أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
تكنولوجياعلوم الكمبيوتر

مستقبل تقانة الأقراص المدمجة ـ الجزء الثاني

مستقبل تقانة الأقراص المدمجة ـ الجزء الثاني

تقانة الأقراص المدمجة الليزرية الزرقاء

لم يكن تطويع بلورات أشباه الموصلات لإصدار ضوء ليزري أزرق اللون أمرا

سهل المنال، ولكن الفوائد المتوقعة من تحقيق ذلك ـ ومنها إمكانية تخزين

قدر أكبر من المعلومات على الأقراص الضوئية ـ كانت تستحق الانتظار.

<L .R. گنشور> ـ <V .A. نيورميكو>

 

إنَّ القطعة الأساسية في الجهاز القارئ للأقراص المدمجة هي ليزر ضئيل القد، لكنه فعَّال الأثر، يعمل عمل قلم ضوئي رفيع. يسمح هذا الليزر للجهاز بقراءة المعلومات المخَزَّنة على سطح القرص المُدْمج على شكل بتات bits ضئيلة القد (في الجيل القادم من الأجهزة القارئة للأقراص الضوئية سيكتب الليزر المعلومات على القرص أيضا من خلال إجراء تغييرات عكوسة في المادة.) يحدُّ طول موجة الليزر من عدد البتات ـ وبالتالي من كمية البيانات المخزَّنة ـ التي يمكن وضعها على القرص، فكلَّما قَصُر طول الموجة صغرت البتات التي يمكنه قراءتها.

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/13/SCI97b13N8-9_H02_007169.jpg

حتى وقت قريب كان الحصول على الليزرات الزرقاء المصنوعة من أشباه الموصلات أمرا في غاية الصعوبة. ولاختبار إمكانات استعمالها في المختبرات اعتمد بعض الباحثين حلا مؤقتا تحوِّل فيه بلورة غير خطية الضوء تحت الأحمر إلى ليزر شبه موصل (كما هو مبين في الشكل). أمَّا مستقبلا فستصدُرُ حزمة ليزرية زرقاء مباشرة عن بلورة ضئيلة مصنوعة من مادة شبه موصلة ذات فرجة شريطية عريضة.

 

وحاليا تُصنع ليزرات الأجهزة القارئة للأقراص المدمجة من سبيكة من زرنيخيد الگاليوم (GaAs) ومن مركبات أشباه الموصلات المماثلة التي تُصدِر ـ عند تزويدها بالطاقة ـ ضوءا له طول موجة يقارب 820 نانومترا(1). يمكن أن يقرأ هذا الضوء تحت الأحمر البتات التي لا يتجاوز قدُّها مكرومترا واحدا(2)، وهو يعادل جزءا من خمسين من قطر شعرة بشرية. ويتم حاليا تطوير أقراص مدمجة ضوئية بمواصفات جديدة بحيث تجعلها تستفيد بقدر أكبر من التقدم الذي أحرزته ليزرات أشباه الموصلات لزيادة كمية المعلومات المخَزَّنة في القرص المدمج. غير أن الليزرات الديودية الزرقاء ـ التي تُصدر الضوء عند طول موجة يساوي 420 نانومترا ـ يمكن أن تعمل بشكل أفضل من ذلك، فهي تستطيع قراءة بتات أصغر بكثير من البتات التي يسببها الليزر تحت الأحمر. وإذا ما طُبِع قرص صوتي مدمج بهذه البتات الأصغر فسيكون بوسعه احتواء سمفونيات بتهوڤن التسع بأكملها بدلا من احتوائه، في الأقراص الحالية، على واحدة فقط، ويمكن أيضا للتطبيقات المتعددة الوسائط Multimedia applications الاستفادة من  هذا التجديد بشكل هائل.

