أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
الفيزياء التطبيقية

ثلاجات آينشتاين ـ تسيلارد

ثلاجات آينشتاين ـ تسيلارد

في العشرينات من هذا القرن، تضافرت جهود اثنين

زيائيين لإعادة اختراع الثلاجة المنزلية.

<G.دانن>

 

قام ليو تسيلارد Leo Szilard بزيارة ألبرت آينشتاين Albert Einstein في الشهر 7/19399 ليناقش معه خطر القنابل الذرية. كان تسيلارد مذعورا بسبب الكشف الذي تم حديثا عن انشطار اليورانيوم؛ وكان قد أدرك قبل ستة أعوام تقريبا أن التفاعل المتسلسل يمكن أن يضاعف هذه العملية إلى حد الخطر. وقد أدى تحذير تسيلارد من احتمال التوصل إلى الأسلحة النووية ـ ومن أن ألمانيا النازية قد تصنعها ـ إلى اقتناع آينشتاين بكتابة خطابه الشهير إلى الرئيس فرانكلين روزفلت الذي يحثه فيه على الإسراع في الجهود البحثية.

 

وعندما زار تسيلارد آينشتاين في لونگ آيلاند بولاية نيويورك في ذلك اليوم، فإنه كان أيضا يحيي تعاونا معه يرجع تاريخه إلى العهد الذهبي للفيزياء في برلين. فقد قام تسيلارد وآينشتاين في أواخر عام 1920 بتسجيل عدد من براءات الاختراع لبعض النماذج المبتكرة للثلاجات المنزلية التي لا تتضمن أجزاء متحركة، ويُعتبر عملهم هذا جزءا مهما من المعرفة الفيزيائية. لكن أية معلومات عن هذا الأمر، بخلاف هذه البراءات، شحيحة جدا.

 

لقد استطعت من خلال بحثي عن حياة تسيلارد أن أجمع تقريبا القصة الكاملة لهذه المشاركة. اكتشفت أن الشركة إلكترولكس الصانعة للأجهزة المنزلية لاتزال تحتفظ بملفات عن براءَتَي اختراع اشتريتا من آينشتاين وتسيلارد. وفي بودابست، كان المهندس <A.كورودي>، المسؤول الأول عن الاختراعات، يحتفظ بذكريات عزيزة عن هذا المشروع. احتفظ كورودي بنسخ من تقارير هندسية ـ بما في ذلك الصور الوحيدة المعروفة لنماذج آينشتاين وتسيلارد الأصلية ـ كان يُعتقد أنها مفقودة منذ زمن بعيد.

 

لقد ظهرت صورة مفصلة عن تعاون آينشتاين وتسيلارد من المصادر السابق ذكرها ومن المراسلات المتضمنة في أوراق تسيلارد الموجودة في جامعة كاليفورنيا بسان دييگو ومن محفوظات آينشتاين بجامعة برنستون (أصول هذه الأخيرة موجودة في الجامعة العبرية بالقدس.) كان المشروع أكثر شمولا وأكثر ربحا وأكثر نجاحا تقنيا مما كان يظنه أي شخص. وهذه القصة توضح دور آينشتاين كمخترع علمي وهو دور لم يكن يتوقعه أحد.

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/13/SCI97b13N5_H03_006976.jpg

حجيرة الثلاجة (في الوسط) مرئية من الخلف، معدة للتزود بمضخة كهرمغنطيسية اخترعها ليو تسيلارد (في اليسار) وألبرت آينشتاين (في اليمين). وقد طورت هذه الثلاجة في معهد أبحاث الشركة AEG ببرلين ولكن لم تسوّق قط، ويرجع ذلك، جزئيا، إلى الكساد الاقتصادي الكبير.

 

يخترع مع آينشتاين

تقابل تسيلارد وآينشتاين في برلين عام 1920، وكان آينشتاين، الذي بلغ عمره حينذاك أربعين عاما، قد وصل إلى ذروة الشهرة كفيزيائي. أما تسيلارد، الذي بلغ عمره 22 عاما، فكان اجتماعيا متقد الذكاء يدرس في جامعة برلين للحصول على الدكتوراه في الفيزياء. وفي أطروحته لنيل هذه الشهادة، طور تسيلارد الديناميكا الحرارية الكلاسيكية لتشمل الأنظمة الترددية، وذلك عن طريق تطبيق النظرية بأسلوب سبق لآينشتاين أن قال باستحالته. وقد أثر ذلك بشدة في «السيد الأستاذ» Herr Professor وأخذت عرى الصداقة تتوثق بين الاثنين.

 

وكما ذكر تسيلارد فيما بعد، فقد نصحه آينشتاين بعد نيله الدرجة الجامعية بأن يعمل في مكتب تسجيل براءات الاختراع. وكان ما قاله آينشتاين: «ليس أمرا طيبا للعالِم أن يعتمد على الدجاجة التي تبيض ذهبا» ويضيف: «كانت أفضل أيامي هي التي قضيتها في العمل في مكتب تسجيل براءات الاختراع.»

