أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
الطب وصحة

تبسيط ما نأكل

تبسيط ما نأكل(*)

كيف نواجه العديد من نصائح الحميات المتضاربة.

<M.نستلة>

 

مفاهيم مفتاحية

إن النصيحة التغذوية مربكة، لأن العلماء يواجهون صعوبات في رسم خطوط إرشادية واضحة، والسبب عائد إلى أن دراسة مغذّ واحد لا تؤدي إلى فهم ما يحدث له عندما يختلط في البدن مع المغذّيات الأخرى.

وتغدو الصورة أكثر ضبابية، لأن المجموعات الصناعية تضغط باستمرار لإيصال رسالتها إلى الوكالات الحكومية والمستهلكين، وهي تدور حول فوائد تناول أطعمة معينة.

ولعل أبسط رسالة وأفضلها هي: لا تفرط في الطعام وأكثر من التمرينات الرياضية، وأكثر من تناول الفاكهة والخضراوات والحبوب الكاملة، وتجنب الغذاء الغثJunk food.

محررو ساينتفيك أمريكان

 

بصفتي أستاذة في التغذية، أتساءل دائما لماذا تبدو النصيحة التغذوية شديدة التغير، ولماذا يغلب على الخبراء الاختلاف؟ ويتساءل الناس بمعلومات مَنْ نستطيع الوثوق؟ وأتحفز فأقول: بمعلوماتي طبعا، لأنني أفهم المشكلة. وفعلا يبدو أن النصيحة التغذوية عالقة تماما في شرك الجدل العلمي، وفي الاهتمام الذاتي لشركات الأغذية، وبالحلول الوسطى التي يخرج بها المشرعون الحكوميون. ومع كل ذلك، فإن المباديء الأساسية للحميات ليست محل نزاع وهي: قلل من الطعام، وأكثر من الحركة، وكل الفاكهة والخضراوات والحبوب الكاملة، وتجنب أكل المزيد من الأغذية الغثة junk food.

 

إن «الإقلال من الطعام» يعني استهلاك كالوريات (سعرات) أقل، وهذه تترجم إلى تناول وجبات أصغر، مع الابتعاد تماما عن تناول أي طعام (مقرمشات) بين الوجبات. كما تعني «أكْثِر من الحركة» الحاجة إلى إيجاد توازن بين المدخول الكالوري والنشاط الفيزيائي؛ في حين يتيح أكل الفاكهة والخضراوات والحبوب الكاملة التزوّد بالمغذيات غير المتوافرة في الأغذية الأخرى. ويعني تجنب «الأغذية الغثّة» العزوف عن تناول الأغذية المنخفضة القيمة التغذوية، كالحلوى الشديدة التصنيع، والوجبات الخفيفة «المقرمشات» المحملة بالملح والسكر والإضافات الاصطناعية. كما تعد المشروبات الخفيفة من ضمن الأغذية الغثة النموذجية، لاحتوائها على المحليات والقليل من المغذيات أو حتى من دون أي منها.

 

وفي الواقع إذا اتبعتَ هذه الوصايا تغدو الوجوه الأخرى للحمية أقل أهمية. ومن المستغرب، أن هذه النصيحة لم تتغير منذ سنوات. فقبل نحو خمسين عاما اقترح<A.كيز> [وهو من أطباء القلب المرموقين، توفي عام 2004 عن عمر يناهز100 سنة] وزوجته<M.كيز>مبادئ متشابهة لمنع أمراض القلب الوعائية [انظر العمود الجانبي في الصفحة 10].

 

ولكن أستطيع أن أرى لماذا تبدو النصيحة المتعلقة بالحمية هدفا متحركا. إن أبحاث التغذية صعبة الإجراء، ونادرا ما تعطي هذه الأبحاث نتائج واضحة. ويستلزم الغموض التوضيح، ويتأثر التوضيح بوجهة النظر الشخصية التي يمكن أن تتشابك تماما مع العلم.

 

تحديات علم التغذية(**)

 

إن حالة عدم اليقين العلمي هذه ليست مفرطة في الغرابة، نظرا لما هو متاح للإنسان من أطعمة متنوعة. وترتبط التأثيرات الصحية للحميات الغذائية لأي فرد بعوامل وراثية، وكذلك بالتربية ومستويات الدخل والقناعة بالعمل واللياقة الصحية، وتدخين السگاير أو شرب الكحول. ولتبسيط هذا الوضع يقوم الباحثون بفحص مثالي لتأثيرات أحد مكونات الحمية الغذائية، الواحد تلو الآخر.

 

لذا نجد أن الدراسات التي ركزت على أحد عناصر الحمية قد أعطت نتائج مدهشة فيما يتعلق بتفسير الأعراض الناجمة عن عوز الکيتامينات والمعادن. وتغدو هذه المقاربة أقل فائدة في الحالات المزمنة مثل أمراض القلب الوعائية والداء السكري، اللذين ينشآن نتيجة تآثر عوامل غذائية ووراثية وسلوكية واجتماعية. وإذا بدت علوم التغذية محيرة، فالسبب يعود إلى أن الباحثين يفحصون بصورة مثالية عنصرا غذائيا واحدا مفصولا عن الطعام الذي يحويه، وأطعمة مفصولة بدورها عن الحميات، وعوامل الخطر مفصولة عن السلوكيات الأخرى. إن هذا النوع من الأبحاث «مختزل»، لأنه يرجع التأثيرات الصحية إلى استهلاك نوع واحد من المغذيات أو الطعام، في حين أن أنموذج الحمية الإجمالي هو الذي يجب أن يعطى الاهتمام الأكبر.

 

وفي حالة الأمراض المزمنة تسبب مغذيات مفردة في العادة تغيرا في التعرض للخطر بمقادير صغيرة يصعب قياسها ما لم يُلْجأ إلى دراسات مكلفة تتناول جماعة كبيرة. وقد ورد حديثا في مجلة «التمهيد لصحة المرأة»، أنه في محاولة سريرية لتفحص تأثيرات الحميات المنخفضة الدهن في أمراض القلب والسرطان عجز المشتركون عن التقيد بالبروتوكولات الغذائية للحمية المطلوبة. وبالنظر إلى أنه لا يمكن وضع الناس في أقفاص وإطعامهم الصيغ الغذائية المقيسة، لذاك مالت حميتا مجموعتي الدراسة التجريبية والشاهد إلى التقارب، مما أدى إلى جعل الاختلافات غير قابلة للتمييز على المدى الطويل ـ حتى لو استعنا بإحصاء متطور.

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/2008/5/0001.gif

تتحدى زيادة الوفرة من الأغذية كل يوم خيارات البائعين والمتناولين.

