أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
الطب وصحة

الألم المُزمِن

الألم المُزمِن(*)

ألم حارق، وجع، ألم وامض، أيّاً كانت الصورة التي يأخذها؛
فإن الألم المزمن(1) يستطيع أن يتحدى العلاج. لكن تبصرات مستجدة
في أسبابه يمكن أن تقودنا إلى أفكار حديثة لمكافحته.

<S. سوذرلاند>

 

باختصار

   يصيب الألم المزمن(1) أعدادا متزايدة من  المرضى في الولايات المتحدة ويحمّلها أعباء مالية أكثر من السرطان وأمراض القلب وداء السكري مجتمعةً.

فالمخدرات الأفيونية وغيرها من الأدوية الموجودة حاليا تؤدي عملا ضعيف المستوى في تخفيف الكثير من الألم المزمن وقد تكون لها مخاطر شديدة.

إن اكتشاف السبل الجزيئية الخاصة بالألم قد أظهر أهدافا جديدة لتطوير الأدوية.

والمواد الموجودة في سموم الحيوانات هي ضمن تلك التي تختبر باعتبارها الجيل الجديد من مسكنات الألم.

 

 

«تأكد أنك تذهب إلى محل بقالة وليس إلى بيرگر كينگ,» هكذا أعطت <J. بوند> توجيهاتها إلى زوجها على هاتفه الجوال بينما كان يجري ليحضر لها مكعبات ثلج في إحدى ليالي عام 2012. «إن مكعبات الثلج خاصتهم تذوب بسرعة كبيرة،» وقد كانت <بوند> وقتها تبلغ من العمر 38 عاما وحاملاً في الشهر التاسع تقريبا وتحتاج إلى أكياس الثلج لتُبقي الماء باردا في الحوض الذي تضع قدميها فيه، وكانت قدماها حمراوتين ومنتفختين ومؤلمتين. وقد تعلمت أن تغطي قدميها بأكياس القمامة حتى لا يتسبب الماء البارد في إيذاء جلدها. وقبل بضعة شهور كانت <بوند> امرأة شابة صحيحة الجسم لديها عمل مكتبي في شركة تقوم بتركيب السخانات الشمسية، وتعيش حياة طبيعية تقريبا. وهي الآن، بالكاد تتخلى عن الراحة في الحوض المائي إلا للاستحمام «وهو الأمر الذي بات عذابا.»

و<بوند> التي تعيش في سانتا روزا بكاليفورنيا تعاني حالة تسمى احمرار الأطراف المؤلم (EM)ا(2)  وهي مشتقة من اللغة الإغريقية «ألم الطرف الأحمر» – وفيها يتفاقم ألم حارق شديد في الأيدي أو الأقدام، وتصبح الأطراف المتألمة فائقة الحساسية حتى لدرجات الحرارة المعتدلة الدفء أو للضغط الخفيف. وفي أغلب المرضى، كما هي الحال مع <بوند>، تنشأ الحالة من دون تعليل (ليس لها أي علاقة معلومة بالحمل). ومع أن المرض EM نادر، حيث يصيب فقط نحو 13 فردا من المليون نسمة، فإن الألم المزمن بأشكاله التي لا تعد شائع بصورة مدهشة وغالبا ما يكون منشؤه غامضا.

ويُقدَّر أن 100 مليون شخص في الولايات المتحدة يناضلون ضده، ويأتي في أكثر الأحيان على هيئة آلام في الظهر أو آلام المفاصل. وبنظرة شاملة، فإن الألم المزمن يصيب الأمريكيين أكثر من داء السكري والسرطان وأمراض القلب مجتمعة ويكلفهم أكثر أيضا؛ حيث تصل التكلفة تقريبا إلى 635  مليون دولار أمريكي سنويا على شكل رعاية طبية وفقد عمالة، وذلك طبقا لتحليل عام 2012. والقيمة من حيث المعاناة لا تقدر بثمن. فالناس الذين يعيشون هذه المأساة يواجهون خطرا متزايدا لإمكان حدوث الإعاقة، الاكتئاب، اضطرابات في المزاج والنوم، إدمان المخدرات والكحول والانتحار. و<L. پورتر> [استشارية في خطط معالجة الألم بالمعهد الوطني للأمراض العصبية والسكتة الدماغية، ومديرة مكتب المعهد الوطني لصحة سياسات الألم في بيثيسدا بولاية ميريلاند] تُسمي الألم المزمن «مشكلة صحة عامة كبرى لا نتعرفها أو نتعامل معها بالقدر الكافي.»

إن لوجود الألم غاية: فهو يقدم إلينا نظاما ذاتيا مدمجا فينا للتحذير من أي أذى في الجسم؛ فيجبرنا على انتزاع يدنا من على فرن ساخن قبل أن تحترق إلى درجة خطيرة، أو أن نتوقف عن المشي على رجل مكسورة. لكنه يستمر أحيانا مدة طويلة بعد غياب الخطر. ومع أن الألم المزمن قد ينشأ عن سبب غير مفهوم، فبصورة عامة يمكن تقسيم أسبابه إلى فئتين: التهابي(3) – كمثل ذلك الذي يسببه التهاب المفاصل العظمي – واعتلال عصبي المنشأ(4)  الذي ينشأ عادة عن أذية أحد الأعصاب نتيجة لضرر أو مرض أو إصابة أخرى.

