أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
العلوم البيئية

تجارة مريبة في الأسماك

تجارة مريبة في الأسماك(*)

إن الصيد باستعمال مادة السيانيد يهدد الكثير من الشعاب المرجانية(1)

المتبقية في جنوب شرق آسيا، والتي مازالت تحتفظ بحالتها الأصلية.

 فهل يمكن لبرنامج طموح يستهدف تنظيف تجارة المرابي(2)

 البحرية أن ينقذ تلك الشعاب.

<S. سمپسون>

 

تعد مادة السيانيد واحدًا من أسرع السموم المعروفة للعلم تأثيرا. فبمجرد بلعها تُعطِّل مقدرة جسم الحيوان على نقل الأكسجين، وتبدأ بخنق النسج في الحال تقريبا. وعند أخذها بجرعات أعلى تبطئ ضربات القلب، والأكثر من ذلك أنها توقف النشاط الكهربائي للدماغ. وإذا ما أخذنا في الاعتبار الطبيعة المميتة للسيانيد، فمن الصعوبة التخيل أن رش هذه المادة على أسماك الشعاب المرجانية هي طريقة جيدة لصيدها حية. ومع ذلك فإن هذه الممارسة هي الشائعة في الفلپين وإندونيسيا؛ إذ يزود الصيادون في هاتين الدولتين مرابي المياه المالحة في العالم بنحو 85 في المئة من الأسماك المدارية التي تضفي الجمال على هذه المرابي.

 

إن إعاقة تلك الأسماك الخفيفة الحركة باستعمال السيانيد تجعل من السهل على الغواصين الإمساك بها قبل اختبائها بين فروع الشعاب المرجانية أو شقوقها، ولكن العواقب وخيمة. فبعض الخبراء يقدر أن نصف الأسماك المسممة تنفق وهي على الشعاب، وأن 40 في المئة من تلك التي تبقى حية بعد العصفة الأولى(3) تنفق قبل أن تصل إلى أي مربى مائي. وهذا المعدل من نفوق الأسماك الذي يدعو إلى القلق لا يتضمن تخريب الشعاب المرجانية الحية واللافقاريات وأنواع الأسماك الأخرى غير المستهدفة التي يتصادف وجودها في طريق المادة السامة المنتشرة.

 

إن استعمال السيانيد في صيد الأسماك ما هو إلا أحد الأنشطة البشرية الكثيرة ـ التي تشمل التلويث الصناعي والممارسات الخطأ في إدارة الغابات (الأحراج) ـ التي تخرب الشعاب المرجانية في جميع أنحاء العالم. ولكن بالنسبة إلى العديد من علماء البيولوجيا البحرية يعد السيانيد أعظم الأخطار في مياه جنوب شرقي آسيا. فالمنطقة تحوي نحو 30 في المئة من الشعاب المرجانية التي توجد على كوكب الأرض، وتباهي أعظم تنوع للحياة البحرية في أي مكان آخر، في الوقت الحالي على الأقل. وبناء على دراستين مسحيتين إقليميتين نشرتا في العام 2000 فإن 4.3 في المئة فقط من شعاب الفلپين و6.7 في المئة فقط من شعاب أندونيسيا مازالت في حالة ممتازة، وأن هذه الشعاب هي الهدف المعتاد لجامعي الأسماك الحية.

 

وطوال نحو 20 عاما، فإن المساعي لإصلاح النواحي التخريبية لتجارة المرابي المائية قد وقعت أساسا على عاتق الدول المصدرة، وكانت النتيجة نجاحا محدودا. أما الآن فهناك استراتيجية جديدة توفر فرصة أكبر للمستوردين وتجار التجزئة والمستهلكين للحفاظ على الشعاب. وفي إحدى الحملات الطموحة ـ التي قد تساعد على إنقاذ بعض ما تبقى من شعاب جنوب شرقي آسيا، التي مازالت تحتفظ بحالتها الأصلية ـ قامت منظمة دولية غير ربحية تسمى مجلس المرابي البحرية Marine Aquarium Council  MAC  بتطوير طريقة لضمان أن الأسماك التي تباع في محلات الحيوانات المدجنة، قد تم جمعها بطريقة بيئية سليمة. وبحلول خريف 2001 يُفترض أن يكون لدى المسؤولين في هذه المنظمة أول سمكة «مدعمة بشهادة» (مصدق عليها) certified  لبيعها في الولايات  المتحدة الأمريكية.

 

ويقول <P. هُولْثس> [وهو المدير التنفيذي للمجلس]: «لم يكن هناك قط أي نظام يتعرف ويحدد ويؤكد الممارسات البيئية السليمة وكذلك المنتجات في تلك الصناعة،» ثم يضيف: «إننا نقوم أيضا بوضع علامات lables على هذه المنتجات ليتسنى للمستهلكين أن يكافئوا أولئك الذين يتحملون المسؤولية.»

 

ولأنه يمكن استيلاد عدد محدود فقط من أنواع الأسماك الثمينة في الأسر، فإن مصير هواية المرابي المائية يتوقف على حماية الشعاب. إن أصحاب المرابي المائية يعرفون ذلك، هكذا يشرح هولثيس؛ ولذا فهو يعتقد أنهم سوف يُقبلون على الأسماك المصحوبة بشهادة ـ فيما لو أُعطوا حق الاختيار. وحتى في وقتنا الحالي، فإن تجار التجزئة ليس لديهم طريقة لمعرفة المنشأ الحقيقي للأسماك التي يشترونها من المستوردين. وفي معظم تاريخ تجارة المرابي المائية، كانت اختيارات الناس محدودة بالأدلة العلمية غير الكافية، وبالحكايات والنوادر المتضاربة حول خطورة السيانيد والمواقع التي يُستعمل فيها بالضبط وغير ذلك من الأنشطة المخربة.

