بعد الطوفان
بعد الطوفان(*)
سلسلة متلاحقة حديثة من موجات الجفاف والفيضانات والحر الشديد دفعت
زعماء المدن والولايات إلى اتخاذ خطوات جريئة لحماية الناس وممتلكاتهم.
<A .J. كاري>
باختصار
محبطة من الجمود السياسي في واشنطن العاصمة حول سياسة تغير المناخ، تقوم المدن والولايات بتغييرالبنية التحتية من تلقاء نفسها لمقاومة الظروف المناخية الشديدة التي تقضي على المزيد من الناس وتدمر المزيد من الممتلكات. فقد كشفت مدينة دوبوك بولاية آيوا، مجرى مدفونا للحد من اجتياح الفيضانات العاصفة. ويجري في نيڤادا الجنوبية حفر أنابيب مآخذ جديدة تحت بحيرة Mead لمكافحة الجفاف. ويجري في مدينة Keene، بنيوهامبشاير فرش الطرقات بحجارة رصف نفوذة تسمح للأمطار الغزيرة بالتسرب من خلالها بدلا من أن تجري فوقها. وإنّ أنجح خطط التأقلم مع تغيّر المناخ هي التي تصممها البلديات لأنّ الحلول يجب أن تكون مصمّمة للمشكلات المحلية، ولكن توفير الدعم اللازم لهذه الخطط، يحتاج في غالب الأحيان إلى قادة شجعان. |
لقرن من الزمن كان العمال يتجمعون حول مدينة دوبوك، في ولاية آيوا. وكلما كانت تتزايد أعداد الأجيال الجديدة من العمال، كانوا يبنون منازل ومحلات تجارية وشوارع غطت في آخر الأمر المجرى المائي Bee Branch Creek، حيث كانت مياهه تتدفق من خلال أنابيب تحت أرضية بعيدة إلى حد كبير عن الأنظار والذاكرة.
حتى جاء موسم الأمطار. ففي يوم 16/5/1999، وفي غضون 24 ساعة هطل 5.6 بوصة من الأمطار أدت إلى فيضان أنابيب المجاري والبالوعات، وتطاير أغطية غرف التفتيش، وتحويل الشوارع إلى أنهار عميقة جارفة غمرت مئات المنازل والمحلات التجارية.
وفي اجتماع سكان الحي الذي عُقِد بعد بضعة أسابيع من الفيضان، يعيد عمدة المدينة <R. بيول> إلى الذاكرة قوله: «إنّ الجميع كان مستاء.» وبحلول عام 2001 وضعت المدينة خطة رئيسية لحل مخاطر الفيضانات، وذلك بإعادة المجرى المغطى إلى مجرى مفتوح ذي ضفاف متدرجة يمكنها التعامل مع مياه الفيضانات. وبطبيعة الحال، فإنّ ذلك سيتطلب هدم عشرات المنازل. ولكنّ هذه الخطة «لم تكن مقبولة،» حسب قول <D. مويهرينك>، المهندس المدني في المدينة. وتوقف التخطيط فجأة عن العمل.
وبعد ذلك، في الشهر 6/2002 وعلى مدى يومين، هطل أكثر من ست بوصات من الأمطار، ممّا دفع مياه العواصف إلى العودة مرة أخرى إلى المنازل والمباني نفسها التي كان قد تم تجديدها بمشقة. وهذا ما ساعد على كسر الجمود السياسي وجعل قادة المدينة يُجمعون على تنفيذ خطة بلغت تكاليفها 21 مليون دولار لإعادة بناء الجوار، مما تطلب هدم منازل وإضافة حديقة خضراء مع مجرى مائي فيها وبركتين لاحتجاز المياه. ولم يقتصر اتخاذ قرارهم على الكلام حول تغير المناخ أو الحاجة إلى إنقاذ كوكب الأرض من أجل الأجيال القادمة. لقد سئم السكان من هذا الوضع، وازداد قلق القادةِ المحليين من تدهور أوضاع الحي باستمرار. وقد بدأت المدينة بشراء 74 ملكية خاصة وجرى تجديد وتحديث آخر فيها بعد فيضان عام 2010. واستعاد المهندسون نحو 2000 قدم من المجرى المائي Bee Branch Creek. وعند الانتهاء من المشروع في عام 2013، ستكون المدينة قادرة على الصمود أمام فيضانات متكررة قد تنتج من هطل 10 بوصات أو أكثر من الأمطار تلك التي هطلت في الشهر 7/2011، وسببت أضرارا قُدِّرت بعدة ملايين من الدولارات.
تشكل نشاطات مدينة دوبوك المتوقفة صورة مصغرة لقصة كبيرة تتجلى عبر سياسات الولايات المتحدة الفيدرالية حول مقاومة تغير المناخ، ويتهم بعضُ أعضاء الكونگرس العلماءَ باختلاق الموضوع بأكمله. ولكن المدن والبلدات وسلطات المياه، ووكالات النقل وغيرها من الكيانات المحلية لا ترغب في مناقشة حقيقة حدوث تغير مناخي: إنهم يتفاعلون الآن مع الحدث. وكما يحصل في مدينة دوبوك، فإنهم يواجهون بالفعل موجات لم يسبق لها مثيل من الفيضانات والجفاف والحر وارتفاع منسوب مياه البحار والموت والدمار، ومن المتوقع وقوع جميع هذه الأحداث. «فيجب علينا أن نكون جادين في التأقلم مع تغير المناخ» حسب قول <R. هوگ>، نائب (سناتور) ولاية آيوا.
وبالفعل فإن نحو 16 ولاية من الولايات المتحدة لديها خطط للتأقلم مع تغير المناخ أو أنها تقوم بتطويرها، وذلك وفقا لمركز المناخ في مدينة جورج تاون بواشنطن العاصمة، الذي يعمل مع هذه الولايات. ومع أنّ أحدا لم يسجل أرقاما دقيقةً، فإن مئات من المجتمعات المحلية والوكالات بدأت تتفاعل مع الظروف المناخية الشديدة المتزايدة. أمّا هؤلاء الذين لم يبدؤوا التفاعل مع تلك الظروف «فما زالوا يقومون بأعمالهم كالمعتاد مع غُمّامات على أعينهم» حسب قول <M. إنجيرت> [مخطط المدينة] الذي ساعد على تطوير خطط مدينة Keene.
أفراد شجعان(**)
وترتبط المشكلة الناجمة عن جهود التأقلم مع المناخ بعدة أفكار مشتركة. وأولى هذه الأفكار هو تركيز الاهتمام فقط على المنازل التي أغرقتها المياه أو الخزانات الخالية من المياه في مجتمع من المجتمعات. وحتى في مدينة دوبوك، بولاية آيوا المحافظة(1)، فإنّ الحجة القائلة إنّ تغير المناخ هو مجرد خدعة، قد تضاءلت طالما أنّ الفيضانات حافظت على حدوثها. ويتساءل العمدة <R. بيول>: «كم هو عدد أحداث الـ 500 سنة التي تحدث كل بضع سنوات قبل أن يدرك المرء أنّ شيئا ما يبدأ بالتغيّر؟»، ويتابع: «سواء أسهم الإنسان في هذه الأحداث أم لم يسهم، فإنّ المناخ يتغير بوتيرة أسرع من أي وقت في التاريخ.»
طريق مسدود: الفيضانات المماثلة لفيضان نهر ديلاوير تجبر المدن على وضع خطة لأحوال الطقس الشديدة. |
أمّا الفكرة الثانية فهي أنّ «كل تأقلم مع المناخ هو تأقلم محلي»، كما بيّن <M. سيمپسون> [رئيس الدراسات البيئية في جامعة Antioch]. ويجب أن تكون استجابة منطقة خليج سان فرانسيسكو لارتفاع منسوب مياه البحار التي تهدد المطارات والموانئ البحرية والمجتمعات الساحلية، مختلفة بوضوح عن خطة شيكاغو لبناء أسقف «مزروعة بالنباتات» وزراعة أشجار وإقامة رصيف «بارد» لتخفيض درجات حرارته. وبالتأكيد قد تؤدي الجهود الوطنية والإقليمية دورا مهما. ولكن التأقلم مع المشكلات المحلية يعتمد على «الأفراد الشجعان» الذين يتحملون مسؤولية التحـدي، حســب قــول <S. موزر>، مستشارة التأقلم مع المناخ وأحد أعضاء الإدارة في جامعة ستانفورد.
إنّ عمل هؤلاء الأفراد مصمّم لهم بسبب ترابط عناصر الأحداث الأخيرة، فالتأقلم مع المناخ صعب بمكان. «فهو، حسب قول السناتور <R. هوگ>، لا يشكل أولوية بالنسبة إلى الناس». وعملية التخطيط نفسها تمثّل تحديا لأنها يجب أن تجمع بين أطراف متعددة. حتى عند توفر إمكانية لاتخاذ خطوات فعالة، فإن الخطط غالبا ما تصادف في كثير من الأحيان عوائق مالية أو سياسية أو تنظيمية. والتأقلم مع المناخ أصعب عندما تكون التهديدات غير مؤكدة. ومع أن تنويع إمدادات المياه في مواجهة حالات جفاف متوقعة – مثل ما تقوم به مصلحة مياه مدينة دنڤر بولاية كولورادو – يبدو واضحا؛ إلا أن الأقل وضوحا هو كيفية التأقلم، مثلا، مع تلف المحاصيل على نطاق واسع كما في ولايتي تكساس وأوكلاهوما.
إنّ التعقيدات توضح أسباب الاستجابات المتفاوتة. فمن جهة «حققنــا تقدمـا مذهــلا في فتــرة قصيــرة نسبيا»، حســب قـول <S. آدامز>، المدير التنفيذي للمؤسسة Climate Leadership (قيادة المناخ) في مدينة يوجين بولاية أوريگون. وثمة بعض الأمثلة: تقوم سلطة مياه جنوب ولاية نيڤادا بحفر شبكة أعمق لمآخذ المياه قيمتها 700 مليون دولار – تحت بحيرة ميد Mead بغية استمرار تدفق المياه إلى وادي لاس ڤيگاس عند انخفاض مناسيب مياه البحيرة تحت المأخذين(2) الحاليين، الذي من المرجح حدوثه قريبا. أمّا مدينة تورونتو فقد أقامت شبكة جديدة من أحواض مياه الأمطار والمجاري ردا على سلسلة من الفيضانات الشديدة الأخيرة. بينما تقوم ولاية ماريلاند حاليا ببناء سدود أعلى لكسب أراض يمكن أن تقوم بمهمة مصدات ضد ارتفاع مستوى سطح البحر وهبوب العواصف.
أمّا ولاية فيرمونت فتعاني أضرارا لم يسبق لها مثيل من «إعصار إيرين» وتخطط لتعيد البناء من جديد بصورة أفضل وأكثر مناعة. لقد «كنا قبل ذلك نغيّر نظمنا وقواعدنا ومعاييرنا لجعل بنيتنا التحتية أكثر استجابة لتغيّر الأحوال الجوية مع تغير المناخ العالمي»، حسب قول <G. كامبولي> [مديرة السياسة البيئية في وكالة النقل بفيرمونت]، وتتابع: «وهذا بالضبط ما نفعله الآن. ولا يمكننا أن نؤجّل الأمور بالطريقة نفسها إذا ضربت الأعاصير مرة أخرى. وهنا كسبنا الرهان.»
ومن جهة أخرى، فإن هذه التطورات المثيرة لم تفعل شيئا يذكر لما هو مطلوب. فقد أشارت <موزر> إلى أنّ نسبة ضئيلة فقط من المجتمعات المحلية في البلاد تعكف على مواجهة التأقلم مع تغير المناخ. وعند النظر إلى الوضع العام يقول الاقتصادي <R. ريبيتو> (3): «إنّنا حقا في حالة سيئة». ويضيف: «لقد شاركنا في جزء فقط من التغيير الذي ارتكبناه بالفعل بأنفسنا بسبب انبعاثات غازات الاحتباس الحراري الأخيرة – وما زالت هذه الانبعاثات تزداد. ولا أعتقد أننا قادرون على التأقلم مع تغيّر المناخ.»
الاعتماد على دوبوك: فتحت دوبوك في ولاية آيوا المجرى المدفون بحيث يستوعب المياه أثناء العواصف بدلا من تعرض المدينة لفيضانات. |
مزيد من الأمطار، ومزيد من الجفاف(***)
مزيد من العمل يبدو ضروريا لأن العلم يرسم صورة معينة على نحو متزايد لمناخ يجري تغييره من قبل تصرفات البشر. وعلى سبيل المثال، تشير التقديرات المناخية إلى ارتفاع في متوسط درجات الحرارة الليلية، وتبين القياسات حدوث ذلك الارتفاع على نحو واضح في الوقت الحاضر. وقد تكون هذه الظاهرة السبب في حدوث انخفاض في محاصيل نبات الذرة لأن تنفس النباتات (الذي يطلق ثنائي أكسيد الكربون) يزداد خلال الليالي الأكثر دفئا، حارقا من الوقود ما كان من الممكن استخدامه في زيادة وزن بذور هذا النبات.
وتتوقع النماذج أنه مع ارتفاع درجات الحرارة على الكرة الأرضية، ستزداد الحرارة والجفاف في مناطق تقع جنوب غرب الولايات المتحدة والشرق الأوسط، وكذلك ستصبح موجات الحر أكثر شيوعا في مناطق خطوط العرض العليا، في أماكن تمتد ما بين الغرب الأوسط الأعلى الأمريكي upper Midwestإلى روسيا. وهذا ما يحدث فعلا.
وأخيرا، تتوقع النماذج المزيد في عدد الفيضانات مثل تلك التي ضربت ولايتي فيرمونت ونيويورك في الصيف الماضي. فارتفاع درجة الحرارة درجة مئوية واحدة يمكن أن يزيد في نسبة رطوبة الغلاف الجوي بمقدار 7 في المئة. وهذا يعني المزيد من الأمطار بنسبة 2 إلى 3 في المئة بوجه عام والمزيد من أحداث هطول الأمطار الشديدة بنسبة 6 إلى 7 في المئة.
ومن دون تخفيض كبير في انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، «ستصبح هذه الأحداث أكثر شيوعا،» وذلك حسب قول <M. وهنر> [الباحث في مختبر لورانس بيركلي الوطني] ويضيف: «لا أعتقد أنّ أحدا يخالف هذا الرأي.» فالبحث الذي أجراه <P. ستوت> [رئيس قسم رصد المناخ والإسناد في مكتب الأرصاد الجوية بالمملكة المتحدة]، بيّن أنّ احتمالات حدوث موجة حر كالتي ضربت أوروبا في عام 2003 قد ارتفعت أربعة أضعاف مقارنة بما كانت عليه في عصر ما قبل الصناعة.
ومع ذلك، فمن المستحيل القول إنّ أي حدث من الأحداث المناخية الشديدة كان ناجما مباشرة عن تغيُّر المناخ، وهذا «لا يهم، لأن هذا شبيه بتغيّر المناخ، وعلينا أن نهيئ أنفسنا لهذا الحدث»، حسب قول <M. بيهار> [مدير برنامج المناخ للجنة مرافق سان فرانسيسكو العامة]. وقد استخدم مشروع لسيمپسون بيانات مقياس مطر ولاية نيو هامبشر ليبين أن 10 من أصل 15 من أشد فياضانات هذه الولاية، قد حدثت في الـخمس عشرة السنة الماضية – وبأن الكميات الغزيرة الجارفة من الأمطار التي كانت تحدث عادة في عواصف 200 سنة، تحدث الآن في عواصف 25 سنة. ومع ذلك لا يزال معظم مهندسي مدينة نيوإنگلاند يصممون مجارير ومصارف وجسور استنادا إلى بيانات هطول أمطار العشرينات إلى الخمسينات من القرن الماضي. وحسب قول <سيمپسون>: «فإنّ الكثير من الأعمال في البنى التحتية تعمل في الوقت الراهن بصورة أقل مما هو مطلوب.»
الخطوات الأولى(****)
إنّ مصطلح «التغير المناخي» المُسيّس إلى أبعد الحدود، لا يحتاج إلى التنويه لإقناع المجتمعات المحلية بتعديل ممارساتها. فالمدن والبلدات التي شهدت أسوأ الكوارث تميل إلى أن تكون في طليعة التأقلم مع تغيّر المناخ، حيث يمكن للقادة المحليين حشد تأييد المجتمع للتغلب على العوائق. وخير مثال هو مدينة Keene. ففي الشهر 10/2005، وبعد ثلاثة أيام من تقديم <سيمپسون> تقريره إلى مجلس المدينة محددا المجارير والطرقات المعرضة إلى عاصفة شديدة، ضربت المنطقة عاصفة أدت إلى هطول 11 بوصة من الأمطار.
وقد دمرت المياه تلك المجارير والطرقات، فضلا عن المنازل والجسور وأغلقت محطة معالجة المياه وسببت العديد من الوفيات. كما دفعت الكارثة المدينة، مع القليل من المساعدات الخارجية، إلى تطوير إحدى خطط التأقلم الأولى في البلاد والأوسع مدى، بقيادة مدير التخطيط <R. لامب>، كما دفعتها إلى إيجاد التمويل اللازم لإجراء بعض التحسينات. فقد تمت الاستعاضة عن الأرصفة على طول أحد الطرق الرئيسية في المدينة – شارع واشنطن – بالخرسانة المثقبة، كما تم إكساء الطرق الجانبية بحواف معشبة بدلا من الحواجز الحجرية أو الإسمنتية. وهكذا يمكن في كلتا الحالتين توزيع مياه الأمطار وتسريبها ببطء إلى التربة المجاورة بدلا من تركها تجري على الطرقات مسببة الفيضانات.
أمّا في مدينة تشارلز بولاية آيوا، فقد كان الحدث الحاسم هو فيضان عام 2008 المدمر الذي أدى إلى ارتفاع المياه في نهر سيدار إلى ثلاثة أقدام تقريبا أعلى من معدلات ارتفاعها القياسية السابقة. «وعندما كان الناس يرون بيوتهم مليئة بالمياه، كانوا يفكرون بالتغيّر الذي طرأ على كميات الأمطار الغزيرة التي تهطل» حسب قول مدير المدينة <T. براونلو>. ويتابع قائلا: إنّ الأمر عائد إلينا كقيادات لنقول إنّ هذه مشكلة قديمة جدا وعلينا أن نواجهها. والمدينة قد واجهتها، فقد جرى هدم 16 صفا من البيوت والمحال التجارية المتلاصقة في الشوارع وبناء أرصفة نفوذة للمياه فوق طبقة سميكة من الصخور والحصى. وهذا ما يسمح بتسرب المياه إلى باطن الأرض بدلا من جريانها على السطح محدثة الفيضـانــات. وإضافــة إلى ذلــك، توجـد في المنطقة الواقعة تحت الرصيف متعضيات (كائنات حية) microorganisms ميكروية تتغذى بالنفط وغيره من الملوثات قبل أن تغور المياه وتصل في نهاية المطاف إلى النهر. وكذلك جدّدت المدينة منطقة الشاطئ التي تتضمن وسائل عالمية المستوى، من فنادق ومنتجعات ومرافق مثل مسار التجديف. «ويمكن الآن أن تهطل أمطار مئة عام 100-year rain دون أن يبقى أي من المياه الراكدة في الشوارع»، حسب قول <براونلو>.
إضافة إلى ذلك، استجاب مزارعو نبات الذرة في ولاية آيوا إلى زيادة هطول الأمطار في الولاية؛ فأنفقوا عشرات الآلاف من الدولارات لتركيب المزيد من أنابيب صرف المياه لحماية الحقول من أن تغرقها مياه الأمطار، التي يمكن أن تؤخر الزراعة وتوقف نمو المحاصيل. وعلى عكس المنتظر فإنهم يزرعون أيضا ما يصل إلى ثلاثة أمثال كميات البذور لكل فدان (آكر)، مع الاستفادة من زيادة رطوبة التربة في الربيع لزراعة المزيد من المحاصيل في الحقول ذاتها. ومع ذلك فإن المزارعين يرفضون إلى حد كبير فكرة أن الجنس البشري هو الذي يغيّر المناخ، «فهم يتأقلمون بالفعل مع هذا التغير ويكسبون المال في ذلك»، حسب قول <G. تيكل> [أستاذة الأرصاد الجوية وتغير المناخ العالمي في جامعة ولاية آيوا].
