أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
ملف خاص

تقرير خاص

تقرير خاص

التعلم في العصر الرقمي

المقررات MOOCs

تجربة جريئة للتعلم، والآمال المعقودة عليها(*)

نظرة داخلية إلى تجربة عالمية جريئة، مؤداها استعمال مقررات
تدريسية متاحة مجانا على الإنترنت توفر تعليما متميزا لأفقر بقاع أرضنا

<J. بارثولت>

 

 

لقد كانت الطالبة <T. أويتوزي> مجدة ومجتهدة، وكانت بين أوائل صفها بمدرستها الثانوية في رواندا، لكن ما تعلمته كان هزيلا بالمعايير الدولية. فقد كان معلموها يجعلونها تحفظ المعلومات عن ظهر قلب، لتتقيأها بعد ذلك على الورق، ثم إن مدرستها لم تكن تقتني حواسيب لتستعملها. وترتب على ذلك أن لغة <أويتوزي> الإنكليزية ومهاراتها الحاسوبية كانتا ضعيفتين. إنها تعيش مع أحد أعمام أبيها في كيگالي Kigali، وتدخر 75 دولارا، وعلى الرغم من جدها واجتهادها ورغبتها الصادقة في النجاح، فإن أحلامها كانت مستحيلة التحقيق – أو محتملة التحقيق إذ لم يكن هدفها مشروعا مبتكرا بوسعه إحداث تغيير جذري في حياتها.

http://oloommagazine.com/Images/Articles/2015/02-01/2015_01_02_06.jpg
التغلب على التخلف في التعلم: إن المقررات على الإنترنت، التي يقدمها معلمون موجودون في الصفوف، تساعد مزيدا من الروانديين على الالتحاق بالجامعات.

 

وهدف التجربة المسماة كپلر Kepler، التي تقودها جمعية غير ربحية صغيرة تسمى Generation Rwanda، هو استعمال مقررات تدريسية على الإنترنت متاحة على نطاق واسع (MOOCs)ا(1)  بغية تقديم تعليم عالي المستوى إلى الشبيبة الرواندية التي كانت موجودة عند حدوث الإبادة الجماعية هناك عام 19944. وقد بدأ أول اختبار للتجربة في الشهر 3/2013 بصف استكشافي أُطلق عليه اسم التفكير النقدي في التغيرات الشاملة(2)، وهو مقدَّم على الإنترنت من جامعة إدنبره باسكتلندا، يسرت لاثني عشر طالبا مشاهدة محاضرات ڤيديوية محملة من منصة أحد المقررات MOOCs، وحضور حلقات دراسية seminars صغيرة ودورات sessions تدريبية في صف دراسي بكيگالي يشرف عليه زميل في موقع التدريب، وهذا نمط للتعليم يُسمى التعليم المدمج blended learning.

ولطالبة مثل <أويتوزي> التي كانت طفلة وقت المذبحة التي أبادت فيها قبائل الهوتو Hutus عام 1994 نحو 000 800 من قبائل التوتسي Tutsis  ومن  المتعاطفين معهم من قبائل الهوتو، فإن ما حدث أتاح لها فرصة ثمينة. فقد هربت عائلتها خلال حدوث هذه الإبادة الجماعية إلى بوروندي أولا، ثم إلى تنزانيا، ومنها إلى كينيا. وهي تقول: «فقدنا مالنا وبيتنا وكل شيء.» وكل ما حصلت عليه <أويتوزي> خلال فرار عائلتها هو التعلم. بعد ذلك عادت إلى رواندا في سن الرابعة عشرة، وأنهت دراستها الثانوية في الشهر 11/2012. فالقسط السنوي في الجامعات الرواندية الرسمية، التي مستواها دون المتوسط، يعادل 1500 دولار، وهذا مبلغ يتجاوز الإمكانات المالية لعائلتها، فوالدتها عاطلة عن العمل، ثم إن لـ <أويتوزي> ثلاثة أقرباء صغاراً يتوقعون منها إعالتهم. وحين رفضت طلبَها منظمةٌ تساعد الطموحين من الطلبة الروانديين على الحصول على منح دراسية تقدمها الجامعات الأمريكية، اقترح عليها موظف في تلك المنظمة الالتحاق بمشروع كپلر. وبموافقتها على الاقتراح غدت واحدة من بين 15 طالبا مدعوا لحضور المقرر الدراسي الاستكشافي لاختبار تصميم MOOC. وبعد ذلك، تقدمت بطلب لقبولها في صف أكبر ضمن منهاج دراسي يستخدم المقررات MOOCs دون غيرها في الفصل الدراسي الخريفي.

http://oloommagazine.com/Images/Articles/2015/02-01/2015_01_02_07_a.jpg
لمسة شخصية: تضيف المدرسة <Ch. يارنگ> إلى المقررات على الإنترنت مقابلات شخصية مع الطلبة.

 

http://oloommagazine.com/Images/Articles/2015/02-01/2015_01_02_07_b.jpg
النفاذ إلى الطلبة من بعد: تأمل <T. أويتوزي>، الظاهرة في الصورة مع والدتها ببلدة كيگالي، بأن تحصل على درجة جامعية في العلوم المالية، وذلك، على الأغلب، عن طريق مقررات على الإنترنت.

 

لقد تلقى المشروع كپلر 2696 طلبا لملء 50 شاغرا فقط في برنامج فصل الخريف. وقد دُعي ستمئة طالب لتقديم امتحان في الشهر 4/2013، نجح منهم مئتان، من ضمنهم <أويتوزي>، وهؤلاء سيتقدمون إلى تصفية نهائية لاختيار أفضلهم. وفعلا أُجريتْ مقابلات مع كل منهم على انفراد، وشاركوا في نشاطات جماعية أشرفت عليها هيئة كبلر التدريسية، بغية تحديد بعض السمات المتعلقة بالشخصية، مثل المواصفات القيادية، والقدرة على العمل جيدا مع آخرين، ومهارات حل المشكلات. وكان الغرض أن يُجمَع معا في صف واحد طلبةٌ يتسمون بسلسلة من الأنماط المختلفة للشخصية: الانفتاح والانعزال، روح الدعابة والجدية، الإبداع والتقليد. فالطالب <A .J. موتابازي> لم ينجح في التصفية الأولى التي أُجريت في الخريف، وشعر بأنه يسير على غير هدى. لقد قُتل معظم الذكور من أقربائه، من ضمنهم أبوه، وذلك في وقت الإبادة الجماعية. إنه يعيش مع أمه التي لها ساق مشوهة، وتبيع الفحم الحجري في كوخ إسمنتي لكسب قوت يومها. ويسأل <موتابازي>: «ما الذي يمكنك تصوره حين تجابهك مشكلة، ولا يوجد أحد تتوجه إليه طلبا للمساعدة؟ التعليم نوع من القوى السحرية التي يمكنها فتح أي باب في العالم. وإذا كنت متعلما، فبمقدورك التحكم في الوضع الذي تعيش فيه.»

