استبدال جينات مستهدَفة
استبدال جينات مستهدَفة
وسع الباحثين حاليا الحصول على فئران
تحمل جينا طافرا مُختارا. وتعد هذه التقانة
ثورة حقيقية في دراسة بيولوجيا الثدييات.
<R .M. كاپيتشي>
تمتلك نواة كل خلية من خلايا جسمنا دليل تعليمات (معلومات) يحدِّد وظيفة الخلية. وعلى الرغم من أن كل خلية تمتلك الدليل نفسه، فإن الأنماط الخلوية المختلفة (كالخلايا الكبدية والجلدية مثلا) تستعمل أجزاء مختلفة من هذا الدليل في وضع تفاصيل وظائفها. ولعل أكثر الأمور إعجازا احتواء هذا الدليل على معلومات تسمح للجنين ذي الخلية الواحدة (البيضة المُخَصَّبَة) بأن يصبح جنينا، ومن ثم طفلا وليدا. ومع أن الطفل يتنامى في نضجه الجسدي والعقلي، فإنه يستمر في استعمال المعلومات الموجودة في دليل التعليمات. وعلى الرغم من أن كلا منا متفرد في كينونته، فإن دليل التعليمات يتباين فيما بيننا تباينا ضئيلا، محدِّدًا معظم السمات الجسدية وكثرة من الخصائص السلوكية التي تميز الواحد منا عن الآخر كأفراد.
إن هذا الدليل الاستثنائي (الذي يُعْرف عادة بالجينوم) مكتوب بأربعة أحرف تمثل كامل أبجديته، وتتمثل بنكليوتيدات: الأدينيلات (A)، والسيتيديلات (C)، والگوانيلات (G)، والتيميديلات (T). إن التسلسل الدقيق للنكليوتيدات في الدناDNA هو الذي يعين المعلومات مثلما يُعَيِّن تسلسل الأحرف في كلمة ما معنى هذه الكلمة. ويتم في كل انقسام خلوي تضاعف الدليل بكامله بحيث تحوي كل من الخليتين الابنتين نسخة كاملة من دليل الخلية الأم. ويتألف هذا الدليل في كل من الإنسان والفأر من ثلاثة بلايين نكليوتيد. فإذا ما تمت كتابة الأحرف (الممثلة للنكليوتيدات) بتتال معين بحيث تحوي الصفحة الواحدة ثلاثة آلاف حرف، فإن الدليل سيتألف حينئذ من ألف مجلد، وسيشتمل المجلد الواحد على ألف صفحة. ويدل هذا على أن الأمر يقتضي دليلا غاية في التعقيد، تتناغم فقراته وتتكامل كي تكوِّن البيضةُ المخصبة إنسانا أو فأرا.
لقد طورتُ مؤخرا مع زملائي (في جامعة يوتا) تقنية يحدث بوساطتها تغيير نوعي في حرف أو جملة أو فقرات عدة من دليل تعليمات كل خلية من خلايا الفأر. فبإعادة كتابة أجزاء من الدليل، وتقويم النتائج المترتبة على التعليمات المحورة فيما يتعلق بتنامي الفأر أو بوظائف ما بعد تناميه، يمكننا عندئذ التعمق في فهم البرنامج الذي يتحكم في هذه السيرورات processes.
والجينات هي الوحدات الوظيفية في دليل التعليمات. فبتغييرنا لتسلسل النكليوتيدات الخاص بجين نقوم نحن باختياره، فإننا نبدل وظيفة هذا الجين. ومثال ذلك أننا إذا اشتبهنا بأن لجين معين علاقة بتنامي دماغ الفأر، فبوسعنا الحصول على أجنة مُعطَّل knocked out فيها الجين السوي، أي تم إبطال مفعوله كليا. فإذا ما أدى هذا الإبطال إلى تشوه المخيخ في الفئران الوليدة، فإننا سندرك آنئذ أن الجين المستهدف أساسي لتشكل ذلك الجزء من الدماغ. ولقد أُطلق على عملية إدخال تغييرات نوعية في تسلسل نكليوتيدات جين بعينه تعبير الاستهداف الجيني gene targeting.
ويُفترض أن يفيد الإنسان من معظم تجارب الاستهداف الجيني التي أجريت على الفئران، ذلك أن ما يزيد في تقديرنا على 99% من جينات الإنسان تتماثل مع جينات الفأر، وتؤدي الغايات نفسها تقريبا. ولقد أدى تطبيق هذه التقانة على الفأر إلى إيضاح ليس فقط الخطوات التي يحدث وفقا لها تنامي جنين الإنسان بل أيضا السبل التي يسلكها جهازنا المناعي أثناء تشكله وطرائق مكافحته للخَمَج(1). كما أن على الاستهداف الجيني أن يخطو إلى ما هو أبعد من ذلك، مفسرا ألغازا تتعلق بكيفية عمل الدماغ وكيف تؤدي العيوب الجينية إلى
نشوء الأمراض. وعلى بحوث المستقبل أن تؤدي إلى إنتاج نماذج فأرية لاضطرابات بشرية معينة، كالتليف الكيسي cystic fibrosis والسرطان وتصلب الشرايين العصيدي atherosclerosis.
يمكن إحداث الطفرة المستهدفة في جين مختار (مُنتخَب) من جينات الخلية بغرز نسخ طافرة من هذا الجين (الشرائط الخضر والذهبية في أقصى اليسار) في الخلايا بحيث يتاح لنسخة واحدة بأن تحل مكان النسخة الأصل الصحيحة (الشدفة الذهبية في أقصى اليمين) في الصبغي (الكروموسوم) وتساعد هذه الخلايا المحوّرة الباحثين على إنتاج فئران تحمل طفرات جينية نوعية. إن إحداث الاضطراب المتمثل بالذيل الملتوي وبخلل توازني سمعي لواحد من هذه الفئران (في الأعلى)، قاد إلى الاكتشاف بأن الجين المتأثر يسهم في تنامي كل من الذيل والأذن. |
ويستمد الاستهداف الجيني إثارته من نطاق آخر أيضا. فهو يَعِد بتعميق المعارف المتولدة من مشروع الجينوم. ويهدف هذا المشروع ذو الشمولية الأوسع إلى تعيين تسلسل نكليوتيدات كل جين في جينوم كل من الفأر والإنسان (نحو200000 جين لكل منهما). ولا نعرف حاليا إلا وظائف نسبة ضئيلة جدا من جينات كلا النوعين. إن التسلسل النكليوتيدي لجين ما يحدد الحموض الأمينية التي ستترابط معا ليشكل تتاليها بروتينا معينا. ومعلوم أن البروتينات هي التي تنجز معظم فاعليات الخلية. ويقدم تسلسل الحموض الأمينية في جزيء البروتين معلومات هامة عن دور هذا الجزيء في الخلية، أي فيما إذا كان يعمل كإنزيم أو كمكون بنيوي خلوي أو كجزيء إشاري. بيد أن التسلسل لا يكشف بمفرده عن الوظيفة الخاصة التي على البروتين أن ينجزها خلال حياة الكائن الحي. وبالمقابل، فبوسع الاستهداف الجيني أن يوفر هذه المعلومة، الأمر الذي يجعل فهمنا لوظائف الجينات ولبروتيناتها أكثر عمقا.