 

وعلى الرغم من هذا الاقتراح، فقد اختار تسيلارد العمل الأكاديمي في الكلية التي تخرج فيها، وتمكن بسرعة من حل مشكلة عفريت ماكسويل MaxwellsDemon. وهذا «العفريت» الذي كان ماكسويل أول من تصوره، والذي يبدو كأنه مخالف للقانون الثاني للترموديناميك (الديناميكا الحرارية) بفرزه الجزيئات السريعة من الأخرى البطيئة مقاوما بذلك الميل الطبيعي للجزيئات نحو الفوضى، ينتج منه توفير طاقة لآلة أبدية الحركة. أثبت تسيلارد زيف ذلك: المكسب الظاهري في تنظيم وفرز الجزيئات نتج من المعلومات التي تستخدم لإحداث هذا التأثير. تضمن حل تسيلارد فكرة البتة bit، وهي الفكرة التي صارت فيما بعد حجر الأساس في نظرية المعلوماتية. وفي عام 1924، وقع اختيار <M. ڤون لاو> الحائز جائزة نوبل على تسيلارد ليعمل مساعدا له في معهد الفيزياء النظرية بالجامعة.

 

وبحلول منتصف العشرينات من هذا القرن، أخذ تسيلارد يتردد كثيرا على مسكن آينشتاين زائرا. كان الرجلان متناقضين في بعض النواحي: كان تسيلارد واثقا بنفسه وغير متحفظ (كان البعض يقول إنه مغرور)، في حين كان آينشتاين متواضعا ومنطويا على نفسه. ومع ذلك فقد كانا متفقين تماما بالنسبة للأمور الأكثر أهمية. كانا يسعدان معا بالأفكار الجديدة ويجمع بينهما حب الاختراع، كما كان الوعي الاجتماعي لكل منهما قويا جدا.

 

يذكر الفيزيائي الراحل <B.فلد> الذي كان يعمل في معهد ماساتشوستس للتقانة، بناء على ما سمعه من تسيلارد، أن التعاون في تصميم الثلاجات بدأ عندما قرأ آينشتاين في أحد الأيام مقالا صحفيا يفيد بأن عائلة مكونة من والدين وعدة أطفال قُتِلت جميعها وهي في أسرّة النوم من جراء تسرب غاز سام من مضخة الثلاجة المنزلية. وكانت الحوادث من هذا النوع قد أخذت تمثل خطرا متزايدا في ذلك الوقت. كانت الثلاجات الميكانيكية المنزلية قد بدأت تحتل مكان «صناديق التثليج» التقليدية. ولم تكن الكيمياء قد أنتجت بعد مبردا غير سام. كانت هناك غازات ثلاثة مبردة مألوفة الاستعمال هي ميثيل الكلوريد والأمونيا (النشادر) وثنائي أكسيد الكبريت، وهي جميعا سامة، والكميات التي تحويها الثلاجات منها يمكن أن تسبب الموت.

 

سببت المأساةُ الحزن لآينشتاين الذي قال لتسيلارد «لا بد أن هناك طريقة أفضل.» توصل العالمان، بعد تبادل الرأي، إلى أن السبب في المشكلة لا يقتصر على غاز التبريد. فالتسربات من كراسي الاستناد والسدادات يتعذر تجنبها في الأنظمة ذات الأجزاء المتحركة. وتبين لهما أن درايتهما بالترموديناميك تتيح لهما إيجاد طرق متعددة للحصول على التبريد من دون الحركة الميكانيكية. لماذا إذًا لا يستفيدان من هذه الدراية؟

 

إضافة إلى ذلك، كان هناك وازع شخصي للمحاولة. كان تسيلارد في هذا الوقت، وبالذات في شتاء 1926-1925، يستعد لاتخاذ الخطوة التالية في عمله الأكاديمي بألمانيا ـ وهي أن يصبح مدرسا جامعيا privatdocent. كان تسيلارد يحصل على راتب ثابت من عمله كمساعد جامعي،  ولكنه سيضطر، إذا عمل مدرسا، أن يعيش في ضنك شديد على دخله من الرسوم المتواضعة التي يدفعها الطلبة. وإذا ما نجحت الاختراعات فإنها ستمكن تسيلارد من السير قدما في المهنة التي بدأها.

 

ولما كان آينشتاين راغبا في مساعدة صديقه الشاب الموهوب، فقد وافق على الدخول معه في مشاركة. حدد تسيلارد في خطاب كتبه إلى آينشتاين شروط اتفاقهما. كل اختراع يتوصل إليه أحدهما في مجال التبريد هو ملك مشترك لهما. وتكون الأولوية في الحصول على الأرباح لتسيلارد إذا نقص دخله من وظيفة المدرس الجامعي عن راتب المساعد الجامعي. وفيما عدا ذلك، تقسم الأرباح بينهما بالتساوي.

