أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
بيولوجيا

الحويصلات المتبرعمة في الخلايا الحية


الحويصلات المتبرعمة في الخلايا الحية

كشف تعاون عبر الأطلسي النقاب عن الآلية المسؤولة عن تشكل الحاويات الأساسية البالغة

الصغر المسماة بالحويصلات التي تُخزِّن البروتينات وتنقلها برحلات مكوكية من الخلايا وإليها.

<E .J. روثمان> ـ <L. أورسي>

 

تمتلك جميع الخلايا المنواة ـ سواء كانت في مستعمرات الخميرة وفي النباتات والبشر ـ تنظيما داخليا معقدا يشبه تنظيم مدينة جيدة الإدارة. وربما أبرز ما في هذا التشابه أن الخلية والمدينة كلتيهما تعتمدان على تنسيق نشاطات مختلف الدوائر المتخصصة. وتكون هذه الدوائر في الخلايا معزولة بسور من الأغشية تدعى العضيات organelles.

 

إن جولة قصيرة على بعض أهم الدوائر في المدينة الخلوية يمكن أن تبدأ من الغشاء الخارجي الذي هو بحد ذاته عضية. وتشبه بنية هذا الغشاء الأسوار ذات الأبواب التي كانت تحيط بالمدن القديمة في كونها تتحكم في دخول الطعام والمواد الأخرى وفي تصدير المنتجات المصنَّعة داخلها. وهناك دائرة أخرى أساسية تقع في أعماق الخلايا تقوم بدور مركز للتصنيع هي الشبكة الپلازمية الداخلية endoplasmic reticulum، حيث يُنتج العديد من البروتينات ـ الأجزاء العاملة الرئيسة في الخلية ـ ومن ثم تُنقل هذه البروتينات المصنعة حديثا إلى دائرة أخرى هي جهاز گولجي Golgi apparatus، حيث يتم تحويرها وتعديلها (غالبا ما يكون ذلك بإضافة السكاكر) وفي النهاية تشحن إلى وجهات أخرى ضمن الخلية وخارجها. وهكذا فإن جهاز گولجي هو المركز الرئيسي للتوزيع في مدننا المجهرية.

 

كما تحتوي الخلايا على مراكز خاصة لإعادة التصنيع تدعى الجسيمات الحالّة lysosomes. تحطم هذه المراكز البروتينات القديمة والمنتهية صلاحيتها وبعض الجزيئات الأخرى بحيث يمكن إعادة تشكيل مكوناتها وإعادة استعمالها. كما تتقبل الجسيمات الحالة المواد المنقولة إلى الخلية من خارجها.

 

ومن غير المستغرب أن نعرف أن الخلايا قد طوَّرت منظومة نقل معقدة لتوزيع البروتينات على مختلف العضيات. وقد نُظم ذلك على أساس يماثل ما هو متبع في منظومات الشحن بالحاويات المعمول بها في المطارات، حيث تُنَضَّد جميع البضائع ذات الوجهة المشتركة ضمن حاوية تحميل عامة تدعى حويصلة النقلtransport vesicle  لا تُفتح إلا عند وصولها إلى وجهتها المقصودة. وتُنْتج كل خلية العديد من أنواع حويصلات النقل ويتخصص كل نوع منها بطريق شحن داخل خلوي intracellular محدد وبنوع معين من الحمولة. كما تنتج الخلايا حويصلات نقل تقوم بتخزين المواد الضرورية للاتصال بين الخلايا (مثل النواقل العصبيةneurotransmitters والأنسولين) تقوم بتفريغ حمولتها القادمة من الخلايا  استجابة لإشارات محددة.

 

من الواضح أن حويصلات النقل أساسية جدا في إنجاز الكثير من المهام الوظيفية للخلية وللجسم، ومع ذلك بقيت طريقة تشكلها غير معروفة لفترة كبيرة من الزمن. ولكن قمنا حديثا مع زملائنا الآخرين بوصف الكثير من التفصيلات الجزيئية. وإذا ما نحينا جانبا موضوع الاهتمام الذاتي فقد تكون النتائج في نهاية الأمر ذات قيمة في الطب. فخلايا الأورام مثلا لا تستطيع التضاعف إلا إذا قامت حويصلاتها الناقلة بوظيفتها على وجه ملائم. لذا فإن المواد التي تعيق تشكل الحويصلات يمكن أن تزيد عدد الأدوية المضادة للسرطان المتوافرة حاليا في الأسواق.

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/12/SCI96b12N11-12_H04_005478.jpg

 

تشترك قصتنا في الكثير من المناحي مع البيولوجيا الخلوية الحديثة فهي ذات أصول مجهرية (الأمر الذي أدى إلى الكشف عن وجود حويصلات النقل) ويستعان في حل ألغازها بالكيمياء الحيوية (التي أعطت تفاصيل العديد من التفاعلات الجزيئية ذات العلاقة في تشكل الحويصلات). وتوضح هذه القصة كذلك الطبيعة الحقيقية للبحث العلمي. فغالبا ما يعتقد الأفراد غير العلميين أن الاكتشافات العلمية تحدث نتيجة عملية مجهولة يقود فيها الفكر الصرف عن طريق منطق حصيف إلى حل واضح لمسألة معينة. وتقلل وجهة النظر هذه من الدور الذي تؤديه الفرضيات الخطأ وبعض الحظ السعيد والمثابرة العنيدة. ومن المستحيل أن تجسد الكتب متعة المتابعة. لقد حصلنا على الكثير من المتعة في العمل بصورة وثيقة بعضنا مع بعض على الرغم من أن المحيط الأطلسي قد باعد ما بيننا ولم يسمح إلا بالقيام بزيارات سنوية بعضنا لبعض.

