أول جنين بشري مستنسخ(*)
إن الأجنة البشرية المستنسخة في مراحلها المبكرة، تجعل الآن الاستنساخ العلاجي(1) ممكنا.
وينطبق ذلك أيضا على الأجنة البشرية التي تكونت من خلال سيرورة تسمى التوالد
البكري(2)، أي التي نتجت من بيض فقط.
<B.J.سيبِلّي> ـ <P.R.لَنْزا> ـ <D.M.وِسْت>
مع أنها نقاط متناهية الصغر، فهي تبشر بآمال كبيرة. ففي 13/10/2001، وبعد عدة أشهر من المحاولات، شاهدنا في مختبرنا في الشركة Advanced CellTechnology تحت المجهر ما سعينا طويلا من أجله ـ كرات من الخلايا المتقسمة، غير مرئية بالعين المجردة. وعلى الرغم من تفاهة مظهرها، فتوليد هذه الكرات كان إنجازا كبيرا، لأنها (بحسب معرفتنا) أول أجنة بشرية تنتج باستعمال تقنية الاغتراس النووي nuclear transplantation، أو ما يعرف بالاستنساخ.
كنا نأمل أن يحالفنا الحظ فننجح في «إغراء» تلك الأجنة المبكرة، لتنقسم إلى كرات مجوفة، تعرف باسم الكيسات الأُرَيْمِيّة blastocysts، يتكون كل منها من نحو مئة خلية. كان هدفنا عزل خلايا جذعية stem cells بشرية من الكيسات الأُريمية، تصلح لأن تُكون المخزون الأولي لإنماء خلايا عصبية أو عضلية أو نُسُج أخرى بديلة، لعلها ـ في يوم ما ـ تُستعمل لعلاج مصابين بعلل متنوعة. ولكن لسوء الحظ، واصل جنين واحد فقط تشكله حتى مرحلة الست خلايا، وتوقف بعدئذ عن الانقسام. ولكن في تجربة مشابهة، نجحنا في حضِّ بيض بشري ليواصل ـ ذاتيا ـ تشكله (دون أن يخصب بنطاف)، وليتنامى بالتوالد البكري إلى كيسات أُريمية. ونعتقد أن هذين الإنجازين معا، اللذين نشرنا تفاصيلهما في 25/11/2001 في (The Online Journal e-biomed: The Journal ofRegenerative Medicine) يمثلان فجر عصر جديد في الطب، ذلك أننا أوضحنا أن الاستنساخ العلاجي(3) صار في متناول اليد.
والاستنساخ العلاجي ـ الذي يهدف (على سبيل المثال) إلى استعمال المادة الوراثية (الجينية) من خلايا المريض ذاته، لتوليد جزيرات پنكرياسية لعلاج الداء السكري أو خلايا عصبية لإصلاح النخاعات (الأحبال) الشوكية التالفة ـ يختلف عن الاستنساخ التوالدي reproductive cloning، الذي يهدف إلى اغتراس جنين مستنسخ في رحم امرأة، ويؤدي إلى ولادة طفل مستنسخ. ونعتقد أن للاستنساخ التوالدي مخاطر محتملة لكل من الأم والجنين، مما يجعله غير مبرر في الوقت الحالي. ونحن نؤيد وضع قيود على الاستنساخ لأغراض توالدية حتى يتم إيجاد حلول ملائمة لموضوع السلامة وللمشكلات الأخلاقية التي تكتنفه.
ومما يبعث على القلق أن مؤيدي الاستنساخ التوالدي يحاولون أن يحرّفوا معنى «الاستنساخ العلاجي» مدّعين أن استعمال تقنيات الاستنساخ لتكوين طفل لزوجين لا يستطيعان الإنجاب من خلال أي وسيلة أخرى، هو «علاج» للاضطراب المسمى بالعقم. إننا نرفض هذا الاستعمال، ونرى أن وصف هذه الطريقة «بالعلاجية» therapeutic لا يؤدي إلا إلى الإرباك.
ما الذي فعلناه(**)
في مطلع العام 2001 بدأنا محاولتنا لتكوين جنين بشري مستنسخ. وابتدأنا ذلك باستشارة مجلسنا المختص بالأخلاقيات، وهو هيئة مؤلفة من مختصين بالأخلاقيات ومحامين ومستشارين ومختصين بالخصوبة، شكلناها في العام 1999 لإرشاد الجهود البحثية للشركة بصفة مستمرة. واجتمع المجلس برئاسة <M.R.گرين> [مدير معهد الأخلاقيات في كلية دارتموث] ونظر في خمس قضايا أساسية [انظر الإطار في الصفحتين 20 و 21] قبل أن يوصي بمباشرة العمل.
وكانت الخطوة التالية توفير نسوة يرغبن في منح بيضهن ليستعمل في عمليات الاستنساخ، وأيضا توفير أفراد لاستنساخ خلايا مأخوذة منهم (المانحون donors). ومع أن سيرورة الاستنساخ تبدو بسيطة، فالنجاح يعتمد على عدد من العوامل الطفيفة، بعضها غير مفهوم حتى الآن. ويستعمل العلماء في تقنية النقل النووي nuclear transfer الأساسية إبرةً دقيقة جدا لسحب المادة الوراثية من البيضة الناضجة. ثم يحقنون (يزرقون) نواة الخلية المانحة (وأحيانا الخلية المانحة بكاملها) داخلَ البيضة المنزوعة النواة. بعد ذلك تحضن البيضة تحت ظروف خاصة تحضها على الانقسام والنمو [انظر الشكل في الصفحتين 18 و 19].