 

ملطخ منذ البداية(**)

يرجع استعمال السيانيد في صيد أسماك المرابي المائية تقريبا إلى نشأة هذه الصناعة عام 1957، عندما قام مقاول فلپيني بشحن أول دفعة من الأسماك الحية إلى الولايات المتحدة الأمريكية في علبة من الصفيح. من بداية الستينات وحتى الآن قام جامعو أسماك المرابي المائية برش ما يربو على مليون كيلوغرام من السيانيد على شعاب الفلپين، وذلك طبقا لتقديرات التحالف الدولي للحياة البحرية International Marinelife Alliance  IMA ، وهي منظمة غير ربحية تأسست عام 1985 لتحارب انتشار ممارسات الصيد المخربة في تلك المنطقة. وخلال السنوات ال15 المنصرمة صرفت المنظمة مليون دولار أمريكي لتدريب صيادي الأسماك على استعمال الشباك اليدوية بدلا من السم. ومع ذلك، فإن التقدم بطيء، هكذا يشرح<V. پرات>، وهو أحد المؤسسين المشاركين في التحالف الدولي للحياة البحرية ويدير عمليات المنظمة في جميع أنحاء جنوب شرقي آسيا. إن التدريب الكافي قد يتطلب بضعة أشهر. وإلى أن يكتسب جامعو الأسماك المهارة في استعمال الشباك اليدوية، فإن استعمال السيانيد يدر عليهم أموالا أكثر.

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/18/SCI2002b18N1_H05_002084.jpg

يُجمع سنويا نحو 85 مليون سمكة من الشعاب المرجانية، ثم تصدر إلى المرابي المائية المنتشرة في جميع أنحاء العالم.

 

وفي أواخر الثمانينات عندما تسربت أخبار في الولايات المتحدة الأمريكية عن صيد الأسماك باستعمال السيانيد، فقد كانت الإشاعة السارية بين الهواة أن السيانيد كان مخدرا غير خطر إذا استعمل بالجرعات المناسبة، يقول پرات. ومع أن معدلات نفوق الأسماك التي يتم جمعها كانت عالية في الغالب، فإن هواة المرابي المائية غالبا ما ردّوا ارتفاع تلك المعدلات إلى الطبيعة البالغة الهشاشة لتلك الأسماك. وهكذا فإن أي عدد من المشكلات على طول طريق التجارة ـ كنوعية المياه غير الجيدة، أو حبس الأسماك فترة طويلة في الأكياس الپلاستيكية ـ يمكن أن يؤدي إلى قتل الأسماك خلال مراحل نقلها.

 

وخلال هذه الفترة، كانت هواية المرابي البحرية مزدهرة في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا. وقد أسهمت الابتكارات التقنية في مجال المرابي المائية وتربية الحيوان(4) في تحسين قدرة الناس على الاحتفاظ بأحواض متنوعة الأشكال. وأدى هذا النجاح إلى زيادة الطلب ليس على الأسماك فحسب، ولكن على المرجانيات(5) وقناديل البحر، وغيرها من أنواع الحيوانات الحية التي تقطن الشعاب. وبناء على تقرير صدر عام 19999 عن سكرتارية منتدى جنوبي المحيط الهادئ South Pacific Forum Secretariat فقد قدر عدد الأسر الأمريكية التي لديها مرابٍ بحرية بنحو 700000 عام 1992 ـ وذلك بارتفاع قدره 600 في المئة خلال عامين.

 

وفي مواجهة هذا الطلب المتزايد على الأسماك الحية ـ ولأن عددا كبيرا من الشعاب الفلپينية كانت قد خُربت ـ فقد امتد الصيد باستعمال السيانيد إلى أقصى شمالي جزر إندونيسيا مع بداية الستينات. هذا وإن معظم المشاهدات الحديثة التي قام بها العاملون في التحالف الدولي للحياة البحرية أشارت إلى تورط ڤيتنام وكيريباتي أيضا في هذا الصيد (انظر الإطار في هذه الصفحة).

 

ولعقود عدة، لم يحظَ المسؤولون عن حماية الشعاب على الخطوط الأمامية في الفلپين بتعاون من البلاد المستوردة يدعم جهودهم. وهذا هو بالضبط ما يجب أن يقدمه مجلس المرابي البحرية. ففي ربيع 2001 قامت لجنة من المجلس قوامها ستون عضوا تضم ممثلين عن الصناعة وشؤون الحماية والوكالات الحكومية والجامعات، بوضع معايير لإدارة الأسماك والشعاب بطريقة مستدامة. وقد كانت الفكرة هي صياغة سلسلة رعاية موثوقة reliable chain of custody، يتم من خلالها تداول الأسماك بطريقة مناسبة في كل مرحلة على طول طريق التجارة، بدءا من الشعاب وانتهاء بتاجر التجزئة. وقضت إحدى الفرق صيف 2001 في حث مجموعة من جامعي الأسماك والمصدرين في الفلپين على الاستجابة لمعايير مجلس المرابي البحرية، في حين تلتمس مجموعة أخرى التأييد من المستوردين وتجار التجزئة في الولايات المتحدة الأمريكية.

 

صياغة سلسلة متواصلة(***)

إن إحدى النقاط الواعدة لنشأة طريق تجاري قابل للتصديق عليه certifiableهو مدينة باگاك التي تبعد نحو تسعين ميلا إلى الغرب من مدينة مانيلا. فهذا التجمع الذي يتكون من نحو 000 21من السكان المقيمين تحتضنه المنطقة الواقعة بين بحر الصين الجنوبي South China Sea والرقعة الفسيفسائية المكونة من حقول الأرز ذات الخضرة الزاهية التي تمتد بطول ماونت بتان.