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/13/SCI97b13N5_H03_006977.jpg

تعتمد ثلاجات آينشتاين ـ تسيلارد على مباديء فيزيائية مختلفة، فالتصميم الذي يعتمد على الامتصاص (a) ـ الذي اشترته الشركة إلكترولكس ـ يستخدم مصدرا حراريا وعدة موائع لدفع المبرّد، وهو غاز البوتان، في دارة معقدة. ويتبخر البوتان، الذي يكون سائلا في البداية، بوجود غاز النشادر في غرفة المبرد 1 (في اليمين) مستهلكا بذلك الحرارة. أما الخليط الغازي فيمر إلى الغرفة 6 (في الوسط) حيث يمتص الماءُُ النشادر ويحرر بذلك البوتان السائل الذي يعاد دورانه. تدفع المضخة الكهرمغنطيسية (b) التي صنعتها الشركة AEG فلزا سائلا عبر الأسطوانة، وقد استخدم الزئبق في هذه الحالة بهدف اختبار الاختراع. يوضح الرسم النهائي (c) الأسطوانة طوليا (في الصفحة المقابلة) وبمقطع أفقي (في أسفل الشكل في الصفحة المقابلة). يوفر تيار كهربائي متقطع يسري في ملفات (منظمة مثل أشعة الدولاب) تحريضا كهرمغنطيسيا لدفع السائل، ويعمل ذلك عمل المكبس لضغط المبرد. وفي تجميع لثلاجة (d)، يكاد يكون كاملا، تم استخدام سبيكة بوتاسيوم ـ صوديوم كفلز سائل، والبنتان كمبرد ـ المضخة هي الأسطوانة الرأسية الداكنة في أسفل الشكل ـ وتعمل مجموعة ملفات المكثفات الظاهرة في الشكل بأسلوب عملها نفسه في الثلاجات الحديثة. اكتشف المؤلف حديثا هاتين الصورتين الملتقطتين عام 1932.

 

تصميمات أولية

وكما هي الحال الآن، كانت أغلب الثلاجات في ذلك الحين تستخدم محركات ميكانيكية ضاغطة. يُضغَط غاز التبريد ليصبح سائلا ثم تنتقل حرارته الزائدة إلى جواره. وعندما يسمح للسائل بالتمدد ثانية، تنخفض درجة حرارته ويتمكن بذلك من امتصاص الحرارة من غرفة داخلية. كان آينشتاين وتسيلارد يعتقدان أن تصميما آخر، سمي ثلاجات الامتصاص، هو أكثر أمانا. تجري دورة التبريد في ثلاجة الامتصاص بوساطة الحرارة الصادرة عن شعلة غاز طبيعي بدلا من الدفع بمكبس. أنجز المخترعان السويديان <V.B .پلاتن> و<C.مونترز> تصميما جديدا سوّقته الشركة إلكترولكس واعتُبِر اختراقا تقنيا فذا. وقد أدخل تسيلارد تحسينا على هذا التصميم.

 

والواقع إن العالِمَين لم يقتصرا على تصميم واحد، بل قدّما تصميمات متعددة. وساعدتهما خبرة آينشتاين كفاحص لبراءات الاختراع على تجنب الاستعانة بالمحامين الذين يُلجأ إليهم عادة في مثل هذه الأمور. بدأ تسيلارد في أوائل عام 1926 التقدم بمجموعة من طلبات تسجيل براءات خاصة باختراعاتهما. وفي خريف العام نفسه، استقر رأيهما على ثلاثة تصميمات كانت تبشر أكثر من غيرها بالنجاح.

 

ويبدو أن كل واحدة من هذه الثلاجات كانت مبنية على واحد من ثلاثة مباديء فيزيائية مختلفة: الامتصاص والانتشار والكهرمغنطيسية. كتب تسيلارد لأخيه <بِلا> خطابا في الشهر 10 يصف فيه تقدمهما قال فيه: «إن براءات الاختراع للثلاجات التي تقدمت بطلبها بالاشتراك مع الأستاذ آينشتاين وصلت الآن إلى المدى الذي يجعلني أعتقد أن الوقت الحالي مناسب للاتصال بالصناعة. إن الآلات (الماكنات) الثلاث محكمة الإغلاق وتعمل من دون أجزاء متحركة.. وأحد هذه الأنواع يكاد يكون مطابقا لإحدى آلات الشركة إلكترولكس (ورأيي أنه الأفضل في الوقت الحالي).. أما النوعان الآخران فمختلفان تماما عن أي آلات معروفة حتى الآن.»

