أدوية الدنا تدخل
أدوية الدنا تدخل
حقل التجارب السريرية(*)
بعد سنوات من البدايات المتعثرة، دخلت أجيال جديدة من
اللقاحات والأدوية لڤيروس عوز (نقص) المناعة البشرية المكتسب
والإنفلونزا وبعض الأمراض المستعصية الأخرى حقل التجارب السريرية.
<P.M.مورو> – <B.D.واينر>
مفاهيم مفتاحية
كانت اللقاحات والعلاجات المحتوية على حلقات الدنا DNA تدعى الپلازميدات واعدة في العلاج والوقاية من الأمراض، ولكن الپلازميدات لم تُظهر سوى فعالية ضعيفة في اختباراتها المبكرة. إن تحسينات أجريت على الپلازميدات، وطرقا جديدة لتوصيلها أدت إلى تحسن كبير في فعاليتها. تبدي اللقاحات والعلاجات المبنية على الدنا في التجارب على الحيوان أو في مراحلها الأخيرة على الإنسان أن الپلازميدات حققت قدرتها. محررو ساينتفيك أمريكان |
بعد عشر سنوات من المواجهة التنافسية اختبر علماء من الـمعاهد الوطنية للصحة نوعين واعدين من اللقاحات الحديثة، لمعرفة أيهما يمنح الحماية الأقوى لأكثر الڤيروسات فتكا في العالم وهو ڤيروس عوز (نقص) المناعة البشرية المكتسب(1) (HIV) المسبب للإيدز(2) (AIDS). أحد هذين اللقاحين كان مكونا من حلقات الدنا DNA تدعى الپلازميدات(3) تحمل كل واحدة منها جيناgene لواحد من الپروتينات الخمسة للڤيروس HIV. وكان الهدف هو حمل الخلايا الذاتية لـمُتلقي اللقاح على تصنيع پروتينات الڤيروس على أمل أن تحرض هذه الپروتينات حدوث تفاعلات في الجهاز المناعي. وفي المقابل استخدم في تحضير اللقاح الثاني ڤيروس آخر يسمى الڤيروس الغُدِّيّadenovirus كحامل للجين HIV الذي يُكوّد للپروتين الڤيروسي. والأساس المنطقي لهذه الخلطة هو استخدام ڤيروس آمن لجلب انتباه الخلايا المناعية، في حين يُوجه رد فعلها ضد پروتين الڤيروس HIV.
لقد كان أحدنا (وهو <واينر>) يعمل على لقاحات الدنا لثماني سنوات، وكان يأمل بالحصول على دليل مهم حول قدرة الپلازميد على تحريض المناعة ضد المُمْرِض pathogen المخيف. وبدلا من ذلك، أدت نتائج الاختبار إلى خيبة أمل كبيرة للذين اعتقدوا بهذا الجيل الأول من لقاحات الدنا. فالأفراد الذين تلقوا لقاح الدنا بعض منهم تشكلت لديهم استجابات مناعية ضعيفة ضد الپروتينات الخمسة للڤيروس HIV، وآخرون لم يستجيبوا على الإطلاق، في حين تكونت لدى الأفراد الذين تلقوا اللقاح المبني على الڤيروس الغدّيّ تفاعلات مناعية قوية. وبدا هذا الڤيروس للعلماء ولباحثي شركات الأدوية المرشح الأقوى الذي يجب تطويره للحصول على لقاحات ضد الڤيروس HIV.