إن الفيضانات هي الخطر المباشر الذي يسببه تغيّر المناخ. ومع ذلك تتأقلم بعض المجتمعات مع عواقب تغير المناخ الطويلة الأجل. فعلى سبيل المثال، تخطط منطقة «سان فرانسيسكو بيْ إريا(4)» لإنفاق مبلغ يتراوح بين 20 و 40 مليون دولار لإعادة تهيئة ستة عشر مصبا من مصبات الصرف الصحي في الخليج لمنع ارتفاع منسوب مياه البحار وأمواج العواصف من دفع المياه عائدة إلى المصبات وإلى محطات معالجة مياه الصرف الصحي.
وقد أثار أحد الأفراد وجهة نظر ثابتة عن مدينة هآيوارد بولاية كاليفورنيا، على الشاطئ الشرقي لخليج سان فرانسيسكو. فعندما فاز <B. كويرك>، وهو منمذج المناخ وخبير الأسلحة النووية السابق في وكالة الفضاء الأمريكيةNASA، بمقعد في مجلس المدينة عام 2004، حاول مرارا أن يجعل المدينة تهتم بخطر ارتفاع مستوى سطح البحر ولكنه لم ينجح في مسعاه مبينا السبب حسب قوله :«لقد كنت مستجدا في هذه الأمور ولم أكن أعرف كيف التصرف بشأنها.»
وبعدئذ وفي ليلة رأس السنة الجديدة 2005-2006، حطّمت أمواج العواصف في المد العالي سدود المدينة الواقية، مسببة أضرارا جسيمة. وبإيعاز من <كويرك>، قامت وكالة تخطيط المنطقة الساحلية في Hayward، بجمع مبلغ 00030 دولار لدراسة الحلول. ففي القرون الماضية، شكلت الرواسب أسفل الجداول والمجاري مستنقعات على طول الخليج، محدثة مصدات ضد أمواج العواصف. ولكن بمجرد أن توجّهت الجداول إلى المجارير والأنابيب، بدأت الرواسب بالتراجع من الخليج بدلا من ذلك، حيث ملأت المراسي والقنوات الملاحية. وتأمل الوكالة البدء بمشاريع رائدة من شأنها أن تتيح إزالة بعض المياه والرواسب مرة أخرى من المستنقعات للمساعدة على الحفاظ عليها.
وتصبح إجراءات التأقلم مع تغيّر المناخ أصعب عندما لا يواجه الناس السدود التي تتجاوزها المياه أو الأقبية التي تغمرها المياه، وخصوصا عندما تتعارض التوجهات السياسية والمالية مع تنفيذها. ففي ولاية آيوا، قام عضو مجلس الشيوخ <R. هوگ > بدفع خطة لاستعادة الأراضي الرطبة من شأنها أن تبطئ جريان المياه إلى الأنهار، وتحدّ من الفيضانات في المدن التي تقع في مناطق المجرى الأسفل للأنهار. غير أنّ مجلس الولاية التشريعي لم يمرّر اقتراحه فقط، وإنّما أوقف برامج الولاية القائمة. وحسب قول <هوگ:> «هناك أوقات أشعر وكأنني أضرب رأسي بالحائط،» ويتابع: «ولكن علينا أن نستمر في النضال (أن نبقى متواصلين)».
