أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
الفيزياء التطبيقية

ليزرات نانوية


ليزرات نانوية

تناقصت باطراد أبعاد ليزرات أشباه الموصلات إلى حدٍّ يقل

حتى عن طول موجة الضوء الذي تُصدره. وفي هذه الظروف يسودُ

السلوك الكمومي للفوتونات والإلكترونات، مما يُمكِّن من الحصول

على أجهزة أكثر سرعة وكفاءة من الأجهزة المتوافرة حاليا.

<L.P. گورلي>

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/14/SCI98b14N11_H05_007495.jpg

يبلغ قطر الليزرات المِكروقرصية microdisk مكرونين (أي جزءين من المليون من المتر) ويبلغ سمكها جزءا من المكرون. تُصنع الأقراص من مادة شبه موصلة وتحمل على قوائم. يولَّد الضوء ضمن القرص وعلى طوله قبل أن ينبثق قطريا، كما هو مبين في الأنماط الموجية الحمراء في المحاكاة الحاسوبية (في اليمين). تنتج الانخماصات (النقر) في مركز الأقراص وكذلك الجسيمات العشوائية التي نراها في الصورة من عملية الكشط (الحفر) الكيميائي المستعمل في صنع هذه البنى.

 

عبر العقود الخمسة الماضية تناقصت باطراد أبعاد الترانزستورات السيليكونية بقدر سمح بصنع شيبَّات أدق وأفضل أداء من أسلافها، إلا أنَّ ثورة الليزرات شبه الموصلة التي رافقت ذلك بقيت أقل شهرة. وقد قام الباحثون مؤخرا بتقليص بعض أبعاد (قدود) هذه الأجهزة إلى درجة مدهشة لتبلغ أجزاء من النانومتر (النانومتر الواحد يساوي جزءا من ألف مليون جزء من المتر)، وهي أبعاد تقلُّ حتى عن طول موجة الضوء الذي تصدره هذه الليزرات. عند هذه الأبعاد (وهي تقل عن جزء من المئة من ثخانة الشعرة البشرية) تبدأ مظاهر غريبة للميكانيك الكمومي بالسيطرة. وباستغلال هذا السلوك الكمومي للفوتونات وللإلكترونات سيتمكَّن الباحثون من تكييف الخصائص الأساسية للأجهزة بغية الحصول على كفاءات وسرعات أكبر من ذي قبل.

 

ويمكن أن تتوافر تطبيقات لا تُحصى لليزرات النانوية، منها الحواسيب الضوئية (التي سيحل الضوء فيها محل الكهرباء لنقل المعلومات ومعالجتها وخزنها). وحتى وإن لم يكن بوسعنا الوصول إلى الحوسبة الضوئية في القريب العاجل فإنَّ استعمالات أخرى، مثل الاتصالات عبر الألياف الضوئية، آخذة بالانتشار بشكل مطرد. وأبحثُ أيضا ـ مع باحثين آخرين ـ عن ليزرات جديدة تخدم أغراضا غير مألوفة من قبل، مثل التشخيص المبكر للأمراض.

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/14/SCI98b14N11_H05_007496.jpg

يحاط ليزر الحلقة المكروية ببنية زجاجية تأخذ شكل الحرف U بحيث توجه الضوء إلى خارج الجهاز في حزمتين متوازيتين على طول شعبتي البنية U. يتألف الليزر أساسا من سلك رفيع من شبه موصل (ذي مقطع مستطيل الشكل أبعاده 400 و 200 نانومتر)، ملفوف في داخل بنية كعكية فائقة الرقة.

 

الإلكترونات الوثابة

على الرغم من أنَّ دراسة الليزرات النانوية توسِّع حدود الفيزياء الحديثة فإنَّ هذه الأجهزة تعمل بنحو مشابه تماما لسلفها الأول، وهو عبارة عن أداة مكونة من قضيب من الياقوت الكامد (القاتم) اللون يعود لخمس وثلاثين سنة. بصورة عامة فإن مادة الليزر (على سبيل المثال غاز مثل الهليوم أو النيون، أو شبه موصل بلوري) تكون محصورة بين مرآتين، وهي تُحقن بالضوء أو بالطاقة الكهربائية. تثير هذه العملية بعض إلكترونات المادة بحيث ترتقي من مستويات الطاقة الدنيا إلى المستويات العليا، وعند عودة هذه الإلكترونات إلى الحالات الدنيا تنتج الضوء الذي ينعكس مرارا بين المرآتين.

