أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
الطاقة المتجددة

محرّكات ديزل نظيفة

محرّكات ديزل نظيفة(*)

محركات محسَّنة وأجهزة لتنظيف العادم ووقود
جديد، ستجعل محركات الديزل الاقتصادية
بمثل نظافة المحركات الهجينة تقريبا.

<S.آشلي>

 

 

 

(**)نظرة إجمالية/ محركات الديزل الأكثر نظافة 


إن لمحركات الديزل سمعة سيئة بوصفها محركات ملوّثة، ولكن مولدات الطاقة في سيارات الديزل الحديثة تنتج بشكل ملحوظ تلوّثا أقل من سابقاتها ـ وبشكل أساسي سخام الكربون وأكاسيد النتروجين ـ فضلا عن أنها تقطع مسافة أكبر في الكمية نفسها من الوقود. فإذا أضفنا إلى ذلك أصناف الوقود النظيفة وأنظمة المعالجة اللاحقة لغازات العادم، تصير سيارات الديزل والمركبات الرياضية والشاحنات الصغيرة أقرب إلى المركبات الهجينة من حيث مقبوليتها acceptability من الناحية البيئية.

يعتبر الوقود ذو المحتوى الكبريتي الفائق الانخفاض، والذي أصبح في الآونة الأخيرة متوافرا في الولايات المتحدة، أحد العناصر الأساسية لنجاح تقانة الديزل النظيف. ولولا ذلك لتسبب الكبريت، مع مرور الوقت، بتفكيك عمل أنظمة مكافحة الغازات المنبعثة من العادم.

بدأت تظهر في النماذج الجديدة نظم لمواسير عوادم تزيل معظم كميات السخام وغازات أكسيد النتروجين المنبعثة من عوادم الديزل.

 

ترك سائق شاحنة بابها مفتوحا وصعد بلطف على المقعد محاولا الوصول إلى سطح مقصورته، ثم مدَّ جسمه للأعلى ورمى منديلا على داخون عادم محرك الديزل الحديث الطراز. ولم تمض ثوان حتى تلوث المنديل بسخام الأدخنة السوداء المتصاعدة. سألني هذا السائق وهو يمسك المنديل في يده: «هل يرضيك ذلك؟». فأومأت برأسي مستغربا! وعلى مقربة من شاحنته، التي بقي محركها دائرا، ومن رفيقتها ذات الثماني عشرة عجلة، المتوقفتيْن باستراحة في نيوجرسي، كان يقف شقيقهما الأصغر الحديث الصنع، وهو سيارة صالون من نوع مرسيدس-بنز E320 بلوتك. وبنقرة مفتاح واحدة بدأ محرك الديزل بالدوران. وبعد لحظات، انحنيت وراء السيارة وغطّيت ماسورة العادم الخلفية بمنديل نظيف، فبقي نظيفا تقريبا حتى بعد مضي دقيقة كاملة على ذلك.

وكما يبين هذا الاختبار المسمى اختبار المنديل(1)، فإن عبارة «ديزل نظيف» لم تعد تنطوي على تناقض في معنى المصطلحات. فقد ظل الناس فترة طويلة يعتبرون محركات الديزل من أكثر وحدات الطاقة تلوثا، وهي سمعة ظلت حاضرة طويلا في الأذهان، لأن عددا كبيرا من أمثلة هذه التقانة المستدامة والتي يعود تاريخها إلى عدة عقود، مازال حاليا يجوب الطرقات. ولكن سيارة مرسيدس E320 تمثل طليعة موجة جديدة من سيارات الديزل والسيارات الرياضية (SUV) والشاحنات الصغيرة التي تطلق كميات أقلّ من المواد الملوثة للهواء من دون أن تقلل من الأهمية المعهودة لميزة المحرك بخصوص الاقتصاد في استهلاك الوقود. وعلى سبيل المثال، فإن سيارة E320 التي تعمل بواسطة محرك V-6 سعة 3.0 لتر، تقطع 36 ميلا في الگالون الواحد (بسرعات متفاوتة)، وهي قادرة على اجتياز مسافة 780 ميلا تقريبا بعد ملء خزانها بالوقود.

ولتحقيق هذا التحول، تستفيد محركات الديزل الحديثة من وحدات الطاقة المتطورة التي تولّد كميات أقل من المواد الملوثة، ومن أنظمة العوادم الجديدة التي تزيل السخام وتحوّل الغازات المنبعثة من مواسيرها إلى غازات غير مؤذية، ومن الأنواع النظيفة للوقود المنخفض الكبريت التي باتت تقريبا متوافرة في أسواق أمريكا الشمالية منذ خريف عام 2006. فضلا عن ذلك، فإن هذه التحسينات لم تترافق مع زيادات كبيرة في الأسعار. وبهذا الصدد يقول<Th.ويبر>  [العضو المكلف بمهام البحث والتطوير في مجلس إدارة شركة ديملر كرايزلر (صانع سيارات مرسيدس)]: «إن تكلفة سيارة E320 بلوتك ديزل تزيد فقط بمبلغ 1000 دولار على مثيلتها التي تعمل بالگازولين (البنزين).»

