكاديمية متميزة ورؤية واضحة.”