أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
الطب وصحة

هل يمكن للسمين أن يكون لائقا بدنيا؟

هل يمكن للسمين أن يكون لائقا بدنيا؟(*)

تثير دراسة مشهورة مع العديد من الكتب

الواسعة الانتشار أسئلة عن الآثار السيئة لزيادة

الوزن، لكن نتائجها قد تكون خاطئة.

<P.ريبورن>

 

 

قامت<M.K.فليكال> [الباحثة في مراكز الوقاية من الأمراض والسيطرة عليها] في عام 2005، بدراسة تحليلية إحصائية جديدة تتناول بيانات استطلاعية وطنية عن البدانة وتوصلت إلى استنتاج مثير، مفاده أن البالغين ذوي الوزن الزائد قليلا أقل عرضة للموت من الذين يتمتعون بما يطلق عليه الوزن الصحي.

 

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/2008/5/13%5b1%5d.gif

يمكن الآن أن تصل أوزان ثلاثيي الرياضات(1) Triathletes إلى 136 كيلوغراما وفقا لحركة سمين لكن لائق بدنيا. ومع ذلك يتمسك الإجماع الطبي بالقول إن البدانة غير صحية.

 

لكن الأبحاث التي أجريت على مدى عقود من الزمن والآلاف من الدراسات بينت بوضوح عكس ذلك تماما؛ أي إن زيادة قليلة في الوزن تعد أمرا سيئا وإن البدانة obese هي أكثر سوءا. وكثيرا ما يلتبس التمييز بين زيادة الوزن والبدانة، اللتين تُدرجان عادة تحت عنوان البدانة. ويتعلق التمييز بقياس يدعى قرينة كتلة الجسم Body Mass Index (BMI)، ويمكن حسابه بقسمة وزن الإنسان بالكيلوغرام على مربع طوله بالمتر. ويتوافر على الإنترنت عدد لا يحصى من طرق الحساب التي تعالج الجانب الرياضياتي لذلك. لكن ما ينبغي تذكره هو أن قرينة كتلة الجسم (BMI) التي تقع بين قيمة دنيا تعادل 25 وقيمة عليا تقل عن30، يعد صاحبها ذا وزن زائد؛ في حين يعد بدينا من كانت له قرينة تساوي 30 أو تزيد عليها.

 

 مفاهيم مفتاحية

في دراسة نشرت عام2005 وأثارت الكثير من  النقاش، تبيّن أن التوقع العمري لأصحاب الوزن الصحي هو أقل من ذلك العائد لأصحاب الوزن الزائد.

وفي الوقت نفسه تقريبا راجت كتب عديدة تعالج قضية البدانة واللياقة الصحية، وتسخر من الفكرة القائلة بأن زيادة الوزن تعني عدم تمتع الإنسان بصحة جيدة.

ومازال هذا التحدي للفكرة المعهودة والسائدة في هذا المجال يثير جدلا متقدا. لكن معظم خبراء التغذية مازالوا يحذرون من العواقب السيئة لأي زيادة في الوزن.

ينبغي للمهتمين بالشؤون الصحية ومستشاري التغذية استخدام قرينة كتلة الجسم (BMI) المبنية على الطول والوزن، معيارا للحكم على الوزن المناسب.

محررو ساينتفيك أمريكان

 

وتبقى صحيحةً المقولةُ التقليدية الراسخة التي تنص على أن الأمريكيين الذين تحمل أجسامهم كمية زائدة من الدهون في أجسادهم، هم أكثر تعرضا للموت بسبب أمراض القلب ومرض السكري diabetes  وأنواع متعددة من السرطان. أما أولئك الذين لا يموتون من اعتلالات جسدية تتعلق بالسمنة، فقد يعانون عددا من العواقب غير السارة الناجمة عن زيادة الوزن، بما في ذلك مرض السكري ومضاعفاته التي قد تؤدي إلى بتر الذراع أو الساق وفقدان البصر أو الفشل الكلوي. ولقد شكلت هذه المفاهيم الرأي السائد لمعظم الخبراء خلال العقود الماضية، ولم يتغير هذا الرأي حتى الآن.

 

وما إن ظهرت دراسة <فليكال>، حتى نشرت سلسلة من الكتب ألفها محامون وصحفيون وعلماء سياسة وجامعيون لا ينتمون إلى مهنة الطب، تتحدى جميعها المقولة التقليدية في البدانة. وذهب النقد إلى أن السمنة ليست بالسوء الذي انقدنا إلى الاقتناع به، بل ذهب إلى أبعد من ذلك، فقيل إن جماعة الباحثين الذين أدانوا البدانة كانت لهم مصلحة مادية في وجهة نظرهم بسبب العلاقات القوية والمعقدة التي تربطهم بمصنعي أدوية إنقاص الوزن والعيادات المختصة به.