اكتشاف التأقلم مع تغيّر المناخ ( اكتشاف المرونة)(*****)
ويمكن أن تستخدم الجهود الناشئة(5) المزيدَ من المساعدات الاتحادية. وهذا المزيد قد يكون آتيا. ففي عام 2009 وقّع الرئيس <باراك أوبام> أمرا تنفيذيا يطلب إلى الوكالات الحكومية أن تطور خطط تأقلمها الخاصة بتغيّر المناخ المقررة في منتصف عام 2012. ومن بين أولئك الذين يتناولون هذه المهمة على محمل الجد هي وزارة الدفاع، التي تهتم بالعديد من المنشآت الواقعة على طول السواحل المعرضة للخطر. كما أنّ وزارة النقل تسعى إلى تحديد الطرقات والجسور والبنى التحتية الأخرى التي يمكن أن تتأثر. وكذلك تسعى جاهدة وكالاتُ الحياة البرية للحفاظ على سلامة أنواع الحيوانات والنظم البيئية وملاجئ الحياة البرية في مواجهة تحوّل المناطق المناخية.
ويمكن أن تأتي متابعة أخرى للعمل من القطاع الخاص. فشركة التأمين ريRe السويسرية العملاقة مع شركة ماك كنزي ومع المجموعات البيئية، عملت على اقتصادات التأقلم مع تغيّرالمناخ. وتبين دراسات إجراءات التأقلم أنّ إنفاق منطقة محلية بعض الأموال الآن لتصبح أكثر تأقلما مع تغيّر المناخ، يكون أقل تكلفة بكثير من أن تدفع في وقت لاحق تعويضات عن الأضرار الناجمة عن الكوارث المناخية – وهي مقاربة تعود بالفائدة بصورة واضحة على شركات التأمين. وبالفعل، فقد رفعت صناعة النفط مستوى مقدرة منصات الحفر لمقاومة أعاصير أكثر شدة. وبالمثل، يسعى <J. كوفي> [نائب رئيس في اديلمان] الذي كان قد ساعد سابقا على تطوير خطة شيكاغو للتأقلم مع المناخ، إلى إقناع الشركات بأنّ التأقلم مع تغيّر المناخ قد يوفر إمكانات ضخمة. فمالك مجمّع تجاري يسهم في تحسين نظام مياه العواصف في مجتمع من المجتمعات المحلية، على سبيل المثال، يجني شهرة محلية ويقلل من تعريض الممتلكات إلى الخطر من أضرار الفيضانات ويزيد فرص الناس في بقائهم قادرين على التسوق عند وقوع سوء الأحوال الجوية.
إنّ التأقلم مع تغير المناخ هو بالتأكيد مربح لمدينة دوبوك. فالبطالة تكون منخفضة. وإضافة إلى ذلك، فإن التجديد يرفع على الأرجح قيم الممتلكات ويوفر فرص عمل جديدة. فقد اعتُبِرت المدينة واحدة من المدن الخمس الأولى الأكثر تأقلما مع تغيّر المناخ في الولاية، وواحدة من أنشط عشر مدن على الكرة الأرضية وواحدة من أكثر المجتمعات ملاءمة للعيش في العالم. وحسب قول عمدة المدينة <بيول>: «فالمدن التي تراعي مبكرا الاستدامة ستجني فوائد اقتصادية، وهذا ما نلحظه باستمرار.»
مراجع للاستزادة
Progress Report of the Interagency Climate Change Adaptation Task Force: Recom-
mended Actions in Support of a National Climate Change Adaptation Strategy. White
House Council on Environmental Quality, October 5, 2010. www.whitehouse.gov
Our Extreme Future: Predicting and Coping with the Effects of a Changing Climate. John
Carey in Scientific American. Published online June 30, 2011.www.scientifncamerican.com/
article.cfrn?id=extreme-future-predicting-coping-with-the-effects—of-a-changing-climate
The Georgetown Climate Center’s Adaptation Clearinghouse (information on state and local
adaptation plans): www.georgetownclimate.org/adaptation/clearinghouse
(*)AFTER THE DELUGE
(**)COURAGEOUS INDIVIDUALS
(***)MORE RAIN, MORE DROUGHT
(****)FIRST STEPS
(*****)FINDING RESILIENCE
(1) conservative
(2) intakes
(3) Robert Repetto مؤلف America’s Climate Problem مشكلة المناخ في أمريكا.
(4) The San Francisco Bay Area
(5) nascent