 

تقدح الفوتونات المرتدة إلكترونات «مثارة» أخرى (وهي إلكترونات موجودة في حالات طاقية أعلى) لتصدر فوتونات مماثلة، كما هي الحال في المفرقعات النارية التي تنفجر بحيث تفجِّر المفرقعات الأخرى. يدعى هذا التفاعل السلسليُّ الإصدارَ المحثوثَ (ومن هنا أتت تسمية الليزر من اختصار عبارة «تضخيم الضوء بوساطة الإصدار المحثوث للإشعاع»). ومع تعاظم عدد الفوتونات فإنها تصبح جزءا من موجة مشتركة تزداد شدتها باستمرار إلى أن تنبثق من إحدى المرآتين على شكل حزمة مركَّزة ومباءَرة.

 

ولكن لا ينضم مجموع الفوتونات إلى هذه الموجة، إذ يصدر كثير من الفوتونات بمعزل عن التفاعل السلسلي chain reaction. في حيِّز كبير (بالنسبة إلى جسيم دون ذري subatomic يكون قدُّ الجوف الليزري النمطي هائلا) تكون الفوتونات حرة الحركة، وهكذا يظل الكثير من الفوتونات غير المشاركة في التفاعل السلسلي في أطوال موجية مختلفة عن الفوتونات المشاركة فيه، وهي تتبعثر في جميع الاتجاهات مصطدمة بجوانب الليزر ومولِّدة حرارة غير مرغوبة بدلا من ارتدادها بين المرآتين فحسب. وفي بعض أنماط الليزرات لا يتوافر أكثر من فوتون واحد مفيد بين نحو عشرة آلاف فوتون موجودة في الجوف.

 

وبسبب وجود هذا الفقد الهائل نحتاج إلى الوصول إلى عتبة طاقية معينة للتأكد من أن عدد الإلكترونات المثارة كاف للبدء بالإصدار المحثوث والحفاظ عليه. ويشبه هذا الشرط القدر الأدنى من الطاقة اللازمة لبدء غليان الماء في وعاء، وإذا لم نتخلص من هذه العقبة سيفشل الليزر في الوصول إلى التفاعل السلسلي المستمر ذاتيا self-sustaining  والضروري لعمله. وتعلِّل هذه العقبة سبب احتياج ليزرات أشباه الموصلات إلى تيارات عالية نسبيا في عملها على العكس من الترانزستورات السيليكونية التي تكون أكثر اقتصادا بكثير من ليزرات أشباه الموصلات. ولكن إذا أمكن لهذه الأخيرة وقف تبديد الطاقة ستتمكن من منافسة مثيلاتها الإلكترونية في الكثير من التطبيقات العملية بما فيها الاستعمالات في الحواسيب.

 

مؤخرا تزايد اهتمام كثير من الباحثين بمبدأ العمل من دون عتبة thresholdless. وقد اقترح هذا المبدأ <Y. ياماموتو>، الباحث في مختبرات البحوث الأساسية بشركة NTT وبجامعة ستانفورد، ومعه <T. كوبايشي>، الباحث في جامعة أوزاكا في اليابان، وهو ينص على أن العمل من دون عتبة يستلزم إدخال جميع الفوتونات (حتى التلقائية منها) في عملية الليزرة lasing. ومن الناحية النظرية، سيتطلب الجهاز قدرا ضئيلا من الطاقة، وهذا ما يشبه الغلاية التي تستطيع غلي الماء بحرارة عود ثقاب واحد. ولم يتفق الباحثون على أفضل تصميمٍ للحصول على هذا الليزر، ولعل الاتفاق سيكون في جعل أبعاده صغيرة جدا (أي من مرتبة طول موجة الضوء الذي يصدره) بحيث تستفيد الأجهزة من السلوك الكمومي للإلكترونات والفوتونات.

 

جيل جديد

وُضعت أساسيات العمل من دون عتبة في أواخر السبعينات عندما عرض <K. إيگا> وباحثون آخرون (في معهد طوكيو للتقانة) نمطا مختلفا جذريا من ليزرات أشباه الموصلات [انظر: «الليزرات المكروية»،مجلة العلوم، العددان 7/8(1996)، ص 50]. وتَستمدُّ هذه الليزرات اسمها بسبب أبعادها المكروية، وهي من عائلة الديودات شبه الموصلة الليزرية التي نصادفها بشكل شائع في الأجهزة القارئة للأقراص المدمجة (حيث تشير تسمية «ديود» إلى اتجاه وحيد لانتقال التيار الكهربائي خلال عمل الليزر).

 

ولكنّ الليزرات المكروية تختلف عن الديودات الليزرية في نواح أساسية عديدة، إذ تأخذ الأخيرة شكلَ مكعبات يجب قدُّها أو قطعها من رقاقة wafer كبيرة، وهي تُصدر الضوء على طول الجوانب المقطوعة. أمَّا الليزرات المكروية فهي أصغر من الديودات الليزرية، ولها أشكال أسطوانية ونحصل عليها من خلال حفر الرقاقة، وهي تصدر الضوء من الأعلى (عموديا على الطبقات الدائرية للمادة شبه الموصلة التي تكوِّنها). ولهذا السبب تُصْدر الليزرات المكروية حزما دائرية أكثر اكتمالا من حزم الديودات الليزرية. إضافة إلى ذلك يمكن بناء الليزرات المكروية واختبارها بالجملة ضمن صفيف وهي لاتزال متوضعة على الرقاقة، بالطريقة نفسها التي تُصْنع بها شيبَّات الحواسيب. بالمقابل، يجب اختبار الديودات الليزرية إفراديا بعد أن جرى تقطيعها إلى وحدات منفصلة.

