الجمعيات العلمية قلقة بشأن التهديد الناشيء عن الخطة
خسارة رسوم الاشتراكات قد تعني تقليل الخدمات أو بيع المجلات لناشرين تجاريين
أخبار النشر العلمي
Publishing
بقلم: جيفري براينارد Jeffrey Brainard
إنه تهديد وجودي. هذا هو الوصف الذي تطلقه الجمعيات العلمية المدعومة باشتراكات المجلات على الخطة S التي قدمها مموّلو الأبحاث الأوروبيون في سبتمبر 2018 وصادق عليها آخرون منذ ذلك الحين. وتتطلب الخطة أن تكون الأوراق البحثية للحاصلين على المِنح متاحة فوريًا وبالمجّان. وبذلك سيتأثّر جميع الناشرين الذين يتقاضون رسومًا على الاشتراكات. لكن الجمعيات العلمية تخشى أن تتعرض للضرر بشكل خاص. أولًا، توقعت جمعية علم الوراثة الأمريكية Genetics Society of America (اختصارًا: الجمعية GSA) في روكفيل بولاية ميريلاند، أنّ يخفِّض تبني الخطة S عالميا صافي أرباحها من النشر بمقدار الثلث. وربما تجبر التأثيرات الأقل حدة على الخطوط الأساسية الجمعيات على بيع مجلتين لناشرين تجاريين وتقليص الأنشطة التي يدعمها النشر، مثل التدريب المهني والتوعية العامة.
وتقول تريسي دي بيليغرين Tracey DePellegrin، المديرة التنفيذية للجمعية GSA التي تنشر مجلتين: “نحن غير قادرين على التوصل إلى أي نموذج مفتوح المصدر غير ربحي ومستدام وقابل للتطبيق” إذا دعم جميعُ الممولين الخطةَ S.
وبعد إتاحة الفرصة لقبول التعليقات حتى 8 فبراير، يتوقع واضعو الخطة S ترسيخ تفاصيل الخطةَ S في الربيع المقبل. لكن الخط الأساسي واضح: بحلول عام 2024، سيسمح مموِّلو الخطة S بنشر الأبحاث فقط على المنصات التي توفر إمكانية الوصول الفوري المفتوح المصدر، ويحدد الحد الأقصى للرسوم التي يمكن أن يتقاضاها الناشرون من معدي الأوراق البحثية (Science, 30 November 2018, p. 983)). ويتبع الآن العديد من المجلات نموذجًا هجينًا، إذ تنشر الأوراق البحثية المفردة مقابل رسوم للوصول الفوري المفتوح المصدر، لكنها تستمد معظم دخلها من الاشتراكات.
ويحتاج النشر العلمي إلى “برنامج جذري” لتعزيز الوصول المفتوح المصدر الكامل والفوري؛ لأنّ التقدم كان بطيئًا جدًّا، كما قال روبرت يان سميتس Robert-Jan Smits، مفوَّض الوصول المفتوح المصدر لدى المفوضية الأوروبية European Commission في بروكسل، وهو أحد واضعي الخطة S. وقد بدأت حركة الوصول المفتوح المصدر قبل نحو 15 عامًا، لكن بحلول عام 2016، كان نحو 20% فقط من الأوراق البحثية المنشورة حديثًا متاحة مجانًا.
وستؤثر متطلبات الخطة S بشكل غير متناسب في المجلات الانتقائية التي تنشرها العديد من الجمعيات، كما يقول فريد ديلا Fred Dylla، المدير التنفيذي السابق للمعهد الأمريكي للفيزياء American Institute of Physics (اختصارًا: المعهد AIP) في كوليدج بارك College Park بولاية ميريلاند، الذي لا يزال يقدم الاستشارة للمعهد AIP حول المجلات التي تصدر عنه. وعادة ما تكون لهذه المجلات تكاليف مرتفعة لكل مقالة؛ مما يعكس نفقات مراجعة الأوراق البحثية المرفوضة؛ إذ يساور القلق الناشرين من أن يكون الحد الأقصى لرسوم الخطة S، الذي لم يُحدّد بعد، منخفضًا جدّا فلا يكفي لتغطية متوسط التكلفة لكل ورقة بحثية. إضافة إلى ذلك، فإنّ لدى الجمعيات عادة هوامش ربح أقل واقتصادا أصغر حجماً من الناشرين التجاريين الذين ينشرون معظم الأوراق البحثية للمجلات. وتنشر كبراها، إلسيفيير Elsevier، ومقرها في أمستردام، أكثر من 2500 عنوان من عناوين المجلات، في حين تنشر الجمعيات العلمية بضع عشرات على الأكثر. (تُنشر ساينس Science من قبل جمعية علمية غير ربحية؛ AAAS في واشنطن العاصمة. وقسم أخبار Science مستقل تحريريًّا عن المجلة والجمعية AAAS.)