35%
هي النسبة المئوية لمعلمي pre-k-12  الذين يمتلكون حرية النفاذ إلى لوحة tablet أو قارئ للمواد الإلكترونية
e-reader في غرفة الصف

 

نجحت <أويتوزي> في التصفية الأخيرة. فقد كانت تريد أساسا أن تكون ربان طائرة، لكنها الآن ترى أن هذه الإرادة غير قابلة للتحقيق. لذا استقر رأيها على العمل المصرفي بصفته مهنة ممكنة. وستكون قادرة على دراسة موضوعي الأعمال business والمالية finance خلال التحاقها بمشروع كپلر. وهي تقول:  «التعليم هو الطريقة الوحيدة التي تمكنني من البقاء على قيد الحياة، إنه الطريقة الوحيدة التي تسمح لي بالعناية بشقيقاتي اللواتي هن بحاجة إليّ.» هذا وإن أولئك المقبولين في دورة الخريف سيداومون في صفوف على الإنترنت online classes يديرها أساتذة في جامعات متقدمة مجانا – مع دعم وإرشادات يقدمها مدرسون أمريكيون في كيگالي – ثم إنه ستُدفع إلى هؤلاء المقبولين نفقات معيشتهم. ويقدر المدير التنفيذي للجمعية Generation Rwandaأنه بعد إنفاق مبلغ أولي قدره 000 1000 دولار على تصميم المناهج الدراسية وتقييمها، فإن الرسوم السنوية التي تدفعها المنظمة عن كل طالب، بما في ذلك الحواسيب المحمولة laptops ورواتب المدرسين، تعادل 2000 دولار تقريبا. وهو يأمل بتخفيض هذا المبلغ بعد مرور بعض الوقت ليصل إلى 1000 دولار. وفي البداية، سيسلك الطلبة مسارا واحدا موجها نحو الحصول على درجة مشارك في الفنون associate of arts  في الدراسات العامة، حيث يوجد تركيز على موضوع الأعمال. وقد قدم هذا البرنامج الفريد الجامعة Southern New HampshireUniversity، التي تمنح درجات بناء على كفاءات الطالب، لا على عدد الساعات التي يمضيها في الصف. وبعد الحصول على درجات المشاركة associate degreesفي السنة الثانية، يخطط مشروع كپلر لمنح درجات البكالوريوس في إدارة الأعمال، والعلوم الحاسوبية، وربما في الهندسة، تمنحها مجموعة متنوعة من المعاهد العالية.

 

شخصي على نطاق واسع(**)

كيف يتمكن آلاف الطلبة الذين يتعلمون بواسطة
الإنترنت من أن يكون تأثير هذا التعليم فيهم كما لو كانوا
يدرسون مقرراتهم في صفوف تقليدية

 

http://oloommagazine.com/Images/Articles/2015/02-01/2015_01_02_08.jpg

  لقد عرف المعلمون في السنوات الثلاثين الأخيرة أن تحصيل الطلبة يكون أفضل حين يكون إشراف هؤلاء المعلمين على طلبتهم مباشرا، وحين لا يتوقف تدريسهم عند حلول موعد الامتحانات، بل عندما يصبح طلبتهم متمكنين مما تعلموه. ويتطلب النجاح أيضا دافعا للطلبة من حافز داخلي فيهم، أو من أبويهم، أو معلميهم، أو أقرانهم.

تُرى، هل تلغى المقررات MOOCs عوامل النجاح  هذه؟ كلا، لأن الوسائل الرقمية توفر أفضل طريق لنا نحو التعليم الشخصي المنخفض التكلفة.

أنا أعرف ذلك، لأنني علّمت بكلتا الطريقتين، فطوال سنين قدّمتُ وزميلي <S. ثرن> مقررات في موضوع الذكاء الصنعي artificial-intelligenceبجامعة ستانفورد ومعاهد أخرى؛ لقد ألقينا محاضرات، وفرضنا واجبات منزلية، وأجرينا الامتحان نفسه لكل شخص في الوقت نفسه. وفي كل نصف سنة دراسية، كان 5-10 في المئة فقط من الطلبة يشاركون بانتظام في مناقشات عميقة إما داخل الصف أو في مكاتب المدرسين؛ أما الباقون فكانوا أكثر سلبية. وهذا جعلنا نشعر بأنه لا بد من وجود طريقة أفضل.

لذا قمنا، في خريف عام 2011، بتجربة شيء جديد. فإضافة إلى مقرراتنا التدريسية التقليدية، ابتكرنا مقررا مجانيا بواسطة الإنترنت، وكان متاحا للجميع. وفي أول محاولة لنا جذبنا عددا كبيرا من المشاركين، إذ كانت قرابة 000 100 منخرطين في المقرر، ونحو 000 23 أنهوه.

وقد دفعنا إيماننا بالفكرة التي جاد بها حامل جائزة نوبل <H. سايمون>، والتي تنص على أن «التعلّم ينتج مما يعمله الطالب ويفكر فيه، ومما يعمله الطالب ويفكر فيه فقط،» إلى استحداث مقرر مركز على الطلبة الذين يعملون أشياء ويحصلون على نتائج متكررة. وكانت محاضراتنا الڤيديوية القصيرة (من دقيقتين إلى ست دقائق) مصممة لدفع المشاركين فيها إلى عمل التمرين التالي. وكان بعض المسائل يتطلب تطبيق التقنيات الرياضياتية التي قدمناها بالڤيديو. وكان لمسائل أخرى نهايات مفتوحة تتيح للطلبة فرصة للتفكير دون مساعدة أو إرشاد، ثم عرض أفكارهم في منتديات نقاش على الإنترنت.

إن مخططنا للمساعدة على جعل عملية التعلم تحدث بطريقة فاعلة، لا منفعلة، ولّد عدة فوائد شبيهة بالفوائد التي يقدمها التعليم الخصوصي – وساعد على زيادة المتعة في الدراسة. أولا، بينت دراسة أنجزها عام 2013 <K .K. زپونار> و <Y .N. خان> و <L .D. شاكتر> ونُشرت في theProceedings of the National Academy of SciencesUSA أن التفاعلات المتكررة تحول دون تشتت الانتباه. ثانيا، وكما أكد بحث قام به <B .W. وُود> و <D .K. تانر>، ونشراه عام 2012 في مجلة LifeSciences Education، فإن التعلم يتعزز حين يعمل الطلبة على تقديم تفسيراتهم الخاصة بهم بدلا من الاستماع السلبي لما يقوله المدرس. وهذا هو السبب – كما يذكر <K. ڤان لن> في تحليل نشرهُ في مجلة Educational Psychologist عام 20111 – في  أن نظاما تعليميا ذكيا ومؤتمتا صُمم بدقة، قادر على تعزيز نتائج التعلم، تماما مثلما يقدر على ذلك المدرسون التقليديون.

لقد حللنا أيضا الظروف التي نجح أو أخفق فيها الآلاف من طلبتنا، واكتشفنا الأماكن التي يتطلب فيها مقررنا تعديلات، علما بأننا استطعنا الحصول على هذه المعلومات ساعة بساعة، وهذا أفضل بالطبع. وفيا يتعلق بصفنا، كان المدرسون التقليديون يحللون البيانات، مع أن بإمكان نظام للذكاء الصنعي القيام بهذه الوظيفة، ثم تقديم توصيات لما يستطيع تلميذ تجربته بعد ذلك كي يتحسن – كما تقدم مواقع الإنترنت التسويقية في هذه الأيام توصيات مؤتمتة لتحديد الكتاب أو الشريط السينمائي الذي قد يكون هو ما تسعى إليه.

التعلم باستخدام الإنترنت وسيلة، تماما مثلما يكون الكتاب المقرر وسيلة. والمهم حقا هو الأسلوب الذي يسلكه المعلم والطالب في استعمال هذه الوسيلة.

<P. نورڤيك> هو مدير بحوث گوگل، وزميل ومستشار في اتحاد تقدم الذكاء
الصنعي the Association for the Advancement of Artificial Intelligence. وقد
ألّف، مع <S. راسل> كتاب Artificial Intelligence: A Modern Approach.

 

 

http://oloommagazine.com/Images/Articles/2015/02-01/2015_01_02_09.jpg
مشاركون: <E. نگوگا>، و<S. أوموتوني>، و<P. أويهوراي> (من اليمين إلى اليسار)، ثلاثة من الذين شاركوا في تجربة كپلر الاستكشافية.

 

لدى <أويتوزي> أسئلة طريقة التعلم بواسطة الإنترنت، وهي تتضمن الخشية من إخفاق هذه التجربة، أو عدم القبول على نطاق واسع للدرجات التي تمنحها التجربة، لكنها واثقة بأنها ستتعلم في مشروع كپلر أكثر مما تتعلمه في جامعة رواندية تقليدية. وهي تقول: «معظم الطلبة هنا فقراء جدا، لذا فليس لديهم خيار عندما يتاح لهم مثل هذه الفرصة.»