واستجابة لإعلانات نشرناها في منطقة بوسطن، وجدنا نسوة يرغبن في منح بيضهن لاستعماله في أبحاثنا بشرط عدم الكشف عن أسمائهن. وقَبِلنا فقط نسوةً تتراوح أعمارهن بين 24 و 32 عاما، ولدى كل منهن طفل واحد على الأقل. ومما يثير الانتباه، أن اقتراحنا لاقى قبولا لدى مجموعة من النسوة غير أولئك اللاتي قد يسهمن ـ في ظروف أخرى ـ بتقديم بيضهن لأزواج عقيمين لاستعماله في الإخصاب المختبري in vitro fertilization. ورغبت النسوة اللواتي استجبن لإعلاناتنا في منح بيضهن من أجل البحث بأريحية واضحة، ولكن كثرة منهن لم يحبذن منح بيضهن كي يستعمل لتكوين طفل لن يرينه أبدا. (لقد تم توفير النسوة المانحات، كما تم جمع البيض بوساطة فريق عمل قادته<A .A.كيسلنگ-كوپر> [من الشركة دنكان هولّي بيوميديكال في ولاية ماساتشوستس]. وكانت كيسلنگ أيضا عضوًا في لجنة المداولات المتعلقة بالقضايا الأخلاقية الخاصة بمانحات البيض).
لقد طلبنا إلى المانحات المحتملات أن يخضعن لاختبارات نفسية وجسدية، تشمل الكشف عن الأمراض المُعْدية (الخمجية)، للتأكد من أنهن صحيحات وأن منح البيض لن يحدث فيهن تأثيرات غير مواتية. وهكذا توفر لدينا اثنتا عشرة امرأة، اعتبرن مرشحات صالحات لمنح البيض. وفي غضون ذلك، أخذنا خزعا جلدية skin biopsies من عدد آخر من الأفراد مع إغفال أسمائهم، وذلك لعزل خلايا تعرف بالأرومات الليفية fibroblasts، لاستعمالها في عملية الاستنساخ. وقد ضمت مجموعة مانحي خلايا الأرومة الليفية أفرادا من أعمار متباينة، يتمتعون عموما بصحة جيدة، أو يعانون اضطرابات صحية، مثل الداء السكري أو أذية في النخاع الشوكي ـ أي: أفراد يُنتظر أن يفيدوا من الاستنساخ العلاجي.
يتكون أول جنين بشري مستنسخ من ست خلايا على الأقل. تظهر هنا المادة الوراثية (الجينية) للجنين ـ والخلايا المبيضية الملتصقة به ـ زرقاء اللون. |
وتمت محاولتنا الاستنساخية الأولى في الشهر 7 (2001). وقد اعتمد توقيت كل محاولة على الدورات الحيضية (الطمث) للمانحات بيضهن، إذ كان عليهن أن يأخذن حُقنا (زرقات) هرمونية أياما عديدة، كي تحدث إباضة بعشر بيضات تقريبا دفعة واحدة، عوضا عن الإباضة السوية ببيضة واحدة أو باثنتين.
وومض النجاح في الجولة الثالثة من المحاولات، عندما بدت نواة أرومة ليفية محقونة وكأنها تنقسم، ولكن الخلية لم تتشطر لتكوِّن خليتين متميزتين. لذلك قررنا (في الجولة التالية) أن نتبع الطريقة التي استعملها <T.واكاياما> وزملاؤه، العلماء الذين كونوا أول فأر مستنسخ عام 1998. كان واكاياما وقتها في جامعة هاواي، وهو الآن في الشركة Advanced Cell Technology. ومع أننا قمنا كالمعتاد بحقن بعض البيض بنوى أرومات ليفية من الجلد، فقد حقنا بيضا آخر بخلايا مبيضية تسمى خلايا الرُّكمة cumulus، التي تغذي عادة البيض المتنامي وهو في المبيض، والتي قد تظل ملتصقة بالبيض بعد الإباضة. وتكون خلايا الرُّكمة على درجة من الصغر بحيث يمكن أن تحقن الواحدة منها بكاملها في البيضة. وعندما انتهت المحاولات، كنا قد استعملنا ما مجموعه 71 بيضة أتت من سبع متطوعات، قبل أن نتمكن من توليد أول مرحلة مبكرة من جنين مستنسخ. وانقسمت بيضتان من البيض الثماني التي تم حقنها بخلايا الرُّكمة، لتكونا جنينين، كل منهما مكوَّن من أربع خلايا ـ وانقسمت خلية إلى ست خلايا على الأقل ـ ثم توقف النمو.
التوالد البِكْرِي(***)
وسعينا أيضا إلى تحديد ما إذا كان في استطاعتنا أن نحرض بيضا بشريا، لينقسم إلى أجنة مبكرة من دون أن يخصب بنطفة ومن دون أن يتم نزع نواه، ومن ثم حقنه بخلية مانح. ومع أن البيض الناضج والنطاف تحتوي في الحالة السوية على نصف المادة الوراثية التي لخلية جسدية نمطية، للحيلولة دون احتواء الجنين (في إثر الإخصاب) على مجموعة رباعية من الجينات، فالبيض ينصِّف صيغته الجينية في وقت متأخر نسبيا من دورة نضجه. أما إذا تم تفعيله (تنشيطه) قبل تلك المرحلة، فإن البيض يظل محتفظا بالمجموعة الجينية الكاملة.
ومن غير المرجح أن تُرفض الخلايا الجذعية(4) stem cells، المشتقة من هذا البيض المفعّل بكريا، إذا ما تم اغتراسها؛ لأنها ستكون شبيهة جدا بخلايا المريض، ولن تُنتِج جزيئات كثيرة غير مألوفة لجهازه المناعي. (ولكنها لن تكون مثيلة identical لخلايا الفرد، بسبب الخلط shuffling الجيني الذي يحدث دائما خلال تكوين البيض والنطاف). وقد لا تثير هذه الخلايا أيضا معضلات أخلاقية لبعض الناس بالقدر الذي تثيره الخلايا الجذعية المشتقة من أجنة مستنسخة في مراحلها المبكرة.