إن الألم المزمن يشتهر بأنه غالبا عصيّ على العلاج، ويمثل نمط الاعتلال العصبي تحديا بشكل خاص، وهذا يعود جزئيا إلى كون الأدوية المضادة للالتهاب مثل الإيبوپروفين ibuprofen وناپروكسين naproxen بالكاد تؤثر فيه. لذا، فالمورفين morphine وغيره من المخدرات الأفيونية هو القاعدة الذهبية لحالات الألم الشديدة قصيرة المدة، ولكن لها أعراضا جانبية تتراوح ما بين البسيطة مثل الإمساك والنعاس إلى كبت التنفس الذي يمثل تهديدا للحياة. إضافة إلى أن الأشخاص الذين يستخدمونها لفترات طويلة يتطور لديهم تدريجيا تحملtolerance لهذه الأدوية ويحتاجون إلى جرعات أكبر منها مما يزيد من مخاطرها، فالإدمان على الأدوية وسوء استخدامها من القضايا المهمة التي ترافق استخدام الأفيونيات(5): فهناك عدد متزايد من الأمريكيين الذين يموتون بسبب جرعة زائدة من مسكنات الألم تلك الموصوفة طبيا، يفوق أعداد الذين يموتون بسبب جرعة زائدة من الكوكايين والهيروين مجتمعَين. أما الأدوية الأخرى التي تستخدم لعلاج الألم المزمن، فتشتمل على بعض يوصف أصلا لعلاج نوبات الصرع والاكتئاب، وهذه الأدوية أيضا لها حدودها وعليها قيود. ومع أن المخاطر المحتملة على طفلها الذي لم يولد بعد، فقد تلقت <بوند> خليطا من الأفيونيات، مضادات الاختلاج ومضادات الاكتئاب؛ لمساعدتها على النوم ولخفض التوتر النفسي المرتفع لديها بصورة خطيرة.

ولطالما استعصى الحصول على الأدوية الطبية الأكثر أمانا حتى على أعتى جهود العلم، غير أن ذلك قد بدأ بالتغير. فالاكتشافات الحديثة قد أتاحت الفرصة لسبل جديدة واعدة لتطوير الأدوية. «والباحثون الآن يحققون الكثير من التقدم بالتركيز على المسارات الجزيئية لإرسال إشارة الألم،» بحسب قول <پورتر>. «وهناك أمل.»

http://oloommagazine.com/Images/Articles/2015/07-08/2015_08_07_19_b.jpg

 

سباق التناوب(**)

ولفهم هذه الجهود الجديدة في السيطرة على الألم المزمن؛ فمن المفيد أن نعرف كيف ينشأ الألم. ويبدأ الألم كمنبه stimulus تكتشفه خلايا عصبية متخصصة تسمى مستقبلات الأذى nociceptors التي تنشر مجساتها عَبر سطوح الجسم داخله وخارجه. والمثيرات التي قد تتلف الجسم – مثل الحرارة الشديدة الارتفاع أو الانخفاض، والقوة الميكانيكية أو مجموعة كاملة من التهديدات الكيماوية – تُنشط هذه النهايات العصبية. ومن ثم، فإن الإشارات التي تبعثها تلك النهايات تندفع سريعا بطريقة الزمام المنزلق zipping نحو أجسام الخلايا مستقبلات الأذى التي تستقر في بنى تُعرف بالعقد الظهريةdorsal ganglia تتوضع خارج الحبل الشوكي مباشرة. ومن هناك تبث مستقبلات الأذى – بشكل متناوب – التهديد لعصبونات في الحبل الشوكي، وهذه بدورها تحفز شبكة الألم الدماغية الممتدة التي تتضمن المناطق المسؤولة عن التفكير والمشاعر (الأمر الذي يفسر لماذا قد تنجح الأدوية الوهمية placebos والإلهاءات في تلطيف الألم).

 

[آفاق العلاج]

مفاتيح لتلطيف الألم(***)

   إن إشارات الألم التي تتولد نتيجة للحرارة أو غيرها من المحفزات تنتقل من النهايات العصبية في الجلد أو غيره من المواقع إلى بنى تسمى العقد الجذرية الظهرية(6)  بالقرب من الحبل الشوكي، ومن ثم إلى الحبل الشوكي والدماغ. ولكنه يمكن للطفرات الجينية أو أذية الأعصاب أن تبدل سلوك جزيئات أساسية بامتداد المسار، بما في ذلك القنوات الأيونية، بطرق تؤدي إلى إزمان الألم. وعلى أمل تخفيف المعاناة يستهدف الباحثون الآن تلك الجزيئات الحاسمة بطرق شتى.

http://oloommagazine.com/Images/Articles/2015/07-08/2015_08_07_20.jpg

   (1) تفتح القناة TRPV1 استجابة للحرارة فتدخل الجزيئات الموجبة  الشحنة.

   (2) التغيير الناشئ في الڤلطية (الجهد الكهربي) للغشاء يفتح قنوات الصوديوم ذات البوابة الحساسة لفرق الڤلطية.

   (3) يثير تدفق الأيونات إشارات ألم تندفع صوب الحبل الشوكي بنمط الزمام المنزلق zip

   قنوات مفرطة النشاط
وهناك جزيئات تسمى قنوات الأيونات توجد كجزء لا يتجزأ من غشاءات النهايات العصبية التي تكتشف المحفزات المؤلمة، وهي تفتح وتقفل ثقبا مركزيا استجابة للمحفزات. على سبيل المثال، فهناك قناة تسمى (TRPV1)
ا(7)  تكتشف الحرارة، وعندما تفتح فإن الأيونات الموجبة الشحنة (الصوديوم بشكل أساسي) تندفع إلى الداخل فتعزز فرق ڤلطية الغشاء. واستجابة لذلك، فإن قنوات الصوديوم الحساسة لفرق الڤلطية (Navs)ا(8)  تنفتح وتثير إشارة ألم إلى الحبل الشوكي. والشذوذات في القنوات Navs و TRPV1 بإمكانها أن تسبب مزيدا من الإشارات ومن ثم مزيدا من الألم. والعناصر التي هي قيد الدراسة ربما تُنقِص من نشاط القنوات وبذلك توقف الإشارات الإضافية.