 

وعلى الرغم من الإمكانات الكبيرة لليزرات الزرقاء فإن صنعها من أجل الاستعمال في الأجهزة القارئة للأقراص المدمجة لم يكن أمرا يسيرا. ولفهم السبب في ذلك علينا دراسة كيفية عمل هذه الأجهزة شبه الموصلة. إنَّ الليزرات الموجودة داخل الأجهزة القارئة للأقراص المدمجة هي عبارة عن قطعة صغيرة من البلورات المصنَّعة بشكل فائق الدقة (على المستوى الذري)، وتكون مقسومة إلى منطقتين أساسيتين؛ فلكلِّ جانب من هذا الديود diode صفة كهربائية مختلفة. فعلى الجانب المسمى الجانب من النمط n-type side n يحمل فيض من الإلكترونات التيار الكهربائي. وعلى الجانب من النمط p  تؤدي ثقوب وفيرة الدور نفسه ـ وهذه الثقوب هي جسيمات موجبة الشحنة يشير وجودها إلى غياب الإلكترونات. وعند تطبيق ڤلطية (جهد) موجبة على الجانب p وڤلطية سالبة على الجانب n تندفع الإلكترونات والثقوب كل منها نحو الآخر.

 

تتلاقى الجسيمات في طبقة فائقة الثخانة، وهي طبقة خاوية من الإلكترونات والثقوب تُعْرف باسم البئر الكمومية quantum well، وهناك تتحد الجسيمات بعضها مع بعض فيفني أحدها الآخر. وعند ظروف مناسبة تنبعث الفوتونات (وهي أصغر وحدات الضوء) نتيجة لذلك. عندما يُقرن الإصدار بآلية تغذية راجعة (مرتدة) feedback ـ وهي بمعنى آخر زوج من المرايا الفائقة الانعكاس المدمجة في الجهاز بحيث «تعيد تأهيل» الفوتونات ـ يظهر لدينا مفعول الليزر، وعندها تكون جميع الفوتونات الصادرة مترابطة بحيث تعطي للحزمة الرفيعة الصادرة صفاتها الاستثنائية.

 

تحدَّد طاقة الفوتونات، التي تكافئ طول موجة الضوء الصادر، من خلال معيار إلكتروني أساسي ينصُّ على أنَّها تساوي طاقة الفُرجة الشريطية band-gap، أو بصورة عامة «المرونة الإلكترونية» للمادة شبه الموصلة التي تحدث فيها عملية التركيب بين الإلكترون والثقب [انظر الشكل في الصفحة 13]. تبلغ طاقة الفرجة الشريطية في الديودات الليزرية المصنوعة من زرنيخيد الگاليوم نحو 1.45 إلكترون ڤلط. ولإنتاج ضوء يعمل في المجال الأزرق من الطيف الضوئي يجب مضاعفة طاقة الفرجة الشريطية تقريبا. لذا يجب على الباحثين التحول إلى نمط آخر من أشباه الموصلات يدعى المواد العريضة الفرجة الشريطية، ومن هذه المواد سِلينيد التوتياء (ZnSe)، وهو المركَّب II-IV، وقد سمي كذلك تبعًا لمكانه على الجدول الدوري، والمركَّب III-V، وهو نتريد (أزوتيد) الگاليوم (GaN). ولعلَّ من المناسب وصف هذه المواد بأنها أشباه عوازل، وهو تعبير يصف جيدا إحدى المشكلات الأساسية الناجمة عن استعمال هذا الصنف من أشباه الموصلات في الأجهزة الكهربائية.

 

في بداية الثمانينات حاولت مجموعة من الباحثين تشكيل بلورات شبه موصلة من النوع II-VI باستخدام طريقة تدعى التنضيد البلوري الطبقي (التقيُّل) للحزمة الجزيئية molecular beam epitaxy. وفي هذه الطريقة، تقوم «مرذاذات» showerheads ذرية موضوعة في وعاء فائق الانفراغ بهمر رذاذ لطيف من العناصر المركِّبة للركيزة منشئة نوعا من «ناطحة سحاب» ذرية (تشبه هذه العملية تشييد مبنى حجرا تلو آخر، ولكن بالمعيار الذري في حالتنا.) وباستخدام هذه الطريقة صمَّم الباحثون بشكل سريع «مواد تصميم» ذات نوعية بلورية فائقة. وانطلاقا من هذا العمل حصل فهم أفضل لكيفية عمل طبقات الآبار الكمومية وللكيفية التي تُمكِّن الباحثين من تطويع الفوتونات الخضراء والزرقاء انطلاقا من مواد معقَّدة الصنع (إنَّ طول موجة الضوء الأخضر هو أكبر بقليل من طول موجة الضوء الأزرق.) ولكن لم ينته البحث عن ليزرات زرقاء وخضراء جديدة، فالأجهزة الأولى لا تصدر الضوء إلا عندما تُعْطى الطاقة من ليزر إثارة آخر كبير الحجم.