ولا تتوفر بيانات شاملة بهذا الصدد، لكن هناك دراسة أجرتها مجموعة يو. كي. يونيفرسيتيز Universities UK في عام 2017، وهي مجموعة مناصرة في لندن، قدّرت أن الدخل العائد من النشر المتحقق لجمعيات علوم الحياة موَّل نحو 40% من الإنفاق على الفعاليات الأخرى، ولجمعيات العلوم المادية قاربت النسبة 20 %. وتدرُّ مجلتا المعهد GSA نحو 65% من إجمالي صافي إيرادات الجمعية، وتموّل برامج المعهد GSA الأخرى التي لا تدر أي عائد مادي. وتشمل هذه الأمور الجهود المبذولة للدعوة إلى التمويل العلمي ومساعدة العلماء في مراحل حياتهم المهنية المبكرة، وهي أنشطة يمكن أن تساعد الباحثين من غير أعضاء الجمعية.
وحتى الآن، قَبِل 16 من الممولين، ومعظمهم في أوروبا، الخطة S. وهذا ليس كافيا لتحويل تمويل المجلات. ولم يتخذ الممولون الحكوميون في الولايات المتحدة أي إجراء تجاه هذا النهج. غير أنّ الزخم الدولي تجاه الخطة S ازداد (إلى جانب التهديد للنشر التقليدي الذي تمثله) في ديسمبر 2018، عندما دعم المسؤولون في الصين أهدافهم للمصدر المفتوح (Science, 4 January, p. 11). وإذا نجحت الصين في المضي قدمًا في ذلك، فقد تؤدي الخطة S إلى تقليل دخل الناشرين بنسبة 15% في بعض الحالات، وفقًا لتقديرات نشرتها شركة دلتا ثينك Delta Think الأسبوع الماضي، وهي شركة استشارات في فيلادلفيا بولاية بنسلفانيا. ولا يتضمن هذا التحليل تأثير الحد الأقصى في رسوم المؤلف (يطلق عليها أيضًا رسوم معالجة المقالة Article-processing charges)؛ مما قد يؤدي إلى خفض الإيرادات بدرجة أكبر. وكان متوسط رسوم الأبحاث المنشورة في مجلات مفتوحة تماماً في عام 2018 نحو 1600 دولار، وفقاً لتقديرات الشركة Delta Think.
ويُصدر المعهد GSA مجلات جي ثري G3: الجينات Genes، الجينومات Genomes، علم الوراثة Genetics، وهو “يستعد لتطبيق النشر المفتوح المصدر في نهاية المطاف” لجميع المقالات، كما تقول دي بيليغرين. أما مجلة المعهد GSA الأخرى، علم الوراثة Genetics؛ فهي هجينة. وقد خفضت الجمعية التكاليف بالفعل. وتقول إنّ خسارة العوائد الناتجة من اعتماد الخطة S على الصعيد العالمي ستجبر المعهد GSA على تقليل خدماته أو بيع المجلات إلى ناشرين تجاريين. ويضيف مارك جونستون Mark Johnston، رئيس تحرير مجلة علم الوراثة واختصاصي علم الوراثة الجزيئية بجامعة كولورادو في دنفر: “إن عملية المفاضلة صعبة.”