لم تكن النتائج مفاجئة تماما لباحثي لقاح الدنا، لأن ردود فعل ضعيفة كانت قد شوهدت في بعض التجارب السابقة. ولكن الفشل كان مخيبا للأمل؛ لأنه كانت لدينا أسباب وجيهة لتوقع أن لقاح الپلازميد آمن وفعال في آن واحد. ولقناعتهم بقوة الفكرة الأصلية عاد الباحثون إلى مخططات بحثهم محاولين إيجاد طرق لدعم فعالية هذه التقانة. والآن بدأت هذه الجهود تثمر. فقد ظهرت فعالية لقاحات من جيل جديد مبنية على الپلازميد في تجارب على الحيوان والإنسان، وذلك لأنها تستطيع تحريض ردود الفعل المطلوبة مع كونها آمنة ولتمتعها بفوائد أخرى تجعل الدنا مشجعا جدا. وتوسعت التقانة نفسها المبنية على الدنا لتشمل أشكالا أخرى من العلاج المناعي والتوصيل المباشر للأدوية. إن اللقاحات والعلاجات المعتمدة على الدنا في شكلها الناضج اكتسبت نجاحا عن طريق توجهها إلى حل العديد من الحالات التي ينقصها حاليا علاج ناجع.
فكرة جيدة في الماضي والحاضر(**)
عندما بدأ مفهوم استخدام الدنا لتحصين الناس يكتسب اهتماما في أوائل التسعينات من القرن الماضي، فإن بساطته اللافتة للنظر كانت جلية. فالمكون الرئيس للقاح – الپلازميد شكل لحمل جينات تكود لپروتين أو أكثر من پروتينات المُمْرِض – يُحرض خلايا المُستقبِل على تصنيع هذه الپروتينات، ولكنه لا يحمل تعليمات لتصنيع كامل المُمْرِض، وهكذا فإن اللقاح لا يمكن له أن يؤدي إلى المُمْرِض بحد ذاته.
[أساسيات] كيف تعمل أدوية الدنا(***) سواء كانت أدوية الدنا مخصصة للوقاية أو للعلاج، فإنها مكونة من پلازميدات – حلقات دقيقة من الدنا – مصممة لنقل جين منتخب إلى الخلايا. وبمجرد دخول الپلازميدات إلى داخلها تبدأ الخلايا بتصنيع الپروتين المكود بالجين. ففي حالة لقاح الدنا المضاد للڤيروس (الرسم التوضيحي)، تحرض الپروتينات الڤيروسية الناتجة الاستجابة المناعية التي تمنع الإصابة المستقبلية بذلك الڤيروس. تصنيع پروتينات اللقاح عندما يحقن لقاح الدنا في الجلد، فإن مكوناته تخترق أو تُعدي transfects خلايا الجلد وبعض الخلايا المناعية. وتقوم الخلايا المصابة بتصنيع پروتين الڤيروس المكود في الپلازميد الذي يدعى بالمستضد antigen. وتبتلع الكثير من الخلايا المناعية پروتينات المستضد خلال إثارتها هذه الخلايا. استجابة الخلايا المناعية تهاجر الخلايا المناعية الحاملة للمستضد، التي تعرف بالخلايا المُعرِفة للمستضد، إلى العقد اللمفاوية حيث يؤدي التفاعل مع خلايا مناعية أخرى إلى توليد أضداد (أجسام مضادة) antibodies وخلايا لمفاوية تائية قاتلة نوعية تتعرف الپروتين الڤيروسي، وتهاجم أي ڤيروس يحملها في المستقبَل. |
عندما تدخل الپلازميدات خلية عائلة host cell, وهذا ما يدعى التحول الوراثي بالعدوى(4) (الاستنقال الوراثي بالعدوى) transfection، تبدأ الآليات التي تفك رموز الدنا عادة بقراءة الجين المحمول على الپلازميد، وتقوم بتصنيع الپروتين المطلوب الذي بدوره يتحرر من الخلايا بالطريقة نفسها التي تتحرر بها أجزاء الڤيروس. وخارج الخلية تتعرف الخلايا المناعيةُ پروتيناتِ المُمْرِض النوعية كأجسام غريبة عن الجسم. وهكذا، يمكن خداع جهاز المناعة بجعله يظن أن الجسم يتعرض لعدوى، مشجعا التعرف والاستجابات المناعية على المدى البعيد ضد الپروتين الغريب. وهكذا، فإن تعرّف حلقة دنا حاملة لجين واحد يمكِّن من تحريض مناعة باستطاعتها حماية الجسم من ممرض كامل.