كيف يُنجَز استبدال الجينات المستهدَفة في الخلايا المزروعة
1- يحور الباحثون نسخا من الجين (الشريطة في أقصى اليسار) في أنبوب الاختبار لإنتاج ما يعرف بالناقل الهادف ـ المستهدِف ـ (الشريطة المطوَّلة). لقد تم إبطال الجين الموضح هنا بغرز الجين neor (الأخضر) في منطقة تكويد البروتين (الأزرق). وسيعمل الجين neor فيما بعد كواسمة تدل على أن ناقل الدنا DNA قد انجبل في أحد الصبغيات (الكروموسومات). ولقد تمت هندسة الناقل أيضا على نحو يحمل فيه واسمة ثانية في إحدى نهايتيه هي جين كيناز التيميدين tk (الأحمر). ومع أن هاتين الواسمتين تعدان معياريتين، فإنه يمكن استعمال واسمات أخرى عوضا عنهما. 2 – وما إن يكتمل بناء الناقل مع واسمتيه ثنائيتي الغرض حتى يُدخَل في الخلايا (الرمادي) التي عُزلت من جنين الفأر. 3 – إذا سارت الأمور كلها بنجاح، فإن التأشيب المماثل homologous recombination يتم أيضا (في الأعلى): يصطف الناقل مباشرة إثر الجين السوي (الهدف) على صبغي من صبغيات الخلية بحيث تصطف المناطق المثيلة متعاقبة الواحدة تلو الأخرى. وتتوضع عندئذ هذه المناطق المتعاقبة والمحمولة على الناقل (ومعها أي دنا موجود بينها) مكان الجين الأصل، مخلفة وراءها الواسمة الموجودة في القمة (الأحمر). ومع ذلك، ففي كثرة من الخلايا ينغرز الناقل كاملا مع واسمته الإضافية عشوائيا في أحد الصبغيات (في الوسط)، أو لا يتكامل على الإطلاق (في الأسفل). 4 – وبغية عزل خلايا تحمل الطفرة المستهدفة، وضع الباحثون الخلايا كلها في وسط يحوي عقارين انتقائيين (منتخبين)، هما في هذه الحالة مضاهئ النيوميسين المعروف بالرمز G418والگانسيكلوڤير. إن العقار G418 مميت للخلايا ما لم تحوِ الجين neor بشكله الوظيفي، وهكذا فإن هذا العقار يقضي على الخلايا التي لم يحدث فيها تكامل الدنا الناقل (الرمادي). وفي أثناء ذلك يقتل الگانسيكلوڤير أي خلية تحوي الجين tk، مستبعدا بذلك الخلايا التي كاملت الناقل بطريقة عشوائية (الأحمر). ونتيجة لذلك، فإن الخلايا التي ستبقى حية وتتكاثر هي عمليا الخلايا التي تحمل الغرز المستهدف (الأخضر). |
ويقدم الاستهداف الجيني للباحثين طريقة جديدة في دراسة وراثيات الثدييات، حيث يحدد كيف تتوسط الجينات السيرورات (العمليات) البيولوجية المختلفة. وتنبثق الحاجة إلى هذه التقنية من أن ملاءمة الطرائق التقليدية في علم الوراثة لدراسة كائنات حية معقدة تعقيد الثدييات لم تكن أمرا سهلا، علما بأن هذه الطرائق حققت نجاحات واسعة في تحليل السيرورات البيولوجية للكائنات الحية البسيطة.
فإذا ما رغب الوراثيون (علماء الوراثة) في فهم الطريقة التي يلجأ إليها كائن حي وحيد الخلية (كالبكتيرة أو الخميرة) في تنسيخ مادته الوراثية (أي الدنا الخاص به)، فبوسعهم تعريض بلايين أو أكثر من هذه الأحياء إلى مادة كيميائية مؤذية (مطفِّرة mutagen). فإذا ما أحسنوا اختيار جرعة المطفر، فإن بإمكانهم أن يضمنوا أن كل كائن من هذه الكائنات الحية سيحمل طفرة واحدة أو أكثر في جين أو في بضعة جينات. وبوسع الوراثيين عندئذ أن يعثروا ضمن هذه الجمهرة الطافرة من البكتيريا أو الخميرة على أفراد غير قادرة على تنسيخ الدنا الخاص بها. إن استعمال هذه الجمهرة الكبيرة من الأفراد الطافرة سيتيح افتراضيا العثور على أفراد يحمل كل واحد منها طفرة واحدة في كل جين من الجينات المسؤولة عن تنسخ الدنا. وتجدر الإشارة هنا إلى أن سيرورةً معقدةً كهذه تؤدي إلى تضاعف جينوم البكتيرة أو الخميرة، يحتاج إنجازُها إلى أكثر من مئة جين. وما إن يتم تعيين هوية كل جين من هذه الجينات حتى يغدو بالإمكان تحديد دور كل منها في تنسخ الدنا، أي يتم تعرُّف الجين الذي يقرر نسخ الدنا وذلك الذي يضبط دقة النَّسْخ وسرعته، وهكذا.
لقد تم تطبيق مقاربات approache مشابهة على كائنات حية عديدة الخلايا أشد تعقيدا من البكتيريا والخميرة. ويحبذ الوراثيون العمل على دودة صغيرة تقطن التربة هي السيانورابتديتس إليگانس Caenorhabditis elegans، وعلى ذبابة الفاكهة المعروفة: دروسوفيلا ميلانوگاستر Drosophila melanogaster. ولكن حتى فيما يتعلق بهذين الكائنين عديدي الخلايا اللذين لهما تعضٍّ بسيط نسبيا، فإن تعرف الجينات كلها ذات الصلة بسيرورة بيولوجية نوعية يتطلب مقاربات (أساليب) أشد تعقيدا.
ويسهم عدد من العوامل في خلق هذه الصعوبات المتزايدة، أحدها هو حجم الجينوم. فجينوم بكتيرة الإشريكية القولونية Escherichia coli يتألف من ثلاثة آلاف جين فقط، في حين أن هذا الرقم يصبح على الأقل عشرين ألفا في ذبابة الفاكهة (الدروسوفيلا ميلانوگاستر). أما جينوم الفأر فإنه يحوي عشرة أضعاف عدد جينات ذبابة الفاكهة. وتترافق هذه الإضافات الجينية مع زيادات في التعقيد، ذلك أن الجينات تشكل مزيدا من الشبكات ذات التآثرات (التفاعلات)interaction المعقدة. إن اقتفاء تأثير أي من هذه الجينات في شبكة وظيفية معينة سيشكل مهمة شاقة جدا.
كما أن الحجم الكبير للكائنات العديدة الخلايا يحدّ عمليا عدد الأفراد التي يمكن استعمالها في تجارب التطفير (توليد المطفر) mutagenesis. وإنه لمن السهل وغير المكلف تقصي وجود طوافر نوعية بين بليون بكتيرة أو خلية خمائرية، في حين أن تقَصّيًا لمئة ألف ذبابة فاكهة مطفرة سيشكل تجربة ضخمة. وبالمقارنة، فإن الحدود العملية لكشف مسحي للفئران بحثا عن طفرة معينة لا تتجاوز ألف فأر تقريبا.