 

ومن بين ال2500 صياد في المدينة، هناك نحو ثلاثين منهم يحترفون جمع أسماك المرابي المائية، ويسكنون مع عائلاتهم في تجمعات متفرقة على الشاطئ في مساكن خشبية مسقوفة بالقش. وقد دأبت هذه المجموعة من الرجال (إذ الرجال وحدهم هم الذين يقومون بالصيد) على جمع الأسماك من دون استعمال السيانيد خلال السبع سنوات الماضية. وقبل ذلك كان استعمال السيانيد هو كل ما يعرفونه. وكانت نقطة التحول لهؤلاء الصيادين هو اجتماع مع<F. كروز> المدير الميداني في الفلپين للاتحاد الدولي للحياة البحرية.

 

وكروز أيضا عضو في مجلس المرابي البحرية، ويعرف تجارة المرابي المائية في الفلپين حق المعرفة. لقد جُذِب كروز إلى مجتمعات صيد الأسماك بعد وقت قصير من بدئه وشقيقته ووالدته تجارةً لتصدير أسماك المرابي المائية في مانيلا عام 1984. وعلى الفور تقريبا، أزعج العائلة معدل النفوق العالي بين الأسماك. «لقد اعتقدنا في البداية بأن وسائلنا كانت هي المسؤولة،» يتذكر كروز. وعندما زار كروز الصيادين الذين يجمعون الأسماك، أخفوا عنه السيانيد؛ إذ إن استعماله غير قانوني. أما أولئك الذين اعترفوا باستعمالهم السم، فقد جادلوا بأن هذه الممارسة وسيلة لا ضرر منها لصيد الأسماك حية.

 

مصدرو أسماك المرابي البحرية(****)

http://oloommagazine.com/images/Articles/18/SCI2002b18N1_H05_002085.jpg

 

لم يقتنع كروز بذلك، ولهذا أبحر في القوارب مع الصيادين الذين يستعملون السيانيد، وشاهد بنفسه أسماكا ميتة تطفو في الدلاء وأسماكا ميتة في قعر البحر وأسماكا تعاني اختلاجات convulsions بعد أن رُشت بالسم. ثم يقول «وبعد مضي ستة أشهر لاحظت أن الشعاب التي رُشت بالسيانيد كانت في طريقها للموت وامتلأت بالطحالب.» ويضيف كروز: لقد واظبت على العودة إلى المناطق التي كان يُستعمل فيها السيانيد وكوَّنت فكرتي الخاصة بأن السيانيد مادة كيميائية ذات آثار تخريبية كبيرة (انظر: «كيف يقتل السيانيد» في الصفحة 40).

 

لقد عمل كروز عدة سنوات محاولا أن يجعل مستودعه للتصدير خاليا من السيانيد، ولكن اتضح له في النهاية أن هذا الهدف يستحيل تحقيقه. وفي عام 1993 قرر التخلي عن المهنة، وبدأ العمل كل الوقت مع التحالف الدولي للحياة البحرية. ومنذ ذلك الحين ساعد على تدريب نحو 2500 من بين 4000 من جامعي أسماك المرابي المائية العاملين في الفلپين. يعلمهم كروز كيفية نشر شباك حاجزية barrier nets في الخوانق canyons أو الشقوق العميقة بين الرؤوس المرجانية، ثم يَسُوقون الأسماك ناحية الشبكة. ومثل الغالبية العظمى من جامعي الأسماك في جنوب شرق آسيا، يتنفس صيادو الفلپين تحت الماء من خلال خراطيم پلاستيكية طويلة مرنة يطلق عليها النرجيلة (الشيشة) hookahs، توصل الهواء عادة من ضاغط هواء قديم موضوع على ظهر قارب الصياد. ويقبض الغواص بأسنانه على النرجيلة، وغالبا ما يستخدم الفقاقيع من زفيره لإخراج الأسماك من مكامنها بين شقوق المرجان ومنها إلى الشباك التي تنتظرهم.

 

إن وجود صيادي أسماك مدربين على استعمال الشباك، يعد أمرا مهما لديمومة تجارة المرابي المائية، ولكن المصدرين أيضا يؤدون دورا رئيسيا في خطة مجلس المرابي البحرية. ومعظم المصدرين، الذين يمثلون الحلقة الثانية في سلسلة الرعاية، يتركزون في مانيلا. هناك، في مستودعات مليئة بالأحواض، تختلط عادة الأسماك التي جمعت لتوها مع الأسماك التي جمعت من مناطق أخرى من أنحاء البلاد، والكثير منها جمع باستعمال السيانيد. ولضمان نجاح نظام التصديق certification يجب على مستودعات التصدير أن  تقوم بعزل صحي لتلك الأسماك التي تأتيهم من جامعين يتعاملون بالشهادات المصدقة.

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/18/SCI2002b18N1_H05_002086.jpg

أحد صيادي الأسماك الذي عزف عن الصيد باستعمال السيانيد، يرى هنا بالقرب من باكاك في الفلپين وهو يضع صيده من الأسماك الحية في أكياس تمهيدا لشحنها إلى مستودع للتصدير في مانيلا.