كذلك فإن الشركات فولكسفاگن وأودي وBMW وهوندا وجنرال موتورز وفورد واتحاد شركتي بيجو وسيتروين وغيرها، تخطط لإدخال محرّكات الديزل النظيفة في صناعاتها في السنوات القليلة القادمة. وسوف تكون هذه المركَبات تقريبا بمثل نظافة السيارات الهجينة التي تعمل بالگازولين والكهرباء، ولكن من دون أن تتحمل قسطا كبيرا من التكلفة والتعقيد الإضافيين اللذين تستوجبهما أنظمة الدفع الإضافية المزودة بها. ويعتزم صانعو السيارات أن تجسر مركبات الديزل الجديدة، جنبا إلى جنب مع المركبات الهجينة التي تعمل بالگازولين والكهرباء، الهوة بين السيارات الحالية وسيارات المستقبل التي تعمل بخلايا وقود الهدروجين(2).

 

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/2007/11-12/58.gif

قد لا تكون محركات الديزل خضراء (نظيفة) تماما، ولكنها أقل تلويثا للبيئة مما كانت عليه. وسوف تتمكن التقانات على المدى القريب من تخفيض نسبة أكبر لانبعاثات غازات أكسيد النتروجين والسخام وأول أكسيد الكربون.

 

كان الدافع للحصول على مركبات أكثر مردودا وأكثر نظافة يكتسب أهمية متزايدة؛ لأن الحد من استهلاك الوقود الأحفوري (ومن ثم الحد من ناتج ثنائي أكسيد الكربون) صار يشكل القضيّة المركزية في درء المخاطر الناجمة عن تغير المناخ، فضلا عن الحد من درجة اعتماد الولايات المتحدة على النفط الأجنبي. وبحسب هيئة حماية البيئة (EPA)، فإذا كان المطلوب من محركات الديزل أن تسيّر ثلث المركبات الخفيفة (بما فيها السيارات ومركبات النقل العام والشاحنات الصغيرة) في الولايات المتحدة، فسوف يؤدي هذا التحول إلى توفير نحو 1.4 مليون برميل من النفط يوميا ـ أي ما يوازي قيمة شحنات النفط اليومية التي تُصدِّرها المملكة العربية السعودية (والتي تستورد الولايات المتحدة منها نحو 7 في المئة من إمدادها النفطي).

 

 

(***)عناصر سيّارات الديزل النظيف

 

وقود ديزل ذو محتوى كبريتي فائق الانخفاض


يحتوي هذا الوقود على الكبريت بنسبة أقل بنحو 97 في المئة من  أصناف الديزل السابقة؛ ولولا ذلك لأدّى الكبريت، وهو أحد المكّونات الطبيعية للنفط الخام، إلى تلوث الهواء وتفكك أنظمة معالجة الغازات المنبعثة من العادم. تقوم أجهزة التنقية بإضافة الهدروجين إلى الديزل المقطّر من النفط الخام، فيرتبط بالكبريت متِيحا بذلك فصل مادة سلفيد الهدروجين الناتجة.

 

محرك الاحتراق المضبوط


يعتبر نظام إعادة دوران غازات العادم المبّردة عنصرا أساسيا في الحصول على الديزل النظيف ذي الشحن التوربيني، وهو يعمل على تخفيض كميات أكسيد النتروجين (NOx) المنبعثة والتي قد تنتج بخلاف ذلك من احتراق الوقود عند درجات حرارة عالية بوجود النتروجين والأكسجين اللذين يوجدان في الهواء بشكل طبيعي عند امتزاجه بالوقود (في اليمين). يبرّد الهواء الخارجي قسما من الغازات المنبعثة من العادم والتي يعاد ضخّها فيما بعد إلى غرفة الاحتراق لتخفيف درجة تركيز مزيج الهواء والوقود. تقوم الغازات المنبعثة الخاملة المحقونة بإبطاء احتراق الوقود، فتخفض بذلك درجة حرارة الاحتراق التي تحدّ بدورها من كمية أكسيد النتروجين الناتجة.

 

أجهزة فعالة للتصدي للانبعاثات الغازية


تستخدم أنظمة معالجة غازات العادم محابس الجسيمات، أو المرشحات، لخفض الغازات المنبعثة بشكل سخام كربوني بنسبة تراوح بين 85 و 95 في المئة. وبعد ذلك يقوم الحفّاز بتحويل أكسيد النتروجين  إلى غاز النتروجين غير الضار والماء، ما يؤدي إلى تخفيض كميات أكسيد النتروجين المنبعثة بنسبة 50 إلى80 في المئة [انظر الشكل في الصفحة 28 من أجل تفاصيل العملية].


http://oloommagazine.com/images/Articles/2007/11-12/57%20copy.gif

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/2007/11-12/55%20copy.gif

 

الشرارة مقابل الانضغاط

إن محرك الديزل هو أحد محركات الاحتراق الداخلي الأكثر اقتصادا للطاقة، لأن الوقود المستخدم فيه يمتلك محتوى عاليا من الطاقة. وتعتمد محركات الديزل على انضغاط الوقود بدلا من إشعاله بواسطة شمعات الإشعال، كما يحدث في المحركات التي تعمل بالگازولين. ويقوم شوط الكباس the piston stroke في الديزل بضغط الهواء بدرجة  عالية، بحيث يشتعل الوقود المحقون ذاتيا.