 

تفاوض تسيلارد بسرعة بشأن عقد مع الشركة باماگ-ميگوين، وهي شركة صناعية كبرى إنتاجها الرئيسي معدات أعمال الغاز ولها مصانع في مدينتي برلين وأنهالت. وفي أواخر عام 1926، بدأ تسيلارد الإشراف على تطوير النماذج الأصلية في معهد التقانة ببرلين. وفي الوقت نفسه بدأ خريج هنغاري (مجري) من قسم الهندسة الكهربائية في المعهد، يدعى <A.كورنفيلد>، العمل في الثلاجات (غيّر كورنفيلد اسمه فيما بعد إلى <كورودي>، وهو الاسم الذي سأستخدمه فيما يلي). فاز كورودي في عام 1916 بجائزة إتفش Eötvös، وهي مسابقة مرموقة في الرياضيات للطلبة الذين تقل أعمارهم عن ثمانية عشر عاما. وبعد أن التقى كورودي وتسيلارد في مسابقة إتفش، درسا معا في جامعة بودابست التقنية. وفيما بعد، تبع كورودي تسيلارد وذهب إلى برلين حيث عاش الاثنان في شقتين في المبنى نفسه وصارا صديقين حميمين.

 

وللأسف، فإن الاتفاق مع الشركة باماگ-ميگوين لم يستمر أكثر من عام واحد. وكما يذكر كورودي «واجهت الشركة باماگ-ميگوين صعوبات في ذلك الوقت. وأعتقد أن الشركة صرفت النظر عن جميع المشروعات غير المؤكدة.» ولكن لم تمض شهور حتى توصل المخترعان إلى اتفاقات مع شركتين أخريين إحداهما سويدية والأخرى ألمانية.

 

كانت الشركة السويدية هي إلكترولكس. وفي 2/12/1927 اشترت الشركة پلاتن-مونترز لأنظمة التبريد، وهي أحد فروع الشركة إلكترولكس في استكهولم، براءة اختراع الثلاجة التي تعمل بالامتصاص من المخترعَيْن مقابل 3150 رايخمارك أو ما يعادل 750 دولارا. وكان كلا الطرفين راضيا عن هذه الصفقة. توضح ملفات الشركة إلكترولكس أن الشركة كانت ترى أن ثمن الشراء «رخيص جدا»، وذلك على الرغم من أن مكسب تسيلارد وآينشتاين يعادل تقريبا عشرة آلاف دولار بالأسعار الحالية.

 

سبب تسجيل طلب براءة الاختراع في أمريكا للثلاجة التي تعتمد على مبدأ الامتصاص استغرابا لطيفا، إذ تضمن استفسار المحامي الأمريكي المعني بشؤون براءات الاختراع والمسؤول عن هذه الحالة: «أود معرفة ما إذا كان ألبرت آينشتاين هو الشخص نفسه الذي وضع النظرية النسبية.» وأضاف: وإذا كان الأمر كذلك فيجب على مكتب البراءات ألا يعترض على الادعاء غير العادي لآينشتاين بأنه يحمل الجنسيتين السويسرية والألمانية. «ألبرت آينشتاين مبوب في القاموس الأساسي Standard Dictionary تحت كلمة «آينشتاين» كصفة تدل على النظرية النسبية. ويوضح القاموس أن الاسم مستخرج من ألبرت آينشتاين وهو مواطن لكل من سويسرا وألمانيا. وبهذا التصنيف في أحد القواميس المعترف بها، أظن أن مكتب البراءات لن يعترض على تعبير أن الأستاذ آينشتاين مواطن لدولتين مختلفتين.»

 

اشترت الشركة إلكترولكس أيضا، في وقت لاحق، التصميم المبني على مبدأ الانتشار، ولكن البراءة التي حصلت عليها والخاصة بهذا الاختراع لم تتضمن اسم أي من آينشتاين أو تسيلارد، كما أن الشركة إلكترولكس لم تطور قط أيا من التصميمين. وتوضح الوثائق أنه على الرغم من الإعجاب ببراعة التصميمين فإن الشركة قامت بشرائهما للحفاظ على حقها في تطبيقهما في المستقبل.

 

نتج من تصميم آخر لآينشتاين وتسيلارد، يختلف كثيرا عن التصميمات السابقة، شراكة مع الشركة سيتوجل في مدينة هامبورگ (اسم الشركة يعني في اللغة اللاتينية التجميد السريع). وطبقا لكورودي، كان هذا الاختراع هو رد فعل آينشتاين على التعقيد الشديد في التصميمات المبنية على الامتصاص. «اقترح آينشتاين نظاما بسيطا ورخيصا يناسب الثلاجات الصغيرة على الخصوص.»