 

“مَنْ أنت؟”

عندما بدأنا التعاون في منتصف الثمانينات كان المجهريون microscopistsالذين قاموا بفحص شرائح من الخلايا الكاملة قد حددوا معالم خطوات أساسية معينة في عملية نقل البروتين بالحويصلات. لقد عرف الباحثون ـ نتيجة الأبحاث التي أجراها في الستينات <E .G. پاليد>، ومن بعده الباحثون في جامعة روكفلر والتي كانت على الأغلب مدفوعة بالرغبة في نيل جائزة نوبل ـ أن الحويصلات قد تنشأ بالتبرعم budding من غشاء عضية لتصبح بعدئذ أكياسا محاطة بغشاء membrane-bound. يهاجر بعد ذلك كل كيس خلال العصارة الخلويةcytosol  (عصارة غنية بالبروتين تطفو عليها العضيات) وتلتصق على الغشاء الخارجي لعضية مستهدفة (هدف). وعندئذ يندمج غشاء الحويصلة مع غشاء العضية المستهدفة ويلتحم معه فتُفرغ الحويصلة أثناء ذلك البروتينات التي تحملها داخل العضية المستهدفة. وبعبارة أخرى تنفتح “حاويات التحميل” عند وصولها إلى وجهتها وتتحرر من حمولتها.

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/12/SCI96b12N11-12_H04_005479.jpg

تزخر الخلايا بحويصلات نقل (الكرات الملونة). ينقل بعضُها (الأصفر) البروتينات المصنعة في الشبكة الپلازمية الداخلية إلى جهاز گولجي حيث تتحور وتتعدل. وينقل بعضها الآخر (الأزرق) بحركة مكوكية البروتينات من حجرة في جهاز گولجي إلى أخرى. وينتج من جهاز گولجي ثلاثة أنواع من الحويصلات. يصدِّر النوع الأول (البرتقالي) البروتينات من الخلية على الفور. ويحرر النوع الثاني ـ حويصلة التخزين المفرزة secretory storage vesicle (الوردي الداكن) ـ محتوياته عندما يُعطى الإشارة لفعل ذلك. أما النوع الثالث (الوردي الفاتح) فيأتي بالإنزيمات الهاضمة إلى حجرات تدعى الجسيمات الحالّة حيث تقوم بتفكيك مختلف أنواع الجزيئات بما فيها الجزيئات التي جاء بها إلى الخلية نوع آخر من الحويصلات (الأخضر). تتشكل الحويصلة (الصفحة المقابلة) بالتبرعم من عضية، وتوصل حمولتها (الأحمر) عن طريق اندماج غشائها بغشاء العضية المستهدفة.

 

ولكي نوضح كيفية حدوث التبرعم لا بد من دراسة العملية في أنبوب الاختبار ـ أي إعادة تشكُّل الحويصلة خارج الخلية مبعدين بذلك العناصر الدخيلة. ويمكن للمرء بمثل هذه المنظومة أن يعالج (يُنابل) وأن يحلل المكونات التي تدخل في تصنيع الحويصلة لتعيين الجزيئات التي تقوم بالدور الأول ثم بالدور الذي يليه وهكذا. لكن لم يتمكن أحد من إيجاد وسيلة الوصول إلى منظومة غير خلوية حتى عام 1980 عندما حقق أحدنا (روثمان) ذلك في جامعة ستانفورد.

 

لقد نشر روثمان ومساعدوه في عام 1984 تقريرا مفاده أن بإمكان منظومتهم غير الخلوية أن تعيد عملية تشكل الحويصلات التي من المعروف أنها تحدث في الخلايا الكاملة فقط. لقد ساعدت منظومتُهم حويصلات النقل على التبرعم من أغشية جهاز گولجي الذي له عدة حجرات (أحياز) compartments متصلة به. تنقل معظم الحويصلات المشتقة من غشاء گولجي الحمولات من حجرة إلى أخرى في جهاز گولجي، حيث لم يلاحظ في ذلك الوقت إلا هذا النمط من الحويصلات. ولكن هناك حويصلات گولجي أخرى تقوم بنقل البروتينات إلى مواقع أكثر بعدا [انظر:

“The Compartmental Organization of the Golgi Apparatus” by James E. Rothman;

Scientific American, September 1985]

 

لقد بدأ التعاون بيننا عند هذه المرحلة بحادثة جديرة بالذكر. ففي وقت متأخر من إحدى الأمسيات وبعد مضي أقل من أسبوع على نشر ورقة ديسمبر رنّ جرس الهاتف في مكتب روثمان مقاطعا أعماله الورقية. رفع روثمان سماعة الهاتف وقبل أن يتمكن من التفوه بكلمة “ألو” بدأ صوت عميق محادثة سريعة وغير مفهومة كليا، بلغة إنكليزية منطوقة بلهجة إيطالية، أما روثمان غير البعيد نفسه عن غزارة اللفظ فقد لفه الصمت والذهول أمام ذلك العرض المسرحي. وبعد مضي عدة دقائق وفي ضياع تام عاد روثمان إلى عمله الورقي تاركا الحديث مستمرا. ولدى انقضاء بضع دقائق أخرى لم يفهم فيها سوى كلمات مثل “التعاون” و”سوف نكون أخوة” صرخ روثمان بصبر كاد ينفد “مَنْ أنت؟”

 

توقف الصوت لحظة ثم أعلن بسرعة كبيرة وبشكل واضح ولكن بتواضع “أنا <ليليو أورسي>. أنا أستاذ في جامعة جنيڤ وأنا أعمل على….”