 

وربما تكمن الخاصة الأكثر أهمية في استغلال الليزرات المكروية للسلوك الكمومي للإلكترونات والفوتونات. تُصمَّم هذه الأجهزة بشكل يجعلها تتضمَّن «بئرا» (وهي طبقة فائقة الرقة من شبه الموصل لا تتجاوز ثخانتها عدة ذرات فحسب). في هذا الحيِّز الدقيق لا يمكن للإلكترونات أن توجد إلا في بعض مستويات طاقة متقطعة (متفردة) discrete (أي مكمَّمة) تفصلها مناطق محظورة تدعى فرجة شبه الموصل الشريطية. وبرصّ البئر الكمومية مع مادة أخرى يمكن للباحثين احتباس الإلكترونات وإجبارها على القفز عبر الفرجة الشريطية bandgup بحيث لا تُصدر إلا الضوء المطلوب فحسب.

 

ولكي تعمل الليزرات المكروية بصورة جيدة يجب عليها حبس الفوتونات. وللقيام بهذه المهمة يستفيد المهندسون من المفعول (التأثير) الذي يسبب الانعكاس الواهن على سطحٍ زجاجي شفاف. وتحدث هذه الظاهرة بسبب كون قرينة انكسار الزجاج أكبر من قرينة انكسار الهواء (وهذا يعني أنَّ سرعة الفوتونات في الزجاج أقل من سرعتها في الهواء). وهكذا عندما يمر الضوء عبر مواد ذوات قرائن انكسار مختلفة تنعكس بعض الفوتونات على السطوح الفاصلة بينها. تتألف مرايا الليزرات المكروية من طبقات متناوبة من أشباه الموصلات ذوات قرائن انكسار مختلفة (مثل زرنيخيد الگاليوم Ga As وزرنيخيد الألمنيوم Ga Al). إذا توافقت ثخانة الطبقات مع ربع طول الموجة فستسمح هندسة البنية للانعكاسات الضعيفة بتعزيز بعضها بعضا. ومن أجل الزوج زرنيخيد الگاليوم وزرنيخيد الألمنيوم يكفي دستة من الطبقات لرد زهاء 99 في المئة من الضوء (وهي كفاءة تفوق كفاءة المرايا المعدنية التي نستعملها في الحياة اليومية).

 

وجدت بواكير الليزرات المكروية تطبيقاتها التجارية في الاتصالات باستعمال الألياف الضوئية. ويجري الآن دراسة استخدامات أخرى [انظر ما هو مؤطر في الصفحة 36]. وفي الوقت نفسه يستمر العمل لتحسين بنى هذه الليزرات، ففي أحد الأجهزة الأخيرة تمَّت أكسدة بعض الطبقات بصورة انتقائية، وهذا يساعد على رفع عدد الإلكترونات المثارة ويزيد من ارتداد الفوتونات في منطقة البئر ممَّا يُعطي كفاءة عمل تفوق الخمسين في المئة. بمعنى آخر سيستطيع الليزر تحويل أكثر من نصف طاقة الدخل إلى ضوء ليزري في الخرج. وتفوق هذه الكفاءة كفاءة أداء الديودات الليزرية شبه الموصلة التي لا تزيد كفاءتها على ثلاثين في المئة.

 

الشبيكات البلورية الفوتونية التي تحجب الضوء

إن أعمدة زرنيخيد الگاليوم الضئيلة القدِّ ستحجب الضوء تحت الأحمر عندما تُصفُّ الأعمدة الفرادى في شبيكة سداسية ذات أبعاد مناسبة (a). إن الترتيب الدوري للبنية إضافة إلى الفرق في سرعة الضوء بين مراكز شبه الموصل والهواء المحيط يؤدي إلى حدوث انكسارات وانعكاسات متعددة تحجب الضوء ضمن مجال من الأطوال الموجية، كما هو مبين في صورة تبعثر الضوء (b) لشبيكة مشابهة (معروضة في الصورة المؤطرة في b).