   أسلاك متشابكة
وبعض الأعصاب التي تكتشف المدخلات الحسية تتخصص ببث الألم، وغيرها ينقل اللمس. وتبادل الحوار cross talk ما بين المسارين تنظمه خلايا في الحبل الشوكي تسمى ما بين العصبونات interneurons(باللون الأزرق). وهذا النظام غالبا ما يختل لدى البشر المصابين بالألم المزمن وعندئذ يعانون فرط الإحساس بالألم – ألم ناشئ عن مثيرات غير ضارة مثل اللمس الرقيق. وقد بَيّن البحث أن هذه الحالة يمكن أن تنشأ بعد أن يجرح العصب، عندما تحرر خلايا الجملة المناعية المعروفة بالخلايا الدبقية microglia cells  الصغيرة إشارات كيماوية و هذه بدورها تؤدي إلى فقدان عصبونات الحبل الشوكي لجزيء مهم للتأشير الطبيعي. ويعمل مطورو الأدوية على طرق لإصلاح هذا الخلل وتلطيف فرط الإحساس بالألم.

 

ومثل الإشارات العصبية كلها، تتسارع رسائل الألم من إحدى نهايتي العصبون إلى الأخرى عن طريق حدث كهربي يسمى قوة التأثير actionpotential يحدث بسبب تدفق الأيونات ions  – الذرات المشحونة للصوديوم والبوتاسيوم – عبر غشاء الخلية. وتتحرك تلك الأيونات خلال ثقوب متناهية الصغر في الغشاء تسمى قنوات الأيونات ion channels، وتتركب هذه القنوات من بروتينات تمتلك القدرة على تغيير هيئتها بين الترتيب المقفل أو المفتوح. وفي نهايات مستقبلات الأذى تكتشف قنوات الأيونات المتخصصة التهديداتِ المحتملة مثل الحرارة أو الكيماويات التي تتأتى من الخلايا المتأذية القريبة. وعندما تنفتح تلك القنوات تغمر الأيوناتُ الموجبة الخليةَ وتغير بإتقان توازن الڤلطية (الجهد الكهربي)(9) عبر الغشاء. وهذا التحول بدوره، يثير قنوات الأيونات الأخرى الحساسة لفروق ڤلطية نوعية. وعندما يفتح عدد كاف من قنوات الأيونات ذات البوابات الحساسة لفرق الڤلطية، فإن تدفق الأيونات الناشئ يحرض قوة التأثير التي تنطلق بسرعة بامتداد طول العصبون – وهذا يشبه كثيرا ما يفعله الجمهور في استاد رياضي لعمل الموجة. وتبلغ قوة التأثير أوجها بتحرير ناقل عصبي في الحبل الشوكي، وهي رسالة كيماوية تنقلالمعلومة إلى عصبون مجاور.

والكثير مما تعلمناه عن الألم في السنوات العشرين الأخيرة يركز على القنوات الأيونية: كيف تكتشف الإشارات مثل الحرارة وتلف النسيج؟ وأي تلك القنوات نحتاج إليها لنقل إشارة الألم، في مقابل تلك التي تؤدي أدوارا مساندة؟ وأيضا – وربما كان السؤال الأكثر إلحاحا – أي تلك القنوات يجب أن نستهدفه لإسكات إشارات الألم غير المرغوب فيها بطريقة آمنة؟

لقد أدرك الباحثون وشركات الأدوية منذ زمن طويل أن حصار blocking قنوات الصوديوم في النهايات العصبية يخفف الألم – فالمخدرات الموضعية قصيرة المفعول مثل الليدوكائين lidocaine والنوڤوكائين novocaine، على سبيل المثال، تسد قنوات الصوديوم لتخدر، ليس الألم فقط، وإنما أيضا الإحساس كله حيثما تم تطبيقها. وقد وُجدت في الإنسان والحيوانات اللبونة الأخرى تسعة أنماط من قنوات الصوديوم ذات البوابات الحساسة لفرق الڤلطية، كل منها يفتح استجابة لڤلطية تختلف عنها قليلا. وحصارها blockade جميعا قد يكون له تأثير مخرب لأن قنوات الصوديوم موجودة في جميع الخلايا العصبية في الجسم وفي النسج الأخرى متضمنة الدماغ والقلب، فحصارها بغير تمييز قد يتعارض مع الإشارات التي تنشأ عنها ضربات القلب والتنفس والحركة. لذلك، ولسنوات طويلة، بحث العلماء عن الكأس المقدسة: قنوات الصوديوم المنحصرة في الخلايا التي تستشعر الألم في الجسم.

«يحرز الباحثون الكثير من التقدم الآن بالتركيز على المسارات الجزيئية لإشارة الألم،» بحسب قول <L. پورتر>، «هناك أمل».

 

وفي أواخر تسعينات القرن العشرين اقترب الباحثون من هدفهم باكتشاف ثلاث من قنوات الصوديوم ذات البوابات الحساسة لفرق الڤلطية التي تظهر فقط في الشبكة العصبية المحيطية (مقابل تلك الموجودة في الحبل الشوكي والدماغ)، حيث المكان الذي تبدأ منه إشارات الألم، وقد صنفت إلى Nav1.7 وNav1.8 و Nav1.9، والثلاثة جميعها تحيلها غالبا إلى مستقبلات الأذى وبعض العصبونات المسؤولة عن الإحساس (”Na“ تعني صوديوم و”v“ تعني فرق الڤلطية، والرقم يدل على موضعها ضمن عائلة القنوات التسع المعروفة). وبمجرد تعرف الجينات التي تكود encode القنوات، أمكن للباحثين أن يتلاعبوا ببراعة بنشاط القنوات في الحيوانات المخبرية. وعلى مدى السنوات العشر التالية أكدت الاختبارات، على الأقل في الفئران، أن تهدئة مجموعة القنوات Navالحسية يمكنها أن تلطف الألم العصبي المنشأ.