 

إنها الكالوريات(***)

 

تفضل شركات الأغذية الدراسات القائمة على مغذ مفرد لتتمكن من استعمال النتائج لبيع منتوجاتها، فعندما تضاف الکيتامينات إلى الحلوى تسوق على أنها أطعمة صحية. وتصرف الادعاءات الصحية المبينة على بطاقات بيان الأغذية الغثة انتباه المستهلكين عن محتوياتها من الكالوريات. ويعد هذا الإجراء مهما من الناحية العملية، فعندما نذكر السمنة ـ التي تسود مشكلات التغذية حتى في البلدان الأفقر في العالم ـ يكون عدد الكالوريات التي يستهلكها الإنسان هو ما يجب أن يؤخذ بالحسبان. تنشأ السمنة عندما يفوق استهلاك الناس من الكالوريات معنويا ما يفقدونه في النشاط الرياضي.

 

بدأت معدلات السمنة الأمريكية بالارتفاع بشدة في مطلع الثمانينات. وغالبا ما يرجع علماء الاجتماع أسباب التوجه نحو إدخال الكالوريات إلى الطلب الذي تفرضه المجتمعات المرهقة بالعمل على الوجبات المطبوخة السهلة ـ المنتجات الجاهزة والمعلبة ووجبات المطاعم التي تحوي عادة كالوريات أكثر من الطعام المنزلي.

 

 

النصيحة القديمة لاتزال صحيحة (****)

 

في عام1959 قدم< A.كيز> وزوجته <M.كيز> الوصايا الآتية في التغذية والنشاط، وهي مألوفة ولا تزال مفيدة.

لا تسمن، وإذا كنت سمينًا فاعمل على إنقاص وزنك.

………………………………………………………….

قلل من الدهون المشبعة: وهي دهون الأبقار والخنازير والأغنام والنقانق والمارجرين، والسَّمن والزبدة المشتقتان من الألبان.

………………………………………………………….

فضِّل استعمال الزيوت النباتية على الدهون الجامدة، وحافظ على كمية دهون لا تتجاوز30 في المئة من كالورياتك الغذائية.

………………………………………………………….

فضّل تناول الخضراوات الطازجة والفاكهة ومنتجات الألبان الخالية من الدهون.

………………………………………………………….

 تجنب الإفراط في استعمال الملح والسكر المكرر.

………………………………………………………….

الحميات الجيدة لا تعتمد على محتواها من العقاقير ولا التحضير المبهرج.

………………………………………………………….

 أكثر من التمارين والاستجمام في الهواء الطلق.

 

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/2008/5/0002.gif
تبين أن أجسام البشر الذين يتناولون الأغذية العضوية تحوي كميات أقل من المبيدات الاصطناعية مما تحويه أجسام الذين يتناولون الأغذية التقليدية. ويصعب البرهنة على أن الأغذية العضوية تحوي كميات أكبر من الکيتامينات ومضادات الأكسدة، مع أن الدراسات الأولية تقترح ذلك بوضوح.

 

إضافة إلى ما سبق فقد عززت عوامل اجتماعية أخرى عدم التوازن الكالوري. ومن ذلك أنه في عام 1980  جلبت إدارة ريگان معها حزمة من الإجراءات، كالانفتاح على مزيد من عدم التحكم في الصناعة، ورفع الضوابط عن الإنتاج الزراعي، وتشجيع المزارعين على إنتاج أغذية أكثر، فأدى ذلك إلى ارتفاع الكالوريات المتاحة لكل فرد في الخطة الوطنية للتزود الغذائي (وهو ما ينتجه المزارعون الأمريكيون مضافا إليه المستورد ومطروحا منه المصدر) من 3200كالوري في اليوم في عام 1980 إلى 3900 ولمدة عقدين متتاليين [انظر المؤطر في  الصفحة المقابلة].

 

كما توج مطلع الثمانينات بظهور «حركة قيمة أصحاب الأسهم» في شارع المال (Wall Street) بنيويورك وفحواها طلب المساهمين عوائد عالية على استثماراتهم خلال فترة قصيرة، مما أجبر شركات الأغذية على توسيع مبيعاتها في أسواق تعج أصلا بالأغذية ذات الكالوريات الزائدة. وكانت استجابة شركات الأغذية باللجوء إلى إيجاد فرص للتسويق وللبيع، فقامت بتشجيع الممارسات التي تجنبتها في السابق، وهذا ما أدى بالتالي إلى تغير المعايير الاجتماعية، مثل تناول الخفيف من الطعام بين الوجبات، وتناول الأغذية في المكتبات ومحلات بيع الألبسة، وزيادة كمية الطعام في الوجبة. واستمرت الصناعة بتمويل المنظمات والمجلات التي تركز على المواضيع ذات العلاقة بالتغذية، وعززت جهودها الرامية إلى تحريك الجهات الحكومية لتقديم إرشادات غذائية تصب في مصلحتها. كما قامت، وتقوم الآن، فرق الدعاية بتشجيع التفسيرات الإيجابية للدراسات العلمية، ودعم الأبحاث التي يمكن استعمالها أساسا للادعاءات الصحية، ومهاجمة الانتقادات، وكنتُ شخصيا من المنتقدين المعارضين لهذا السقط من العلوم، لأن هذه النشاطات تؤدي إلى إرباك الناس.

 

الأسواق المركزية كمُنطَلق(*****)

 

كنت أسمع طلبات النجدة للمساعدة على التعامل مع الأسواق المركزية (السوبر ماركت)، من جميع الأشخاص الذين تكلمت معهم، وتعد هذه الأسواق المركزية (الكبيرة) بالنسبة إلى المتسوقين أرضية أولية للتمييز بين الادعاءات الصحية والإرشادات العلمية. ولهذا السبب أمضيت عاما أزور فيه الأسواق المركزية لمساعدة الناس على التفكير بوضوح عند اختيارهم الطعام. وكانت النتيجة كتابي «ماذا نأكل».

 

توافر الأسواق المركزية للناس خدمة عامة حيوية، إلا أنها ليست وكالات خدمات اجتماعية، لأن عملها هو بيع أكبر كمية من الأغذية. وقد صممت المخازن بحيث يكون كل ملمح فيها ـ من وضع الرفوف إلى الخلفية الموسيقية ـ معتمدا على أبحاث التسويق [انظر العمود في منتصف الصفحة 16]. فقد بينت هذه الأبحاث أنه كلما ازداد عدد المنتجات التي يراها المستهلك ازداد مقدار ما يشتريه منها، لذا تهدف المخازن إلى تعريض المستهلكين إلى أكبر عدد من المنتوجات يمكن أن يتحملوا رؤيتها.

 

 

[ازدياد السمنة]

 مع زيادة كالوريات الأغذية يتضخم محيط الخصر(******)

 

خلال العقود القليلة الماضية، ترافق ارتفاع معدلات السمنة في الولايات المتحدة مع ازدياد المتاح في مخازن الغذاء من العبوات الكبيرة الحجم والكالوريات الكلية والسكاكر الغنية بالكالوريات والمشروبات الخفيفة السكرية. إن الانخفاض الظاهري في ثلاثة من هذه المعايير (الكالوريات والسكريات والمشروبات الخفيفة السكرية) بعد عام1998 يفسر بتوسع استعمال المحليات الاصطناعية والاستبدال الجزئي للمشروبات غير المحلاة بالسكر بالمشروبات الخفيفة السكرية.

