أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
Advertisement
فلك وعلم الكونيات

اليابان تعيد تشغيل مهمة مسبار الأشعة السينية وتغير إدارة المهمات

بعد‭ ‬سلسلة‭ ‬من‭ ‬الإخفاقات‭ ‬في‭ ‬مهمتها،‭ ‬تسعى‭ ‬وكالة‭ ‬علوم‭ ‬الفضاء‭ ‬اليابان‭ ‬إلى‭ ‬إصلاح‭ ‬تراخي‭ ‬الرقابة

بقلم‭: ‬دنيس‭ ‬نورمايل‭ ‬في‭ ‬ساغاميهارا‭- ‬اليابان

ترجمة‭: ‬آية‭ ‬علي

 

عندما‭ ‬أطلقت‭ ‬اليابان‭ ‬قمر‭ ‬الأشعة‭ ‬السينية‭ ‬الصناعي‭ ‬ASTRO-H،‭ ‬في‭ ‬17‭ ‬فبراير،‭ ‬بقي‭ ‬المجتمع‭ ‬الفيزيائي‭ ‬الفلكي‭ ‬بأجمعه‭ ‬في‭ ‬ترقب‭ ‬وانتظار‭. ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬مهمتين‭ ‬سابقتين‭ ‬مشتركتين‭ ‬بين‭ ‬اليابان‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬لرصد‭ ‬الأشعة‭ ‬السينية‭ ‬كانتا‭ ‬قد‭ ‬فشلتا،‭ ‬والعلماء‭ ‬المتشوقون‭ ‬لمنظر‭ ‬مفصّل‭ ‬للسماء‭ ‬بالأشعة‭ ‬السينية‭ ‬كانوا‭ ‬يأملون‭ ‬بالحصول‭ ‬عليه‭ ‬مع‭ ‬القمر‭ ‬الصناعي‭ ‬ASTRO-H‭. ‬فقد‭ ‬بدا‭ ‬أن‭ ‬القمر‭ ‬الصناعي‭ ‬الجديد‭ ‬قد‭ ‬تغلب‭ ‬على‭ ‬المصاعب‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬دخل‭ ‬في‭ ‬مداره،‭ ‬ولكن‭ ‬بعد‭ ‬مضي‭ ‬خمسة‭ ‬أسابيع‭ ‬تحطم‭ ‬فجأة‭ ‬إلى‭ ‬أجزاء،‭ ‬مما‭ ‬أحزن‭ ‬علماء‭ ‬الفيزياء‭ ‬الفلكية‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭.‬

والآن،‭ ‬وبعد‭ ‬تقرير‭ ‬يفصل‭ ‬المشكلات‭ ‬التي‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬تحطم‭ ‬القمر‭ ‬الصناعي‭ ‬الذي‭ ‬تقدر‭ ‬قيمته‭ ‬بـ‭ ‬300‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭ ‬والمسمى‭ ‬هيتومي‭ ‬Hitomi‭ ‬بعد‭ ‬الإطلاق‭ ‬مباشرة،‭ ‬يضع‭ ‬العلماء‭ ‬اليابانيون‭ ‬خططاً‭ ‬جديدة‭ ‬لإعادة‭ ‬المحاولة،‭ ‬إذ‭ ‬يقول‭ ‬ساكو‭ ‬تسونيتا‭ ‬Saku Tsuneta‭: ‬‮«‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نؤدي‭ ‬مسؤوليتنا‮»‬‭ ‬بوضع‭ ‬مرصد‭ ‬للأشعة‭ ‬السينية‭ ‬في‭ ‬مداره،‭ ‬و‭ ‬تسونيتا‭ ‬هو‭ ‬المدير‭ ‬العام‭ ‬لمعهد‭ ‬علوم‭ ‬الفضاء‭ ‬والملاحة‭ ‬الفضائية‭ ‬Institute of Space and Astronautical Science‭ (‬اختصارا‭: ‬المعهد‭ ‬ISAS‭)‬،‭ ‬وهو‭ ‬فرع‭ ‬من‭ ‬وكالة‭ ‬استكشاف‭ ‬الفضاء‭ ‬اليابانية‭ (‬اختصارا‭: ‬الوكالة‭ ‬JAXA‭).‬