وتتزايد المصاعب الإجرائية في تعرّف جينات الكائنات الحية العديدة الخلايا ودراستها تزايدا إضافيا إذا علمنا أن لمعظمها صيغة صبغية (كروموسومية) مضاعفة، أي إن خلاياها تحوي نسختين عن معظم الجينات، نسخة ورثت من الأب وأخرى من الأم. إن وجود نسختين من الجين الواحد هو أمر مفيد فيما يتعلق بمتطلبات البقاء (البُقْيا). فإذا ما أصيبت إحدى النسختين بطفرة مؤذية، فإن النسخة الأخرى تقوم عادة بمعاوضة مجدية، الأمر الذي يستبعد العواقب اللامأمونة. بيد أن وجود النسخة الفائضة يعني أن حدوث الطفرة الضارة سيستثير عيبا تشريحيا أو فسيولوجيا في الكائن الحي، فقط عندما تصيب هذه الطفرة كلتا النسختين. وبوسع الباحثين إنتاج أفراد من هذا النمط بمزاوجة فردين يحمل كل منهما نسخة طافرة من النسختين. إن ربع الأنسال offspringتقريبا الناتجة من هذا التزاوج سيحمل نسختي الجين كلتيهما بحالة معيبة. وبدهي أن الحاجة إلى إجراء المزاوجة تستدعي تأخيرا في تحليل النتائج.
وعلى الرغم من هذه التحديات، فإن تعرف طفرات منتقاة من الأفراد الحيوانية الكاملة هو بلا ريب الوسيلة الأغنى بالمعطيات والخاصة بإيضاح المراحل التي يمر بها إنجاز السيرورة (العملية) البيولوجية وبفصل هذه المراحل بعضها عن بعض. أضف إلى ذلك أننا إذا ما رغبنا في فهم سيرورات لا تتم إلا في كائنات حية معقدة، كبناء استجابة مناعية متطورة، فإن علينا متابعة هذه الدراسة التحليلية في الكائنات الحية نفسها. إن هذه الأسباب بالذات هي التي جعلت الوراثيين المهتمين بتنامي الثدييات وبوظائفها العصبية وباستجاباتها المناعية وبالعلاقة بين الفيسولوجيا (علم وظائف الأعضاء) والمرض، أن يتجهوا إلى الفأر. فالفأر، من وجهة نظرهم، هو ثديي مثالي. إنه صغير الحجم، يتنامى بسرعة، ويقوم فيما يتعلق بمعظم السيرورات البيولوجية البشرية مقامَ مُماثلٍ (نظير) متميز في مضاهاته.
ومن جهة أخرى، فإن هامش المنابلة manipulation الجينية التي يمكن إجراؤها في الفأر هو هامش ضيق جدا إذا ما قورن بما هو متاح في الكائنات الحية الأبسط. وبسبب هذه العوائق التي أتينا على وصفها، فإنه ليس من العملي تطبيق التقنيات التقليدية على الفأر. فإذا ما رغب الباحثون في تعرف فئران مطفرة تحمل عيوبا في جينات ذات علاقة بسيرورة بيولوجية، فإن عليهم أن يتفحصوا ما بين عشرة آلاف إلى مئة ألف فأر بكلفة تفوق أي تصور. وعوضا عن ذلك، فإن الوراثيين (علماء الوراثة) المتخصصين في الفئران عمدوا تاريخيا إلى دراسة الحيوانات الطافرة عفويا في مستعمراتها. وبفضل الملاحظات الحادة والمثابرة الدؤوبة لهؤلاء الوراثيين فإن المجموعة الحالية للفئران الطافرة مدهشة في حجمها، وتشكل معينا للبحث لا ينضب.
ولكن على الرغم من ندرتها الشديدة، فإن هذه الحيوانات الطافرة لا تفي تماما بما هو مطلوب. فالمجموعة الحالية لا تحوي عينات عشوائية من طفرات جينوم الفأر. إنها تحوي، على الأصح، أعدادا غير متكافئة من الطفرات التي تؤدي إلى شذوذات سهلة الملاحظة تتناول الوظائف أو السلوك. وكنتيجة لذلك، فإن المجموعة تحوي كثرة من الطفرات التي تناولت لون الفرو، في حين أن الطفرات التي تؤثر في التنامي المبكر غير ممثلة على الإطلاق، ذلك أنها غالبا ما تسبب موت الجنين على نحو غير ملحوظ.
وفوق هذا وذاك، فإن مهمة عزل جينات مسؤولة عن عيوب واضحة في الفئران الطافرة هي عمل مكثف شاق، غالبا ما يحتاج إلى سنوات من الجهد المنظم. ومع أنه بوسع الباحثين استنتاج مراحل كثيرة تشتمل عليها ظاهرة بيولوجية معينة من دون أن يتعرفوا الجين نفسه، فإن عدم عزل (استفراد) هذا الجين يحول دون التقدم على المستوى الجزيئي. فالباحثون، والحالة هذه، لا يستطيعون تحديد طبيعة البروتينات التي تكوِّدها encode الجينات الطافرة، كما أنه ليس بإمكانهم تعرف الخلايا التي تكون فيها هذه الجينات بحالة فاعلة.
كيف يُنجَز استبدال الجينات المستهدَفة في الفئران
1 – تعزل الخلايا التي تعرف بالخلايا الجنينية الجذعية المصدر (ES) (الأخضر في أقصى اليسار) من ذرية (سلالة) فأر بني اللون، وتحَّور (وفقا للتقنية الموصوفة بالشكل في الصفحتين 22 و 23) لتحمل طفرة مستهدفة في أحد الصبغيات (في الدائرة المكبرة). تفرز عندئذ الخلايا ES في أجنة فتية (مُثِّل واحد منها هنا). ويحبذ الباحثون استعمال لون فراء الفئران الصغار التي ستولد كدليل على بقاء الخلايا ES حية في الجنين. ولهذا، فهم يقومون عادة بوضع الخلايا ES في الأجنة بحيث يؤدي غيابها إلى اكتساب هذه الأجنة فروا أسود. ويتم الحصول على هذه الأجنة من ذرية سوداء (في الأسفل مباشرة) يعوزها الجين أگوتي. إن الجين أگوتي يسبب تلون الفرو بالبني حتى ولو وجدت نسخة واحدة منه في الخلية.
2 – إلى أن تتم ولادتها، تتنامى الأجنة المحتوية على الخلايا ES في أمهات بديلة. ويتفحص الباحثون عندئذ فراء الفئران حديثة الولادة. فالتظليل البني المتمازج بالأسود يشير إلى أن الخلايا ES قد بقيت حية وتكاثرت في فأر من الفئران. وتعرف هذه الأفراد بالفئران الخَيْمَر (الكايميرا) chimeras لأنها تحتوي على خلايا اشتقت من ذريتين فأريتين مختلفتين. وبالمقابل، فإن اللون الأسود القاتم يشير إلى أن الخلايا ES قد ماتت.
3 – تُزاوج الذكور الخيمر مع إناث سوداوات (لا يحملن الجين أگوتي). ويقوم الباحثون بعدئذ بتقصي النسل (النتاج) progeny بحثا عن طفرة مستهدفة (الأخضر في الدائرة المكبرة) في الجين المعني، فيستبعدون مباشرة الفئران السود، أما إذا ولد الفأر من نطفة (أَخصبتْ بيضة) صنعت من الخلايا ES ـ أي تحتوي احتماليا على الطفرة المختارة ـ فإن الفأر سيكون بني اللون. ويكشف الفحص المباشر لجينات الفئران البنية عن الحيوان (المؤطر) الذي ورث الطفرة المستهدفة.