إضافة إلى كونها آمنة وبسيطة، فللقاحات الدنا ميزات مقارنة بأنواع اللقاحات الأخرى. فتصنيعها أسرع بكثير من بعض اللقاحات التقليدية مثل لقاح الإنفلونزا الذي يتطلب التعامل مع ڤيروسات حية وزراعتها، ويحتاج إلى أربعة أو ستة أشهر على الأقل لإنتاجه. إن الدنا بطبيعته ثابت في حرارة الوسط المحيط (من حسن حظ خلايانا)، ولذلك فإن لقاحات الدنا لا تحتاج تبريدا مستمرا، وهذا أمر يستدعي الاهتمام خلال نقل وتخزين لقاحات عديدة.
ومن وجهة نظر مصمم الـلقاحات، فإن الدنا له ميزة أخرى أدت دورا كبيرا في السنوات الأخيرة في إعادة الاهتمام بهذه التقانة. فالجهاز المناعي لا يتعامل مع الپلازميدات كأجسام غريبة – لأنها في النهاية مكونة من الدنا – ومن ثَمّ فإن اللقاح من الناحية التقنية لا يحرض أي ردة فعل مناعية. فالپروتين المكوَّد في جين الپلازميد فقط يقوم بالاستحواذ على انتباه حُراس المناعة حالما بُني بالخلايا، فهذا يعني أن الپلازميد يمكن استخدامه مرات عديدة في المستقبِل نفسه لتوصيل جينات مختلفة دون خوف من أن يُكوّن الجسم مناعة ضد حامل الدنا ويهاجم اللقاح بحد ذاته.
لسوء الحظ، فإن الاستجابات المناعية الضعيفة التي ظهرت عند اختبار لقاحات الدنا المبكرة كانت شَرَكا لا يستهان به. ويبدو أن الأسباب الأساسية لهذه الإخفاقات هي أن پلازميدات اللقاح لم تكن تستطيع الولوج في عدد كاف من الخلايا، وفي الأماكن التي ولجت فيها فإن الخلايا لم تكن تنتج كميات كافية من الپروتينات المكوّدة. ومن ثَمّ، فإن الجهاز المناعي لم يكن يُحرَّض بشكل كاف.
أما التقانة المنافسة، فكان من المتوقع لها أن تواجه صعوبات أكبر. ومع ذلك، ففي عام 2007 قامت شركة الدواء ميرك Merck بإطــلاق تجربة واسعة للقاح مضاد للڤيروس HIV استخدم ڤيروسا غديا يدعى أدهو 5 AdHu5 لتوصيل جينات للڤيروس HIV. وفي ضوء الاستجابات المناعية القوية التي شوهدت في التجارب السابقة على الڤيروس الغدي، فإن آمالا كبيرة أحاطت بداية هذه التجربة التي سميت التجربة ستيپ STEP. وأُعْطي تقريبا لـ3000 شخص خالٍ من الڤيروس HIV اللقاح أو حقنة غُفل (عديمة الفعالية) placebo.