ارتفاع معدلات السمنة في الولايات المتحدة
النسبة المئوية للأفراد البدينين من عدد السكان الكلي (بين سنّيْ20 و74)

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/2008/5/0003%5b4%5d.gif

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/2008/5/0003%5b5%5d.gif

 

الكالوريات المتاحة

http://oloommagazine.com/images/Articles/2008/5/0003%5b1%5d.gif

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/2008/5/0003%5b2%5d.gif

ا

 

قد يصاب المستهلكون بالارتباك عند اختيارهم الأغذية وشرائها، لأن اختيارها بالتأكيد يحتاج إلى معرفة بقضايا لا يمكن للعلم حلها بسهولة، إضافة إلى تأثرها بشدة بالاعتبارات الاجتماعية والاقتصادية. وتظهر مثل هذه القرارات كل يوم وفي كل ممر من ممرات مخازن البيع.

 

هل الأغذية العضوية أكثر صحية؟(*******)

 

الأغذية العضوية من أكثر الأنواع نموا في صناعة الأغذية، ويعود السبب جزئيا إلى أن الناس يرغبون في دفع سعر أعلى للأغذية التي يعتقدون أنها أكثر صحية وأفضل تغذوية. وفي الولايات المتحدة الأمريكية تمنع وزارة الزراعة منتجي الثمار والخضراوات «العضوية المصدقة» من استعمال مبيدات الحشرات والأعشاب والأسمدة المصنّعة، إضافة إلى منع استعمال البذور المعدّلة وراثيا والتشعيع والأسمدة المشتقة من الحمأة الناتجة من مياه المجاري. وقد منح المفتشون الإذن والصلاحية للتأكد من أن المنتجين يطبقون القواعد السابقة، وتبقى المسؤولية الأساسية لوزارة الزراعة الأمريكية هي في تشجيع الزراعة التقليدية، على الرغم من أنها مسؤولة أيضا عن الزراعات العضوية، وهذا ما يفسر لماذا لا تقوم الوزارة بالادعاء بأن الأغذية المنتجة عضويا هي أسلم وأكثر تغذوية من الأغذية التقليدية. وتختلف الأغذية العضوية عن التقليدية بطريقة نموها وتداولها وتصنيعها.

 

 

شبه حقائق في التغذية (********)

 

لتخفيض وزنك نحو نصف كيلوغرام من الدهون في الأسبوع، أنقص كالورياتك اليومية بمعدل500 كالوري على الأقل.

……………………………………………………………

يعطي غرام واحد من الكربوهيدرات والپروتينات نحو 4 كالوريات. وتعطي الدهون9 كالوريات لكل غرام.

تتسع ملعقة صغيرة إلى نحو 5 غرامات.

……………………………………………………………

تستقلب الكحول بطريقة تشجع على تراكم الدهون في الكبد، مؤدية إلى بطن منفوخ.

……………………………………………………………

يصرف البالغ 100 كالوري لكل ميل يمشيه أو  يركضه، ويتطلب منه مشي ثلاثة أميال لحرق الكالوريات الموجودة في كمية600 غرام  مشروبات خفيفة.

 

ويدل القول السابق لوزارة الزراعة الأمريكية على أن الفروق المذكورة غير مهمة. ومن ضمن النقد الموجه إلى الأغذية العضوية التساؤل عن مصداقية الشهادات التي تعطى عند إنتاجها وسلامتها والمنافع الصحية لها إذا أنتجت وفق الأساليب العضوية. وتتوق صناعة الأغذية إلى إجراء أبحاث للرد على الانتقادات، إلا أنها مكلفة وصعبة الإجراء. ولكن الأبحاث الحالية في هذا المجال قد بينت أن المزارع العضوية تنتج تقريبا بقدر إنتاج المزارع التقليدية، وتستهلك طاقة أقل وتحافظ على إبقاء التربة في ظروف أفضل. كما يدخل إلى أجسام الناس الذين يأكلون الأغذية التي نمت من دون مبيدات حشرية اصطناعية (مخلّقة)، كيماويات أقل؛ وهذا فعلا ما يحصل. ولما كانت قواعد الزراعة العضوية تتطلب المعالجة المسبقة للسماد العضوي (الزبل أو الروث) واتباع خطوات أخرى لتخفيف مقادير الأحياء الممرضة في معاملات التربة، لذا يجب أن تكون الأغذية العضوية أسلم أو على الأقل بنفس مستوى سلامة الأغذية المعهودة.

 

 

[إرشادات حكومية]

 خلل هرميّ الغذاء (*********)

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/2008/5/0004.gif

 

مهما كانت أوجه الاستفادة من هرم الغذاء الذي استنبطته وزارة الزراعة الأمريكية في عام 1992 فهو على الأقل سهل الاستعمال، لأنه  دليل تغذية مألوف مثلثي الشكل يقترح الأغذية التي يجب تناولها كل يوم من المجموعات الغذائية: الحبوب، منتجات الألبان، الخضراوات والفاكهة، اللحوم والدهون، الزيوت، الحلوى.

إلا أن بديله الذي ظهر في عام 2005 وهو «هرمي» يعد كارثة. فقد بقيت،  من الأسرار، الإجراءات التي اتبعتها الوكالات الزراعية لاستبدال هرم1992 (في اليسار). وكمثال على ذلك بقي غامضا كيف أتت وزارة  الزراعة بتصميم الهرم الغذائي الجديد ليؤكد النشاطات الغذائية وهو خال من الأغذية (في اليمين).

وفقا لموظفي وزارة الزراعة، على الناس أن يحافظوا على نشاط فيزيائي ويأكلون باعتدال، معتمدين على الاختيار الشخصي للغذاء، على أن ينوعوا الأغذية ضمن الحصص الموصى بها، وأن يحافظوا على تحسين غذائهم تدريجيا. ويشير لون وعرض القطاعات في «هرمي» إلى مجموعات الغذاء والحصص، ولا توجد طريقة لمعرفة ذلك بالتفصيل إلا عبر الولوج إلى الحاسوب، والرجوع إلى الموقع (www.pyramid.gov) مع كتابة الجنس والعمر ومستوى النشاط للحصول على مخطط غذائي «شخصي» لأحد المستويات من الكالوريات.