 

الاشتعال بالانضغاط(****)

 

كان محرك الديزل قد حظي أساسا بماض حافل بالأحداث التاريخية، لأنه شكل العمود الفقري للصناعة الثقيلة الحديثة والنقل بعد فترة قصيرة من اختراعه على يد المهندس الألماني <R.ديزل> في التسعينات من القرن العشرين. وفي حين يتطلب تشغيل محرك الگازولين شرارة كهربائية لإشعال مزيج الوقود والهواء المضغوط في الأسطوانة، فإن تشغيل محرك الديزل يعتمد على الانضغاط؛ إذ يقوم الكبّاس بضغط الهواء في الأسطوانة بنسبة عالية، فترتفع درجة حرارته بحيث ينفجر تلقائيا الوقود المحقون. وكما يوضح <Ch.فريز>[المدير التنفيذي لقسم هندسة الديزل في الشركة GM Powertrain]، فإن ما يسمى حاليا محرك الاشتعال بالانضغاط يُنتج كمية أكبر من الطاقة في وحدة الوقود، ومن ثم زيادة في عدد الأميال المقطوعة بنسبة 25 إلى 30 في المئة عن نظيره الذي يعمل بالگازولين. وعلى سبيل المثال، فإن سيارات الديزل المتراصّة الحجم تسير نحو 40 إلى 50 ميلا بالگالون الواحد، في حين لا تستطيع المركبات ذات الحجم المماثل العاملة بالگازولين أن تقطع أكثر من 35 ميلا بالگالون إلا فيما ندر.

ويقول <فريز> إن الديزل يولد «مقدارا كبيرا من العزم الطرفي low-end torque [القوة الدورانية التي تنشأ أثناء إقلاع المحرك] الذي إذا ما أضيف إلى الشواحن التوربينية turbochargers [معّززات القدرة] الحديثة، وفر لمحركات الديزل القدرة الجيدة على استئناف الدفع والتسارع اللذين يضفيان إليها متعة في القيادة.» ولكن خصائص الوقود في هذه التقانة وظروف الاحتراق التي تحدث عند درجات حرارة أعلى تؤدي أيضا إلى إنتاج جسيمات الكربون الفائقة الدقة (السخام)، إضافة إلى أكسيد النتروجين(NOx) المولد للسخام والمطر الحمضي، وذلك بكميات أكبر من تلك التي تنتجها محركات الگازولين. ويقدر<R.كاسل> [مدير مشروع الوقود والمركبات النظيفة في مجلس الدفاع عن الثروات الطبيعية (NRDC)] أن الغازات المنبعثة من محركات الديزل بكافة مصادرها ـ السيارات والشاحنات والقاطرات والمعدات التي تعمل خارج الطرقات ـ تسبب في الولايات المتحدة سنويا نحو 25 000 وفاة مبكّرة وخسارة 2.5 مليون يوم عمل بسبب الإصابات بالسرطان والربو والتهاب القصبات الهوائية وغيرها من الأمراض. كما يصرّح بأن تفادي إطلاق هذه الملوثات الجوية سوف يؤدي بحلول عام 2030 إلى وفر سنوي في التكاليف الصحية الوطنية تبلغ قيمته نحو150 بليون دولار.

وعلى الرغم من بعض المزايا التي تتمتع بها صناعة سيارات الديزل، فإنها مازالت تراوح مكانها داخل الولايات المتحدة ـ إذ إنها تشكل فقط 3 إلى 4 في المئة من المبيعات، وذلك بحسب إحدى شركات أبحاث الأسواق (J.D. Power) [تشير التقارير إلى أن نسبة سيارات الديزل والشاحنات الصغيرة في العالم مازالت قليلة نسبيا: 13 في المئة منها تعمل بالديزل مقابل 85 في المئة تعمل بالگازولين]. ولم تكن مبيعات الديزل جيدة إطلاقا نظرا لسمعتها الرديئة في أسواق الولايات المتحدة وعدم ملاءمتها للمعايير البيئية المحلية. وقد أسهم كل من الصور السلبية التي يثيرها في الأذهان الدخان الذي تنفثه المقطورات الجرّارة والذكريات السيئة لمحركات الديزل الأمريكية الصنع التي خيبت الآمال في ثمانينات القرن الماضي، بعدم تقبُّل معظم السائقين هذا النوع من المحركات. في تلك الأثناء كانت الأنظمة الفدرالية تفرض على الغازات المنبعثة من محركات الديزل، مثل أكسيد النتروجين والسخام، قيودا أكثر صرامة مما تفرضه على غازات أول أكسيد الكربون والهيدروكربونات، وهي الملوثات الأساسية للهواء التي تولدها محركات الگازولين. وتصنف المعايير الخاصة بأكسيد النتروجين على وجه الخصوص بأنها معايير صارمة في أمريكا الشمالية، حيث تفرض القوانين الجديدة أن لا تتعدى مستويات الغازات المنبعثة من محركات الديزل سدس المستويات المسموح بها في أوروبا.

وتختلف الصورة نوعا ما في الجهة الأخرى من الأطلسي، حيث ظل الوقود المنخفض الكبريت إلى حد ما متوفرا لسنوات عديدة نتيجة الحوافز التي أعطيت لمصافي النفط الأوروبية لقاء إنتاجها الديزل بكميات أكبر من الگازولين. ففي بلدان هذه المنطقة تشكل نسبة مبيعات سيارات الديزل أكثر من 40 في المئة من مبيعات السيارات الجديدة. وكان واضعو الأنظمة الأوروبيون، بوصفهم مهتمين أكثر بمردود الوقود، قد شجعوا على استخدام الديزل في العقود الأخيرة وذلك من خلال وضع خطط ضريبية لتسعير الوقود تحد من جاذبية الگازولين، وعلى فرض معايير على الانبعاثات الغازية تقلل من أهمية أكسيد النتروجين والسخام. ولعدة عقود حافظت هذه السياسات في أوروبا على بقاء ثمن الديزل أرخص من ثمن الگازولين، وذلك على الرغم من أن الأسعار أخذت في السنوات الأخيرة تنحو إلى التعادل ـ إذ يبلغ ثمن گالون الديزل حاليا 5 دولارات مقابل 6 دولارات لگالون الگازولين، أما الأسعار في الولايات المتحدة فهي 2.25دولار لگالون الديزل و2.50 دولار لگالون الگازولين. وقد أسهم توجه الناس في  هذه البلدان نحو محركات الديزل في حثّ مهندسي السيارات على تطوير محركات ديزل أصغر حجما (2 لتر) استطاعت مع الوقت أن تتخلص من معظم الخصائص غير المرغوبة في هذه التقانة، بما في ذلك ارتفاع ضجيج المحرك وصعوبة إقلاعه في الطقس البارد.

