أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
Advertisement
العلوم التطبيقيةتكنولوجيا

تصنيع نانوي

تصنيع نانوي

فن التصغير في صنع الأشياء(*)

يعمل الباحثون على اكتشاف أساليب رخيصة وفعالة لصنع بنى

لا تتجاوز أبعاد الواحدة منها بضعة أجزاء من بليون من المتر.

<M .G. وايتسايد> ـ <Ch .J. لَڤ>

 

«اصنعها صغيرة!» أمر غيّر العالم. إن تطور الإلكترونيات الميكروية (الصغرية) microelectronics  ـ الترانزستورات أولا ومن ثم تجميع الترانزستورات في معالجات ميكروية (صغرية) microprocessors، وشيپات ذاكرات memory chips، ومتحكمات controllers ـ أحدث وفرة من الآلات التي تعالج المعلومات عن طريق سريان الإلكترونات في السيليكون. وتعتمد الإلكترونيات الميكروية على تقنيات تصنع بشكل روتيني بنى structures يضاهي صغرها 1000 نانومتر (أي جزء من بليون من المتر). إن هذا الحجم صغير جدا بمعايير الخبرات اليومية ـ نحو واحد في الألف من عرض شعرة إنسان ـ لكنه يعد كبيرا بمقياس الذرات والجزيئات، إذ إن قطر سلك عرضه 100 نانومتر يمتد فوق نحو 500 ذرة من السيليكون.

 

إن فكرة صنع «بُنى نانوية» nanostructures تتكون من ذرة واحدة أو من ذرات قليلة، فكرة جذابة جدا كتحد علمي ولأسباب عملية على حد سواء. تمثل بنية بحجم الذرة حدا أساسيا: فصنع أي شيء أصغر قد يتطلب منابلة أنوية ذرية ـ وهذا من حيث الجوهر تحويل عنصر كيميائي إلى آخر. وفي السنوات الأخيرة، عرف العلماء تقنيات مختلفة لصنع بنى نانوية، لكنهم بدؤوا مؤخرا بالتحري عن صفاتها وتطبيقاتها الممكنة. لقد حلّ عصر الصناعة النانوية، وبزغ فجر عصر العلم النانوي nanoscience، لكن عصر التقانة النانوية ـ أي إيجاد استخدامات عملية للبنى النانوية ـ لم يبدأ بعد في واقع الأمر.

 

النهج المعهود(**)

قد يقوم الباحثون بتطوير بنى نانوية كمركبات إلكترونية، غير أن التطبيق الأكثر أهمية قد يكون مختلفا جدا؛ فعلى سبيل المثال، قد يستخدم علماء البيولوجيا أجزاء نانوية كمجسات صغيرة جدا للتحري عن الخلايا. ولأن العلماء لا يعرفون أي نوع من البنى النانوية سيحتاجون إليها في نهاية المطاف، فإنهم لم يحددوا حتى الآن الطرائق الأفضل لإعدادها. فالليثوغرافيا الضوئية photolithography، وهي التقانة المستخدمة لصنع الشيپات الحاسوبية وافتراضيا معظم نظم الإلكترونيات الميكروية الأخرى، يمكن أن تصقل من أجل صنع بنى أصغر من 100 نانومتر، لكن القيام بذلك أمر في غاية الصعوبة فضلا عن أنه مكلف وغير مُيسر. وفي سعيهم لإيجاد بدائل أفضل، اعتمد باحثو الصناعات النانوية فلسفة «دع ألف زهرة تتفتح.»

 

في بداية الأمر، لنتعرف محاسن الليثوغرافيا الضوئية ومساوئها. يستخدم الصانعون هذه التقانة لإنتاج ثلاثة بلايين ترانزستور في الثانية الواحدة في الولايات المتحدة وحدها. وتعد الليثوغرافيا الضوئية بشكل أساسي امتدادا للتصوير الضوئي. يقوم المرء أولا بصنع ما يكافئ صورة ليثوغرافية سلبية تحتوي على النموذج اللازم لجزء من دارة شيپة ميكروية. بعد ذلك تُستخدم هذه الصورة السلبية التي تسمى القناع maskأو النسخة الرئيسية master في نسخ النموذج في معادن وأشباه موصلات شيپة ميكروية. وكما هي الحال في التصوير الضوئي، قد يكون من الصعب عمل الصورة السلبية، غير أن عمل نسخ متعددة أمر سهل لأنه يمكن استخدام القناع مرات عدة. لذا، تنفصل العملية إلى مرحلتين: تحضير القناع (حدث يقع مرة واحدة ويمكن أن يكون بطيئا ومكلفا)، واستخدام القناع في عمل نسخ مطابقة (ويجب أن يكون ذلك سريعا وغير مكلف).

 

ولصنع قناع لجزء من شيپة حاسوبية، يقوم المصنع أولا بتصميم نموذج دارة بمقياس كبير ملائم ويحوِّله إلى نموذج لفيلم معدني غير منفِذ (عادة من الكروميوم) على صفيحة شفافة (عادة من الزجاج أو السيليكا). وبعد ذلك تقوم الليثوغرافيا الضوئية بتخفيض قياس النموذج في عملية شبيهة بتلك المستخدمة في غرف التصوير الضوئي المظلمة [انظر الشكل في الصفحة 23]. وينبعث شعاع ضوئي (يكون عادة من الأشعة فوق البنفسجية المنبعثة من مصباح قوسي زئبقي mercury arc lamp) من خلال القناع المصنوع من الكروم، ويمر بعد ذلك من خلال عدسة تبئر focus الصورة في طبقة مطلية حساسة للضوء مصنوعة من الپوليمر العضوي (يسمى مقاوم الضوء photoresist) على سطح رقاقة wafer سيليكونية بطريقة تكرر نَسْخ النموذج الأصلي.