 

وفي المستودعات يمكن أيضا إجراء اختبار لبعض الأسماك لمعرفة مقدار تعرضها للسيانيد. ويرجع الفضل ـ جزئيا ـ في إنشاء مختبرات للكشف عن السيانيد إلى مجهودات پرات وغيره من العاملين في التحالف الدولي للحياة البحرية. ففي عام 1991 أبرم مكتب المصايد والموارد المائية الفلپيني Philippines Bureau of Fisheries and Aquatic Resources عقدا مع التحالف الدولي للحياة البحرية ليبدأ اختبار عينات عشوائية من الأسماك المصادرة. وقد فُتِح أول مختبر لهذا الغرض بالقرب من مطار مانيلا عام 1991. وحتى بداية العام 2001 قامت ستة مختبرات منتشرة بطول البلاد باختبار ما يزيد على 32000 سمكة.

 

في العادة تنفق نصف كمية الأسماك التي رُشت بسيانيد الصوديوم على

 الشعاب، و 40 بالمئة من الأسماك التي تبقى حية بعد العصفة الأولى

 لن تعيش لترى أي مربى مائي.

وحتى الآن لا يوجد اختبار متداول للكشف عن السيانيد في الأسماك الحية؛ ولذلك، لا بد من التضحية ببعضها. يقوم الكيميائون بفحص كل سمكة ووزنها، ثم طحنها في خلاط لتحويلها إلى سائل، ثم تُقطر عجينة السمك الطرية مع حمض قوي ساخن، بحيث يتسنى لأي سيانيد أن ينطلق على شكل غاز سيانيد الهدروجين hydrogen cyanide، الذي يُمتص بعد ذلك في محلول هدروكسيد الصوديوم. وتكشف مسابر من أقطاب كهربائية(6) أيونات السيانيد في المحلول، مما يمكن الفنيين من حساب مستويات السيانيد مقدرة بأجزاء في المليون. وعلى سبيل المثال، ففي الفترة من عام 1996 إلى عام 1999 لاحظ العاملون أن نسبة الأسماك الملوثة بالسيانيد هبطت من 43 إلى 8 في المئة، وهذا دليل على أن استثمارات التحالف الدولي للحياة البحرية آتت أُكُلها.

 

وبناء على التحديات الكبيرة التي واجهت صياغة سلسلة رعاية قابلة للتصديق في الفلپين، يقول هولثس بأن المعايير الموضوعة سوف يسهل تبنيها واتباعها في هاواي وأستراليا وغيرها من المناطق التي تتمتع حاليا بنوعية عالية من العمليات المطبقة. وما إن تتحقق سلسلة رعاية قابلة للتصديق في البلاد المصدرة، حتى يصبح أمام المستوردين وتجار التجزئة في الولايات المتحدة الخيار لشراء تلك الأسماك المصدق عليها، والوفاء بمتطلبات المؤشرات التي وضعها مجلس المرابي البحرية بشأن الممارسات التداولية الخاصة بالمستوردين وتجار التجزئة. وحتى عند تعاون المستوردين، فإن القضاء على استعمال السم في إندونيسيا ـ حيث يوجد عدد قليل من جامعي الأسماك ذوي التدريب الكافي ـ لن يكون أمرا سهلا. ويقول كروز «فإذا أخفق نظام التصديق أو لاقى نصف نجاح في الفلپين، فإن معايير مجلس المرابي البحرية محكوم عليها بالفشل في إندونيسيا.»

 

كيف يقتل السيانيد(*****)

مع أن جامعي الأسماك الذين يستخدمون السيانيد لا يهدفون إلا إلى تدويخ الأسماك، فإن التقنية تعطي معنى جديدا لكلمة «الإسراف في القتل» overkill، إذ إن معظم التقديرات المفجعة توحي بأن نصف كمية الأسماك ينفق على الشعاب، وأن أعدادا أكثر تنفق قبل أن تصل إلى أي مربى مائي بسبب مضاعفات صحية.

يقوم الغواصون عادة بسحق قرص أو قرصين من مادة سيانيد الصوديوم البيضاء ووضعها في زجاجة لدائنية (پلاستيكية) تستخرج محتوياتها بالضغط squeeze bottle. وبعد ذلك يقومون ببخ السائل اللبني ـ وهو سيانيد الهدروجين الذائب وحبيبات من الأقراص ـ مباشرة في الشعاب، حيث تختبئ الأسماك. وتبتلع الحيوانات التي تقع في منطقة الرش أيونات السيانيد من خلال أفواهها أو الأغشية اللينة التي تغطي خياشيمها. وبمجرد دخول السم في أجسام الأسماك، يبدأ على الفور بتثبيط وظيفة الإنزيمات مثل أكسيداز السيتوكروم cytochrome oxidase، المسؤول عن امتصاص قدر مهم من الأكسجين بواسطة الخلايا الحية. ويؤدي الاختناق الناتج إلى تدويخ بعض الأسماك، ويسبب تشنجات عضلية لاإرادية لأسماك أخرى، مما يؤدي إلى سهولة القبض عليها باليد أو بالشبكة.

ويميل السم إلى التراكم في الكبد الغني بالدم، غير أن دراسات أجريت على أسماك المياه العذبة أوضحت حدوث تلف حاد في الطحال والقلب والدماغ. ويشير الباحثون إلى أن الأسماك البحرية تحتجز السوائل في أجسامها مدة أطول من أبناء عمومتها من أسماك المياه العذبة، مما يتيح للسيانيد مدة أطول ليسبب ضررا قبل أن تتناوله عمليات الأيض (الاستقلاب) ثم يتم إخراجه. وقد ثبت بالدليل أن تراكيز مقدارُها خمسة مليغرامات/ لتر من سيانيد الهدروجين تكون مميتة لأسماك معينة ـ وهي جرعة ضعيفة للغاية إذا أخذنا في الحسبان أن منظمة الحفاظ على الطبيعةThe Nature Conservancy قد وضعت يدها على زجاجات سيانيد عام 1998 تحتوي على تراكيز أعلى من 1500 مليغرام/ لتر.