 

 

(*****)أنظمة معالجة الغازات المنبعثة


تستطيع النظم المتطورة لمكافحة الغازات المنبعثة من الديزل، والتي تنتجها شركتا مرسيدس-بنز و هوندا، أن تخفض كميات الهيدروكربونات وأول أكسيد الكربون وأكاسيد النتروجين والسخام الناتجة من مواسير العوادم.

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/2007/11-12/56%20copy%20.gif

 

 

 لم تعد عبارة «ديزل نظيف» تنطوي على تناقض في معنى المصطلحات.

 

 

تحديث المحرك والوقود(******)

 

لم تصبح محركات الديزل المسماة نظيفة على ما هي عليه اليوم لولا الجهود التي بذلها المهندسون لتحسين المحركات وأنواع الوقود وأنظمة العادم. وكما يقول <فريز>، فإن سلسلة من الابتكارات التي أُدخلت على المحرك (في بداية الأمر، جرى إدخال معظمها في الشاحنات) هي التي أحدثت أول فئة من هذه التحسينات. وتشمل إجراءات التحديث أنظمة وقود عالية الضغط تحد من مدة حقن الديزل وتعزّز الانضغاط في الأسطوانة، إضافة إلى تصاميم عالية الكفاءة لحجرة الاحتراق والصمامات هدفها التوصل إلى مزج جيد للهواء بالوقود، ومن ثم الحصول على احتراق منتظم ومستقر وفاعل. أما الشواحن التوربينية ـ وهي عبارة عن ضاغطات compressors تشغّلها الغازات المنبعثة من العادم ـ فإنها تعزز قدرة الخرج output من خلال دك ramming الهواء تضاغطيا داخل حجرة الاحتراق بهدف زيادة كمية الأكسجين المتوفرة للاحتراق. وفي الوقت ذاته تستخدم أنظمة التحكم المتطورة محسّات sensors لمراقبة العمليات الجارية في المحرك وتعديل پارامترات التشغيل بهدف ضبط عملها بشكل دقيق.

وكان استحداث أحد مكونات المحرك، ويدعى جهاز إعادة دوران غازات العادم، قد شكل في بداية سبعينات القرن الماضي أهمية خاصة في مسألة التحكم في الغازات المنبعثة من الديزل. ويقوم عمل هذا المكوّن على تخفيف نسبة تركيز الأكسجين الداعم للاشتعال في الأسطوانة بواسطة الغازات المنبعثة المحقونة فيه، ما يبطيء عملية الاحتراق ومن ثم يحول دون نشوء النبضات الفجائية السريعة في درجة الحرارة المولّدة لأكسيد النتروجين. وبحسب المزاعم الصناعية، فقد أدى هذا المكوّن، منذ إدخاله في المحرك، إلى خفض إنتاج أكسيد النتروجين بنحو ثلاثة أرباع. وقد حصل تقدم نسبي آخر في هذا المجال يتمثل بجهاز إعادة دوران غازات العادم المبرّدة، الذي يخفض درجة حرارة أدخنة العادم (عن طريق مزجها بالهواء الخارجي أو تبريدها ضمن مبادل حراري) قبل أن يصار إلى ضخّها في أسطوانة الاحتراق، ما يحد من كمية أكسيد النتروجين الناتجة.

ومع أن هذه التقانات المحسّنة قد حدّت من إنتاج الغازات المنبعثة، فإنها لم تكن كافية بحد ذاتها لإحداث تنظيف شامل في أداء محرك الديزل. وكان الحلّ الرئيسي الآخر يتمثل بإمكانية توافر نوع من وقود الديزل ذي محتوى كبريتي فائق الانخفاض يجعل تشغيل هذه المحركات ممكنا. فالكبريت، الذي يوجد بشكل طبيعي في النفط الخام، لا يسبب تآكل مكوّنات المحرك فحسب، ولكنه «يفسد» أيضا عمل المحوّلات الحفّازة أو يجعلها غير ذات فعالية، وذلك لكونه يفضل الارتباط من الناحية الكيميائية بالمكونات الحفّازة ويسدّ مصافي الجسيمات مسببا توقف أنظمة العادم عن العمل. ولاستخلاص الكبريت، تلجأ مصافي النفط إلى معالجة الديزل بالهدروجين الذي يملك أفضلية للارتباط بالكبريت. وتجدر الإشارة هنا إلى أن الوقود الجديد ذا المحتوى الكبريتي الفائق الانخفاض، والذي تفرضه القوانين الفدرالية، يحتوي على الكبريت بنسبة تقل 97 في المئة عن الأصناف السابقة. وقد هبطت هذه المستويات من 500إلى 15 جزءا في المليون، وهو ما يعادل وزن أونصة واحدة من الكبريت في صهريج شاحنة مملوء بالديزل.