[التطور] دعم قوة الدنا(****) جددت التقانات التي تزيد فعالية اللقاحات والعلاجات المبنية على الپلازميد الأمل بنجاح المقاربة باستخدام الدنا. فالتحسينات التي أدخلت تزيد من امتصاص الخلايا للپلازميدات، وتزيد من إنتاج الپروتينات المكوَّدة في الپلازميدات، وتحفز استجابات الجهاز المناعي لهذه الپروتينات. الوصول المعزز الحقن من دون إبرة
جهاز التثقيب الكهربائي
تصميم الپلازميد المُحسن يمكن التعبير عن التعليمات الخاصة بتصنيع پروتين مكود بجين پلازميدي باستخدام تتاليات مختلفة من «حروف» الدنا، ولكن استخدام بعض التتاليات يمكن أن يزيد كمية الپروتين الذي تصنعه الخلية. تحريض مناعي مُحسَّن إن المواد المحرضة للخلايا المناعية التي تدعى مساعِدات adjuvants يمكن تكويدها بإضافة جينات إلى الپلازميدات. وإلى جانب المستضدات تحفز المساعدات الاستجابات المناعية لمستضدات اللقاح. |
ومع تقدم التجربة ظهر فرق مزعج بين المجموعتين، فالأشخاص الذين تلقوا اللقاح لم يكونوا محميين بصورة أفضل من الذين تلقوا الجرعة الغفل، وتبين أنهم أكثر عرضة للإصابة بالڤيروس HIV. وقد بَيَّن سجل مبكر للتجربة أن 49رجلا من أصل 914 في مجموعة اللقاح أصبحوا مصابين بالڤيروس HIV، في حين أصيب 33 رجلا من أصل 922 في المجموعة التي تلقت الجرعة الغفل. وفي صيف 2009 تقرر إيقاف التجربة ستيپ بعد ظهور هذه النتائج. ومازالت البيانات تخضع للتحليل بهدف إيجاد تفسير لما حصل، ولكن توجد أدلة تشير إلى أن وجود حاملين أصحاء للڤيروس «أدهو5» قد يكون عاملا مربكا. فعند الأشخاص الذين لديهم مناعة سابقة للڤيروس أدهو5، وهو ڤيروس يسبب الزكام، فإن الجهاز المناعي يهاجم اللقاح نفسه. ولكن لماذا أصبح بعض الأشخاص الذين تلقوا اللقاح أكثر استعدادا للإصابة بالڤيروس HIV، فذلك أمر غير واضح بعد.
الولادة الجديدة للدنا(*****)
وخلال السنوات التي سبقت التجربة ستيپ كان الباحثون المقتنعون بإمكانية تطوير مشروع العلاج بالدنا يعملون على تطوير حلول للمشكلات المعقدة التي أعاقت لقاحات الپلازميد من الجيل الأول. وقد ركزت هذه الجهود على تقوية جميع مظاهر فعالية الپلازميدات بما في ذلك الطرق الحديثة لإدخالها إلى الخلايا، وإضافات إلى اللقاحات التي تحفز استجابة الجهاز المناعي للپروتينات المكوّدة في اللقاح.
إن الطرق الجديدة لإيصال اللقاح هي من بين الإنجازات الأكثر أهمية التي يتوقع صدورها عن هذا العمل، لأنها تستطيع تجنيد عدد كبير جدا من الخلايا – بما فيها الخلايا المناعية – لامتصاص الپلازميدات. مثلا، اللصاقات الجلدية والأنظمة الأخرى التي لاتعتمد الحَقْن بالإبر(5) مثل البندقية الجينية(6) وجهاز الحقن الحيوي التلقائي bioject الذي يعتمد على الهواء المضغوط لحقن اللقاح، تقوم جميعها بإيصال الپلازميدات إلى الجلد بتركيز عال حيث توجد الخلايا الحارسة المناعية التي تدعى خلايا مُعرِّفة للمستضد antigen-presenting cells. وهذه الوسائل تدفع الپلازميدات فيزيائيا إلى داخل الكثير من الخلايا مقارنة بطريقة إبر الحقن. وللوصول إلى نتائج مماثلة باستخدام إبر الحقن في العضل أو تحت الجلد يمكن إتباع الحقنة باستخدام تقنية التثقيب الكهربائيelectroporation، وهي مجموعة من النبضات الكهربائية تسبب – مؤقتا – فتح منافذ في جدران الخلايا لتسمح للپلازميدات بالدخول إليها بسهولة أكبر.