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/18/SCI2002b18N9-10_H04_002533.jpg

أنماط انعراج متعقدة تكونت بوساطة حلقات عرضها نانوي القياس (لا ترى لشدة صغرها) على سطح أنصاف كرات من الپوليمر الصافي تمتد سنتيمترا واحدا. وقد قام طالب دراسات عليا لأحد مؤلفي هذه المقالة بتكييف الحلقات في طبقة رقيقة من الذهب على أنصاف الكرات وذلك بتقنية تصنيع نانوي تسمى ليثوغرافيا لينة.

 

لماذا لا تستخدم الليثوغرافيا الضوئية في عمل بنى نانوية؟ تواجه هذه التقانة عقبتين؛ الأولى هي أن أصغر طول موجي للضوء فوق البنفسجي المستخدم في السيرورات الإنتاجية هو نحو 250 نانومترا. ومحاولة عمل بنى أصغر من نصف هذا الحجم هي كمحاولة قراءة حروف مطبوعة متناهية في الصغر؛ فانعطاف الضوء (الحيود) diffraction يطمس معالم هذه الحروف  ويمزج بعضها في بعض. وقد مكنت تحسينات تقنية مختلفة من دفع حدود الليثوغرافيا. فأصغر البنى التي عُملت في إنتاج بالجملة هي أكبر بعض الشيء من 100 نانومتر، وقد عُملت بنى إلكترونية ميكروية معقدة بسمات بُعْدها لا يتجاوز 70 نانومترا. غير أن صِغر هذه البنى مازال غير كافٍ لاكتشاف بعض أكثر النواحي إثارة للاهتمام في العلم النانوي.

 

والعقبة الثانية، تتبع الأولى، إذ إنه من الصعب تقنيا عمل مثل هذه البنى الصغيرة باستخدام الضوء، كما أنه أمر مكلف جدا. فالأدوات الليثوغرافية الضوئية التي ستستخدم في صنع شيپات بسمات أقل بكثير من 100 نانومتر ستكلف كل منها عشرات إلى مئات الملايين من الدولارات. وهذه التكلفة قد تجد، أو لا تجد، قبولا لدى الصانعين، لكنها تقف في وجه استخدام هذه التقانة من قبل علماء البيولوجيا وعلماء المواد والكيميائيين والفيزيائيين الذين يودون تقصي العلم النانوي باستخدام بنى من تصميمهم.

 

الشيپات النانوية المستقبلية(***)

تبدي الصناعة الإلكترونية اهتماما عميقا في تطوير طرائق جديدة في الصناعة النانوية كي تستطيع أن تمضي في منحاها الطويل الأمد نحو صنع أجهزة أصغر وأسرع وأقل تكلفة. وسيكون تطورا طبيعيا للإلكترونيات الميكروية أن تصبح إلكترونيات نانوية؛ لكن لما كانت الليثوغرافيا الضوئية المعهودة تغدو أكثر صعوبة حين تصبح أبعاد البنى صغيرة، فإن الصانعين يتقصون تقانات بديلة لصنع الشيپات النانوية المستقبلية.

 

وتعد ليثوغرافيا الحزم الإلكترونية electron-beam lithography أحد المنافسين الرئيسيين. في هذه الطريقة تكتب نماذج الدارات على فيلم رقيق مصنوع من الپوليمر بواسطة حزمة من الإلكترونات. إن حزمة الإلكترونات لا تحيد في المقياس الذري، لذا فهي لا تسبب طمس حافات المعالم. وقد استخدم الباحثون هذه التقنية في كتابة سطور عرضها نانومترات قليلة في طبقة من مقاوم الضوء على طبقة تحتية من السيليكون. غير أن أدوات الحزم الإلكترونية المتوافرة حاليا باهظة التكاليف وغير عملية للتصنيع على نطاق واسع. وبسبب الحاجة إلى حزم إلكترونات لصنع كل بنية، فإن هذه العملية شبيهة بعملية نسخ مخطوطة باليد، كل سطر على حدة.

 

إذا لم تكن الإلكترونات هي الجواب، فما هو؟ منافس آخر هو الليثوغرافيا باستخدام الأشعة السينية (أشعة إكس) بأطوال موجية تتراوح بين 0.1 و 10 نانومترات، أو ضوء فوق بنفسجي أقصى بأطوال موجية تتراوح بين 10 و 70 نانومترا. ولأن لهذه الأشكال من الإشعاعات أطوالا موجية أقصر من الأطوال الموجية للضوء فوق البنفسجي المستخدم في الليثوغرافيا الضوئية، فهي تقلل من الطمس الذي يسببه انعطاف الضوء إلى الحد الأدنى؛ غير أن هذه التقانات تواجه مجموعة خاصة بها من المصاعب: العدسات التقليدية غير شفافة للضوء فوق البنفسجي المتطرف ولا تُبئر الأشعة السينية. كذلك فإن الأشعة النشطة تُلحق الضرر بسرعة بالعديد من المواد المستخدمة في الأقنعة والعدسات. لكن الصناعة الإلكترونية الميكروية تفضل بوضوح صنع شيپات متطورة باستخدام امتدادات لتقانة مألوفة، لذا فإن هذه الطرائق تخضع حاليا للتطوير بشكل فعال. ومن المحتمل أن تصبح بعض التقنيات (على سبيل المثال، تقنية الليثوغرافيا فوق البنفسجية المتقدمة لإنتاج الشيپات) حقيقة تجارية؛ لكنها لن تعمل بنيً نانوية غير مكلفة ولن تسهم بالتالي في توفير تقانة نانوية لمجموعة أكبر من العلماء والمهندسين.

 

نظرة إجمالية إلى إنتاج بنى نانوية(****)

•  سيعتمد تطور التقانة النانوية على قدرة الباحثين على أن يصنعوا بفاعلية بنى أبعادها أصغر من 100 نانومتر (100 جزء من بليون جزء من المتر).

• يمكن تعديل الليثوغرافيا الضوئية، وهي التقانة المستخدمة حاليا في صناعة الدارات في الشيپات الميكروية، لإنتاج بنى نانوية المقياس، لكن هذه التعديلات ستكون صعبة من الناحية التقنية وباهظة التكاليف.