ويمكن، في أحد السيناريوهات، جمع بيض من امرأة مصابة بمرض القلب وتفعيله في المختبر لإنتاج كيسات أُريمية. ويمكن للعلماء عندئذ استعمال مجموعات متوافقة من عوامل النمو لتوجيه الخلايا الجذعية (التي عزلت من الكيسة الأُريمية)، لكي تصبح خلايا عضلية قلبية تتنامى في أطباق مختبرية، ويمكن اغتراسها بعد ذلك في المرأة ذاتها، لتُصلِح المنطقة المتأذية في قلبها. ولكن استعمال تقنية مشابهة، تسمى تولد الذكورة androgensis، لتكوين خلايا جذعية لعلاج رجل ما، سوف يكون أكثر صعوبة. وقد تتضمن نقل نواتي نطفتين من الرجل المعني إلى بيضة ممنوحة نُزعت نواتها.
لقد سبق أن أعلن الباحثون عن حث بيض من الفئران والأرانب على الانقسام وتكوين أجنة، وذلك بتعريضها لمواد كيميائية أو لمنبهات فيزيائية مختلفة (مثل الصدمة الكهربائية). ففي عام 1983، أوضحت <J.E.روبرتسون> [وهي حاليا في جامعة هارڤارد] أن الخلايا الجذعية المعزولة من أجنة فئران تكوَّنت بالتوالد البكري، يمكنها أن تعطي تشكيلة مختلفة من النُّسُج، بما في ذلك النسيجان العصبي والعضلي.
وفي تجارب التوالد البكري، قمنا بتعريض 22 بيضة للمواد الكيميائية التي غَيّرت تركيز الذرات المشحونة، المسماة الأيونات، في داخل الخلية. وبعد خمسة أيام من النمو في أطباق الزرع، تنامت ست بيضات وكونت ما بدا أنه كيسات أُريمية، لكن أيا منها لم يحتو بوضوح على ما يسمى الكتلة الخلوية الداخلية، التي تنتج الخلايا الجذعية.
لماذا قمنا بذلك(****)
إننا نتوق إلى اليوم الذي نستطيع فيه تقديم استنساخ علاجي، أو علاج خلوي، للمرضى يعتمد على التوالد البكري. وتتركز جهودنا في الوقت الحاضر على أمراض الجهازين العصبي والقلبي الوعائي وعلى الداء السكري واضطرابات المناعة الذاتية autoimmune disorders وأمراض الدم ونِقي العظم.
وبمجرد أن نصبح قادرين على اشتقاق خلايا عصبية من أجنة مستنسخة، فإننا نأمل ليس فقط في علاج النخاعات الشوكية التالفة ومداواتها، ولكن أيضا في علاج اضطرابات الدماغ (مثل داء پاركنسون(5)). وقد يستجيب لهذه المقاربة أيضا داء ألزايمر والسكتة الدماغية والصرع(6).
وإضافة إلى خلايا جزيرات الپنكرياس المنتجة للأنسولين التي تعالِج الداء السكري، فإن الخلايا الجذعية من الأجنة المستنسخة يمكن أيضا أن توجَّه لتصبح خلايا عضلية قلبية، يُعالَج بواسطتها قصور القلب الاحتقانيcongestive heart failure واللاّنظمية (اضطراب النّظم) arrhythmias ونُدب النسيج القلبي cardiac tissue scarred التي تسببها الهجمات (النوبات) القلبية.
الاستنساخ الهلاجي : كيف يتم إنجازه(*****)
1- يُحرَّض البيض على النضج في طبق الزرع. وترافق كل بيضة بقايا خلية بيضية (تعرف بالجسم القطبي) وخلايا رُكمية من المبيض ملتصقة بها. 2 – بينما يتم تثبيت البيضة بممص، تُستعمل إبرة لثقب المنطقة الصافية، ونزع سِدادة pluge منها. 3 – بعد قذف السدادة، تغرز الإبرة ثانية في البيضة من خلال الثقب، لسحب الجسم القطبي والمادة الوراثية للبيضة، حيث يتم التخلص منهما. 4 – تسحب خلية رُكمية من بيضة أخرى بوساطة الإبرة. ويمكن أيضا استعمال أرومات ليفية، أو نواها، في هذه الخطوة 5 – يتم حقن الخلية الرُُّكمية في عمق البيضة التي نزعت منها مادتها الوراثية. 6 – يتم تعريض البيضة المحقونة (المزروقة) لمزيج من الكيميائيات وعوامل النمو بهدف تفعيلها لكي تنقسم. 7 – بعد 24 ساعة تقريبا، تبدأ البيضة «المفعَّلة» بالانقسام. وتتوي الخلايا الناتجة من الانقسام على المادة الوراثية لخلية الرُّكمة المحقونة فقط. 8 – في اليوم الرابع أو الخامس تتكون كرة مجوفة من مئة خلية تقريبا، تحتوي على كتلة من الخلايا تسمى الكتلة الخلوية الداخلية التي تضم بدورها الخلايا الجذعية. 9 – تُفتح الكيسة الأُريمية، وتُنمَّى الكتلة الخلوية الداخلية في طبق الزرع للحصول على الخلايا الجذعية. 10 – يمكن أيضا تحريض الخلايا الجذعية، لتنمو إلى تشكيلة من الخلايا، يمكن ـ في يوم ما ـ أن تحقن في المرضى. |
وهناك تطبيقات قد تكون أكثر أهمية تتضمن حث الخلايا الجذعية المستنسخة لتتمايز إلى خلايا الدم ونِقي العظم. وتنشأ اضطرابات المناعة الذاتية ـ مثل مرض التصلب المتعدد multiple sclerosis والتهاب المفاصل الرثياني (الروماتيد) rheumatoid arthritis ـ عندما تهاجِمُ الخلايا الدموية البيض، التي تنشأ عن نقي العظم، نسجَ الجسم ذاتها. وقد أظهرت الدراسات الأولية أن مرضى السرطان (المصابين أيضا بأمراض المناعة الذاتية) تحسنت حالتهم في ما يتعلق بأعراض المناعة الذاتية بعد اغتراس نِقي العظم فيهم، ليحل مكان نِقيهم الذي كان قد قُضي عليه نتيجة الجرع العالية من المعالجة الكيميائية للسرطان. إن تسريب infusion الخلايا المكوِّنة للدم (7)hematopoietic المشتقة من الخلايا الجذعية المستنسخة قد «يعيد إطلاق» الأجهزة المناعية للمصابين بأمراض المناعة الذاتية من عقالها.