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/13/SCI97b13N8-9_H02_007170.jpg

للحصول على ضوء أزرق يجب ترتيب بلورات أشباه الموصلات بطريقة دقيقة (في الأسفل). تحيط طبقتان رقيقتان من سلينيد الكبريت والتوتياء (اللون الأخضر) برقاقة فضية من سلينيد الكادميوم والتوتياء (اللون الأزرق). تحمل الطبقة العلوية من سلينيد الكبريت والتوتياء عددًا وفيرًا من الثقوب، أما الطبقة السفلية فتحمل فيضًا من الإلكترونات. عندما تطبق ڤلطية على الطبقات الخارجية من البلورة تندفع الثقوب والإلكترونات نحو طبقة سلينيد الكادميوم والتوتياء حيث تفني كل واحدة الأخرى وتصدر فوتونات (في اليمين). تشكِّل الطبقا الوتدية من سلينيد الكبريت والمغنزيوم والتوتياء (اللون الأصفر) دليلا موجيا ضوئيا. تحمل الطبقة السفلية من سلينيد الكبريت والمغنزيوم والتوتياء عددا وفيرا من الإلكترونيات، وتكون متوضعة على ركيزة من زرنيخيد الكاليوم الموصولة  إلى الڤلطية السالبة من المنبع الكهربائي. نرسِّب فوق طبقة سلينيد الكبريت والمغنزيوم والتوتياء (التي تحمل عددا وفيرا من الثقوب) طبقات متعاقبة من سلينيد التوتياء وتلُّوريد التوتياء التي توصل إلى الڤلطية الموجبة من المنبع الكهربائي.

 

لم يستطع الباحثون، عبر عقد من الزمن تقريبا، إيجاد طريقة لإعطاء الطاقة الكهربائية مباشرة لليزرات الزرقاء والخضراء. وعلى الرغم من استطاعتهم إشابة (تطعيم) بلورات سلينيد التوتياء بفيض من الإلكترونات فإنه لم يكن بوسعهم تزويدها بكمية وافرة من الثقوب، وبالتالي لم يستطيعوا صنع الوصلة pn. وفي عام 1990 أتقن الباحثون السبل اللازمة لضمِّ ذرات النتروجين إلى هذه العملية ونجحوا أخيرا في إشابة سلينيد التوتياء بعدد وفير من الثقوب. وفي العام التالي تمكَّن باحثون من مختبرات الشركة 3M، وبشكل مستقل فريقنا المشترك في جامعتي براون وپُرديو، من الحصول على أوائل الليزرات الديودية الزرقاء والخضراء. ولم يكن بوسع هذه الليزرات العمل في النمط المستمر وكان من الواجب تبريدها إلى درجة حرارة النتروجين السائل (77 كلڤِن). وبعد ذلك حسَّنت المجموعات الثلاث تصميماتها للوصول إلى تشغيل الليزر في النمط المستمر عند 77 كلڤِن، وفي النمط النبضي عند درجات الحرارة العادية.