4 – تُزاوج فيما بينها الذكور والإناث التي تحمل الطفرة لتلد فئرانا تحمل خلاياها الطفرة المنتقاة في كلتا نسختي الجين المستهدف (في الدائرة المكبرة) فيعوزها إذًا الجين الوظيفي. ويتم التعرف بصورة نهائية على تلك الحيوانات (المؤطَّرة) بالتحليل المباشر للدنا الخاص بها. يُجرى بعد ذلك فحص دقيق لهذه الفئران بحثا عن أي شذوذات جسدية أو سلوكية.
ويتيح الاستهداف الجيني للباحثين تجاوز تلك المصاعب. وبوسعهم الآن اختيار الجين الذي سيتم تحويره alteration. كما أنهم يتحكمون عمليا تحكما تاما في الكيفية التي سيحوَّر وفقها هذا الجين، كما أن بمقدورهم تجديد مواصفات الطفرة المرغوب فيها بحيث تجيب عن أسئلة محددة تماما وذلك فيما يتعلق بوظيفة الجين. وتقوم المعايير التي يتم وفقًا لها انتقاء الجين الذي سيُطفَّر، على المعارف التي تم الحصول عليها من الفئران أو من أنواع أخرى. فعلى سبيل المثال يمكن الآن إجراء عزلٍ مباشرٍ تقريبا لسلسلة من الجينات التي تكون نشيطة أثناء تشكل قلب جنين الفأر. إن الاستهداف الجيني سيتيح، في مثل هذه الحالة، تحديد دور كل جين من هذه الجينات في تنامي القلب. وبالمقابل، يمكننا التحقق مما إذا كانت مجموعة من الجينات (عرف عنها أنها توجه مسارات العصبونات في الدروسوفيلا ميلانوگاستر) موجودة أيضا في الفأر، وفيما إذا كانت تقوم بالوظيفة نفسها.
وغالبا ما تشتمل المقاربة الاستهلالية initial manipulation على تعطيل الجين المعني بغية تقويم ما يحصل للكائن الحي في حال غياب نتاج هذا الجين. وقد تكون هذه العواقب معقدة الجوانب وتتناول مسارات متعددة. ويمكن الوصول بعدئذ إلى فهم أعمق لوظيفة الجين عن طريق إحداث طفرات محددة تماما تتناول مسارا واحدا فقط من مساراتها المتعددة. ومن المؤكد أن الوراثيين سيتمكنون قريبا من وضع الجينات تحت سيطرة محول switch يسمح للباحثين بتفعيل الجين أو تعطيله أثناء التنامي الجنيني للفأر أو التنامي بعد الولادة. فقد يكون هنالك جين افتراضي مثلا مسؤولا عن تشكل مجموعة من الخلايا العصبية وعن العمل الذي تؤديه. إن تعطيل هذا الجين سيؤدي إلى غياب هذه العصبونات أثناء تشكل الدماغ، ويعوق تقويم فاعليتها عند البالغ. أما إذا كان الجين تحت سيطرة المحوِّل، فبالإمكان عندئذ إبقاؤه بحالة عمل أثناء التنامي، الأمر الذي يمكّن العصبونات من التشكل. ويمكن إيقاف المحول عن العمل عند البالغ مما يسمح للباحثين بتقويم وظيفة هذا الجين في عصبونات الفرد البالغ.
لقد شهدت تقانة الاستهداف الجيني تطورا ملحوظا أثناء السنوات الخمس عشرة الأخيرة. وكنت في أواخر السبعينات أقوم بتجارب أستخدم فيها إبرا زجاجية غاية في الصغر لحقن الدنا DNA مباشرة في نوى خلايا الثدييات، وكان التحكم في الإبر يتم بوساطة منابلات مكروية micromonipulators تعمل بالدفع المائي ويقوم بتوجيهها إلى داخل النوى مجهر ذو طاقة عالية. ولقد تبيَّن أن هذه الطريقة ذات كفاءة عالية جدا، إذ اتضح أن خلية واحدة من بين ثلاث إلى خمس خلايا تلقت الدنا بشكله الوظيفي وانقسمت انقسامات سوية، وأورثت هذا الدنا على نحو ثابت إلى خلاياها البنات.
ولدى متابعة مصير جزيئات الدنا في الخلية، أثارت ظاهرة مذهلة انتباهي. فعلى الرغم من أن هذه الجزيئات غرزت نفسها عشوائيا في إحدى صبغيات الخلية المتلقية، فإن أكثر من جزيء واحد انغرز في الموضع نفسه، ويكون للجزيئات المنغرزة كافةً التوجيه (الاهتداء) orientation نفسه. وكما أن للكلمات في أي لغة من اللغات اتجاها معينا في قراءتها (نقرأ الكلمات في الإنكليزية من اليسار إلى اليمين) كذلك الأمر فيما يتعلق بجزيئات الدنا أيضا. وعلى ما يبدو فإن آلية معينة داخل نواة الخلية ربطت جزيئات الدنا جميعها تقريبا في توجيه واحد وذلك قبل أن يتم الغرز العشوائي.
ثم غدا بوسعنا أن نبرهن أن الخلايا تستعمل آلية تعرف بالتأشيب المماثل (النظير) homologous recombination لإنجاز ذلك الارتباط. ويحدث التأشيب المماثل فقط لجزيئات من الدنا لها تسلسل النكليوتيدات نفسه. وتصطف الجزيئات كافة الواحد منها تلو الآخر، ثم يتم قطع نهاية الجزيء الأول وبداية الجزيء التالي، ويوصل أحدهما بالآخر عند النهايتين المقطوعتين. وينجز الوصل بدقة فائقة بحيث لا يطرأ أي تغير على تسلسل النكليوتيدات عند نقاط الارتباط.
إن هذه الملاحظة غير المتوقعة تعني أن خلايا الفأر كافة، وعلى الأرجح خلايا الثدييات كلها، تمتلك آلية لإنجاز التأشيب المماثل. ولم يكن هنالك ما يدعو (في تلك المرحلة من التجريب) إلى الارتياب في أن الخلايا الجسدية (أي الخلايا التي لا تسهم في التوالد الجنسي) قد تمتلك تلك الآلية. أضف إلى ذلك أننا كنا نعلم بأن هذه الآلية كانت كفؤة لأنه كان بوسعنا إجراء حقن مجهري لأكثر من مئة جزيء من الدنا لها كلها التسلسل نفسه، فتعمد الخلية عندئذ إلى ربط الواحد منها بالآخر وفق اهتداء واحد. وأدركت مباشرة حينئذ أننا إذا استطعنا تسخير هذه الآلة لتنجز التأشيب المماثل بين جزيء من الدنا نختاره نحن ثم ندخله إلى النواة وبين جزيء آخر من دنا صبغي الخلية له تسلسل الجزيء الجديد، فسيغدو بإمكاننا إعادة كتابة دليل التعليمات الخاص بالخلية وفقا لما نرغب فيه.
ودفعتني الآمال المعقودة على هذا الاكتشاف إلى أن أطلب في عام 1980 تمويلا من الحكومة بغية اختبار إمكان تطبيق الاستهداف الجيني. وأصبت بخيبة الأمل عندما علمت أن العلماء الذين قوّموا طلب المنحة قد رفضوا اقتراحي. وكانت وجهة نظرهم أن احتمال أن يجد تسلسلُ الدنا الذي أُدخل النواة التسلسلَ الصنو ضمن المجلدات الألف التي تشكل دليل التعليمات الجينية، هو احتمال قريب من الصفر.