ولكن هل الخلايا المستنسخة ـ أو تلك المتكونة من خلال التوالد البكري ـ سوية؟ إن الاختبارات السريرية لهذه الخلايا هي وحدها التي ستُظهر في النهاية ما إذا كانت هذه الخلايا آمنة بما يكفي للاستعمال الروتيني في المرضى؛ ولكن دراستنا للحيوانات المستنسخة أوضحت أنها جيدة. وفي عدد 30/11/2001 من مجلة ساينس (العلم)، أعلنا عن نجاحنا (الأول في هذا النطاق) في استنساخ الأبقار. فمن بين 30 بقرة مستنسخة، ماتت ست بقرات بعد ولادتها بفترة قصيرة، أما بقية البقرات فكانت نتائج فحوصها الجسمية سوية، وأظهرت اختبارات أجهزتها المناعية أنها لا تختلف عن الأبقار العادية؛ حتى إن اثنتين منها أنجبتا عجلين صحيحين.
ويبدو أيضا أن سيرورة الاستنساخ تعيد إلى الوراء في الخلايا المستنسخة «ميقاتية الكِبَر» aging clock، حيث تبدو الخلايا ـ بطريقة أو بأخرى ـ فتية أكثر عند مقارنتها بالخلايا التي استُنسخت منها. وقد أشرنا في عام 2000 إلى أن التيلوميرات(8) (القُسَيْمات الانتهائية) telomeres في العجول المستنسخة لها الطول نفسه كما في العجول الضابطة (الشاهدة) control. وتقصر التيلوميرات عادة أو تتلف مع الكِبَر. وقد يزودنا الاستنساخ العلاجي بخلايا «فتية» لجماعات من المعمرين.
الاعتبارات الأخلاقية(******)
شكلت الشركة Advanced Cell Technology مجلسا خارجيا من المختصين بالأخلاقيات لتقييم المضامين الأخلاقية لأبحاث الاستنساخ العلاجي، التي تهدف إلى توليد نُسُج بديلة لعلاج طيف واسع من الأمراض. سنعرض في ما يلي لأبرز خمس مسائل أخذها المجلس في الحسبان قبل أن تشرع الشركة في استنساخ أول جنين بشري. <M.R.گرين>
ما الوضع الأخلاقي للكائنات المكوَّنة بالاستنساخ؟ لو زُرِع كائن مستنسخ في رحم ما (كما في حالة النعجة دولّي) فمن الممكن أن يواصل تناميه الكامل حتى تتم الولادة. وبسبب هذا الإمكان، فإن البعض يرى أن الكائن الذي ينتج من تجارب الاستنساخ البشري العلاجي مساوٍ لأي جنين بشري عادي، ويستحق الدرجة نفسها من الاحترام والحماية. لم يوافق معظم أعضاء مجلسنا الاستشاري على ذلك. لقد لفتنا النظر إلى أنه (بخلاف الجنين)، فإن الكائن المستنسخ لم يأتِ نتيجة إخصاب بيضة بنطفة. إنه نمط جديد من كينونة بيولوجية، ما سَبَق قط أن شوهدت في الطبيعة. ومع أنه يمتلك بعض الإمكان للتنامي إلى كائن بشري مكتمل، فإن هذه القدرة محدودة جدا. وفي مرحلة الكيسة الأُريمية، عندما ينفرط عادة عقد الكائن ليشكل سلالةَ خلايا جذعية جنينية، فهو كرة من الخلايا لا يزيد حجمها على حجم نقطة في نهاية هذه الجملة. وفي الحالة السوية، لا تعلق الأجنة بجدار الرحم وتبدأ بالتنامي إلا بعد مرحلة الكيسة الأُريمية. فالجنين (في هذه المرحلة) ليس له أعضاء، وليس في استطاعته أن يفكر أو يشعر، ولا يملك أيا من الخصائص التي تجعلنا ننظر إليه على أنه إنسان. ومع أن أعضاء المجلس أدركوا أن البعض قد يشبِّه هذا الكائن بالجنين، فقد فضلنا تعبير «البيضة المفعلة» activated egg، واستنتجنا أن خصائصها لن تحول دون استعمالها في عمل قد ينقذ أرواح الأطفال والبالغين.