ويمكن للتثقيب الكهربائي أن يزيد امتصاص الخلايا للپلازميدات إلى مدى ألف مرة. وقد حُسِّنت تراكيب الجين – الپلازميد من خلال تقنيات عدة تُغير تتالي الدنا في الجين المحمول. إن إمثال الكودون codon optimization يتضمن عرضه التعليمات الوراثية بحيث تستطيع الخلايا تنفيذها بسرعة أكبر. وفي الكود الجيني genetic code، تتحدد الأحماض الأمينية البانية لكتل الپروتين بمجموعات من ثلاثة أحرف دنا تُشكل الكودون. فبعض الأحماض الأمينية يُحددها أكثر من كودون، ولكن الخلايا عادة تفضل واحدا من هذه الكودونات المترادفة، وتترجمه بفعالية أكبر من الكودونات الأخرى. وهكذا، فاختيار الكودونات المثالية يزيد من إنتاج الخلية للپروتين المطلوب. والمراجعات الإضافية لتتالي الجين تُحسن ثبات ودقة نسخ الجين للرنا RNA المرسال الذي تقرؤه الخلية حين تصنع الپروتين.
إن ما يسمى التتالي القائد الذي يوجد قرب بداية كل جين هو التتالي الأول الذي تترجمه الخلية كبدايات في تصنيع جزيء الپروتين، كما أنّ تحسين تتالي الجين القائد يمكن أن يزيد ثبات جزيئات الپروتين النهائية. وبعض التتاليات القائدة تستطيع تعليم پروتين ما على أنه الپروتين الذي يجب أن تفرزه الخلية، وهذا أمر مرغوب فيه لأنه يسمح للخلايا المناعية بلقاء الپروتينات الغريبة داخل وخارج الخلايا المستنقَلة (المحورة وراثيا بالڤيروس). وكلتا الحالتين تحرضان أنواعا مختلفة قليلا من الاستجابة المناعية، ويؤدي اتحادهما إلى تحفيز المناعة التي سببها اللقاح بالكامل.
يتضمن التحسين المهم الأخير موادّ تدعى مساعِدات adjuvants، وهي تضاف عادة إلى اللقاحات التقليدية لدعم استجابات الجهاز المناعي. وفي بعض الحالات يستطيع المساعِد أن يقود الجهاز المناعي باتجاه استجابة واحدة على حساب الأخرى عند الرغبة في ذلك، وهكذا يشجع إنتاجا أكبر للخلايا التائية T cells التي تقوم بالبحث عن الخلايا المصابة بالمُمْرِض وقتلها، وذلك بعكس الإنتاج الأكبر لپروتينات الأضداد antibodies التي تحاول منع المُمْرِض من دخول الخلايا. فمثلا أبدت مادة كيميائية تدعى ڤاكسفكتن vaxfectin قدرتها على زيادة استجابة الأضداد للقاح الدنا الموجه ضد الإنفلونزا 200 مرة. ويستعمل مساعِد آخر هو الريسيكيمود resiquimod مع بعض لقاحات الدنا الأخرى لتحريض تفاعل مناعي قوي يتضمن تفعيل كلٍّ من الخلايا التائية والأضداد.
وهناك تقانة مغرية أخرى مبنية على الدنا، وفيها عوضا عن إضافة مساعدات إلى تركيبة اللقاح النهائية، والتي تسبب أحيانا بعض المتاعب المتعلقة بالحفاظ على استحلاب مناسب أو ثبات المركب، يمكن للمصممين إدخال جين لجزيء المساعد مباشرة في تركيب الپلازميد المخصص للقاح. وعندها تقوم الخلايا التي تمتص الپلازميدات بتصنيع المساعد المكوَّد، إضافة إلى پروتينات اللقاح. وعند إضافة الجين المكود للمساعدات إلى لقاحات الدنا، أو حتى عند تحسين الپلازميد المذكور آنفا، فإن المساعد يمكنه زيادة الاستجابات المناعية خمس مرات أو أكثر.
هذه اللقاحات الپلازميدية المصممة هي صيحة جديدة مقارنة بالتركيبات الپروتينية المكودة البسيطة في السنوات المبكرة لمشروع الدنا. فالتقانة بواسطة الپلازميدات وطرق التوصيل المُحسنة كانت جاهزة لعودة مجددة عند بداية التجربة ستيپ. إضافة إلى ذلك، بدت المقاربة باستخدام تقانة الدنا، واعدةًََ من حيث الاستخدام في أمور تجاوزت اللقاحات التقليدية، ومنها توصيل بعض الأدوية باستخدام الپلازميد، والعلاجات المناعية للسرطان.