وبحلول عام 2000 رأى الباحثون أن القنوات Nav هي أهداف واعدة لتطوير الدواء، غير أن شركات الأدوية احتاجت إلى أدلة أبعد من حيوانات التجارب لتسويغ القيام باستثمار كبير. وقد أتت تلك البيانات من أربع مقالات جوهرية تربط القناة Nav1.7 بالألم لدى البشر. ففي عام 2004 وجدت مجموعة عمل في بكين، طفرات mutations في جين القناة Nav1.7 في أسرتين صينيتين لديها نمط وراثي(10) من مرض احمرار الأطراف المؤلم – حالة <بوند> تطورت تلقائيا أثناء الحمل. وفي عام 2005 أكد <S. واكسمان> و<S. ديب-حاج>، [من كلية طب جامعة ييل وإدارة شؤون المحاربين القدامى في نظام الرعاية الصحية لولاية كونيكتيكت]، أن تلك الطفرات أدت إلى زيادة نشاط القناة Nav1.7 التي قد تسبب الألم. وبعيد ذلك، ذكر <J. وود> [من كلية طب جامعة لندن] حالة أخرى هي اضطراب نوبات الألم الشديد تسبب ألما في المستقيم والعينين والفك السفلي وتنشأ أيضا عن زيادة نشاط القناة Nav1.7 الطافرة. والأمر الحاسم أن <G. وودز> و<J. كوكس> ، وكلاهما من جامعة كامبريدج، قد بيّنا في عام 2006 أن الطفرات في القناة Nav1.7 التي محت وظيفتها قد أزالت كل إحساس بالألم، فأوجدت حالة نادرة وخطرة غالبا ما تؤدي إلى الوفاة نتيجة الأذيات التي لا يشعر بها المريض. ومعا، فإن هذه الاكتشافات في الحالات الجينية غير العادية أكدت أهمية القناة Nav1.7 في إحساس الألم لدى البشر.

لقد تحرى <واكسمان> أمراضا جينية نادرة لأنها، بحسب قوله، قد تكون مفيدة ك «مؤشرات لمسارات مرضية قد تكون أكثر شيوعا.» وفي عام 2012، قام مع معاونيه في هولندا بهذه الوثبة نحو حالة أكثر شيوعا. فاعتلال الأعصاب قصيرة الألياف المتعدد هو وسم عام يستخدم لوصف تلف يصيب الأعصاب التي تحس الألم في الأطراف، الأيدي أو الأقدام غالبا. ونحو نصف عدد المرضى الذين شخصت لديهم هذه الحالة كان لديهم سبب محدد لتلف الأعصاب يمكن تعرفه، مثل داء السكري، أما في النصف الآخر، فإن سبب الألم يبقى غامضا. وقد فحص <واكسمان> ومعاونوه الهولنديون الدنا DNA من المرضى الذين ليست لديهم أسباب محددة ووجدوا طفرات في الجينات التي تخص القناةNav1.7 في قرابة 3% منهم، وتحورات طفرات في القناة Nav1.8 في 9% و طفرات في القناة Nav1.9 في 3% آخرين. وقد وجدت مجموعة <واكسمان> أيضا أن البشر المصابين بالألم المزمن نتيجة لتلف الأعصاب العصبية لديهم عدد مرتفع من القنوات Nav1.7 في الأعصاب التي تضررت.

 

[نتائج]

لماذا أنا؟(****)

عوامل متنوعة تفسر لماذا يكون بعض الناس
أكثر عرضة للألم المزمن بالنسبة إلى غيرهم.

   خذ عشرة من البشر الذين يعانون أذية الظهر نفسها في حادث سيارة: ثلاثة منهم سينتهي بهم سوء الحظ بألم مزمن نتيجة لذلك، أو خذ عشرة أشخاص مصابين بداء السكري: قرابة النصف ستتطور لديهم أذية بالأعصاب أو اعتلال عصبي، ولكن الأذى سيسبب ألما مستمرا فقط في ثلاثة منهم. فما هي العوامل التي تجعل بعض الناس سريعي التأثر والآخرين يصمدون؟ فهذا السؤال لم تتم الإجابة عنه تماما حتى الآن، غير أن الأبحاث تشير إلى ثلاثة مؤثرات رئيسة يبدو أنها تعمل في تناغم:

البنية الوراثية Hardwiring: الجينات تساعد على تعيين مدى حساسية واحتمال الفرد للألم، وبعضها يرجح كفة الميزان نحو قابلية غير معتادة للألم المزمن. وأحد أكبر العوامل الجينية هو النوع، فمن الأرجح أن يتطور الألم المزمن لدى النساء أكثر منه لدى الرجال بامتداد مسار العمر.

التجارب Experience: التوتر والإصابات والإيذاء البدني – سواء كان جسديا أم عاطفيا – قد يزيد الخطر. فالدراسات تقترح أن هذه التجارب قد تسبب تغيرات طويلة الأمد في النشاط الجيني، فتشغل أو تعطل الجينات التي تؤثر في مسارات الألم. وفضلا عن ذلك، فإن خطورة الألم المزمن تزداد مع العمر ليس فقط بسبب الاهتراء والتمزق wear and tearولكن من المحتمل أيضا بسبب أن قدرة الجسم على إصلاح الأذى – بما في ذلك تلف الأعصاب – تقل عندما نتقدم في العمر.

الشخصية Personality: بعض الصفات الشخصية تحرف skew الخطر. فالمتشائمون وكثيرو القلق وأولئك الذين يتوقعون الكوارثcatastrophizers (مثل شخصية «دبي داونر»(11)في عرض ليلة السبت على الهواء) هم أكثر عرضة للمعاناة. والدارات الكهربائية الدماغيةbrain circuitry المتورطة في التحفيز والمكافأة يبدو أيضا أنها تؤثر في القابلية للألم.