ويعمل هذا المبدأ في بعد واحد أيضا كما يبينه جسر شبه الموصل المثقب طوليا بثقوب (c). إن صفيف الثقوب الأحادي البعد الشبيه بالأعمدة في الشبيكة السداسية يحجب الضوء المار عبر الجسر. وبعد تعمُّد إدخال عيب في الشبيكة (أي توسيع الفاصل بقدر طفيف بين الثقبين الموجودين في مركز الجسر) يتمكن الباحثون من تغيير نمط الانعكاس والانكسار داخل البنية. تحدِّدُ هذه الفواصل غير المنتظمة «صندوقا» مجهريا لا يتجاوز حجمه واحدا من عشرين من المكرون المكعب، وهو ما سيمكن تطويره إلى ليزر.

http://oloommagazine.com/images/Articles/14/SCI98b14N11_H05_007497.jpg

 

أدت الليزرات المكروية إلى ظهور جيل جديد من الأجهزة التي تستغل السلوك الكمومي للإلكترونات إلى حدٍّ بعيد. فمثلا صنع الباحثون بنى مثل الأسلاك والنقاط الكمومية التي تحصر الإلكترونات في بعد أحادي وصفري على الترتيب (في حين أنَّ الآبار تحصرها في بعدين فقط). إضافة إلى ذلك، صنع الباحثون في مختبرات بل جهازا جديدا يسمى ليزرا شلشليا كموميا quantum-cascade laser، حيث نظَموا آبارا كمومية عديدة مع بعضها بعضًا كسلسلة من شلالات مياه صغيرة. في هذا الليزر لا يقوم الإلكترون الذي يهبط إلى حالة طاقية أخفض بقفزة يتجاوز بها فرجة شريطية كبيرة ولكن يقوم بقفزات صغيرة مُصدرا فوتونا عند كل قفزة (وهذا ما يزيد من التفاعل السلسلي الليزري). ولعلَّ أحد المظاهر اللافتة للانتباه في هذا الليزر المبتكر يكمن في سماحه للمهندسين بالحصول على الضوء الذي يريدونه بوساطة ضبط ثخانة الآبار، لذا فإنَّ الفرجة الشريطية للمادة (وهي خاصة تمليها الطبيعة) لا تفرض صفات الفوتونات الصادرة.

 

وفي بحوث أخرى بهذا الصدد سبر الباحثون السلوك الكمومي ـ الضوئي، حيث عملوا على تقليص بعض أبعاد الليزرات إلى قيم تقل عن طول موجة الضوء التي تصدره. وفي هذا العالم المجهري تُقيَّد الفوتونات إلى بعض الحالات المتقطعة بشكل مشابه للقيود المفروضة على الإلكترونات المصيدة في الآبار الكمومية.

 

وتر قيثار قصيرٌ

تُصدِر الليزرات الكبيرة مختلف أنواع الفوتونات، على غرار وترٍ طويلٍ للقيثار (گيتار) الذي يُصدِر عند العزف عليه صوتًا يتألف من تردد أساسي (يقابل النغم) ونغمات متآلفة كثيرة. ولكن عندما نقصِّر طول وتر القيثار يبدأ النغم بالارتفاع ويتناقص عدد النغمات المتآلفة إلى أن تصل هذه العملية إلى حدٍّ أعلى تمليه ثخانة الوتر ونوع مادته.

 

وبشكل مشابه قام الفيزيائيون بتقليص قدِّ الليزرات بغية الحدِّ من عدد الحالات (أو أنساق modes  الارتجاج) التي لا يمكن للفوتونات شغلها، أما الحد الأدنى لهذه النمنمة فهو نصف طول موجة الضوء الصادر (وهو الحدُّ الأدنى الذي يمكن للضوء الارتداد فيه بين المرآتين). عند هذا الحد الأدنى تكون الفوتونات في حالة مسموحة وحيدة تقابل النَّسق الضوئي الأساسي للجهاز. وبسبب هذا الاختيار القهري سيُجبَر كل فوتون على الإسهام في الموجة المشتركة (النَّسق الأساسي) التي تتعزز في حزمة الضوء إلى أن تنبعث أخيرا من إحدى المرآتين. وهذا يعني عدم ضياع أي فوتون وأنَّ الليزر سيكون من دون عتبة.

 

وفي تجارب أجريت منذ أكثر من عقد، رصدت مع زملائي في مختبرات سانديا الوطنية الحالات المكمَّمة للفوتونات. وبتقريب المرآتين في ليزر مكروي تمكنَّا من اعتصار (ضغط) squeeze الطيف العريض للفوتونات الصادرة إلى بعض الأنساق الضوئية فقط. وقد بينَّا أنَّ حدوث هذه الأنساق يتم عند أطوال موجية تساوي مضاعفاتها المسافة بين المرآتين، بالنحو نفسه الذي يمكن أن يهتز به وتر القيثار بأربعة أو بخمسة أطوال موجية بين نهايتيه المثبتتين وليس بأربعة أطوال موجية وسُدس طول موجي. إضافة إلى ذلك تثبتنا من أنه بإمكاننا تعزيز هذه المفاعيل بتقريب المرآتين إحداهما من الأخرى، مقتربين من الحدِّ الأدنى الذي يبلغ نصف طول موجي (مئات النانومترات)، غير أنَّ هذه الأجهزة لم تكن من دون عتبة بعد. وفي أكثر الليزرات المكروية تَقدُّمًا (والتي يمكن تسميتها فعلا ليزرات نانوية) لا يقل عدد الحالات الفوتونية عن نحو مئة حالة، (وهذا أفضل كثيرا من عشرات آلاف الخيارات المتوافرة للفوتونات في الليزرات الديودية العادية، ولكنه مازال لا يحقق التطلعات في هذا المضمار.)