من ناحية، يمكن لناشري الجمعية التكيف مع متطلبات الخطة S: نشر المزيد من الأوراق البحثية لتأمين المزيد من رسوم الكتَّاب. لكن ربما لا تنجح هذه الاستراتيجية. وأسرة مجلات بلوس PLOS مفتوحة المصدر، والتي نشرت نحو 25 ألف ورقة بحثية في عام 2017، أبلغت عن خسائر تشغيلية قدرها 1.7 مليون دولار في ذلك العام. وأيضًا مجلة إي لايف eLife، وهي مجلة أخرى مرموقة ذات وصول مفتوح، أبلغت عن خسائر في عام 2017 على الرغم من الرسوم التي تُفرض على الكتَّاب البالغة 2500 دولار؛ والإعانات التي تحصل عليها من المؤسسات مثل صندوق ويلكوم Wellcome Trust، الجمعية الطبية الخيرية في لندن.
إلى جانب ذلك، فإنّ زيادة عدد الأوراق تقلل من الانتقائية وتخفض الجودة، كما يقول بعض الناشرين. ويقول بروكس هانسن Brooks Hanson، نائب الرئيس التنفيذي الذي يُشرف على النشر في الاتحاد الأمريكي للجيوفيزياء American Geophysical Union في العاصمة واشنطن، الذي ينتج 20 مجلة ، خمسة منها مفتوحة المصدر تمامًا: “نحن وجمعيات أخرى نشعر بالقلق إزاء المكان الذي ستضع فيه [الخطة S] الحوافز.” ويُضيف قائلًا: “إنه يحفز الناشرين فعليًا على محاولة نشر المزيد من الأبحاث”.
ويقول ناشر مجلة ساينس، بيل موران Bill Moran، إنّ مجلة لا تريد متابعة ما يصفه كـ “سباق مبيعات.” ويريد من الخطة S أن تمنح استثناءً لمجلة ساينس والمجلات الانتقائية المماثلة التي تعكس ظروفها وأدوارها غير المعتادة في الاتصالات العلمية. وتقبل ساينس نحو 7% فقط من المخطوطات المُقدّمة، إضافة إلى نشرها مجموعة متنوعة من الأخبار ووجهات النظر والمقالات غير البحثية الأخرى. ويقول موران إنّ المجلة لن تكون مستدامة إذا وجب على رسوم الكاتب تغطية جميع تكاليف النشر.
وأضاف موران قائلًا: “إن ساينس فريدة من نوعها.” وتابع قائلا: “ليست كل المجلات متشابهة. إذا كان هدفك هو الحفاظ على الجودة، فيجب أن يكون هناك استثناء” من منهج واحد يناسب الجميع مثل الخطة S.
ومع ذلك، إذا طلب عدد أكبر من الممولين فقط النشرَ في مجلات مفتوحة المصدر، فربما يتعين على ساينس إجراء تعديلات، كما يضيف. وقد يكون الخيار هو فرض رسوم الاشتراك فقط للمحتوى غير البحثي، كما يقول.
ويضع سميتس العبءَ على المجلات والجمعيات لإنشاء نماذج أعمال جديدة للتكيف مع متطلبات الخطة S. لكن ممولي الخطة S يريدون أيضًا التعاون مع الجمعيات للابتعاد عن الاشتراكات مع الحفاظ على الجودة. ويُضيف قائلًا: “نحن مهتمون جدا بالحصول على [رسوم المؤلف] التي تعتبر عادلة بما فيه الكفاية للسماح للعديد من المنظمات بتصفح مجلاتها” كمصدر مفتوح.
وقال صندوق ويلكوم، وهو أحد ممولي الخطة S، مع مجموعات أخرى، إنه سينشر تقريرًا بحلول يوليو حول الاستراتيجيات والنماذج التجارية التي يمكن من خلالها للجمعيات العلمية في المملكة المتحدة إجراء هذا التحول.
وإضافة إلى ذلك، فقد اجتمع سميتس هذا الشهر بممثلين عن الجمعية الملكية Royal Society، ومقرها في لندن، وعشر جمعيات علمية متوسطة الحجم لمناقشة الكيفية التي يمكن بها لممولي الخطة S مساعدتهم على التحول. ويقول إنّ الجمعيات “حريصة على تنفيذ الانتقال، إلا أنها حددت عددًا من التحديات بهذا الصدد.”
©sciencemag.org