وعلى الرغم من الرفض الذي جوبهت به، قررت المضي قدما مستعملا جزءا من تمويل كنت أتلقاه لمشروع آخر. إن ما فعلته كان الرهان بعينه، فلو أن التجربة فشلت لما كان لدي سوى قلة من المعطيات ذات المعنى التي يمكن استعمالها عند تجديد المنحة. ولحسن الحظ فلقد نجحت التجربة. وعندما جددنا طلبنا للمنحة عام 1984 لمتابعة البحث، كنا نملك دليلا قويا على أن الاستهداف الجيني يقبل في الحقيقة التطبيق على الخلايا. وعبرت كثرة من العلماء ممن راجعوا طلب المنحة الأصلي عن مشاعر الدعابة، فقد بدأ تقرير مراجعة الطلب الجديد بالعبارة التالية: «إننا سعداء لأنك لم تتبع نصيحتنا.»
ولكن كيف يحدث الاستهداف الجيني في الخلية؟ تشتمل المرحلة الأولى على تنسيل الجين المعني وإكثاره في البكتيريا. إن الهدف من هذه المرحلة هو التوصل إلى مصدر نقي من الدنا يحوي الجين المطلوب. ويتم بعدئذ في أنبوب الاختبار تغيير تسلسل نكليوتيدات هذا الجين تغييرا يفي بغرض التجربة. ويشار عندئذ إلى الجين المحوَّر بالناقل الهادف (المستهدِف).
عندئذ، يدخل الناقل الهادف إلى الخلية الحية بواحدة من الطرائق الكثيرة المتاحة. وما إن يصبح داخل نواة الخلية حتى يشكل الناقل الهادف معقّدًا بترابطه بالبروتينات المكوِّنة لآلية التأشيب المماثل الخلوية. ويتقصى المعقد بمساعدة هذه البروتينات، تسلسلات الجينوم كلها حتى يعثر على تسلسلٍ صِنْوٍ(2) (الهدف). فإذا ما وجد فعلا هذا التسلسل، فإنه يصطف تلو ذلك الجين مباشرة ليحل محله.
يحمل الفأر الوليد (في أعلى اليسار) طفرة مستهدفة في كلتا نسختي الجين المثلي المعروف بالرمز HoxA-3. ونتيجة لذلك يكون الجسم أشد انحناء من وليد سوي (الثاني في أعلى اليسار). وكشفت عينات النُّسُج من الفأر الطافر (في منتصف اليمين) والفأر السوي (في أقصى اليمين) أن هذه الطوافر تفتقر أيضا إلى التوتةthymus، كما أنها تحتوي على غدة درقية غير عادية في صغر حجمها. وتشير هذه الاضطرابات وأخرى غيرها إلى أن الجين HoxA-3 ضروري لتنامي النسج والأعضاء التي يعود أصلها إلى شريطة ضيقة من الخلايا (العصابة الملونة في الجنين الممثل رسما) توجد في الأجنة الفتية. |
ومما يؤسف له أن هذا الاستبدال المستهدَف يحدث في جزء ضئيل فقط من الخلايا المعالَجة. وغالبا ما يغرز الناقل الحامل نفسه عشوائيا في مواضع ليست صنوا له، أو أنه يخفق كليا في التكامل مع جينوم الخلية. إذًا، يتوجب علينا أن نجري فرزا خلويا كي نتعرف الخلايا التي نجح فيها الاستهداف. إن خلية واحدة في نحو مليون خلية معالجة تحوي فعلا الاستبدال المستهدف.
ولتسهيل أمر العثور على تلك الخلية، فلقد أفدنا من «واسمتين قابلتين للانتقاء» جرى إدخالهما في الناقل الهادف منذ البداية. فتضمين واسمة الانتقاء «الموجب» يحض على بقاء (بُقْيا) ونمو الخلايا التي حوت الناقل الهادف إما في الموضع المستهدَف أو في مواضع عشوائية ضمن الجينوم. أما تضمين واسمة الانتقاء «السالب» فيساعد على استبعاد معظم الخلايا التي حوت الناقل الهادف في مواضع عشوائية.
ويتم وضع الواسمة الموجبة، التي هي عادة جين مقاومة النيوميسينneomycin-resistance (أو اختصارا neor)، على نحو تكون فيه مسبوقة ومتبوعة بتسلسليْن من الدنا موجودين أيضا في الجين المستهدف. أما الواسمة السالبة، التي هي نمطيا جين التيميدين كيناز (tk) المأخوذ من ڤيروس الحلأ herpes، فتُربَط بإحدى نهايتي الناقل الهادف [انظر الشكل في الصفحتين 22 و 23]. فعندما يحدث التأشيب المماثل، فإن القطع غير المتغيرة للجين المُنسَّل (المُكَلْوَن) ـ إضافة إلى الجين neor المتوضع بين هذه القطع ـ تحل محل التسلسل المستهدف في الصبغي الذي يحوي هذا التسلسل. أما الجين tk المتوضع خارج منطقة التسلسل المماثل، فلا يدخل الصبغي ويتدرّك degrade ضمن الخلية. وعلى النقيض من ذلك، إذا ما قامت الخلايا بغرز الناقل الهادف غرزًا عشوائيا، فإنها تَربط في تسلسلات الدنا الخاص بها الناقل الهادف بكامله ومعه الجين tk. أما إذا لم يحدث انغراز على الإطلاق، فإن الناقلَ (ومعه الواسمتان) يتدرّك (يتحلل) كليا ضمن النواة.
ولم يكن هنالك ما يستدعي القيام بتحليل الدنا كي نتعرف نتائج الوسم المختلفة. عوضا عن ذلك، زرعنا الخلايا في وسط يحوي عقارين. الأول منهما مضاهئ analogue للنيوميسين، ويعرف بالرمز G418 والثاني مضاد لڤيروس الحلأ وهو الگانسيكلوڤير ganciclovir. إن العقار المضاهئ G418 يقتل الخلايا التي لا تحوي في صبغياتها (كروموسوماتها) الجين الواقي neor، أي تلك الخلايا التي أخفقت في أن تكامل دنا الناقل، بيد أنها تسمح للخلايا التي تحمل إما غرزات عشوائية أو غرزات مستهدفة بأن تبقى وتنمو. وبالتزامن، يقتل الگانسيكلوڤير أي خلية تحمل الجين tk (جين كيناز التيميدين) المأخوذ من ڤيروس الحَلأ، أي يقتل الخلايا التي تكاملت في صبغياتها غَرْزاتٌ عشوائية. إن الخلايا التي تبقى حية في نهاية الأمر هي عمليا الخلايا التي تحمل غرزات مستهدفة (أي الخلايا التي تحوي الجين neor «موجب الانتقاء» positiveselectable، وتفتقر إلى الجين tk «سالب الانتقاء»).