 

وكانت تلك المعطيات كافية لشركات الدواء لتتبع قنوات الصوديوم الحسية النوعية بجدية. ولسنوات عديدة استمرت الشركة Pfizer بتطوير أدوية تستهدف القناة Nav1.7 والقناة Nav1.8، ومع أنه من المبكر جدا أن نقول متى يمكن أن يتاح علاج جديد لتخفيف الألم، فإن العديد منها يتم اختباره على المرضى حاليا، كما أبلغنا <N. كاسيل> [من الشركة Neusentis، وهي وحدة أبحاث الشركة Pfizerللألم والاعتلالات الحسية في ديرهام بكارولينا الشمالية]. وخلافا للأدوية القديمة مثل الليدوكائين، فإن هذه الجزيئات الجديدة لا تستهدف المسام poresالرئيسة لقنوات الصوديوم التي هي متطابقة تقريبا من نوع فرعي إلى آخر. وبدلا من ذلك، فإنها تعمل على منطقة من القناة تستشعر فرق الڤلطية وتختلف من قناة إلى أخرى مما يعطيها مزيدا من الخصوصية ويفترض أن يجعلها أكثر أمانا. وفي عام 2003 سجلت مجموعة <كاسيل> اكتشاف مادة كيماوية تصيب انتقائيا مستشعرات فرق الڤلطية (الجهد الكهربي) للقناة Nav1.7ا(12). ومثل تلك الجزيئات، كما يقول <كاسيل>، «لها انتقائية عالية جدا، ولذا لا تؤثر في وظيفة القلب أو العضلات» – على الأقل ليس في الاختبارات المبكرة.

وفي أثناء ذلك، فإن فريقا في جامعة ديوك كان يستهدف أيضا القناة Nav1.7ولكنهم كانوا يفعلون ذلك بضد antibody – جزيء مستمد من الجملة المناعية. وبحسب دراسة نشرت في الشهر 6/2014، فإن الضد يخفف كلا من الألم الالتهابي والعصبي في الفئران، كما يخفف من الحكة، الأمر الذي يجعل تلك المقاربة ثلاثية المفعول في مجال الراحة. والباحثون أثناء استكشافهم قدرة مكونات معينة في السموم للعمل على القناة Nav1.7 قد حالفهم بعض الحظ أيضا [انظر للإطار “المزيد من الأفكار للعلاج”].

إحماء(*****)

وليست قنوات الصوديوم وحدها هي نقطة الهدف. فهناك قناة أيونية أخرى تسمى القناة المستقبلة العابرة للجهد (TRPV1) V1)ا(13)  تشتهر بأنها تُفعَّل بدرجات الحرارة الساخنة وبالكاپساسين capsaicin، وهي المادة الكيماوية التي تعطي الشعور الحارق عند تناول الفلفل الحار، ويكاد يقتصر وجودها على الخلايا التي تحس بالألم. ومنذ أن اكتشف <D. جوليوس> وزملاؤه في جامعة كاليفورنيا بسان فرانسيسكو، جين القناة TRPV1 الخاص عام 1997، فقد أخذت الباحثين الحميّة في تعقب أثر الجزيئات التي يمكنها إسكات إشارات الألم عن طريق إغلاق هذه القناة.

«صارت القناة TRPV1 في حد ذاتها هدفا واعدا (ولكنه مخادع إلى حد بعيد) طوال تلك المدة،» كما تقول <پورتر> [من المعاهد الوطنية الصحية الأمريكية (NIH)]. فالحاصرات الباكرة التي أقفلت تلك القناة كانت لها آثار لا يمكن التحكم فيها، مثل ارتفاع حرارة الجسم وعدم الإحساس بالحرارة التي قد تسبب حروقا. وهذه القناة التي تستشعر الأحماض وسموم العناكب والمواد التي تسبب الالتهاب قد ظهر حديثا أنها مكان دمج معقد للإشارات الحسية. «والدواء الأمثل لا يشوش على قدرة قلب core القناة على الإحساس بالحرارة،» كما يقول <جوليوس>، بل يتعين عليه فقط أن يهدئ قناة مفرطة في النشاط.

وقد أخذ فريق <جوليوس> خطوة إلى الأمام في الشهر 12/2013 عندما نشروا أول صور عالية الدقة لبنية القناة TRPV1 في حالاتها المختلفة. وهذه المعلومة لابد أن تساعد الباحثين على تصور طريقة ما لسد القناة فقط عندما تتخذ هيئتها التي ينشأ عنها الألم.

ألم، يساء تفسيره(******)

معظم البشر الذين لديهم ألم عصبي يعانون سماته الثلاث المميزة: فرط الإحساس بالمؤثرات المؤلمة؛ ألم عفوي يضرب من حيث لا نعلم؛ فرط الإحساس بالألم allodynia، وهي تجعل المريض يحس بالألم نتيجة للمسة غير مؤذية. (فرط الإحساس بالألم يجعل انطلاق الماء من الدش يحس وكأنه تعذيب للسيدة <بوند>). وبينما ساعدت الأبحاث في قنوات الأيونات على تفسير فرط الإحساس، أوضح مسار آخر للتحري كيف ينشأ فرط الإحساس بالألم. ففي الحالة الطبيعية تنتقل إشارات الألم والإشارات غير المؤلمة بامتداد مسارات منفصلة من الأعصاب في الجلد إلى الحبل الشوكي ومن ثم إلى الأعلى للدماغ، ولكن في حالة فرط الإحساس بالألم فإن الإشارات تتقاطع في الحبل الشوكي: العصبونات التي تستشعر اللمس تفعل مسار الألم.