وقد وجد الناس الراغبون في الحصول على الإرشادات من هذا الموقع، وهم بالملايين، خططا غذائية فيها كميات كبيرة من الأغذية الموصى بها، مع غياب افتراضي للنداء «خفف الأكل» أو «تجنب» بعض الأغذية. لذلك لا يدهش المرء عندما يرى النقد الموجه بشأن النفوذ القوي لمناصري صناعة المواد الغذائية. وإذا أخذنا حالتي كمثال، حيث يتوقع مني أن أتناول أربعة أكواب من الفاكهة والخضراوات، و180 غراما من الحبوب و 150 غراما من اللحم، مع ثلاثة أكواب من الحليب في اليوم،  إضافة إلى مئات من الكالوريات اختارها لتؤخذ من الأغذية الغثة. ولذا كان الهرم الغذائي 1992، مع كل الخلل الذي فيه، أقرب إلى الفهم وأسهل في الاستعمال.

وما ينقص «هرمي الغذائي» فعلا هو غياب أي فكرة عن الرغبة التغذوية في التصنيف التسلسلي الرتيب للفقرات ضمن مجموعة الغذاء الواحد. ويبدو أن التصميم الأولي ل«هرمي» في عام 2004 مشابه للنسخة النهائية مع وجود استثناء مهم واحد، هو أنه يوضح ضمن التسلسل التصنيفي اختيارات الأغذية المرغوبة. فقد وضع في قطاع الحبوب، كمثال، خبز الحبوب الكاملة في الأسفل (وهو تصنيف إيجابي) والپاستا (المعجنات) في المنتصف (وهو تصنيف وسط) والقرفة في الأعلى (تناول الأقل). وفي النسخة النهائية حذفت وزارة الزراعة الأمريكية جميع آثار التصنيف التسلسلي. ويبدو أن السبب يعود إلى أن شركات الغذاء لا تريد من الوكالات الفدرالية أن تنصح بتناول كميات أقل من منتجاتها، ويحتمل أن تكون فائدة مثل هذه التوصيات حدوث فرط وزن عند الناس.

 M. N.

 

وبالتشابه يجب أن تكون الأغذية العضوية، على الأقل، مغذية مثل الأغذية التقليدية؛ في حين تساعد البرهنة على أن الأغذية العضوية أكثر تغذوية على تبرير أسعارها المرتفعة. وهذا ليس هدفا صعبا بالنسبة إلى المعادن، لأن محتوى النباتات من المعادن يعتمد على مقدار ما يوجد منها في التربة التي تنمو فيها، فالأغذية العضوية تزرع في ترب غنية، ولذلك يكون محتواها المعدني مرتفعا.

 

ولكن يصعب إظهار الفروق بوضوح في محتواها من الکيتامينات أو مضادات الأكسدة (مواد نباتية تخفف تخرب النسج المُحدث بالجذور الحرة)، لأن المستويات المرتفعة من هذه المغذيات تتعلق بالجينات (المورثات) التي تحملها السلالة النباتية أو بحماية النبات العضوي من الظروف غير المواتية بعد عملية الحصاد أكثر من تعلقها بأسلوب إنتاجها. ولا تزال الدراسات الأولية تظهر الفوائد: منها احتواء الدراق والكمثرى المزروعين بالطريقة العضوية على كميات أعلى من الکيتامينين C و E واحتواء التوتيات العضوية والذرة على مضادات أكسدة أعلى.

 

ويحتمل أن تؤكد الأبحاث القادمة أن الأغذية العضوية تحوي مستويات أعلى من المغذيات، ومع ذلك يبقى من غير الواضح مدى التحسن الصحي الملموس الذي يمكن أن تحدثه هذه المغذيات؛ ذلك لأن جميع الفاكهة والخضراوات تحوي مغذيات مفيدة مهما تنوعت تراكيبها وتراكيزها. ومن المؤكد أن تناول عدد متنوع من الأغذية النباتية أكثر أهمية للصحة من الفروق الصغيرة في محتوى المغذيات في أي طعام مفرد. وقد تكون الأغذية العضوية ذات فائدة صحية أكبر، إلا أنها تبقى أقل ضررا للبيئة، وهذا سبب كاف لشرائها من الأسواق المركزية.

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/2008/5/0005.gif

يتناول بعض الأطفال البدناء في الولايات المتحدة 1000 كالوري في اليوم (تعادل نحو 59 مكعب سكر) من المشروبات المحلاة وحدها، وهذا يزيد قليلا على ثلاث علب من المشروبات الخفيفة وزن الواحدة 600 غرام.

 

الألبان والكالسيوم(**********)

 

لا يستطيع العلماء بسهولة حل المسائل المتعلقة بالتأثيرات الصحية للأغذية المشتقة من الألبان. فالحليب يحوي مكونات عديدة وتتأثر صحة الإنسان الذي يستهلك الحليب أو أغذية الألبان بكل شيء آخر يأكله أو يقوم به. وتعد الأبحاث الخاصة في هذا المجال مثيرة للجدل، لأنها تؤثر في صناعة تظهر بقوة أن الألبان مفيدة وتعارض أي مقترحات معاكسة.

 

تسهم أغذية الألبان بنحو 70 في المئة من الكالسيوم في الغذاء الأمريكي.  وهو معدن ضروري، لأنه مكوّن أساسي للعظام التي تتعرض خلال الاستقلاب (الأيض) الطبيعي إلى الفقدان والاسترجاع ثانية. ولذا كان من الضروري احتواء الحميات على كمية كافية من الكالسيوم ليحل مكان الكالسيوم المفقود، وإلا تغدو العظام عرضة للكسر. وينصح المختصون باستهلاك غرام واحد من الكالسيوم في اليوم على الأقل، للتعويض عن الخسارة اليومية للكالسيوم. وتعد أغذية الألبان وحدها القادرة على تأمين هذه الكمية من الكالسيوم من دون الحاجة إلى التدعيم.

 

ولكن العظام لا تتكون من الكالسيوم فقط، وإنما تحتاج لكي تحافظ على قوتها إلى مكونات مكملة من المغذيات الضرورية. وتكون العظام أقوى في الأفراد النشيطين رياضيا وغير المدخنين وغير المفرطين في شرب الكحول. وتدل الدراسات التي فحصت تأثير المغذيات المفردة في أغذية الألبان على أن بعض عوامل التغذية، مثل المغنيزيوم والبوتاسيوم والکيتامين D واللاكتوز، تعزز تثبيت الكالسيوم في العظام؛ في حين تساعد بعض العوامل على طرح الكالسيوم كالپروتين والفسفور والصوديوم. ولذا فإن قوة العظام تعتمد على محصلة تغيرات الأغذية والسلوك أكثر من كونها تعتمد ببساطة على دخل الكالسيوم.

 

وفي المجتمعات التي تستهلك عادة كمية من منتجات الألبان أقل من الكمية المثالية تظهر نسبة منخفضة من كسور العظام، على الرغم من استهلاكها كمية من الكالسيوم أقل من الموصى به. فما هي أسباب هذه الظاهرة؟ الجواب غير واضح. ولكن ربما يعود السبب إلى احتواء غذائهم على كمية أقل من الپروتين المشتق من اللحوم وأغذية الألبان، مع كمية أقل من الصوديوم من الأغذية المصنعة، وكمية فسفور أقل من المشروبات الخفيفة. ولذلك تحتفظ أجسامهم بالكالسيوم بكفاءة أفضل. وحقيقة أن توازن الكالسيوم يعتمد على عوامل متعددة، يمكن أن تفسر سبب كون معدلات «تخلخل العظام» osteoporosis (كثافة عظمية أقل) في البلاد التي يتناول معظم سكانها أغذية الألبان. ونحتاج إلى دراسات أخرى لتوضيح هذا التناقض الملاحظ.