إن الكائن المستنسخ نمط جديد من كينونة بيولوجية لم يسبق مطلقا أن شوهدت في الطبيعة. أيجوز تكوين هذه الكينونة البشرية المتنامية لكي يتم إتلافها فقط؟ إن أولئك الذين يعتقدون أن حياة البشر تبدأ عند الإخصاب(9)، وأيضا أولئك الذين يعتبرون البيض المفعل يكافئ أخلاقيا الأجنة البشرية، لا يوافقون أخلاقيا على إجراء أبحاث الاستنساخ العلاجي. فهذه الأبحاث، في نظرهم، لا تختلف عن قتل طفل حي بغية استعمال أعضائه لفائدة الآخرين. ولكن بعض من يفكر على هذا النحو، لا يجد (مع ذلك) غضاضة في الموافقة على أبحاث تُجرى على الخلايا الجذعية البشرية، التي اشتقت من أجنة تبقت بعد عمليات الإخصاب المختبري in vitro fertilization IVF . إنهم يبررون، صوابا أو خطأ، أن هذه الأجنة ستتلف بالتأكيد، وأنه قد ينتج على الأقل بعض الفائدة من استعمال هذه الخلايا. ولكن يبقى الاستنساخ العلاجي غير مقبول كليا من قبل هؤلاء الأفراد، لأنه يتضمن التكوين المتعمد لما يعتبرونه كائنا بشريا، كُوِّن كي يُتلف. وكثرة ممن لا يضفون وضعا أخلاقيا على الكينونات التي تُنتج بالاستنساخ العلاجي، يخالفون ذلك الرأي. فحالهم حال أعضاء مجلسنا عندما يجادلون بأن منافع هذا البحث والعلاجات الممكنة التي قد تنتج منه تفوق كثيرا أهمية البيض المفعل بحد ذاته. ومع ذلك، وعلى نحو لافت للنظر، فإن بعضا ممن يشاطرون هذا الرأي الأخلاقي، يعارضون هذا النمط من البحث على أسس رمزية symbolic. إنهم يؤكدون أنه من غير اللائق تكوين أي شكل من أشكال الحياة البشرية لمجرد إتلافها. ومما يقلقهم أن هذا المنحى قد يدفع بالمجتمع إلى منزلق، لا يستبعد أن يؤدي إلى «اقتناص» الأعضاء من أجسام البالغين دون موافقتهم. وغالبا ما تكون لهذه الحجج الرمزية و«المنزلقية» slipperyslope قوة عاطفية عارمة، ولكن من الصعب تقييمها. فهل استعمال البيض المفعل لعلاجات قد تؤدي إلى إنقاذ الحياة، سيقود فعلا إلى هذه الأنماط المتخيلة من سوء الاستعمال؟ وعلى العكس من ذلك، فإذا ما استطاعت العلوم الطبية زيادة فرص الإنسان في بُقيا صحيحة، ألن يصبح بوسع هذا النمط من الأبحاث أن يعزز من احترام الحياة البشرية؟ وقد لاحظ أعضاء المجلس حقيقة أن المملكة المتحدة (حتى عهد قريب جدا، منذ بداية التسعينات) أجازت قانونيا الأبحاث الخاصة بالتكوين المتعمد للأجنة البشرية، كما سمحت بإتلافها (انظر الإطار في الصفحة 51). ولم يكن هناك أي أثر سيئ ظاهر لهذا الترخيص في المجتمع البريطاني. وفي النهاية، لم تقنع حجج الرموز والمنزلقات أعضاء المجلس في أن أبحاث الاستنساخ العلاجي يجب ألا تمضي قدما. هل من الصواب السعي إلى الحصول على بيض بشري بغرض البحث العلمي؟ إن الحاجة إلى الحصول على زاد من البيض البشري قادت إلى واحدة من أهم القضايا الأخلاقية الحساسة في أبحاث الاستنساخ العلاجي. فالمرأة عادة ما تنتج بيضة ناضجة واحدة أو اثنتين فقط كل دورة شهرية. ولزيادة العدد، بحيث يمكن استعماله في البحث، يجب معالجة المرأة بعقاقير منبهة، مثل تلك التي تستعمل في عمليات الإخصاب التوالدي في المختبر (IVF). ويمكن لهذه العقاقير (في حالات نادرة) أن تستثير ما يطلق عليه متلازمة فرط التنبيهhyperstimulation syndrome، التي يمكن أن تؤدي إلى تلف في الكبد أو قصور كلوي أو سكتة دماغية. ووفقا لبعض الدراسات، فإن أدوية تنبيه الإباضة تترافق بمخاطر كبيرة للإصابة بسرطان المبيض. كما أن الجراحة التي تُجرى للحصول على البيض، تنطوي على مخاطر مختلفة، كالنزف وتأثير التخدير العام. فهل يصح أخلاقيا تعريض المرأة لهذه المخاطر لأغراض بحثية؟ وإذا ما دُفع للنسوة بعض المال مقابل تحمل هذه المخاطر، فهل سيُنظر إلى المادة التوالدية البشرية على أنها سلعة يمكن الاتجار فيها؟ إننا لا نسمح ببيع الأعضاء البشرية أو الأطفال. فهل البيض يختلف عن ذلك؟ واستجابة لهذه الهموم، لاحظ أعضاء المجلس حقيقتين اثنتين: الأولى هي الوجود الفعلي لسوق حقيقية للبيض البشري لأغراض توالدية. فالنساء
إن مانحي الخلايا مثلا قد يجدون أنفسهم في وسط عاصفة إعلامية إذا عرف عنهم أنهم سمحوا باستنساخ أنفسهم. الفَتِيّات يتلقين مبالغ سخية مقابل بيضهن، الذي يمكن أن يساعد امرأة وحيدة أو زوجين على إنجاب الأطفال. لقد تساءلنا: إذا كانت النسوة يتحملن المخاطر لهذا الغرض، فلماذا لا يسمح لهن بالمخاطر نفسها بهدف تقدم الأبحاث الطبية، التي قد تنقذ حياة البعض؟ وإذا كان من الجائز أن يُدفع لهن مقابل الوقت والمشقة التي ينطوي عليها منح البيض لأغراض توالدية، فلماذا لا يستطعن تلقي مبلغ معقول لتحريض الإباضة لأغراض بحثية؟ والثانية أننا لاحظنا أن معظم متطوعي البحث يقبلون بمخاطر لا يستهان بها بهدف تقدم المعرفة الطبية. وإذا كان بوسع شخص ما أن يوافق على الخضوع لدراسة خطرة تتعلق بلقاح الملاريا (البرداء) ليساعد على الشفاء من المرض، فلماذا يجب أن تمنع النسوة من منح بيضهن لأبحاث مشابهة، تنقذ الحياة؟ واستنتجنا في النهاية أن منع النسوة من منح بيضهن لهذا البحث، سيكون نمطا من الهيمنة الأبوية غير الملائمة. وفي الوقت نفسه، وضعنا إجراءات شديدة الوضوح للموافقة الواعية، بحيث تدرك مانحات البيض إدراكا تاما الأخطار المحتملة. وكنا نصر على أن تُعطى أدوية تنبيه الإباضة بجرعات آمنة. وقدرنا قيمة نقدية متواضعة للمشاركة: 4000 دولار (نحو 40 دولارا في الساعة)، وهذا يساوي تقريبا متوسط ما يدفع في ولاية نيوإنگلاند لمنح البيض لأغراض توالدية. وأردنا أن نحول دون أن يصبح المبلغ المدفوع شديد الإغراء بحيث يُعمي أبصار النسوة عن أخطار المجازفة. ما القضايا الأخلاقية المتعلقة بالشخص الذي سيتم استنساخ خلاياه؟ قد يبدو أن الأفراد الذين سيقدمون الخلايا (عادة أرومات ليفية من الجلد)، التي ستُدمج مع البيض المنزوع النواة في أبحاث الاستنساخ العلاجي لا يواجهون مخاطر جدية، ما عدا الاحتمال الضعيف لحدوث عدوى (خمج) في مكان أخذ الخزعة. ولكن الاستنساخ هو موضوع جدلي، يعرِّض جميع المشاركين في الأبحاث لمخاطر جديدة. فمانحو الخلايا مثلا قد يجدون أنفسهم في وسط عاصفة إعلامية إذا عرف عنهم أنهم سمحوا باستنساخ أنفسهم. ولتجنب ذلك، فإن المجلس الاستشاري للأخلاقيات أصر على إجراءات تؤكد السرية الصارمة لكل من مانحي البيض والخلايا (ما عدا الذين اختاروا المجاهرة). ولقد شُغلنا معظم الوقت بسؤال واحد: هل يستطيع الأطفال منح خلاياهم لهذا البحث. بوجه عام، قررنا أن هذا غير مستحسن، لأن الطفل قد يشعر (عندما يصل مرحلة النضج) أنه تعرض لعمل لاأخلاقي كونه أُقحم في عملية استنساخية. ومع ذلك، فقد وضعنا استثناء يشمل حالة طفل رضيع مصاب بمرض وراثي مميت. فنحن نعلم أن سلالة line من الخلايا الجذعية تعتمد على دنا DNA الطفل، قد تكون أداة فعالة في بحث يهدف إلى الإشفاء من المرض. ومع أن الطفل قد لا يعيش مدة تتيح له الإفادة من هذا البحث، فلقد رأينا أن للأبوين الحق في اتخاذ هذا القرار نيابة عن طفلهما. وحتى الآن، لم يتم استعمال خلايا ذلك الطفل في عمليات استنساخ. هل سييسر الاستنساخ العلاجي الاستنساخَ التوالدي، ويؤدي إلى ولادة طفل مستنسخ؟ لقد استثار هذا البحث سؤالا ختاميا رئيسيا هو: هل سيؤدي البحث إلى التعجيل باليوم الذي سيشرَع فيه الناس بالاستنساخ التوالدي البشري؟ إن هذا القلق يفترض أن الاستنساخ التوالدي خطأ أخلاقي ـ الآن وفي المستقبل. وكثرة ممن يتبنون وجهة النظر هذه، يستشهدون بحالات الموت وعيوب الولادة في الحيوانات المستنسخة. وثمة آخرون قلقون من أخطار آجلة. إنهم يشيرون إلى مخاطر نفسية محتملة لأطفال يتم إنتاجهم في عائلات قد يكون فيها أحد الأبوين هو أيضا توأما وراثيا للطفل. إنهم يخشون من أن الأطفال المستنسخين قد يواجهون توقعات غير واقعية، في سعيهم إلى تحقيق إنجازات سلفهم الوراثي. وهم قلقون من المخاطر الاجتماعية المحتملة إذا ما قررت المجتمعات إجراء استنساخ على نطاق واسع لعدد محدود من جينوماتgenomes مرغوبة لأغراض عسكرية أو غيرها. وفي مقابل ذلك، رحب بعض الناس بالآمال المعقودة على الاستنساخ. إنهم ينظرون إليه طريقةً جديدة لتكوين أنسال متقاربة بيولوجيا لبعض الأزواج العقيمين، أو وسيلةً للإقلال من مخاطر بعض الأمراض الوراثية. وبغض النظر عن رأينا في ما يتعلق بأخلاقيات الاستنساخ التوالدي، فإن حظر الاستنساخ العلاجي لن يجعل الاستنساخ التوالدي أقل احتمالا. ومع أن الاستنساخ العلاجي قد يساعد العلماء على جعل تقنيات الاستنساخ التوالدي أكثر كمالا، فإن بوسعه أيضا أن يوضح بجلاء أخطار إنتاج كائن بشرى بهذه الطريقة. ويوجد فعلا دليل على أن بعض الحيوانات المستنسخة تعاني تعبيرا جينيا خاطئا وتعطيل التبصيم، أي: الطراز السوي للجم الجينات التي لا حاجة إليها في هذا النسيج أو ذاك. وقد تثبط هذه المشكلات الآباء المحتملين من استعمال هذه التقانة للحصول على طفل. وهكذا، فبوسع أبحاث الاستنساخ العلاجي أن تقلل فعلا من احتمال النظر إلى الاستنساخ على أنه خيار توالدي قابل للتطبيق. وقد لا يمنع حظر الاستنساخ العلاجي الباحثين الذين لا يخضعون للإشراف من السير قدما في جهودهم الخاصة في ما يتعلق بالاستنساخ التوالدي. وقد أعلنت مجموعات معينة (مثل Raëlians وهي طائفة دينية) أو علماء مارقون (مثل<G.R.سيد>، الفيزيائي المقيم في ولاية إلينوي، الذي دخل أيضا في مجال علم الجنين)، عن عزمهم على استنساخ كائن بشري، ويفترض أنهم سيحاولون ذلك، سواء حُظرت أبحاث الاستنساخ العلاجي أو لم تحظر. إن حظر الاستنساخ العلاجي سيوقف الأبحاث المفيدة، في حين سيسمح لأفراد أقل التزاما وشعورا بالمسؤولية بمحاولة إجراء الاستنساخ التوالدي حيثما استطاعوا أن يجدوا، قانونيا، بيئة متسامحة. وبحظر الأبحاث الراشدة (الواعية) في مجال البيولوجيا الخلوية للاستنساخ البشري، فإن هذا الحظر سيجعل المحاولات الأولى لاستنساخ كائن بشري تقوم على معلومات علمية هزيلة. وتعين على مجلسنا الاستشاري للأخلاقيات أن يجابه مشكلات وتحديات جديدة، ولكننا نعتقد أننا استطعنا أن نضع للشركة Advnaced Cell Technology أساسا أخلاقيا راسخا، تعول عليه في برنامج أبحاثها حول الاستنساخ العلاجي. وبعد أن يشتق الباحثون خلايا جذعية من بيض بشري مفعل مستنسخ، يجب أن يحدّد مختصو الأخلاقيات شروط السلامة في محاولة إعادة اغتراس هذه الخلايا لدى المانحين المتطوعين. ولا ريب في أن المهام التي تنتظر المجالس الاستشارية للأخلاقيات (مثل مجلسنا) هي مهام جسيمة. وستكون مكافأتنا على النجاح في تحقيقها هي أننا استطعنا المساعدة على الوصول بالمعرفة الطبية إلى أعلى مستويات الرقي.
