حدود البحث عن سبب
حدود البحث عن سبب(*)
إن الجمع بين أفكار القرن السابع عشر المتعلقة
بالتعقيد(1) والعشوائية(2) ونظرية المعلومات الحديثة يقتضي
استحالة وجود «نظرية كل شيء»(3) للرياضيات.
<G.تشايتِين>
في عام 1956، نشرت مجلة ساينتفيك أمريكان مقالة كتبها <E.ناگيل> و<R.J.نيومان> بعنوان «برهان گوديل»(4). وبعد ذلك بعامين، نشر هذان المؤلفان كتابا بالعنوان نفسه. لقد كان عملا رائعا حقا، ويشهد على ذلك أنه يُطبع حتى الآن. وحينذاك لم أكن قد بلغت بعد سن المراهقة، ومع ذلك استحوذ هذا الكتاب الصغير على جميع أفكاري. ومازلت أذكر الرعشة التي انتابتني عندما اكتشفته في مكتبة نيويورك العامة. بعد ذلك، صرت أصحبه معي دائما، وأحاول شرح محتواه لغيري من الأطفال.
لقد فتنني هذا الكتاب لأن <K.گوديل> استعمل علم الرياضيات ليبين أن للرياضيات نفسها حدودا لا يمكن تجاوزها، مفندا بذلك إعلان <D.هِلْبَرْت> قبل نحو قرن من الزمان، الذي ادّعى فيه وجود ما يُسمى «نظرية كل شيء للرياضيات»، أي وجود مجموعة منتهية finite من المبادئ، التي يمكن الانطلاق منها من دون جهد عقلي يذكر، لاستنتاج جميع الحقائق الرياضياتية، وذلك باتباع منظومة طويلة ومملة من قواعد المنطق الرمزي(5). لكن <گوديل> برهن على أن الرياضيات تتضمن دعاوى statements حقيقية لا يمكن إثباتها بتلك الطريقة. وقد بنى استنتاجه على مُحَيِّرَتَيْن paradoxes ذاتيتي الإسناد(6) هما: «هذه الدعوى خاطئة» و«هذه الدعوى غير قابلة للإثبات.»(7)
لقد استغرقت محاولتي لفهم برهان گوديل حياتي كلها. والآن، وبعد نصف قرن من الزمان، نَشَرْتُ كتيّبا في هذا الموضوع. وأستطيع الادعاء أنه، إلى حد ما، صياغتي الخاصة لمضمون كتاب <ناگل> و<نيومان>؛ لكنه لا يركّز على برهان گوديل. الشيئان المشتركان الوحيدان بين هذين الكتابين هما حجمهما الصغير وهدفهما الذي يتجلّى في نقد الطرائق الرياضياتية.
نظرة إجمالية/ التعقيد غير القابل للاختزال(**)
العدد أوميگا معرَّف تماما [انظر الإطار في الصفحة 6]، وله قيمة محدّدة، ومع ذلك لا يمكن حسابه بوساطة أي برنامج حاسوبي منته. توحي خاصيات أوميگا بأنه يتعين على علماء الرياضيات صوغ مسلَّمات جديدة، بطريقة شبيهة بالطريقة التي يتبعها الفيزيائيون في تقييم النتائج ووضع قوانين أساسية لا يمكن إثباتها منطقيا. إن النتائجَ المنسوبة إلى أوميگا مؤسَّسة على مفهوم المعلومات الخوارزمية. وقد تنبأ<W.G.لايبنتز> |
وخلافا لطريقة <گوديل> في معالجة الموضوع، تستند طريقتي إلى قياس المعلومات وتبيان أن بعض الحقائق الرياضياتية غير قابلة للضغطincompressible في نظرية بسبب تعقيدها الشديد. وتوحي هذه الطريقة الجديدة أن ما اكتشفه گوديل كان قمة الجبل الجليدي، بمعنى أن ثمة عددا غير منتهٍ من المبرهنات theorems الرياضياتية الصحيحة التي لا يمكن إثباتها انطلاقا من أي منظومة منتهية من المسلّمات axioms.
التعقيد والقوانين العلمية(***)
تبدأ قصتي سنة 1686 التي نشر فيها <W.G.لايبنتز> مقالة فلسفية بعنوانDiscours de métaphysique (حديثُ الميتافيزيقا)، ناقش فيها كيف يمكن للمرء التمييز بين الحقائقِ التي يمكن وصفُها بقانون ما، وتلك الحقائقِ الشاذة التي لا تُستنتَج من أيِّ قانونٍ. وتَرِدُ فكرة <لايبنتز>، البالغة البساطة والعمق، في الفصل الرابع من كتابه، حيث يذكر أن النظرية يجب أن تكون أبسط من البيانات التي تفسِّرها، وإلاّ لَمَا فَسَّرَت النظريةُ أيَّ شيء. فمفهوم قانونٍ ما يصبح خاليًا من المضمون إذا سُمِحَ بوجود تعقيد رياضياتي شديد، لأن مثل هذا التعقيد يجعلنا قادرين دائما على بناء قانون بصرف النظر عن كمِّ العشوائية والخلوّ من النمطية(8) التي تتسم بها البيانات. وبالعكس، فإذا كان القانون الوحيد الذي يفسّر بعض البيانات بالغَ التعقيد، كانت البيانات في الحقيقة متمردة على القوانين.
