أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
جيولوجيا

التغيرات في الغازات تشير إلى ثورانات البراكين

التغيرات‭ ‬في‭ ‬مزيج‭ ‬الغاز‭ ‬ينبّئ‭ ‬بارتفاع‭ ‬الصهارة ‭)‬الماغما.)

بقلم‭: ‬جوليا‭ ‬روزن

ترجمة‭: ‬آية‭ ‬علي

في‭ ‬الشهر‭ ‬الماضي؛‭ ‬كان‭ ‬باحثون‭ ‬من‭ ‬الجامعة‭ ‬الوطنية‭ ‬المستقلة‭ ‬في‭ ‬المكسيك‭ ‬National‭ ‬Autonomous‭ ‬University‭ ‬of‭ ‬Mexico‭ ‬يأملون‭ ‬بالوصول‭ ‬إلى‭ ‬أعلى‭ ‬جبل‭ ‬بوبوكاتبتبيل،‭ ‬بركان‭ ‬يصل‭ ‬ارتفاعه‭ ‬إلى‭ ‬5400‭ ‬متر‭ ‬ويقع‭ ‬قرب‭ ‬مكسيكو‭ ‬سيتي،‭ ‬وذلك‭ ‬لتركيب‭ ‬معدات‭ ‬مراقبة‭ ‬على‭ ‬فوّهة‭ ‬قمّته‭. ‬لكن‭ ‬جبل‭ ‬إل‭ ‬بوبو‭ ‬كما‭ ‬يسميه‭ ‬السكان‭ ‬المحلّيون‭ ‬قد‭ ‬صدّهم‭ ‬برماد‭ ‬وانبعاثات‭ ‬من‭ ‬الغاز‭ ‬اللاذع‭ – ‬الغازات‭ ‬التي‭ ‬أراد‭ ‬العلماء‭ ‬بالضبط‭ ‬قياسها‭ – ‬وقد‭ ‬استقرّوا‭ ‬على‭ ‬تثبيت‭ ‬الجهاز‭ ‬أسفل‭ ‬الجبل،‭ ‬مع‭ ‬أمل‭ ‬تحريكه‭ ‬إلى‭ ‬الأعلى‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬المقبل‭. ‬ويهدف‭ ‬الباحثون‭ ‬إلى‭ ‬قياس‭ ‬نوعية‭ ‬ومقدار‭ ‬الأدخنة‭ ‬التي‭ ‬ينتجها‭ ‬الجبل،‭ ‬لأن‭ ‬الأبخرة‭ ‬قد‭ ‬تحمل‭ ‬طرقا‭ ‬واعدة‭ ‬للتنبؤ‭ ‬بالثوران‭. ‬