وبحلول عام 1984 أصبحنا نملك البرهان على أنه يمكن استهداف جينات نوعية في خلايا الفأر المزروعة. كما كنا حينذاك مهيئين لأن نستعمل هذه التقانة لتحوير جينوم الفئران الحية. ولتحقيق هذا الهدف، استعملنا خلايا خاصة كان قد طورها في عام 1981 <H .M. كوفمان> و<M .J. إيڤانز> من جامعة كامبردج. إن هذه الخلايا هي خلايا جذعية جنينية المصدر embryo-derived stem (ES) cells. ويتم الحصول على هذه الخلايا من جنين الفأر عندما يكون في أطواره (مراحله) المبكرة. ويمكن استنبات هذه الخلايا في أطباق پتري(3) حيث تستمر إلى ما لانهاية، كما أنها وبحلول عام 1984 أصبحنا نملك البرهان على أنه يمكن استهداف جينات نوعية في خلايا الفأر المزروعة. كما كنا حينذاك مهيئين لأن نستعمل هذه التقانة لتحوير جينوم الفئران الحية. ولتحقيق هذا الهدف، استعملنا خلايا خاصة كان قد طورها في عام 1981 <H .M. كوفمان> و<M .J. إيفانز> من جامعة كامبردج. إن هذه الخلايا هي خلايا جذعية جنينية المصدرembryo-derived stem (ES) cells. ويتم الحصول على هذه الخلايا من جنين الفأر عندما يكون في أطواره (مراحله) المبكرة. ويمكن استنبات هذه الخلايا في أطباق پتري(3) حيث تستمر إلى ما لانهاية، كما أنها متعددة القدرات pluripotent، أي إن بوسعها إعطاء الأنماط الخلوية كلها.
وباختصار، فإن الطريقة التي أتينا على وصفها مكنتنا من إنتاج خلايا ESتحمل طفرة مستهدفة في نسخة واحدة من نسختي جين نقوم نحن باختياره. ومن ثم وضعنا هذه الخلايا في أجنة الأطوار (المراحل) المبكرة للفأر التي تنامت حتى الولادة. وأنتجت بعض هذه الفئران، إثر بلوغها، نطافا مشتقة من الخلاياES. وبمزاوجة هذه الفئران بفئران سوية، حصلنا على أنسال offspring متغايرة الزيگوت وذلك فيما يتعلق بتلك الطفرة، أي إن خلاياها كلها تحمل الطفرة في نسخة واحدة من نسختي الجين المستهدف.
وتكون هذه الفئران المتغايرة الزيگوت سليمة في معظم الأحيان، ذلك أن النسخة الثانية للجين والتي لم تتأذَّ تستمر وظيفيًّا على نحو سوي. ولكن إذا ما زاوجنا هذه الأفراد بعضها ببعض فإننا نحصل على فئران متماثلة الزيگوت، أي إنها تحمل الطفرة المستهدفة في نسختي الجين كلتيهما. وستبدي هذه الفئران شذوذات تسمح بالكشف عن الوظائف السوية للجين المستهدف في خلايا نسج الحيوان كافة.
وبطبيعة الحال فإن تلخيص الطريقة كتابة أسهل من تطبيقها عمليا. وتُستهل مراحل العمل بحقن الخلايا ES المحورة في أجنة مرحلة الكيسة الأُرَيْمِيّة (البلاستولة) blastocyst والتي لم تعْلق بعد بأرحام أمهاتها. ولأننا اعتمدنا لون الفرو للإشارة فيما إذا كانت الطريقة تسير وفقا للمخطط، فلقد اخترنا كيسات أريمية تتنامى في الحالة السوية إلى صغار لها لون فرو يختلف عن ذاك الذي للصغار التي تنتجها ذرية الفئران التي أتت منها الخلايا ES.
أما الخلايا الجذعية فَتُعْزل من فأر بُنِّي يحمل نسختي الجين أگوتي agouti. إن هذا الجين ينتج فئرانا بنية اللون حتى ولو كان موجودا بنسخة واحدة، ذلك أنه يجعل الصباغ الأصفر يتوضع على طول الشعرة بجانب الصباغ الأسود. (وتجدر الإشارة هنا إلى أن جينات أخرى غير هذا الجين تسيطر على تركيب وإنتاج هذه الأصبغة.) وهكذا، فبوسعنا انتقاء كيسات أُرَيْمِيّة (بلاستولات) تتنامى في الحالة السوية إلى فئران سوداء. ويكون للفئران فرو أسود اللون عندما يكون الجين أگوتي الموروث من كلا الأبوين معيبا (معطوبا). وتركنا الأجنة التي تحوي الخلايا ES المحورة، تتنامى حتى الولادة في أم بديلة.
فإذا ما سارت الأمور كلها على نحو صحيح، فإن الخلايا ES المحورة تتكاثر خلال هذه المراحل تكاثرا مستمرا، مانحة خلاياها البنات نسخا كاملة من كل جيناتها. وتختلط هذه الخلايا بخلايا الجنين، وتسهم في تشكيل معظم نُسُج الفأر. ونتيجة لذلك، فإن الفئران الوليدة تكون خَيْمَرًا (كايميرا) chimeras، أي إنها تتألف من خلايا اشتقت من الخلايا ES الغريبة ومن خلايا الجنين الأصلية. ولقد تعرّفنا بسهولة الأفراد الخيمر بملاحظة البقع الواسعة من اللون البني على فرائها الأسود اللون أصلا. أما إذا لم تحتوِ الأفراد على نسج مشتقة من الخلاياES، فإنها ستكون سوداء اللون كليا بسبب عدم احتوائها على الجينات أگوتي الوظيفية.
ولكن مجرد النظر إلى الأفراد الخيمر لا يمكّننا من تحديد ما إذا كانت الخلاياES قد أعطت الخلايا الجنسية التي تعمل كناقل تمر بوساطته الطفرة المستهدفة إلى الأجيال المقبلة. إننا لا نستطيع أن نعرف ذلك إلا عندما ننتقل إلى المرحلة التالية: مرحلة إنتاج فئران متغايرة الزيگوت، تحمل خلاياها كلها نسخة واحدة من الطفرة المعنية. وكان علينا ـ للحصول على هذه الحيوانات ـ أن نزاوج ذكورا خيمرا بإناث سوداوات، أي لا تحوي الجين أگوتي. وسيكون أحد الأنسال بني اللون إذا كانت النُّطْفَة التي أخصبت البيضة قد اشتقت من الخلايا ES (لأن هذه النطاف كلها تحمل الجين أگوتي). وبالمقابل، تكون الأنسال سوداء اللون إذا ما اشتقت النطاف من الكيسة الأُرَيْمية الأصلية (التي لا تحوي خلاياها الجين أگوتي).
وبناء على ذلك، فعندما نشاهد وليدا بُنِّي اللون، ندرك مباشرة أن الجينات التي تحملها الخلايا ES قد انتقلت إلى هذا النسل. عندئذ فقط يمكننا أن نخطط لمزاوجة بين أشقاء متغايري الزيگوت بغية إنتاج فئران يحمل كل واحد منها نسختين معيبتين من الجين المستهدف. ولكن قبل ذلك، علينا أن نتبين أي الصغار البنية اللون يحمل نسخة الجين الطافر. ونصل إلى ذلك بتحرينا المباشر عن وجود الجين الطافر في دنا هؤلاء الصغار. ذلك أنه عندما تتم مزاوجة الأشقاء متغايري الزيگوت، فإن واحدا فقط من كل أربعة أنسال سيحمل نسختين معيبتين من الجين الطافر. وبوسعنا تعرف الأفراد متماثلي الزيگوت بتحليلنا المباشر مرة ثانية لدنا الخلايا حيث نتقصى في هذه المرة وجود نسختين معيبتين من الطفرة المستهدفة. وتُفحص هذه الحيوانات عندئذ بدقة بحثا عن أي شذوذ تشريحي أو فسيولوجي أو سلوكي يمكن أن يقدم معلومات محددة عن وظيفة الجين الذي تم تمزيقه. ويحتاج إنجاز العمل الكلي (منذ تنسيل الجين حتى إنتاج الفئران ذات الطفرة المستهدفة في ذلك الجين) إلى عام كامل تقريبا.