 

تنقية ماسورة العادم(*******)

 

أما القطع الأخيرة اللازمة لحل أحجية الديزل النظيف فتتمثل بالتقنيات المتفوقة لغسل الغازات المنبعثة التي بدأت تُعتمد حاليا في صناعة السيارات. فعندما تنبعث الغازات من محرك الديزل الحديث، فإنها عادة تدخل إلى المرحلة الأولى من منظومة التحكّم في الغازات المنبعثة، المحوّل الحفّاز المؤكسِد، التي تزيل منها قسما لا بأس به من أول أكسيد الكربون ومن المكوّنات الهدروكربونية غير المحترقة، وذلك من خلال ربط بعض هذه المكوّنات بالأكسجين الموجود في دفق الغازات المنبعثة.

بعد ذلك تمر الغازات في معظم الأحيان عبر مرشّح جسيمات الديزل، أو مِحبس الجسيمات، الذي يعمل على تصفيتها من سخامها الكربوني. ويحتوي المحبس في العادة على طوب من الخزف الحراري (مثل كربيد السيليكون أو الكوردييريت(3)) المملوء بالنخاريب(4) المتصلة فيما بينها بممرات مسدودة بالتناوب عند أطرافها. ومن ثم فإن أيا من الغازات المنبعثة عبر أحد هذه الممرات يكون مضطرا للمرور عبر جدران الأرضية المكسوّة بمادة حفّازة تعمل على تصفية جسيمات الكربون الفائقة الدقة. وباستطاعة هذا النوع من مرشّحات الجسيمات أن يحد من كمية السخام المنبعث بنسبة تصل إلى 98 في المئة.

 

سيارة ديزل نظيف، مرسيدس بنز عادية E320 طراز 2007.

 

يقول <فريز> [من الشركة GMN] بعض هذه المرشحات يعمل، عندما يكون مسدودا، «مثل فرن كهربائي ذاتي التنظيف». فعندما تشير المحسّات إلى تباطؤ في تدفق الغازات المنبعثة، تعمل أدوات التحكم في المحرك على زيادة كمية الوقود المحقون في الأسطوانة لفترة وجيزة، ما يؤدي إلى زيادة كمية الهيدروكربونات الناتجة. وهذه المواد الكيميائية تُحتجز في المحوّل الحفّاز المؤكسِد، ومن ثَم تشتعل، ما يؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة الغازات المنبعثة إلى نحو 650 درجة سيلزية، أي ما يكفي لاحتراق كمية الكربون بكاملها وإعادة تنشيط عمل المرشّح من جديد.

 

التخلّص من أكسيد النتروجين(********)

 

في المركبات الجديدة التي تعمل بوقود الديزل النظيف، تدخل الغازات المنبعثة بعد ذلك إلى منظومة المعالجة اللاحقة لإزالة أكسيد النتروجين، والتي تركزت عليها الجهود الهندسية الأخيرة الخاصة بصناعة الديزل(5). وتقوم بعض هذه المكونات، التي يطلق عليها اسم محابس أكسيد النتروجين الغثّ(6)، أو حفّازات أكسيد النتروجين الغثّ lean، بوظائفها أثناء العمليات التي يكون فيها الوقود في المحرك غثّا. وتشير كلمة «غثّ» lean إلى درجة تركيز الوقود في مزيج الاحتراق داخل أسطوانة المحرك. والمعروف أن المحرك يعمل في الحالة «الغثّة» عندما تكون كمية الوقود المحقونة فيه شحيحة، ما يعني وجود نسبة مرتفعة من الأكسجين في المزيج. أما عمليات الاشتعال في حالة الوقود «المثرى»rich، فتحدث عندما يتم احتراق كمية أكبر من الوقود. وللمحافظة على المردود الجيد للوقود، يصمم المهندسون محركات الديزل لكي تعمل في الحالة الغثة، ولكن الوجود المتزايد للأكسجين يعزّز تشكيل أكسيد النتروجين خلال عملية الاحتراق.

وعلى حد قول <B.نايت> [المدير المساعد للبحث والتطوير في شركة هوندا الأمريكية] فإن هناك طرقا أساسية متعددة لأنظمة إزالة أكسيد النتروجين. وتعرف إحدى هذه الطرق بالإرجاع التحفيزي الانتقائي المستمر للهيدروكربونات(7). وهي تقضي بتشغيل محرك الديزل في الحالة المثراة بهدف نقل الهيدروكربونات إلى تيار الغازات المنبعثة، حيث تعمل مع الحفّاز لإرجاعreduction أكسيد النتروجين بطريقة كيميائية ـ أي لتجهيز أكسيد النتروجين لعملية التحويل إلى غاز النتروجين عن طريق إضافة إلكترون إلى تفاعل جزئي. وقد توصلت هذه الطريقة إلى تخفيض الكميات الناتجة من أكسيد النتروجين بنحو 40 في المئة أثناء بعض دورات القيادة الاختبارية الأوروبية، ولكنها فرضت أيضا على ثمن الوقود غرامة إضافية بقيمة 5 في المئة، الأمر الذي لا يمكن اعتباره ذا مردود كبير لقاء التكلفة. إضافة إلى ذلك، نجم عن هذه الطريقة مردود أدنى في التحويل عند درجات الحرارة المنخفضة.