وتشير‭ ‬مجموعة‭ ‬متزايدة‭ ‬من‭ ‬بيانات‭ ‬الرّصد‭ ‬إلى‭ ‬أنّ‭ ‬قفزة‭ ‬حادة‭ ‬في‭ ‬نسبة‭ ‬الكربون‭ ‬إلى‭ ‬غازات‭ ‬الكبريت‭ ‬المنبعثة‭ ‬من‭ ‬البركان‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬توفر‭ ‬أياما‭ ‬إلى‭ ‬أسابيع‭ ‬من‭ ‬التحذير‭ ‬قبل‭ ‬حدوث‭ ‬فورة‭ ‬وشيكة‭. ‬ويأتي‭ ‬أحدث‭ ‬الأدلّة‭ ‬من‭ ‬ثلاث‭ ‬دراسات‭ ‬حديثة‭ ‬تركز‭ ‬على‭ ‬البراكين‭ ‬المرصودة‭ ‬كجزء‭ ‬من‭ ‬مبادرة‭ ‬The‭ ‬Volcano‭ ‬Deep‭ ‬Earth‭ ‬Carbon‭ ‬Degassing‭ (‬اختصارا‭: ‬مبادرة‭ ‬DECADE‭) ‬التي‭ ‬يقوم‭ ‬عليها‭ ‬معهد‭ ‬كارنيجي‭ ‬للعلوم‭ ‬Carnegie‭ ‬Institution‭ ‬for‭ ‬Science‭ ‬في‭ ‬العاصمة‭ ‬واشنطن‭. ‬إنهم‭ ‬يأملون‭ ‬بأن‭ ‬يتمكن‭ ‬الرصد‭ ‬الجيوكيميائي‭ ‬للغازات‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬من‭ ‬الأيام‭ ‬من‭ ‬الانضمام‭ ‬إلى‭ ‬اثنتين‭ ‬من‭ ‬الدعائم‭ ‬الجيوفيزيائية‭ ‬الأساسية‭ ‬للتنبؤ،‭ ‬وهما‭: ‬تتبع‭ ‬“تورّم”‭ ‬سطح‭ ‬الأرض،‭ ‬وازدياد‭ ‬الزلازل‭ ‬التي‭ ‬عادة‭ ‬ما‭ ‬تسبق‭ ‬الثورات‭ ‬البركانية‭. ‬يقول‭ ‬توبياس‭ ‬فيشر‭ ‬Tobias‭ ‬Fischer،‭ ‬عالم‭ ‬البراكين‭ ‬من‭ ‬جامعة‭ ‬نيو‭ ‬مكسيكو‭ ‬University‭ ‬of‭ ‬New‭ ‬Mexico‭ ‬في‭ ‬ألبوكيركي،‭ ‬ورئيس‭ ‬مشروع‭ (‬DECADE‭): ‬“‭ ‬كأداة‭ ‬للتنبؤ‭  ‬فإنّها‭ ‬قويّة‭ ‬إحصائيا‭.‬”‭ ‬إن‭ ‬فكرة‭ ‬رصد‭ ‬التقلبات‭ ‬في‭ ‬الأبخرة‭ ‬البركانية‭ ‬موجودة‭ ‬منذ‭ ‬عقود‭. ‬فعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال؛‭ ‬ساعد‭ ‬الارتفاع‭ ‬الحاد‭ ‬في‭ ‬انبعاثات‭ ‬الكبريتِ‭ ‬العلماءَ‭ ‬على‭ ‬توقّع‭ ‬ثوران‭ ‬جبل‭ ‬بيناتوبو‭ ‬في‭ ‬الفلبين‭. ‬وقد‭ ‬أدخل‭ ‬العلماء‭ ‬كذلك‭ ‬مقياس‭ ‬نسبة‭ ‬الكربون‭ ‬إلى‭ ‬الكبريت‭ (‬C-S‭) ‬في‭ ‬الغازات‭ ‬الكربونية‭ ‬باعتباره‭ ‬مقياسا‭ ‬مفيدا‭ ‬بشكل‭ ‬خاص‭. ‬

وتتغير‭ ‬النسبة‭ ‬بسبب‭ ‬غاز‭ ‬ثاني‭ ‬أكسيد‭ ‬الكربون‭ ‬الذائب‭ ‬في‭ ‬الصهارة‭ ‬المرتفعة‭ ‬التي‭ ‬تندفع‭ ‬كفقاعات‭ ‬إلي‭ ‬الخارج‭ ‬عند‭ ‬عمق‭ ‬عشرة‭ ‬كيلومترات‭ ‬أو‭ ‬أكثر،‭ ‬أثناء‭ ‬انخفاض‭ ‬الضغط‭. ‬وفي‭ ‬المقابلو‭ ‬فإن‭ ‬الغازات‭ ‬الغنية‭ ‬بالكبريت‭ ‬تبقى‭ ‬متحللة‭ ‬في‭ ‬أعماق‭ ‬أكثر‭ ‬ضحالة‭. ‬فيمكن‭ ‬للارتفاع‭ ‬في‭ ‬النسبة‭ ‬تقديم‭ ‬تحذير‭ ‬بأن‭ ‬دفعة‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬المواد‭ ‬قد‭ ‬ارتفعت‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬فوق‭ ‬عتبة‭ ‬عميقة‭. ‬ويمكن‭ ‬أن‭ ‬يشير‭ ‬انخفاض‭ ‬لاحق‭ ‬في‭ ‬نسبة‭ ‬الكربون‭ ‬إلى‭ ‬الكبريت‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الصهارة‭ ‬قد‭ ‬ارتفعت‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬ذلك؛‭ ‬إلى‭ ‬الأعماق‭ ‬التي‭ ‬تُطلق‭ ‬فيها‭ ‬غازات‭ ‬الكبريت،‭ ‬لكنّ‭ ‬فيشر‭ ‬يقول‭ ‬إن‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬لم‭ ‬يُرصد‭ ‬بدرجة‭ ‬كافية‭ ‬تجعله‭ ‬مقياسا‭ ‬موثوقا‭ ‬به‭. ‬

