يمكن للكواكب القريبة من نجومها أن تجعلها تثور بقوة

في كثير من أنظمة الكواكب النجمية Exoplanets التي اكتشفناها إلى الآن، تدور الكواكب الأقرب داخلاً عند مسافة حارقة وقريبة جداً من شموسها كثيراً ما تكون ضمن مسافة عدة أنصاف من قطر النجم فقط. وإن بعضها هو قريب جداً إلى درجة احتوائه فعلياً من قِبل الغلاف الجوي العلوي المتخلخل للنجم ذاته الإكليل Corona. من المتوقع أن يتفاعل مثل هذه الكواكب القريبة بدرجة كبيرة مع المجال المغناطيسي لنجومها، إلى درجة أنها يمكن أن تؤدي إلى إطلاق توهُّجات شمسية Solar flares.

أكملت إيكاترينا إيلين Ekaterina Ilin وزملاؤها في معهد لايبنيز للفيزياء الفلكية بوتسدام Leibniz Institute for Astrophysics Potsdam في ألمانيا أكبرَ بحث منهجي عن مثل هذه الأحداث. تحدث التوهُّجات تلك الزيادات قصيرة الأجل ولكن الشديدة في سطوع النجم بسبب الإطلاق المفاجئ للطاقة من المجال المغناطيسي الملتوي للنجم. عادة ما تحدث هذه الانفجارات بنحو عشوائي، لكن الباحثين اعتقدوا أنه إذا كان الكوكب القريب يتفاعل مغناطيسياً بالفعل مع نجمه، فيجب أن يكون هناك نمط يمكن اكتشافه في توقيت حدوث التوهُّجات. ومن نقطة رصدنا، سنرى تجمعاً منتظماً من التوهجات عندما يكون الكوكب في جزء معين من مداره.

لجأت إيلين وفريقها إلى القائمة الضخمة من البيانات التي أنشأها التلسكوبان الفضائيان كبلر Kepler وتيس TESS (مسبار مسح الكواكب النجمية العابرة أمام نجومها). صُمم هذان التلسكوبان للبحث عن الكواكب النجمية، لكن قياسهما المتكرر والدقيق للسطوع المتغير لأعداد كبيرة من النجوم يُعَد مثالياً أيضاً لاكتشاف التوهُّجات. وبصورة منهجية بحث العلماء في سجلات الأرشيف هذه عن علامات توهج أكثر من 1,800 نجم تُعرَف بوجود كوكب قريب منها، وهو ما يمثل أكثر من نصف جميع أنظمة الكواكب النجمية المعروفة. عموماً جمعوا فهرساً يضم 1,169 توهُّجاً مُفرداً في 92 نظاماً كوكبياً. ثم ركزوا على النجوم الـ 25 التي لاحظوا فيها ما لا يقل عن ثلاثة توهُّجات نشطة، وحلَّلوا توقيتها إحصائياً لمعرفة ما إذا كانت متجمعة بتزامُن مع مدار الكوكب الأقرب داخلاً إلى النجم، بدلاً من توزُّعها بصورة متجانسة.

”لقد وجدوا نظاماً يحتوي على مجموعة بارزة من التوهُّجات النارية. يحتضن النجم HIP 67522 كوكب ’مشتري حار‘ في مدار قريب جداً مدته 7 أيام فقط“

لم يُظهر معظم النجوم التي اختزلوا عددها أيَّ دليل على تجمع لتوهُّجات نارية ولكن هذا هو ما يمكن توقعه، لأن الأمر يتطلب وضعاً خاصاً جداً ليحدث هناك تفاعل مغناطيسي قوي بين الكوكب ونجمه. ومع ذلك فقد وجدوا نظاماً واحداً يحتوي على مجموعة بارزة من التوهُّجات، هو النجم HIP 67522. إنه نجم شبيه بالشمس حديث التشكُّل، يبعد مسافة 415 سنة ضوئية تقريباً في الكوكبة قنطورس Centaurus، وهو يحتضن كوكب ”مشتري حار“ Hot Jupiter في مدار قريب جداً منه، بمدة مدارية تبلغ 7 أيام فقط. يقول الفريق إن هذا الكوكب الفتي الحار هو المرشح الواعد إلى الآن ليكون كوكباً يحظى بتفاعل مغناطيسي قوي مع نجمه يؤدي إلى حدوث توهُّجات نارية.

ما زالت هذه النتائج أولية، لكنها تشير إلى أن التلسكوب TESS يواصل جمع بيانات عالية الدقة، وسينضم إليه في العام 2026 التلسكوب الفضائي بليتو (أفلاطون) PLATO. يقول الفريق إنه بعد جمع بيانات أكثر، ستكون الإحصائيات واضحة بما يكفي لتأكيد هذا الاكتشاف. ولكن بالنسبة إليَّ، فقد كان هذا البحث واحداً من تلك الأبحاث التي تثير الخيال حقاً: احتمال وجود كوكب نجمي تحرقه شمسه، مما يؤدي إلى حدوث تيارات من التوهُّجات الهائلة التي تندلع من سطح نجمه في أثناء مروره قربه.