 

واستمر تدفق الكتب الناقدة. ففي مستهل عام 2007 نشر<B.گلاسنر> [وهو مؤلف أحد الكتب الأكثر مبيعا وعنوانه ثقافة الخوف (الكتب الأساسية للعام2000)] كتابا جديدا بعنوان إنجيل الغذاء(2) Gospel of Food: إن كلَّ ما تعتقد أنك تعرفه عن الطعام خاطئ (Ecco, 2007). ويذهب في كتابه إلى أنه لو أولينا مزيدا من الاهتمام لمسألة التمتع بالطعام، بدلا من الحمية dieting وعد الكالوريات(3)calories، لكنّا أكثر سعادة وأفضل صحة. ويعد هذا الطرح لافتا وجذابا، لكن <گلاسنر> [وهو عالم اجتماع في جامعة جنوب كاليفورنيا] لم يقم بأية أبحاث أو دراسات تثبت ما ذهب إليه.

 

وتحتل المصالح في هذا الجدل حيزا كبيرا. ويعد الدافع الأساسي للجهود الوطنية للعاملين في مجال الوقاية من الأمراض هو القضاء على ما يسميه الباحثون المتشددون وباء البدانة. فإذا كانت زيادة الوزن أو البدانة ضارة بالدرجة التي يدعيها هؤلاء الباحثون فستلقي تكاليف العناية الصحية المرتبطة بها عبئا ثقيلا على كاهل الاقتصاد الأمريكي. وقدرت مراكز السيطرة على الأمراض (CDC)(4) أن تكلفة العناية الصحية ونقص الإنتاج الناجمين عن البدانة وصلا في عام 2004 إلى 75 بليون دولار سنويا. ويقول هؤلاء الباحثون إنه بوضع نهاية للبدانة في أمريكا، سيكون الأمريكيون في وضع صحي أفضل ويعيشون فترة أطول ويدفعون مبالغ أقل لرعايتهم الصحية؛ بل قد تشاهد مكاسب تتمثل في قدرة الأمريكيين على المنافسة مع زيادة في عدد الوظائف المتوافرة وارتفاع في الأجور.

 

وإذا كانت زيادة الدهون في جسم الإنسان لا تشكل سببا رئيسيا لأمراض القلب وغيرها من الأمراض الخطيرة ـ حسبما تذهب إليه <فليكل> ونقاد آخرون ـ فإن الجهود الكبيرة التي تبذل لتقليل محيط خصر المواطن الأمريكي ليست في مكانها. ويرفض العديد من قادة العاملين في أبحاث البدانة هذا النقد. ويقول<M.ستامبفر> [أستاذ التغذية وعلم الأوبئة في كلية هارکرد للصحة العامة] «إن هذا هراء محض، وغير ذي معنى. ومن البساطة بمكان أن نوضح السبب الذي دفع البعض إلى هذه الأفكار الخاطئة.» وقد قام <ستامبفر> وزميله في كلية هارکرد<W.ويليت> بإجراء سلسلة من الدراسات امتدت عقودا من الزمن وتضمنت مئات الآلاف من البشر، وقد رسخت ما هو معروف الآن عن الأخطار التي تهدد أصحاب الأوزان الزائدة أو البدينين.

 

ويشير <ستامبفر> إلى دراسة <فليكل> على أنها مثال صارخ للأخطاء التي يرتكبها النقاد. ويرى أن السبب الذي دعا الأخيرة إلى الاعتقاد بأن زيادة الوزن تؤدي إلى التقليل من احتمالات الوفاة هو أنها استخدمت مجموعة مقارنة خاطئة. فمجموعة غير البدينين التي اعتمدتها في دراستها تضمنت مدخنين وأشخاصا يعانون أمراضا مزمنة، وهذا زاد من معدل الوفيات في هذه المجموعة، ولم تكن النحافة هي السبب. ويضيف <ستامبفر> بأن «المرء حينما يمرض ينقص وزنه ويموت.» فإذا ما قارنا هؤلاء المدخنين أو الذين يعانون أمراضا مزمنة بأصحاب الأوزان الزائدة، يبدو كأن الأصحاء من أصحاب الأوزان الزائدة في وضع أفضل وأقل عرضة للموت.

 

ويستشهد <ويليت> بدراسة أجراها <A.J.گرينبرك> في الشهر 11/2006[وهو باحث في كلية بروكلين] لدعم وجهة نظره. فقد أنجز<گرينبرك> دراسة تحليلية مشابهة لدراسة <فليكل>، منتبها إلى تصحيح عوامل مثل تلك المتعلقة بالتاريخ المرضي الخطير لمجموعة الاختبار. فتبين عندها أن عدد الوفيات عند البدينين مقارنة بعددهم عند أصحاب الأوزان الصحية قد تضاعف ثلاث مرات. كما وجد أيضا زيادة واضحة في احتمال الوفاة عند الذين كانوا يعانون البدانة فقط، وهذا يتناقض مع ما ذهبت إليه <فليكل> من أن زيادة الوزن تقلل من خطر الموت.

 

وقد اعترفت <فليكل> بأنها لم تستثن أصحاب الأمراض المزمنة في دراستها، ولكنها أوضحت في تقرير لاحق أنها قامت بإجراء مزيد من التحليل، فتبين أن هذا الاستثناء لم يكن ليغير ما أعلنته من نتائج. وتحول الخلاف إلى المهارة في الجدل الإحصائي. لكن الواضح من دون شك هو أن البحث الذي نشرته <فليكل> ليس إلا واحدا من حفنة من الأبحاث التي تناقض الكثير من الأبحاث الأخرى التي تدعم وجهة النظر القائلة بأن زيادة الوزن تضر بصحة الإنسان. إن <فليكل> ليست مخطئة بالضرورة، لكن الأدلة السائدة تشير بوضوح إلى الاتجاه المعاكس.