الأمكنة التي تحظى بأكبر اهتمام بالمقررات MOOCs (***)

إن تقديم أفضل المقررات التدريسية الجامعية في العالم إلى بعض أفقر الشعوب في العالم هو، قطعا، الأمل المعقود على استخدام المقررات MOOCs. فقادة المشروعات الكبيرة لاستعمال المقررات MOOCs مثل: Udacity و Coursera، وهما شركتان ربحيتان أسسهما أساتذة من جامعة ستانفورد، وedX، وهي الشركة غير الربحية التي يديرها معهد ماساتشوستس للتقانة (M.I.T.)ا(3) بالاشتراك مع جامعة هارڤرد، واضحون في طموحهم لإزالة الحواجز الطبقية والجغرافية التي تقف في وجه تعليم متقدم. هذا وإن <D. كولّر> [المشاركة في تأسيس الشركة Coursera] شرحت بالتفصيل أهدافها لتغيير العالم، وذلك في محاضرة TED ألقتها في الشهر 6/2012، وشوهدت أكثر من مليون مرة. وقد قالت لجمع متحمس من الحضور: «سيؤسس مشروع المقررات MOOCs تعليما بصفته واحدا من الحقوق الأساسية للإنسان، حيث تتاح فرصة لأي شخص في العالم يمتلك القدرة والدافع للحصول على المهارات التي يحتاج إليها لتوفير حياة أفضل له ولعائلته ومجتمعه. ربما يكون <A. أينشتاين> التالي، أو <S. جوبس> التالي، شخصا يعيش في مكان ما في إحدى القرى القصيّة بإفريقيا، وإذا استطعنا تقديم علم جيد إليه، فإنه سيكون قادرا على إبداع الفكرة العظيمة التالية، وجعل العالم مكانا أفضل لنا جميعا.

 

لم تعد ثمة حاجة ماسة إلى عملية التعلم التقليدية(****)

يمكن للتقانة أن تحل محل البشر في صف الدراسة

 

http://oloommagazine.com/Images/Articles/2015/02-01/2015_01_02_10.jpg

  حين يتخيل الناس أي شيء افتراضي، فإنهم يقرنونه مباشرة بنظيره المادي – البرنامج أمازونAmazon في المكتبات التقليدية، والبرنامج ويكيپيديا Wikipedia في الموسوعات المألوفة. إنهم يفترضون أن الافتراضي سيحل محل المادي الذي يوجد معه شيء ما أرخص ثمنا، وأعلى فعالية. بيد أن الافتراضي في عملية التعلم، يولد نمطا مختلفا جدا للنظير: فلسنا ملزمين بأن يكون هدفنا هو أن يكون النظير صفا تدريسيا حقيقيا. وبدلا من ذلك، فلدينا فرص متاحة لدمج الافتراضي في المادي، ولتقديم تصور جديد كليا للتعلم.

وفي هذه الأيام، يجلس الطلبة في معظم الصفوف معا، ويستمعون إلى محاضرات أساتذتهم، ويسجلون ملاحظاتهم خلال إلقاء المحاضرات. ومع أن هذا الإلقاء يمكن أن يجري في أي مكان، وأن عدد الطلبة يقع بين 20 و 300، فإن تفاعلاتهم غير البشرية ضئيلة. وغالبا، توفر الامتحانات أول فرصة للأساتذة للحصول على معلومات حقيقية عن درجة هضم الطلبة للمعارف التي تلقوها. فإذا أظهر الاختبار فجوات في فهم الطلبة لمفهوم أساسي، فإن الصف يواصل مسيرته باتجاه مفهوم أكثر تقدما.

وتتيح الوسائل الافتراضية فرصة لإعادة التفكير في هذا المنهج. فإذا كانت ثمة محاضرة متاحة بالإنترنت، فمن الممكن تخصيص وقت الصف للمناقشة، أو للتعليم غير الجماعي peer tutoring، أو لإجراء بحوث بإشراف أستاذ. وإذا ما ألغيت محاضرة لأحد الصفوف، وكانت لدينا تمرينات حسب الطلب، فلا حاجة إلى مواصلة نموذج المصنع factory model الموروث من بروسيا في القرن التاسع عشر – حيث كان الطلبة يحشرون معا في وقت واحد. وبدلا من ذلك، يمكن أن يتقدم الطلبة كلٌّ بسرعتِهِ، وأن يستمروا بإثبات مدى علمهم واطلاعهم، وذلك بعد وقت طويل من انتهاء المقرر الرسمي.

وبعد 10-20 سنة ستسمح لنا أيضا التعلم المدمج blended learning  باستبعاد الوثائق الثبوتية credentials من التعلم – وفي هذه الأيام تنفذ هاتان الوظيفتان كلتاهما من قبل المعاهد نفسها. وستسمح هذه الطريقة لأي كان بإثبات أنه أتقن مجموعة من المهارات بمستوى عال، سواء أتعلمها نتيجة ممارسته مهنته، أو في مدرسة تقليدية، أو بوساطة الإنترنت، أو، وهذا هو الأرجح، إذا تعلّمها بهذه الأساليب كلها.

وربما كان أقوى أثر لهذا الواقع هو ما تفعله في جودة المحاضرات ووسائل التعلم الأخرى عموما. إن المحاضرين التقليديين، وناشري الكتب الدراسية المقررة، يمتلكون قليلا – أو لا يمتلكون شيئا – من المعلومات المتعلقة بطريقة استعمال محتوى هذه الكتب، أو بما إذا كانت هذه الطريقة فعالة. وبمزاوجة الخبرات المادية الغنية بالأدوات الموجودة على الإنترنت، فإن الذين صمموا المحتوى والأساتذة يصبحون قادرين في النهاية على الحصول على بيانات دقيقة وعصرية عن فعالية الخبرات التي توصلوا إليها.

وفي هذا الواقع للتعليم المدمج، فإن دور الأساتذة ينتقل إلى صدارة سلسلة القيم valuechain. وبدلا من قضاء معظم وقتهم في إلقاء المحاضرات، وكتابة أسئلة الامتحانات، ووضع علامات لها، فبمقدورهم اليوم التفاعل مع طلبتهم. وعوضا عن فرض الطريقة السلبية في التعلم، وهي الجلوس والاستماع للمحاضر، فإن المدرسين يقدمون المشورة إلى طلبتهم وينصحونهم بأن يقوموا هم بتعليم أنفسهم – وهذه أهم مهارة على الإطلاق. نعم، إن هذه الأدوات الافتراضية لطالب في جزء فقير من العالم – بافتراض أن من الممكن التغلب على مشكلة النفاذ إلى هذه الأدوات – قد تسهل معظم ما يتطلبه هذا التعلم. وفي العالم المتقدم، يكون أفضل خبرة يمكن الحصول عليها هناك هي زيادة فعالية الأدوات الموجودة على الإنترنت كي يغدو الوقت أقل سلبية وأكثر إنسانية.

<سلمان خان> هو مؤسس أكاديمية خان Khan Academy،
وهي منظمة تربوية غير ربحية للتعلم باستخدام الإنترنت،
ومركزها في Mountain View بولاية كاليفورنيا.

 

 

لا يمكن لأحد أن يجادل في سلامة هدف كهذا. بيد أن التربويين الذين يعملون في التعليم من بعدُ والتعليم باستخدام الإنترنت، يحاجون في أن المبشرين بمستقبل واعد للمقررات MOOCs  يميلون إلى المبالغة في إعلاء شأن أنفسهم ومنتجهم. فهم يؤكدون أن التعلم بواسطة الإنترنت بدأ قبل مدة طويلة من تقديم المقررات MOOCs، وأن هذه المقررات لا توفر غالبا أفضل طرائق التعليم وأحدثها. إنهم يلاحظون أيضا أن معظم الدول النامية ليست موصولة بالإنترنت، وأن المقررات MOOCs تتطلب مهارات ودوافع لا يمتلكها إلا خيرة الطلبة. ويقول <T. بيتس> [مستشار كندي متخصص في التعلم باستخدام الإنترنت]: «عليك العثور على حل ملائم لواقع العالم الثالث. صحيح أن المحتوى سيكون دون مقابل في المستقبل، لكن ما يحتاج إليه الطلبة في الحقيقة هو ذلك النوع من الخدمات التي يوفرها لهم معلموهم. فطريقة الدراسة، ومعرفة أمكنة العثور على معلومات، وإجراء تحليل دقيق، وتعلم الحصول على أفكار أصيلة فيما تفعله، والنقاش، والتفكير العالي المستوى، كل ذلك يجب دعمه وتطويره عن طريق التفاعل مع المدرسين.»