 

وبالطبع تعرَّف روثمان الاسم، فأورسي متخصص معروف جدا في المجهر الإلكتروني. اعتذر روثمان بسرعة وتكلم أورسي بعد ذلك ببطء أكثر وجرى تبادل في الرأي طويل ومثمر، على الرغم من أن الوقت كان قد تجاوز منتصف الليل في جنيڤ.

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/12/SCI96b12N11-12_H04_005480.jpg

يقوم الغلاف COP وهو نمط اكتشفه المؤلفان، بتغليف حويصلات النقل التي تنشأ عن جهاز گولجي. يتضح اختلافه عن غلاف الكلاذرين من الصورتين المأخوذتين بالمجهر الإلكتروني الموجودتين في اليسار. أما الصورة المأخوذة بالمجهر الإلكتروني في الأعلى فتبين حويصلتين بغلاف COP أثناء تبرعمهما من غشاء گولجي.

 

فكرة خطأ ونتيجة مفيدة

وفي غضون عدة أسابيع سافر روثمان إلى جنيڤ وقام كلانا ـ وقد أفعمتنا الإثارة ـ بوضع خطة قد تمكن تقنيات أورسي بموجبها من معرفة ما إذا كانت الحويصلات المتبرعمة من أغشية گولجي في الخلاصات الخالية من الخلايا cell-free extracts، تمتلك خاصية معينة. وقد أردنا بصورة محددة معرفة ما إذا كانت الحويصلات محاطة بما يدعى غلاف الكلاذرين clathrin coat، وهو طبقة ثخينة لها شكل القفص تتألف بصورة رئيسة من البروتين الليفي المسمى كلاذرين. يشبه غلاف الكلاذرين بنيويا شيئا ما يماثل القبة الجيوديسية geodesic dome.

 

وقد قمنا بطرح السؤال السابق لأنه من المعروف أن بعض حويصلات النقل تمتلك مثل هذا الغلاف، وقد كان هذا النوع هو الوحيد المعروف في ذلك الوقت. (تنقل الحويصلات ذات غلاف الكلاذرين البروتينات من خارج الخلية إلى منظومة الجسيمات الحالة لتحطيمها؛ تتبرعم هذه الحويصلات من غشاء الخلية الخارجي داخل العصارة الخلوية) ولكن لم يكن بالإمكان فك طلاسم آلية التبرعم لافتقارنا إلى المنظومة الخالية من الخلايا. فلو استطاع أورسي التأكد من اكتساء الحويصلات المشتقة من گولجي بغلاف كلاذرين لقام روثمان على الفور في البدء بدراسات كيميائية حيوية (كيمياحيوية) على منظومته الخالية من الخلايا لتقويم نموذج مقبول يبين كيفية تشكل الحويصلات المغلَّفة بالكلاذرين.

 

ظهر ذلك النموذج إلى الوجود في الستينات بعد أبحاث أجراها <T. كاناسيكي> و<K. كادوتا> من جامعة أوساكا. ففي عام 1969 نجح كاناسيكي وكادوتا في تنقية الحويصلات المغلَّفة واكتشفا أن الأغلفة تمتلك بنية منتظمة تدعو للدهشة. ولم يُعْرف سبب هذا الانتظام إلا بعد مرور ست سنوات، عندما اكتشفت <M .B. بيرس> (من مختبر هيئة البحوث الطبية في كامبردج بإنكلترا) أن الغلاف يتألف بصورة رئيسة من نسخ متعددة لبروتين واحد أَطلقت عليه اسم كلاذرين. وقد رأى كاناسيكي وكادوتا أن الغلاف هو بحد ذاته المسؤول عن عملية التبرعم. فعندما يتنامى قفص الكلاذرين من مكونات الغشاء كما هو مفترض، يحصل تشوه في الغشاء المستبطن underlying membrane (الذي له بنية عالية اللدونة) متحولا إلى شكل يشبه القبة ممتصا ببساطة من الغشاء الأكبر حويصلة كروية مع جميع البروتينات المرتبطة بها.

 

واتضح بحلول عام 1984 أن الافتراض السابق مبسط بعض الشيء، لأن روثمان وجد عندما أجرى التبرعم في منظومة أنبوب الاختبار أن عملية التبرعم لا يمكن أن تحدث من الأغشية المعزولة وحدها، بل يتطلب تشكل الحويصلة توافر عصارة خلوية ومصدر للطاقة. وتُبيِّن هذه النتائج أن الغلاف يجب أن يُشْتَق بطريقة ما من المواد الموجودة في العصارة الخلوية. ومع ذلك فقد بقي نموذج كاناسيكي وكادوتا الأساسي جذابا ويشجع على الاختبار.