تقانة متعددة الأهداف(******)
إن القدرة على توصيل الجينات إلى داخل الخلايا بأمان، وجعل هذه الخلايا تصنع الپروتينات المكودة بكفاءة، تفتح آفاقا للعديد من العلاجات الممكنة. وفي الواقع نجد أن كثيرا من العلاجات المبنية على تقانة الدنا قد سبقت لقاحات الدنا في سباق الاستخدام السريري الواسع. وبخلاف الأدوية التقليدية التي تتكون عادةً من جزيئات كيميائية صغيرة، تُوصِل علاجات الدنا جينا لعلاج حالة مرضية. وبشكل مغاير للعلاج الجيني التقليدي، فإن الپلازميد لا يندمج بشكل دائم في الجينوم genome الخلوي لمتلقي العلاج، أو يبقى دائما في الخلايا، الذي يُجنب التعقيدات التي أعاقت تطور العلاجات الجينية.
وكما هو الحال مع التقانات الحديثة، فإن النجاحات المبكرة للعلاجات المبنية على الپلازميد كانت على الحيوانات. ومثال ذلك الدواء المصرح باستخدامه عند الخنازير للوقاية من الإجهاض. يدخل الپلازميد إلى إناث الخنازير الحوامل بتقانة التثقيب الكهربائي للخلايا التي تقوم بدورها بتصنيع هرمون (الهرمون المحرر لهرمون النمو(7)) يقوم بدعم بقاء الأجنة في الرحم على قيد الحياة. جزئيا، إن نجاح هذا العلاج مثير لأنه يتطلب حقنة وحيدة ليعمل في هذا الحيوان الكبير الحجم، وهذا يبشر بالخير للاستخدامات البشرية.
حاليا، مازال العديد من التجارب الكبيرة لعلاجات الدنا على البشر قيد الاختبار (انظر الجدول في هذه الصفحة)، وتشمل علاجا يوصل جينات لپروتينات تدعى عوامل النمو growth factors، حيث تُجند الخلايا الجذعية لعلاج قصور القلب الاحتقاني. وآخر يستخدم پلازميدا يكود لعامل نمو يدعى عامل النمو الشبيه بالأنسولين IGF-1 يعالج فشل النمو في المرضى المصابين بعوز المناعة المركب الشديد المرتبط بالصبغي X. وتوجد تجربة ثالثة تتعلق بمشكلة دوران الدم التي يمكن أن يكون علاجها صعبا إلى حد كبير، وهي النقص الحرج لـتروية الطرف بالدم limb ischemia. ويوصل هذا العلاج عواملُ مكوَّدة في الپلازميد تحرض الأوعية الدموية الجديدة على النمو، وذلك على أمل الوقاية من بتر الأطراف.
إيضاح إمكانات الدنا(*******) إن العلاجات واللقاحات المبنية على الپلازميد هي قيد الدراسة في الإنسان لَطيْفٍ واسع من الاعتلالات، وبعضها سُمح باستخدامه على الحيوان. ويُبين الجدول التالي مختارات من بعض الأمراض المعالجة بمنتجات في تجارب سريرية بشرية أو بمركبات سُوقت من قبل لعلاج الحيوانات.
|
وهناك فئة أخرى من العلاجات تعرف بالعلاج المناعي الحيوي المبني على الدنا(8)، وفيها مشاركة بين أفضل وجوه العلاج بالدنا واللقاحات، وذلك بإيصال جين يحث الجسم على رفع استجابته المناعية لمرض موجود، مثل ورم أو التهاب ڤيروسي مزمن. وإحدى التجارب المبكرة استخدمت پروتينات ڤيروسية مكودة في الدنا لتحدث هجمات تقوم بها الخلايا المناعية على أورام يسببها ڤيروس الورم الحليمي البشري(9) (HPV). وقد بينت النتائج الأولية لهذه التجربة مثلا أن نصف الذين تلقوا العلاج جندوا خلايا تائية كاستجابة مناعية ضد پروتينات الڤيروس HPV، وشكّل أكثر من 90% منهم أضدادا بتراكيز عالية. وتختبر تجربة حالية أخرى العلاج المناعي بالدنا ضد ڤيروس التهاب الكبد C. إن النتائج البدائية للتجربتين ذات أهمية لأنه لا توجد علاجات مناعية متوفرة حاليا لأورام الڤيروس HPV أو التهاب الكبد C.