وقبل‭ ‬أن‭ ‬تبدأ‭ ‬عملية‭ ‬إعادة‭ ‬تشغيل‭ ‬المسبار،‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يُقنع‭ ‬معهدُ‭ ‬علوم‭ ‬الفضاء‭ ‬والملاحة‭ ‬الفضائية‭ ‬الوكالاتِ‭ ‬المُموِّلة‭ ‬والشركاءَ‭ ‬الدوليين‭ ‬أنه‭ ‬سيصحح‭ ‬عيوب‭ ‬ومشكلات‭ ‬الإدارة‭ ‬التي‭ ‬أدَّت‭ ‬إلى‭ ‬فشل‭ ‬هيتومي‭ ‬وتحطمه،‭ ‬والذي‭ ‬مرَّ‭ ‬بمجموعة‭ ‬متسلسلة‭ ‬من‭ ‬الإخفاقات‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬انجرافه‭ ‬بعيداً‭ ‬عن‭ ‬مداره‭ ‬وخسارته‭. ‬كما‭ ‬تشارك‭ ‬وزارة‭ ‬التعليم‭ ‬في‭ ‬اليابان‭ ‬أيضاً‭ ‬في‭ ‬المهمة،‭ ‬وقد‭ ‬ضمّنت‭ ‬في‭ ‬الميزانية‭ ‬التي‭ ‬طلبتها‭ ‬لعام‭ ‬2017‭ ‬تمويلاً‭ ‬لتبدأ‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬مهمة‭ ‬بديلة،‭ ‬ومن‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬يوافق‭ ‬عليها‭ ‬البرلمان‭ ‬الياباني‭ ‬الشهر‭ ‬المقبل‭. ‬أما‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬ناسا‭ ‬التي‭ ‬قدمت‭ ‬الآلة‭ ‬الرئيسية‭ ‬في‭ ‬قمر‭ ‬هيتومي‭ -‬ألا‭ ‬وهو‭ ‬مقياس‭ ‬طيف‭ ‬الأشعة‭ ‬السينية‭ ‬اللينة‭ ‬Soft X-Ray Spectrometer‭ (‬اختصارا‭: ‬المقياس‭ ‬SXS‭)- ‬فهي‭ ‬تتباحث‭ ‬الآن‭ ‬مع‭ ‬الوكالة‭ ‬JAXA‭ ‬حول‭ ‬إمكانية‭ ‬بناء‭ ‬قمر‭ ‬بديل،‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬قول‭ ‬متحدثة‭ ‬ناسا‭ ‬في‭ ‬شؤون‭ ‬الفيزياء‭ ‬الفلكية‭ ‬فيليشا‭ ‬تشو‭ ‬Felicia Chou‭ ‬في‭ ‬العاصمة‭ ‬واشنطن‭. ‬أما‭ ‬تسونيتا،‭ ‬فيقول‭ ‬إن‭ ‬المهمة‭ ‬المقرر‭ ‬إطلاقها‭ ‬عام‭ ‬2021‭ ‬ستكون‭ ‬أبسط‭ ‬وأقل‭ ‬تكلفة،‭ ‬وستكون‭ ‬على‭ ‬متنها‭ ‬آلتان‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬الآلات‭ ‬الأربع‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬على‭ ‬متن‭ ‬قمر‭ ‬هيتومي‭.‬

لقد‭ ‬تركت‭ ‬خسارة‭ ‬قمر‭ ‬هيتومي‭ ‬فجوة‭ ‬في‭ ‬دراسات‭ ‬الفلك‭ ‬المعتمدة‭ ‬على‭ ‬الأشعة‭ ‬السينية،‭ ‬والتي‭ ‬يمكن‭ ‬إنجازها‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬الفضاء‭ ‬وتمثل‭ ‬نافذة‭ ‬ننظر‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬إلى‭ ‬أجزاء‭ ‬الكون‭ ‬الأكثر‭ ‬سخونة‭ ‬والأكثر‭ ‬عنفاً،‭ ‬وفي‭ ‬عام‭ ‬2000،‭ ‬أدى‭ ‬عطل‭ ‬أثناء‭ ‬الإطلاق‭ ‬إلى‭ ‬تحطم‭ ‬قمر‭ ‬اليابان‭ ‬الصناعي‭ ‬ASTRO-H‭ ‬في‭ ‬المحيط‭ ‬الهادي‭. ‬وتعيّن‭ ‬على‭ ‬علماء‭ ‬الفلك‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الأشعة‭ ‬السينية‭ ‬أن‭ ‬يعتمدوا‭ ‬على‭ ‬المعدات‭ ‬القديمة‭ ‬التي‭ ‬أطلقت‭ ‬عام‭ ‬1999‭: ‬مهمة‭ ‬المرايا‭ ‬المتعددة‭ ‬للأشعة‭ ‬السينية‭ ‬التابعة‭ ‬لوكالة‭ ‬الفضاء‭ ‬الأوروبية‭ ‬European Space Agency‭ (‬اختصارا‭: ‬الوكالة‭ ‬ESA‭)‬،‭ ‬ومعدات‭ ‬مرصد‭ ‬تشاندرا‭ ‬Candra‭ ‬للأشعة‭ ‬السينية‭ ‬التابع‭ ‬لناسا،‭ ‬ولهذا‭ ‬فإن‭ ‬العلماء‭ ‬انضموا‭ ‬بسرعة‭ ‬إلى‭ ‬دعم‭ ‬فكرة‭ ‬وجود‭ ‬بديل‭ ‬لهيتومي،‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬قول‭ ‬دان‭ ‬مك‭ ‬كامون‭ ‬Dan McCammon،‭ ‬عالم‭ ‬فيزياء‭ ‬الفضاء‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ ‬ويسكونسن‭ ‬University of Wisconsin‭ ‬في‭ ‬ماديسون،‭ ‬وكان‭ ‬أحد‭ ‬الذين‭ ‬عملوا‭ ‬على‭ ‬المقياس‭ ‬SXS‭.‬