وهنا يأتي دور تجربة من مثل تجربة كپلر التي تصوغ محتوى حرا بدمج أفضل الأساتذة الجامعيين في العالم مع معلمين تكلفتهم منخفضة يستطيعون توفير مساعدة للطلبة كل على حدة. وهذا النموذج ملائم، بوجه خاص، لبلد مثل رواندا، حيث لا يحمل سوى نسبة ضئيلة جدا من سكانه شهادات جامعية، في حين نرى أن عدد الشبان الذين أنهوا دراستهم الثانوية في ازدياد. ويقول <هوداري>: «بمقدورنا إنشاء 50 جامعة، والاستجابة للطلبات المتزايدة لكلياتنا. ثمة أناس لا يذهبون إلى الكلية هنا مع أنهم يُعَدُّون، بالمعايير الأمريكية، مؤهلين للذهاب إلى جامعة پرنستون.»

وفي الولايات المتحدة، تتركز المناقشات المحمومة المتعلقة باستعمال المقرراتMOOCs على تخفيض النفقات العالية للحصول على شهادة جامعية، أو في الأقل، على كبحها. فقد لاحظت <كولر> في محاضرتها أن معدل الأقساط التعليمية في الكليات الأمريكية، مثلا، ارتفع نحو ضعف ارتفاع معدل نفقات الرعاية الصحية منذ عام 1985، لذا اقترحت استعمال المقررات MOOCs بصفتها حلا. بيد أن الموضوع الذي هو أهم كثيرا في الدول النامية هو النوعية. فالتسهيلات والمرافق ومستوى التعليم في كثير من البلدان يُرثى لها، وغالبا ما تكون للدرجات الجامعية هناك قيمة لا تذكر عند أصحاب العمل الذين يتنافسون على استخدام كفاءات متميزة عالميا. إن للروانديين، الذين أخذوا مقررات في البرمجة الحاسوبية، مثلا، خبرة ضعيفة غالبا في استعمال الحواسيب. ويقول <M. بيزي> [مدير مساعد لبرنامج دراسات عليا صغير في صناعات الآجر والملاط brick-and-mortar بجامعة كارنيگي ميلون في كيگالي]:  «هذا يشبه حملك شهادة في السباحة التي تعلمتها من كتاب، لكن دون أن يسبق لك أن قفزت إلى بركة ماء قط.»

هذا صحيح، ليس في مجرد بلد صغير مثل رواندا فحسب، بل أيضا في بلد يتسم بقوة عملاقة ناشئة مثل الهند. فأفضل الجامعات الهندية تخرج طلبة متميزين، لكن النوعية تنحدر بشدة في معظم الجامعات الأخرى. ويُعزى أحد الأسباب الوجيهة لذلك إلى العدد الهائل لخريجي كليات الهندسة. ويقول <A. جونجو نوالا> [أستاذ الهندسة الكهربائية الذي يعد واحدا من أكاديميي الهند ذوي المستوى العالي]: «لكن لا يوجد بين المهندسين، الذين عدد من يتخرج منهم سنويا بين 000 600 و 000 800، سوى 10 في المئة تقريبا فقط حصلوا على تعليم عالي المستوى.»

وقد ساعدت الاختبارات على كشف عيوب محددة. وفي هذا السياق، فإن <V. أجاروال> [المؤسس المشارك ومدير العمليات الرئيسي للشركة Aspiring Minds – التي تعنى بإدارة عمليات التقييم المستقلة للخريجين نيابة عن الصناعات] يقول إن نحو 7 في المئة فقط من الذين تخرجوا في قسم الهندسة الحاسوبية يحققون المعيار الصناعي للتكويد coding الأساسي. وقد بين «اختبار لقابلية توظيف 000 55 مهندس هندي، تخرجوا عام 20111، أن نسبة عالية منهم، وهي تحديدا 42 في المئة، لم يتمكنوا من ضرب عددين يحويان كسورا عشرية ولا تقسيم واحد منهما على الآخر. وإن أكثر من ربعهم لم يحصلوا على قدر كاف من دروس اللغة الإنكليزية يسمح لهم بفهم دروس المعاهد الهندسية التي تدرّس مواضيعها بهذه اللغة. ويعلّق <أجاروال> على ذلك بقوله: «هذا شيء محزن إلى حد ما، لكنه أمر واقع. نحن نخرج أعدادا ضخمة، لكن الجودة لا ترقى إلى مستوى طلب السوق.»

 

فرصة متاحة للهند(*****)

قد تساعد المقررات التي تقدم بواسطة
الإنترنت على تخفيف العجز في متطلبات
الجامعات، وعلى تحسين التعليم

 

http://oloommagazine.com/Images/Articles/2015/02-01/2015_01_02_12.jpg

  تمتلك التقانات الرقمية القدرة على إجراء تغيير درامي في التعليم العالي الهندي. إن نموذجا جديدا، يستند إلى استعمال المقررات MOOCs، ابتُكِر محليا وجرى دمجه في مقررات وفرتها خيرة الجامعات خارج الهند، يمكن أن يقدم تعليما عاليا بكمٍّ وكيفٍ لم يكونا في حيز الإمكان سابقا.

إن أعداد المسجلين في الجامعات الهندية ضخمة، وهي في تزايد، وقد تجاوزت أعداد المسجلين في جامعات الولايات المتحدة عام 2010، وهذا جعل الهند تشغل المركز الثاني بعد الصين في ذلك العام. وفي كل يوم يسجَّل 5000 طالب في الجامعات، وتفتتح 10 معاهد عليا جديدة أبوابها.

إن ما تنفقه الهند على التعليم العالي يعادل 3 في المئة من إجمالي ناتجها المحلي (GDP)، وهذا من أعلى الإنفاقات التي تُرصد للتعليم العالي في جميع دول العالم. بيد أن ما تنفقه الهند على الطالب هو من بين أدنى الإنفاقات في العالم. وفي حين زاد التوسعُ الحديثُ من إمكان دخول الجامعات، غير أنه زاد تخفيض الإنفاق على الطالب، وولّد نقصا شديدا في متطلبات الكليات. وكانت النتيجة تدنيا في جودة التعليم.

ويتعين على الهند مواصلة زيادة عدد الملتحقين بمعاهد التعليم العالي، شريطة المحافظة على جودة هذا التعليم وتخفيض نفقاته. ومع أن هذا الوضع غير مقصور على الهند، لكننا إذا أدخلنا في اعتبارنا مساحتها الهائلة وموقعها الفريد، فإن التحديات التي تواجه الهند مرعبة. وقد يساعدها على تذليل هذه الصعاب التقانات الرقمية، وبخاصة الاستخدام الواسع للمقرراتMOOCs.

لقد سبق للهند تجريب الصفوف على الإنترنت، لكن نجاح هذه التجارب كان هامشيا. وقبل عشر سنوات، بدأت الهند باستخدام الإنترنت لتوزيع مقررات ڤيديوية وأخرى مؤسسة على الوب Web-based، وذلك وفق برنامج حكومي، هو البرنامج الوطني للتعلم المعزز بالتقانة(4). وقد ابتكر مصمموه أكثر من 900 مقرر كان تركيزها الرئيسي على العلوم والهندسة، وكان يتطلب كل منها نحو 40 ساعة تدريسية. بيد أن اتسامها بالتفاعل المحدود، والتفاوت في الجودة، أدى إلى إخفاقها في جذب عدد كبير من الطلبة إليها.