 

في أواخر عام 1993 استطاع باحثون من مختبرات الشركة سوني ومن مجموعة جامعتي براون وپُرديو الحصول على تشغيل مستمر لديود ليزري ـ مزود بطاقة لا تتجاوز 5 ڤلط ـ لفترة لا تتعدى أعشار الثانية عند درجات الحرارة العادية، مع العلم أنَّ الليزرات الزرقاء والخضراء الأولى كانت تحتاج إلى ثلاثين ڤلط على الأقل. وقد نجم هذا التطوير الحاسم عن بعض البراعة المتزايدة في الهندسة الذرية للمواد. وحديثا صنعت الشركة سوني ليزرا أخضر يصدر الضوء عند الطول الموجي 520 نانومترا ويعمل بالنمط المستمر لمدة تقارب مئة ساعة عند درجات الحرارة العادية. أمَّا مجموعة جامعتَي براون وپُرديو فقد عرضت ليزرا أزرق يعمل عند الطول الموجي 460 نانومترا.

 

إن مدة عمل الليزر لمئة ساعة مازالت غير كافية للتطبيقات العملية. ولكنَّ معرفتنا بأنَّ ليزرات زرنيخيد الگاليوم الشائعة الاستعمال حاليا كانت في بداياتها تعاني المشكلاتِ نفسَها بشكل أساسي، تجعلنا متفائلين. وحديثا أحرزت الشركة Nichia Chemical Industries  اليابانية تقدُّما ملحوظا من جرَّاء عملها مع مواد من نتريد الگاليوم. وقد نجح باحثوها في إنتاج ليزرات ديودية جميلة تصدر ضوءًا أزرق، وقد أجروا تجارب توضيحية لليزر أزرق عند ڤلطيات عالية وإن كان ذلك في النمط النبضي.

 

المستقبل الأزرق المشرق

على الرغم من محدودية الليزرات الديودية الزرقاء والخضراء فإنه يمكن تحسينها بطرائق شتى. فبإعطاء مزيد من الانتباه للترتيبات الذرية للبلورة يمكن للباحثين صنع بلورات مقاومة أكثر لكثافات التيار العالية جدا اللازمة لإعطاء الطاقة لليزر. ويبين الشكل في الصفحة المقابلة مخطَّطا لجهاز الليزر المصنوع من تركيب من أشباه الموصلات II-VI  المشتقة في معظمها من سِلينيد التوتياء. تقوم المتتالية المدروسة للطبقات المتوضِّعة بدقة بإعطاء الطاقة الكهربائية بالصورة المثلى إلى البئر الكمومية الفائقة الدقة المصنوعة من سلينيد التوتياء والكادميوم (ZnCdSe)، وهو ما يشكل القلب الإلكتروني والضوئي لليزر. ويعطي هذا الترتيب أيضا المسار الضوئي المناسب لتمرير الفوتونات الصادرة وتوليد آلية التغذية الراجعة. تتشكَّل البئر الكمومية ـ التي تبلغ ثخانتها واحدا من مئة من المكرون ـ من خلال حصر الإلكترونات والثقوب بين طبقتين من سلينيد الكبريت والتوتياء (ZnSSe) اللتين يكون عرض فرجتهما الشريطية أكبر.

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/13/SCI97b13N8-9_H02_007171.jpg

تحدِّد طاقة الفرجة الشريطية في بلورة شبه موصل مقدار طاقة الفوتونات الصادرة عنها وبالتالي طول موجة الضوء الذي تعطيه هذه الفوتونات. تعطي مادةٌ طاقةُ فرجتها الشريطية عالية، مثل سلينيد الكبريت والتوتياء، ضوءا ذا طول موجي قصير يقع ضمن المجال الأزرق ـ الأخضر من الطيف.

 

