لماذا يوجد الكثير من الكواكب الشاردة وكيف تبدو؟
تشير التقديرات إلى وجود تريليونات من العوالِم التي تطفو بحرية في مجرتنا وحدها. سيكون معظمها كواكب متجمدة مثل بلوتو، لكن بعضها قد يكون أ كثر دفئاً - وربما صالحاً للحياة
بقلم أبيغيل بيال
تخيل عالماً يكون فيه الليل دائماً، بغض النظر عن الوقت من اليوم أو السنة. في الواقع، لا توجد أيام أو سنوات، لأنه لا توجد شمس، مما يعني عدم وجود دورة من ضوء النهار للإشارة إلى مرور الوقت. وإذا كانت هناك أقمار، فهي بالكاد مرئية. لأن هذا عالم منعزل، ينجرف عبر الفضاء بين النجوم.
الكواكب الشاردة Rogue planets، كما تُعرف، موجودة بالفعل، وربما يكون هناك الكثير منها. ويمكن أن يفوق عدد النجوم ما يصل إلى 20 ضعفاً، وفقاً لتحليل أجراه ديفيد بينيت David Bennett وزملاؤه في عام 2023 في مركز غودارد لرحلات الفضاء Goddard Space Flight Center التابع لناسا في ماريلاند. مما يعني احتمال وجود تريليونات منها في مجرتنا وحدها.
قد يبدو هذا رقماً كبيراً جداً، نظراً لأننا نميل إلى التفكير في الكواكب التي تدور حول النجوم. ولكن وجود الكواكب الحرة Free-floating planets يتوافق تماماً مع نظرية تكوين الكواكب. يقول غافين كولمان Gavin Colemanمن جامعة كوين ماري Queen Mary University في لندن: «بصراحة، لم أتفاجأ عندما اكتشفت أن عدد الكواكب الشاردة قد يفوق عدد النجوم».
وهذا لا يعني أن علماء الفلك لا يشعرون بالذهول من هذا الاحتمال. تقول ليزا كالتنيغر Lisa Kaltenegger من جامعة كورنيل Cornell University في إيثاكا بولاية نيويورك: «إنه أمر جميل أن نتخيله». «بلايين الكواكب التي لم يعد لها منزل بعد الآن، هي فقط ترتحل عبر المجرة». لا يمكننا رؤية الكواكب الشاردة مباشرة. منذ اكتشاف المرشح الأول في عام 2012، كنا نستنتج وجودها من خلال الطريقة التي تحني بها الضوء القادم من النجوم والمجرات البعيدة، والمعروفة بعدسة الجاذبية الميكروية Gravitational microlensing. ومن هذا يبدو كما لو أن معظم الكواكب الشاردة يبلغ حجمها حجم الأرض تقريباً.
كواكب مارقة بحجم الأرض
يمكن للنجوم الأكبر حجماً أن تبدأ حياتها بطريقة مشابهة لنجم ما، فتتجمع سحب الغاز بفعل جاذبيته وتنهار في النهاية. لكن هذا لا يمكن أن يفسر الكواكب الشاردة التي يبلغ حجمها حجم الأرض، كما يقول كولمان، إذ لا بد أن تكون تلك الكواكب قد تشكلت داخل مجموعة شمسية Solar system ثم قُذفت إلى الخارج. ربما مر نجم خارجي Outside star، وجذب الكوكب أثناء مروره، لكن هذا محتمل فقط في المناطق كثيفة النجوم من المجرة، مثل العناقيد النجمية الكروية Globular clusters. فهناك خيار آخر يتمثل بأن صراعاً مع كوكب آخر في النظام يؤدي إلى قذف أحدهما مسافة أقرب من النجم والآخر بعيداً إلى البراري.
التفسير الأرجح لوجود الكواكب الشاردة في مجرة درب التبانة هو أنها تشكلت حول أزواج من النجوم تدور حول بعضها بعضا، تسمى الأنظمة الثنائية Binary systems. يقول كولمان: «في الأنظمة الثنائية، من السهل جداً وضع الكواكب في مدارات تؤدي في النهاية إلى قذفها للخارج».
أما بالنسبة إلى الظروف على الكواكب الشاردة، فيمكننا أن نتوقع التنوع الغني نفسه الذي نراه في الكواكب المرتبطة بالنجوم – من العوالم الصخرية الأصغر إلى عمالقة الغاز الضخمة مثل كوكب المشتري والكواكب الخارجية الجليدية الأكبر مثل نبتون. يقول كولمان: «أتصور أن الكواكب الشاردة ستكون مشابهة جداً لكثير من هذه الكواكب». باستثناء حقيقة أنه مع عدم وجود نجم مضيف يوفر الضوء، فإن المصدر الوحيد للدفء يجب أن يأتي من الداخل. وعلى هذا النحو، فمن المحتمل أن يكون للكواكب الشاردة أسطح متجمدة.
يمكن أن يأتي أحد مصادر الطاقة من الفوهات الحرارية Thermal vents التي تستمد طاقتها من انكماش الكوكب بكامله عندما يبرد، وهي الآلية التي تؤدي إلى البراكين الجليدية على بلوتو. ولكن هناك طرق يمكن أن يكون بها هذا الكوكب العابر أكثر دفئاً من هذا. يرى ديفيد ستيفنسون David Stevenson، من معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا California Institute of Technology في باسادينا، أنه إذا احتوت الكواكب الشاردة على كميات كبيرة من الهيدروجين في غلافها الجوي، وهو أحد غازات الدفيئة Greenhouse gas عند الضغوط العالية، فمن الممكن أن تكون درجة حرارة سطح الكواكب الشاردة مماثلة لتلك الموجودة على الأرض. يقول بينيت: «مثل هذا الكوكب يمكن أن يظل دافئاً من خلال التحلل الإشعاعي Radioactive decays للعناصر الموجودة في أعماقه».
وقد أشارت عمليات المحاكاة Simulations إلى أن بعض الكواكب الشاردة قد تمتلك ما يلزم لتكون صالحة للحياة، إما في محيطات سائلة تحت قشرتها الخارجية الجليدية أو على السطح إذا تمكنت من الحفاظ على غلاف جوي هيدروجيني سميك لاحتجاز ما يكفي من الحرارة لاستدامة الحياة.
© 2024, New Scientist, Distributed by Tribune Content Agency LLC.