لقد منحت المقررات MOOCs الأكاديميين الهنود  إحساسا أفضل بالطريقة التي يمكن أن يعاد بها تصميم محاضرة لتتحول إلى أجزاء قصيرة وتامة في ذاتها، وتتميز بتفاعل عال مع الطلبة، وذلك لجذبهم بطريقة أكثر فعالية. فالخطط جاهزة لمعاهد التقانة في الهند، التي تعتبر، على نطاق واسع، من بين أرقى المعاهد الهندسية في العالم، والتي ستقدم ثلاثة مقررات أساسية في تقانة الاتصالات (IT) هي: بنية البيانات data structure، والبرمجة programming، والخوارزميات algorithms، إلى مئات الآلاف من الطلبة، علما بأن هذه المقررات هي MOOCs. وستمنح هذه المقررات لمن ينجح في امتحاناتها ساعات معتمدة تحسب ضمن ما يُطلب إليه للحصول على شهادته الجامعية.

وما يساعد هو أن الهند مليئة بالشبان الصغار الذين ينعمون بمستوى عالٍ من الارتياح عندما يتعاملون مع التقانة. ويعتبر الهنود من بين أكثر الناس حماسة على استخدام المقررات MOOCs. فمن بين 2.9 مليون مستخدم مسجل في Courseraفي الشهر 3/2013، يوجد أكثر من 000 2500 من الهنود، وهم بذلك يشغلون المركز الثاني بعد المسجلين في الولايات المتحدة. ومع ذلك، فمازلنا بحاجة إلى التوصل إلى النموذج السليم لاستخدام المقررات MOOCs في سياق هنديّ. وبعد عقد من الخبرة في هذا المجال، وفي بيئة تقانة نابضة بالحياة والنشاط، فمن المحتمل جدا أن تجد الهند طريقها بسرعة.

<P. أجاروال> هو مستشار للتعليم العالي في هيئة
التخطيط Planning Commission التابعة للحكومة الهندية.
وما أورده هنا هي وجهات نظره الخاصة.

 

 

وسبب جزء من المشكلة هو ضعف المعلمين. ويقول <أجاروال>: «إنهم يتقاضون أجورا ضئيلة، ولا ينظر إلى مهنتهم بأنها عصرية أو أنها تحظى بقيمة اجتماعية عالية. وإن المهندسين الذين تضيق بهم السبل للحصول على عمل في الصناعة يصبحون مدرسين. وهناك مشكلة أخرى هي إعداد الطلبة قبل بدء دراساتهم العالية: فكثير منهم لا يمتلك مهارات جيدة في اللغة الإنكليزية حين دخولهم كلية أو جامعة، حيث الإنكليزية هي لغة التدريس.»

66%
هي النسبة المئوية لرؤساء الكليات الأمريكيين الذين يقولون إنهم يرون التعلم التكيفيadaptive-learning وتقانات الاختبار إجراءات  واعدة

 

وإذا لم يتغير شيء، فقد يصبح الحال أسوأ. وفي الواقع، يوجد في الهند واحد من أكبر نظم التعليم العالي في العالم، إذ إن عدد جامعاتها أكثر من 600، وعدد كلياتها يتجاوز 000 33، وهي توفر التعليم لأكثر من 20 مليون طالب. بيد أن النسبة المئوية للهنود الذين هم في سن الانتساب إلى الكليات، والذين يتابعون دراستهم بعد إنهائهم المرحلة الثانوية، منخفضة مقارنة بعددهم في دول أخرى. وإن نسبة إجمالي المسجلين في التعليم العالي تعادل في الهند 17.9 في المئة، وفي الصين 26.8 في المئة، وفي الولايات المتحدة 94.8 في المئة. ويقول <A. سودارشان> [مدير تنفيذي سابق للمنظمة التعليمية Manipal GlobalEducation التي تدير ست جامعات وأكثر من 400 مؤسسة تعليمية أخرى]: «لتحقيق نسبة إجمالية للتسجيل قدرها 50 في المئة، يتعين التحاق 300 مليون أو 40 مليون طالب جديد بالتعليم العالي، وهذا لن يحدث إذا ما سارت الأمور على النحو الذي تسير عليه الآن. فالتعليم الذي تُستعمل التقانة في إيصاله إلى الطلبة هو قطعا، الطريقة الوحيدة التي توفر للهند فسحة من الأمل للحاق بقافلة الدول المتقدمة تعليميا في النوعية والكمية كلتيهما.»

مصادفة سعيدة غير منتظرة(******)

تُرى، هل الحل هو المقررات MOOCs، في الهند وغيرها؟

فيما يتعلق بأقلية صغيرة من الطلبة الاستثنائيين، فإن المقررات MOOCs هي مصادفة سعيدة غير منتظرة. وتقول <كولر> التي شاركت في تأسيس الشركةCoursera: «لدينا عدد كبير من الناس الذين يدرسون مقرراتنا التدريسية بصفتهم طلبة يتعلمون كلّاً على انفراد، ونحن نتلقى عددا كبيرا من الرسائل بالبريد الإلكتروني واتصالات أخرى، وكلها تقول إن هذه التجربة تغير حياتهم. فهناك الكثير من الناس في العالم النامي لا يستطيعون النفاذ إلى تعليم عال بدون هذه الطريقة، لذا لا يجوز لنا الانصراف عنها.»

لننظر في حالة <A. بهيڤ>، وهو شاب في السابعة عشرة من عمره من بلدة جابلپور بالهند، كان لايزال في سن السادسة عشرة فقط عندما أخذ مقررا من المقررات MOOCs يسمى الدارات والإلكترونيات Circuits and Electronics من المعهد .M.I.T. فقد كان <بهيڤ> يهتم بكتب أبيه الهندسية منذ أن كان طفلا، وعلَّم نفسه بنفسه لغة BASIC. وقد حصل على شهادة مايكروسوفت MicrosoftCertification في البرمجة عندما كان لايزال في المدرسة الثانوية. وأحب أيضا الإلكترونيات باعتبارها هواية، وأنهى بنجاح مقرر الدارات والإلكترونيات حين كان في صف التخرج، وعندما حدث أن أخفقت edX  في تقديم المقرر إشارات ونظم Signals and Systems، أصيب <بهيڤ> بالإحباط. لذا كوّن فريقا مع طالبين آخرين قابلهما في ندوة تتعلق بالإنترنت، وذلك لابتكار نسخة من MOOC لهذا المقرر – استنادا إلى المحاضرات والامتحانات الموجزة quizzes التي قدمها المعهدM.I.T. وسجلها على شريط ڤيديوي، إضافة إلى عناصر فعالة أخرى ابتدعها <بهيڤ>، وهو يقول: «لقد عملت كودي(5) الخاص بي وكل شيء من لا شيء.» وقد شارك في هذا المقرر نحو 11000 طالب. وقد نوّه <بهيڤ> بهذا الجهد عندما تقدم بطلب إلى المعهد M.I.T. لقبوله طالبا كامل الدوام full-time في عام 20133. ويقول <بهيڤ>: «في 14/3/20133 أُعلِنت أسماء الطلبة المقبولين. لكن هل تصدقون ما حدث؟ لقد كنت واحدا منهم! وهذا الحدث أشعرني بسعادة بالغة غمرتني وأهلي. لقد كانت هذه أول مرة يدخل فيها شخص من بلدتي المعهدM.I.T. ليتابع فيه دراسته الجامعية الأولى.»

ويمكن قراءة هذه الحكاية بطريقتين: أولاهما، أن المقررات MOOCs التي قدمها المعهد M.I.T. فتحت نافذة لا تصدق على فرصة لشاب يعيش في وسط الهند؛ والثانية أن المقررات MOOCs لا تستطيع أن تحل تماما محل المقررات  التدريسية التقليدية، لأن أعلى طموح ل <بهيڤ> كان السفر إلى الولايات المتحدة والدوام شخصيا في المعهد .M.I.T. فالأسباب التي يقدمها <بهيڤ> هي أن تجربة الصفوف الدراسية واضحة: ففيما يتعلق بالمبتدئين من الصعب دراسة العلوم المعقدة التي يود <بهيڤ> اختيارها، دون أن يجري بنفسه بحوثا مخبرية فيها. والأهم من ذلك أنه ليس بوسع <بهيڤ> الحصول على شهادة من المعهد M.I.T. نتيجة دراساته باستخدام الإنترنت، علما بأن حمل شهادة هي نقطة البداية لحصول المرء على عمل.

 

”التجريب هو المبدأ الرئيسي“(*******)

يتوقف مستقبل التعليم في الحرم الجامعي على
الدمج السليم لوسائل التعليم الرقمية والتقليدية

 

http://oloommagazine.com/Images/Articles/2015/02-01/2015_01_02_14.jpg

  عندما عَلّمت أول مقرر لي على الإنترنت، وذلك قبل أكثر من عقد من الزمن، كنت أمثل شذوذا عن القواعد في قسمي. كان دافعي الرئيسي لذلك نشر معلومات عن بيولوجيا ڤيروس عوز المناعة المكتسب (HIV) بصفتها جزءا من جهد كلي لمجابهة المفاهيم الخاطئة الكثيرة المغروسة في أذهان الناس عن الإيدز (AIDS). وكان ذلك المقرر مؤلفا من عروض ڤيديوية لمحاضرات نقلت إلى العالم بصفتها جزءا من برامجنا التعليمية المستمرة.

بيد أن هذا الوضع مختلف على وجه ملحوظ في هذه الأيام. ففي الشهر 5/2012 أعلنت جامعة هارڤرد والمعهد M.I.T. عن إنشاء edX، وهي شراكة مؤسساتية الغرض منها توسيع مجال النفاذ إلى تعليم عالي الجودة عن طريق صفوف على الإنترنت، وفي الوقت نفسه، تحويل التعليم والتعلم إلى أحرامنا الجامعية. وقد تعاظم الاهتمام بالتعليم باستخدام الإنترنت تدريجيا، حتى مع مواصلة الحوار الصحي المتعلق بالأثر المحتمل لجعل الصفوف التدريسية متاحة على نطاق واسع على الوِب Web.

ليست الصفوف على الإنترنت مجرد عملية الاشتراك في مواد تعليمية عن طريق الإنترنت؛ إنها، أيضا، ابتكار طرائق جديدة في التعليم لتقديم تلك المواد إلى الطلبة الذين يستمعون إلى المحاضرات في قاعات التدريس وبواسطة الإنترنت معا. ويقوم كثير من زملائي بتطبيق الأدوات الموجودة على الإنترنت مأخوذة من مقررات على الإنترنت في مسعى إلى نقل خبرات الطلبة هنا في كيمبردج بماساتشوستس. فمثلا، يلاحظ أن كل ڤيديو تعليمي وتقييم تفاعلي صمما لمقرر <J .D. مالانز> التمهيدي في العلوم الحاسوبية يدعمان تماما الطلبة الذين لم يتخرجوا بعد في مقرره الذي يُعطى في الحرم الجامعي. هذا وإن البرمجيات، التي صممها لإعطاء الطلبة تعليقا آنيا على جودة كودهم theircode، مفيدة للطلبة داخل الحرم الجامعي، بقدر ما هي مفيدة لأولئك الموجودين على الإنترنت. وبالمثل، فإن <F .E. كوك> و <M. پاگانو> [من كلية هارڤرد للصحة العامة] ابتكرا مقرر إنترنت جديدا في الإحصاء الحيوي biostatistics وعلم الأوبئة سيستخدمانه في هذا الخريف لدعم نموذج فريد للصف – حيث يتابع الطلبة المحاضرات أو مادة مقرر آخر على الإنترنت، ثم يحضرون إلى الصف لإجراء مناقشات نشطة مع معلميهم أو أقرانهم.

إن التطور السريع للوسائل الرقمية مثل الڤيديو ووسائط الإعلام المتعددة mutlimedia الفعالة، والأنماط الجديدة للتقييم، تدفعنا إلى إعادة التفكير فيما يمكننا، وما يجب علينا، عمله حين نجتمع مع طلبتنا وجها لوجه. فخلال ابتكاري مقررا على الإنترنت، في الاستقلاب الخلوي مثلا، فإنني أضع فرضية مفادها أن اتحاد المحاكاةanimation  مع التقييمات المتقدمة ذاتيا سيعرض تعقيدات انتقال الإلكترونات بطريقة أكثر فعالية مما تفعله محاضرتي التقليدية. وبعد إعادة توازن الدروس التي تُعطى في الصف لتتضمن مواد معدة للقراءة، ومواد على الإنترنت، والحفاظ على الكم نفسه من العبء الدراسي الإجمالي، فإنني أجد مع ذلك وقتا مع طلبتي في الصف لأناقش وأجري تحليلا نقديا معهم للنتائج الاستقلابية لتعطيل انتقال الإلكترونات تجريبيا. وبعبارة أخرى، فإنني أتمكن من تخصيص مزيد من الوقت لأكثر المفاهيم تحديا لطلبتي. وفي هذا السياق، فإن الطلبة الذين يتابعون محاضراتهم في الصف وعلى الإنترنت معا، قد ينعمون بقدرات أكثر فعالية من أي وقت مضى.

ومن المهم جدا في جميع هذه الجهود المثيرة أن نعي أن التجريب هو المدخل، وأننا مازلنا لا نعرف الطريقة الفضلى لتسخير الإمكانات الإيجابية لثورة الإنترنت لمصلحة التعلم التقليدي. وهذا هو السبب في أن لكل مقرر في HarvardX – وهو مبادرة قدمتها جامعة هارڤرد للتعليم الرقمي على نطاق واسع تتضمن المشاركة في edX – مركّبة بحثية مرتبطة به. ونحن نقيس تقدم الطلبة عن طريق ارتباطه بتسلسل مادة المقررات، وأسلوب تقديم تلك المادة (أي بالمحاضرات ماقبل المحاكاة الڤيديوية)، ومعرفة ما إذا كان المدرس استعمل تقييمات فعالة، وعن طريق وسطاء أخرى. هذا وإن مثل هذا البحث التكميلي مع كل مقرر على الإنترنت، سيكون أساس التحسينات في طريقتي التربية التقليدية وعلى الإنترنت كلتيهما. وفي الحقيقة، فإن معاهد التعليم العالي يجب أن تتعاطى هذا الأسلوب في البحث إذا كنا عازمين على استحداث نماذج جديدة فعالة من شأنها توسيع النفاذ إلى محتوى تعليمي عالي الجودة، وفي الوقت نفسه تعزيز وتنمية بنى التعليم الفردي التي تدعم المشروع المشترك للبحث والتثقيف والتعليم.

<R. لو> مدير الكلية Richard L. Menschel Faculty التابعة للمركز Derek
Bok Center for Teaching and Learning ومدير كلية HarvardX، وأستاذ في
قسم البيولوجيا الخلوية والجزيئية بجامعة هارڤرد.

 

 

بيد أن الأغلبية الساحقة من الهنود لم يكن لديها الدافع أو المهارات التي يملكها <بهيڤ>. وكان، أيضا، يتميز بأنه من عائلة قادرة على تزويده بحاسوب، وبنفاذ موثوق إلى الإنترنت. وإن أباه مهندس قادر على تسجيل ابنه في مدرسة ثانوية خاصة. فالنفاذ إلى الإنترنت آخذ في التحسن بالهند، لكنه مازال محدودا جدا، إذ إن نحو 10 في المئة من الهنود استعملوا الإنترنت عام 2011. ويظل التزويد المنتظم للبيوت بالكهرباء مشكلة في جزء كبير من البلاد التي يقل فيها معدل الدخل السنوي للفرد عن 1500 دولار. ويمثل الحاسوب لمئات الملايين من الهنود، رفاهة لا يمكن تخيلها.

