هل تناول اللحوم يزيد بالفعل من خطر الإصابة بداء السكري من النوع الثاني؟
يبدو أن اللحوم الحمراء والمعالجة، وحتى الدواجن، تزيد من خطر الإصابة بداء السكري من النوع الثاني، وفقا لدراسة أجريت على ما يقرب من مليوني شخص بالغ، ولكن الجميع ليسوا مقتنعين بذلك
بقلم كاريسا وونغ
في عالم علوم التغذية Nutrition science دائم التطور والمربك باستمرار، ربطت دراسة جديدة بين تناول اللحوم وزيادة خطر الإصابة بداء السكري من النوع الثاني Type 2 diabetes. وقد رُبطت اللحوم الحمراء والمعالجة Processed على وجه الخصوص بداء السكري من النوع الثاني من قبل، لكن البعض جادل في أن الأدلة ضعيفة. وللحصول على فهم أفضل للوضع، حلَّلت نيتا غاندي فوروهي Nita Gandhi Forouhi من جامعة كيمبريدج University of Cambridge وزملاؤها مجموعة ضخمة من البيانات، وقياس استهلاك اللحوم لدى 1.97 مليون شخص بالغ، تتراوح أعمارهم بين 40 و60 عاماً، والذين شاركوا في مشروعات بحثية حول العالم. ثمَّ ربطوا ذلك بأي تشخيص جديد لداء السكري من النوع الثاني على مدى السنوات العشر المقبلة أو نحو ذلك.
مقابل كل 50 غراماً من اللحوم المُعالجة التي يتم تناولها يومياً، يرتفع خطر الإصابة بداء السكري من النوع الثاني بنسبة %15 في المتوسط، في حين يرتبط تناول 100 غرام إضافية من اللحوم الحمراء غير المُعالجة يومياً بزيادة خطر الإصابة بنسبة %10
وتشير النتائج إلى أنه مقابل كل 50 غراماً من اللحوم المُعالجة التي يتم تناولها يومياً، يرتفع خطر الإصابة بداء السكري من النوع الثاني بنسبة 15% في المتوسط، في حين يرتبط تناول 100 غرام إضافية من اللحوم الحمراء غير المُعالجة يومياً بزيادة خطر الإصابة بنسبة 10%. يقول داريوش مظفّريان Dariush Mozaffarian من جامعة تافتس Tufts University في ماساتشوستس، الذي يشير بأصابع الاتهام بشكل خاص إلى حديد الهيم Heme iron الموجود في اللحوم الحمراء: «هناك الكثير من العوامل البيولوجية التي قد تؤدي إلى ذلك». ويمكن لهذا المعدن أن يرفع مستويات الجزيئات الالتهابية Inflammatory molecules في الجسم التي تسمى أنواع الأكسجين التفاعلية Reactive oxygen species والتي قد تلحق الضرر بخلايا البنكرياس التي تنتج الأنسولين، وهو الهرمون الذي يساعد على التحكم في نسبة السكر بالدم. كما أن تناول كميات كبيرة من الملح، والذي يوجد غالباً في اللحوم المعالجة مثل السلامي، يرتبط أيضاً بداء السكري من النوع الثاني.
في حين أن تحليل فوروهي وزملائها كان كبيراً، فإن الدراسات التي تألف منها لم تكن تجارب عشوائية محكومة Randomised controlled trials، وهي أفضل الأدلة جودة، لذلك لا يمكنها إثبات السبب Cause and effect. واستندت الدراسات أيضاً إلى قيام الأشخاص بالإبلاغ الذاتي عن استهلاكهم للحوم، وهو الأمر الذي يكون دائماً عرضة للأخطاء، كما يقول جون يوانيديس John Ioannidis من جامعة ستانفورد Stanford University في كاليفورنيا. وعلى الرغم من هذه العيوب، فقد ساعد التحليل على إقناع بعض الخبراء.
على الرغم من أن الأدلة قائمة على الملاحظة، فقد عُرِضت «بشكل متكرر ومتسق إلى حد ما»، كما يقول شياو جو Xiao Gu من جامعة هارفارد Harvard University: «أود أن أقول إن الأدلة قوية. لقد قامت هذه الدراسة الجديدة بعمل رائع في تعزيز قاعدة الأدلة».
الوقت الذي يستغرقه تطور حالات مثل داء السكري من النوع الثاني يعني أن التجارب العشوائية المحكومة قد تحتاج على الأرجح إلى فترات متابعة تمتد إلى عقود. فعلى الرغم من أن ذلك غير عملي، إلا أن يوانيديس يقول إن هذه الخطوات مطلوبة قبل أن يتمكن مسؤولو الصحة من تقديم «توصيات قوية» فيما يتعلق بمستوى صحي لاستهلاك اللحوم الحمراء والمعالجة، لكنه يضيف أن النتائج الأخيرة لا تزال «تستحق النظر فيها». يقول دوان ميلور Duane Mellor من جامعة أستون Aston University في برمنغهام بالمملكة المتحدة: «في هذه المرحلة، هناك ارتباط… إلا أن حجم التأثير ليس كبيراً بما يكفي للإشارة إلى العلاقة السببية».
كما ربطت فوروهي وزملاؤها الدواجن بزيادة خطر الإصابة بداء السكري من النوع الثاني. وكما هو الحال مع اللحوم الحمراء، تشير النتائج إلى أنه مقابل كل 100 غرام من الدواجن المُتناولة يومياً، يرتفع الخطر بنسبة 10%.
ويقول كل من مظفّريان وجو وميلور إن الارتباط بالدواجن أقل إقناعاً. لم يكن ذلك متسقاً عبر المجموعات المختلفة المشمولة في التحليل ولم يُشاهد بوضوح في الدراسات السابقة، كما يقول مظفّريان.
وحاول الباحثون حساب العوامل الأخرى التي يمكن أن تؤثر في النتائج، بما في ذلك العمر والجنس والعرق واستهلاك الأطعمة الأخرى. كما يأخذون بالاعتبار مستويات النشاط البدني ومؤشر كتلة الجسم، حيث إن الخمول وزيادة الوزن من عوامل الخطر الرئيسية لداء السكري من النوع الثاني. ومع ذلك، من المحتمل أن تكون هناك عوامل أخرى ذات صلة لم يأخذها الفريق بالاعتبار، كما يقول يوانيديس.
توصي خدمة الصحة الوطنية National Health Service في إنجلترا، بالفعل، بأن يحد الناس من استهلاكهم من اللحوم الحمراء والمعالجة بما لا يزيد على 70 غراماً يومياً. يقول ميلور إن الدراسة الأخيرة «تؤكد نوعاً ما أن المبادئ التوجيهية الغذائية تسير بالفعل على المسار الصحيح». ويقول إن اللحوم الحمراء يمكن أن تكون مصدرا رئيسيا للعناصر الغذائية، مثل فيتامين ب 12 والحديد. يقول: «اللحوم ليست ضرورية لنظام غذائي صحي، ولكن بالنسبة إلى أولئك الذين يستمتعون بتناولها، فإن العلم يدعم تناول كميات متواضعة من اللحوم الحمراء غير المعالجة – ما يصل إلى حصة واحدة في الأسبوع – وتقليل تناول اللحوم المعالجة، أقل من حصة واحدة في الأسبوع»، كما يقول مظفّريان.
© 2024, New Scientist, Distributed by Tribune Content Agency LLC