 

ويذكر كورودي أن الجهاز كان «مبرِّدا صغيرا يمكن غمره مثلا في كأس لتبريد الشراب الموجود فيها.» وهذا النظام لا يحتاج إلى أي مصدر من المصادر المألوفة للطاقة، بل يمكن تشغيله بشكل كامل بضغط ماء الصنبور. تشغِّل قوة الضغط هذه مضخة مائية نافثة محدثة الخلاء في حجيرة يتبخر منها الماء وكمية صغيرة من الميثانول. ويُستهلك الميثانول ببطء، ولكن هذا السائل كان متوافرا ورخيصا، وبالتالي يمكن التعويض عنه بعد استهلاكه. ويوضح كورودي: «كانت هذه هي فكرة آينشتاين.»

 

كان تشغيل المبرد مُرضيا، وتم عرض النموذج الأصلي تحت اسم سيتوجل في معرض ليبزگ في أوائل عام 1928. ويشير كورودي، الذي انتقل إلى مدينة هامبورگ للعمل مع سيتوجل في هذا الاختراع، إلى سخط تسيلارد على ما آلت إليه الأمور. فسعر التجزئة للميثانول لم يكن بالرخص المتوقع. والأهم من ذلك، أن المبرد الأساسي الذي يحتاج إلى صنو له ـ هو ضغط ماء ثابت تأثر بالضغط العشوائي للماء في نظام توزيع المياه الألماني. ففي ذلك الحين، كان ضغط الماء يختلف من بناء إلى آخر، ومن طابق إلى آخر في البناء نفسه. وفي النهاية، ثبت أن التغيرات في الضغط كانت كبيرة جدا ولم يسوق الاختراع.

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/13/SCI97b13N5_H03_006978.jpg

يؤدي ضغط الماء الخارج من صنبور إلى تشغيل جهاز تبريد صغير طوّرته (في أبسط شكل) الشركة سيتوجل في هامبورگ. إن الميثانول الموجود في الغرفة 3 يتبخر في الغرفة 2 مما يؤدي إلى تبريد المنطقة 13 المحيطة. تبرد عنفةٌ (توربين) الجيلاتي أو الأغذية المجمدة الأخرى. يذوب الميثانول في الماء في الغرفة 1، ويسيل إلى الخارج، ويجب عندئذ استبداله. لم يسوّق الجهاز بسبب تغير ضغط الماء في المباني الألمانية.

 

مضخة آينشتاين ـ تسيلارد

كان أكثر الاختراعات ثورية ونجاحا هو ما عرف فيما بعد باسم مضخة آينشتاين ـ تسيلارد الكهرمغنطيسية. كان هذا الاختراع يؤدي جميع مهام المضخة بالرغم من عدم احتوائه على أية أجزاء ميكانيكية متحركة. يؤثر حقل كهرمغنطيسي متبدل في فلز سائل فيؤدي إلى حركة السائل أيضا. وبالتالي فقد استُخدم المائع المعدني كمكبس لضغط المبرد. (وكانت دارة التبريد بعد هذه النقطة هي ذاتها في الثلاجات العادية.)

 

يتذكر كورودي بوضوح أن التصور الأول كان أن يعمل الجهاز كمضخة توصيل كهرمغنطيسية مع مرور تيار كهربائي في الفلز السائل. كان من الواضح أن الأولوية في الاختيار هي للزئبق، ولكن معامل التوصيل الكهربائي للزئبق منخفض مما يؤدي إلى تضاؤل الكفاءة. اقترح تسيلارد فلزا سائلا بديلا ـ هو سبيكة بوتاسيوم ـ صوديوم التي معامل توصيلها الكهربائي أعلى بكثير. وعلى الرغم من أن كلا من البوتاسيوم والصوديوم يكون صلبا في درجة حرارة الغرفة، فإن خليطا مناسبا منهما يصبح سائلا في درجات الحرارة الأعلى من -11 درجة سيلزية. ولسوء الحظ، فإن للفلزين فعالية كيميائية، وبالتالي سيؤثران في المادة العازلة المحيطة بالأسلاك التي تحمل التيار الكهربائي للخليط.

 

فكر تسيلارد وكورودي في مواد عازلة أخرى، ثم توجه تسيلارد بالمشكلة ثانية إلى آينشتاين. يتذكر كورودي «استغرق آينشتاين في التفكير دقائق معدودات» ثم اقترح الاستغناء عن الأسلاك والتأثير، بدلا من ذلك، بقوة غير مباشرة من ملفات خارجية؛ أي بقوة التحريض.

 

وعلى ذلك فقد أصبح الاختراع مضخة تعمل بالتحريض الكهرمغنطيسي. قام كورودي بحساب الكفاءة المتوقعة في حالة استخدام سبائك البوتاسيوم والصوديوم ووجد أنها لاتزال أقل بكثير من كفاءة الضواغط المألوفة. ولكن هذا النقص في الكفاءة كان يُعوَّض بكون الجهاز موثوقا في جدارته وفي إمكان الاعتماد عليه. ويقرر كورودي «كان مثل هذا الضاغط جديرا بأن يصنع»، ويضيف: «إن مضخة آينشتاين وتسيلارد لن تكون عرضة للتسرب أو الفشل.»