إن وجود أوميگا (Ω) ـ وهو عدد معين معرَّف جيدا لا يُمكن حسابُه باستعمال أيِّ برنامج حاسوبي ـ يقضي على الآمال التي تصبو إلى رياضيات تامة complete تشمل كل شيء، وتُعْزَى فيها صحةُ كلِّ حقيقة صحيحة إلى سبب ما. |
وفي هذه الأيام تُقَدَّم فكرتا التعقيد والبساطة بمصطلحات كمية دقيقة بوساطة فرع حديث من الرياضيات يسمى نظرية المعلومات الخوارزميّة(9). وفي نظرية المعلومات العادية تُكَمَّمُ المعلومات بطرح السؤال عن عدد البتَّات bitsاللازمة لتكويد encode المعلومات. وعلى سبيل المثال، نحتاج إلى بتة واحدة لترميز إجابة واحدة: نعم/لا. وفي المقابل، تُحَدَّدُ المعلومةُ الخوارزميةُ تبعا لحجم البرنامج الحاسوبي اللازم لتوليد البيانات. وأقلُّ عدد من البتاتِِ ـ طول متتالية الأصفار والواحدات ـ يلزم لخزن البرنامج يسمى محتوى المعلومة الخوارزمية من البيانات(10). وهكذا، فللمتتالية غير المنتهية من الأعداد …,1,2,3. معلومة خوارزمية صغيرة جدا، إذ يمكن لبرنامج حاسوبي قصير جدا، أن يولّد هذه الأعداد جميعها. وليس المهم طول البرنامج اللازم لإجراء الحسابات، ولا حجم الذاكرة التي عليه استعمالها ـ إذ المهم هو طول البرنامج بالبتات. (أتجاوز هنا السؤال عن نوع لغة البرمجة المستعملة في كتابة البرنامج ـ فالتعريف الصارم يتطلب تحديد اللغة بدقة، ذلك أن لغات البرمجة المختلفة تولّد قيما مختلفة إلى حد ما، لمحتوى المعلومة الخوارزمية.)
وإليكم مثالا آخر: للعدد النيبري… 3.14159 = π. أيضا محتوى معلومة خوارزمية صغير، لأن بالإمكان برمجة خوارزمية قصيرة نسبيا في حاسوب لحساب رقم تلو آخر. وفي المقابل، فإن لعدد عشوائي مكون من مليون رقم فقط، وليكن 64 …1.341285، محتوى معلومة خوارزمية أكبر بكثير. وبسبب افتقار هذا العدد إلى نمط محدِّد، فإن أقصر برنامج لإخراجه سيكون بطول العدد نفسه:
Begin
Print “1.341285…64”
End
[جميع الأرقام الموجودة بين الرقمين 5 و 6 محتواة في البرنامج.] وليس بإمكان أي برنامج أصغر حساب متتالية الأرقام تلك. وبعبارة أخرى، إن مثل هذا الدّفق من الأرقام غير قابل للضغط؛ وأفضل ما يمكننا عمله هو نقلها مباشرة. ويقال عن هذه الأرقام إنها غير قابلة للاختزال(11)، أو عشوائية خوارزميا(12).
طريقة تعيين أوميگا(****) لتعرفَ كيفيةَ تحديد قيمة العدد أوميگا، انظر إلى المثال المبسّط التالي: لنفترض أن للحاسوب الذي نتعامل معه ثلاثة فقط من البرامج التي تتوقف، وهي متتالية البتات الثلاث 110، 11100، 11110. وحجوم هذه البرامج هي، على التوالي، 3، 5،5 بتة. فإذا كنا نختار البرامج عشوائيا بطريقة نَقْفِ قطعة نقدية في الهواء لكلِّ بتة، فإن احتمال الحصول على كلٍّ منها مصادفة هو بالضبط 23/1 , 25/1 و 25/1، لأن احتمال ظهور كل بتة يساوي 2/1. لذا فإن قيمة أوميگا [احتمال التوقف] لهذا الحاسوب بالذات تعطى بالمعادلة التي تعطي قيمة أوميگا وهي: 00110. = 00001. + 00001. + 001. = 25/1 + 25/1 + 23/1 = Ω
|
تُرى، كيف ترتبط مثل هذه الأفكار بالقوانين والحقائق العلمية؟ والجواب هو توفير نظرة برمجية إلى العلم: فالنظرة العلمية تشبه برنامجا حاسوبيا يتنبأ بملاحظاتنا، أي بالبيانات التجريبية. وثمة مبدآن أساسيان يعبِّران عن وجهة النظر هذه. يتجلى المبدأ الأول، كما لاحظ <W.أوف أوكام>، في أنه إذا قُدِّمَتْ نظريتان تفسّران البيانات، فإن أبسطهما هي المفضلة (موس أوكام)(13)، أي إن أصغر برنامج يحسب الملاحظات هو النظرية الفضلى. أما المبدأ الآخر، فهو رؤية<لايبنتز> التي يمكن صوغها بالمصطلحات الحديثة كما يلي: إذا كان حجم نظرية بالبتات هو نفس حجم بتات البيانات التي تفسرها، فلا قيمة للنظرية، لأنه عندئذ يكون حتى لأكثر البيانات عشوائية نظرية بالحجم نفسه. والنظرية المفيدة هي ضغط للبيانات؛ وأنت تضغط الأشياء في برامج حاسوبية، في وصفات خوارزمية موجزة. وكلما ازدادت النظرية سهولة، تحسّن فهمنا لما تنصّ عليه.