وعلى‭ ‬خلاف‭ ‬مهمات‭ ‬الأشعة‭ ‬السينية‭ ‬الأخرى‭ -‬المُهيئة‭ ‬لتصوير‭ ‬مصادر‭ ‬نقطية‭ (‬دقيقة‭ ‬الأبعاد‭) ‬كالثقوب‭ ‬السوداء‭ ‬والنجوم‭ ‬النيوترونية،‭ ‬فقد‭ ‬كانت‭ ‬مهمة‭ ‬هيتومي‭ ‬تَعِد‭ ‬بصور‭ ‬ذات‭ ‬دقة‭ ‬عالية‭ ‬جداً‭ – ‬من‭ ‬حيث‭ ‬مستويات‭ ‬الطاقة‭- ‬من‭ ‬الأشعة‭ ‬السينية‭ ‬المنبعثة‭ ‬من‭ ‬الغازات‭ ‬شديدة‭ ‬الحرارة‭ ‬حول‭ ‬الثقوب‭ ‬السوداء‭ ‬وضمن‭ ‬التجمعات‭ ‬المجرية‭ ‬وبقايا‭ ‬السوبر‭ ‬نوفا‭ (‬المستعرات‭ ‬الفائقة‭) ‬Supernova‭. ‬فقد‭ ‬انطلق‭ ‬المسبار‭ ‬ببداية‭ ‬واعدة‭. ‬وبعد‭ ‬إطلاق‭ ‬سلس،‭ ‬أمضى‭ ‬عمال‭ ‬تشغيل‭ ‬الأجهزة‭ ‬شهراً‭ ‬وهم‭ ‬يفحصون‭ ‬ويضبطون‭ ‬آلاته،‭ ‬ويقول‭ ‬أندرو‭ ‬فابيان‭ ‬Andrew Fabian‭ ‬وهو‭ ‬عضو‭ ‬علمي‭ ‬في‭ ‬المجموعة‭ ‬العاملة‭ ‬على‭ ‬مهمة‭ ‬أسترو‭-‬إيتش‭ ‬وهو‭ ‬أيضاً‭ ‬عالم‭ ‬فيزياء‭ ‬فلكية‭ ‬نظرية‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ ‬كامبريدج‭ ‬University of Cambridge‭ ‬في‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‭: ‬“كان‭ ‬مقياس‭ ‬طيف‭ ‬الأشعة‭ ‬السينية‭ ‬يعمل‭ ‬جيدا‭ ‬ًبشكل‭ ‬استثنائي‭.‬”‭ ‬وفي‭ ‬وقت‭ ‬مبكر‭ ‬من‭ ‬السادس‭ ‬والعشرين‭ ‬من‭ ‬مارس،‭ ‬فَقَدَ‭ ‬قسمُ‭ ‬التحكم‭ ‬اتصاله‭ ‬بالمسبار،‭ ‬وبعد‭ ‬أن‭ ‬توصلوا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬القمر‭ ‬الصناعي‭ ‬قد‭ ‬تعطل،‭ ‬تخلت‭ ‬الوكالة‭ ‬JAXA‭ ‬عن‭ ‬مهمة‭ ‬28‭ ‬إبريل‭.‬