 

ويعتقد <ويليت> أن هذا التوجه الجديد هو ببساطة إفراز لانتشار الاعتقاد الذي يذهب إلى أن الأمريكيين قد خدعوا فيما يتعلق بمخاطر البدانة. ويقول <ويليت> «كل عشرة أعوام تقريبا يروج الاعتقاد بأنه من الأفضل أن تكون ذا وزن زائد، وعلينا أن نتصدى لمثل هذا الاعتقاد.» فقد أظهرت أبحاث <ويليت> العديد من الفوائد التي يجنيها المرء من إنقاص وزنه، حتى إلى الحد الذي يقل عما يسمى المستوى الصحي.

 

ويجد الكثير من الأمريكيين صعوبة في جعل قرينة كتلة أجسادهم دون الرقم25، وهو الحد الفاصل بين مجموعتي الوزن الزائد والوزن الصحي. وتبين أعمال <ويليت> حتى إنه من الأفضل خسارة المزيد من الوزن. ويضرب <ويليت> مثالا على ذلك بأن الإنسان الذي تبلغ قرينة كتلة جسمه 20، يرتفع احتمال إصابته بالسكري إلى أربعة أضعاف إذا وصلت قرينة كتلة جسمه إلى 25. «وإذا ما زادت القرينة إلى 30 فإن احتمال إصابته بالسكري يزيد من 30 إلى 60  ضعفا. علما بأن  الإصابة بهذا المرض ليست أمرا محمودا.»

 

وفي ضوء هذه الأدلة المتناقضة، يتساءل الإنسان عن الخلاصة المثلى للقناعات التقليدية. ويوضح <ويليت> الأمر على النحو التالي: عليك الانتباه إلى ثلاثة أرقام مهمة. أولها قرينة كتلة الجسم ـ حافظ عليها ما بين 20 و 24.9، ويفضل أن تكون أقرب إلى الحد الأدنى من المجال. وثانيها تغير وزنك بعد سن العشرين. ومع أن البدانة أصبحت تزداد شيوعا لدى الأطفال، فإن معظم الأفراد الذين هم راشدون اليوم، ربما كان وزنهم مناسبا عندما كانوا في العشرين من عمرهم. وعليك دائما أن تحاول العودة إلى ما كنت عليه. أما الرقم الثالث فهو محيط الخصر؛ فإذا ما زاد قياس حزامك على ما كان عليه عندما كنت في العشرين من العمر، فعليك أن تعكس الواقع.

 

ويقول <ويليت> بأن الاهتمام بهذه الأرقام الثلاثة تقود إلى «الحصول على فوائد كبيرة في الصحة العامة؛ بل إن خسارة بسيطة في الوزن ستحقق فائدة كبيرة.» ويضيف <ويليت> «إذا فقد الإنسان ما مقداره 5 إلى 10  في المئة من وزنه، فإنه يقدم خدمة كبيرة لصحته. وإذا تمكن من القيام بخطوة أخرى وفقد ما مقداره 5 إلى 10 في المئة مرة أخرى، فإنه يكون قد قدم لنفسه خدمة أخرى.» وعلى الرغم من أن بعض التفاصيل قد اختلفت، فمازالت نصيحة الخبراء فيما يتعلق بالبدانة كما كانت عليه منذ العديد من السنين.

 

المؤلف

  Paul Raeburn
  يكتب في السياسة والبيئة من مدينة نيويورك. وسبق له أن كان محررا علميا وكاتبا رئيسيا في مجلة Business Week، ورئيسا سابقا للجمعية الوطنية للكتاب في مجال العلوم، وهو معلق إذاعي. http://oloommagazine.com/Images/Articles/2008/5/12.gif

  مراجع للاستزادة 

 

Guidelines for Healthy Weight. Walter C. Willett et al. in New England Journal of Medicine, Vol. 341, No. 6, pages 427-434; August 5, 1999.

 

Excess Deaths Associated with Underweight, Overweight, and Obesity. Katherine M. Fiegal et al. in Journal of the American Medical Association, Vol. 293, No. 15, pages 1861-1867; April 20, 2005.

 

Obesity: An Overblown Epidemic? W.Wayt Gibbs in Scientific American, Vol. 292, No. 6; pages 48-55; June 2005.

 

Correcting Biases in Estimates of Mortality Attributable to Obesity. James A. Greenberg in Obesity, Vol. 14, No. 11, pages 2071-2079; November 2006.

 

 

 

(*) CAN FAT BE FIT?

 

(1) وهم رياضيون يمارسون ثلاثة أنواع من الرياضة

(2) وهذا يعني البشارة والحقيقة التي لا ريب فيها حول الغذاء

(3) السعرات أو الحريرات

(4) Centers for diseases control and prevention

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

Back to top button