 

للحصول على هذه الحالة المثلى شرع الباحثون مؤخرا بدراسة التراكيب الهندسية النانوية الأخرى. وأحد هذه التصميمات هو ليزر مكروقرصي microdisklaser طوَّره <E.R. سلاشر> وزملاؤه في مختبرات بِل. فباستعمال عمليات حفر شبيهة بتلك المستعملة في عمليات صنع شيبَّات الحواسيب استطاع باحثو مختبرات بِل نقش قرص فائق الدقة بقطر يبلغ مكرونين وبثخانة تبلغ مئة نانومتر، حيث يحاط قرص شبه الموصل بالهواء ويستند إلى قاعدة ضئيلة القدِّ بشكل يبدو فيه مجمل البنية وكأنه طاولة مكروية.

 

الليزرات البيولوجية الجوف للكشف عن الأمراض

إن التناقص المطرد لأبعاد ليزرات أشباه الموصلات وازدياد سرعتها وكفاءتها سيسمح بعدد متزايد من التطبيقات الجديدة، وإحدى هذه الإمكانيات هي الكشف عن الأمراض. قمت مع زملائي في مختبرات سانديا الوطنية بتطوير ليزر بيولوجي الجوف  a  biocavity Laser يمكن استعماله في تمييز الخلايا السرطانية عن السليمة مثلا.

إن الجهاز الجديد هو ليزر مكروي أساسا (وهو قطعة ضئيلة القدِّ من زرنيخيد الگاليوم موضوعة بين مرآتين). ينعكس الضوء تحت الأحمر الذي يصدره شبه الموصل بين المرآتين مرارا، وهذا ما يزيد من شدته إلى أن ينبثق من البنية على شكل حزمة ليزرية مركَّزة. ولبناء ليزر بيولوجي الجوف وضعنا طبقة رقيقة من النسيج البشري بين زرنيخيد الگاليوم وإحدى المرآتين. وهكذا أصبحت المادة العضوية جزءا من الجهاز نفسه بحيث تعمل كعدسة داخلية يمكنها مباءرة (تركيز) الضوء. ولهذا السبب يغيِّر قدُّ الخلايا وشكلها وتركيبها من حزمة الليزر بإدخال نغمات متآلفة تعطي بصمة طيفية فريدة. يمكن للأطباء الاستفادة من هذه المعلومات للتمييز بين النُّسج المريضة والسليمة، لأنَّ النمطين سيعطيان طيفين ضوئيين مختلفين (b)، كما هي الحال في تمييز عزف السرناية (ضربٌ من الناي الصغير) عن الناي العادي للنغمة نفسها من خلال طيف صوتي مميز للنغمات المتآلفة التي تصدرها الآلتان المتشابهتان (ولكن غير المتماثلتين).

وقد اشتركتُ مؤخرا مع <A. ماكدونالد> و <G. كوپلاند> (في مختبرات سانديا) وأخي <M. گورلي> (وهو باحث في المناعة بالمعاهد الوطنية للصحة) في تسجيل براءة اختراع لنموذج محمول من الليزر بيولوجي الجوف يمكن للأطباء استعماله في تحليل الدم من دون الحاجة إلى إرسال العينات إلى المختبر. في هذا الجهاز يسري الدم خلال شقوق رقيقة (يصل قطر كل منها إلى عُشر ثخانة الشعرة البشرية) محفورة على سطح إحدى المرآتين. وبتحليل حزمة الليزر الناتجة يمكن للجهاز أن يكشف سريعا عن وجود الخلايا الهلالية (وهي أحد أشكال الخلايا الحمراء) التي تشير إلى نقص الخلايا المنجلية. ويمكن للأطباء استعمال الليزر لدراسة التغيرات النانومترية في البنية الخلوية للدم التي يمكن أن تحدثها ڤيروسات مرض الإيدز.

http://oloommagazine.com/images/Articles/14/SCI98b14N11_H05_007498.jpg

 

وفي تجارب أخرى كان بوسع الليزرات البيولوجية الجوف التمييز بين خلايا عنق الرحم السليمة والسرطانية. ومن المحتمل أن يؤدي التقدم في هذا المضمار إلى تصميم جهاز لتحليل الدنا.