على الرغم من أن انضمام إلكترون وثقب في شبه الموصل قد يبدو حتميا إلى حد ما، فإن الميكانيك الكمومي يجرِّد هذه الجسيمات من فرديتها. في الواقع تندمج الإلكترونات والثقوب بعضها مع بعض بالجذب الكهربائي (الكولوني) لتشكِّل أزواجا تدعى إكسيتونات excitons. ونموذجيا، فإنه في درجة الحرارة العادية تكسر ارتجاجات الشبكة البلورية هذه الإكسيتونات. وهكذا عند خزن كثير من الجسيمات في مساحة صغيرة، فإنَّ التبعثر بينها يكسر هذه الإكسيتونات. ولكن في طبقة رقيقة من شبه الموصل عريض الفرجة الشريطية، مثل سلينيد التوتياء والكادميوم، فإن الأزواج الإكسيتونية تُعصر بشكل كبير إلى حدٍّ تبقى معه متعالقة correlated بعضها مع بعض، حتى عندما تكون في درجة الحرارة العادية أو في جهاز ليزري مكتظ بالإكسيتونات. ومن المحتمل أن تصدر هذه الأزواج (ذات العمر الأطول من غيرها) الفوتونات، وبالتالي سيتطلب الجهاز تيارا أقل لمؤازرة عملية إصدار ضوء الليزر.

 

يصحِّح أحد مظاهر التصميم مشكلة ناشئة عن أنَّ طول موجة إصدار الليزر الأزرق والأخضر يتجاوز ثخانة البئر الكمومية بمرتبتين تقريبا (أي نحو مئة مرة). إضافة إلى ذلك تُستعمل مادة أخرى هي  سلينيد الكبريت والمغنزيوم والتوتياء (ZnMgSSe) لتحديد دليل الموجة الضوئية الذي يُستعمل لصيد الضوء في الاتجاه العمودي. وقد بيَّن الباحثون في مختبرات الشركة فيليپس عام 1993 كيفية تحسين هذا الدليل الضوئي من عمل الليزر، كما نزعوا باستعمال طريقة الليثوگرافي وطرائق المعالجة المشابهة جزءا من المادة في الاتجاه الجانبي بهدف إنشاء دليل موجي ضوئي في داخل القسم الباقي من المادة. ونتيجة لذلك تقوم البنية بأكملها بحصر الضوء الأزرق أو الأخضر داخلها في اتجاه مسيطر (محوري) واحد. ينعكس الإشعاع مرات عديدة بين الوجهين المقطوعين بلوريا اللذين يشكلان مرآتين مثاليتين تقريبا، ثم يخرج عبر واحد منهما أيضا. وقد أدى ترتيب مشابه معتمد على مركبات النتريد III-IV إلى ظهور النتائج الأخيرة لإصدار الليزر الأزرق من أشباه الموصلات هذه. تتألف البئر الكمومية من نتريد الإنديوم والگاليوم (In GaN)، حيث يُشكِّل نتريد الگاليوم والألمنيوم (AlGaN) طبقات الحصر الإلكتروني والضوئي، على التوالي.

 

يدعى القسم الأعلى، الموجود فوق سلينيد الكبريت والتوتياء من النمط p، طبقة تماس الفرجة المتدرجة Zn Se,Te ، المشكّلة من طبقات متعاقبة من سلينيد التوتياء وتلوريد التوتياء. كانت إحدى المشكلات التي صادفناها في أوائل الليزرات الديودية الزرقاء والخضراء هي أنه على الرغم من إمكانها العمل في النمط المستمر في درجات الحرارة العادية، فإنَّ حرارتها ترتفع في أقل من ثانية واحدة إذا ما وُصلت مباشرة ببطارية (مدخرة) كهربائية. ويحدث هذا التسخين عند الوصلة الكهربائية حيث يتم تماس المسرى الكهربائي مع شبه الموصل المشوب بالنوع p. ويحدث فرق كبير في الڤلطية، يدعى حاجز شوتكي Schottkybarrier، بين الموصِلَيْن بحيث يمنع مرور التيار. ولم تُحَل هذه المعضلة حتى أواخر عام 1992. وقد تضمَّن الحل استعمال سبيكة متدرجة من سلينيد التوتياء وتلوريد التوتياء تحلُّ محلَّ الحاجز الحاد للانتقال بين المعدن وسلينيد التوتياء مع ميل خفيف.