يقول‭ ‬كرستوف‭ ‬كيرن‭ ‬Christoph‭ ‬Kern‭- ‬وهو‭ ‬فيزيائي‭ ‬مع‭ ‬هيئة‭ ‬المسح‭ ‬الجيولوجي‭ ‬الأمريكية‭ ‬U.S‭. ‬Geological‭ ‬Survey‭ ‬في‭ ‬فانكوفر،‭ ‬بولاية‭ ‬واشنطن‭: ‬“وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬بساطة‭ ‬الآلية،‭ ‬فإن‭ ‬إقامة‭ ‬علاقة‭ ‬واضحة‭ ‬بين‭ ‬النِّسب‭ ‬والثورانات‭ ‬تتطلّب‭ ‬مراقبة‭ ‬مستمرة‭. ‬ومن‭ ‬ناحية‭ ‬تاريخية،‭ ‬فإن‭ ‬الباحثين‭ ‬قد‭ ‬أخذوا‭ ‬بعض‭ ‬عيّنات‭ ‬الغاز،‭ ‬وذلك‭ ‬أثناء‭ ‬زيارة‭ ‬لبركان‭ ‬أو‭ ‬طائرات‭ ‬مستعملة‭ ‬أو‭ ‬أدوات‭ ‬استشعار‭ ‬عن‭ ‬بعد‭ ‬لمراقبة‭ ‬بركان‭ ‬لعدة‭ ‬أيام‭ ‬أو‭ ‬أسابيع،‭ ‬وفي‭ ‬كل‭ ‬الحالات‭ ‬فإن‭ ‬اللحاق‭ ‬ببركان‭ ‬أثناء‭ ‬ثورانه‭ ‬كان‭ ‬أمرا‭ ‬صعبا‭.‬”

لكن‭ ‬ذلك‭ ‬قد‭ ‬تغير‭ ‬في‭ ‬بدايات‭ ‬الألفيّة‭ ‬الثالثة‭ ‬عندما‭ ‬بدأ‭ ‬العلماء‭ ‬بتطوير‭ ‬أجهزة‭ ‬جديدة‭ ‬يمكن‭ ‬تركها‭ ‬على‭ ‬البراكين‭ ‬لإجراء‭ ‬قياسات‭ ‬مستمرة،‭ ‬ولنقل‭ ‬البيانات‭ ‬للباحثين‭. ‬فقد‭ ‬كانت‭ ‬الأجهزة‭ ‬مزودة‭ ‬بالطاقة‭ ‬الشمسية،‭ ‬وهي‭ ‬قوية‭ ‬بما‭ ‬يكفي‭ ‬لأن‭ ‬تنجو‭ ‬عناصرها،‭ ‬ورخيصة‭ ‬بما‭ ‬يكفي‭ ‬لأن‭ ‬يُضحى‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬الثورانات‭ ‬البركانية‭. ‬تقول‭ ‬ماري‭ ‬إدموندز‭ ‬Marie‭ ‬Edmonds،‭ ‬عالمة‭ ‬البراكين‭ ‬من‭ ‬جامعة‭ ‬كامبريدج‭ ‬University‭ ‬of‭ ‬Cambridge‭ ‬في‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة،‭ ‬“إن‭ ‬الأجهزة‭ ‬مصمّمة‭ ‬أساسا‭ ‬لأن‭ ‬تُستخدم‭ ‬مرة‭ ‬واحدة‭.‬”

كان‭ ‬العلماء‭ ‬الإيطاليون‭ ‬هم‭ ‬أوّل‭ ‬من‭ ‬نشر‭ ‬هذه‭ ‬الأدوات‭ ‬على‭ ‬براكين‭ ‬مثل‭ ‬إتنا‭ ‬وسترومبولي،‭ ‬وقد‭ ‬بدؤوا‭ ‬بملاحظة‭ ‬التغيرات‭ ‬في‭ ‬نسبة‭ ‬الكربون‭ ‬للكبريت‭ ‬في‭ ‬الأيام‭ ‬والساعات‭ ‬السابقة‭ ‬للثورانات‭ ‬البركانية‭. ‬ومنذ‭ ‬ذلك‭ ‬الحين‭ ‬والجيولوجيّون‭ ‬الأمريكيون‭ ‬واليابانيّون‭ ‬يثبّتون‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الآلات‭ ‬على‭ ‬البراكين‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬البلدان،‭ ‬كما‭ ‬أدخلها‭ ‬المشروع‭ ‬DECADE‭ ‬في‭ ‬تسع‭ ‬دول‭ ‬إضافية‭ ‬حول‭ ‬العالم،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬إل‭ ‬بوبو‭. ‬وبشكل‭ ‬عام‭ ‬فإن‭ ‬تغييرات‭ ‬نسبة‭ ‬غاز‭ ‬الكربون‭ ‬إلى‭ ‬الكبريت‭ ‬تبدو‭ ‬نذيرا‭ ‬قويّا‭ ‬كما‭ ‬يقول‭ ‬فيشر‭: ‬“إنّنا‭ ‬نراها‭ ‬الآن‭ ‬في‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬البراكين‭ ‬المختلفة‭.‬”