المؤلف Ronald M. Green مدير معهد الأخلاقيات في كلية دارتموث، رئيس المجلس الاستشاري للأخلاقيات في الشركة Advanced Cell Technology بماساتشوستس. أما الأعضاء الآخرون الحاليون في المجلس، فهم: <J.بيرنشتاين> [من جامعة بوسطن] و<S.كروكين> [محامية مستقلة في مجال الرعاية الصحية في ماساتشوستس] و<K.گودمان> [مدير منتدى الأخلاقيات البيولوجية في جامعة ميامي] و<R.كاوفمان> [من مركز ساوث إسترن للخصوبة في ساوث كارولينا] و<R.S.ليڤين> [مستشارة مستقلة في ماساتشوستس] و<S.موس> [من جامعة ولاية سان دييگو] و<C.تاور> [من مركز مينيسوتا لأخلاقيات الرعاية الصحية]. أما <M.وست> (الرئيس والمدير التنفيذي للشركة Advanced Cell Technology) فهو عضو في المجلس بحكم منصبه. |
وقد حظي تقرير قدمه في الشهر 7 (2001)<R.جانيش> وزملاؤه [من معهد هوايتهيد للأبحاث الطبية الحيوية في ماساتشوستس] باهتمام واسع، بالنظر إلى أنه وَجَد في الفئران المستنسخة ما يطلق عليه اسم عيوب البصمةimprinting defects. والبصمة هي نمط من الختم يوضع على جينات كثيرة في الثدييات، يغير الكيفية التي تُفَعَّل وفقًا لها الجينات أو تُوقف عن العمل، وهو أمر يتوقف على أصل الجينات نفسها (أي: هل هي موروثة من الأم أو من الأب). وعموما، إن برنامج البصمة «يُكتب من جديد» خلال التنامي الجيني.
الاستنساخ والقانون(*******)
هل ينتهي المطاف بالاستنساخ العلاجي أن يصبح ضد القانون؟ تهدد الأنشطة التشريعية بالوقوف في طريق الفوائد الطبية التي يمكن أن يقدمها الاستنساخ العلاجي. ففي 30/7/2001، صَّوت مجلس النواب الأمريكي مع حظر شامل ضد الاستنساخ البشري، الذي لم يحرِّم فقط استعمال الاستنساخ للتوالد، ولكنه سيحرم أيضا الاستنساخ لأغراض بحثية، مثل اشتقاق خلايا جذعية يمكن أن تستعمل في العلاج. إن التشريع الذي تقدم به كل من النائب الجمهوري عن فيلادلفيا <D.وِلْدُن>، والنائب الديمقراطي عن ميتشيگان <B.ستوپاك>، قد ينزل عقوبات تصل إلى السجن حتى عشر سنوات، وغرامة قدرها مليون دولار لكل من ينتج أجنة بشرية مستنسخة. ولم تتم الموافقة على التعديل الذي كان مقترحا من قبل النائب الجمهوري عن پنسلڤانيا <J.گرينوود> بشأن السماح بالاستنساخ العلاجي. (إن للنائب گرينوود مشروع قانون مقترحا عن هذا الموضوع، يُحرِّم الاستنساخ التوالدي فقط). إن هذه القوانين لن تؤثر فقط في أولئك الذين يعملون بتمويل حكومي، بل في علماء الولايات المتحدة كافة. وقد أحيل مشروع قانون وِلْدُن/ستوپاك إلى مجلس الشيوخ، الذي يُتوقع أن يتبنى الموضوع في هذا العام. كما أن السناتور الجمهوري عن كنساس <S.براونباك> الذي قدم بدوره مشروع قانون مستقلا، يعارض هو الآخر استنساخ البشر لأي غرض كان. وفي الشهر 11(2001) حاول إضافة تعديلات تحظر استنساخ البشر إلى مشروع الإنفاق المالي لعام 2002 الخاص بوزارة الصحة والخدمات الإنسانية. ولكن هذه الإجراءات تواجه معركة شرسة في مجلس الشيوخ ذي الأغلبية الديمقراطية. وتدعم إدارة بوش الحظر الكامل على الاستنساخ، وكانت قد صادقت على مشروع قانون وِلْدُن/ستوپاك المقترح. وسوف تطرح للمناقشة مرة أخرى مسألة استنساخ الإنسان في برلمان المملكة المتحدة. ففي عام 2000، عدلت المملكة المتحدة قانونها الخاص بالإخصاب البشري وعلم الجنين لعام 1990، لتسمح (على وجه الخصوص) بالاستنساخ البشري العلاجي. ولكن في الشهر 11 (2001) نجح النشطاء المناهضون للإجهاض في إسقاط النص على أساس أن الاستنساخ لا ينطوي على تكوين جنين عن طريق اتحاد بيضة بنطفة، ولذلك لا يمكن إدراجه ضمن القانون. وفي الشهر 8 (2001) ، حظر الرئيس <G.بوش> التمويل الفدرالي للأبحاث التي تُستعمل فيها خلايا جذعية مُشتقة من الأجنة، بما في ذلك الخلايا المستولدة بالاستنساخ. ويسمح الحظر للعلماء الممولين فدراليا بإجراء تجارب فقط على مزارع الخلايا الجذعية أو سلالاتها التي تم إنشاؤها قبل إعلان الشهر 8(2001). ولكن كثيرا من العلماء انتقدوا مدى جودة السلالات الخلوية الجذعية المعنية، وكذلك عدم سهولة الحصول عليها. وادَّعى آخرون أنه بدون الاستنساخ ستفقد الخلايا الجذعية الآمال المعقودة عليها، ذلك أنها قد ُترفض (على أنها جسم غريب) من قبل الجهاز المناعي للمريض. وفي الشهر11(2001) أُجهضت المحاولات التشريعية، التي قدمها السناتور الجمهوري عن پنسلڤانيا <A.سپكتر>، والتي كانت ستسمح للعلماء باستعمال أموال حكومية لإنتاج سلالات خلوية جذعية جديدة، وذلك عندما هدد براونباك بأنه سيتقدم عندئذ بمشروع قانون يضع حظرا شاملا على أبحاث الخلايا الجذعية البشرية. <C.إزل> كاتبة وعضو في هيئة تحرير ساينتفيك أمريكان |