 

إن أغذية الألبان جيدة للأكل إن كنت تحبها، ولكنها ليست من المتطلبات التغذوية. فكر في الأبقار، إنها لا تشرب الحليب بعد الفطام، ولكن عظامها تدعم جسمها الذي يزن نحو 400  كيلوغرام أو أكثر. تتغذى الأبقار على العشب، ويحوي العشب الكالسيوم بكميات صغيرة، تضاف إلى بعضها. ويمكنك الحصول على عظام صحية من دون الحاجة إلى استهلاك أغذية الألبان إذا أكلت كميات وافرة من الفاكهة والخضراوات والحبوب الكاملة.

 

 

تخفيض الوزن والمحافظة عليه (***********)

 

في الشهر3/2007، قام الباحثون [من جامعة ستانفورد] بنشر نتائج مقارنة لبرامج تخفيض الوزن، وهي دراسة تعد من أطول الدراسات التي طبقت حتى الآن وأكثرها إقناعا. وتضم الدراسة أربع حميات: ثلاث منها أوصلت واضعيها إلى الشهرة وهي «حمية أتكين» و«حمية زون»، وكلاهما تؤكدان تناول الأغذية العالية الپروتين، ثم «حمية أونيش»، وهي حمية توصي بعدم تناول معظم الأغذية الدهنية، والحمية الرابعة ليست مزخرفة، إلا أنها منخفضة الدهن، ويوصي بها معظم خبراء التغذية.

نشرت النتائج في مجلة جمعية الطب الأمريكية، وكانت مفاجأة، لأنها كما يبدو تعاكس الحكمة التقليدية، فقد هُزمت حمية الخبراء المنخفضة الدهن أمام حمية أتكين وعشائه المؤلف من قطع اللحم وإفطاره المكون من البيض ولحم الخنزير. فبعد مضي سنة على بدء تناول الحميات، تناقص وزن الناس على حمية أتكين بمتوسط أربعة كيلوغرامات ونصف الكيلوغرام، وهي حمية تدعم بصورة غير مبررة تناول الأغذية المرتفعة الپروتين والدهن كاللحوم ومنتجات الألبان للمحافظة على متبعيها متخمين؛ في حين فقد الأفراد على الحميات الأخرى ما بين كيلوغرام ونصف وسبعة كيلوغرامات (انظر الرسم البياني في الصفحة المقابلة)، مضافا إلى ذلك أن مستوى الكولستيرول لم يرتفع في الأفراد الذين يتبعون حمية أتكين على الرغم من ارتفاعه في أفراد الحميات الأخرى. وقام المراسلون الصحفيون بكتابة عناوين واضحة، «أتكين الأفضل..» في الواشنطن بوست، <أتكين< يهزم >زون> و<أورنيش> و«نصائح الحميات الأمريكية» في أسوشيتيد بريس. وانتشر الشيء نفسه في كل مكان، <أتكين> ربح المنافسة.

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/2008/5/scan0001%20copy.gif

ان اتباع حمية متغيرة (يويو) غير صحي .

إن ما قالته الصحافة في الأعلى لم يكن خطأ. إلا أن تفسيرات أخرى للنتائج اقترحها المؤلف الرئيسي لدراسة جامعة ستانفورد <Ch.كاردنر> [وهو عالم تغذية في مركز أبحاث الوقاية بستانفورد]. فقد أشار <كاردنر> إلى أن «ما ورد في دراستنا كان انخفاضا في الوزن متواضعا في مجموعات الناس الموضوعة على الحميات الأربع. وظهر في جميع المجموعات تحسن في مستويات الكولستيرول الفردية وضغط الدم والأنسولين، مع أن أيا منهم لم يتبع تماما الخطة الخاصة بحميته.» وإذا ما ابتعدنا عن الآراء السائدة المتقلبة بشأن الحميات المنخفضة الدهن، فإن باحثي ستانفورد يقدمون تأكيدا قويا لاعتقاد آخر سائد، وهو أن معظم الناس الذين يحاولون أن ينقصوا أوزانهم، متبعين أي نوع من الحميات، ينجحون، حتى لو زاد وزنهم بعد ذلك.

تتناقض هذه الاستنتاجات مع نتائج دراسة أخرى نشرها، في الشهر 4/2007 في مجلة السيكلوجي الأمريكي، باحثون في جامعة كاليفورنيا، لوس أنجلوس. فقد قاموا بتحليل 31 دراسة طويلة على الحميات، ووجدوا كما قال <كاردنر> أن معظم المشتركين في الدراسات فقدوا ما بين5 إلى 10 في المئة  من الكتلة الكلية لأجسامهم، وحققوا ذلك عند اتباعهم جميع أنواع الحميات. إلا أن معظمهم استرجع جميع ما فقد من وزن على المدى الطويل، وحتى إن بعضهم زاد وزنه أكثر مما فقد، ولم يحتفظ إلا جزء يسير من الأفراد القلائل في الإحدى والثلاثين دراسة بوزنهم المنخفض. لذا وصل الباحثون إلى استنتاج هو: كُلْ باعتدال، ومارس التمارين بانتظام (وهذا يتماشى مع الإرشادات المشابهة لعالمة التغذية <M.نستلة> في مقالتها المرافقة).

ويعتقد <كاردنر> أن إعطاء النصح التقليدي بوقف تناول الدهون في الطعام يقدم رسالة سيئة، فقد فهمها خبراء الصحة العامة بصورة خاطئة، وتابع يقول «لقد انعكس الخطأ علينا، لأن معظم الناس الذين خفضوا تناول الدهون تحولوا إلى تناول منتجات محلاة بسكر الذرة مثل المشروبات الغازية وغيرها، إضافة إلى تناول أغذية منخفضة بالألياف وغنية بالكربوهيدرات المكررة. ونتيجة لذلك استمر وباء السمنة في النمو، لأن تناول الكالوريات مستمر في الزحف نحو الأعلى، وتسيطر عليه الكربوهيدرات المكررة.

وتنصح خطة أتكين متبعيها بتقليل الاهتمام بالدهون وتناول الخضراوات والپروتين والابتعاد عن السكر والكربوهيدرات المكررة. ويقول <كاردنر> لعل الحمية المنخفضة الكربوهيدرات هي رسالة بسيطة إلى الناس على أنها أفضل من الحمية المنخفضة الدهون. ويقول: «حسنا أخبرهم عن الحمية المنخفضة الكربوهيدرات، التي يمكن تحصيلها من خلال عدم تناول واحد أو اثنين من المشروبات الخفيفة أو الامتناع عن تناول كعك محلى، وكل هذا يضاف إلى بعضه.»