نفحة من الثورانات المستقبليّة

ولعل‭ ‬أوضح‭ ‬مثال‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬يأتي‭ ‬من‭ ‬توريالبا‭ ‬في‭ ‬كوستاريكا،‭ ‬وهو‭ ‬البركان‭ ‬الذي‭ ‬يشكل‭ ‬خطرا‭ ‬على‭ ‬مدينة‭ ‬سان‭ ‬خوسيه‭ ‬على‭ ‬بعد‭ ‬ثلاثين‭ ‬كيلومترا‭ ‬إلى‭ ‬الغرب‭. ‬وقد‭ ‬ساعد‭ ‬مارتن‭ ‬دي‭ ‬مور‭ ‬Maarten‭ ‬de‭ ‬Moor‭ – ‬الباحث‭ ‬في‭ ‬المرصد‭ ‬البركاني‭ ‬والزلزالي‭ ‬Volcanic‭ ‬and‭ ‬Seismic‭ ‬Observatory‭ ‬لكوستاريكا‭- ‬بتثبيت‭ ‬أجهزة‭ ‬استشعار‭ ‬الغاز‭ ‬على‭ ‬توريالبا‭ ‬في‭ ‬أوائل‭ ‬عام‭ ‬2014؛‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬المناسب‭ ‬تماما‭ ‬لبدء‭ ‬ثوران‭ ‬البركان‭. ‬فقد‭ ‬قاد‭ ‬دراسة‭ ‬نُشرت‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬البحوث‭ ‬الجيوفيزيائية‭ ‬Journal‭ ‬of‭ ‬Geophysical‭ ‬Research‭ ‬في‭ ‬أغسطس،‭ ‬أعلنت‭ ‬عن‭ ‬زيادات‭ ‬حادة‭ ‬في‭ ‬نسبة‭ ‬الكربون‭ ‬إلى‭ ‬الكبريت‭ ‬في‭ ‬الغازات‭ ‬قبل‭ ‬بضعة‭ ‬أسابيع‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬ثورة‭ ‬بركانية‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬دورتين‭ ‬من‭ ‬الثورات‭ (‬انظر‭ ‬الشكل‭ ‬البياني‭). ‬ويقول‭ ‬مارتن‭: ‬“ما‭ ‬رأيناه‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬هو‭ ‬أمر‭ ‬غير‭ ‬معقول،‭ ‬هذه‭ ‬الإشارات‭ ‬توسّع‭ ‬المدارك‭ ‬والبصيرة‭.‬”