تحددُ المعلوماتُ الخوارزميةُ حجمَ البرنامج الحاسوبي الضروري لتوليد مُخرج معيّن. إن للعدد 9 قدرا قليلا من المعلومات الخوارزميّة لأنه يمكن توليده بوساطة برنامج قصير. وللعدد العشوائي قدر كبير من المعلومات الخوارزميّة؛ وأفضل ما يمكن عمله هو إدخال العدد نفسه. ويصح هذا الإجراء في حالة العدد أوميگا. |
السبب الكافي(*****)
مع أن <لايبنتز> عاش قبل 250 عامًا من ابتكار البرنامج الحاسوبي، فقد اقترب كثيرا من الفكرة المعاصرة للمعلومات الخوارزمية، إذ كانت لديه جميع العناصر الرئيسية لهذه الفكرة، لكنه لم يربطها معا قطّ. فكان يعرف أن من الممكن تمثيل كل شيء بمعلومة ثنائية(14)، وقد بنى إحدى أولى الآلات الحاسبة، وكان يقدّر قوةَ الحاسبات حقَّ قدْرها، وناقش موضوع التعقيد والعشوائية.
ولو تسنّى لـ<لايبنتز> وضعُ هذه الأشياء في بوتقة واحدة، فلربما تمكّن من التصدي لواحد من الأركان الأساسية للفلسفة، وهو مبدأ السبب الكافي، الذي ينص على أن حدوث أي شيء يُعزى إلى سببٍ ما. يضاف إلى ذلك أنه إذا كان شيء ما صحيحًا، فإن صحته لابد أن تُعْزَى إلى سبب ما. وقد يصعب أحيانا تصديق ذلك، نتيجة ما يعتري حياتنا اليومية من فوضى وشواش(15)، ونتيجة المد والجزر اللذيْن يطرآن على التاريخ البشري. بيد أنه حتى لو لم يكن بمقدورنا دائما رؤية سبب (ربما لأن ذلك يتطلب إجراء سلسلة من المحاكمات العقلية الطويلة والحاذقة)، فإن الله، كما أكّد <لايبنتز>، قادر على رؤية السبب. السبب موجود! وفي هذا كان <لايبنتز> على وفاق مع الإغريق الذين كانوا أول من قدم هذه الفكرة.
وبالطبع، يؤمن الرياضياتيون بالسبب وبمبدأ <لايبنتز> في السبب الكافي، لأنهم يسعون دائما إلى البرهان على أي شيء. وبصرف النظر عن مقدار الأدلة المقدمة لإثبات صحة مبرهنة، حتى لو كان هناك ملايين من الأمثلة التي تدعم ـ صحتها، فإن الرياضياتيين يتطلبون حلا للحالة العامة، ولن يرضيهم شيء أقلّ من ذلك.
وهذا هو المجال الذي يمكن فيه لمفهوم المعلومات الخوارزميّة أن تقدّم إسهامها المثير المفاجئ في الحوار الفلسفي المتعلق بمناهل المعرفة وحدودها، إذ يبين هذا المفهوم أن ثمة حقائق رياضياتيّة تكون صحيحة من دون سبب، وهذا كشف يعارض مبدأ السبب الكافي.
وفي الحقيقة، وكما سأوضح لاحقا، فقد تبيّن أن عددًا غير منته من الحقائق الرياضياتية غير قابل للاختزال، وهذا يعني عدم وجود نظرية تفسّر سببَ كونها صحيحة. وهذه الحقائق ليست غير قابلة للاختزال حسابياcomputationally فحسب، ذلك أنها غير قابلة للاختزال منطقيا أيضا. والسبيل الوحيد «لإثبات» هذه الحقائق هو افتراضُها مباشرة مسلّمات جديدة من دون إيراد حجج على ذلك مطلقا.
إن مفهوم «المسلّمة» يرتبط ارتباطا وثيقا بفكرة عدم قابلية الاختزال المنطقي. فالمسلّمات هي حقائق رياضياتية نقبلها ولا نحاول إثباتها انطلاقًا من مبادئ أبسط منها. وتُبْنَى جميع النظريات الرياضياتية على مسلّمات، ثم يجري استنباط نتائج منها تسمى مبرهنات theorems. وهذا ما فعله إقليدس في الإسكندرية قبل ألفي سنة. وما رسالته في علم الهندسة geometry ـ التي سماها الأصول ـ إلا نموذج تقليدي (كلاسيّ) للإجراءات الرياضياتية.
وفي اليونان القديمة، إذا كنت تريد إقناع مواطنيك ليصوتوا معك على أمرٍ ما، وجب عليك أن تجري معهم محاكمات منطقية ـ وإنني أخمّن أنّ هذا النهج هو الذي جعل اليونانيين يتوصّلون إلى الفكرة التي مفادها أنه، في الرياضيات، يتعين عليك البرهان على الأشياء بدلا من أن تقوم بمجرد اكتشافها تجريبيا. وفي المقابل، يبدو أن الحضارات التي سبقت الحضارة اليونانية ـ حضارات بلاد ما بين النهرين ومصر ـ كانت تعتمد على التجربة. ومن المؤكد أن استعمال المحاكمات المنطقية كان نهجًا جدَّ مفيد، وهو الذي أدى إلى الرياضيات الحديثة والفيزياء الرياضياتية وجميع ما يرتبط بها، بما في ذلك تقانة بناء تلك الآلة الرياضياتيّة المنطقية جيدا، ألا وهي الحاسوب.
