أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
بيئة

تكتسب الأرض الآن حرارة أقل مما كانت عليه منذ عدة سنوات

أدى الارتفاع الأخير في درجات الحرارة إلى مخاوفَ من أنَّ تغيُّرَ المناخ قد يتسارع إلى ما هو أبعد من توقعات النمذجات، لكن الانخفاض في مقدار الحرارة التي تكتسبها الأرض يجعل هذا أقل احتمالًا

بقلم مايكل لو بيج

من المتوقع أن يكون هذا العام هو الأكثر سخونة على الإطلاق؛ حيث سيتجاوز متوسط درجة حرارة سطح الأرض 1.5˚س فوق مستويات ما قبل الصناعة. ولكن هناك بعض الأخبار الجيدة؛ فقد انخفضت الكمية الإجمالية من الطاقة الحرارية التي اكتسبها الكوكب بشكل حاد من ارتفاع قياسي Spike في أوائل العام 2023.

في ذلك الوقت، كانت هناك اقتراحات بأن ارتفاع الحرارة أظهر وجود عيوب خطرة في نمذجات المناخ؛ مما يعني أنها تقلل من تقدير مدى سرعة ارتفاع درجة حرارة الكوكب؛ لكن الانخفاض – منذ ذلك الحين – يجعل هذا أقل احتمالًا بكثير.

يقول بن ساندرسون Ben Sanderson، من مركز سيسرو لأبحاث المناخ الدولية CICERO Center for International Climate Research في أوسلو – النرويج: «نظرًا إلى الطريقة التي تطورت بها الأرقام في العام الماضي، لم يعد يبدو أن هناك أي خطأ كبير في النمذجات؛ لذا فهي لا تعاني مشكلة دراماتيكية، كما قال بعض الناس قبل عام».

نشر غافين شميت Gavin Schmidt، من وكالة ناسا NASA، أحدث بيانات الأقمار الاصطناعية التي تظهر انخفاض الحرارة على مدونة التواصل الاجتماعي بلوسكاي Bluesky. ويقول: «إن النتائج لا تدعم روايات نهاية العالم».

هناك فرق كبير بين تتبع التأثيرات المتزايدة لتغيُّر المناخ Climate change وفقدان الموائل Habitat loss، والاقتناع بفكرة أن كل شيء يخرج عن نطاق السيطرة، ولم تعد لدينا وكالة Agency، ويتابع قائلا: «هذا (في رأيي) غير مُبرَّر».

إن الدراسات الخاصة بـ«الاحتباس الحراري العالمي» Global warming تركز – بشكل طبيعي – على درجة حرارة السطح، والتي تمثل الهواء الذي يرتفع بضعة أمتار فوق الأرض، أو البحر. ولكن هذه الطبقة الرقيقة من الهواء التي نعيش فيها ليست سوى جزء صغير من نظام المناخ الذي يشمل الغلاف الجوي والمحيطات بالكامل.

وللحصول على مقياس مدى ارتفاع درجة حرارة نظام المناخ بالكامل، يمكن لعلماء المناخ النظر في مقدار الطاقة الشمسية التي تدخل الغلاف الجوي للكوكب مقابل مقدار الطاقة التي تخرج منه. ينعكس بعض ضوء الشمس على الفور بواسطة السحب أو الجليد، على سبيل المثال. ويُمتَص الباقي، وقد ينبعث لاحقًا في شكل طاقة حرارية.

إذا انعكس، أو انبعث إلى الفضاء، القدر نفسه من الطاقة التي تصل إلى الغلاف الجوي؛ فإن الكوكب لا يكتسب أي حرارة، ولكن لأن مستويات الغازات المسبِّبة للاحتباس الحراري العالمي المتزايدة تمنع انبعاثات الحرارة؛ فقد اكتسب الكوكب مزيدًا من الحرارة، أكثر مما يفقده في الفضاء. 

منذ العام 2001 تقريبًا، قاس العلماء اختلال توازن الطاقة في الأرض، كما يُعرف هذا الاختلاف، مباشرة بواسطة أدوات على الأقمار الاصطناعية كجزء من مشروع «ناسا» المسمى سيريس CERES. وعلى مدار هذه الفترة، تضاعف متوسط اختلال توازن الطاقة أكثر من الضعف.

يقول نورمان لوب Norman Loeb، من وكالة ناسا، الذي يقود مشروع سيريس: «إنها أعلى من التوقعات مقارنة بالنمذجات».

لكن اختلال التوازن في الطاقة يختلف أيضًا بسبب عوامل مثل ظاهرة إلنينا La Niña وإلنينيو El Niño. يقول لوب إن الارتفاع الكبير في العام 2023 كان نتيجة ظاهرة إلنينا «الثلاثية» Triple-dip النادرة التي استمرت مدة ثلاثة شتاءات.

في أثناء ظاهرة إلنينا، انتشرت مياه المحيط الباردة عبر المحيط الهادي، وامتصت قدرًا أكبر بكثير من الحرارة من الشمس والغلاف الجوي مما تنبعث منه؛ مما يزيد من اختلال التوازن في الطاقة، ثم أفسحت ظاهرة إلنينا المجال لظاهرة إلنينيو؛ حيث انتشرت المياه الدافئة عبر المحيط الهادي Pacific ocean؛ مما أدى إلى انبعاث مزيد من الحرارة، والحد من اختلال التوازن في الطاقة.

وبقدر ما يتعلق الأمر بلوب، فإن الارتفاع في العام 2023، أو الانخفاض منذ تطور ظاهرة إلنينيو، ليس مفاجئًا بشكل خاص.

«لو استمر هذا الارتفاع لكان الأمر يبدو كأن العالم الحقيقي يقوم بشيء لم نره في أي من النمذجات»، كما يقول ساندرسون. «ولكن، كما اتضح بالفعل، كان ارتفاعًا قصيرًا، ونحن نرى ارتفاعات مماثلة في بيانات النموذج أيضًا».

ومع ذلك، يقول إن العديد من الأسئلة لاتزال في حاجة إلى حل، مثلا، يُعتقد أن انخفاض تلوث الهواء في العديد من أجزاء العالم أسهم في ارتفاع اختلال التوازن في الطاقة. تعكس ملوثات الهباء الجوي Aerosol pollutants ضوء الشمس إلى الفضاء؛ لذا فإن التلوث الأقل من الشحن، مثلًا، يسمح لمزيد من ضوء الشمس بالوصول إلى سطح الكوكب، ولكن هناك كثيرًا من عدم اليقين بشأن حجم هذه التأثيرات.

ثم هناك مسألة كيف سيتغير اختلال التوازن في الطاقة في المستقبل. إذا ظلت انبعاثات غازات الدفيئة Greenhouse gases المسبِّبة للاحتباس الحراري العالمي عند المستوى نفسه تقريبًا، بدلاً من الاستمرار في الارتفاع؛ فيجب أن يتوقف اختلال التوازن في الطاقة عن الارتفاع أيضًا، كما يقول ساندرسون.

ويقول لوب إن هناك خطرًا يتمثل في عدم قدرتنا على تحديد ذلك، وذلك لأن عدد الأقمار الاصطناعية التي تحمل أدوات سيريس آخذ في الانخفاض، ولا تُّسْتبدل. ويضيف: «يستغرق الأمر وقتًا طويلًا من وقت بدء العمل على أداة القمر الاصطناعي حتى إطلاقها بالفعل؛ لذا يتعين علينا التخطيط مسبقًا، ولا أعتقد أننا نبلي بلاءً حسنًا في هذا الصدد».

© 2025, New Scientist, Distributed by Tribune Content Agency LLC.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

Back to top button