ويوافق <J.هيل> [وهو سيكلوجي وعلاّمة في تخفيض الوزن] على أن مقاربة أتكين لها فعالية، حيث يقول «إن حمية أتكين طريقة عظيمة لفقد الوزن،» ويؤكد أنها «ليست بالطريقة الملائمة للمحافظة على الوزن،» ويتابع «لا توجد وسيلة يمكن بها متابعة هذه الحمية لأمد طويل.»

ولا يهتم <هيل> بمقارنة خطط حميات تخفيف الوزن ولا بوضع حمية جديدة، وكما قال «أعتقد أن حالة فقد الوزن هو شيء نجيده،» لأن أحد مناحي اهتماماته البحثية تتعلق بمتابعة الأفراد الذين خفضوا وزنهم وحافظوا عليه. كما قام <هيل> مع<R.وينك> [من جامعة براون] بتأسيس ما أسموه السجل الوطني لضبط الوزن، وذلك لجمع البيانات عن الناس الذين خفضوا وزنهم بمعدل 13.5 كيلوغرام وحافظوا عليه مدة عام. وكثير منهم فقدوا أكثر ـ متوسط الفقد هو31.5 كيلوغرام وحافظوا عليه6 سنوات.

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/2008/5/0006%5b1%5d.gif

خلافا للتوقعات، فإن أكبر انخفاض بالوزن أعطته حمية أتكين المرتفعة بالدهن، وهو انخفاض أكبر مما أعطته خطط حميات تخفيف الوزن الثلاث الأخرى السائدة.

ويقول <هيل> «إذا تأملت كيف يفقد الناس وزنهم لا تجد شيئا مشتركا على الإطلاق، ولكن إذا تأملت كيف يحافظون على انخفاض وزنهم تجد الكثير من الأشياء المشتركة.»

ويتابع <هيل> فيقول إن المفتاح هو التمارين الرياضية، «فالنشاطات هي المحرك، ولا يمكن استبدال الحد من تناول الأغذية بها.» والفكرة أنك لن تمضي بقية حياتك وأنت جائع طوال الوقت، فهذا شيء سخيف،» والناس في السجل الوطني يحصلون على متوسط نشاط فيزيائي مدة ساعة في كل يوم، مع بعض التمارين حتى 90 دقيقة في اليوم. كما  يحافظون على مستوى منخفض من الدهون في حمياتهم، نحو25 في المئة من المدخول الكالوري، وجميعهم تقريبا  يتناولون الفطور كل صباح، ويراقبون أوزانهم بانتظام.

ويضيف <هيل> قائلا «ويخبروننا عن شيئين، هما أن نوعية الحياة عالية، والحياة أجمل مما كانت من قبل،» ويحصلون عليها بالنشاط الفيزيائي ويقولون إنهم «لا يحبون فقط القيام بها، بل إنها جزء من حياتهم.»

ويعترف <هيل> بأنه يصعب تخصيص نحو الساعة أو أكثر في اليوم للتمارين، وهذا ما جعله يركز على الوقاية. وكثير من هؤلاء الناس لا يصبحون من البدناء إذا اتبعوا تمارين رياضية مدة 15 إلى20 دقيقة في اليوم. ويضيف <هيل>  أعتقد أنك تدفع ثمن بدانتك، وعليك القيام بعدد من الأنشطة حتى تعوض عن ذلك.»

المؤلف

Paul Raeburn

كاتب في العلم والسياسة والبيئة من مدينة نيويورك.

 

مناظرة حول اللحوم(************)

 

يوجه الناقدون إلى اللحوم تهمة المسؤولية عن ارتفاع كولسترول الدم الذي يترافق مع تزايد مخاطر أمراض القلب والسرطان والأمراض الأخرى. ولكن المؤيدين يقولون إنه لا يتوافر الدليل العلمي لهذه التهمة، ويؤكدون على الفوائد التغذوية لپروتين اللحم وکيتاميناته وأملاحه. وبالفعل، فإن الدراسات التي أجريت في البلدان النامية تبرهن على تحسن صحة الأطفال وهم في مرحلة النمو حتى وإن أطعموا كميات صغيرة من اللحم.

 

لكن بما أن البكتيرات الموجودة في كرش الأبقار تثبت ذرات الهيدروجين إلى الحموض الدهنية غير المشبعة، فإن دهن البقر الشديد الإشباع هو من الدهون التي تزيد من مخاطر أمراض القلب الوعائية.

 

تحتوي جميع الدهون والزيوت على بعض الحموض الدهنية المشبعة، ولكن الدهون الحيوانية، وبخاصة تلك المشتقة من البقر، تحتوي على حموض دهنية مشبعة أعلى من تلك الموجودة في الدهون النباتية. ويوصي التغذويون بعدم تناول ما يزيد على ملعقة طعام كبيرة مملوءة (نحو20  غ) من الحموض الدهنية المشبعة في اليوم. وعادة ما يصل آكلو لحم الأبقار إلى هذا الحد، أو يتجاوزونه. تحتوي أصغر شطيرة لحم بقري مع الجبنة (Cheeseburger) من مطعم «ماك دونالد» على 6 غرامات من الحموض الدهنية المشبعة، في حين تحتوي شطيرة «هارديز» الشديدة الثخانة على 45غ.

 

 

ليس الحليب؟ (*************)

هناك ملاحظة لافتة للانتباه لم يستطع علماء التغذية تفسيرها بوضوح، وبرزت من خلال بعض الدراسات الوصفية، وهي أن بعض الجماعات السكانية التي تتناول كمية أقل من منتجات الألبان الغنية بالكالسيوم، أظهرت انخفاضا في نسبة حدوث كسور الورك مقارنة بالآخرين الذين يتناولون كميات كبيرة من أغذية الألبان، مع أن حميات الجماعات السكانية السابقة تحوي كمية كالسيوم أقل من تلك التي يوصي بها الخبراء.

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/2008/5/0006%5b2%5d.gif

 

إن احتمال كون اللحوم تعزز حدوث السرطان لا يعدو كونه تخمينا. تعود بداية ربط العلماء اللحم بالسرطان إلى السبعينات من القرن العشرين. وبعد انقضاء عقود من الزمن في إجراء الأبحاث المتتابعة بقي العلماء غير متأكدين مما إذا كان العامل المؤثر هو الدهون أو الدهون المشبعة أو الپروتين أو مواد مولدة للسرطان أو شيئا آخر له علاقة باللحوم. ولكن في أواخر التسعينات استنتج الخبراء أن تناول لحم البقر يحتمل أن يزيد مخاطر سرطان القولون والمستقيم مع تعزيز أرجحية الإصابة بسرطان الثدي والپروستاته وربما بعض السرطانات الأخرى. وبالنظر إلى هذه الشكوك تقترح جمعية السرطان الأمريكية اختيار قطع لحم الهبر وبمقادير أقل مع تناول بدائل كلحم الفروج والأسماك والبقوليات ـ خطوات متوافقة مع النصيحة الأساسية الدارجة بشأن ما نأكل.