إن التقانة الجديدة أفرزت مزايا عديدة مقارنة بالطرائق التقليدية لتحليل النسج التي تستدعي صباغة كيميائية لجعل البنى الخلوية مرئية في الفحص التجريبي بالمختبر. تعتمد هذه الطرائق على الرؤية البشرية الوصفية، وهي لذلك عرضة للخطأ. بالمقابل تعطي الليزرات البيولوجية الجوف طيفا واضحا ودقيقا يمكن تحليله بوساطة جهاز محمول في المستشفى أو المكتب أو مختبرات البحث أو خارجها.

وبما أنَّ لشبه الموصل والهواء قرينتي انكسار مختلفتين تماما إحداهما عن الأخرى فإنَّ الضوء المتولد في داخل القرص سينعكس في داخل البنية وينزلق على طول محيطها. يشبه هذا المفعول «صالة الهمس(1)» في الأمواج الصوتية التي وصفها اللورد رايلي أول مرة قبل ما يزيد على قرن. وقد شرح هذا الفيزيائي كيف أنَّ سماع المحادثات في أطراف القبة الهائلة لكاتدرائية القديس بول بلندن ناتج من انعكاس الاهتزازات الصوتية على الجدران وتقوية بعضها بعضا.

 

يقيِّد القدُّ الضئيل للقرص المكروي الفوتونات في عدد محدود من الحالات بما فيها النَّسق الضوئي الأساسي المطلوب، في حين يحصر مفعول صالة الهمس الفوتونات إلى أن تصل طاقة الموجة الضوئية المولَّدة إلى طاقة كافية للانبثاق إلى خارج البنية، وتكون النتيجة هي الحصول على عمل فعَّال جدا بعتبة منخفضة. وفي واقع الأمر عملت هذه الليزرات المكروية القرص باستعمال نحو من مئة مكروأمبير فقط.

 

وثمة شكل آخر من الأقراص المكروية يسمى ليزر الحلقة المكروية microringlaser، وهو أساسا سلك فوتوني مفتول على شكل كعكة فائقة الدقة. وقد استعمل <T.S. هو> وزملاؤه في جامعة نورث وستِرن طريقة الليثوگرافيا المكروية (المجهرية) microlithography لحفر بنية شبه موصلة قطرها 4.5 مِكرون وبمقطع مستطيل لا يتجاوز 400 نانومتر طولا و200 نانومتر عرضا. ولتحسين نوعية الضوء المصدر أحاط الباحثون الحلقة المكروية ببنية زجاجية لها شكل الحرف U،بحيث تسوق الفوتونات الهاربة من الحلقة في طريقين متوازيين على طول ذراعي البنية U.

 

أثبتت هذه الأجهزة الجديدة أنَّ بوسع قدِّ الليزر النانوي وشكله التأثير في عمله عبر التحكُّم في السلوك الكمومي للفوتونات المصدرة (المنبعثة). ومؤخرا طوّر الباحثون هذه التقانة نحو مزيد من التقدم عبر تقليصهم قدّ الأسلاك الفوتونية إلى حد مذهل بحيث وصل إلى زهاء خُمس المكرون المكعَّب. وعند هذه الأبعاد لا يتجاوز عدد الحالات الفوتونية الممكنة في البنية عشر حالات، وهذا يقارب الشروط المطلوبة للعمل من دون عتبة.

 

ومع أنَّ هذه الليزرات النانوية الجديدة خفَّضت أنماط الفوتونات إلى مستويات ميكانيكية ـ كمومية، فإنها لم تقلل عدد الفوتونات إلى الحدود نفسها. فبمجموعة صغيرة من الفوتونات يمكن تغيير سلوك الضوء جوهريا لأداء أغراض مفيدة. وفي بحث مميز أجري مؤخرا بيَّن باحثون من معهد كاليفورنيا للتقانة أنَّ ذرات الباريوم الفرادى المثارة بين مستويين يمكن أن تُلقَّم واحدة إثر أخرى في الليزر بحيث تصدر كلُّ ذرة فوتونا مفيدا. وبوسع هذا الجهاز الكفؤ إلى حدٍّ لا يصدق العمل باستخدام أحد عشر فوتونا فقط ترتد بين مرآتيه. ويختبر الفيزيائيون حاليا هذه الضوئيات الكمومية الجديدة من أجل الليزرات شبه الموصلة النانوية.

 

إيقاف الضوء دوريا

ثمة طريقة مختلفة جذريا لتصميم الليزرات النانوية تهدف إلى تنفيذ بنية جديدة باستعمال مواد تتعاقب على فترات صغيرة جدا منتظمة القدِّ. إن هذا التعاقب الدوري ـ إذا صُمِّم بإتقان ـ سيحبس الضوء من خلال عكس هذا الأخير بشكل متكرر ضمن البنية. طوَّر هذا المبدأ لأول مرة باحثون صنعوا المرايا الطبقية لليزرات المكروية التي تحصر الضوء في بعد واحد.. وقد قام <E. يابلونوڤيتش> (الذي يعمل حاليا بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس) وباحثون في قسم الطاقة بمختبر آمِس بجامعة ولاية أيوا بتوسيع المبدأ إلى بُعدَين وثلاثة أبعاد، وذلك من خلال اقتراح بنى جديدة تدعى الشبكات الفوتونية.