إن معظم الأدلة على التلف الذي يسببه السيانيد للمرجانيات غير موثق، ولكن عددا من الدراسات العلمية يظهر أن هذه الحيوانات تعاني بالقدر نفسه الذي تعانيه الأسماك. هذا وكان البيولوجي البحري<M.I. سيرڤينو> [وهو طالب دكتوراه في جامعة ساوث كارولينا] شاهدا على تخريب الشعاب في جنوب شرق آسيا عندما كان يعمل مع التحالف العالمي للشعاب المرجانية GlobalCoral Reef Alliance، وهي مجموعة غير ربحية مقرها تشاپاكوا بنيويورك. وخلال ست سنوات من الدراسة الميدانية سئم سرڤينو سماعَه الناس الذين يزعمون أن السيانيد لا يقتل المرجانيات، واستجابة لذلك شرع في جمع الدليل المختبري عن الآثار الضارة للسم.

وفي سلسلة من التجارب التي تمت في العام 2000، عرَّض سرڤينو عشرة أنواع species من المرجانيات لتراكيز سيانيد أقل بآلاف المرات من التراكيز التي يستعملها صيادو الأسماك، فماتت ثمانية أنواع من المرجانيات في الحال. أما الاثنان الآخران فقد ماتا خلال ثلاثة أشهر. وكان من أسوأ الأخبار أن الأكروپورا Acroporaوغيرها من المرجانيات المتفرعة ـ وهي بانيات المرجانيات الأكثر أهمية ـ كانت أكثرها تأثرا. ويقول سرڤينو: «إذا كنت سمكة صغيرة، فإنك ستذهب لتختبئ بين المرجانيات المتفرعة» ـ وهذا يعني أن جامعي الأسماك سيقومون برش هذه المرجانيات بدرجة أكبر تواترا.

ويعمل السيانيد على تعطيل العلاقة التعايشية (التكافلية) بين المرجان العائل والزوكزانثيلات(7) zooxanthellae. وتعطي هذه الطحالب لحيوانات المرجان ألوانها النابضة بالحياة، وتعمل على تغذيتها من خلال سيرورة البناء الضوئي، وتحول فضلاتها إلى حموض أمينية. لقد أدت أقل جرعة من السيانيد (50 مليغراما/ لتر) إلى نفث الزوكزانثيلات من المرجانيات على هيئة كتل كروية من المخاط، وهي عملية يُطلق عليها الابيضاض(8) bleaching. ومع أن المرجانيات غير المتفرعة أكثر مقاومة للسم، فقد بدأت نسجها الخارجية ـ في آخر الأمر ـ بالانسلاخ، مثل ما يحدث لجلد ضحايا الحروق، بحسب ما يقول سيرڤينو.

http://oloommagazine.com/images/Articles/18/SCI2002b18N1_H05_002087.jpg

طريقة صحيحة لصيد الأسماك: يستعمل أحد الغواصين شبكة يدوية لصيد الأسماك التي يسوقها إلى شبكة حاجزية كبيرة تتدلى فوق الرؤوس المرجانية مباشرة.

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/18/SCI2002b18N1_H05_002088.jpg

طريقة خطأ لصيد الأسماك: يحاكي أحد الغواصين تقنية الصيد بالسيانيد، وذلك باستعمال زجاجة لدائنية (تستخرج محتوياتها بالضغط) مملوءة باللبن، الذي لا ضرر منه على السمكة الزرقاء الفوقسية blue tang fish وعلى مرجان قرن الوعل staghorn coral الموجود في الجوار.

 

 ويأمل <J.P. روبِك> [الذي شارك في تأسيس التحالف الدولي للحياة البحرية مع پرات، وهو إخصائي في بيولوجيا مصايد الأسماك بمعهد فلوريدا للبحوث البحرية Florida Marine Research Institute في بيترسبرگ] أن توفر مجهودات التحالف الدولي للحياة البحرية ومجلس المرابي البحرية «الدليل العلمي اللازم لإقناع الصناعة بأن الأسماك المصيدة بالشباك هي بديل اقتصادي قابل للاستمرار للأسماك المصيدة باستخدام السيانيد.» ولكن بعض تجار التجزئة غير متأكدين تماما. «فالضغط في السوق حاليا يستهدف الأسعار الأقل، وليس الأسعار الأعلى،» كما يقول <A.J.> بينيت، وهو صاحب أحد مستودعات المرابي المائية العاملة في تجارة التجزئة في پورتلاند. «فإذا أدت خطة مجلس المرابي البحرية إلى زيادة أسعار الأسماك، فلن يكتب لها النجاح.»

 

ويأمل هولثس في ألا تمثل عملية التصديق أي زيادة فعلية يتحملها المستهلك. فإذا نجح النظام، يقول هولثس، فإن الأموال التي تتوفر بتقليل نفوق الأسماك يمكنها أن تعوض أي تكاليف زائدة بسبب إجراءات التصديق، إذ تتطلب معايير مجلس المرابي البحرية بألا تتجاوز نسبة النفوق من كل نوع من الأسماك في أي مرحلة من مراحل سلسلة الرعاية واحدا في المئة. ويعتقد روبك أن بلوغ هذا الهدف سيكون عملا مذهلا. ويقدر أن 10 في المئة على الأقل من الأسماك المصيدة بالسيانيد تنفق في كل مرحلة على طول طريق التجارة.