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/2008/5/0007.gif

توجد الحموض الدهنية أوميغا3-، التي يعتقد بعض الباحثين أنها تقي من أمراض القلب، في الأسماك الدهنية مثل السالمون والتروتة.

 

 

السمك وأمراض القلب(**************)

 

تعد الأسماك الدهنية أهم مصادر الحموض الدهنية الطويلة السلسلة من النوع أوميغا3-. ففي مطلع السبعينات لاحظ باحثون دانماركيون، وهم مذهولون، انخفاض نسبة الإصابة بأمراض القلب لدى السكان المحليين لجزيرة گرين لاند الذين يتناولون عادة الأسماك الدهنية والفقمة والحيتان. وعزى الباحثون هذا الفعل الواقي إلى محتوى تلك الأغذية من الحموض الدهنية أوميغا3-، وقد أكد هذه الفكرة بعض الدراسات اللاحقة، وليس جميعها.

 

إن تناول الأسماك الدهنية الكبيرة الحجم، والتي يحتمل أن يتراكم في جسمها متيل الزئبق والسموم الأخرى أثناء الافتراس، يطرح تساؤلات بشأن التوازن بين المنافع والأخطار. ولا شك في أن صناعة الأسماك تواقة للبرهنة على أن المنافع الصحية لحموض أوميغا3- تفوق أي مخاطر ناتجة من تناول السمك.

 

 

الأسواق المركزية المختارة (***************)

 

يقوم خبراء التسويق بتصميم جميع الملامح تقريبا لمخازن الأغذية ـ بدءا من مكان عرض المنتجات إلى موسيقى المزاج ـ وهدفهم رفع المبيعات إلى الحد الأعلى.

………………………………………………………..

عندما يدخل المستهلكون إلى بقالية فأول ما يصادفونه هو شيء ملون وعطري وجذاب ـ المنتجات الطازجة على سبيل المثال.

………………………………………………………..

يمر المتسوقون بالعديد من البنود المعروضة والمتراصة في الممرات المركزية الطويلة، مما يجبرهم على الشراء مباشرة.

………………………………………………………..

تدفع شركات الأغذية إلى السوق المركزي لوضع منتجاتها من الرقائق المملحة والأغذية الغثّة الأخرى، في واجهات عريضة.

………………………………………………………..

تكتظ خطوط الخروج بالحلوى والبنود الأخرى من الأغذية الغثة، كمحاولة أخيرة.

 

ويمكن تفسير الدراسات المستقلة على الحموض الدهنية أوميغا3- بصورة مختلفة. ففي عام 2004  طلبت الإدارة الوطنية للأجواء والمحيطات ـ وهي بالنسبة إلى الأسماك تكافيء وزارة الزراعة الأمريكية USDA ـ إلى معهد الطب (IOM) مراجعة الدراسات التي تبين المنافع والأخطار من جراء تناول الأغذية البحرية. وأوضحت المراجعة الرصينة للأبحاث على مخاطر أمراض القلب، مدى التحدي الذي يواجهه مثل هذا العمل في التفسير.

 

وفي الشهر 10/2006استنتج تقرير من معهد الطب IOM أن تناول أغذية البحار يخفف مخاطر أمراض القلب، ولم يؤكد التقرير أن دهون أوميغا3- هي المسؤولة، لأن الدراسات تفتقر إلى التوافق والانسجام. وفي الشهر نفسه نشر باحثون [من مدرسة هارکرد للصحة العامة] تقريرا علميا في مجلة الجمعية الطبية الأمريكية أكثر إيجابية، وذكروا في تقريرهم أن تناول كميات معتدلة من الأسماك المحتوية على أوميغا3- يؤدي إلى تقليل نسبة الوفيات من أمراض القلب بمعدل36 في المئة، وتقليل النسبة العامة للموت بمعدل 17 في المئة، وهذا يعني أن عدم تناول السمك يؤدي إلى مخاطر صحية.

 

تشرح مثل هذه الاختلافات في تفسير النتائج كيف يمكن أن يتوصل علماء مميزون إلى استنتاجات متضاربة جراء مراجعتهم الدراسات نفسها. فالمجموعتان، مثلا، لهما نظرتان متناقضتان في العمل المنشور في الشهر3/2006  في المجلة البريطانية للطب، التي لم تجد تأثيرا إجماليا لحموض أوميغا3-  في مخاطر الإصابة بأمراض القلب أو معدل الوفاة، على الرغم من أن تفاصيل أصول هذا العمل أوضحت وجود انخفاض في معدل الوفاة مقداره 14في المئة، لكن لم تكن هذه النسبة معنوية إحصائيا. فسر فريق معهد الطب IOMتلك النتيجة «غير المعنوية» على أنها دليل على الحاجة إلى الحذر، في حين رأى فريق جامعة هارکرد أن هذه البيانات متوافقة مع الدراسات التي تنص على فائدة أوميغا3-. والواقع أنه في الدراسات التي تورد نتائج متضاربة قد يكون التفسيران معقولين ومقبولين ظاهريا. ولكني شخصيا أميل إلى الحذر في مثل هذه الأحوال، وقد لا يوافقني كل شخص على ذلك.

 

تنعكس الوقائع المتضاربة على النصائح التغذوية لتناول السمك، حيث توصي جمعية القلب الأمريكية بوجوب تناول البالغين السمك الدهني بمعدل مرتين في الأسبوع. ويقول مرشد التغذية للولايات المتحدة «هناك دليل محدود يقترح وجود علاقة بين استهلاك الحموض الدهنية في الأسماك وبين تخفيف مخاطر الموت الناتج من أمراض القلب الوعائية لعامة الناس، ولذلك نحتاج إلى مزيد من الأبحاث.»

 

على أي حال مهما كان الأمر، سواء كان السمك يقي بشكل فريد من أمراض القلب أو لا، فإن أغذية البحر هي أغذية لذيذة ومصدر لكثير من المغذيات، وتناول قطعتين صغيرتين أسبوعيا من أسماك الفصائل الأقل افتراسا لا يسبب أي ضرر.

 

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/2008/5/0008.gif

ماذا تأكل: الفاكهة، الخضراوات، الحبوب الكاملة، وهي مقومات المكونات الأساسية في الحميات الصحية.

 

 

المشروبات الغازية والسمنة(****************)

 

تعد المحليات المشتقة من السكر والذرة مسؤولة عن جزء كبير من الكالوريات في الأطعمة المصادفة في الأسواق، وتأتي فعليا جميع الكالوريات الموجودة في المشروبات (الخفيفة والرياضية والعصائر) من السكر المضاف.