وهناك طريقة أخرى لإزالة أكسيد النتروجين تتمثل بتخزين هذا الأكسيد وتحويله، وهي تستخدم حاليا في المركبات المزوّدة بمحركات تعمل بطريقة الحقن المباشر للگازولين. تقوم هذه التقانة المسمّاة التقانة المتقطعة(8) بتخزين أكسيد النتروجين على مادة حفّازة تحتوي على الباريوم(9)، وذلك عند الظروف العادية للاحتراق الغثّ للوقود، ثم تطلق بعد ذلك أكسيد النتروجين المختزن أثناء الفترة التي يكون فيها المزيج في الأسطوانة مُثْرى مؤقتا بالوقود، ما يؤدي إلى شحّ الأكسجين في غازات العادم. ولكن تطبيق هذه الطريقة على وحدات الديزل يتطلب إحداث تغييرات كبيرة سواء في تصميمها أو في كيفية عملها. وعلى غرار طريقة الإرجاع التحفيزي الانتقائي للهيدروكريون، فإن هذه الطريقة تظهر قيما منخفضة في مردود تحويل أكسيد النتروجين عند درجات الحرارة المنخفضة.

وهناك طريقة ثالثة أكثر شيوعا تعرف باسم الإرجاع التحفيزي الانتقائي بحقن اليوري(10). وهي تستخدم عامل إرجاع يكون عادة عبارة عن سائل يحتوي على الأمونيا ويدعى اليوريا(11)، مهمته تحويل أكسيد النتروجين إلى نتروجين على ركازة حفّازة. (يركّب الكيميائيون عادة المادة المضافة القوية الرائحة بحيث يكون عطرها لطيفا). أما المساويء الأساسية لهذه الطريقة فتكمن في أنها تستخدم منظومة لحقن اليوريا وتحتاج إلى بنية تحتية تجارية جديدة لتوزيع السائل وتتطلب أعمال صيانة لإبقاء خزان المركبة ممتلئا.

وسوف يعتمد الجيل القادم من تقانة بلوتك(12) (التي سوف تتبناها شركتا ديملر-كرايزلر وفولكسفاگن وغيرهما) على حقن أحد محاليل اليوريا الذي كان الصناعيون قد أطلقوا عليه اسم آدبلو AdBlue [انظر المؤطر في الصفحة 28]. وبهذا الصدد يقول <ويبر> إن مهندسي شركة ديملر-كرايزلر عملوا مع باحثين من شركة بوش لتطوير هذا النظام الذي يستطيع أن يخفض كميات أكسيد النتروجين المنبعثة بنسبة تصل إلى 80 في المئة. وبعد أن يتم تزويد الطراز الجديد لسيارة مرسيدس E320 بهذا الجيل القادم من تقانة المعالجة اللاحقة لغازات العادم، يكون هذا الطراز قد حظي بجميع الفرص التي تؤهله لتحقيق المستويات الفدرالية الصارمة لمعايير Tier Bin5  (التي تفرض في جزء منها التقيّد بمقدار 0.07 غرام من أكسيد النتروجين و0.01 غرام من الجسيمات المنبعثة في الميل الواحد). وتمثل هذه المعايير انخفاضا عن الأنظمة السابقة بنسبة 10أضعاف للسخام وضعفين لأكسيد النتروجين. وهناك معايير مماثلة تقريبا لمستويات Bin5 ستوضع موضع التنفيذ هذا العام في كاليفورنيا (التي يميل السوق الهائل للسيارات فيها إلى جعل المعايير القومية أمرا واقعا)، في حين أن معايير Bin5 بحد ذاتها سوف تطبق في كافة أنحاء الولايات المتحدة ابتداء من عام 2009. ومن المتوقع أن يستمر العمل على فرض النظامين في المستقبل المنظور. ويشير <ويبر> إلى أن السيارة E320 العادية الجديدة تستهلك في المتوسط 0.1 لتر من مادة اليوريا في كل 100 كيلومتر. ولذلك يجب أن يكون حجم خزّان اليوريا فيها كبيرا بما يكفي لتغطية الفترة الزمنية المعيارية التي يقتضيها تغيير زيت المحرك.

 

حفاز في الحالة الصلبة(*********)

 

مؤخرا، أعلنت شركة هوندا عن اكتشافها طريقةً جديدة وأنيقة لتقانة إزالة أكسيد النتروجين، وهي عبارة عن حفّاز لأكسيد النتروجين الغثّ أثبت قدرته على تحقيق معدلات تحويلٍ لأكسيد النتروجين بلغت 90 في المئة من دون حاجة إلى عوامل إرجاع إضافية [انظر المؤطر في الصفحة 28]. وفي هذه التقنية المبتكرة يتم تحويل قسم من أكسيد النتروجين إلى أمونيا ثم يعاد دمجها بعد ذلك مع الكمية المتبقية من أكسيد النتروجين لتشكيل غاز النتروجين. وبحسب ما نصَّت عليه التقارير الجديدة، فإن النموذج الأولي لهذه العملية، الذي قام بتطويره فريق يرأسه كبير المهندسين <H.أونو>، سوف يظهر للمرة الأولى عام2009 في سيارة هوندا أَكورد تعمل بالديزل.

وبحسب <نايت>، فإن نظام هوندا يترك حول مادة حفّازة متراصّة مؤلفة من طبقتين. تحتوي الطبقة العلوية على مادة الزيوليت، وهي عبارة عن مواد ميكروية المسام تؤدي دور سطح كبير المساحة، وعلى ركازات حمضية صلبة مهمتها تسهيل التفاعلات الكيميائية. أما الطبقة السفلية فتحتوي على حفّازين آخرين معروفين هما أكسيد السيريوم والپلاتين.