 

 والأكثر من ذلك، أن قيمة الأسماك ترتفع بقدر كبير ما بين أحد طرفي طرق التجارة والطرف الآخر. فمثلا سمكة المهرج clown fish ـ المخططة باللونين البرتقالي والأبيض والتي تشترى من أحد جامعي الأسماك الفلپينيين بنحو  10 سنتات ـ ستباع بمبلغ 25 دولارا أمريكيا أو أكثر في أحد المستودعات الأمريكية للحيوانات المدجنة. ومع هذا النمط في الزيادة في السعر، يجادل روبك وآخرون بأن الصناعة يجب أن تكون قادرة على تحمل التكاليف الإضافية الناجمة عن إصدار شهادات التصديق.

 

بعضهم يرى ضرورة الإسراع(******)

إن الزمن وحده هو الذي سيكشف عن إمكان أن تحبط العوائق الاقتصادية مهمة مجلس المرابي البحرية. ففي خريف 2001 سيتوفر عدد قليل من الأسماك المدعمة بشهادات تصديق لمستهلكين معينين في الولايات المتحدة. ولكن قد يستغرق الأمر بعض الوقت قبل أن تجبر رغبات السوق تجارة المرابي المائية على الامتثال لمعايير مجلس المرابي البحرية، وبالنسبة إلى بعض خبراء الشعاب فإن الانتظار سيكون شديد الإيلام.

 

 يقدر عدد صيادي الأسماك الفلپينيين العاملين في تجارة المرابي المائية

الذين يستعملون السيانيد بنحو 4000. وقد تم تدريب نحو 2500 منهم على

استعمال الشباك اليدوية بدلا من هذا السم.

«أنا لا أعتقد أن مجلس المرابي البحرية كان حازما بما فيه الكفاية،» يقول <M.J. سيرڤينو> [وهو طالب دكتوراه في البيولوجيا البحرية بجامعة ساوث كارولينا]. فبعد أن شاهد بنفسه مقدار التخريب الذي أحدثه السيانيد خلال عمله ست سنوات مع التحالف العالمي للشعاب المرجانية Global Coral Reef Alliance  يقترح سيرڤينو أن تتوقف التجارة مؤقتا: «إذا لم يكن لديك الدليل بأن أسماكك قد صيدت بطريقة مستدامة، فلا أرى مبررا للسماح لهذه التجارة بالاستمرار».

 

إن القانون الدولي يحرم حاليا تجارة آلاف الأنواع من المرجانيات الحجرية، وذلك طبقا للاتفاقية الدولية لتجارة الأنواع المهددة بالانقراض من الفونا والفلورا (الحيوانات والنباتات الفطرية)(9). ولكن معظم حيوانات الشعاب المرجانية التي تتضمنها تجارة المرابي المائية ليست ضمن قائمة الكائنات المهددة. هذا وقد قامت بعض المجالس القروية في الفلپين بحظر تصدير أنواع معينة من حيوانات الشعاب الحية، وذلك على سبيل التجربة. ولكن كروز يقول بأن هذه القيود دفعت صيادي الأسماك إلى أنشطة أخرى غير قانونية. فقد كان كروز يقوم بحملة لصالح المجالس القروية تستهدف منح تراخيص صيد، باعتبارها وسيلة بديلة لتنظيم عملية جمع الأسماك. ويحذر كروز «إذا لم تثبت هذه التجارة أنها مستدامة فالواجب إيقافها كلية. وفي أثناء ذلك، فإنه يجب أن نستخدم الموارد بالطريقة الصحيحة بحيث يستفيد منها المجتمع المحلي.»

 

وبعد إقامة نظام لمنح التصديقات واستمرار العمل به بنجاح، قد تؤدي قيود استيرادية في الولايات المتحدة إلى تضييق الحلقة. ففي خريف 2000، ساعدت فرقة العمل الأمريكية المعنية بالشعاب المرجانية U.S. Coral Reef Task Force، التي تأسست بأمر تنفيذي عام 1998، على إعداد مسودة قانونية لضمان أن حاجة المستهلكين إلى كائنات المرابي البحرية ينبغي لها ألا تسهم في تخريب الشعاب أو الأحياء المقيمة فيها، كما هو الأمر حاليا، هكذا تقول عضو فرقة العمل <A.B. بست>. فتوصيات تجارة المرابي تعكس فلسفة مجلس المرابي البحرية التي تقول بأن اعتماد نظام للتصديق هو وسيلة لتشجيع قيام تجارة مسؤولة ومستدامة. وكذلك يسمح التشريع بأنه بعد مضي فترة غير محددة، ينبغي على الولايات المتحدة أن تحظر استيراد أي نوع من الأنواع التي تقطن الشعاب المرجانية ما لم يكن مصحوبا بوثيقة رسمية تفيد بأن الحيوان لم يجمع من خلال استعمال ممارسات صيد مخربة.

 

«إن تقبل الناس مخططات العمل المتعلقة بالتصديقات في مجال الصناعة يمكن أن يكون عملية بطيئة، وإن أي تشريع يتطلب اعتماد نظام للتصديق سوف يعمل على تسريع العملية،» هكذا تشرح بست، التي تعمل أيضا مستشارة للوكالة الأمريكية للتنمية العالمية U.S Agency for International Development في مجال تنمية المصادر البحرية وسياساتها. وتقول بست «لقد ذكر لي بعض تجار التجزئة أنهم يرون أن توصيات تجارة المرابي المائية هي إحدى الوسائل التي تضمن أن يلتزم الجميع بحمل حيوانات قد جمعت بطريقة مستدامة وعوملت بطريقة إنسانية،» ثم تضيف «وهذا يضمن أيضا أن تجار التجزئة هؤلاء الذين يتصرفون بمسؤولية ويحملون منتجات مصدقة بشهادات لن يَهِنوا أمام الأسعار الأقل التي يطرحها تجار تجزئة آخرون.»