 

ويبين توجها وثيق العلاقة بارتفاع معدلات السمنة أن استهلاك الفرد اليومي من المشروبات المحلاة قد ارتفع بنحو 200 كالوري منذ مطلع الثمانينات. ومع أن المنطق العام يشير إلى أن هذه الزيادة قد تتعلق بزيادة وزن الجسم، فإن مصنعي المشروبات يؤكدون أن الدراسات لا تستطيع البرهان على أن المشروبات السكرية وحدها ـ مستقلة عن الكالوريات أو الأطعمة الأخرى في الحمية ـ تعزز مخاطر السمنة، ويقولون إن الدليل ظرفي تماما. ولكن أطباء الأطفال غالبا ما يرون أن الأطفال البدينين الذين يأتون إلى عياداتهم يستهلكون أكثر من 1000 كالوري في اليوم من المشروبات المحلاة فقط. كما يدعم ذلك دراسات أخرى عديدة تدل على أن الأطفال الذين يستهلكون بحكم العادة مشروبات سكرية يتناولون كالوريات أكثر ويزداد وزنهم مقارنة بالذين لا يتناولونها.

 

على أي حال، لا يزال تأثير المشروبات المحلاة في السمنة عرضة للتفسير. ففي عام 2006، مثلا، نشرت مراجعة منهجية ممولة من مصادر مستقلة أن المشروبات المحلاة تعزز السمنة عند الأطفال والبالغين؛ في حين أن مراجعة ظهرت في السنة نفسها، وممولة جزئيا من قبل جمعية تجارة المشروبات، استنتجت أن المشروبات الخفيفة ليس لها تأثير في السمنة على وجه الخصوص. وقد انتقد الباحثون الممولون من الصناعة الدراسات الحالية لكونها دراسات ذات مدى قصير وغير حاسمة، وأشاروا إلى دراسات وجدت أن الناس يخسرون الوزن عندما يستعيضون عن المشروبات المحلاة بوجباتهم المعتادة.

 

وفي الحقيقة تفرض هذه الاختلافات الحاجة إلى إعادة النظر في دعم صناعة الأغذية لهذه الأبحاث. والعديد من الباحثين منزعجون من الاقتراحات القائلة بأن الدعم المالي يؤثر في الطريقة التي تصمم وتفسر فيها الدراسات، في حين يعطي التحليل المنهجي غير ذلك. وفي عام 2007 صنف باحثون الدراسات التي تتناول تأثير المشروبات المحلاة وغيرها في الصحة وفقا للجهة الداعمة ماديا. وتبين أن الدراسات التي تدعمها الصناعة أكثر عرضة لإعطاء نتائج تصب في صالح الجهة الداعمة ماليا مما هو موجود في الدراسات المدعومة من مصادر مستقلة. ويقضي المنطق، على الرغم من أن العلماء غير قادرين على البرهنة، أن المشروبات المحلاة تسبب السمنة، وإن على أي شخص مهتم بفقد الوزن أن يستهلك أقل كمية من المشروبات المحلاة.

 

تناقش< M.نستلة> [عالمة التغذية المتميزة] المنتجات المعدّلة وراثيا والمنتجات المعرضة للإشعاعات والسياسات التي تحيط بالإرشادات الحكومية للفاكهة والخضراوات، وهو مقتبس من كتابها ماذا تأكل؟ انظر الموقع WWW.Sci.Am.com.

 

توضح الأمثلة التي ناقشتها لماذا يبدو علم التغذية متضاربا، وهذا ما يؤكد ضرورة استعمال طرائق محسنة تتوافق مع نظم الحميات، ومن دون ذلك يحتمل أن تنتهي مناقشة الأبحاث بفيض من الخلافات تمنع استمرارها. ويستمر اختلاف وجهات النظر والتركيز على الدراسات والدعايات التي تتناول مغذيا مفردا بدلا من التعامل مع أنماط الحميات المتكاملة في تأجيج النزاع. وفي انتظار أن يجد الباحثون طرائق أفضل لدراسة التغذية والصحة، تبقى مقاربتي (كُلْ أقل، وتَحرَّكْ أكثر، وكل كميات أكبر من الأغذية النباتية، وتَجَنّبْ تناول الكثير من الأغذية الغثة) منطقية وتترك لك الكثير من الفرص للاستمتاع بتناول عشائك.

 

المؤلفة

  Marion Nestle
 أستاذة تشغل كرسي <بوليت كودّارد> في قسم التغذية ودراسات الغذاء والصحة العامة، وأيضا أستاذة علم الاجتماع في جامعة نيويورك. حصلت على الدكتوراه في البيولوجيا الجزيئية والماجستير في الصحة الغذائية العامة من جامعة كاليفورنيا، بيركلي. وتركز الأستاذة <نستلة> في أبحاثها على العوامل العلمية والاجتماعية المؤثرة في اختيار الأغذية وتوصياتها. وقد ألفت كتاب سياسة الغذاء (2002 وعدّل 2007) وكتاب الغذاء السليم (2003)، وكتاب ماذا تأكل (2006). http://oloommagazine.com/Images/Articles/2008/5/scan0002.gif

  مراجع للاستزادة 

 

Low-Fat Dietary Pattern and Risk of Invasive Breast Cancer:

The Women’s Health Initiative Randomized Controlled Dietary Modification Trial. Ross L. Prentice et al. in Journal of the American Medical Association, Vol. 295, No. 6,

pages 629-642; February 8. 2006.

 

What to Eat. Marion Nestle.

North Point Press, 2006.

 

Relationship between Funding Source and Conclusion among Nutrition-Related Scientific Articles. L. I. Lesser, C. B. Ebbeling, M. Goozner, D. Wypij and D. S. Ludwig in PLoS Medicine, Vol. 4,

No. 1, article e5, pages 41-46; January 9, 2007

 

Effects of Soft Drink Consumption on Nutrition and Health:

A Systematic Review and Metaanalysis. L. R. Vartanian, M. B.

Schwartz and K. D. Brownell in American Journal of Public Health, Vol. 97,

No. 4, pages 667-675: April 2007.

 

Food Politics: How the Food Industry Influences Nutrition and Health. Revised edition.

Marion Nestle. University of California Press, 2007. 

 

(*)EATING MADE SIMPLE

(**) Nutrition Science Challenges

(***) Its the Calories

(****)OLD ADVICE STILL HOLDS TRUE

(*****)Supermarkets as Ground Zero

(******)  AS FOOD CALORIES SWELL, SO DO WAISTLINES

(*******) FOOD FACTOIDS

(********)Are Organics Healthier?

(*********) FLAWED FOOD PYRAMIDS

(**********) Dairy and Calcium

(***********) DROPPING WEIGHT….. AND KEEPING IT OFF

(************) A Meaty Debate

(*************)NOT MILK?

(**************) Fish and Heart Disease

(***************)DESIGNER SUPERMARKETS

(****************)Sodas and Obesity

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

زر الذهاب إلى الأعلى