ومع أن البصمة تؤدي (في ما يبدو) دورا مهما في الفئران، فلا أحد يعرف حتى الآن أهمية هذه الظاهرة في الإنسان. زد على ذلك، أن جانيش ومعاونيه لم يدرسوا فئرانا مستنسخة من خلايا أخذت من أجساد حيوانات بالغة، كالأرومات الليفية أو خلايا الرُّكمة. وعوضا عن ذلك، فحصوا فئرانا مستنسخة من خلايا جنينية، يتوقع أن تكون أكثر تباينا. والدراسات التي توضح أن البصمة أمر عادي في الفئران المستنسخة من خلايا بالغة هي حاليا قيد الطباعة، وستنشر في الدوريات العلمية خلال عدة أشهر.
وفي غضون ذلك، نواصل تجاربنا على الاستنساخ العلاجي لتكوين أجنة بشرية بالاستنساخ أو بالتوالد البكري بهدف الحصول على خلايا جذعية. وقد شرع العلماء لتوّهم في سبر غور هذا المورد المهم. ?
المؤلفون
Jose B. Cibelli – Robert P. Lanza – Michael D. West
هم (على التعاقب) نائب الرئيس للأبحاث، ونائب الرئيس للتنمية الطبية والعلمية، والرئيس والمدير التنفيذي للشركة Advanced Cell Technology (وهي شركة تقانة حيوية خاصة في ولاية ماساتشوستس]. حصل سيبيلي على الدبلوم في الطب البيطري من جامعة لاپلاتا في الأرجنتين والدكتوراه من جامعة ماساتشوستس في أمهرست. قادت أبحاثه إلى تكوين أول عجول مستنسخة ومحورة وراثيا في عام 1998. وحصل لانزا على الدكتوراه في الطب البشري من جامعة پنسلڤانيا، وتمتع بمنحة فولبرايت، وألَّف أو حرر عددا من الكتب الشعبية والعلمية، بما في ذلك الكتاب الجامعي: «مبادئ الهندسة النسيجية». أمَّا وست فقد حصل على الدكتوراه من كلية بايلور للطب، ويهتم (على وجه التخصيص) بالكِبَر aging وبالخلايا الجذعية، ومنذ عام 1990 وحتى عام 1998، أسس وأدار جيرون كورپوريشن في ولاية كاليفورنيا، حيث أنشأ وأدار برامج بحثية في بيولوجيا التيلوميرات telomeres، كما أنه بذل جهودا خاصة لاشتقاق الخلايا الجذعية الجنينية.
مراجع للاستزادة
Human Therapeutic Cloning. Robert P. Lanza, Jose B. Cibelli and Michael D. West in Nature Medicine, Vol. S, No. 9, pages 975-977; September 1999.
Prospects for the Use of Nuclear Transfer in Human Transplantation. Robert P. Lanza, Jose B. Cibelli and Michael D. West in Nature Biotechnology, Vol. 17, No. 12, pages 1171-1174; December 1999.
The Ethical Validity of Using Nuclear Transfer in Human Transplantation. Robert P. Lanza et al. in Journal of the American Medical Association, Vol. 284, No. 24; December 27, 2000.
The Human Embryo Research Debates: Bioethics in the Vortex of Controversy. Ronald M. Green. Oxford University Press, 2001.
The full text of our article in e-biomed: The Journal of Regenerative Medicine can be viewed atwww.liebertpub.com/ebi
Scientific American, January 2002
(*) The First Human Cloned Embryo
(**) What We Did
(***)Parthenogenesis
(****) Therapeutic Cloning: How It’s Done
(*****) Why We Did It
(******) The Ethical Considerations
(*******)Cloning and the Law.
(1) therapeutic Cloning
(2)parthenogensis
(3) [انظر: «الاستنساخ والمعالجة الجينية»، مجلة العلوم، العدد 4 (1998) ، ص 70. و «الاستنساخ لأغراض طبية»، العدد 5 (1999) ، ص 34]. (التحرير)
(4) [انظر: «خلايا جذعية جنينية لأغراض طبية»،مجلة العلوم، العدد 2 (2000) ، ص 48]. (التحرير)
(5) وفيه يؤدي موت خلايا الدماغ (التي تصنع مادة تسمى الدوپامين) إلى رُعاش tremors وشلل يتعذر التحكم فيهما.
(6) [انظر: «خلايا عصبية جديدة لأدمغة البالغين»،مجلة العلوم ، العددان 5/6(2000) ، ص 30].
(7) blood-forming cells
(8) قلنسوات طرفية تغطي نهايتي كل صبغي، وتنكمش في أثناء الكِبَر. (التحرير)
(9) علوق البيضة الملقحة وتعشيشها في جدار الرحم. (التحرير)