«سوف أتأقلم، لأن كل منافِسِيّ ينبغي أن يقوموا بالشيء نفسه،» يقول بينيت، الذي فكر جديا في استبعاد مبيعات الأسماك البحرية الحية من متجر للمرابي المائية الذي يملكه في پورتلاند.» قد يستثمر بعضنا حصة كبيرة من المال في عجلةٍ من أمره ويحاول الحصول على عائد من هذه «الأشياء».

 

لقد انخفضت نسبة الأسماك التي احتوت أجسامها على السيانيد في الفلپين

 من 43% إلى 8% خلال الفترة الممتدة بين عامي 1996 و 1999.

وهذه إشارة إلى أن جهود الإصلاح تؤتي أكلها.

وقد تظل الشعاب المرجانية في دول مصدرة معينة معرضة للمخاطر، حتى على الرغم من انضمام القيود القانونية إلى الطلب القوي من المستهلك للحصول على أسماك مصدقة. وفي الواقع، إن أول أسماك تحمل شهادات تصديق من مجلس المرابي البحرية قد لا تكون فعلا خالية من السيانيد. فقد تفلت بعض الأسماك الملوثة بالسيانيد خلال مرحلة الاختبار الأولية الخاصة بالخطة الطويلة الأمد لمجلس المرابي البحرية؛ ففي تلك المرحلة ركزت المعايير ـ عن عمد ـ على الأساسيات من دون التفاصيل، حتى يمكن الاستجابة لها بسرعة نسبية. «إننا سوف نرفع من مستوى المعايير تدريجيا،» يقول هولثس. فخلال العامين التاليين، سيقوم مجلس المرابي البحرية بتصميم معايير أكثر تفصيلا، وستقوم المنظمة بمراقبة سلامة الشعاب فيما تأخذ التغيرات مجراها.

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/18/SCI2002b18N1_H05_002089.jpg

السيطرة على السم: أسماك مصادرة من أحد مستودعات التصدير في مانيلا بانتظار إجراء الاختبار عليها لتعرف مدى تعرضها للسيانيد. وهذه الأسماك، مرتبة من أعلى اليمين باتجاه دوران عقارب الساعة وهي: سمكة غير مصنفة، سمكة الفراشة ذات الشرائط المنقطة spot-banded butterfly fish، السمكة الملائكية الملكية regal angelfish، سمكة الزناد ذات السن الأحمر redtooth trigger fish، سمكة الملقط forceps fish، سمكة هيرالد الملائكية herald’s angelfish، السمكة الحسناء (غير مصنفة تماما) damselfish، سمكة ثقب المفتاح الملائكية keyhole angelfish، سمكة الفراشة الهرمية pyramid butterfly fish، وسمكة الراس ذات الزعنفة الحمراء redfin wrasse.

 

 وحتى إذا نجح نظام التصديق الذي ينشده مجلس المرابي البحرية في تقليص استعمال السيانيد بين جامعي أسماك المرابي المائية، فإن ما يقلق بعض الباحثين هو عدم وجود ضمانات بأن جمع الأسماك من الشعاب لن يؤدي إلى تقويضها. وثمة حالة في صميم الموضوع هي حالة كونا في هاواي؛ فمع أن جامعي أسماك المرابي المائية لا يستعملون السيانيد في هذه المنطقة، فإنه في أواخر عام 1999 اكتشف <N.B. تيسوت> [من جامعة ولاية واشنطن بڤانكوڤر] و<E.L. هالاّكر> [من جامعة هاواي في هيلو] أن أنشطة جامعي الأسماك أدت إلى تقليص أعداد سبعة أنواع من أسماك الشعاب، ثلاثة منها من العواشب (آكلات النباتات). ومن دون هذه الأسماك التي تتغذى بالطحالب وتؤدي إلى كبح نموها، قد تؤدي الطحالب ذات الإنتاج الوفير في آخر الأمر إلى خنق حيوانات الشعب.

 

وثمة تحدٍّ آخر؛ وهو الحد من الممارسات المخربة بين جامعي الأسماك الحية التي يتغذى بها الناس والذين نشروا استعمال السيانيد في ماليزيا وجزر مارشال وپاپُوَا في غينيا الجديدة، وربما في مناطق أخرى في جنوب شرق آسيا.

 

طرق لمنع الصيد

باستعمال السيانيد(*******)

على من يرغب في المجادلة بأن الصيد باستعمال السيانيد لا يتلف الشعاب المرجانية، أن يأخذ في الحسبان حقيقة مهمة واحدة: إن هذه الممارسة محظورة في معظم جنوب شرقي آسيا. ففي عام 1975 صدر مرسوم جمهوري في الفلپين يجعل الصيد باستعمال السيانيد غير قانوني، وكذلك امتلاك السيانيد على ظهر أحد القوارب أو بيع أسماك صيدت بواسطته. وبعد عشر سنوات حذت أندونيسيا حذوها. ومع ذلك فمازال للسيانيد العديد من الاستعمالات القانونية في الصناعة ـ مثل استخلاص الذهب من الخام؛ ولذلك فاستيراد السم ليس منظما تنظيما صارما. وهكذا يتعاون المجرمون الأذكياء، مع الفساد الحكومي والصراع السياسي في جعل تنفيذ القانون أمرا صعبا بطريقة غير عادية. ولهذا السبب فإن التحالف العالمي للحياة البحرية ومجلس المرابي البحرية وعشرات من المنظمات الأخرى، تجتهد في البحث عن استراتيجيات متباينة لتوقف هذه الممارسة المميتة والمحرمة.