 

في خريف عام 1928 وافقت الشركة الألمانية العامة للكهرباء (AEG) على تطوير المضخة لأغراض التبريد. وكانت هذه الشركة إحدى المؤسسات المزدهرة في برلين ولها معهد بحوث خاص بها، وقد أنشأت قسما خاصا في هذا المعهد تحت إشراف مهندسَيْن يعملان بدوام كامل. وقد تم توظيف كورودي في القسم لتطوير النواحي الكهربائية من الاختراع. كما تم توظيف مهندس هنغاري آخر يدعى <L.بهالي>، وهو صديق لكورودي، لتطوير النواحي الميكانيكية. وقد أشرف تسيلارد، الذي كان يشغل وظيفة خبير، على الفريق.

 

كان الراتب الشهري لكل من كورودي وتسيلارد 500 رايخمارك، أو ما يعادل 120 دولارا. ويذكر كورودي «كان هذا راتبا جيدا» في الوقت الذي كان فيه «سعر سيارة من صنع شركة فورد 300 دولار.» وكان عقد تسيلارد مع الشركة AEG أكثر سخاء من ذلك. فقد وصل دخله السنوي الذي يتضمن أجره عن عمله كخبير وحقوق براءة الاختراع إلى 3000 دولار وهو مبلغ معقول (يعادل حاليا 40000 دولار.)

 

احتفظ تسيلارد وآينشتاين بحساب مصرفي مشترك، ولكن المبلغ الذي قَبِلَه آينشتاين من المشاركة مازال مجهولا. وقد وصف كورودي آينشتاين بأنه لم يكن شريكا صامتا بل فعال: كان يزور المختبر عند كل مرحلة من مراحل الإنشاء لمراجعة التطابق مع النماذج الأصلية. يتذكر كورودي أيضا زياراته مع تسيلارد لمسكن آينشتاين في برلين، التي ربما وصل عددها إلى اثنتي عشرة، للحديث عن مخترعات جديدة، ويقول ضاحكا «لم أتحدث في الفيزياء مع آينشتاين.»

 

أما بالنسبة لتسيلارد، الذي كان يتناقش في الفيزياء مع آينشتاين، فإن المشاركة موّلت عمله الجامعي وزادت من إنتاجه العلمي. كان تسيلارد يشارك العالمين <V.J.نيومان> و <E.شرودنگر> التدريس في دورات النظرية الكمومية والفيزياء النظرية. وتتضمّن اختراعاته الأخرى في هذه الفترة المسرّع الخطي والسيكلترون والمجهر الإلكتروني. وفي الفترة نفسها، استمر آينشتاين بدأب في بحوثه في النظرية الموحدة للحقول، وعمل أيضا مع آخرين في اختراع بوصلة جيروسكوبية ومساعد للسمع.

 

ولكن، عندما أخذ تصنيع الثلاجة يتقدم، بدت في الأفق غيوم كثيفة. فقد حصل الحزب النازي الصغير في انتخابات الرايخستاج في 14/9/1930 على عشرين في المئة تقريبا من أصوات الناخبين. كتب تسيلارد في 27/9 خطابا إلى آينشتاين تضمن التحذير النبوئي: «من أسبوع لآخر ألاحظ أعراضا جديدة، وإذا لم تخنّي غريزتي، فإنه يصعب الاعتماد على التطور (السياسي) السلمي في أوروبا في العشرة أعوام القادمة. والواقع إنني لا أعرف ما إذا كنا سنتمكن من بناء ثلاجتنا في أوروبا.»

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/13/SCI97b13N5_H03_006979.jpg

كان ألبرت كورودي (1898-1995) هو المهندس الرئيسي للاختراعات. وهو يحمل في الصورة وثيقة جائزة تيڤادار بوشكاش Tivadar Puskas في الاتصالات اللاسلكية التي منحتها إياه الجمعية العلمية الهنغارية عام 1993.

 

ثلاجة تعمل

إن الاعتراض الوحيد المعروف، حتى وقت قريب، على النموذج الأصلي لمضخة آينشتاين وتسيلارد الكهرمغنطيسية هو أنها كانت تحدث ضوضاء شديدة. وعلى الرغم من أنه كان من المتوقع أن تكون المضخة بلا ضوضاء، فإنها عانت عيوب التآكل (التكهف) ـ نتيجة تمدد وتقلص الفجوات الصغيرة ـ أثناء ضغط الفلز السائل داخل المضخة. وقد علق الفيزيائي <D.گابور>، وكان من أفضل أصدقاء تسيلارد في برلين، بقوله إن المضخة كانت «تولول كابن آوى.» أما الفيزيائي الأمريكي <Ph.موريسون>، وكان قد أنصت فعلا للمضخة، فيقول إنها كانت تعوي «مثل البانشي(1) banshee.»