• يمكن تقسيم طرائق الإنتاج النانوي إلى قسمين: طرائق نزولية، تنقش أو تضيف جملة من الجزيئات لسطح ما، وطرائق صعودية تجمع الذرات أو الجزيئات في بُنى نانوية.

•  ثمة مثالين على طريقتين نزوليتين واعدتين هما الليثوغرافيا اللينة وليثوغرافيا غطس الريشة. يستخدم الباحثون الطرائق الصعودية في إنتاج نقاط كمومية يمكن أن تُستخدم كأصبغة بيولوجية.

 

لقد حفزت الحاجة إلى طرائق أبسط من أجل عمل بنى نانوية أقل تكلفة البحثَ عن مقاربات غير معهودة لم تستقص في السابق من قبل الصناعة الإلكترونية. لقد بدأ اهتمامنا في هذا الموضوع في مطلع التسعينات حينما كان علينا عمل البنى البسيطة اللازمة في النظم الميكروية السائلة microfluidicsystems، وهي شيپات ذات قنوات وحجرات لحفظ السوائل. وقنوات الشيپات الميكروية السائلة microfluidic chips  تُعتبر ضخمة بمعايير الإلكترونيات الميكروية: عرضها 50 ميكرونا (أو000 50 نانومتر) عوضا عن 1000 نانومتر. غير أن التقنيات المستخدمة في إنتاج هذه القنوات متعددة الاستعمالات. يمكن أن تصنع الشيپات الميكروية السائلة بشكل سريع وغير مكلف، والعديد منها يتكون من پوليمرات عضوية ومواد هلامية gels ـ وهي مواد لا توجد في عالم الإلكترونيات. ولقد اكتشفنا أنه باستطاعتنا استخدام تقنيات مشابهة لعمل بنى نانوية.

 

إلى حد ما شكلت هذه الطرائق خطوة نحو الوراء في التقانة. فعوضا عن استخدام أدوات الفيزياء ـ الضوء والإلكترونات ـ استخدمنا عمليات ميكانيكية مألوفة في الحياة اليومية؛ كالطباعة والختم stamping والقولبة molding  والنقش البارز embossing. وتدعى هذه التقنيات ليثوغرافيا لينة soft lithography بسبب اشتراكها في كتلة من الپوليديميثيل سيلوكسان polydimethylsiloxane PDMS، وهو الپوليمر المطاطي المستخدم في سد التسربات حول أحواض الاستحمام. (غالبا ما يشير الفيزيائيون إلى مثل هذه المواد الكيميائية العضوية «بالمواد اللينة» soft matter.

 

ولتنفيذ الإنتاج باستخدام الليثوغرافيا اللينة، يُصنع أولا قالب أو ختم. والطريقة الأكثر شيوعا هي استخدام الليثوغرافيا الضوئية أو ليثوغرافيا الحزم الإلكترونية لإنتاج نموذج في طبقة من مقاوم الضوء على سطح رقاقة سيليكونية. تولد هذه السيرورة نسخة رئيسية ذات نقش ضئيل النتوء bas-relief master تبرز فيها جزر من مقاوم الضوء من السيليكون [انظر الشكل العلوي في الصفحة 24]. بعد ذلك تُصب مادة كيميائية تُشكل الختم PDMS، وتلك المادة عبارة عن سائل يجري بحرية فوق النسخة الرئيسية، وتحفظ في الجسم الصلب المطاطي. وتكون النتيجة ختما PDMS يطابق تماما النموذج الأصلي بشكل مثير للدهشة: ينتج الختم سمات من النسخة الرئيسية يضاهي صغرها نانومترات قليلة. ولما كان تكوين نسخة رئيسية ذات نقش ضئيل النتوء مكلف لأنه يتطلب ليثوغرافيا الحزم الإلكترونية أو تقنيات أخرى متطورة، فإن نسخ النموذج على أختام PDMS رخيص وسهل. وبمجرد توافر الختم، يمكن استخدامه في طرق مختلفة غير مكلفة لعمل بنى نانوية.

 

تسمى الطريقة الأولى ـ التي طورها أصلا <A. كومار> [طالب دراسات في مرحلة ما بعد الدكتوراه في مجموعتنا بجامعة هارڤارد] طباعة التلامس الميكروي microcontact printing. «يُحبّر» inked الختم PDMS بمحلول كاشف يتكون من جزيئات عضوية تسمى ثيولات (كبريتات) thiols [انظر الشكل الأوسط في الصفحة 244]. وبعد ذلك يوضع الختم على صفيحة مناسبة من «الورق» ـ غشاء رقيق من الذهب على صفيحة من الزجاج أو من السيليكون أو من الپوليمر. تتفاعل الثيولات مع السطح الذهبي مشكلة غشاء مرتبا ترتيبا عاليا [يسمى طبقة أحادية مجمعة ذاتيا self-assembled monolayer SAM] يكرر نَسخ نموذج الختم. ولما كان حبر الثيول ينتشر بعد ملامسته للسطح بفترة وجيزة، فإن انحلال الطبقة الأحادية لا يمكن أن يكون كبيرا بقدر ذلك الخاص بالختمPDMS. ولكن يمكن لطباعة التلامس الميكروي عند استخدامها على النحو الصحيح أن تنتج نماذج بمعالم يضاهي صغرها 50 نانومترا.