ويشرح <نايت> ذلك قائلا «إنه أثناء العمليات العادية للمحرك في الحالة الغثّة، تمتصّ الطبقة العلوية من الحفّاز أكسيد النتروجين الوارد وفي الوقت نفسه تحوِّل قسما منه إلى نتروجين. وخلال الفترات الزمنية الوجيزة التي يكون فيها محرك الديزل مهيّأ للعمل في الحالة المثراة، تولّد طبقة الحفّاز السفلية مادة الأمونيا من الغازات المنبعثة من العادم. ولكن الأمونيا عوضا عن أن تعود مباشرة إلى تيار الغازات المتدفقة، تبقى مختزنة في ركازة الزيوليت الموجودة في الطبقة العلوية إلى أن ينتقل المحرك مجددا إلى حالة الاحتراق الغثّ؛ وهي النقطة التي تقوم عندها الأمونيا بإرجاع أكسيد النتروجين إلى غاز النتروجين.» وتجدر الإشارة هنا إلى أن الطبقة السفلية تشكل الأمونيا بطريقتين؛ فهي تدمج أكسيد النتروجين المحيط بالهدروجين لإنتاج مركّب الأمونيا، وتقوم كذلك بما يطلق عليه الكيميائيون اسم التفاعل التحولي المائي-الغازي بين أول أكسيد الكربون وبخار الماء(13) لتشكيل الأمونيا. ويضيف<نايت>: ولما كان عبء الكمية المختزنة من أكسيد النتروجين قد تناقص (مقارنة بأساليب أخرى)، فإن كمية أكسيد النتروجين المعرضة للاحتباس تقلّ أثناء عمل المحرك في الحالة الغثة، ما يحافظ على تراص المنظومة ويخفّض زمن الاشتغال في الحالة المثراة، ويخفض من ثم من قيمة الغرامة المفروضة على الوقود.

ويؤكد <نايت> أن أهمية نظام التحكم المتقدم لحفّاز أكسيد النتروجين الغثّ تُردّ إلى كونه العنصر الذي يحدد كمية الأمونيا المتشكّلة. وتقوم أدوات التحكم بتحقيق هذا الهدف من خلال مراقبة وتعديل اشتغال المحرك بهدف ضبط الفترات الزمنية التي يكون الوقود فيها في الحالة الغثة أو الحالة المثراة. ويقول <نايت> «إن أدوات التحكم قابلة للتكيف وتدفع النظام لكي يعمل على أفضل وجه حتى لو تردّت حالة الحفّازات مع الوقت،» ـ ما يمكن اعتباره عاملا حاسما يُمكِّن محركات الديزل المستقبلية هوندا من تحقيق خرج EPA Tier, Bin 5لقطع المسافة المطلوبة البالغة 125000 ميل.

هل من مستقبل للديزل؟(**********)

 

لا نعرف بالتأكيد إلى أين سيقودنا هذا الفصل الجديد من تاريخ الديزل. ومع أن بعض الشركات، بما فيها ديملر-كرايزلر وهوندا وفولكسفاگن، متفائلة بشأن الفرص التي يوفّرها الديزل لأسواق أمريكا الشمالية، هناك شركات أخرى مازالت أقل تفاؤلا فيما يتعلق بمستقبله في تلك الأسواق، وخصوصا في مجال المركبات الأصغر حجما. فعلى سبيل المثال، تعتقد الشركتان GM و فورد أن محركات الديزل الخفيفة تناسب بشكل أفضل، أقلّه في المرحلة الأولى على الأقل، الشاحنات الصغيرة والمركبات الرياضية الأكبر حجما، حيث تتضح سماتها المتعلقة بالعزم الناتج الإضافي والمردود المرتفع للوقود. وكانت شركة تويوتا أكثر تشاؤما فيما يتعلق بمحركات الديزل المنزلية، حيث يقول الناطق باسم الشركة <J.هانسون>: «إن تويوتا لا تتطلع في الفترة القريبة إلى ترويج محركات الديزل في أسواق أمريكا الشمالية. ومع أننا مازلنا نواصل تطوير محركات ديزل متقدمة للأسواق الأوروبية والآسيوية، فإننا لا نعتقد أن سوق الولايات المتحدة لم يصبح جاهزا بعد لتقبل هذه التقانة، وبأنه سيبقى على هذه الحال لبعض الوقت.» ويضيف <هانسون> قائلا: «إن تويوتا تنظر إلى الجيل الأخير بوصفه جيل «محركات الديزل الأنظف،» ولكن «أيا من الطرز الجديدة لن يحتل مرتبة عالية بالنسبة إلى معايير هيئة حماية البيئة وولاية كاليفورنيا المتعلقة بالحفاظ على البيئة؛ حتى إن أكثر هذه المحركات نظافة لا يكاد يكون مؤهلا للاستعمال في ولاية كاليفورنيا.»

 

 

سوف تساعد محركات الديزل الجديدة على تجسير الهوة للوصول إلى المرْكَبات المستقبلية التي تعمل بخلايا الوقود.

 

 

وهناك أيضا عدد من التساؤلات المطروحة حول أنواع الوقود. فمع أن الوقود ذا المحتوى الكبريتي الفائق الانخفاض قد أصبح متوفرا، فإن مدى قيم السيتانcetane فيه أدنى وأكبر من مدى القيم المتوافرة في أوروبا (إن السيتان بالنسبة  إلى الديزل هو المكافيء للأوكتان بالنسبة إلى الگازولين). والأفضل من ذلك أن الوقود الأكثر تماسكا سوف يعزز رواج تقانة الديزل النظيف. ولكن لما كانت مصافي النفط في أمريكا الشمالية مصممة لإنتاج الگازولين وليس الديزل، فقد يتطلب وقود الديزل المحسّن رأسمالا استثماريا كبيرا للتجهيزات.