 

وفور وصول روثمان إلى ستانفورد عائدا من جنيڤ بدأ أحد طلابه في تنفيذ خطتنا. وهكذا قام . <S. B. گليك> بتوليد حويصلات النقل في أنبوب الاختبار بحضن جهاز گولجي مع العصارة الخلوية ومصدر للطاقة؛ ومن ثم قام بحفظ العينات وإرسالها إلى جنيڤ لإجراء التحليل المجهري. وبعد عدة أيام استطاع أورسي أن يبين أن الحويصلات المشتقة من گولجي كانت بالفعل محاطة بغلاف، إلا أن ذلك الغلاف لم يكن من النموذج المتوقع لأن بنيته الدقيقة تختلف عن بنية أغلفة الكلاذرين، كما أن مادته لا تتعرفها الأضداد antibodies التي ترتبط بصورة نوعية من الكلاذرين. وتعني هذه النتيجة المستغربة أن الخلايا تقوم بإنتاج نوعين على الأقل من حويصلات النقل لهما غلافان مختلفان. ويبدو الآن أن هناك أنواعا عديدة من حويصلات النقل، لكل نوع منها غلافه الخاص به.

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/12/SCI96b12N11-12_H04_005481.jpg http://oloommagazine.com/images/Articles/12/SCI96b12N11-12_H04_005482.jpg

http://oloommagazine.com/images/Articles/12/SCI96b12N11-12_H04_005483.jpg http://oloommagazine.com/images/Articles/12/SCI96b12N11-12_H04_005484.jpg

http://oloommagazine.com/images/Articles/12/SCI96b12N11-12_H04_005485.jpg

غلاف الكلاذرين، كان أول نمط من التغليف وجد في حويصلات النقل. وهو يوجد بصورة رئيسة في الحويصلات التي تنقل البروتينات من خارج الخلية إلى الجسيمات الحالّة. توضح تقنية المجهر الإلكتروني التي تظهر منظرا مقطعيا (العلوي) وسطحيا (الوسط) للحويصلات، البُنْيَة القفصية التي يتصف بها الغلاف. إن التنظيم السداسيّ-الخماسيّ الزوايا يشبه القبة الجيوديسية (الشكل السفلي).

 

وتقدم محصلة تلك الدراسة مثالا رائعا عن القيمة غير المتوقعة التي قد يُحصَل عليها من الإقدام على تنفيذ خطوة غير صحيحة. فقد قادتنا فرضيتنا الخطأ ـ أي إن أغلفة الكلاذرين تتوسط تشكُّل حويصلات النقل في جهاز گولجي ـ إلى إجراء تجربة كانت نتيجتها تشتيت انتباهنا عن الحويصلات المغلفة بالكلاذرين وتركيزه على الحويصلات التي وجدناها للتو. وهكذا قذفت بنا غلطتنا نحو اتجاه جديد مثمر قاد إلى كشف النقاب عن الكثير من الحقائق المتعلقة بنشوء حويصلات النقل. (وبالعكس، فقد تقدم ببطء أكبر فهمنا لكيفية نماء الحويصلات المغلَّفة بالكلاذرين. ولم يقم أحد، إلا حديثا، بتصميم منظومة خالية من الخلايا لدراسة هذه المسألة.)

 

تقتضي أول خطوة في اتجاه الكشف عن كيفية تشكل الحويصلات المشتقة من گولجي أن نتعرف مكونات أغلفتها، وقد أدى هذا التحدي إلى إضاعة عدد من السنين. في البدء كان علينا أن نحصل على إمدادات نقية من الكرات البالغة الصغر الأمر الذي كان يعتبر في ذلك الوقت مهمة شاقة. وبعد جهد جهيد استطاع <V. مالهوترا> و<A .T. سيرافيني> (وهما باحثان شابان من مختبر روثمان) أن يعزلا كمية صغيرة جدا من هذه الكرات في عام 1989، ومع ذلك كانت هذه الكمية كافية للتحليل ومكنتهما من معرفة أن الغلاف يحتوي على ثمانية بروتينات أسميناها البروتينات COP  coat protein، أي بروتينات الغلاف . وسرعان ما أصبحت الحويصلات المشتقة من گولجي تدعى الحويصلات المغلَّفة بالبروتينات COP.

 

وكان علينا لتوضيح آلية التبرعم أن نعرف المزيد عن البروتينات COP وعن تآثرها (تفاعلها) مع بعضها. لقد قادنا أول تبصر رئيسي في هذه التآثرات عام 1990 إلى اكتشاف أن سبعة من بروتينات الغلاف تتجمع على هيئة معقد كبير قبل أن ترتبط بغشاء گولجي كوحدة واحدة، وأطلقنا على هذه الوحدة اسم قسيم الغلاف coatomer. ويعني هذا أن هناك بروتينا واحدا يرتبط بصورة منفصلة. وهكذا نجد أن الغلاف يتألف من عنصرين رئيسين فقط هما قسيم الغلاف والبروتين الثامن. ويعني هذا الاكتشاف المبسط العميق أن بإمكاننا فهم المراحل الرئيسة للتبرعم من دون الحاجة إلى دراسة كل بروتين من بروتينات قسيم الغلاف بصورة منفصلة.