 

ومن ناحيته، وصف كورودي الصوت الصادر عن المضخة بأنه يشبه صوت تدفق المياه. إضافة إلى ذلك، وكما هو مفصل في التقرير النهائي للشركة AEG، كان مستوى الضوضاء يتوقف على قوة المضخة وسرعتها. وفي النهاية نجحت مجموعة من الحِيَل ـ مثل تخفيض الڤلطية عند بداية كل ضربة ـ في خفض الضوضاء إلى مستويات مقبولة.

 

ومن وجهة النظر الهندسية، فإن مشكلة الضوضاء هي في الجوهر مجرد «عملية تجميل.» وقد ظهرت التحديات المهمة عند استخدام فلزات تتفاعل كيميائيا. استخدمت تجهيزات خاصة لإمكان ملء المضخة من دون تأكسد الصوديوم والبوتاسيوم (وهي عملية قد تسبب انفجارا.) وعلى الرغم من هذه الصعوبة، فإن كورودي أكد أنه لم يكن هناك قط أي خطر على أصحاب الثلاجات: كانت ثلاجة آينشتاين ـ تسيلارد نظاما محكم الإغلاق وكانت الفلزات السائلة محتواة بالكامل في صلبٍ ملحوم غير قابل للصدأ.

 

وقد تم حل كثير من المشكلات عندما اكتمل تركيب النموذج. إلا أن مسألة الضجيج كانت لا تزال تحت الدراسة. يقول كورودي: «تم صنع ثلاجة كاملة في عامين، وقد استخدمت وتم تشغيلها كثلاجة.» وفي 31/7/1931، دخلت إحدى ثلاجات آينشتاين ـ تسيلارد في التشغيل المستمر بمعهد بحوث الشركة AEG. وبهدف المقارنة بالوحدات الموجودة فعلا، تم تركيب الجهاز في قمرة ثلاجة من إنتاج الشركة AEG سعتها أربع أقدام مكعبة (120 لترا) وهي الطراز G 400.  واستخدمت سبيكة بوتاسيوم-صوديوم كفلز سائل كما استخدم البنتان كمبرد. وكان التشغيل على أساس 136 واط والاستهلاك اليومي 2.3 كيلوواط ساعة.

 

وقد أصر كورودي على أن «الكفاءة كانت بالجودة التي تم حسابها.» ولكن بالنسبة للشركة AEG التي كانت تعاني بشدة الكسادَ العالمي المتزايد، لم تكن الثلاجة جيدة بالدرجة المطلوبة. أدت التحسينات في الثلاجات التقليدية والكساد الاقتصادي إلى انكماش السوق المحتمل. وعلى الخصوص، فإن التجربة الأمريكية لمبرد «الفريون» غير السام في عام 1930 بشرت بالقضاء على أخطار التسربات. (بالطبع، لم يتم التحقق من أن الكلورفلوروكربونات (ومنها الفريون) قد تشكل خطرا على طبقة الأوزون التي تحيط بكوكب الأرض إلا بعد مرور عدة عقود.)

 

استمر العمل في مختبر الشركة AEG عاما آخر تم خلاله تحسين نماذج المضخة وتغيير الفلزات السائلة. وقد ثبت أن الحرارة الداخلية للمضخة تكفي لحفظ البوتاسيوم عند درجة حرارة أعلى من نقطة ذوبانه وهي 63 درجة سيلزية. استغرقت فترة اختبار البوتاسيوم أربعة أشهر وكانت ناجحة، إذ ازدادت الكفاءة الكهربائية من 16 في المئة إلى 26 في المئة. ومع ذلك فقد سبب الكساد الاقتصادي الدمار للشركة AEG، وبالتالي فشلت محاولات إقناعها باستمرار البحث.

 

حاول تسيلارد أن يثير اهتمام عدة مصانع في بريطانيا وأمريكا، لكنه لم ينجح هناك أيضا. وفي عام 1932، خُفضت إمكانيات معهد الأبحاث في الشركةAEG إلى النصف، وبالتالي تم إلغاء جميع المشروعات غير الجوهرية. أسهم كورودي في كتابة تقرير نهائي من 104 صفحات عن تطوير ثلاجة آينشتاين وتسيلارد: التقرير التقني للشركة AEG رقم 689 بتاريخ 16/8/19322. (ومن حسن الحظ أن كورودي احتفظ بنسخة من هذه الوثيقة لأن ملفات الشركة AEG أُتلفت في الحرب العالمية الثانية.)

 

وبعد ذلك بشهور، عُيِّن أدولف هتلر مستشارا، وقد كان ذلك نهاية العصر الذهبي للفيزياء في برلين. هرب تسيلارد إلى بريطانيا ثم إلى أمريكا. وجد آينشتاين الملجأ في معهد الدراسات المتقدمة في پرنستون بولاية نيوجرسي. أما كورودي فعاد إلى بودابست حيث وجد عملا في الفرع الهنغاري للشركة فيليبس وأحرز نجاحا في مجال الاتصالات اللاسلكية، وقد توفي هناك في 28/3/1995.

 

فيزياء تطبيقية

قدّم تسيلارد وآينشتاين خلال فترة مشاركتهما، التي استمرت سبعة أعوام، 45 طلبا للحصول على براءات اختراع في ست دول على الأقل. وعلى الرغم من عدم وصول أي من ثلاجاتهما إلى المستهلكين، فإن التصميمات كانت تطبيقات مبتكرة لمباديء فيزيائية. وعلى الخصوص، فإن مضخة آينشتاين ـ تسيلارد ثبتت قيمتها في نهاية المطاف، فقد استُخدم نظام الأمان المتضمن في تصميمها فيما بعد في تبريد المفاعلات الولودة، وهي عملية أكثر حساسية وخطورة.

 

لقد دعمت الاختراعات العمل الأكاديمي لتسيلارد في ألمانيا، وكان هذا هو الهدف المقصود. إضافة إلى ذلك، فقد مكنته مدخراته من الإقامة عامين آخرين في بريطانيا. وبعد أن ساعد، دون أنانية وبنكران للذات، زملاءه من العلماء اللاجئين في الحصول على وظائف جامعية، عاد إلى الفيزياء النووية واكتشف التفاعل النيوتروني المتسلسل في خريف عام 1933. وفي الحقيقة، إن هذا المال هو الذي مكّن تسيلارد من إجراء بحوثه المبكّرة في الطاقة الذرية.

 

ولعدة عقود استمر الاعتقاد بأن اختيار تسيلارد وآينشتاين تصميم الثلاجات كان مجرد حب للاستطلاع. وحاليا تتبوأ تقانة التبريد الأولوية ثانية. والتحدي الناشيء عن المشكلة هذه المرة واضح تماما، إذ ربما تكون طبقة الأوزون المحيطة بالأرض مهددة بالخطر. كانت الاختراعات بالنسبة لآينشتاين وتسيلارد أكثر من مجرد مرحلة فاصلة قصيرة. فمنذ بداية تعاونهما في الفيزياء وحتى جهدهما المشترك فيما بعد لكبح تهديد الأسلحة الذرية، كانت منجزاتهما العلمية والتزاماتهما نحو الإنسانية مترابطة تماما كخصلات في ضفيرة. *

 

 المؤلف

Gene Dannen

عالم مستقل أجرى خلال 15 عاما بحوثا عن حياة ليو تسيلارد . وهذا المقال مقتبس مع بعض التعديل من الكتاب الذي سيصدر له عن دور تسيلارد في مولد العصر النووي. وهو مدين بشكر خاص لكل من مكتبة ماندفيل للمقتنيات الخاصة بجامعة كاليفورنيا في سان دييگو، وقسم الكتب النادرة والمخطوطات بمكتبات جامعة پرنستون، و<E. وايز> للسماح باستخدام خطابات تسيلارد غير المنشورة، و<H .ثروپ> و <K.پولسون> لإجرائهما مقابلات مع ألبرت كورودي وميهالي كورودي. يمكن الاتصال بدانن عن طريق البريد الإلكتروني: danneng@peak.org.

 

مراجع للاستزادة 

THE COLLECTED WORKS OF LEO SZILARD: SCIENTIFIC PAPERS. Edited by Bernard T. Feld and Gertrud Weiss Szilard. MIT Press, 1972.

LEO SZILARD: HIS VERSION OF THE FACTS; SELECTED RECOLLECTIONS AND CORRESPONDENCE. Edited by Spencer R. Weart and Gertrud Weiss Szilard. MIT Press, 1978.

EINSTEIN AS  INVENTOR. Georg Alefeld in Pbysics Today, Vol. 33, No. 5, pages 9-13; May 1980.

HANDBOOK OF ELECTROMAGNETIC PUMP TECHNOLOGY. Richard S. Baker and Manuel J. Tessier. Elsevier; 1987.

The author maintains a Leo Szilard Page on the World Wide Web at

http://www.peak.org/~danneng/szilard.html

Scientific American, January 1997

 

(1) مخلوق أسطوري يَفترض الفلاحون الاسكتلنديون والإيرلنديون أنه يعوي تحت نوافذ منزل يُشرف أحد سكانه على الموت. (التحرير)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

زر الذهاب إلى الأعلى