بيد أن التقانة آخذة في الانتشار، وسعرها آخذ في الانخفاض. وحتى في بلاد محصورة ضمن حواجز مائية مثل رواندا، فثمة كِبال cables ألياف ضوئية تتصالب فيها، وستزداد كميتها بحلول نهاية عام 20133. فأسعار الأجهزة الحاسوبية مستمرة بالتدني: بناء على طلب من الهند، أنتجت الشركةDatawind، التي مقرها في المملكة المتحدة، جهاز أندرويد اللوحي Android tabletثمنه 40.11 دولار، وقدمته الحكومة الهندية إلى الطلبة بنصف هذا السعر تقريبا. ومع أن Aakash 2 لا يمكنه أن ينافس أفضل الأجهزة اللوحية، غير أنه، بسبب سعره، قد يكون ثوريا. فقد سعت الشركة Datawind إلى شحن مليون جهاز لوحي إلى الهند عام 2013. ويقول Andrew Ng الذي شارك <كولر> في تأسيس Coursera: «عندما حملت ذلك الشيء بيدي، ظننت أنني سأغير العالم، وأن العالم مازال يجهله.»

إن المقررات MOOCs آخذة في التطور أيضا. هذا وإن <M. هورن> [المؤسس المشارك للمعهد المسمى Clayton Christensen Institute for Disruptive Innovation، وهو إحدى مؤسسات الفكر والرأي think tank التي تركز على تحديث التربية والتعليم والعلوم الصحية] يشبِّه المقررات MOOCs  الحالية بأبكر الأفلام السينمائية. وهو يقول: «كانت الأفلام الأولى عروضا مسرحية، وكانت تبدو ساذجة وسخيفة. فالمقررات MOOCs الحالية هي، جوهريا، أفلام عروض مسرحية. إنها تعد أفلاما عن المحاضرات ثم تربط هذه المحاضرات بعضها ببعض. ولهذا السبب، جزئيا، لا يُكمل المقررات MOOCs إلا أقل من 100 في المئة ممن يسجلون أنفسهم فيها. ويتوقع <هورن> أن تتزايد جاذبية المقررات المقدمة بالإنترنت باطراد. والهدف هو إيجاد مقررات تدريسية تفاعلية لا تعلم الطلبة فحسب، وإنما تتعلم منهم أيضا، وهذا يجعل المقررات تكيف نفسها وفق الحاجات والمهارات الفردية.

ويتصور بعض المربين حدوث فصل حقيقي بين التعليم والتقييم، أي إن الطالب الذي يأخذ المقررات MOOCs ثم يجري اختبارا ويحصل على شهادة تستند إلى الكفاءة وذات مستوى عال، قد يصبح مطلوبا في سوق العمل أكثر من نظيره الذي يحمل شهادة جامعية تقليدية.

بيد أن ذلك مازال في مستقبل افتراضي. أما الآن، فالطلبة لا يرون غالبا فائدة ملموسة من أخذ المقررات MOOCs: ففي العالم النامي، ربما أكثر من أي مكان آخر، يكون الطلبة الصغار السن بحاجة إلى الوثوق بأن التعليم الخاص سيمكنهم من الحصول على عمل يوفر لهم دخلا. ويقول <أجاروال>: «الطلبة بحاجة إلى أن يروا أن ثمة حركة مستمرة تنطلق من أخذ مقرر دراسي، والحصول على شهادة بنجاحهم في المقرر، واعتراف الموظفين بهذه الشهادة. وعلى المقررات أن تتوافق مع ما تتطلبه الصناعة. فإذا أُنشئت هذه الدارة الفعالة وكانت واضحة للطالب، فإن المقررات MOOCs ستنتظم في سلسلة المقررات التدريسية التقليدية.»

ويهدف الذين يقدمون المقررات MOOCs إلى أن تكون الشهادات التي يمنحونها مقبولة من أقسام التوظيف والكليات، بيد أن هذا الأمر لايزال في مراحله المبكرة. وإن جانبا من هذا التحدي يتجلى في إيجاد إجراءات وقائية من الغش يُنظَر إليها بأنها موثوقة. وأحد هذه الإجراءات هو أن يُفرض على الطلبة الذهاب إلى مراكز الاختبارات؛ وثمة إجراءات أخرى ذات طابع تقاني. ويقول Ng: «لدينا شيء يسمى تَعَقُّبَ التوقيع Signature Track، حيث نطلب إلى شخص ما عرض صورة شخصية photo ID  من البداية، وعندما تنجز واجباتك المنزلية، يُطلب إليك أخذ صورة فوتوغرافية، وتقديم عينة طباعية typing sample. إن إيقاعك الطباعي مرتبط بسمات شخصيتك. فمن الصعب جدا عليك أن تطبع كما أطبع أنا، أو أن أطبع كما تطبع أنت.» وتسمى هذه العملية القياس البيولوجي المميز للطابع keystroke biometrics، ويمكن استعمالها للتوثق من أن شخصا ما يكمل واجبا منزليا هو الشخص نفسه الذي أخذ المقرر.

لا يرى الطلبة، غالبا، فائدة ملموسة من أخذهم المقررات MOOCs: ففي العالم النامي، يحتاج الشباب إلى الثقة بأنه يترتب على اتباعهم هذه الطريقة الجديدة في التعلم حصولهم على عمل يُدِّر عليهم دخلا هم بحاجة إليه.

 

هذا وإن الشركة Coursera تعمل أيضا مع فريق يسمى ProctorU مهمته مراقبة الامتحانات بواسطة كاميرات الوِبْ Web cam. ويطلب الفريق ProctorUإلى المتقدمين إلى الاختبارات أن يظهروا صيغة أو أكثر لبطاقات هويتهم ID، وأن يستعملوا حاسوبهم لمسح الغرفة للتوثق من أن هؤلاء المتقدمين لا يتلقون أي مساعدة تمرر إليهم posted. وقد يتعين أيضا على الطلبة ملء بيان يختارونه من عدة بيانات عن خلفيتهم الشخصية – استنادا إلى معلومات جمعت من قواعد بيانات databases – للتثبت من هوياتهم. بعد ذلك، يقوم موظف من الفريق ProctorU بمراقبة الطلبة بواسطة كاميرات الوِب خلال الاختبار. فالقيام بهذا الإجراء يغدو أصعب خارج الولايات المتحدة، لكنه قابل للتنفيذ.

ويرى مزودو المقررات MOOCs أيضا أن الوثائق الثبوتية التي يجب على الطلبة الحصول عليها توفر طريقة لتمويل خدماتهم. فمثلا، تُيَسَّرُ مقرراتCoursera مجانا للأفراد، لكن الوثائق الثبوتية ليست كذلك. وفي هذه الأوقات، إذا اختار طالب مقررا يطبق إجراء تعقب التوقيع في صف Coursera بجامعة ديوك، فإنه سيدفع قسطا أقل من 1000 دولار. وبعد إكمال المقرر والنجاح في الامتحانات، يتسلم الطالب «شهادة مصدقة» تفيد بأنه أنهى المقرر بنجاح، علما بأنه يُطبع عليها شعار الجامعة. وفيما يتعلق ببضعة صفوف فيCoursera، مصادق عليها حاليا من قبل المجلس الأمريكي للتربية والتعليم(6)، فثمة توصيات معتمدة من تلك المنظمة – وهي مقبولة في كثير من المعاهد التقليدية – متاحة لمن يطلبها. والتكلفة تتراوح بين 100-190 دولارا. وتقدمCoursera، أيضا، عونا ماليا إلى المشاركين من غير القادرين على دفع تلك الأقساط.