 

تركِّز معظم البحوث التي تُجرى في أنحاء العالم على زيادة عمر الليزرات الديودية الخضراء والزرقاء (المصنوعة من أشباه الموصلات II-VI) العاملة في النمط المستمر، وعلى تحسين نوعية مواد مركبات النتريد. وإنَّ العقبة الحالية لمواد سلينيد التوتياء ـ التي تعطي من جانب آخر إمكانات فائقة في علم المواد المعاصر ـ هي حدوث خلل بلوري عند ترسُّب أولى طبقات سلينيد التوتياء على ركيزة زرنيخيد الگاليوم، التي تشاركها تقريبا قدَّ الشبكة البلورية نفسها. تقوم بعض الذرات هنا وهناك (ربَّما بما لا يتجاوز ذرة واحدة في المليون) بترتيب نفسها بشكل خاطئ مغيِّرة نمو الطبقات الإضافية. ينتشر الخلل، الذي يدعى خلل الارتصاص stacking fault، مع نمو البلورة. وعندما يصل الخلل إلى البئر الكمومية فإنه يؤمِّن مواضع للإلكترونات والثقوب بحيث يمكِّنها من الانضمام بعضها إلى بعض بدون إصدار إشعاع، أي بدون أن تطلق فوتونا. تطلق كلُّ واحدة من هذه الحوادث غير الإشعاعية نحو 2.5 إلكترون ڤلط من الطاقة إلى الشبيكة البلورية المجاورة ـ وهي كمية تعادل الطاقة التي تمسك مكونات البلورة بعضها مع بعض. وبالتالي يؤدي حدوث مزيد من الخلل إلى تحرير المزيد من الحرارة، وإلى توقُّف الليزر عن العمل.

 

كشف العديد من طرائق التشخيص ـ بما فيها الدراسة المجهرية الضوئية عالية الميز high-resolution  والدراسة المجهرية الإلكترونية بطريقة النفاذ ـ جزئيا عن كيفية حدوث هذا الخلل في الليزرات الديودية المصنوعة من أشباه الموصلاتII-VI. وبتطبيق هذه النتائج تقوم المختبرات الرائدة في هذا المجال بسبر عدد من الأفكار الهادفة إلى منع ارتصاص الخلل ـ معتمدين ثانية على الطرائق العديدة المتوافرة لهندسة مادة الليزر بحيث تجعلها تمتلك صلابة إضافية. تختلف التحديات الحاصلة عند استعمال مركبات النتريد، فهذه المركبات صلبة للغاية بسبب توضعات رابطتها الكيميائية. وبالتالي يقلُّ احتمال أن يسبب تيار كهربائي قوي خللاً في الارتصاص. ولكن عيوب مركبات النتريد كثيرة جدا لدرجة أنها تمنع، في الوقت الحاضر، عمل الليزر. وعلى الرغم من ذلك لا يمكن أن تكون حلول هذه المشكلات بعيدة المنال. ونظرًا للتطبيقات الواعدة في الخزن الضوئي عالي الكثافة وبسبب وجود عدد من الاستعمالات في أجهزة العرض التلفزيوني والتشخيص الطبي، فإن مستقبل الليزرات شبه الموصلة العريضة الفرجة الشريطية سيكون مشرقًا حقا.

 

 المؤلفان

Robert L. Gunshor – Arto V. Nurmikko

تعاونا منذ أكثر من اثني عشر عاما. گنشور هو أستاذ الإلكترونيات الميكروية في جامعة پُرديو. أمَّا نيورميكو فهو أستاذ الهندسة والفيزياء في جامعة براون ومدير مركز بحوث المواد المتقدمة فيها.

 

مراجع للاستزادة 

PHYSICS AND DEVICE SCIENCE IN II-VI SEMICONDUCTOR VISIBLE LIGHT EMITTERS. A. V. Nurmikko and R. L. Gunshor in Solid State Physics (Academic Press), Vol. 49, pages 205-282; 1995. SEMICONDUCTOR LASERS: PAST, PRESENT AND FUTURE. Govind Agrawal. American Institute of Physics Press, 1995.

Scientific American, July 1996

 

(1) النانومتر يساوي جزءًا من ألف مليون من المتر.

(2) المكرومتر يساوي جزءًا من مليون من المتر. (التحرير)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

زر الذهاب إلى الأعلى