 

يرتكز مجمل المبدأ على ظاهرة رصدها في بدايات القرن الحالي <H.W. براگ> وابنه <W.L.  براگ>، فقد درس هذان الباحثان البريطانيان (اللذان تقاسما جائزة نوبل للفيزياء عام 19155) الارتداد المتبعثر للأشعة السينية التي تسقط على بلورة ما ودرجة اعتماده على البنية الدورية للشبيكة البلورية. وقد أوضح الفيزيائيان، فيما يسمى حاليا قانون براگ، أنَّ شدة الإشعاع المنعكس تعتمد على ثلاثة عوامل: طول موجة الأشعة السينية والبعد بين الذرات في البلورة والزاوية التي تسقط فيها الأشعة السينية على الشبيكة البلورية.

 

وبتطبيق هذا القانون على الترددات الضوئية بيَّن <F.Th. كراوس> و <R. دو لا رو> (وهما باحثان من جامعة گلاسگو) أن الشبيكة البلورية في مادتين متعاقبتين مختلفتين إحداهما عن الأخرى ستبعثر الضوء أيضا بطريقة مماثلة. إضافة إلى ذلك، وباستعمال مواد ذات قرائن انكسار مختلفة جدا بعضها عن بعض وباختيار الفواصل (الفرجات) الدورية المناسبة بين هذه المواد بيَّن الباحثون أن بإمكانهم تكييف ومدِّ مجال الأطوال الموجية التي يعكسها الجهاز، وهذا يعني عمليا إنشاء «فرجة شريطية فوتونية» شبيهة بالمنطقة المحظورة على الإلكترونات في أشباه الموصلات.

 

ولقد صنعتُ مع <J. ڤِندت> و <A. وڤِر>، في مختبرات سانديا، بنية مماثلة لما سبق من خلال بناء شبيكة سداسية ذات أعمدة من زرنيخيد الگاليوم ـ وهو تصميم طوَّره <D.J. جوانوبولوس> وباحثون آخرون في معهد ماساتشوستس للتقانة. وبأخذ قرينتي الانكسار المختلفتين لزرنيخيد الگاليوم والهواء المحيط بالحسبان حدَّدنا فرجات المراكز اللازمة لاحتباس الضوء تحت الأحمر.

 

وعلى الرغم من أننا حددنا إمكان احتباس الضوء في هذا الصفيف arrayالثنائي الأبعاد فإننا لم نستطع بعد تحويل البنية إلى ليزر. وإحدى السبل الممكنة لعمل ذلك هي ضخُّ أحد الأعمدة بحيث نجعله يصدر الضوء الذي قد يعاود انعكاسه بين الأعمدة الأخرى (وهي ستحوي هذا الضوء عمليا) في الصفيف. ومن حيث المبدأ، ستسلك الشبيكة سلوك المرآتين المتوازيتين في الليزر التقليدي.

 

باستعمال تصميم عكسي، تكون «الأعمدة» فيه من الهواء والمادة المحيطة بها من شبه الموصل، صنع الباحثون في معهد ماساتشوستس للتقانة جسرا سيليكونيا ضئيل القدِّ (عرضه 470 نانومترا وثخانته 200 نانومتر) منقوشا فيه طوليا صف من الثقوب المجهرية، وينحصر الضوء بحيث ينتقل على طول البنية بسبب الفرق في قرينتي الانكسار بين شبه الموصل والهواء المحيط.

 

واستعمل هؤلاء الباحثون، بمن فيهم جوانوبولوس و<R. ڤيلنوڤ> و<Sh. فان> محاكاة حاسوبية لتحديد الفرجة الدورية الدقيقة بين الثقوب بغية تحديد صفيف أحادي البعد مناسب لحصر الضوء تحت الأحمر. إضافة إلى ذلك، أدخل الباحثون «عيبا» في الشبيكة بجعل المسافة بين ثقبين متجاورين قرب مركز الشريط أكبر بقليل من المسافة بين الثقوب الأخرى. أنشأ هذا العيب نسقا ضوئيا أساسيا ضمن هذا الحيِّز الضئيل المحاط بالمسافة غير المتجانسة مع المسافات الأخرى. ومن الممكن أن يطوَّر هذا «الصندوق» (مع الثقوب المجاورة التي تسلك سلوك المرايا) يوما ما ليصبح جوفا ليزريا. ومما يدعو للعجب هو أنَّ حجم هذا الصندوق لا يتعدى واحدا من عشرين من المكرون المكعَّب. ومنذ ذلك الحين عملت مجموعة معهد ماساتشوستس للتقانة على تحسين هذه البنية من خلال بنائها ضمن قاعدة زجاجية والتأكد من تقارب المحاكاة الحاسوبية مع النتائج التجريبية.