 

الليثوغرافيا الضوئية المعهودة(*****)

http://oloommagazine.com/images/Articles/18/SCI2002b18N9-10_H04_002534.jpg

 

وثمة طريقة أخرى من طرائق الليثوغرافيا تسمى القولبة الميكروية في الشعريات capillaries وتتضمن استخدام الختم PDMS في قولبة النماذج. يوضع الختم على سطح صلب حيث يجري الپوليمر السائل بالفعل الشعري بين التجاويف الموجودة بين السطح والختم [انظر الشكل السفلي في الصفحة 24]. بعد ذلك يتصلب الپوليمر مشكلا النموذج المطلوب. وتستطيع هذه التقنية أن تكرر نسخ بنى أصغر من 10 نانومترات. وهي مناسبة جدا لإنتاج أجهزة ضوئية تحت طول موجية subwavelength وموجهات الموجة wave guidesومستقطبات ضوئية optical polarizers، حيث يمكن أن تستخدم جميعها في شبكات الألياف الضوئية، وربما في نهاية المطاف في الحواسيب الضوئية. وهناك تطبيقات محتملة أخرى تقع في مجال السوائل النانوية وهي امتداد للسوائل الميكروية، وقد تتضمن إنتاج شيپات لأبحاث الكيمياء الحيوية لا يتجاوز عرضها نانومترات قليلة. عند هذا المقياس، قد يسمح علم تحريك السوائل بإدخال طرق جديدة لفصل مواد مثل أجزاء الدنا DNA.

 

الليثوغرافيا اللينة(******)

يمكن للطباعة والقولبة ولعمليات ميكانيكية أخرى منفذة باستخدام ختم مرن أن تنتج نماذج ذات معالم بمقياس النانو. وتستطيع مثل هذه التقنيات أن تصنع أجهزة يمكن استخدامها في الاتصالات الضوئية أو أبحاث الكيمياء الحيوية.

http://oloommagazine.com/images/Articles/18/SCI2002b18N9-10_H04_002535.jpg

 

وهذه الطرائق لا تتطلب معدات خاصة، ويمكن في الواقع حملها باليد في مختبر عادي. فالليثوغرافيا الضوئية المعهودة يجب أن تُجرى في منشأة غرفة ـ نظيفة خالية من الغبار، فإذا ما حطت قطعة من الغبار على القناع، فستكوّن بقعة غير مرغوب فيها على النموذج. ونتيجة لذلك، قد يخفق تصنيع الجهاز المطلوب (وفي بعض الأحيان الأجهزة المجاورة له). وتعد الليثوغرافيا اللينة عموما أكثر تسامحا لأن الختم PDMS مرن. وإذا ما علقت قطعة من الغبار ما بين الختم والسطح، ينضغط الختم في أعلى القطعة، ولكنه يحافظ على التلامس مع بقية السطح. وهكذا ينتج النموذج بشكل صحيح باستثناء الموضع الذي علقت عنده المادة الملوثة.

 

إضافة إلى ذلك، تستطيع الليثوغرافيا اللينة أن تنتج بنى نانوية بطيف واسع من المواد بما في ذلك الجزيئات العضوية المعقدة اللازمة للدراسات الحيوية. وتستطيع التقنية أن تطبع أو تقولب نماذج على أسطح منحنية أو مستوية على حد سواء. لكن هذه التقنية ليست مثالية لصنع المنشآت اللازمة للإلكترونيات النانوية المعقدة. وحاليا تتألف جميع الدارات المتكاملة من طبقات مكدسة من مواد مختلفة. ويمكن أن ينتج من تشوه والتواء الختم PDMS اللين أخطاء صغيرة في النموذج المكرر واختلاف في محاذاة النموذج مع أي نموذج أصلي سبق إنتاجه. ويمكن لأدق التشوهات أو عدم المحاذاة أن تدمر جهازا نانومتريا متعدد الطبقات. لذا، لا تعد الليثوغرافيا اللينة مناسبة لإنتاج بنى ذات طبقات متعددة يجب أن تتكدس بدقة بعضها فوق بعض.

 

لا تتطلب هذه الطرائق تجهيزات خاصة،

وفي واقع الأمر، يمكن تنفيذها يدويا في مختبر عادي.

غير أن الباحثين وجدوا طرائق لتصحيح هذا القصور ـ جزئيا على الأقل ـ وذلك باستعمال ختم صلد عوضا عن الختم المرن. وفي تقنية تسمى ليثوغرافيا طبع وميض-و-خطوة(1) المطورة من قبل <G .C. ويلسون> [من جامعة تكساس] تُستخدم الليثوغرافيا الضوئية في حفر نموذج في صفيحة من الكوارتز مما يعطي نسخة رئيسية ذات نقش قليل النتوء. وقد ألغى <ويلسون> خطوة صنع الختم PDMS من النسخة الرئيسية؛ وعوضا عن ذلك تُضغط النسخة الرئيسية نفسها على غشاء رقيق من الپوليمر السائل الذي يملأ تجاويف هذه النسخة. ثم تُعرَّض هذه النسخة الرئيسية إلى ضوء فوق بنفسجي مما يصلب الپوليمر ويؤدي إلى تكوين هذه النسخة المكررة المطلوبة. وهناك تقنية أخرى ذات صلة تسمى ليثوغرافيا الطباعة الضوئية nanoimprint lithography طورها <Y .S. شو> [من جامعة پرنستون]، تستعمل أيضا نسخة رئيسية صلدة لكنها تستخدم غشاء من الپوليمر جرى تسخينه مسبقا إلى درجة حرارة قريبة من نقطة انصهاره، وذلك من أجل تسهيل عملية النقش الناتئ. وتستطيع كلتا العمليتين أن تنتجا بدقة جيدة بنى ثنائية البعد؛ لكن من غير المؤكد مدى مناسبة هاتين التقنيتين لتصنيع أجهزة إلكترونية.