وبشكل أساسي، أمكن تعرف كيفية حدوث الخطأ من قبل باحثين في اليابان ومن قبل مجموعتين من كندا واحدة بقيادة <E. دي كونينك> [من معهد الصحة النفسية في جامعة كيبيك] وأخرى بقيادة <M. سالتر> [من مستشفى الأطفال المرضى في تورونتو]. ففي دراسات أجريت على الحيوان وجد الباحثون أنه استجابة لتلف العصب، فإن الخلايا الدبقية الصغيرة، خلايا الجملة العصبية المناعية التي تشبه الباكمان(14)، تحرر إشارة تؤدي إلى أن تختزل عصبونات الحبل الشوكي مجموعتها التامة من جزيئات ناقلة للحديد تسمى KCC2 ا(KCتعني كلوريد البوتاسيوم potassium chloride). ويعمل هذا الناقل على الحفاظ على التوازن الدقيق لأيونات الكلورين داخل الخلايا وخارجها. وتحت الظروف الطبيعية، فإن الخلايا العصبية الصغيرة في الحبل الشوكي التي تسمى ما بين العصبونات interneurons تنظم الاتصالات ما بين مسارات الإحساس المؤلم والإحساس غير المؤلم. إنها تمنع إحساس اللمس العادي من أن يسبب ألما، لكنها تسمح للحركة النظامية المتكررة الملطفة كالتمسيد(15)  بأن تخفف الألم مؤقتا. وعندما تفقد عصبونات الحبل الشوكي الجزيئات KCC2، فإن هذه الاتصالات تصير منحرفة goes awry  وقد يثير اللمس الرقيق ألما. وتوصل الباحثون إلى نظرية أنه إذا أمكن استعادة منسوب الجزيئات KCC2، فإن الإشارات غير المناسبة قد تتوقف.

 

[المزيد من الأفكار للعلاج]

استخدام اللدغة في إزالة الألم(*******)

قد تقدم جزيئات السُّم بدائل للأدوية
الأفيونية التي تسبب الإدمان.

 

http://oloommagazine.com/Images/Articles/2015/07-08/2015_08_07_24.jpg
مُسكِّنات الألم: إن سم المئينية الصينية ذات الرأس الأحمر يحتوي على مركب يستطيع أن يخدر الأعصاب دون أن يسبب أذية لبقية الجسم.

   عندما يستنزف <G. كينگ> المئينيّة(16)centipedes، فإنه لا يسعى إلى غذاء، إنه يستنزف سمها، وهي ليست بالمهمة البسيطة. «إننا نُثبتها بأربطة مرنة ونحضر زوجا من الملاقط الكهربية إلى كلابيها pincers ويطلق  ڤلطية (جهدا كهربائيا) معينة فتقوم بإطلاق سمها،» كما يقول <كينگ> [كيميائي حيوي من جامعة كوينزلاند في أستراليا].

والميكرولترات من السائل قد تحمل مفاتيح لمجموعة جديدة من الأدوية الملطفة للألم. فالسموم هي مخزن طبيعي لجزيئات مخدرة للأعصاب، ومع 400 نوع مختلف من السم في مختبره، فإن <كينگ> يقف في الصفوف الأمامية لجهود تعرّف مسكنات الألم في لسعة المئينيات والعناكب والقواقع وغيرها من الوحوش beasts السامة.

   ومازالت شركات الأدوية الكبيرة تناضل لتصنيع بدائل لمسكنات الألم التي تسبب الإدمان مثل المورفين ولكنها عانت مشكلات لعمل جزيئات تستقر على الأعصاب المعينة التي تحتاج إلى أن تستهدفها. ومع ذلك، فالسموم قد تطورت بشكل طبيعي، بحيث تحتوي جزيئات لها على هذا القدر من الخصوصية. وفي الحيوانات المخبرية، فإن هذه الجزيئات تخدر الأعصاب دون أن تؤذي باقي الجسم. والأهداف التي يستهدفها الباحثون تسمى قنوات أيونات الصوديوم ذات البوابة الحساسة لفرق الڤلطية (الجهد الكهربي)(17)  التي تكون شائعة لدى الخلايا العصبية المستشعرة للألم. إن سد نوع معين من القنوات, يعرف بالقناة Nav1.7, يمنع الخلية من تمرير رسالة ألم إلى أجزاء أخرى من الجسم، كما سبقت مناقشته في المقالة المرافقة.

   وهناك مكونات سم معينة لها تماما الشكل والنشاط الكيميائي لتغلق بإحكام جزءا من القناة يسمى مستشعر الڤلطية (الجهد الكهربي) voltage sensor, وهذا الفعل بدوره يقفل القناة. وفي عام 2013 تعرف <كينگ> جزيئا سمّيّا يدعى m-SLPTX-Ssm6a  بدا أنه واحد من أكثر مثبطات القناة Nav1.7 انتقائية على الإطلاق. لقد وجدها في سم المئينية الصينية ذات الرأس الأحمر (Scolopendrasubspinipes mutilans)، والتي يمكنها أن تنمو حتى 20 سنتيمتراً في الطول ولها زوج من  المخالب الشديدة التي تشبه الكماشة. «إذا ما ظفرت بك، فإنها ستؤذيك،» بحسب قول <كينگ>. ومع ذلك، فإن لهذه الجزيئات تأثيرا معاكسا تماما في الفئران المتأذية؛ حيث إنها في التجارب قد اعترضت سبيل الألم أفضل من المورفين. غير أنها لم تكن لها آثار غير مرغوب بها على ضغط الدم أو معدل ضربات القلب أو الوظيفة الحركية؛ مما يدل على أنها لم تكن تثبط الجملة العصبية المركزية، كما قد تفعل المخدرات الأفيونية مثل المورفين.

أنتج فريق <كينگ> نسخة اصطناعية لمعرفة ما إذا كان الجزيء من الممكن إنتاجه كدواء. ولكن من أجل إفزاع الباحثين، فإن النسخة لم تعمل كذلك. فقد تشكك <كينگ> في أن التحضيرة الأصلية التي صنعوها من الجزيء m-SLPTX-Ssm6a  احتوت فعلا على آثار traces  من عنصر فعال آخر، وهو يعمل الآن على جولة إضافية من استنزاف المئينية للبحث عن العنصر الغامض.