“ولكن‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬أن‭ ‬يصبح‭ ‬رصد‭ ‬نسبة‭ ‬الغازات‭ ‬أداة‭ ‬تنبؤ‭ ‬واسعة‭ ‬الانتشار‭ ‬والاستخدام،‭ ‬فإن‭ ‬الباحثين‭ ‬سيحتاجون‭ ‬إلى‭ ‬فهم‭ ‬عوامل‭ ‬أكثر‭ ‬تعقيدا‭. ‬إن‭ ‬تفسير‭ ‬كيمياء‭ ‬الغاز‭ ‬لأغراض‭ ‬التنبؤ‭ ‬خاصة‭ ‬ليس‭ ‬علما‭ ‬دقيقا،‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬أبعد‭ ‬ما‭ ‬يكون‭ ‬عن‭ ‬ذلك،”‭ ‬كما‭ ‬يقول‭ ‬كلايف‭ ‬أوبنهايمر‭ ‬Clive‭ ‬Oppenheimer،‭ ‬أحد‭ ‬علماء‭ ‬البراكين‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ ‬كامبريدج‭. ‬ففي‭ ‬توريالبا‭ ‬مثلا،‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬غازات‭ ‬كبريت‭ ‬مختلفة‭ ‬في‭ ‬المزيج‭. ‬فقد‭ ‬تفاعل‭ ‬غاز‭ ‬ثاني‭ ‬أكسيد‭ ‬الكبريت‭ ‬من‭ ‬الصهارة‭ ‬مع‭ ‬المياة‭ ‬الجوفية،‭ ‬مُنتجا‭ ‬كبريتيد‭ ‬الهيدروجين‭ ‬أثناء‭ ‬دورة‭ ‬الثورة‭ ‬البركانيّة‭ ‬الأولى‭ ‬فقط،‭ ‬وليس‭ ‬في‭ ‬المرحلة‭ ‬الثانية‭. ‬يقول‭ ‬دي‭ ‬مور‭ ‬إن‭ ‬تلك‭ ‬الملاحظات‭ ‬قد‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الماء‭ ‬قد‭ ‬تبخر‭ ‬في‭ ‬النهاية،‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬قناة‭ ‬بركانية‭ ‬جديدة‭ ‬قد‭ ‬تشكلت،‭ ‬متجاوزة‭ ‬مكامن‭ ‬المياه‭. ‬في‭ ‬بواس‭ ‬–بركان‭ ‬كوستاريكي‭ ‬آخر–‭ ‬تحتوي‭ ‬القمّة‭ ‬على‭ ‬بحيرة‭ ‬حمضية‭ ‬تمتصّ‭ ‬في‭ ‬العادة‭ ‬ثاني‭ ‬أكسيد‭ ‬الكبريت‭ ‬المتسرّب‭ ‬إليها،‭ ‬لكنها‭ ‬تسمح‭ ‬له‭ ‬بالمرور‭ ‬دون‭ ‬عوائق؛‭ ‬مبقية‭ ‬على‭ ‬نسبة‭ ‬الكربون‭ ‬إلى‭ ‬الكبريت‭ ‬مرتفعة‭ ‬نسبيّا،‭ ‬حتى‭ ‬عندما‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬ثوران‭ ‬البركان‭ ‬وشيكا‭. ‬لكن‭ ‬جهود‭ ‬المبادرة‭ ‬DECADE‭ ‬في‭ ‬الرصد‭ ‬كشفت‭ ‬أن‭ ‬انبعاثات‭ ‬غاز‭ ‬الكبريت‭ ‬قد‭ ‬ارتفعت‭ ‬في‭ ‬الأيام‭ ‬التي‭ ‬سبقت‭ ‬ثوران‭ ‬بواس‭ ‬البركاني،‭ ‬متجاوزة‭ ‬بذلك‭ ‬قدرة‭ ‬البحيرة‭ ‬على‭ ‬إزالة‭ ‬الكبريت،‭ ‬ومسبّبة‭ ‬انخفاض‭ ‬لنسبة‭ ‬الكربون‭ ‬إلى‭ ‬الكبريت‭. ‬إنها‭ ‬الإشارة‭ ‬المعاكسة‭ ‬لتلك‭ ‬التي‭ ‬نراها‭ ‬في‭ ‬أماكن‭ ‬مثل‭ ‬إتنا‭ ‬وتوريالبا،‭ ‬لكنها‭ ‬مساوية‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬المصداقيّة،‭ ‬بحسب‭ ‬قول‭ ‬فيشر‭. ‬

