أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
ملف خاص

ما أفضل وقت لممارسة الرياضة وتحقيق أقصى استفادة من تمرينك؟

قد تكون هناك طرق للتعامل مع الدورات اليومية والشهرية الطبيعية لجسمك للحصول على أقصى قدر من الفوائد من التدريبات وتَجنُّب الإصابة

بقلم ليندا جيديس 

حطَّم يوسين بولت Usain Bolt سجل سباق الـمئة متر في بطولة العالم لألعاب القوى عام 2009 في برلين، في ملعب مُضاء تحت سماء ليلية معتمة.

لم يكن هذا من قبيل المصادفة؛ إذ إن التوقيت مهم عندما يتعلق الأمر بالبراعة الرياضية. بالنسبة إلى الأنشطة التي تعتمد على قوة العضلات المطلقة والقدرة على التحمل، فإن المساء، أو في وقت متأخر من بعد الظهر، هو الوقت الذي تُسَجَّلُ فيه معظم الأرقام القياسية العالمية، ربما لأن بعض المخرجات الفيسيولوجية الرئيسية في الجسم تكون في ذروتها؛ مما يساعد الإنسان على أداء أفضل.

ولكن ماذا عن التمارين اليومية؟ هل هناك وقت مثالي من اليوم، أو الشهر، للحصول على أقصى استفادة من التدريبات وتقليل خطر الإصابة؟

يقول تشينغ جون مينغ Qing-Jun Meng، من جامعة مانشستر University of Manchester في المملكة المتحدة: «بغض النظر عن جانب الرياضة الذي تنظر إليه – سواء كان ذلك في الطب الرياضي أو الاستجابة للتمرين Exercise response – فإن الوقت من اليوم مهم». تصل حرارة الجسم ذروتها في وقت ما بعد الظهيرة المتأخر، أو في المساء؛ مما يؤدي إلى سرعة أكبر في ردود الفعل الأيضية Metabolic reactions، وفي نقل الإشارات العصبية Nerve signal transmission مقارنة بالصباح الباكر. كما أن الأنسجة الضامة Connective tissue تكون أكثر مرونة في فترة ما بعد الظهر، في حين أن احتياطياتنا من الغلايكوجين – وهو مصدر الطاقة الكيميائية الحيوية الذي تعتمد عليه عضلاتنا أثناء التمرين المعتدل إلى المكثف – تكون قد حصلت على فترة كافية لتجديد نفسها.

الإيقاعات اليومية
وتتباين العوامل الفسيولوجية الأخرى Physiological parameters خلال فترة الـ24 ساعة، والتي يمكن أن تكون ذات صلة بالتمرين؛ فمثلًا، يبلغ إفراز هرمون التستوستيرون ذروته في نحو الساعة 9 صباحًا، وتميل قدرتنا على التنسيق Coordination إلى أن تكون أفضل في نحو الساعة 2:30 مساءً، وتكون أوقات رد الفعل Reaction times في أسرع حالاتها في نحو الساعة 3:30 مساءً، وتصل كفاءة القلب والأوعية الدموية Cardiovascular efficiency، وقوة العضلات Muscle، وقوة القبضة Grip strength ذروتها في الساعة 5 إلى 5:30 مساءً.

يقول منغ: «توجد إيقاعات يومية Circadian rhythms في جميع خلايا الجسم تقريبًا، وتنظم هذه الإيقاعات العمليات الرئيسية المتعلقة بالتمرين والتمثيل الغذائي Metabolism. اعتمادًا على الوقت الذي تُمارَس فيه الرياضة، ستكون عضلاتك ودهونك وخلاياك الأخرى أيضًا في حالة مختلفة، وستستجيب لممارسة الرياضة بشكل مختلف».

في 40 % من سباقات السباحة، يكون تأثير الوقت من اليوم أكبر من الفرق بين مَنْ يحصل على المرتبة الأولى ومَنْ تُحلُّ ثانيًّا في السباق

في الواقع، وجدت دراسة حديثة، أجرتها رينسك لوك Renske Lok، من جامعة ستانفورد Stanford University في كاليفورنيا، وزملاؤها أن السباحين الأولمبيين يكونون، في المتوسط، أسرع بأكثر من ثلث ثانية إذا تنافسوا في المساء بدلًا من الصباح. وكتبوا: «في 40% من سباقات [السباحة]، يكون تأثير الوقت من اليوم أكبر من الفرق بين من يحصل على المرتبة الأولى ومَنْ تُحلُّ ثانيًّا في السباق».