وتطبق المختبرات (المخَابِر) في أرجاء العالم كافة تقنية الجين المستهدف في الفئران بغية دراسة منظومة من المعضلات البيولوجية. ومنذ عام 1989 تم إنتاج أكثر من 250 ذرية (سلالة) من الفئران تحمل عيوبا جينية منتقاة. وبضعة أمثلة من الاكتشافات التي ظهرت يجب أن توضح أنواع التبصرات التي يمكن لهذه الحيوانات أن تزودنا بها.
ونستكشف في مختبري وظائف الجينات المثلية homeotic، أو اختصارا الجينات Hox. وتقوم هذه الجينات بدور محولات رئيسة master switches لضمان سلامة تشكل الأجزاء المختلفة للجسم (كالأطراف والأعضاء المختلفة وأقسام الرأس) في مواضعها الصحيحة، وتحقق الشكل السوي. وكشفت دراسة الجينات المثلية في ذبابة الفاكهة (الدروسوفيلا) عن دلالات مهمة وذلك فيما يتعلق بفاعلية هذه الجينات [انظر: «(المهندسون) المعماريون الجزيئيون مصمّمو الجسم»، العلوم، العدد (1995) 1، ص 53]. ولكن تبقى كثرة من التساؤلات دونما إجابة. فعلى سبيل المثال، يوجد في الدروسوفيلا ميلانوگاستر ثمانية جينات مثلية (Hox) فقط، في حين أنه يمتلك كل من الفأر والإنسان ثمانية وثلاثين جينا مثليًّا. ويفترض أن يكون تشعب عائلة الجينات Hox قد لعب دورا حاسما في التقدم التطوري من اللافقاريات إلى الفقاريات حيث أتت بآليات إضافية أنجزت بناء جسم أكثر تعقيدا. فما الدور الذي أسند إلى كل هذه الجينات الثمانية والثلاثين؟
قبل أن تصبح تقنية الاستهداف الجيني متاحة لم يكن هنالك سبيل للإجابة عن هذا التساؤل، ذلك أنه لم يكن بوسع أحد العثور على فئران أو بشر يحملون طفرة في أي من الجينات Hox الثمانية والثلاثين. وأبذل مع زملائي جهودا متشعبة الاتجاهات كي نتعرف بدقة وظيفة كل جين من الجينات Hox هذه. وسنحاول فيما بعد أن نحدد الكيفية التي تكوِّن هذه الجينات بوساطتها شبكةً تفاعليةً لتوجه تشكل أجسامنا.
وكجزء من هذا البرنامج، اكتشفت مع زملائي أن التمزيق المستهدف للجينHoxA-3 يؤدي إلى نشوء عيوب عديدة. فالفئران التي تحمل نسختين طافرتين لهذا الجين تموت عند الولادة نتيجة خلل وظيفي قلبي وعائي ينجم عن تنامٍ ناقصٍ للقلب وللأوعية الدموية الرئيسة التي ترتبط به. كما أن هذه الفئران ولدت وهي تحمل شذوذا في نسج أخرى عديدة، بما في ذلك التوتة thymus والدُرَيْقَة (الغدة جنب الدَرَقِيّة) parathyroid (التي تكون مفقودة كليا) والغدة الدرقية، وعظام أسفل الرأس وغضاريفه، والنسيج الضام connective tissue، وعضلات الحلق وغضاريفه.
وعلى الرغم من تباين هذه الشذوذات فإنها تتشارك في صفة عامة مدهشة. فالنسج المتأثرة كلها تتحدر من خلايا كانت تتعنقد cluster أصلا في منطقة ضيقة من القسم العلوي للجنين المتنامي. إن بداءتيْ rudiments القلب مثلا تتوضعان في ذلك القسم قبل أن يحتل القلب موقعه الأكثر خلفية داخل الصدر. وهكذا يبدو أن مهمة الجين HoxA-3 تتمثل بمراقبة بناء كثرة من النُّسُج والأعضاء التي يرجع أصلها إلى تلك المنطقة الضيقة.
وعلى نحو غير متوقع، فإن الاضطراب الناجم عن تعطيل الجين HoxA-3 للفأر يحاكي الاضطراب في مرض بشري موروث يعرف بمتلازمة دي جورج Di Georgesyndrome. بيد أن تحليل صبغيات (كروموسومات) المرضى بيّن أن الجين HoxA-3 البشري ليس هو الجين المسؤول عن هذا المرض، فلدى المصابين عيب وراثي يتناول صبغيا يختلف عن الصبغي الذي يحوي الجين HoxA-3. إننا نعلم الآن بأن الجين المسؤول عن متلازمة دي جورج يعمل عن طريق إعاقة تنشيط الجينHoxA-3 أو إعاقة الأحداث التي يطلق عقالها هذا الجين. كما يتوافر حاليا نموذج فأري للداء قد يتيح في نهاية الأمر فك مغالق المعالجة. ويؤكد هذا العون غير المتوقع مرة ثانية أهمية البحوث الأساسية، فالنتائج التي يتم الحصول عليها والمتولدة من الفضول غالبا ما تقود إلى تطبيقات عملية مهمة.
وكما أفاد باحثو بيولوجيا التنامي، فإن المناعيين (علماء المناعة) أفادوا أيضا من الاستهداف الجيني. فهم يطبقون حاليا هذه التقانة لفك مغالق المسؤولية الفردية لما يزيد على خمسين جينا تؤثر في تنامي الصفين الرئيسين من الخلايا الدفاعية للجسم (أي اللمفاويات البائية والتائية) وفي أداء عملها.
ولقد أثارت التقنية أيضا اهتمام الباحثين في نطاق السرطان. وغالبا ما يعرف الباحثون بأن الطفرات التي تصيب جينا معينا تكون شائعة في نمط واحد أو أكثر من الأورام، بيد أنهم لا يعرفون تماما الدور السوي لهذا الجين. إن اكتشاف هذا الدور (باستعمال تقانة التعطيل الجيني) سيساعد على معرفة كيف أن الشكل الطافر للجين يسهم في تكون الخباثة malignancy.
ويقدم الجين p53 الكابت للورم مثالا نمطيا عن مثل هذه الحالات. والجينات كابتة الورم هي تلك الجينات التي يسهم عدم تفعيلها في تنامي السرطان وتقدمه. ولعل طفرات الجين p53 توجد فيما يقارب ثمانين بالمئة من مجموع السرطانات البشرية. ولكن حتى زمن قريب كانت مسؤولية الجين السوي غامضة التفاصيل. بيد أن تحليل الفئران المتماثلة الزيگوت فيما يتعلق بالتمزيق المستهدف للجين p53 قد أوضح بأن الجين يعمل على الأرجح كحارس يمنع الخلايا الصحيحة (السليمة) من الانقسام قبل أن تنهي إصلاح (إصحاح) أي تأذٍّ موجود في دنا الخلية. وغالبا ما يحدث هذا الضرر نتيجة الظروف البيئية غير المواتية التي نتعرض لها باستمرار. إن فقدان الجينات p53 الوظيفية يزيل هذه الحراسة الوقائية ويسمح للدنا المتأذي بالانتقال إلى الخلايا البنات حيث يسهم عندئذ في تشكيل السرطان.