تُرى، هل ما أقوله هو أن هذا النهج الذي ظلت تسلكه العلوم والرياضيات طوال أكثر من ألفي سنة آخذ في التداعي والانهيار؟ نعم، هذا ما أريد قوله إلى حد ما. وسأختار مثالي المعاكس counlerexample، الذي يوضح القوة المحدودة للمنطق والعقل، من مجموعة غير منتهية من الحقائق الرياضياتية غير القابلة للإثبات. هذا المثال هو العدد الذي أسميه أوميگا Omega.
العدد أوميگا(******)
جاءت أول خطوة على الطريق إلى أوميگا من بحث شهير نُشِر بعد 250 عاما بالضبط من نشر مقالة <لايبنتز>. ففي عام 1936 ،
|
وفي عدد من مجلة الجمعية الرياضياتية اللندنية(16) بدأ<M.A.تورينگ>(17) عصر الحواسيب بتقديمه نموذجًا رياضياتيًا لحاسوب رقمي بسيط، غير مصمم لغرض خاص، وقابل للبرمجة. وقد طرح تورينگ حينذاك مسألة عما إذا كان بمقدورنا أن نحدِّدَ ما إذا كان برنامج حاسوبي سيتوقف في وقت من الأوقات أو لا. وهذه هي مسألة التوقف الشهيرة لتورينگ(18).
وبالطبع، فعندما تشغِّل برنامجًا، يمكنك أن تكتشف في نهاية المطاف أنه يتوقف إذا توقف فعلا. والمشكلة ـ وهي مشكلة أساسية جدا ـ هي أن تقرر متى تُوقِفُ برنامجًا لا يتوقف. يمكن حل هذه المسألة في عدد كبير من الحالات الخاصة، لكن <تورينگ> بيّن أن تقديم حل عام لها شيء مستحيل. فليس من الممكن بتاتًا أن تحدد لنا خوارزميّة، أو نظرية رياضياتية البرامجَ التي تتوقف، وتلك التي لا تتوقف(19). وبالمناسبة، عندما أقول «برنامج» بالمصطلحات الحديثة، فأنا أعني تسلسل البرنامج الحاسوبي والبيانات التي تُقْرَأُ بوساطة البرنامج.
الخطوة التالية في الطريق إلى العدد أوميگا هي النظر في مجموعة كل البرامج الممكنة. فهل سيتوقف في وقت ما برنامج اختِيرَ عشوائيا؟ احتمال حدوث ذلك هو العدد الذي سميته أوميگا. أولا، عليّ أن أحدد طريقة أخذ برنامج عشوائيا. البرنامج هو، ببساطة، سلسلة من البتات، لذا أََنْقُفُ قطعة نقدية في الهواء لتحدد قيمة كل بتة. ولتحديد طول سلسلة البتات التي يتألف منها البرنامج، تَابِعْ نَقْفَكَ للقطعة النقدية مادام الحاسوب يطلب بتة أخرى للإدخال. أوميگا هو بالضبط احتمال توقف الحاسوب أخيرا بعد تزويده بدفق stream من البتات العشوائية بهذه الطريقة. (وتتوقف القيمة العددية الدقيقة لأوميگا على اختيار لغة برمجة الحاسوب، لكن الخاصيات المدهشة لأوميگا لا تتأثر بهذا الاختيار. وما إن تختار لغةً، فإنك تجد قيمة محدّدة لأوميگا، تمامًا مثل π أو العدد 3).
|
إن نظرية علمية هي مثل برنامج حاسوبي يتنبأ بملاحظتنا للكون. والنظرية من القوانين والمعادلات، يمكن حساب عوالم البيانات بأكملها.
وبسبب كون أوميگا احتمالا، يجب أن يكون أكبر من 0 وأصغر من 1، لأن بعض البرامج يتوقف وبعضها الآخر لا يفعل ذلك. تَصَوَّرْ كتابةَ أوميگا بالنظام الثنائي(20). عندئذ تحصل على شيء ما من قبيل …0.1110100 وتكوّن هذه البتات بعد الفاصلة العشرية دفقًا غير قابل للاختزال من البتات، وما هذا الدفق إلاّ حقائقنا الرياضياتية غير القابلة للاختزال (وكل واحدة من هذه الحقائق هي البتة 0 أو البتة 1).
من الممكن تحديد أوميگا بمجموع غير منتهٍ، وكل برنامج من N بتة من النمط الذي يتوقفُ، يُكَوِّنُ بالضبط N2/1 من هذا المجموع [انظر الإطار في الصفحة 6]. وبعبارة أخرى، فكل برنامج ذي N بتة ويتوقف، يضيف 1 إلى البتة التي ترتيبهاN في النشر الثنائي لأوميگا. فإذا ضَمَمْتَ جميعَ بتّات جميع البرامج التي تتوقف، حَصَلْتَ على القيمة الدقيقة لأوميگا. قد يجعلك هذا الوصفُ تعتقد أنك قادر على حساب أوميگا بدقة، مثلما تفعل عند حسابك للجذر التربيعي للعدد 2، أو حسابك للعدد ππ . لكن الأمر ليس كذلك ـ فمع أن أوميگا مُعَرَّفَة تماما، وأنها عدد محَدَّد، غير أنّ من المستحيل حسابها بدقة تامة.
يمكننا التوثق من أن أوميگا تستعصي على الحساب لأن معرفة أوميگا ستمكّننا من حل مسألة تورينگ في التوقف، لكننا نعرف أن هذه المسألة غير قابلة للحل. وبعبارة أكثر تحديدًا، فإن معرفة أول N بتة في أوميگا ستمكّنك من توكيد، أو نفي، ما إذا كان كل برنامج يصل حجمه إلى N بتة سيتوقف في وقت من الأوقات [انظر الإطار في هذه الصفحة]. ويترتب على هذا أنك تحتاج إلى برنامج حجمه N بتة على الأقل لحساب N بتة من أوميگا.