 

ويظهر هنا جليا دور الحظ والعقل المترقب، فالاكتشاف السابق حدث بالصدفة. ففي وقت متأخر من إحدى أمسيات عام 1990 كان <G .M. واترز> (وهو باحث شاب في مختبر روثمان، من جامعة برنستون في ذلك الوقت) يدرس بيانات حصل عليها نتيجة محاولاته تنقية مادة تلزم لالتحام حويصلات النقل مع أغشية عضيات مستهدفة، فصدف أن مرّ سيرافيني واختلس النظر إلى ما يفعله واترز فَذُهِل مما رأى.

 

فعند تنقية البروتين يقوم المرء بتقسيم مكونات مستخلص الخلية إلى مجموعات وفقا لخواصها الفيزيائية والكيميائية. وتُخْتَبَر بعد ذلك هذه المجموعات والأجزاء لإيجاد دليل على الفعالية المطلوبة (مثل إثارة التحام حويصلة وغشاء). ويعاد تقسيم العينات ذات الفعالية إلى مجموعات جديدة أخرى مؤلفة من أجزاء أكثر نقاء من الأولى ويعاد اختبارها. أما الأجزاء التي لا تُظهِر أي فعالية، فتطرح جانبا وفي النهاية يحصل المرء على عينة تحتوي فقط على البروتين المسؤول عن الفعالية البيولوجية المطلوبة ـ أي البروتين النقي.

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/12/SCI96b12N11-12_H04_005486.jpg http://oloommagazine.com/images/Articles/12/SCI96b12N11-12_H04_005487.jpg

بيّن المجهر الإلكتروني أن قسيم الغلاف يتحكم في تبرعم الحويصلات ذات الغلاف COP. فإذا تُرك البروتين ARF وحده يرتبط بأغشية گولجي فإن البراعم لا تتنامى وتبقى الأغشية مسطحة (في اليسار). أما إذا ارتبط بالغشاء قسيم غلاف سبق ارتباطه بالبروتين ARF فإن ذلك يقود إلى إنتاج هائل من الحويصلات المغلفة (في اليمين).

 

كان واترز قد أنهى تحليل المحتوى من البروتين في جزء لم يُظْهِر أي دلالة على إثارة الالتحام. وبالطبع كان يقوم منذ شهور عديدة بطرح وإهمال هذا الجزء لأنه عديم الفائدة. أما سيرافيني فقد صُعِق للتشابه الموجود بين البروتينات الموجودة في الجزء الذي سيطرحه واترز وبين البروتينات التي كان هو ومالهوترا قد بينا في وقت سابق أنها البروتينات COP.

 

وأظهر عمل سريع أن المادة التي كانت تُطْرح تتكون بأجمعها تقريبا من سبعة من البروتينات COP  المرتبط بعضها ببعض بصورة وثيقة. لقد كنا نعرف مسبقا أن هذه البروتينات مرتبط بعضها ببعض لأن الجزء المحتوي عليها كان يقاوم التقسيم إلى أجزاء أصغر. كان أمرا يدعو للسخرية أن يقوم قسم من أقسام مختبر روثمان بجهد قاتل لعزل الحويصلات المغلفة (بحيث يحصل على كمية أكبر من بروتينات الغلاف)، في الوقت الذي يقوم قسم آخر في المختبر ذاته برمي كميات كبيرة من هذه البروتينات نفسها. ويعود الفضل إلى يقظة سيرافيني وواترز، في التوقف عن طرح ما كان يُعتَبر نفاية وفي تعرف وجود قسيم الغلاف وفي توفير جهد السنين. وقد أصبح الآن تحت تصرفنا مصدر لا ينضب لبروتينات قسيم الغلاف اللازمة لإجراء مختلف التجارب.

 

وسرعان ما حوَّلنا انتباهنا إلى تَعَرُّف هوية البروتين الثامن. وكانت هناك أسباب عدة تدعونا للاعتقاد أنه جزيء يدعى ARF  ADP ribosylation factor  . لقد وصف هذا الجزء أول مرة <A .R. كانْ> و<G .A. گيلمان> من مدرسة الطب التابعة لجامعة تكساس، وكان يعرف أنه يمكّن ذيفان toxin الكوليرا من إحداث المرض، إلا أن الدور الذي يلعبه في الجسم كان غامضا. ولحسن الحظ كان تأكيد ظنوننا سهلا، فقد حصلنا من كانْ على الأضداد التي تتعرف البروتين ARF  وليس أي شيء آخر، فمزجنا عندئذ هذه الأضداد مع البروتين الذي حصلنا عليه فوجدنا أن الأضداد قد ارتبطت به بسهولة مبينة أن البروتين هو بالفعل ARF.

 

وبعد عمل شاق دام ست سنين حصلنا على جميع بروتينات الغلاف في شكلها النقي جدا، وأصبحنا بذلك قادرين على حل ألغاز آلية التبرعم. وكانت تلك المهمة هدفنا المباشر فبدأنا المشروع عام 1991 بعدما نقل روثمان مختبره إلى مركز السرطان في سالون-كيتيرينگ، فحصلنا على الكثير من المعلومات في مدى سنتين فقط.