   وسم الأفعى هو أيضا مصدر للحاصرات الانتقائية للقنوات. فقد قامت <A. بارون> [صيدلانية في معهد علم الأدوية الجزيئية والخلوية في فرنسا] بعزل جزيئين اثنين يُسكِّنان الألم من سم أفعى المامبا السوداءblack mamba، «ونحن تقريبا جاهزون لإجراء تجربة سريرية، وقد أجرينا الكثير من اختبارات الحيوانات على القوارض لتقييم سميتهما،» كما تقول <بارون>. والمامبالجينات mambalgins، كما تسمى الجزيئات، تسد مجموعة معينة من القنوات الأيونية التي تستشعر الأحماض في خلايا الأعصاب الطرفية والتي، كما في قنوات الصوديوم، تساعد الخلايا على إرسال إشارات الألم. ولحسن الحظ، فإن المامبالجينات ليس لها أي تأثير في معظم القنوات الأيونية الأخرى، الأمر الذي قد يفسر لماذا لم يَحْدث لدى الفئران التي حقنت بتلك المركبات أيُّ عرض جانبي واضح.

   إن الاستهداف المتقن الدقيق للخلايا العصبية ليس هو الغاية الوحيدة لأبحاث السموم، بحسب قول <D. كريك> [كيميائي حيوي في كوينزلاند]. فإذا ما ابتلعنا جزيئات السم كحبوب للألم، فإنها تحتاج إلى أن تقاوم الانحلال بسبب الجملة الهضمية. وفي عام2004 أقرت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية مُسكِّنا للألم يسمى زيكونوتيد ziconotideيعتمد على جزيء معزول من قوقع مخروطي سام هو Conus victoriae. ولكن هذا الدواء لم يتحمل تقلصات المعدة، لهذا كان من الضروري أن يحقن بالضخ ببطء في المرضى، وهي عملية مرهقة، «لم تكن مبيعات زيكونوتيد كبيرة،» بحسب قول <كينگ>.

   لقد بدأ <كريك> بإعادة هندسة مُسكِّنات الألم المستمدة من سموم القوقع المخروطي. وتعتمد استراتيجيته على تحويل الجزيئات التي هي طبيعيا سلاسل من الأحماض الأمينية إلى حلقات. فالحلقات هي هياكل أكثر ثباتا بكثير – إنزيمات enzymes في الجسم لا تستطيع أن تقصَّ النهايات. لقد قام بجدل النهايات مع بعضها وأعطى جرعات من الحلقات للجرذان عبر الفم. والمركبات التي أطلق عليها cVc1.1 اتضح أنها أكثر فعالية 100مرة عن الگباپنتين gabapentin، وهو علاج شائع لألم الأعصاب. وفي وقت مبكر من عام2014، وفي اجتماع الجمعية الأمريكية الكيميائية في دالاس بولاية تكساس، كشف النقاب عن خمسة سموم حلقية الشكل إضافية من سم القوقع المخروطي أظهرت ثباتا في الدراسات المبكرة.

   ومع عشرات الآلاف من الأصناف السامة في العالم، يعتقد الباحثون أنها فقط مسألة وقت حتى يعثروا على مركب قادر على إصابة هدفه الصحيح، وكذلك قوي البنية ويمكن إنتاجه بكميات وافرة. «ربما نحن نعرف واحدا في المئة فقط من المنتجات التي توجد في تلك السموم،» بحسب قول <بارون>.

<M. پيپلو> كاتب علمي يقيم في لندن.

 

وفي الشهر 11/2013 قدم <دي كونينك> وزملاؤه تقريرا باكتشاف مركب يدعم نقل الكلوريد خلال الجزيئات KCC2. وهذا الدواء يستعيد توازن أيونات الكلوريد والوظيفة الكهربية في عصبونات الحبل الشوكي. وفضلا عن ذلك، فإنه يخفف علامات الألم العصبي في الجرذان. وقد كان معزز الجزيئات KCC2آمنا وخاليا من الآثار الجانبية في الحيوانات حتى مع الجرعات المرتفعة.

ومع أن العمل تم إجراؤه حتى الآن على الحيوانات، فإن جوانب معينة من ناقل الجزيئات KCC2 تجعل منه هدفا جيدا بصورة استثنائية للمعالجات في البشر. وخلافا للأدوية الأخرى التي تثبط قنوات الأيونات بالجملة، فإن عامل تعزيز النقل هذا يمكنه – على سبيل المثال – أن يؤثر فقط في الخلايا التي بها هذا الخلل، كما يقول <دي كونينك>. أما الخلايا التي بها الجزيئات KCC2 فعالة، فسوف تستمر بالعمل كالمعتاد، ولن يفرط الدواء في تحفيز نشاطها. وتشير التجارب إلى أنه عوضا عن تغيير كيفية تصرف الجزيئات KCC2، فإن الدواء يوجه المزيد من الناقلات إلى سطح الخلية. وإن فهم المزيد عن كيفية عمل موجه حركة المرور ذاك؛ سيكون حاسما لتطوير مسكنات ألم آمنة وفعالة.

إضفاء الطابع الشخصي على علاج الألم(********)

يعتقد معظم الباحثين أن مستقبل الدواء سيكون له طابع شخصي، بمعنى أن جينات الفرد وحساسيته الشخصية للدواء ستعين أفضل مسار للعلاج وأكثر السبل ضمانا لمنع المرض. وفي مجال التعامل مع الألم المزمن، فإن هذا المستقبل بدأ يلوح في الأفق. «نحن نود أن نكون قادرين على أن نروي ما الخطأ الذي حدث مع كل مريض على حدة، ثم نقول ‘حسنا، أنت تحصل على هذا الدواء بينما أنت تحصل على ذلك الدواء الآخر’،» كما يقول <D. بينيت> [عالم الأعصاب في جامعة أكسفورد]. إلا أن العلاج حتى في أفضل مراكز علاج الألم إلماما به يميل إلى الاعتماد، إلى حد بعيد، على التجربة والخطأ.