وفي أثناء ذلك، ورغم الشائعات الإعلامية الأخيرة، يتوقع المراقبون في القطاعات الصناعية أن يبقى الديزل البيولوجي (الحيوي) الخالي من الكبريت (الذي يمكن إنتاجه محليا من المحاصيل الزراعية كفول الصويا) منتجا ملائما للبيئة. ويقول <كاسل> [من مجلس الدفاع عن الثروات الطبيعية (NRDC)] «إن مخزون الديزل البيولوجي سوف يزداد في العقود القادمة، ولكنه سيشكل جزءا ضئيلا من مخزون الديزل بمجمله؛» ثم يتطرق إلى «حاجة أصناف الديزل البيولوجي إلى مواصفات تقنية قومية» لضمان أداء ثابت في المحركات عند تزويدها بالوقود من مصادر مختلفة. وفي أمكنة أخرى يقول منتجو الديزل وبعض شركات الطاقة في أوروبا إنهم مهتمون بالجهود الأخيرة لإنتاج وقود الديزل الخالي من الكبريت انطلاقا من أصناف مناسبة من الفحم الحجري والغاز الطبيعي وباستخدام طريقة فيشر-تروپش Fisher-Tropsch الكيميائية،  وهي طريقة لتركيب الوقود صنعيا جرى استحداثها للمرة الأولى أثناء الحرب العالمية الثانية.

وثمة قضية واضحة، وهي أن معظم محركات الديزل الحالية سوف تستمر بالعمل على الطرقات لفترة زمنية لا تقل عن عقدين ونصف. وتعني تلك الحقيقة أنه من المستبعد أن تبدأ بالظهور في الجو قبل نحو عقد من الزمن تلك الفوائد الإجمالية لتقانة الديزل النظيف. ولكن سوف يكون لها مع ذلك تأثير إيجابي في غضون فترة قصيرة. وتقدّر هيئة حماية البيئة أنه بحلول عام 2030، وهو الموعد الذي سيحال فيه إلى التقاعد أخيرا أسطول المركبات التي تعمل بالديزل في الولايات المتحدة (سواء المركبات المستخدمة على الطرقات العامة أو لا)، فإن كميات أكسيد النتروجين المنبعثة سوف تنخفض بنحو أربعة ملايين طن سنويا، وتنخفض الجسيمات المسبّبة للسرطان بمقدار 250000 طن في السنة.  ومن المفترض أيضا أن تكون الفوائد التي تتحقق في التصدي لتغير المناخ على قدر كبير من الأهمية، مع أنها قد لا تكون بالقدر نفسه من الوضوح.

ويقول <كاسل> «إن إمكانية توافر الوقود المنخفض الكبريت في الآونة  الأخيرة تشكل تبدّلا هائلا في عالم السيارات. فهي تشبه فترة بداية السبعينات من القرن العشرين عندما عملت الحكومة على إزالة مادة الرصاص من الگازولين.» فلم يؤدِّ هذا الإجراء فقط إلى وقف انبعاث هذه المادة في الجو، ولكنه سمح أيضا للمهندسين باستخدام المحوّل الحفّاز لمعالجة المواد الملوثة الأخرى المنبعثة من العوادم. ويضيف <كاسل> قائلا: «إن التحوّل من الگازولين  المشوب بالرصاص ومن غياب السيطرة الفاعلة على الغازات المنبعثة إلى السيارات الحالية الفائقة النظافة وذات المردودية المتزايدة في الوقود، قد استغرق أكثر من 30 عاما. وبحلول العام القادم، أي بعد انقضاء أقل من عقد من  الزمن، سوف يكون عالم السيارات قد خضع إلى تغير مماثل في محركات الديزل.»

 

المؤلف


كاتب ومحرر لدى ساينتفيك أمريكان.

  مراجع للاستزادة

 

Diesel Technology Forum discussion of clean diesels;

www.dieseIforum.org/meet-cIean-dieeeI/what-is-cIean-dieseI/

U.S. Environmental Protection Agency’s National Clean Diesel Campaign:

www.epa.gov/cleandieseI/

Mercedes-Benz Bluetec technology;

www4.mercedes-benz.com/specials/scr/en/index-nocom-en.htm

Honda clean diesel technology:

http://world.honda.com/news/2006/c060925DieselEngine/

 

(*)DIESELS COME CLEAN

(**)Overview/ Greener Diesels
(***)Elements of Clean Diesel Cars

(****)Compression Ignition
(*****)Exhaust Treatment Systems

(******)Engine and Fuel Upgrades

(*******)Cleaning The Tailpipe

(********)NOx Removal

(*********)Solid-State Catalyst

(**********)A Diesel Future?

(1) handkerchief test
(2) انظر: Hybrid Vehicles Gain Traction, by Joseph J. Romm – Andrew A. Frank; Scientific American, April 2006. انظر أيضا: «نحو سيارات تعمل بالهدروجين»،العلوم، العدد (2005) 9، صفحة 16.
(3) cordieritee 

(4) honeycombed

(5) diesel industry   

(6) lean-NOx traps
(7) continuous hydrocarbon selective catalytic reduction
(8) discontinuous technology

(9) barium
(10) urea-injection selective catalytic reduction

(11) urea
(12) Bluetec technology

(13) water-gas reaction with carbon monoxide and water vapor

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

زر الذهاب إلى الأعلى