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/12/SCI96b12N11-12_H04_005488.jpg http://oloommagazine.com/images/Articles/12/SCI96b12N11-12_H04_005489.jpg

بعد تشكل الحويصلات ذات الغلاف COP على غشاء گولجي يزول الغلاف بسرعة. تبدأ الحويصلات بالتنامي (1) عندما يلامس الغشاءَ بروتينٌ يدعى ARF، حاملا معه جزيئا أصغر يدعى GDP. وسرعان ما يقوم (2) إنزيم بالاستعاضة عن الجزيء GDP بالجزيء GTP وهو تغيير يجعل بإمكان البروتين ARF ضم معقد بروتيني يدعى قسيم الغلاف (3). يؤدي تجميع وحدتي البروتين ARF وقسيم الغلاف على الغشاء إلى تشكل البرعم (4)، وعندئذ ينفصل (5) عن الغشاء على شكل حويصلة مغلفة. يجب أن يزول الغلاف لكي تتمكن الحويصلة من الاندماج مع العضية المستهدفة. يحدث زوال الغلاف عندما يتحول الجزيء GTP إلى الجزيء GDP بتحرير زمرة فسفات (إلى اليمين في 5) الأمر الذي يؤدي إلى تساقط جزيئات ARF وقسيم الغلاف (6 و7).

 

التبرعم يميط لثامه

لقد تساءلنا في البدء عما إذا كان قسيم الغلاف والبروتين ARF هما البروتينين الوحيدين اللازمين لتبرعم الحويصلة ذات الغلافCOP من جهاز گولجي. وهل يتطلبان مساندة بروتينات أخرى؟ وقد تبين أن هذين العنصرين كافيان. وعلى الرغم من أننا بدأنا بخلاصة عصارة خلوية خام تحتوي على عدة آلاف من البروتينات المختلفة، فإن قدرة الكيمياء الحيوية الهائلة سمحت لنا بتحديد البروتينيْن اللذيْن لهما علاقة ـ قسيم الغلاف والبروتين ARF  ـ وبالبرهان  على أنهما وحدهما اللذان يؤديان الوظيفة.

 

وكانت الخطوة التالية إضافة البروتينين كل على حدة بدلا من إضافتهما معا بغية معرفة الأدوار التي يلعبها كل منهما. فوجدنا أن البروتين ARF يرتبط بغشاء گولجي في غياب قسيم الغلاف، وبعدها يقوم بضم قسيم الغلاف إلى الغشاء؛ في حين لا يستطيع قسيم الغلاف وحده الارتباط بگولجي (أُعْلِن هذا الأمر أيضا بصورة مستقلة من قبل <D .R. كلاوسنر> ومساعديه في المركز الوطني للصحة). وبعد ذلك تبيَّن باستخدام المجهر الإلكتروني أن الغشاء يبقى مسطحا عندما لا يرتبط بغشاء گولجي سوى البروتين ARF، ولكن عندما يُضاف قسيم الغلاف مع البروتين ARF فإن برعما يبدأ بالتنامي. وهكذا أوضحت هذه المراقبات أن لقسيم الغلاف وARF دورين محددين في إنتاج حويصلات النقل. فقسيم الغلاف يقود عملية انحناء الغشاء والتبرعم، في حين أن البروتين ARF يعين وقت حدوث التبرعم (يملي على قسيم الغلاف زمان ومكان القيام بالعمل).

 

إن عملية التبرعم، في الواقع، معروفة بتفصيل أكثر. إن البروتين ARF الذي يطفو بحرية في العصارة الخلوية يرتبط بصورة طبيعية بجزيء الگوانوسين ثنائي الفُسْفات guanosine diphosphate  GDP  ، وهو قاعدة (أساس) تتصل بسكر وبزمرتي فسفات. عندما تقابل هذه الوحدة جهاز گولجي يقوم إنزيم موجود على سطح الغشاء بتبديل الجزيء GDP وإحلال قريب له من العصارة الخلوية محله هو (GTP)، وهو مركب يحمل ثلاث زمر فسفات. وتعود أهمية هذا التعديل إلى سببين: الأول، هو أن البروتين ARF المرتبط بالجزيء GTP  هو الوحيد الذي بإمكانه التشبث بثبات بسطح الغشاء ممكّنا بذلك معقد قسيم الغلاف من الالتحاق بالركب؛ والثاني هو أن ارتباط الجزيء GTP بالبروتين ARF خطوة هامة في عملية تغذية تشكل الحويصلات بالطاقة.

 

كيف يجب أن نتصور عملية التبرعم؟ تقوم قسيمات الغلاف المنفردة بالتعلق بالغشاء بوساطة جزيء واحد من ARF  وأكثر، وقد يكون العدد الصحيح من هذه القسيمات غير محدد وكذلك غير مهم. ونعتقد (وهو أمر لم نبرهنه بعد) أن هذه المعقدات ترتبط عندئذ ويتوضع بعضها بجانب بعض وفق ترتيب منتظم بشكل قبة (شيء يشبه ما يصنعه الكلاذرين على سطح الغشاء). وعندما ينمو هذا الترتيب ويزداد انحناؤه يأخذ الجزء التابع لغشاء گولجي المرتبط بداخل الغلاف بالتحول إلى حويصلة متبرعمة تنغلق في النهاية وتتحرر. وهكذا فإن الحويصلات ذات الغلافCOP تنشأ كما كان متوقعا من نموذج كاناسيكي وكادوتا المقترح للحويصلات المغلفة بالكلاذرين. ونقترح نتيجة عملنا وكتعديل لهذا النموذج أن غلافا جديدا يجب أن يتجمع قطعة فقطعة من مكونات العصارة الخلوية في كل وقت تتبرعم فيه حويصلة، إضافة إلى أن عملية التجميع تَتَوَجّه بالبروتين ARF وتتطلب الجزيء GTP للتزود بالطاقة.