 

دفع الإلكترونات هنا وهناك(*******)

بدأت الثورة الحالية في العلم النانوي عام 1981 باختراع مجهر المسح النفقي scanning tunneling microscope STM والذي من أجله مُنِح كل من <H.روهرر> و <K .G .بينيگ> [من مختبر أبحاث الشركة IBM في زيوريخ] جائزة نوبل في الفيزياء عام 19866. يستطيع هذا الجهاز الرائع تحري التيارات الكهربائية الصغيرة التي تمر بين حرف المجهر (الميكروسكوب) والعينة التي تجري مشاهدتها، مما يسمح للعلماء «بمشاهدة» مواد بمقياس ذرات منفردة. وقد أدى نجاح المجهر STM إلى تطوير أجهزة مسح مسبري(2) أخرى بما في ذلك مجهر القوة الذرية atomic force microscope AFM. إن مبدأ عمل المجهر AFMيشبه مبدأ عمل الحاكي (الفونوگراف) phonograph القديم. يوضع مسبار دقيق ـ ذو رأس ليفي أو هرمي يتراوح عرضه عادة بين 2 و 300 نانومترا ـ بحيث يُلامس العينة مباشرة. يُربط المسبار بنهاية ظفر ينعطف مع تحرك الرأس عبر سطح العينة. ويقاس الانحراف عن طريق عكس حزمة ضوء ليزري من قمة الظفر. ويستطيع المجهر AFM تقصي تغيرات في طبوغرافيا السطح الشاقولي أصغر  من أبعاد المسبار.

 

غير أن أجهزة المسح المسبري تستطيع فعل أكثر من مجرد السماح للعلماء بمراقبة عالم الذرة، إذ يمكن استخدامها أيضا في إنتاج بنى نانوية، كما يمكن أن يستخدم الرأس في المجهر AFM  في تحريك الأجزاء النانوية فيزيائيا هنا وهناك على سطوح معينة وترتيبها في نماذج، إضافة إلى ذلك، يمكن استخدامها لعمل خدوش في سطح ما (أو بشكل أعم في أغشية أحادية الطبقة من الإلكترونات أو الجزيئات التي تطلي السطح). وبالمثل، إذا ما زاد الباحثون من التيارات الجارية من رأس المجهر STM، يصبح هذا المجهر مصدرا صغيرا جدا للحزم الإلكترونية التي يمكن استخدامها في كتابة نماذج بمقياس النانو. ويستطيع رأس المجهر STM دفع ذرات بمفردها هنا وهناك على سطح ما بغرض بناء حلقات وأسلاك عرضها ذرة واحدة فقط.

 

وثمة طريقة تأسر الاهتمام في صنع مسابير المسح تسمى ليثوغرافيا غطس الريشة (ريشة الكتابة) dip-pen lithography. تعمل هذه التقنية، التي طورها <A .C. ميركن> [من جامعة نورث ويسترن] بشكل يشبه إلى حد كبير ريشة كتابة من ريش الإوز [انظر الشكل في هذه الصفحة]. يطلى رأس المجهر AFM بغشاء رقيق من جزيئات الكبريت التي لا تنحل في الماء لكنها تتفاعل مع سطح ذهبي (نفس الكيمياء المستخدمة في طباعة التلامس الميكروي). وعندما يوضع الجهاز في مكان يحتوي على تركيز كبير من بخار الماء تتكثف قطرة دقيقة جدا بين السطح الذهبي ورأس المجهر. ويجذب التوتر السطحي الرأس إلى مسافة محددة من الذهب، وهذه المسافة لا تتغير مع تحرك الرأس عبر السطح. وتكون قطرة الماء بمثابة جسر تستطيع جزيئات الكبريت أن تهاجر عبره من الرأس إلى السطح الذهبي حيث تثبت. وقد استخدم الباحثون هذا الإجراء في كتابة سطور أبعادها نانومترات قليلة.

 

ومع أن ليثوغرافيا غطس الريشة بطيئة نسبيا، لكنها تستطيع استخدام أصناف عديدة مختلفة «كحبر» وتعطي بذلك مرونة كيميائية عظيمة للكتابة بمقياس النانو. لم يحدد العلماء بعد أفضل تطبيق لهذه التقنية، لكن إحدى الأفكار المطروحة هي استخدام طريقة غطس الريشة في إجراء تعديلات دقيقة على تصميم الدارات. وقد برهن ميركن مؤخرا على أن أنواعا مختلفة من الحبر المستخدم في ليثوغرافيا غطس الريشة يمكن أن تكتب مباشرة على السيليكون.

 

وثمة قريب مثير للاهتمام لهذه التقنيات يتضمن صنفا آخر من البنى النانوية يسمى قطع المَوْصِل break junction. إذا ما قطعت سلكا معدنيا مطاوعا رفيعا إلى جزأين عن طريق السحب بعنف، تبدو العملية مفاجئة لمراقب بشري، لكنها تتبع في الواقع تسلسلا معقدا. عند تطبيق القوة المستخدمة في قطع السلك، يبدأ المعدن بالمطاوعة والسيلان ويتناقص قطر السلك. ومع ابتعاد نهايتي السلك إحداهما عن الأخرى، يتناقص باستمرار قطر السلك حتى لحظة قبيل انقطاعه مباشرة حيث يصبح قطره ذرة واحدة فقط في أضيق مقطع له. ويمكن تحري عملية ترفيع سلك ما حتى نقطة قطع الموصل بسهولة عن طريق قياس التيار الجاري في السلك. عندما يكون السلك رفيعا بشكل كاف، يمكن للتيار أن يجري فقط بكميات منفصلة (أي إن جريان التيار مكمّى quantized).

 

يشبه قطع الموصل رأسي مجهرين STM يقابل أحدهما الآخر، وتتحكم قواعد فيزيائية مشابهة في التيارات الجارية من خلاله. وقد ابتدع <A.M. ريد> [من جامعة ييل] استخداما خلاقا لقطع الموصل. فقد بنى جهازا سمح فيه لموصل دقيق أن ينقطع تحت ظروف مضبوطة بعناية فائقة، وسمح بعد ذلك للحرفين المقطوعين بأن يُجمعا معا أو أن يُفصلا بأي مسافة بدقة تبلغ عدة أجزاء من الألف من النانومتر، وبتعديل المسافة بين الحرفين بوجود جزيء عضوي يجسر المسافة بينهما، استطاع ريد قياس تيار يجري عبر الجسر العضوي. وقد عدت هذه التجربة خطوة مهمة في تطوير تقانات لاستخدام جزيئات عضوية منفردة كأجهزة كهربائية مثل الصمامات والترانزستورات [انظر: «حوسبة بالجزيئات»،مجلة العلوم، العدد 4 (2002) ، ص 48].