وهنالك أمراض كثيرة يمكن أن تُدرَس بالاستهداف الجيني. إن أكثر من خمسة آلاف اضطراب تصيب الإنسان تُعزى إلى عيوب جينية. فما إن يتم تعرف الجينات والطفرات المؤدية إلى الاضطرابات حتى يصبح بوسع الباحثين إحداث الطفرة المعنية في الفئران بدقة كبيرة. ويتوجب على النماذج الفأرية أن تتيح بدورها اقتفاء تفاصيل الأحداث التي تبدأ بالخلل الوظيفي لجين من الجينات وتنتهي بظهور أعراض المرض. إن الفهم المعمق للمرضيات الجزيئية الخاصة بالداء سوف يسمح بتطوير معالجات أكثر نجاعة. ومن بين النماذج التي يتم بناؤها حاليا نذكر الفئران التي تحمل طفرات مختلفة في جين التليف الكيسيcystic fibrosis.
إن دراسة تصلب الشرايين العصيدي (الذي يعد سببا رئيسا في حدوث السكتات الدماغية stroke والنوبات القلبية heart attack) بدأت تفيد أيضا من الاستهداف الجيني. وعلى نقيض التليف الكيسي، فإن التصلب العصيدي لا ينجم عن طفرات في جين واحد. إن عيوبا في عدد من الجينات تتضام مع عوامل بيئية لتحض على تشكل اللويحات plaque في الشرايين وعلى نموها. ومع ذلك، فلقد تم صنع نماذج فأرية بتحوير جينات عرف بأنها ذات علاقة باستقلاب ثلاثيات الگليسريد والكُلِسْتيرول. كما أنني أتوقع أن تطوَّر قريبا نماذج فأرية لفرط ضغط الدم (اضطراب آخر مسؤول عن أمراض القلب والسكتة الدماغية)، ذلك أنه يتم حاليا تعرف الجينات التي يعتقد بأنها تسهم في إحداث هذا المرض.
ومع تزايد معارفنا بالإسهام الجيني في نشوء الأمراض تتعاظم أيضا الرغبة في تصحيح هذه العيوب بالمعالجة الجينية. وتعتمد التقنيات المستعملة حاليا في المعالجة الجينية على الغرز العشوائي لجينات سليمة في الصبغيات (الكروموسومات) لتعوض عن الشكل المعطوب. بيد أن الجينات المغروزة غالبا ما تكون أقل كفاءة وظيفية من تلك التي تتوضع في أماكنها الصحيحة على الصبغيات. ويمكن للاستهداف الجيني أن يقدم، من حيث المبدأ، حلا لهذه المشكلة. ولكن قبل استعمال هذه التقنية لتصحيح الجين المعيب في نسيج المريض، قد يحتاج الباحثون إلى إنشاء مزارع خلوية بمقدورها أن تسهم في تشكيل ذلك النسيج في الفرد البالغ. ويعرف عن هذه الخلايا (التي يطلق عليها اسم الخلايا الجذعية stem cell وتماثل في دراستنا الخلايا ES) بأنها توجد في نقي العظم والكبد والرئة والجلد والأمعاء وفي نسج أخرى. بيد أن تقصي طرائق عزل هذه الخلايا وزرعها ما زال في بداياته.
وحتى يتم التغلب على المصاعب التقنية التي تعترض تطبيقا أوسع لطريقتنا في المعالجة الجينية، فإن الاستهداف الجيني يلاقي استعمالا شائعا في دراسة البيولوجيا العصبية لدى الثدييات. ولقد تم فعلا تحضير فئران مجهزة بطفرات مستهدفة تغير من مقدرتها على التعلم. ومع تزايد أعداد الجينات العصبية النوعية التي سيتم تعرفها، ستتعاظم بالتأكيد مسيرة هذا النمط من البحوث.
ومع أننا نتوقع حدوث تحسن مستمر في تقانة الاستهداف الجيني، فإن هذه التقانة أوجدت بالفعل فرصا لمنابلة (معالجة) جينوم الثدييات بطرائق كان يستحيل حتى تصورها قبل سنوات قليلة. وعلى الباحثين (إذا ما رغبوا في التعمق بفك مغالق الآليات التي تتم وفقها سيرورات processes بيولوجية معقدة، كالتنامي والتعلم) أن يستعينوا بكامل ملكاتهم الإبداعية كي يقرروا بدقة الجينات التي يستهدفونها، وأن يحوروا هذه الجينات على نحو تتعمق معه معارفهم بتلك الآليات. فالاستهداف الجيني يمهد الطريق أمام طيف واسع من احتمالات المنابلة الجينية التي لن يحد آفاقها سوى الحدود الإبداعية لخيالنا الجماعي.
المؤلف
Mario R. Capecchi
ولد في ڤيرونا بإيطاليا، وهو باحث في معهد هوارد هيوز الطبي وأستاذ علم الوراثة البشرية في كلية طب جامعة يوتا. وإضافة إلى تطويره التقنيات الموصوفة في هذه المقالة، فلقد ساعد كاپتشي على إيضاح آلية تركيب البروتين. كما أسهم في اكتشاف المعزز enhancer في الدنا DNA وفي تطوير تقنية تستعمل حاليا على نطاق واسع لحقن الدنا حقنا مباشرا في نواة الخلية
مراجع للاستزادة
THE NEW MOUSE GENETICS: ALTERING THE GENOME BY GENE TARGETING. M. R. Capecchi in Trends in Genetics, Vol. 5, No. 3, pages 70-76; March 1989.
ALTERING THE GENOME BY HOMOLOGOUS RECOMBINATION. M. R. Capecchi in Science, Vol. 244, pages 1288-1292; June 16, 1989.
REGIONALLY RESTRICTED DEVELOPMENTAL DEFECTS RESULTING FROM TARGETED DISRUPTION OF THE MOUSE HOMEOBOX GENE HOX-1.5. O. Chisaka and M. R. Capecchi in Nature, Vol. 350, No. 6318, pages 473-479; April 11, 1991.
Scientific American, March 1994
(1) الخمج infection هو غزو الجسم من قبل أحياء مكروية (مجهرية) مُمْرِضة وتكاثرها فيه. ويُميَّز عن العدوى contagion التي هي انتقال العامل الممرض من كائن إلى آخر بتماس مباشر أو غير مباشر. أما الالتهاب inflammation فهو حصيلة استجابة دفاعية من قبل النُّسُج تجاه عوامل مغايرة لطبيعة هذه النسج. (التحرير)
(2) counterpart، ويقال النظير والمِثْل. (التحرير)
(3) طبق پتري (نسبة إلى تلميذ العالم الألماني روبرت كوخ) وهو وعاء زجاجي أو بلاستيكي يستخدم كمستنبت للخلايا أو لزرع الميكروبات في بيئات غذائية مناسبة. (التحرير)