ما السبب في كون العدد أوميگا غير قابل للضغط؟(*******) أريدُ إثبات أنّ أوميگا غيرُ قابل للضغط ـ أي إننا لا نستطيع استعمال برنامج حجمه أصغر كثيرا من N بتة لحساب بتات أوميگا الأولى التي عددهاN. يتضمن الإثبات مجموعة دقيقة من الحقائق المتعلقة بالعدد أوميگا ومسألة تورينگ في التوقف المتصلة به اتصالا وثيقا. وسأستفيد من الحقيقة القائلة بأن مسألة التوقف للبرامج التي يصل طولها إلى N بتة لا يمكن حلها ببرنامج طوله أقل منN بتة [انظر:WWW.sciam.com/ontheweb]. واستراتيجيتي في البرهان على أن أوميگا غير قابل للضغط هي تبيان أنه إذا توافرت لدينا بتات أوميگا الأولى التي عددها N، فإنها تنبئني بكيفية حلِّ مسألة تورينگ في التوقف للبرامج التي يصل طولها إلى N بتة. ويترتب على هذه النتيجة أنه لا يمكن لأي برنامج طوله أقل من N بتة حساب بتات أوميگا التي عددهاN. [لو وُجد برنامج من هذا القبيل، لأمكنني استعماله لحساب بتات أوميگا الأولى التي عددها N، ثم استعمال تلك البتات لحل مسألة تورينگ حتى N بتة ـ وهذه مهمة مستحيلة لمثل هذا البرنامج القصير]. سنرى الآن كيف أن معرفة N بتة من أوميگا تمكِّنني من حل مسألة التوقف ـ لتحديد تلك البرامج التي تتوقف ـ وبالنسبة إلى جميع البرامج التي يصل حجمها إلىN بتة. سنعمل ذلك بإجراء الحسابات على مراحل. نختار العدد الصحيح K لتمييز المرحلة التي نحن فيها: …,K = 1,2,3. في المرحلة K ، نشغِّلُ البرامج وصولاً إلى تلك التي حجمهاKبتة مدة K ثانية. بعد ذلك نحسب احتمالاً للتوقف سنسميه أوميگا(ΩK) ، استنادًا إلى جميع البرامج التي تتوقف بحلول المرحلة K. سيكون ΩK أقلّ من أوميگا لأنه يستند فقط إلى مجموعة جزئية من جميع البرامج التي سوف تتوقف في النهاية، على حين أن أوميگا يستند إلى جميع البرامج. ومع تزايد K ، تصبح قيمة ΩK أقرب فأقرب إلى القيمة الحقيقية لأوميگا. وعند اقترابها من القيمة الحقيقة لأوميگا، ستكون البتات الأولى لΩK مضبوطة أكثر فأكثر ـ وهذا نفس ما يحدث للبتات المقابلة لأوميگا. وعندما تصبح البتات الأولى التي عددها N مضبوطة، فأنت تعرف أنك قابلت جميع البرامج التي تتوقف وصولا إلى تلك التي حجمها N بتة [لو كان ثمة برنامج آخر حجمهN بتة، ففي مرحلة قادمة K، سيتوقف هذا البرنامج، وهذا يزيد من قيمة ΩK لتصبح أكبر من أوميگا، وهذا مستحيل.]
لكننا نعرف، كما سبق وذكرنا، أن مثل هذه البرامج ليس لها وجود، ومن ثم فإن أولN بتة في أوميگا تتطلب لحسابها برنامجا طوله N بتة تقريبًا. وهذا جيد تماما لوصف العدد أوميگا بأنه غير قابل للضغط أو غير قابل للاختزال. [إن ضغطN بتة ليصبح عددها N بتة تقريبا ليس شيئا جوهريا عندما يكون العددN كبيرًا.] <.G.C> |
لاحظ أنني لم أقل إن من المستحيل حساب بعض أرقام أوميگا. وعلى سبيل المثال، إذا كنا نعرف أن البرامج الحاسوبية 0 ، 10 ، 110، تتوقف جميعها، فإننا سنعرف أن الأرقام الأولى لأوميگا هي 0.111. والنقطة الأساسية هي أن الأرقام الأولى التي عددها N في أوميگا لا يمكن حسابها باستعمال برنامج أقصر بكثير من برنامج طوله N بتة.
تمثال للعالم <W.G.لايبنتز> مُقامٌ في مدينة لايبزيگ بألمانيا. لقد تنبأ <لايبنتز> بكثير من سمات نظرية المعلومات الخوارزمية الحديثة قبل أكثر من 300 عام. |
أهم شيء هو أن أوميگا تزوّدنا بعدد غير منته من هذه البتّات غير القابلة للاختزال. وفي حال أي برنامج منتهٍ، مهما بلغ طوله ببلايين البتات، نجد عددا غير منته من البتات التي لا يستطيع البرنامج حسابها. وإذا كان لدينا أي مجموعة منتهية من المسلَّمات، وجدنا عددا غير منته من الحقائق غير قابلة للبرهان استنادا إلى ذلك النظام من المسلَّمات.
وبسبب كون أوميگا غير قابل للاختزال، فمن الممكن الاستنتاج مباشرة استحالة وجود «نظرية كلّ شيء» للرياضيات بأجمعها. إن عددا غير منته من بتات أوميگا تكوّن حقائق رياضياتية (سواء أكانت كل بتة 0 أم 1) لا يمكن استخلاصها من أي مبادئ أبسط من متتالية البتات نفسها. لذا تتسم الرياضيات بتعقيد غير منته، في حين تتسم أي «نظرية كل شيء» بمفردها بتعقيد منته فقط، ولا يمكنها أن تعبّر عن الغنى الكلّيّ لعالم الحقيقة الرياضيّاتية بأكمله.
لا تعني هذه النتيجة أن البراهين ليست شيئا جيدا. وبالطبع، فأنا لست مناهضًا لإعمال العقل. فمجرد كون بعض الأشياء غير قابلة للاختزال، لا يعني أنه يتعين علينا التوقف عن إعمال العقل. لقد كانت المبادئ غير القابلة للاختزال ـ المسلَّمات ـ دائما جزءا من الرياضيات. وما تبيّنه أوميگا أنه يوجد من مثل هذه المبادئ قدر أكبر بكثير مما كان يُعتقد.
لذا ربما كان يتعين على الرياضياتيين ألاّ يحاولوا إثبات كل شيء. وأحيانا، يجب عليهم إضافة مسلَّمات جديدة، وهذا ما ينبغي عليك عمله إذا ووجهتَ بحقائق غير قابلة للاختزال. وتكمن المشكلة هنا في التوثق من أنها غير قابلة للاختزال! وإلى حد ما، فإن القول بأن شيئا ما غير قابلٍ للاختزال يعني التوقف عن معالجته والقول بأن من المستحيل البرهان عليه. لكن علماء الرياضيات لا يفعلون ذلك البتة، وهم في ذلك يختلفون اختلافا جذريا مع زملائهم من الفيزيائيين، الذين يسعدهم أن يكونوا ذرائعيين (براگماتيين)، وأن يستعملوا محاكمة منطقية مقبولة بدلا من تقديم برهان صارم ودقيق. وتَحْدُو الفيزيائيين رغبة في إضافة مبادئ جديدة ـ قوانين علمية جديدة ـ لفهم حقول تجريبية جديدة. وهذا يجعلني أطرح ما أظنه سؤالا مثيرا جدا للاهتمام هو: هل الرياضيات مثل الفيزياء؟
الرياضيات والفيزياء(********)
تمثل أوميگا جزءا من الرياضيات يصعب فهمه إلى حد ما. إن برنامجا حاسوبيًا منتهيا يسمح بإظهار عدد منته فقط من أرقام أوميگا، أما الأرقام المتبقية فتظل مبهمة |
وجهة النظر التقليدية السائدة هي أن الرياضيات والفيزياء علمان مختلفان تماما. فالفيزياء تقدم وصفا للعالَم، وتعتمد على التجربة والملاحظة. والقوانين الخاصة التي تحكم العالَم ـ سواء أكانت قوانين نيوتن في الحركة أم النموذج المعياري(21) في فيزياء الجسيمات ـ يجب تعيينها تجريبيا، ثم وضعها بوصفها مسلّمات لا يمكن البرهان عليها منطقيا، إذ يكفي التحقق منها بالتجربة.
وفي المقابل، فإن الرياضيات مستقلة إلى حد ما عن العالم. فنتائجها ومبرهناتها، كتلك التي تحدد خاصيات الأعداد الصحيحة والأعداد الحقيقية، لاتعتمد بأي حال من الأحوال على الطبيعة الخاصة للواقع الذي نعيشه، فالحقائق الرياضياتية صحيحة في أي عالَم.
ومع ذلك، ثمة تشابه بين الفيزياء والرياضيات. ففي الفيزياء، بل وفي العلوم عامة، يضغط العلماءُ ملاحظاتِهِمُ التجريبيةَ في قوانينَ علمية. وبعد ذلك، يبيّنون كيف أن هذه الملاحظات يمكن استنتاجها من هذه القوانين. وفي الرياضيات أيضا يحدث شيء من هذا القبيل ـ إذ يضغط علماءُ الرياضيات تجاربَهم الحسابيّةَ في مسلَّمات رياضياتية، ثم يبيّنون كيف يمكن استنتاجُ المبرهناتِ من هذه المسلَّمات.
ولو كان <هلبرت> على حق، لكانت الرياضيات نظاما مغلقا لا متَّسع فيه لأفكار جديدة، أي لكان ثمة نظرية سكونية مغلقة لكل شيء وللرياضيات جميعها، ولكان هذا أشبه بالدكتاتورية. بيد أنه إذا كان للرياضيات أن تتقدم، فنحن بحاجة في الحقيقة إلى أفكار جديدة ومجال واسع للإبداع. ولا يكفي في ذلك أن نستخرج آليا جميع النتائج الممكنة لعدد مثبت من المبادئ الأساسية. فأنا أفضّل أكثر وجودَ نظام مفتوح، ولا أحبّ طرائقَ التفكير المتسلطة(22).