 

ليثوغرافيا غطس الريشة(********)

http://oloommagazine.com/images/Articles/18/SCI2002b18N9-10_H04_002536.jpg

 

طرائق نزولية وطرائق صعودية(*********)

يطلق على جميع طرائق الليثوغرافيا التي ناقشناها حتى الآن اسم طرائق نزولية (فوق ـ تحت)، أي إنها تبدأ بنموذج جرى توليده على مقياس واسع ثم تُخفض أبعاده الجانبية (غالبا بمعامل يساوي 10) قبل نقش بنى نانوية. وتلزم هذه الاستراتيجية في تصنيع أجهزة إلكترونية كالشيپات الميكروية التي تعتمد وظيفتها على نماذجها أكثر من اعتمادها على أبعادها. لكن ليس ثمة طريقة نزولية مثالية؛ فلا تتوافر طريقة نزولية تستطيع إنتاج بنى نانوية من أية مادة وبشكل ملائم ورخيص وسريع. لذا أبدى الباحثون اهتماما متزايدا بالطرائق الصعودية (تحت ـ فوق) التي تبدأ بالذرات أو الجزيئات وتدريجيا تتولد بنى نانوية. وهذه الطرائق تستطيع بسهولة إنتاج أصغر البنى النانوية ـ بأبعاد تتراوح بين 2 و 10 نانومترات ـ وبشكل غير مكلف. لكن هذه البنى تُولّد عادة كجزيئات منفردة معلقة أو على سطوح، أكثر من توليدها كنماذج مصممة ومترابطة فيما بينها.

 

وتعد الطريقتان المستخدمتان في صنع الأنابيب النانوية والنقاط الكموميةquantum dots من أبرز الطرائق الصعودية. فقد صنع العلماء أنابيب طويلة أسطوانية من الكربون بعملية نمو حفازة تستعمل قطرة بمقياس النانو من معدن منصهر (عادة من الحديد) كمادة حفازة [انظر: «استخدام الأنابيب النانوية في صناعة الإلكترونيات»،مجلة العلوم، العددان 6/7 (2001) ، ص 30]. وقد نشأت أكثر مجالات البحث فعالية في النقاط الكمومية في مختبر <E .L. بريس> (وبعدها في مختبرات بِل Bell) وطورت من قبل <P .A. أليڤيساتوس> [من جامعة كاليفورنيا في بركلي] و<G .M. باوندي> [من معهد ماساتشوستس للتقانة] وغيرهما. إن النقاط الكمومية هي عبارة عن بلورات تحتوي فقط على عدة مئات من الإلكترونات. ولما كانت الإلكترونات في نقطة كمومية تقتصر على مستويات طاقة مفصولة بشكل كبير، فإن النقطة تبث طولا موجيا واحدا من الضوء عندما تحرض. وهذه الخاصية تجعل النقطة الكمومية مفيدة كواسم بيولوجي biological marker [انظر: «صغير حجمها لكن شأنها عظيم في الطب»، في الصفحة 444].

 

تجميع النقاط الكمومية(**********)

بلورات تسمى نقاطا كمومية تحتوي فقط على عدة مئات من الذرات وتصدر أطوالا موجية مختلفة من الضوء وفقا لحجمها. وقد تغدو هذه النقاط مفيدة كواسمات بيولوجية للنشاط الخلوي.

http://oloommagazine.com/images/Articles/18/SCI2002b18N9-10_H04_002537.jpg

 

يتضمن أحد الإجراءات المستخدمة في صنع نقاط كمومية تفاعلا كيميائيا ما بين أيون معدني (كادميوم على سبيل المثال) وجزيء قادر على منح أيون السلنيوم selenium ion. يولّد هذا التفاعل بلورات من سيلانيد الكادميوم. وتكمن الحيلة في منع البلورات الصغيرة من الالتصاق معا أثناء نموها إلى الحجم المطلوب. ولعزل الجسيمات النامية بعضها عن بعض، يُجري الباحثون التفاعل بوجود جزيئات عضوية تؤدي دور خافض للتوتر السطحي(3) surfactant، وتقوم بتغليف سطح كل جسيم من سيلانيد الكادميوم أثناء نموه. وتمنع الجزيئات العضوية البلورات من التجمع بعضها مع بعض وتنظم معدل نموها. ويمكن التحكم في هندسة الجسيم إلى حد ما عن طريق خلط نسب مختلفة من الجزيئات العضوية. ويمكن لهذا التفاعل أن يولد جسيمات بأشكال متنوعة، بما في ذلك كرات وقضبان ورباعيات القوائم (جسيمات ذات أربع قوائم تشبه دمى المقابيس toy jacks).

 

من المهم تركيب النقاط الكمومية بحجم وبنية منتظمين، لأن حجم النقطة يتحدد بصفاتها الإلكترونية والمغنطيسية والضوئية. ويستطيع الباحثون اختيار حجم الجسيمات عن طريق تغيير طول الزمن اللازم للتفاعل. كما يساعد التغليف العضوي على تحديد حجم الجسيمات. وعندما يكون الجسيم النانوي صغيرا (بمقياس الجزيئات)، يكون التغليف العضوي غير محكم ويسمح بمزيد من النمو؛ ومع توسع الجسيم تزدحم الجزيئات العضوية. وهناك حجم أمثلoptimum للجسيمات يسمح بأكثر تغليف ثباتا للجزيئات العضوية، وبذلك يوفر أعظم استقرار لسطوح البلورات.

 

عمل بنى نانوية: مقارنة الطرائق(***********)

يقوم الباحثون بتطوير مجموعة من التقنيات لعمل بنى أصغر من 100 نانومتر. ونعرض فيما يلي ملخصا لمميزات ومساوئ أربع طرائق منها.