يعتقد معظم الباحثين أن مستقبل الدواء سيكون له طابع شخصي. وفي مجال التعامل مع الألم المزمن، فإن هذا المستقبل بدأ يلوح في الأفق. فالعلاج، حتى في أفضل المراكز الطبية، يميل إلى الاعتماد إلى حد بعيد، على التجربة والخطأ.

 

ومع ذلك، فالمرضى الذين لديهم طفرات نادرة في القنوات Nav يساعدون الآن على إظهار كيفية جعل علاج الألم ذا طابع شخصي. وعلى سبيل المثال، فإن معظم البشر الذين يعانون ألما به حارقا في الأطراف نتيجة احمرار الأطراف المؤلم بسبب طفرة وراثية في القناة Nav1.7 لا يساعدهم دواء الكارباميزابينcarbamazepine، وهو دواء لعلاج نوبات الصرع يستخدم أحيانا لعلاج الألم. ومع ذلك، فإن إحدى الأسر التي لديها هذه الحالة كانت لديها طفرة معينة (هناك أنماط عديدة) تسببت في إحداث استجابة جيدة لهذا الدواء. وبدراسة التركيب الجزيئي ووظيفة القناة الطافرة لدى الأسرة، تمكن <واكسمان> و<ديب-حاج> من فهم كيف هدّأ الكارباميزابين من فرط نشاط القناة، وبعد ذلك تمكنا من التنبؤ بدقة من أنه سيكون فعالا أيضا مع طفرة مختلفة قليلا. وهذه الاكتشافات مثيرة، كما يقول <واكسمان>، لأنها ترجح أن بناء العلاج على أساس البنية الجينية للفرد «ليس أمرا غير واقعي» لمرضى احمرار الأطراف المؤلم الوراثي ولأولئك الذين يعانون حالات من الألم أكثر شيوعا.

وبالنسبة إلى <J. بوند>، فإن الأعراض لديها توقفت فجأة قبل ولادة طفل ذكر صحيح قبل الموعد ببضعة أسابيع. وعلى نحو غير متوقع، فإن حُقن الستيروئيدات steriods التي أعطيت بهدف مساعدة رئتي الجنين على النضوج عملت مثل التي كان لها مفعول السحر بالنسبة إلى أمه. «لقد استيقظت في منتصف الليل، ولم تؤلمني قدماي – وهو ما لم يحدث لمدة تزيد على ستة شهور،» كما تذكر <بوند>. ولم يستطع أحد أن يفسر لماذا. لقد عاودتها الأعراض ولكنها لم تكن قطّ بمثل الشدة السابقة نفسها التي عانتها أثناء الحمل. «إذا وقفتُ على قدمي لمدة طويلة، فسيكون لهذا مردود مباشر: سأعاني الألم، ولكنني سأتدبر الأمر، من دون أن أتعاطى أي دواء، وهذا أمر مدهش. كم أحب لو أنني شفيت،» كما تذكر <بوند>. وكذلك، فإن الباحثين في مجال الألم يحبون أيضا أن يأتوا بالشفاء ل<بوند> ولملايين كثيرة مثلها.

 

المؤلفة

  Stephani Sutherland
 <سوذرلاند> عالمة في الأعصاب وكاتبة علمية تقيم في جنوب ولاية كاليفورنيا. http://oloommagazine.com/Images/Articles/2015/07-08/2015_08_07_19_a.png

 

  مراجع للاستزادة

 

Black Mamba Venom Peptides Target Acid-Sensing Ion Channels to Abolish Pain. Sylvie Diochot et al. in Nature, Vol. 490, pages 552–555; October 25, 2012.
Discovery of a Selective Nav1.7 Inhibitor from Centipede Venom with Analgesic Efficacy
Exceeding Morphine in Rodent Pain Models. Shilong Yang in Proceedings of the National Academy of Sciences USA, Vol. 110, No. 43, pages 17,534–17,539; October 22, 2013.
Pain Vulnerability: A Neurobiological Perspective. Franziska Denk, Stephen B. McMahon and Irene Tracey in Nature Neuroscience, Vol. 17, pages 192–200; February 2014.
Regulating Excitability of Peripheral Afferents: Emerging Ion Channel Targets. Stephen G. Waxman and Gerald W. Zamponi in Nature Neuroscience, Vol. 17, pages 153–163; February 2014.

(*)PAIN THAT WON’T QUIT .«أو: «الألم الذي لا يزول

(**)Relay Race

(***)Clues to Dampening Pain

(****)WHY ME?
(*****)HEATING UP

(******)PAIN, MISINTERPRETED

(*******)Taking the Sting Out of Pain

(********)PERSONALIZED PAIN TREATMENT

(1) chronic pain

(2) erythromelalgia

(3) inflammatory

(4) neuropathic

(5) opiates

(6) dorsal root ganglia

(7) the transient receptor potential channel V1

(8) voltage-sensitive sodium channels

(9) voltage

(10) inherited form

(11) شخصية كوميدية؛ وفي عرض على الهواء تثير الضحك لشدة توقعها للكوارث وتسبب الإحباط للآخرين.

(12) the Nav 1.7 voltage sensors

(13) the transient receptor potential channel V1

(14) لعبة ڤيديو فيها كريات أكولة تبتلع كل ما يصادفها.

(15) soothing = التسميد: من الفعل سمّد ويعني ألهى عن (المعجم الوسيط).

(16) الحريش؛ أم أربع وأربعين.

(17) voltage-gated sodium ion channels

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

Back to top button