وفي هذا المجال، فإن التطبيقات البيطرية سبقت مرة أخرى الدراسات البشرية، فهناك علاج ناجح مبني على الدنا، للملانوم melanoma عند الكلاب، يثير فضول الباحثين المهتمين بالسرطان لدى الإنسان. فعلاج ورم الملانوم الخبيث لدى الكلاب الذي صنعته شركة ميريال Merial يزيد مدة بقاء الكلاب المصابة بالملانوم المتقدم ستة أضعاف مقارنة بالكلاب التي لم تعالج. وهذا العلاج المناعي الحيوي المبني على الدنا يوثق إمكانات الجيل الجديد من مشاريع الدنا في النجاح حيث لم تفلح المقاربات السابقة.
عودة إلى المستقبل(********)
خلال السنوات العشر السابقة أجريت اثنتا عشرة تجربة سريرية باستخدام العلاجات المناعية واللقاحات، وبعضها مازال مستمرا. وتبين أنواع الپلازميد أن في لقاحات الإنفلونزا بعض فوائد مقاربة الدنا(10) المجربة. فلقاح الإنفلونزا الذي طوره فريق أبحاثنا ويُخْتَبر الآن من خلال تجارب أولية على البشر أثبتت فعاليته في الحماية من سلالات الإنفلونزا الشائعة، ومن ڤيروس إنفلونرا الطيور الخطير H5N1 الذي أصاب مئات من البشر. واللقاح قادر على توفير هذه الحماية الواسعة لأن الپلازميدات تحتوي على ما ندعوه توافق تتاليات جينات ڤيروس الإنفلونزا(11)، وهذا يعني أن الپروتينات الڤيروسية الناتجة تشبه تلك الموجودة في العديد من ڤيروسات الإنفلونزا. إن مثل هذا اللقاح يمكن أن يُنهي عدم التوافق بين لقاحات الإنفلونزا الموسمية وسلالات ڤيروسات الإنفلونزا التي تظهر كل عام.
وبالطبع، فإن سلالة ڤيروس الإنفلونزا الجديدة H1N1 التي بدت عام 2009وكأنها ستسبب وباءً عالميا، سلطت الضوء على الحاجة الماسة إلى مقاربة جديدة للمشكلة من خلال اللقاح. وفي الشهر 5/2009، وخلال أسبوعين حَضّرت شركة الدواء ڤيكال Vical لقاحا تجريبيا بتقانة الدنا ضد الڤيروس H1N1. ولو أن هذا اللقاح قد جُرب وصُرح باستخدامه مسبقا، لكان بالإمكان تصنيعه بكميات كبيرة قبل شهرين على الأقل من توفر اللقاح المعياري. وهو يختبر الآن في تجارب على البشر في مراحلها المبكرة، ويبدو أن النتائج مشجعة.
إن القدرة الكامنة في علاجات ولقاحات الدنا على استهداف الأمراض التي ليس لها حلول فعالة بديلة قد أعادت الدنا ثانية إلى حلبة السباق في مجال لقاحات الڤيروس HIV. أحد هذه اللقاحات الذي يختبر الآن في تجارب على الإنسان هو اللقاح پنڤاكس(12) B- الذي يحتوي على ثلاثة جينات لـلڤيروسHIV، إضافة إلى جينات مكودة لجزيئات مُساعدة، ويُعطى مع استخدام التثقيب الكهربائي. ويتم كذلك اختبار لقاحين آخرين ضمن استراتيجية تستخدم الپلازميدات لتدريب الخلايا المناعية على تعرف پروتينات الڤيروسHIV، ثم يُتبع بلقاح من نوع آخر يرفع الاستجابة المناعية المبكرة إلى مستويات أعلى. وأحدها جيوڤاكس GeoVax ويُعطى مع لقاح مبني على ڤيروس يُدعى ڤاكسينيا أنكارا vaccinia Ankara كداعم له. ويقوم الآن مركز أبحاث اللقاحات بالمعاهد الوطنية للصحة بمفارقة عجيبة وذلك باختبار نوع مختلف من لقاح الڤيروس HIV المبني على الدنا مع أحد اللقاحين للڤيروس HIV المبنيين على الڤيروس الغدّي كداعمين.
إن حقيقة كون العديد من لقاحات وعلاجات الدنا قيد الاستعمال على الحيوان، وفي المراحل الأخيرة للتجارب على البشر تتعلق بأمراض يصعب علاجها، تؤكد إلى أي درجة من التطور وصلت تقانة الپلازميد. وقد جلب تطور مؤثر في هذا الحقل خلال العقد الأخير، بعضَ اللقاحات والعلاجات الأكثر إبداعا حتى الآن إلى الأبحاث التجريبية التي أجريت لتحسين صحة البشر. وبهذا الشأن، ليس بإمكان الذين رعوا هذه التقانة من بيننا منذ طفولتها، إلا أن يفخروا بأنها تجاوزت مرحلة الطفولة الصعبة ويمكنها التطلع إلى مستقبل مشرق.
المؤلفان
David B. Weiner – Matthew P. Morrow | ||
يعملان معا في جامعة پنسلڤانيا، حيث يشغل <مورو> منصب زميل أبحاث لمرحلة الاختصاص. قادته أبحاثه على الڤيروس HIV لمدة 10 سنوات تقريبا إلى التركيز حاليا على لقاح الدنا والعلاجات المناعية.
أما <واينر> فهو أستاذ طب وأمراض، ومسؤول عن البرنامج الجامعي للاختصاص في اللقاحات والعلاج الجيني. وهو أحد رواد تقانة لقاح الدنا، وهو أول من أوصل اللقاحات الأولى المبنية على الپلازميد إلى الدراسات السريرية، وكان مستشارا لمنظمة الغذاء والدواء FDA وللعديد من شركات اللقاح والأدوية التي تنتج أدوية مبنية على تقانة الپلازميد. |
مراجع للاستزادة
DNA Vaccines for HIV: Challenges and Opportunities. David A. Hokey and David B. Weiner in Springer Seminars in Immunopathology, Vol. 28. No. 3, pages 267-279; November 2006.
DNA Vaccines: Precision Tools for Activating Effective Immunity against Cancer. Jason Rice et al. in Nature Reviews Cancer, Vol. 8, No. 2, pages 108-120; February 2008.
Electroporation of Synthetic DNA Antigens Offers Protection in Nonhuman Primates Challenged with Highly Pathogenic Avian Influenza Virus. Dominick J. Laddy et al. in Journal of Virology, Vol. 83, No. 9, pages 4624-4630; May 2009.
(*)العنوان الأصلي: أدوية الدنا تبلغ سِنَّ الرشد DNA DRUGS COME OF AGE
(**)A Good Idea, Then And Now
(****)BOOSTING DNA’S POWER
(*****)The Rebirth Of DNA
(******)A Multipurpose Technology
(*******)DEMONSTRATING THE POTENTIAL OF DNA
(********)Back To The Future
(*********)DNA DRUGS COME OF AGE
(**********)Back To The Future
(1) the human immunodeficiency virus
(2) متلازمة العوز المناعي المكتسب acquired immunodeficiency syndrom
(3) plasmids
(4) أو الخمج.
(5) needle – free
(6) gene gun
(7) growth hormone – releasing hormine
(8) DNA biological immunotherapy
(9) the human papillomavirus
(10) the DNA approach
(11) consensus sequences of flu virus genes
(12) Pennvax-B