جمع‭ ‬المحققون‭ ‬من‭ ‬الوكالة‭ ‬JAXA‭ ‬والمعهد‭ ‬ISAS‭ ‬ومتعهدو‭ ‬المهمة‭ ‬أجزاء‭ ‬سيناريو‭ ‬قصة‭ ‬الفشل‭ ‬التي‭ ‬مر‭ ‬بها‭ ‬المسبار،‭ ‬وذلك‭ ‬باستخدام‭ ‬بيانات‭ ‬القياس‭ ‬عن‭ ‬بعد،‭ ‬والتحليل‭ ‬وعمليات‭ ‬المحاكاة،‭ ‬فبعد‭ ‬أن‭ ‬رصدت‭ ‬المركبة‭ ‬الفضائية‭ ‬سديم‭ ‬السرطان‭ ‬Crab nebula‭ ‬في‭ ‬25‭ ‬مارس،‭ ‬غيّرت‭ ‬المركبة‭ ‬اتجاهها‭ ‬إلى‭ ‬نواة‭ ‬مجرية‭ ‬نشطة‭ ‬باستخدام‭ ‬متتبع‭ ‬نجمي‭ ‬Star tracker‭ ‬للتحكم‭ ‬في‭ ‬الموقع،‭ ‬وبسبب‭ ‬بيانات‭ ‬خاطئة‭ ‬من‭ ‬المتعقب‭ ‬النجمي،‭ ‬اعتقد‭ ‬نظام‭ ‬التحكم‭ ‬بالموقع‭ ‬أن‭ ‬هيتومي‭ ‬كان‭ ‬يدور‭ ‬بينما‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬الحقيقة‭ ‬ثابتاً،‭ ‬وعندها‭ ‬شغلت‭ ‬المركبة‭ ‬عجلة‭ ‬ارتكاس‭ ‬أو‭ ‬ردة‭ ‬فعل‭ ‬لتعاكس‭ ‬الدوران‭ ‬المعتقد‭, ‬ونتيجة‭ ‬لذلك‭ ‬بدأ‭ ‬قمر‭ ‬هيتومي‭ ‬بالدوران‭ ‬فعلاً،‭ ‬كما‭ ‬أدى‭ ‬خلل‭ ‬آخر‭ ‬إلى‭ ‬جعل‭ ‬المركبة‭ ‬تدور‭ ‬بسرعة‭ ‬أكبر،‭ ‬ثم‭ ‬أطلق‭ ‬المسبار‭ ‬صواريخ‭ ‬الدفع‭ ‬لتبطل‭ ‬الدوران،‭ ‬ولكن‭ ‬بسبب‭ ‬برنامج‭ ‬التحكم‭ ‬المعيب‭ ‬انطلقت‭ ‬الصواريخ‭ ‬في‭ ‬الاتجاه‭ ‬الخاطئ،‭ ‬مما‭ ‬أدى‭ ‬تسارع‭ ‬الدوران‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬انفصلت‭ ‬الألواح‭ ‬الشمسية‭ ‬عن‭ ‬المسبار،‭ ‬وفي‭ ‬تقرير‭ ‬صدر‭ ‬في‭ ‬الثامن‭ ‬من‭ ‬يوليو‭ ‬ألقى‭ ‬المحققون‭ ‬اللوم‭ ‬على‭: ‬“إشراف‭ ‬غير‭ ‬كافٍ‭ ‬من‭ ‬إدارة‭ ‬المشروع‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬الأمان‭ ‬والموثوقية،‭ ‬وسلامة‭ ‬القمر‭ ‬الصناعي،‭ ‬وعلى‭ ‬تصميم‭ ‬النظام‭.‬”