 

دَرست أعمال أخرى الشبيكات الفوتونية المتغيرة دوريا في الأبعاد الثلاثة، ولكن كان من الصعب الحصول على هذه البنى عمليا؛ لأن طرائق التصنيع المكروي (مثل ليثوگرافيا الحزمة الإلكترونية) أكثر ملاءمة لصنع الشيبَّات ذوات الأنماط الثنائية الأبعاد. وعلى الرغم من ذلك فإن الشبيكات الفوتونية الثلاثية الأبعاد ستحصر الضوء نظريا في جميع الاتجاهات، ويشكل ذلك مظهرا مثاليا لليزر من دون عتبة.

 

أية حواسيب ضوئية؟

إضافة إلى الكفاءة العالية، قد يقود العمل من دون عتبة إلى الحصول على أجهزة فائقة السرعة يمكن تشغيلها وإيقافها لحظيا؛ لأنَّ حدوث عملية الليزرة فيها لا يتطلب إلا طاقة صغيرة. وبتعبير آخر، يمكن أن يكون زمن انتظار غليان الماء قصيرا إذا كان عود ثقاب واحد كافيا لعمل ذلك. وحتى الآن يمكن تشغيل وإيقاف بعض الليزرات بسرعة تتجاوز العشرين بليون مرة في الثانية.

 

إن هذه السرعات الهائلة تفيد في الاتصالات بوساطة الألياف الضوئية. وستنشأ تطبيقات أخرى حالما تزداد سرعة هذه الأجهزة ويصغر قدُّها وتزداد كفاءتها الطاقية. إن الليزرات عديمة العتبة (التي تعزى إمكانياتها الكبيرة إلى التقدم الحديث العهد في صنع البنى النانوية) تَعِدُ بمستقبل عظيم من خلال وضعها كوحدة في بث المعلومات وخزنها ومعالجتها، أي كوحدات بناء أساسية في الحاسوب الضوئي. ومن المفارقات أن التقدم في تقليص قدِّ الترانزستورات السيليكونية سمح بإحداث تحسينات جوهرية في ليزرات أشباه الموصلات التي سيكون بوسعها تشغيل الحواسيب يوما ما والاستعاضة عن الدارات (الدوائر) الإلكترونية الضئيلة القدِّ بدارات ضوئية (أصغر وأسرع منها).

 

 المؤلف

Paul L. Gourley

يعمل حاليا في مختبرات سانديا الوطنية، وقد كان أحد الباحثين الرئيسيين في بحوث المختبر الأساسية المتعلقة بأشباه الموصلات ذات الجوف العمودي وعلى الليزرات المصدرة من سطحها. حصل گورلي على الإجازة في الفيزياء من جامعة داكوتا وعلى الماجستير والدكتوراه في الفيزياء من جامعة إيلينوي، وهو عضو في الجمعية الفيزيائية الأمريكية والجمعية البصرية الأمريكية. تلقى گورلي جوائز من مجلة البحث والتطوير R&D magazine عن اختراعه لليزر الجوف البيولوجي ومن وزارة الطاقة عن عمله في فوتونيات أشباه الموصلات. تتضمن اهتماماته البحثية دراسة أجهزة أشباه الموصلات مثل الليزرات النانوية وتطبيقاتها المختلفة، وخصوصا تلك المستعملة في حقل البيولوجيا الطبية.

 

مراجع للاستزادة 

PHYSICS AND DEVICE APPLICATIONS OF OPTICAL MICROCAVITIES. H. Yokoyama in Science, Vol. 256, pages 66-70; April 3, 1992.

OPTICS OF NANOSTRUCTURES. Special issue of Physics Today, Vol. 46, No. 6; June 1993.

SURFACE-EMITTING LASERS. Paul L. Gourley, Kevin Lear and Richard Schneider, Jr., in IEEE Spectrum, Vol. 31, No. 8, pages 31-37; August 1994.

MICROSTRUCTURED SEMICONDUCTOR LASERS FOR HIGH-SPEED INFORMATION PROCESSING. Paul L. Gourley in Nature, Vol. 371, pages J71-577; October 13, 1994.

PHOTONIC CRYSTALS: MOLDING THE FLOW OF LIGHT. John D. Joannopoulos, Robert D. Vleade and Joshua N. Winn. Princeton University Press, 1995.

MICROCAVITIES AND PHOTONIC BANDGAPS: PHYSICS AND APPLICATIONS. Edited by John Rarity and Claude Weisbuch. Klwver Academic Publishers, 1996.

Scientific American, March 1998

 

(1) whispering gallery.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى