العلم في صور
<=”” td=”” style=”font-family: tahoma; font-size: 12px; color: rgb(0, 0, 0);”> |
العلم في صور استراتيجيات تزاوج العناكب(*) لقد طوَّرت العناكب سلوكيات عجيبة لتستميل رفاقها التي قد تكون من آكلات بني نوعها أحيانا. <K. پرستون-مافام> ـ <R. پرستون-مافام>
إن الجهاز التناسلي للعنكبوت يشبه قليلا مثيله في أي مجموعة أخرى في عالَم الحيوان. فيبرز من رأس العنكبوت زوج من الزوائد يسمَّيان الملْماسين القدميين pedipalps، وهما تركيبان حسِّيان يُسْتخدمان أساسا لتذوق الفريسة المتوقعة. وفي ذكور العناكب تتحوَّر العُقل segments الطرفية «للملماسين» لإدخال المنِيِّ في الأنثى.
والعضو الملماسي، وهو التركيب التسافدي الأساسي لملماس الذكر، يمكن أن يُشبَّه بماصة بسيطة ذات انتفاخ. ومن تجويف يعمل مستودعا، يمتد أنبوب ضيق يسمى السُّدَّة embolus وهو ذو طرف مفتوح مدبب يمر فيه المَنِيّ. ويُدخل الذكرُ السدة في فتحة الأنثى التناسلية في أثناء التزاوج. وفي الفصائل الأرقى من العناكب يُحاط العضو الملماسي بمجموعة مركبة من صفائح صلبة وخطاطيف وأشواك. وفي الوقت نفسه اتخذت الإناث تركيبا صلبا يسمَّى الغطاء الأنثوي epigyne، بالقرب من الفتحة التناسلية. والبروزات التي على ملماس الذكر لا تنطبق إلا مع الغطاء على أنثى من النوع نفسه.
والعضوان الملماسيان لا يتصلان مباشرة بالخصيتين، لذلك قبل أن يبدأ التزاوج لا بد للذكر ـ بطريقة ما ـ أن يملأ مستودعَيْ الملماسين بالمنِيِّ. يضع الذكر أولا نقطة من المني على حرير تصنعه مَغَازِله. وهذا الحرير قد يكون خيطا منفردا ممتدا بين زوج من الأرجل أو نسيجا مفكَّكا بسيطا ممسوكا بطريقة مشابهة، أو ـ في العناكب الأرقى ـ نسيجا مصنَّعا خصيصا مشيدا على أرضيةsubstrate متاخمة. ثم ـ وهو مثبِّتٌ طرف السدة قبالة المني ـ يشرع الذكر بضخ المني في المستودع. وفي بعض الأنواع يملأ الذكر العضوين الملماسيين كليهما في وقت واحد. وفي بعض الأحيان، يملأ الذكر عضوا واحدا فقط، ثم يعمد إلى «شحن» المستودع الثاني بعد جولة من السفاد؛ وبمجرد أن يتم ذلك، يمضي الذكر باحثا عن أنثى أخرى متقبلة ومناسبة. (ومع ذلك، في فصيلة لينيفييديLinyphiidae، لا تبدأ الذكور بإنتاج المني إلا عندما تثيرها ملامسة الفيرومونات على نسيج الأنثى.)
ويبدو أن ذكور العناكب صانعة النسيج تصادف عقبة كؤودا في العثور على رفيقات ـ فلا بد لها أن تبحث في ثلاثة أبعاد، بيد أنها تجد مساعدة من الإناث التي تعلن عن وجود بيوتها بإطلاق فيرومونات مُرْشِدة. وإناث العناكب التي تبني بيوتا دائمة بل تتجول باحثة عن فريسة، تترك دائما وراءها جديلة مفردة من خيط من الحرير مُشرَّب بالفيرومونات يساعد على اقتفاء أثرها. فإذا صادف ذكر متجول من النوع نفسه ذلك الخيط استطاع أن يتبعه حتى يجدها. وتطلق إناث العنكبوت صائد السمك الأمريكي (دولوميدز ترايتون Dolomedes triton) فيروموناتها في الماء قريبا من مكان الصيد، مُعِينة بذلك العناكبَ الذكور في العثور عليها.
وقد تُشارِك العناكب أيضا في بعض أشكال الغزل. ويمكن أن يتفاوت هذا الغزل من صورة روتينية تقتصر على مجرد تقدم الذكر نحو الأنثى واستمالتها لتقبله، إلى محاولات متطاولة قد يقترب الذكر فيها ويُرفَض عدة مرات قبل أن يشرع بالتزاوج في النهاية. وفي العناكب الصيادة النشيطة، كبيرة الأعين ـ مثل العناكب الواثبة والعنكبوت الذئب ـ تومئ الذكور بنواياها للإناث بوساطة ملامسها ذات العلامات الزاهية الألوان أحيانا. وبعض الذكور يُخضع الإناث جسديا قبل التزاوج.
ويمكن أن يكون التزاوج خطيرا على بعض الذكور. ففي عدد محدود من الأنواع ـ وبخاصة الأرامل السوداء ـ غالبا ما تلتهم الأنثى الذكرَ بعد التسافد. بيد أن عناكب كثيرة لذكورها ولإناثها فكوك متساوية الحجم. ولكن لأن الذكر يفوق الأنثى كثيرا في خفة الحركة، فقد تكون الأنثى هي المعرَّضة لخطر مهاجمته لها عندما يكون على مقربة منها. فضلا عن ذلك، تكون إناث بعض العناكب أضعاف حجم ذكورها، ومع ذلك يبدو أن الذكور تكون سعيدة جدا بالإقامة مع الإناث في نسيج بيت واحد.
وجملة القول، لقد برهنت هذه الروتينيات الشاذة للتزاوج أنها ناجحة للغاية عند العناكب. ▪
المؤلفان Ken Preston-Mafham – Rod Preston-Mafham أخوان وهما عالما تاريخ طبيعي. يعمل كِنْ مصورا، استطاع أن يصور أكثر من 3000 نوع في 40 دولة، وبخاصة الحشرات والعناكب. وهو المؤلف، أو المؤلف المشارك، لنحو 20 كتابا. وفي السنوات الأخيرة كرَّس نفسه للبحث العلمي الأصيل، ناشرا بحوثا عن سلوك الحشرات والعناكب. أما رُدْ فقد تدرب كعالِم حيوان وحصل على الدكتوراه من جامعة لندن. وقد ألّف عددا من الكتب وأعد برامج لهيئة الإذاعة البريطانية، كلها عن التاريخ الطبيعي. وهو يدير، مع أخيه وزوجته (جين)، مكتبة صُوَر للحياة البرية، تدعى Premaphotos Wildlife. Scientific American, November 1998 (*) Mating Strategies of Spiders
|