1-مصادرة عينات عشوائية من الأسماك الحية من مستودعات التصدير واختبارها لتعرّف مدى تعرضها للسيانيد.

2-تدريب صيادي أسماك المرابي المائية على استعمال تقنيات الجمع المناسبة: الشباك اليدوية بدلا من السم والمواد الكيميائية الأخرى.

3-وسْم الأسماك التي صيدت من دون استعمال السيانيد، وبذلك يتسنى للمشترين اختيار دعم الممارسات التي تعمل على المحافظة على الشعاب.

4-تشجيع مجتمعات الصيادين على إبعاد الصيادين الغرباء والأنشطة غير القانونية عن مياههم المحلية.

5-منح تراخيص لجامعي أسماك المرابي المائية(10) في الدول المصدرة وذلك للحد من تأثيرهم في الشعاب.

6-منع استيراد أنواع الحيوانات الحية التي تقطن الشعاب المرجانية ما لم تكن مصحوبة بوثائق توضح أنها صيدت من دون استعمال السم.

http://oloommagazine.com/images/Articles/18/SCI2002b18N1_H05_002090.jpg

أحد الكيميائيين يلبس قفازا، ويقوم بوزن سمكة الرأس ذات الزعنفة الحمراء في مختبر للكشف عن السيانيد في مانيلا، وقد بدئ بتشغيله عام 1991.

 

وقد أعلن كروز وموظفون آخرون في مجلس المرابي البحرية بأن هؤلاء الصيادين يقومون عادة بغزوات في المناطق الساحلية، حيث لا يحرصون على الحفاظ على الإنتاجية الطويلة الأمد للشعاب. وعلى الجانب الآخر فإن جامعي أسماك المرابي المائية ينتمون أساسا إلى مجتمعات محلية ظلت تعتمد على الشعاب نفسها لكسب رزقها أجيالا طويلة. واستنادا إلى توصيات كروز، فإن معايير التصديق الخاصة بمجلس المرابي البحرية تتطلب أن يقوم صيادو الأسماك المحليون بحماية مناطق نفوذهم، حتى لو تطلّب ذلك قيامهم بدوريات في المياه الساحلية ومطاردة الأغراب بعيدا ـ وهي ممارسة ساعد كروز على تطبيقها في الكثير من القرى الفلپينية.

 

 ويقول هولثس: إن خلق حوافز قوية لدى صيادي الأسماك المحليين ليكونوا مسؤولين عن إدارة الشعاب المرجانية الخاصة بهم، «قد يكون هو الأمل الأفضل لحماية الشعاب في معظم تلك المناطق.» ولقد شاهد هولش أيضا تنامي الاهتمام بين عامِلِين معينين في تجارة الأسماك الغذائية الحية(11)  لإعداد  مخطط للتصديقات خاص بهم. ولكن مازال الأفضل هو تطوير الشعاب إلى مناطق سياحية للغواصين أو متنزهات محمية يحظر فيها الصيد. ولكن بسبب العوائق الاقتصادية والسياسية، فإن عددا قليلا من الشعاب فقط سيقع ضمن هاتين الفئتين في أي وقت من الأوقات.

 

إن النتيجة النهائية، في رأي كروز، هي: أنه إذا لم يوقف الصيد باستعمال السيانيد فإن عددا كبيرا من هذه الشعاب سيتلاشى خلال عقود قليلة. أما الأخبار السارة، في اعتقاده، فهي أن المعركة ضد استعمال السيانيد في الفلپين لم تعد شاقة.

 

 المؤلفة

Sarah Simpson

كاتبة، وعضو هيئة تحرير مجلة ساينتفيك أمريكان.

مراجع للاستزادة 

Poison and Profit: Cyanide Fishing in the Indo•Pacific. Charles Victor Barber and Yaughan Pratt in Environment Vol. 40, No. 8, pages 5-34; October 1998. Also available atwww.imamarinelife.org/environment.htm

Cyanide-free, Net-caught Fish for the Marine Aquarium Trade. PeterJ. Rubec et al. in Aquarium Sciences and Conservation. Chapman and Hall (in press). Condensed version available at www.spc.org.nc/coastfish/ news/Irf/7/LRF7-08.htm

Marine Aquarium Council, www.aquariumcouncil.org/

International Marinelife Alliance, www.imamarinelife.org/

U.S. Coral Reef Task Forcehttp://coralreef.gov/

Scientific American, July 2001

 

(*) Fishy Business

(**) Tainted from the Start

(***) Forging an Unbroken Chain

(****) Exporters of Marine Aquarium Fish

(*****) How Cyanide Kills

(******) Not Soon Enough for Some

(*******) Ways to Stop Cyanide Fishing

 

 

(1) reefs

(2) aquarium، ويقال أيضا: مماهة أو أكواريوم.

(3) initial blast

(4)animal husbandry

(5)Corals

(6)electrode probes

(7) هي طحالب أولية تنتمي إلى السوطيات الثنائية، تعيش عادة في الطبقة الداخلية لكثير من الحيوانات، وعلى وجه الخصوص المرجانيات، حيث تعيش معها معيشة تكافلية. وقد يموت العائل عند فقد تلك الطحالب.

(8) [انظر: «ابيضاض المرجان»، مجلة العلوم ، العددان 1/2 (1994) ، ص 85]. (التحرير)

(9) Convention on the International Trade in Endangered Species of Wild Fauna and Flora  CITES

(10) license aquarium collectors

(11) live food fish trade

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

زر الذهاب إلى الأعلى