مفاعل نووي صيني مقاوم للانصهار تمامًا
كان أول عرض شامل على الإطلاق لمفاعل نووي مُصمَّم لتبريد نفسه دون تدخل في حالة الطوارئ ناجحًا؛ ما أظهر أنه من الممكن بناء محطات نووية دون خطر الانصهار الخطير
بقلم أليكس ويلكينس
محطة طاقة نووية ضخمة في الصين هي الأولى من نوعها في العالم من حيث مقاومة الانصهار
محطة طاقة نووية ضخمة في الصين هي الأولى من نوعها في العالم التي تتمتع بمقاومة تامة للانصهارات الخطرة، حتى أثناء الفقدان الكامل للطاقة الخارجية. لا يمكن اعتماد التصميم للمفاعلات النووية الموجودة في معظم أنحاء العالم، ولكن يمكن أن يكون نموذجًا للمفاعلات النووية في المستقبل.
تعتمد جميع محطات الطاقة النووية الحديثة على آليات تبريد تُمدّ بالطاقة لسحب الحرارة الزائدة من المفاعلات، أو على التدخل البشري لإغلاق المحطة في حالة الطوارئ. وغالبًا ما يُستخدم الماء، أو ثاني أكسيد الكربون السائل Liquid Carbon Dioxide كمبردات، لكن عملها يعتمد عادةً على مصادر طاقة خارجية.
إذا فشلت هذه الأنظمة؛ فقد تكون المفاعلات شديدة السخونة؛ ما يؤدي إلى انفجارات أو ارتفاع مفرط في درجة الحرارة، ويتسبب ذلك في ذوبان المحطة حرفيًا نتيجة الحرارة الزائدة. كان هذا أحد العوامل التي سببت حادث فوكوشيما النووي Fukushima nuclear accident في اليابان في عام 2011؛ حيث أدى فقدان أنظمة الطاقة القياسية والطوارئ إلى الانصهار.
لكنّ نوعًا جديدًا نسبيًا من تصاميم المفاعلات النووية، يطلق عليه مفاعل القاعدة الحجرية Pebble-bed Reactor (اختصارًا: المفاعل PBR)، يتميز بأنه آمن سلبيًا Passively Safe، وهذا يعني أنه في حالة انقطاع الطاقة اللازمة لعمل أنظمة التبريد، فإن المفاعل يمكن أن يتوقف عن العمل من تلقاء نفسه. وبدلًا من استخدام قضبان وقود Fuel rods ذات كثافة طاقة عالية، مثل العديد من تصاميم المفاعلات الأخرى، فإن مفاعلات القاعدة الحجرية تستخدم عددًا كبيرًا من «الحصى» Pebbles ذات كثافة طاقة منخفضة كوقود، والتي تحتوي على كمية صغيرة من اليورانيوم Uranium محاطة بالغرافيت Graphite، وهذا من شأنه أن يساعد على إبطاء التفاعل النووي، ومقاومة درجات الحرارة المرتفعة.
يقول تشي دونغ Zhe Dong، من جامعة تسينغهوا Tsinghua، إن كثافة الطاقة المنخفضة هذه تعني أن أي حرارة زائدة سوف تتوزع على كل الحصى، ومن ثم سيكون نقلها بعيدًا باستخدام عمليات التبريد الطبيعية، مثل: التوصيل Conduction، والحمل الحراري Convection أسهل.
وعلى الرغم من بناء نماذج أولية صغيرة للمفاعلات العاملة في ألمانيا والصين، لا يبدو حتى الآن أن أيًّا من المفاعلات النووية ذات القواعد الحجرية تعمل بشكل جيد وآمنة سلبيًا. وقد بيَّن دونغ وزملاؤه أن هذا النظام سيعمل مع محطة نووية فعلية، وهي محطة وحدة المفاعل ذي القاعدة الحجرية عالي الحرارة المبرد بالغاز High-Temperature Gas-Cooled Reactor Pebble-Bed Module (اختصارًا: المفاعل HTR-PM) في شاندونغ.
يقول دونغ: «حتى الآن، لكل مفاعل تجاري باستثناء المفاعل HTR-PM، نظام تبريد طوارئ للنواة. ومع ذلك، ونظرًا للسلامة الكامنة أصلًا، لا يوجد نظام تبريد احتياطي في مفاعلات HTR-PM».
لاختبار هذا المفاعل، الذي صار جاهزًا للتشغيل التجاري في ديسمبر 2023، أوقف دونغ وفريقه وحدتين من المفاعل HTR-PM اللتين كانتا عاملتين بكامل طاقتهما، وقاسوا كيفية انخفاض درجة حرارة الأجزاء المختلفة من المحطة وتتبعوها بعد ذلك. ووجدوا أن وحدة المفاعل HTR-PM بردت بشكل طبيعي، ووصلت إلى درجة حرارة مستقرة في غضون 35 ساعة بعد فصل الطاقة.
يقول ممدوح الشناواني Mamdouh El-Shanawany، الذي عمل سابقًا في الوكالة الدولية للطاقة الذرية International Atomic Energy Agency (اختصارًا: الوكالة IAEA)، إنه من النادر أن يكون من الممكن اختبار محطة طاقة عاملة بالكامل عن طريق إزالة مصدر الطاقة المُبرِّدة. ويضيف أن نظام التبريد الطارئ آمن جدًّا؛ لأنه لا يعتمد على أي تقنية معقدة.
ويضيف الشناواني أن بلدانًا أخرى قد ترغب في النظر في اعتماد هذه التكنولوجيا لمفاعلاتها المستقبلية، ولكننا سنحتاج أولًا إلى قياسات أكثر شمولًا للمحطة أثناء تبريدها، مثل الضغط والقراءات ذات الدقة العالية.
© 2024, New Scientist, Distributed by Tribune Content Agency LLC.