بالنسبة إلى الرياضات التي تنطوي على المزيد من المهارات التقنية، مثل التنس أو كرة القدم، تميل ذروة الأداء إلى الوصول في وقت مبكر قليلًا؛ ربما لأن قدراتنا المعرفية Cognitive abilities عادة ما تبلغ ذروتها في وقت متأخر من الصباح، أو في وقت مبكر من بعد الظهر. يتلاعب لاعبو كرة القدم بالكرة ويرفعونها بأكبر قدر من الدقة نحو الساعة 4 مساءً، وتميل ضربات لاعبي التنس إلى أن تكون أسرع في المساء، ولكنها تكون أكثر دقة في الصباح. بالطبع، هذه التوقيتات مبنية على المتوسطات؛ ففي الواقع، فإن مَنْ يطلق عليهم لقب «القُبَّرة» Larks، وهم الأشخاص الذين يميلون للاستيقاظ مبكرًا، ويكونون أكثر نشاطًا في الصباح، سيكونون في أفضل حالاتهم في وقت أبكر، في حين أن مَنْ يُطْلَقُ عليهم «البومة» Owls، وهم الذين ينشطون في المساء، سيصلون إلى ذروتهم في وقت لاحق. 

ما الآثار المترتبة على كل هذا، من حيث كيفية قيام بقيتنا بتوقيت تمريننا؟ في العام الماضي، تفحَّصت فابين بروجيسر Fabienne Bruggisser، من جامعة بازل University of Basel في سويسرا، وزملاؤها الأدلة الموجودة في 26 دراسة سابقة، ووجدوا أن الأدلة
التي تدعم أو تدحض فكرة أن التدريب في وقت محدد يؤدي إلى أداء أفضل، أو تحسين النتائج الصحية، كانت قليلة.

ومع ذلك، وجدوا بعض الأدلة لدعم التدريب في الوقت نفسه من اليوم، كالتمرن من أجل سباق أو منافسة، لتحسين الأداء البدني في هذا الوقت. بمعنى آخر، يحسن التدريب الصباحي الأداء الصباحي أكثر من التدريب المسائي، والعكس صحيح. ومع ذلك، بالنظر إلى أن الدراسات شملت فقط المشاركين الذكور الشباب، يبقى أن نرى ما إذا كانت هذه الاستنتاجات تنطبق على عموم السكان، كما قال المؤلفون.

ساعات بيولوجية
يعتقد مينغ أنه قد تكون هناك عوامل أخرى تجب مراعاتها. بشكل عام، فإنه يدعو إلى ممارسة الرياضة في الصباح – خاصة في الهواء الطلق – لأن هذا يعرض الناس للضوء الساطع؛ مما يساعد على مزامنة Synchronise ساعاتنا البيولوجية Biological clocks مع الوقت من اليوم. تعمل أجسامنا بشكل أفضل عندما تتماشى الساعات في جميع خلايانا وأنسجتنا بعضها مع بعض، ومع الوقت من اليوم.

وحتى لو لم يكن هناك وقت «أفضل» من اليوم للتمرين، فقد يكون هناك وقت لتجنب التمرين. أشارت الأبحاث الحديثة التي أجراها مينغ وزملاؤه إلى أن الآلية الرئيسية للحفاظ على الساعات البيولوجية في عظامنا ومفاصلنا متزامنة مع تلك الموجودة في الأنسجة الأخرى هي ممارسة الرياضة، وأنه إذا تم تشجيع الفئران على ممارسة الرياضة عندما تكون نائمة عادة، فإن هذا يتسبب في اختلاف تزامن ساعاتها الهيكلية مع ساعاتها الدماغية، وهي ظاهرة أطلق عليها مينغ اسم «التفاوت الزمني الهيكلي» Skeletal jet lag.

على الرغم من أن الآثار المترتبة على الإصابة والأداء البدني لدى البشر غير واضحة، فإن المزيد من التجارب على الفئران تشير إلى أن ممارسة الرياضة باستمرار، خلال الوقت الذي يعادل وقت الليل عند الفئران، يؤدي إلى تنشيط الجينات المرتبطة بهشاشة العظام (الفصال العظمي) Osteoarthritis. يقول مينغ: «نظن أنك إذا فعلت ذلك على مدى فترة طويلة من الزمن، فقد يكون ذلك ضارًا حقًا».

© 2024, New Scientist, Distributed by Tribune Content Agency LLC.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

زر الذهاب إلى الأعلى