ولمنع‭ ‬حدوث‭ ‬هكذا‭ ‬أخطاء‭ ‬في‭ ‬المستقبل،‭ ‬يوصي‭ ‬المحققون‭ ‬بإنشاء‭ ‬سجل‭ ‬للقياسات‭ ‬متضمناً‭ ‬مشاركة‭ ‬أفضل‭ ‬للبيانات‭ ‬مع‭ ‬الأشخاص‭ ‬المرتبطين‭ ‬بالمهمة‭ ‬والتوثيق‭ ‬الدقيق‭ ‬خلال‭ ‬اختبارات‭ ‬المركبة‭. ‬أما‭ ‬أهم‭ ‬مشكلة‭ ‬أشار‭ ‬إليها‭ ‬المحققون‭ ‬فهي‭ ‬إدارة‭ ‬المهمة،‭ ‬وكما‭ ‬يقول‭ ‬لتسونيتا‭ ‬فإن‭ ‬المعهد‭ ‬ISAS‭ ‬في‭ ‬العادة‭ ‬يعين‭ ‬أستاذاً‭ ‬مشرفاً‭ ‬وحيداً‭ ‬كمسؤول‭ ‬أعلى‭ ‬عن‭ ‬المهمة،‭ ‬وهذا‭ ‬الشخص‭ ‬ليس‭ ‬مسؤولاً‭ ‬فقط‭ ‬عن‭ ‬المجال‭ ‬العلمي‭ ‬للمهمة،‭ ‬ولكن‭ ‬هو‭ ‬أيضاً‭ ‬مسؤول‭ ‬عن‭ ‬هندسة‭ ‬المركبة‭ ‬والآلات‭ ‬وكذلك‭ ‬التنسيق‭ ‬بين‭ ‬الشركاء‭ ‬والمتعهدين‭.‬

وقد‭ ‬اعتمد‭ ‬المعهد‭ ‬ISAS‭ ‬هذه‭ ‬المقاربة‭ ‬منذ‭ ‬تشكيله‭ ‬أول‭ ‬مرة‭ ‬من‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬المهتمين‭ ‬بالفضاء‭ ‬من‭ ‬قسم‭ ‬الهندسة‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ ‬طوكيو‭ ‬University of Tokyo،‭ ‬والذي‭ ‬أطلق‭ ‬مهمات‭ ‬بميزانيات‭ ‬ضئيلة‭ ‬بالكاد‭ ‬تكفي،‭ ‬ولكن‭ ‬بما‭ ‬أن‭ ‬البعثات‭ ‬الفضائية‭ ‬تصبح‭ ‬أكثر‭ ‬طموحاً‭ ‬وتكلفةً‭ ‬وتعقيداً،‭ ‬فإن‭ ‬هنالك‭ ‬عتبة‭ ‬ما‭ -‬على‭ ‬حد‭ ‬قول‭ ‬تسونيتا‭- ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬تجاوزها‭ ‬“إذ‭ ‬إنه‭ ‬عند‭ ‬تلك‭ ‬العتبة‭ ‬لا‭ ‬يعود‭ ‬أسلوب‭ ‬الإدارة‭ ‬ذاك‭ ‬النظام‭ ‬الأمثل‭.‬”‭ ‬ويتابع‭ ‬قائلاً‭ ‬إنه‭ ‬في‭ ‬معظم‭ ‬إخفاقات‭ ‬مركبات‭ ‬المعهد‭ ‬ISAS‭ ‬نجحت‭ ‬فرق‭ ‬المهمة‭ ‬في‭ ‬صنع‭ ‬المعدات‭ ‬العلمية‭ ‬المعقدة‭ ‬لكنها‭ ‬فشلت‭ ‬في‭ ‬العمليات‭ ‬الروتينية‭ ‬للمركبة‭ ‬الفضائية،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬حصل‭ ‬تماماً‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬القمر‭ ‬هيتومي،‭ ‬فمعداته‭ ‬“عملت‭ ‬بشكل‭ ‬ممتاز”‭ ‬كما‭ ‬يقول‭ ‬تسونيتا‭ ‬لكن‭ ‬نظام‭ ‬التحكم‭ ‬في‭ ‬الموقع‭ ‬الخاص‭ ‬بالمركبة‭ ‬الذي‭ ‬“تعيّن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬مثالياً”‭ ‬كان‭ ‬معيباً‭ .‬

أما‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬المهمات‭ ‬المستقبلية،‭ ‬فإن‭ ‬المعهد‭ ‬ISAS‭ ‬سيفصل‭ ‬الأدوار‭ ‬بين‭ ‬المحقق‭ ‬الرئيسي‭ ‬الذي‭ ‬سيركز‭ ‬على‭ ‬المجال‭ ‬العلمي،‭ ‬وبين‭ ‬مدير‭ ‬المشروع‭ ‬الذي‭ ‬سيتولى‭ ‬مشكلات‭ ‬النفقات‭ ‬ومواصفات‭ ‬المعدات‭ ‬ويبقي‭ ‬المهمة‭ ‬على‭ ‬المسار‭ ‬المحدد،‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬قول‭ ‬تسونيتا‭. ‬إن‭ ‬المنصب‭ ‬الجديد‭ ‬لمدير‭ ‬النظام‭ ‬سيضمن‭ ‬سلامة‭ ‬المهمة‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬التقنية‭. ‬ويقول‭ ‬تسونيتا‭ ‬إن‭ ‬هذا‭ ‬الأسلوب‭ ‬شبيه‭ ‬بأسلوب‭ ‬إدارة‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬ناسا‭ ‬والوكالة‭ ‬ESA‭ ‬للمهمات‭.‬