ثمة شخص آخر ظن أن الرياضيات مثل الفيزياء هو <I.لاكاتوس> الذي غادر المجر عام 1956 وعمل في وقت لاحق بإنكلترا في مجال فلسفة العلم. وهناك جاد<لاكاتوس> بمصطلح عظيم أسماه «شبه تجريبي»(23)، وهو يعني أنه على الرغم من عدم وجود تجاربَ حقيقية يمكن إجراؤها في الرياضيات، فهناك شيء ما شبيهٌ بذلك يحدث في هذا العلم. فمثلا، تنصّ مخمّنة گولدباخ Goldbach conjecture على أن من الممكن التعبير عن أي عدد زوجي أكبر من 2 بمجموع عددين أوَّلِيَّيْن. وقد جرى التوصل إلى هذه المخمنة تجريبيا وذلك بالتحقق من أنها صحيحة لكل عدد زوجي يخطر بالبال. وهذه المخمنة لم تثبت صحتها حتى الآن، لكن جرى التثبّت من صحتها حتى العدد 1014.
وأظن أن الرياضيات شبه تجريبية. وبكلمات أخرى، أشعر بأن الرياضيات مختلفة عن الفيزياء (التي هي علم تجريبي تماما)، لكن هذا الاختلاف قد لا يكون بالقدر الذي يظنه معظم الناس.
لقد عشتُ في عَالَمَيِ الرياضياتِ والفيزياءِ كليهما، ولم أظن في أيّ وقت وجودَ اختلاف واسع بين هذين الميدانين. والاختلاف يكمن في الدرجة وفي التوكيد، لكنه ليس اختلافا مطلقا. وعلى الرغم من كل ما يقال، فقد تطورت الرياضيات والفيزياء معا، ويجب على العاملين في الرياضيات ألاّ يعزلوا أنفسهم عن الآخرين، وألاّ يَنْأَوا بأنفسهم عن المناهل الغنية للأفكار الجديدة.
مسلَّمات رياضياتية جديدة(*********)
إن فكرة إضافة مزيد من المسلمات ليست فكرة غريبة على علم الرياضيات. وثمة مثال مشهور على ذلك هو مسلَّمة التوازي في الهندسة الإقليدية التي تنص على أنه إذا كانت نقطة غيرَ واقعة على خط مستقيم، فيوجد مستقيم واحد فقط يمرّ بالنقطةِ ولا يقطع بتاتا المستقيمَ الأصليَّ. لقد أمضى علماء الهندسة قرونا وهم يفكرون فيما إذا كان من الممكن البرهان على تلك النتيجة باستعمال بقية مسلمات إقليدس، لكنهم لم ينجحوا في ذلك. وأخيرا، أدرك الرياضياتيون أن بمقدورهم إحلالَ مسَّلمات مختلفة محلَّ المسلَّمةِ الإقليديّةِ، وهذا أسفر عن استحداثِ الهندسات اللاإقليديةnon-Euclidean gemoetryللفضاءات المنحنية، مثل سطح الكرة أو سطح سرج الفرس.
وثمة أمثلة أخرى هي قانون المنتصف المستثنى(24) في المنطق ومسلّمة الاختيار(25) في نظرية المجموعات. ويَسْعَدُ معظم الرياضياتيين بالإفادة من تلك المسلّمات في براهينهم، على حين لا يحبذ آخرون ذلك، مفضّلين ما يسمى المنطق الحدسي(26) أو الرياضيات الإنشائية(27). فالرياضيات ليست بنية ذات كيان واحد منفرد لحقيقة مطلقة.
وثمة مسلمة أخرى مثيرة جدًا للاهتمام هي المخمّنة «P لا يساويNP،» حيثP و NP اسمان لصنفين من المسائل. فالمسألة التي تنتمي إلى الصنفNP تتصف بأنه عندما يُقْتَرَحُ حلّ لها، فمن الممكن التحقق من صحتِه بسرعة. فمثلا، إذا أخذنا المسألة التالية «أوجد عوامل العدد 8633»، فمن الممكن التحقق بسرعة من صحّة الحل المقترح وهو «97، 89»، وذلك بضرب هذين العددين. (ثمة تعريف تقني لكلمة «بسرعة»، لكن تفصيلاته غير مهمة هنا.) أما المسألة التي تنتمي إلى الصنفP، فهي مسألة يمكن حلّها بسرعة حتى في حال عدم تقديم حل لها. والسؤال هو ـ ولا أحد يعرف جوابه ـ هل كل مسألة من الصنف NP يمكن أن تحل بسرعة؟ (أي هل توجد طريقة سريعة لإيجاد عاملي8633؟) وبعبارة أخرى، هل الصنف P هو نفس الصنفNP؟ هذه إحدى المسائل التي تنتمي إلى قائمة المسائل(28) التي تُقَدَّم جائزةٌ قدرها مليون دولار إلى كلِّ من يحلُّ إحداها.
وعلى نطاق واسع، يعتقد علماء الحاسوب بأن P لا يساويNP، لكن لم يُقَدَّمْ حتى الآن برهان على ذلك. وقد يقول قائل إن ثمة عددا كبيرا من الأدلة شبه التجريبية يشير إلى أن P لا يساوي NP. إذًا، هل يجب اعتماد الدعوى «P لا يساويNP» بوصفها مسلّمة؟ الواقع أن هذا ما فعله العاملون في علم الحاسوب. وثمة علاقة وثيقة بهذا الموضوع تتجلى في أمْنِ أنظمة تعمية(29) معينة تُسْتَعْمَلُ في جميع أنحاء العالم. ومن المعتقد أن تكون هذه الأنظمة منيعة على الاختراق، لكنْ ما من أحد يستطيع إثبات ذلك.
الرياضيات التجريبية(**********)
ثمة مجال آخر للتشابه بين الرياضيات والفيزياء، ألا وهو الرياضيات التجريبية، ونعني بها اكتشافَ نتائجَ رياضياتية جديدة عن طريق النظر إلى كثير من الأمثلة باستعمال حاسوب أو غير ذلك. ومع أن إقناع هذه الطريقة لا يرقى إلى درجة إقناع برهان قصير، إلاّ أنها يمكن أن تكون أكثر إقناعا من برهان بالغ التعقيد والطول، ثم إنها كافية تماما في تحقيق بعض الأغراض.
في الماضي، كان يجري بحماس شديد دفاع عن هذه الطريقة من قِبَلِ كلٍّ من<G.پوليا> و<لاكاتوس>، وهما من المؤمنين بالتعليمِ الذي يجعل الطلبة يتوصلون إلى معرفة الأشياء بأنفسهم، وبالطبيعةِ شبهِ التجريبيةِ للرياضيات. وقد مارس هذا النهجَ وسوّغه أيضا <S. ولفرام> في كتابه بعنوانA New Kind of Science، الذي ألفه عام2002.
قد تكون العمليات الحاسوبية المطوّلة مقنعة جدا، لكنها هل تجعل البرهان شيئًا غير ضروري؟ الجواب نعم و لا. وفي الحقيقة، فإنها توفّر نوعًا مختلفًا من البيّنات. وفي الحالات المهمة، فإني أحاجُّ في أن هذين النوعين من البيّنات كليهما مطلوبان، لأن البراهين قد تكون خاطئة. وبالعكس، فقد تصاب الأبحاث الحاسوبية بحظّ سيئ، إذ تتوقف مباشرةً قبل مقابلة مثال معاكس يثبت بطلان النتيجة المخمَّنة.
هذه المواضيع جميعها مثيرة للفضول، لكنها مازالت مستعصية على الحل. وفي هذا العام(2006) ، الذي يوافق مرور50 عاما على نشر مجلة ساينتفيك أمريكان مقالة عن برهان گوديل، فمازلنا لا نعرف ما لعدم التمام incompleteness من أهمية بالغة. نحن لا نعرف ما إذا كان عدم التمام ينبئنا بأن الرياضيات يجب أن تُمارَسَ بطريقة مختلفة إلى حدٍّ ما. وربما يتسنّى لنا معرفةُ الجواب بعد خمسين سنة أخرى.
المؤلف
Gregory Chaitin
باحث في مركز بحوث<J.T.واطسون> التابع للشركة IBM. وهو، أيضا، أستاذ فخري في جامعة بوينس آيرس، وأستاذ زائر في جامعة أوكلند. وقد أسس مع <N.Aَ.ْكلمَاگورَف> نظرية المعلومات الخوارزمية. وتشمل كتبه التسعة البحثين غيرَ التَّخَصُّصِيَّيْنِ: محادثات مع رياضياتيّ Conversations with a Mathematician. والرياضيات المترفِّعة! !Meta Math المنشورين في عامي 2002 و 2005 على التوالي.
مراجع للاستزادة
For a chepter Leibniz, see Men of Mathematics.E.T.Bell.Reissue.Touchstone,1986
For more one a quasi-empirical view of math, see New Directions in the philsophy of mathematics. Edited by thomas tymoczko. Princeton University Press.1998
Gödel’s Proof. Revised edition. E.Nagel, J.R. Newman and D.R. Hofstadter.New York University Press.2002
Mathematics by Experiment: Plausible Reasoning in the 21 st Century.J. Borwein and D.Bailey.A.K. Peters,2004
For Gödel as aphilosopher and the Gödel-Leibniz connection, see Incompleteness: The Proof and Paradox of Kurt Gödel. Rebecca Goldstein. W.W.Nortorn, 2005
Meta Math!: The Quest for Omega. Gregory Chaitin . Pantheon Books, 2005
Short biographies of mathematicians can be found at www-history.mcs.st-andrews.ac.uk/BiogIndex.html
Gergory Chaitin’s home page is www.umcs.maine.edu/ ~chaitin
(*) THE LIMITS OF REASON
(**) Overview / Irreducible Complexity
(***) Complexity and Scientific Laws
(****) How Omega Is Defined
(*****) Sufficient Reason
(******) The Number Omega
(*******) Why Is Omega Incompressible
(********)Mathematics and Physics
(*********)New Mathematical Axioms
(**********) Experimental Mathematics
(1) complexity
(2) randomness
(3) theory of everything
(4) Gödel’s Proof [انظر: «گوديل وحدود المنطق»،مجلة العلوم ، العدد10 (2001)، ص 40].
(5)symbolic logic
(6) self-referential أو «فيها إحالة إلى الذات».
(7) [لمعرفة المزيد عن «نظرية گوديل في عدم التمام» Gödel’s incompleteness theorem انظر: www.sciam.com/ontheweb].
(8) patternless
(9) algorithmic information theory
(10) the algorithmic information content of the data
(11) irreducible
(12) algorithmically random
(13) Occam’s razor
(14) binary information
(15) choas
(16) Proceedings of the London Mathematical Society
(17) انظر: «أفكار آلان تورينگ المنسية في علم الحاسوب»مجلة العلوم، 1العدد (2000) ص 20.
(18) Turing’s famous halting problem
(19) للاطلاع على برهان حديث لمسألة تورينگ، انظر WWW.sciam.com/ontheweb
(20) binary system
(21) Standard Model
(22) authoritarian
(23) quasi – empirica
(24) excluded middle
(25) axiom of choice
(26) intuitionist logic
(27) constructive mathematics
(28) Turing’s famous halting problem
(29) cryptographic systems