 الليثوغرافيا الضوئية

الحسنات: سبق للصناعة الإلكترونية أن ألفت هذه التقانة لأنها تستخدم حاليا في تصنيع الشيپات الميكروية. ويمكن للمصنعين تعديل هذه التقنية لإنتاج بنى بمقياس النانو عن طريق استخدام الحزم الإلكترونية أو الأشعة السينية أو الضوء فوق البنفسجي.

المساوئ: التعديلات اللازمة ستكون مكلفة وصعبة تقنيا. إن استخدام الحزم الإلكترونية لتشكيل بنى معينة مكلف وبطيء. ويمكن للأشعة السينية والضوء فوق البنفسجي المتطرِّف أن يلحقا الضرر بالمعدات المستخدمة في هذه العملية.

طرائق مسابير المسح

الحسنات: يمكن لمجهر المسح النفقي ومجهر القوة الذرية أن يستخدما في تحريك جسيمات نانوية مفردة وترتيبها في نماذج. وتستطيع هذه الأدوات أن تبني حلقات وأسلاكا عرضها ذرة واحدة فقط.

المساوئ: تعدُّ هذه الطرائق بطيئة جدا من أجل الإنتاج بالجملة. وفي الغالب ستقتصر تطبيقات هذين المجهرين على تصنيع أجهزة متخصصة.

الليثوغرافيا اللينة

الحسنات: تمكِّن هذه الطريقة الباحثين من نسخ غير مكلف لنماذج كُوّنت باستخدام الليثوغرافيا اللينة أو تقنيات أخرى ذات صلة. فالليثوغرافيا اللينة لا تتطلب معدات  خاصة، ويمكن إجراؤها يدويا في مختبر عادي.

المساوئ: تعد هذه التقنية غير مثالية لإنتاج البنى المتعددة الطبقات الخاصة بالأجهزة الإلكترونية. ويحاول العلماء تجاوز هذا العائق، لكن لم يثبت حتى الآن نجاح محاولاتهم.

الطرائق الصعودية:

الحسنات: من خلال إجراء تفاعلات كيميائية مضبوطة بعناية، يستطيع الباحثون بشكل رخيص وسهل تجميع ذرات وجزيئات في أصغر البنى النانوية، في أبعاد تتراوح ما بين 2 و 10 نانومترات.

المساوئ: لما كانت هذه الطرائق لا تستطيع إنتاج نماذج مصممة ومترابطة فيما بينها، فهي غير مناسبة لعمل أدوات إلكترونية كالشيپات الميكروية.

 

تعد هذه الجسيمات النانوية من سيلانيد الكادميوم بأول منتجات العلم النانوي التجارية: تطور الشركة Quantum Dot Corporation البلورات لاستخدامها كواسمات بيولوجية biological labels. يستطيع الباحثون أن يعلِّموا(4)الپروتينات والحموض النووية بالنقاط الكمومية؛ وعندما تضاء العينة بضوء فوق بنفسجي تتفلور fluoresce  البلورات عند طول موجي معين وتُظهِر بذلك مواضع الپروتينات المرتبطة بالعينة. يتفلور أيضا العديد من الجزيئات العضوية، غير أن النقاط الكمومية تتمتع بعدة ميزات تجعلها واسمات أفضل. أولا، يمكن تفصيل لون تفلور نقطة كمومية حسب الرغبة عن طريق تغيير حجم النقطة: كلما كان حجم الجسيم أكبر، انحرف الضوء المنبعث نحو النهاية الحمراء من الطيف. ثانيا، إذا كان لجميع النقاط الحجم نفسه، يكون طيف تفلورها ضيقا ـ أي إنها تقوم بإصدار ألوان نقية جدا. وتعد هذه الخاصية مهمة لأنها تسمح لجسيمات من أحجام مختلفة بأن تستخدم كواسمات مميزة. ثالثا، لا يخبو تفلور النقاط الكمومية عند تعرضها للضوء فوق البنفسجي وذلك على عكس حال الجزيئات العضوية، وعندما تستخدم كأصباغ في الأبحاث البيولوجية، يمكن ملاحظة النقاط الكمومية لفترات طويلة بصورة تلائم الغرض منها.

 

يتحرى الباحثون أيضا إمكانية إنتاج بنى من المواد الغروانية colloids ـ جسيمات نانوية عالقة. يستكشف <B .C. مري> وفريق لدى الشركة IBMاستخدام مثل هذه المواد الغروانية لتكوين وسط تخزين فائق الكثافة ultrahigh-density لتخزين البيانات. وتحتوي المواد الغروانية العائدة لفريق الشركة IBMعلى جسيمات نانوية مغنطيسية لا تتجاوز أبعادها ثلاثة نانومترات، ويتألف كل منها من نحو 1000 ذرة من الحديد والبلاتين. وعندما تُنشر المادة الغروانية على سطح ما ويسمح للمذيب بالتبخر، تتبلور الجسيمات النانوية في صفيفات arrays ثنائية أو ثلاثية. وقد أشارت الدراسات الأولية إلى أن هذه الصفيفات يمكن أن تخزن تريليونات من بتات البيانات bits of data في البوصة المربعة الواحدة، مما يعطيها سعة أكبر بنحو عشر إلى مئة مرة من أجهزة الذاكرة الحالية.

 

مستقبل الصناعة النانوية(************)

إن الاهتمام بالبنى النانوية كبير جدا إلى حد أن كل تقنية صنع معقولة يجري فحصها. ومع أن الفيزيائيين والكيميائيين يقومون حاليا بمعظم العمل في هذا المجال، فإنه يمكن للبيولوجيين أن يُسهموا فيه إسهاما قيما. إن الخلية (سواء كانت لثدييات أو لبكتيريا) تعد كبيرة نسبيا بمقياس البنى النانوية: البكتيرة النموذجية هي بطول 1000 نانومتر تقريبا، والخلايا الثديية أكبر. غير أن الخلايا مملوءة ببنى أصغر بكثير، والعديد منها معقد لدرجة مدهشة. فالريبوسوم (الجسيم الريبي) ribosome على سبيل المثال يُنفذ إحدى أهم الوظائف الخلوية: تركيب الپروتين من الحموض الأمينية مستخدما بذلك الرنا المرسال messenger RNA كقالب. يتجاوز بكثير تعقيد مشروع الإنشاء الخلوي  هذا التقنيات التي هي من صنع الإنسان. ويكفي في هذا الصدد أن ندخل في اعتبارنا المحركات الدورانية للسوطيات البكتيرية (الجرثومية) bacterial flagella، التي تدفع بكفاءة عالية الكائنات الأحادية الخلية [انظر: «الماكينات النانوية القديمة والمستقبلية»، في الصفحة 56].

 

ومن غير الواضح ما إذا كانت «الآلات النانوية» المأخوذة من الخلايا ستصير نافعة. وسيكون لها على الأغلب تطبيق محدود جدا في الإلكترونيات، غير أنها قد توفر أدوات ثمينة للتركيب الكيميائي وأجهزة الاستشعار. وقد أظهرت أعمال قام بها مؤخرا <D .C. مونتيمانيو> [من جامعة كورنيل] أنه يمكن هندسة آلة نانوية بدائية بمحرك بيولوجي. فقد استخرج مونتيمانيو پروتين محرك دوراني من خلية بكتيرية وقام بوصله بقضيب نانوي معدني ـ أسطوانة طولها 750 نانومترا وعرضها 150 نانومترا صُنعت باستخدام الليثوغرافيا. وقد زود المحرك الدوراني الذي لم يتجاوز طوله 11 نانومترا بالطاقة بوساطة أدينوسين ثلاثي الفوسفات adenosine triphosphate ATP، وهو مصدر الطاقة الكيميائية في الخلايا. لقد بيّن مونتيمانيو أن المحرك يستطيع تدوير القضيب النانوي ثماني دورات في الدقيقة. وعلى أقل تقدير، سيعمل مثل هذا البحث على تحفيز الجهود لإنتاج بنى نانوية وظيفية وذلك بإقامة الدليل على إمكانية وجود مثل هذه البنى.

 

طرائق صعودية (تحت ـ فوق) تبدأ من الذرات

أو الجزيئات وتدريجيا تتولد بنى نانوية.

سيعتمد تطور التقانة النانوية على مدى توافر بنى نانوية. وقد وفر اختراع المجهر STM والمجهر AFM أدوات جديدة لمشاهدة هذه البنى وتمييزها ومعالجتها؛ والقضية الآن هي كيف نبني هذه البنى حسب الطلب، وكيف نصممها لتتمتع بوظائف جديدة نافعة. تنحو أهمية التطبيقات الإلكترونية إلى تركيز الانتباه على الأجهزة النانوية التي يمكن دمجها في الدارات المتكاملة المستقبلية. ولأسباب تقانية جيدة، فقد شددت الصناعة الإلكترونية على طرائق تصنيع هي امتداد لتلك المستخدمة حاليا في صنع الشيپات الميكروية. غير أن شدة الاهتمام بالعلم النانوي أوجدت طلبا على مجال واسع من طرائق التصنيع، مع التشديد على تقنيات ملائمة منخفضة التكلفة.

 

إن المقاربات الجديدة في إنتاج بنى نانوية تعد مقاربات غير معهودة لأنها فقط لم تستنبط من التقانات الميكروية المطورة للأجهزة الإلكترونية؛ إلا أن الكيميائيين والفيزيائيين والبيولوجيين يقبلون بسرعة هذه التقنيات باعتبارها أنسب الطرائق لبناء مختلف أصناف البنى النانوية لأغراض البحث. وقد تُكمِّل هذه الطرائق حتى المقاربات المعهودة ـ الليثوغرافيا الضوئية وليثوغرافيا الحزم الإلكترونية والتقنيات الأخرى ذات الصلة ـ من أجل التطبيقات الإلكترونية أيضا. فإلى حد ما لم تعد الإلكترونيات الميكروية النموذج الذي يُحتذى به في إنتاج بنى نانوية؛ فالأفكار في هذا المضمار تأتي من اتجاهات عديدة في اكتشافات عجيبة متاحة للجميع.

 

 المؤلفان

George M. Whitesides – Christopher Love

يعملان معا في الطرائق غير المعهودة لإنتاج بنى نانوية في قسم الكيمياء بجامعة هارڤارد. وايتسايد أستاذ في الكيمياء حصل على الدكتوراه من المعهد CIT عام 1964، والتحق بالهيئة التدريسية لهارڤارد عام 1982. أما لَڤ فهو طالب دراسات عليا وعضو في فريق بحث وايتسايد؛ وقد حصل على البكالوريوس في الكيمياء من جامعة ڤرجينيا عام 1999 والماجستير من جامعة هارڤارد عام 2001.

 

مراجع للاستزادة 

More information about nanofabricatian can be found at the following Web sites:

International SEMATECH: www.sematech.org/public/index.htm

The Whitesides group at Harvard University: gmwgroup.harvard.edu

The Mirkin group at Northwestern University: www.chem.northwestern.edu/-mkngrp/

The Willson group at the University of Texas at Austin:  willson.cm.utexas.edu/Research/research.htm

The Alivisatos group at the University of California at Berkeley: www.cchem.berkeley.edu/-pagrp/

The Bawendi group at M. I. T.: web.mit.edu/chemistry/nanocluster/

The Montemagno group at Cornell University: falcon.aben.cornell.edu/

 

(*) THE ART OF BUILDING SMALL

(**) The Conventional Approach

(***) Future Nanochips

(****) Overview / Nanofabrication

(*****) Conventional photolithography

(******) Soft Lithography

(*******) Pushing Atoms Around

(********) Dip – Pen Lithography

(*********) Top-Down and Bottom-Up

(**********) Quantum dot assembly

(***********)Nanofabrication: Comparing the Methods

(************) The Future of Nanofabrication

 

(1) step-and-flash imprint lithography

(2) scanning probe devices

(3) مادة ذات فاعلية سطحية.

(4) tag: يجعل لها عُلاّمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

زر الذهاب إلى الأعلى