 

وعلى الرغم من أن الغلاف أساسي لعملية تبرعم الحويصلات ذات الغلافCOP ، فإنه يعيق التحام غشاء الحويصلة بغشاء العضية المستهدَفة. ويتطلب مثل هذا الالتحام أن يتلامس الغشاءان أحدهما مع الآخر تلامسا مباشرا. لذا يجب أن يزول الغلاف كي تتمكن الحويصلة من تفريغ محتوياتها. تحدث هذه التعرية بعكس بسيط لآلية تجميع الغلاف. إن جزيئات البروتين ARF في الحويصلة ذات الغلاف التام التشكل ماتزال متصلة بالجزيء GTP؛ لكن سرعان ما تُطْرح زمرة فسفات واحدة من الجزيء GTP ليتحول بذلك إلى الجزيء GDPفتتحرر الطاقة المخزونة في الجزيء GTP. يؤدي هذا التغير إلى فقدان جزيئات البروتين ARF إلفتها affinity لغشاء الحويصلة وبالتالي إلى تساقطها. ولما كانت وحدات قسيمات الغلاف تتطلب البروتين ARF لكي تتمكن من تحقيق ارتباطها، لذا تتفكك هي الأخرى تاركة وراءها حويصلة غير مغلفة قادرة على الالتحام بعضية مستهدفة. ويمكن النظر إلى الأمر كما لو أن الخلية تقوم بزرع “قنابل موقوتة” GTP صغيرة في الغلاف أثناء التبرعم. وبعد انتهاء التبرعم تُفَجَّر هذه القنابل لقذف الغلاف.

 

ولما كان التحرر من الغلاف يتم قبل وصول الحويصلة إلى وجهتها فمن غير المحتمل أن يكون له أية علاقة في توجيه الحويصلة نحو هدفها، بل إن غشاء الحويصلة غير المغلفة يحتوي على طائفة من البروتينات تقوم بأداء هذه الوظيفة. كما تقوم هذه البروتينات بجذب البروتينات المضافة التي تبادر إلى التحام الحويصلة بالغشاء المستهدف.

 

آلية عامة

هل تنشأ جميع حويصلات النقل بطريقة مشابهة لطريقة نشوء الحويصلات ذات الغلافCOP ؟ لقد كان أول دليل على احتمال صحة ذلك هو اكتشاف أن تجميع غلاف الكلاذرين يتحقق أيضا عن طريق تشبث جزيئات ARF المرتبطة بالجزيءGTP مع الأغشية. وقد صدر هذا الاكتشاف عن مختبر روثمان وأعادنا وفق مسار  دائري مغلق إلى نقطة البداية.

 

ولكن لدى فحص معظم الحويصلات في الخلايا تحت المجهر بدت أنها لا تمتلك أغلفة. ويمكن القول بالاستناد إلى هذه المشاهدة إن آلية التبرعم الموضحة سابقا لا تقدم أي شيء يتعلق بكيفية تشكل الحويصلات غير المغلفة بالكلاذرين وبالبروتين COP. ولكن قد يكون هذا الاستنتاج سابقا لأوانه لأن طرائق المشاهدة النظامية غير قادرة بصورة عامة على تحري الأغلفة التي سرعان ما تزول بعد تبرعم الحويصلة من العضية. ويمكن في الواقع تلخيص ما تم من عمل في هذا الميدان من العلم حتى يومنا هذا كما يلي: استنتج الباحثون في البداية أن أحد نماذج الحويصلات يفتقر إلى الغلاف وبالتالي يتبرعم وفق آلية جديدة غير مألوفة. ومن ثم اكتُشف الغلاف بعد أن أمكن إحداث التبرعم في هذا النوع من الحويصلات في منظومة خالية من الخلايا سمحت باقتناص الحالة المغلّفة العابرة transient coated state  وتمييزها.

 

وقد وُجِد حديثا أن من بين الحويصلات التي تتطلب أن يكون لها غلاف، تلك التي تنقل البروتينات من الشبكة الپلازمية الداخلية إلى جهاز گولجي. وبيَّنت التجارب التي أجراها <W .R. شيكمان> (من جامعة كاليفورنيا في بيركلي) وكذلك أورسي ومساعدوه أن هناك مركبا شديد القرابة للبروتين ARF يقوم بالدور نفسه للبروتين ARF من حيث مبادرة عملية التبرعم. إضافة إلى أن هناك مجموعة مختلفة من البروتينات تدعى البروتينات COP II تحل محل قسيم الغلاف.

 

ولا يُوجَّه اليوم إلا القليل من الشك إلى القول إن جميع الخلايا المنواة تستخدم مجموعة مشتركة من المبادئ لتشكيل حويصلات النقل، وإن العملية فعالة إلى درجة مكَّنتها من البقاء عندما تطورت الأنواع البسيطة الوحيدة الخلية إلى مخلوقات متعددة الخلايا وشديدة التعقيد. في البدء يبادر البروتينARF وأحد أقربائه عمليةَ تشكيل الغلاف بأخذه مجموعة GTP وارتباطه بالغشاء. وبعد ذلك يقوم هذا المبادر بضم مكونات إضافية تتجمع مكونة غلافا على هيئة قبة. وتحرض عند القيام بذلك العمل المنطقة المرتبطة من الغشاء على تشكيل الحويصلة وتبرعمها. وفيما بعد تقوم جزيئات GTP بإزالة الغلاف لتسمح بحدوث الاندماج مع العضية المستهدفة.