بيد أن هذه الحلول العالية التقانة، وبخاصة عندما يكون المطلوب تطبيقها على نطاق واسع، مازالت تبدو بعيدة الاحتمال في بقاع من العالم لا يتوفر فيها ماء نقي ورعاية جيدة للصحة العامة إلا في أضيق الحدود. وفي هذه الأوقات يتركّز الاهتمام الأولي في الهند على استكشاف فوائد استعمال التقانةMOOC بغية تعزيز جودة التعليم في المعاهد الموجودة هناك. ويَدْرُسُ الآن مركز بحوث مايكروسوفت مشروعا استكشافيا لافتتاح صفوف على الإنترنت تستعمل نمط المقررات MOOCs، علما بأن مدرسي هذه الصفوف مجموعة متميزة من الأساتذة الجامعيين الهنود، بحيث تكون المقررات منسجمة مع المقررات الدراسية في كليات الهندسة الهندية. ويسمَّى البرنامج صفوفا معززة بقوة، أو اختصارا (MEC)ا(7). هذا وإن <جونجونوالا>، الذي يعتقد بأن معظم الطلبة الهنود سيجابهون صعوبات في فهم المقررات على الإنترنت، التي تقدمها الجامعات الأمريكية، يقول: «لا وجود لجواب وحيد لكل شخص.» وهو يتذكر ارتباكه حين اختار مقرر الكيمياء في الكلية لأنه لم يستطع فهم لهجة أستاذه الأمريكي. وهو يقول: «إن اختيار شيء ما من الخارج واستيراده لن ينجحا، ولم يسبق لهما النجاح قطّ.»

بيد أن مؤيدي المقررات MOOCs يؤكدون أن الكتب الجيدة التي تتضمن هذه  المقررات تُستعمل في جميع أنحاء العالم، وأن الصفوف على الإنترنت يمكن أن يُنظَر إليها على أنها نوع من الكتب الدراسية الرقمية، وأن تلك المقررات يمكن تصميمها لمجموعة واسعة من الطلبة. ويقوم الأوروبيون حاليا بتصميم مقررات MOOCs خاصة بهم، علما بأن كبار المزودين الأمريكيين للمقرراتMOOCs وقعوا عقودا مع جامعات أجنبية لتزويدها بمقررات بلغات غير الإنكليزية. ويقول <بهيڤ>: «مازال التعليم بواسطة الإنترنت في مهده الآن. غير أنه يمتلك قطعا القدرة على تغيير وجه الدول النامية.» وبناء على تجربته الخاصة، فإنه يلاحظ «أن ثمة ثورة تعليمية ستحدث في السنوات القادمة.»

425 مليون دولار أمريكي
هي القيمة التقريبية للمبالغ التي استثمرها بعض أصحاب رؤوس الأموال في استحداث تقانة هدفها إنشاء المدارس K-12، وذلك عام  2012

 

تجربة رهاناتها عالية(********)

إن المعلمين العاملين في كپلر ليسوا في حالة انتظار، إذ إن النموذج العملي الوحيد الذي يؤثرونه واضح المعالم: إنه تقديم أفضل تعليم يقوم به أفضل المدرسين بواسطة الإنترنت، إضافة إلى وجود تفاعل جوهري في الصف. ويقول <هوداري>: «إن فكرة تقديم المقررات MOOCs  إلى الإفريقيين أو غيرهم دون تبسيط وتعديل، ودون مساعدة، هي فكرة عقيمة ليست لها فرصة للنجاح؛ فكثير من الطلبة لم يعلّم كيف يُستعمل الحاسوب. فالأشياء البسيطة حقا معقدة، كإطلاق برنامج، وإنهاء برنامج، وحتى عملية تنضيد الحروف.»

كانت أول مدرِّسة تلتحق بكپلر <C. يارنگ>، هي معلمة سابقة في واحدة من مدارس charter schools في أوستن بتكساس التي تطبق البرنامج الذي أُطلق عليه اسم برنامج المعرفة قوة (KIPP)ا(8). وتعكف <E. ستيلمان> [مؤسسة مشاركة لمدرسة ابتدائية premier charter في كيمبردج بماساتشوستس] على تصميم المنهاج الدراسي للمدرسة. وتعمل كلتاهما براتبين متواضعين في بقعة نائية من الكرة الأرضية، لأنهما تؤمنان بأن التعليم المتميز يمكن أن يحدث تحولا دراميا في حياة الناس، ولأنهما تواقتان لمواجهة التحديات والمغامرات. وتطمح <ستيلمان> إلى استعمال أجزاء من المقررات MOOCs المختلفة، ثم دمجها في أكثر الطرق ملاءمة لطلبتها الروانديين. وسيكون التركيز أولا على تعلم كيفية التّعلّم – وبخاصة في سياق رقمي – وعلى التحليل الكمي والتفكير النقدي. وتقول <ستيلمان>: «الموظفون محبطون لأنهم لا يستطيعون العثور على أناس بمقدورهم التفكير وحدهم، والطلبة يصبحون أكثر ابتهاجا لأنهم يرون أنهم يقدمون أفكارهم الخاصة. أنت ترى أن هذه المصابيح مستمرة بعملها: إنها حقا ظاهرة جميلة وتزود هؤلاء بطاقة عالية.»

كان الغرض من الصف التجريبي الأولي prepilot class هو تعرف المشكلات والتوصل إلى حلول لها قبل تقديم البرنامج كاملا في فصل الخريف. وبحلول الأسبوع الخامس، كانت <يارتگ> و<ستيلمان> قد تعلمتا عدة دروس مهمة. فقد كانتا بحاجة إلى أن يتمكن المبتدئون من النفاذ إلى الإنترنت على نحو أفضل، لذا خططتا للانتقال إلى مكاتب جديدة وصلت هذا الصيف بالشبكة الليفية-الضوئية(9). والأهم من ذلك هو أنهما تيقنتا أن كثيرا من الطلبة كانوا بحاجة إلى تدريب جدي على اللغة الإنكليزية كي يكونوا قادرين على متابعة المحاضرات على الإنترنت، وتحليل مادة مواضيعها المعقدة. (في السنوات القليلة الماضية، غيرت رواندا اللغة الرئيسية للتعليم في مدارسها من الفرنسية إلى الإنكليزية). وتخطط كپلر الآن لفتح صفوف للدراسة المكثفة للغة الإنكليزية خلال مرحلة توجيهية قبل بداية فصل الدراسة الخريفي، ولتكليف هذه الصفوف بكتابة الكثير من النصوص الإنكليزية خلال ذلك الفصل النظامي. وتقول <ستيلمان>: «عند الانتهاء من هذه الكتابة، سنقوم بكتابة المزيد منها.»

ومثاليا، يرغب <هوداري> في توسيع تجربة كپلر في رواندا، ثم تصدير هذا النموذج إلى بلدان أخرى. بيد أن هذا يتوقف على كيفية مسار العامين التاليين. وهو يقول: «هذا مشروع تحضيري، نحن نركز على التجريب. لقد بُذلت جهود مضنية في التفكير في تغيير العالم، لكن لم تكن تتوفر خبرة كافية لفعل ذلك. نحن نريد قضاء سنتين في اختبار النموذج – بغية تحديد الأساليب التربوية للحصول على أفضل نتائج للطلبة.» ويودّ <هوداري>، قبل كل شيء، التيقن أن تجربة كپلر ستنجح، ولو كان السبب الوحيد هو أن يحدو خمسين روانديا أمل قوي بألا تكون لديهم خطة B.

 <بارثولت> مراسل رائد للشؤون الخارجية، ورئيس سابق لمكتب مجلة Newsweek في واشنطن.

(*)HYPE AND HOPE

(**)MASSIVELY PERSONAL

(***)WHERE MOOCS MATTER MOST

(****)No More Lockstep Learning
(*****)An Opportunity for India

(******)A GODSEND

(*******)Experimentation Is Key

(********)A HIGH-STAKES EXPERIMENT

(1) massive open online courses
(2) Critical Thinking in Global Challenges
(3) the Massachusetts Institute of Technology

(4) the National Program on Technology Enhanced Learning

(5) own code

(6) the American Council on Education

(7) Massively Empowered Classrooms

(8) Knowledge Is Power Program

(9) fiber-optic network

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

زر الذهاب إلى الأعلى