نظريّا،‭ ‬يمكن‭ ‬للأقمار‭ ‬الصناعية‭ ‬مساعدة‭ ‬الباحثين‭ ‬على‭ ‬رصد‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الـ‭ ‬550‭ ‬بركانا‭ ‬نشطا‭ ‬حول‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬المدار‭. ‬وباستطاعة‭ ‬الأدوات‭ ‬الموجودة‭ ‬على‭ ‬متن‭ ‬القمر‭ ‬الصناعي‭ ‬تيرا‭ ‬التابع‭ ‬لناسا‭ ‬مثلا‭ ‬قياس‭ ‬انبعاثات‭ ‬غاز‭ ‬الكبريت‭ ‬البركانيّة‭ ‬بشكل‭ ‬معقول‭ ‬بالفعل‭. ‬لكن‭ ‬الباحثين‭ ‬لا‭ ‬يزالون‭ ‬يعملون‭ ‬على‭ ‬قياس‭ ‬ثاني‭ ‬أكسيد‭ ‬الكبريت‭ ‬وثاني‭ ‬أكسيد‭ ‬الكربون‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته،‭ ‬لكن‭ ‬قياس‭ ‬المصادر‭ ‬النُقَطيّة‭ ‬Point‭ ‬sources‭ ‬لثاني‭ ‬أكسيد‭ ‬الكربون‭ ‬يمثّل‭ ‬تحدّيا‭ ‬بسبب‭ ‬المستويات‭ ‬الخلفيّة‭ ‬العالية‭ ‬في‭ ‬الغلاف‭ ‬الجوّي،‭ ‬حتّى‭ ‬إنّ‭ ‬نفثة‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬ثاني‭ ‬أكسيد‭ ‬الكربون‭ ‬من‭ ‬بركان‭ ‬ستزيد‭ ‬التركيز‭ ‬المُقاس‭ ‬عبر‭ ‬الأقمار‭ ‬الصناعيّة‭ ‬بأقلّ‭ ‬من‭ ‬نسبة‭ ‬واحد‭ ‬في‭ ‬المئة‭ ‬كما‭ ‬يقول‭ ‬فلوريان‭ ‬شواندر‭ ‬Florian‭ ‬Schwandner،‭ ‬وهو‭ ‬كيميائي‭ ‬جيولوجي‭ ‬في‭ ‬مختبر‭ ‬الدفع‭ ‬النفاث‭ ‬Jet‭ ‬Propulsion‭ ‬Lab‭ ‬التابع‭ ‬لناسا‭ ‬في‭ ‬باسادينا‭ ‬بكاليفورنيا‭.‬

أما‭ ‬الآن،‭ ‬فيتعين‭ ‬على‭ ‬العلماء‭ ‬الراغبين‭ ‬باستكشاف‭ ‬قوة‭ ‬التنبؤ‭ ‬لنسبة‭ ‬الكربون‭ ‬إلى‭ ‬الكبريت‭ ‬انتظارَ‭ ‬الرصد‭ ‬الأرضي‭ ‬لالتقاط‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الثورانات‭ ‬البركانية،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬أداة‭ ‬الاستشعار‭ ‬تلك‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬سهلا‭ ‬بحسب‭ ‬قول‭ ‬دي‭ ‬مور‭. ‬إذ‭ ‬يمكن‭ ‬لذرات‭ ‬صغيرة‭ ‬من‭ ‬الرماد‭ ‬تغطية‭ ‬الألواح‭ ‬الشمسية‭ ‬أو‭ ‬إلحاق‭ ‬الضرر‭ ‬بالإلكترونيّات،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬جعل‭ ‬أداة‭ ‬الاستشعار‭ ‬على‭ ‬بركان‭ ‬توريالبا‭ ‬تتوقف‭ ‬عن‭ ‬نقل‭ ‬البيانات،‭ ‬مما‭ ‬اضطر‭ ‬دي‭ ‬مور‭ ‬إلى‭ ‬زيارة‭ ‬الموقع‭ ‬مرة‭ ‬كل‭ ‬أسبوع‭ – ‬في‭ ‬ظروف‭ ‬خطرة‭ ‬أحيانا‭ – ‬لتحميل‭ ‬البيانات‭ ‬شخصيّا‭. ‬لكنه‭ ‬يقول‭ ‬إنه‭ ‬يتوخى‭ ‬الحذر‭ ‬دائما‭ ‬ويحاول‭ ‬تذكّر‭ ‬شيء‭ ‬من‭ ‬الحكمة‭ ‬التي‭ ‬نقلها‭ ‬إليه‭ ‬فيشر‭ – ‬وهو‭ ‬المشرف‭ ‬على‭ ‬شهادته‭ ‬في‭ ‬الدكتوراه‭ -‬عن‭ ‬اتخاذ‭ ‬المخاطر‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬العلم‭: ‬“ستقدّم‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الإسهامات‭ ‬إذا‭ ‬نجوت‭ ‬بالفعل‭ ‬من‭ ‬هذا‭ .‬”

جوليا‭ ‬روزن‭ ‬Julia Rosen،‭ ‬صحفيّة‭ ‬من‭ ‬بورتلاند‭ ‬–‭ ‬ولاية‭ ‬أوريغون‭. ‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

زر الذهاب إلى الأعلى