 

إذا كانت أهمية الغلاف تقتصر على عملية التبرعم التي هي في الأساس العملية نفسها في جميع العضيات، فلماذا إذًا تحتاج خلية إلى أنواع عديدة من الأغلفة؟ إن السبب الأكثر احتمالا هو أن الغلاف له علاقة باختيار نوع الحمولة التي ستُنْقل في الحويصلة. يمكن أحيانا أن تكون الحمولة من البروتين مُتوَضعة في الغشاء ذاته فترتبط مباشرة بالغلاف. أما في بعض الحالات الأخرى فيمكن أن ترتبط الحمولة بالغلاف عن طريق وسيط ـ مستقبل ـ يمكن أن يجتاز الغشاء. إن استعمال أغلفة مختلفة يؤدي إلى نقل أنواع مختلفة من الحمولات من نقطة المنشأ نفسها ومن مختلف المناطق.

 

وتبقى هناك أسئلة أخرى يتعلق العديد منها بالتفاصيل الدقيقة لتشكل الغلاف، مثل كيف يتصل (يرتبط) تماما البروتين ARF والجزيئات المشابهة بالأغشية؟ وبدقةٍ، ما التفاعلات التي تمكّن بروتينات قسيم الغلاف من التشابك مع الأغشية؟ لقد بينت دلائل حديثة أن هناك ليپيدات (شحوم) معينة يمكن أن تساعد البروتين ARF على ضم قسيم الغلاف إلى السطح، وأن حمولة البروتينات نفسها يمكن أن تؤثر في طريقة تجمع الغلاف. ونحن بلا شك نرغب في معرفة المزيد عن الفعاليات النوعية التي تمتلكها مختلف الوحدات الجزئية (الفرعية)subunits لقسيم الغلاف. ومع ذلك إن ما يبعث على الرضا معرفة أن العديد من الخطوات الأساسية في عملية نقل البروتينات أصبحت معروفة ومحددة تماما. وفي الوقت ذاته يجب أن نلاحظ بتواضع أنه لا توجد مدينة تنظمها الكائنات البشرية يمكن أن تُقارن فيها كفاءة نظام النقل بالكفاءة المتألقة التي تنقل بها الخلايا عمالتها ـ من كل نوع وكل طراز ـ من مكان إلى آخر.

 

المؤلفان

James E. Rothman – Lelio Orci

ظل التعاون قائما بينهما لأكثر من عقد من الزمن. روثمان هو رئيس برنامج الكيمياء الحيوية والفيزياء الحيوية الخلوية في مركز السرطان التابع لسالون ـ كيتيرينگ ميموريال. حصل روثمان على الدكتوراه في الكيمياء البيولوجية عام 1976 من مدرسة طب هارڤارد، وقبل أن يلتحق بسالون ـ كيتيرينگ في عام 1991 كان يشغل منصب أستاذ البيولوجيا الجزيئية في جامعة برنستون، وقبل ذلك كان يشغل منصب أستاذ الكيمياء الحيوية في جامعة ستانفورد، وهو عضو في أكاديمية العلوم الوطنية. أما أورسي فهو رئيس قسم المورفولوجيا وأستاذ علم الأنسجة وبيولوجيا الخلية في مدرسة طب جامعة جنيڤ في سويسرا. حصل على الدكتوراه في الطب من جامعة روما عام 1964 وانتقل إلى جنيڤ في عام 1966.

 

مراجع للاستزادة 

A NEW TYPE OF COATED VESICULAR CARRIER THAT APPEARS NOT TO CONTAIN CLATHRIN: ITS POSSIBLE ROLE IN PROTEIN TRANSPORT WITHIN THE GOLGI STACK. L. Orci, B. S. Glick and J. E. Rothman in Cell, Vol. 46, No. 2, pages 171-184; 1986.

“COATOMER”: A CYTOSOLIC PROTEIN COMPLEX CONTAINING SUBUNITS OF NON-CLATHRIN-COATED GOLGI TRANSPORT VESICLES. M. G. Waters, T. Serafini and J. E. Rothman in Nature, Vol. 349, pages 248-251; January 17, 1991.

ADP-RIBOSYLATION FACTOR IS A SUBUNIT OF THE COAT OF GOLGI-DERIVED COPCOATED VESICLES. T. Serafini, L. Orci, M. Amherdt, M. Brunner, R. A. Kahn and J. E. Rothman in Cell, Vol. 67, No. 2, pages 239-253; October 18, 1991.

STEPWISE ASSEMBLY OF FUNCTIONALLY ACTIVE TRANSPORT VESICLES. J. Ostermann, L. Orci, K. Tani, M. Amherdt, M. Ravazzola and J. E. Rothman in Cell, Vol. 75, No. 5, pages 1015-1025; December 3, 1993.

MECHANISMS OF INTRACELLULAR PROTEIN TRANSPORT. J. E. Rothman in Nature, Vol. 372, pages 55-63; November 3, 1994.

Scientific American, March 1996

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

Back to top button