ويحوز‭ ‬توجه‭ ‬الفحص‭ ‬الدقيق‭ ‬هذا‭ ‬على‭ ‬استحسان‭ ‬المجتمع‭ ‬العلمي‭ ‬في‭ ‬اليابان،‭ ‬فيقول‭ ‬ماكوتو‭ ‬تاشيرو‭ ‬Makoto Tashiro‭ ‬عالم‭ ‬فيزياء‭ ‬فلكية‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ ‬طوكيو‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬الفريق‭ ‬العلمي‭ ‬لمهمة‭ ‬هيتومي‭: ‬“إن‭ ‬خطة‭ ‬المعهد‭ ‬في‭ ‬إعادة‭ ‬الهيكلة‭ ‬ستعزز‭ ‬وتدعم‭ ‬المشاريع‭ ‬القادمة‭ ‬بالتأكيد‭.‬”‭ ‬ويأمل‭ ‬كوزو‭ ‬فوجي‭ ‬Kuzo Fuji‭ -‬مهندس‭ ‬سابق‭ ‬في‭ ‬المعهد‭ ‬من‭ ‬جامعة‭ ‬طوكيو‭ ‬للعلوم‭- ‬بألا‭ ‬تفرض‭ ‬القواعد‭ ‬البيروقراطية‭ ‬الجديدة‭ ‬حصاراً‭ ‬على‭ ‬الثقافة‭ ‬الأكاديمية‭ ‬للمعهد،‭ ‬التي‭ ‬تعتمد‭ ‬فيها‭ ‬عمليةَ‭ ‬صنع‭ ‬القرار‭ ‬من‭ ‬الأسفل‭- ‬إلى‭ -‬الأعلى،‭ ‬وتشديد‭ ‬الباحثين‭ ‬على‭ ‬أحدث‭ ‬التقنيات‭. ‬يضيف‭ ‬جونيشيرو‭ ‬كاواغوتشي‭ ‬Junichiro Kawaguchi‭ -‬الذي‭ ‬قاد‭ ‬مهمة‭ ‬استرجاع‭ ‬العينات‭ ‬من‭ ‬المذنب‭ ‬هايابوسا‭ ‬Hayabusa‭- ‬قائلا‭ ‬إن‭ ‬إعادة‭ ‬الهيكلة‭ ‬يجب‭ ‬ألا‭ ‬تطغى‭ ‬على‭ ‬الرؤية‭ ‬العلمية‭ ‬للمعهد،‭ ‬فقد‭ ‬دعم‭ ‬علماء‭ ‬ومهندسو‭ ‬المعهد‭ ‬بناء‭ ‬الأقمار‭ ‬الصناعية‭ ‬ومهارات‭ ‬التشغيل‭ ‬عبر‭ ‬مشاركتهم‭ ‬الوثيقة‭ ‬في‭ ‬المشاريع‭ ‬وليس‭ ‬فقط‭ ‬عبر‭ ‬إدارة‭ ‬المتعهدين‭.‬

ويقول‭ ‬تسونيتا‭ ‬إنه‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬يحافظ‭ ‬على‭ ‬الجوانب‭ ‬الجيدة‭ ‬في‭ ‬طريقة‭ ‬إدارة‭ ‬المعهد‭ ‬للمهمات‭ ‬بنا‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬اقتراحات‭ ‬توجيه‭ ‬المهمة‭ ‬من‭ ‬الأسفل‭-‬إلى‭-‬‭ ‬الأعلى،‭ ‬والتواصل‭ ‬الوثيق‭ ‬بين‭ ‬العلماء‭ ‬والمهندسين‭. ‬لكن‭ ‬إدارة‭ ‬أكثر‭ ‬حزماً‭ ‬هي‭ ‬أمر‭ ‬ضروري‭ ‬إذ‭ ‬يقول‭: ‬“لا‭ ‬يمكننا‭ ‬أن‭ ‬نعود‭ ‬إلى‭ ‬الأيام‭ ‬الماضية‭.‬”


مهمات عبور النجوم

 


The‭ ‬©2016‭ ‬American Association for the advancement of Sciences‭. ‬All right reserved‭.‬

http://www.sciencemag.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

زر الذهاب إلى الأعلى