استراتيجية لقاح فيروس أيدز مثيرة للجدل تحصل على فرصة ثانية
وباء الأيدز
أخبار بالتفصيل
استراتيجية لقاح فيروس أيدز مثيرة للجدل تحصل على فرصة ثانية
بقلم: جون كوهين
ترجمة: مريانا حيدر
نجاح متواضع في تايلند يشجع على إجراء تجربة في جنوب إفريقيا
ستحصل استراتيجية ثنائية المراحل للقاح فيروس عوز المناعة البشري HIV على فرصة ثانية لاختبارها في جنوب إفريقيا، على الرغم من النتائج غير المشجعة من تجربة أجريت في تايلند قبل 7 سنين. ففي الأسبوع الماضي، حقن الباحثون أول 5400 رجل وامرأة يأملون بأن يسلموا من الإصابة بالمرض وتتراوح أعمارهم بين 18 و 35، سيتلقى كل شخص تركيبة تتألف من لقاحين، أو من حقنتين من دواء غُفلٍ Placebo. ويتعيّن أن تظهر الدراسة التي كلفت 130 مليون دولار بشكل قاطع فيما إذا كانت التركيبة تعمل حقاً فتكون أول لقاح لفيروس HIV، إذ لم يظهر أي دليل في دراسات الفعالية على أنها تقوم بعملها حقا.
ويقول بعض الباحثين إن النتائج في تايلند لم تكن مبهرة لدرجة أن هذه الدراسة الضخمة -الممولة بشكل رئيسي من قبل المعهد الوطني للحساسية و الأمراض المعدية National Institute of Allergy and Infectious Diseases (اختصارا: المعهد NIAID) ، ومؤسسة بيل وميلندا غيتس Bill & Melinda Gates Foundation- ستكون مضيعة لأموال الأبحاث.
يقول رونالد ديزروسيير Ronald Desrosiers وهو باحث في مجال لقاح الفيروس HIV من جامعة ميامي بفلوريدا: “كان من الممكن أن يُنْفِق ذلك المال بشكل أفضل على تطوير مفاهيم واعدة لديها فرصة حقيقية لتكون فعالة.” لكن أنثوني فوسي Anthony Fauci -رئيس المعهد NIAID في بيثيسدا بماريلاند- يرى إن هناك دليلا كافيا على فعالية اللقاح في تجربة تايلند يُبرِّر إجراء اختبارات أو تجارب أخرى، إذ يقول: “علينا فقط أن نترك الأمور تتضح.”
ويجادل رؤساء قياديو التجربة في أن مجرد لقاح متواضع الفعالية سيساعد جنوب إفريقيا، التي تحتوي على أكثر من 6 ملايين شخص مصاب بالفيروسHIV (ما يعادل 19 ٪ من المجموع الكلي في العالم)، وتقول غليندا غراي Glenda Gray التي تترأس مجلس الأبحاث الطبية بجنوب إفريقيا South African Medical Research Council في كيب تاون: “كان هنالك الكثير من المعارضين،” وتتابع غراي التي تترأس الدراسة الجديدة قائلة: “ألا يهتمون؟ هذا يعني أنهم معزولون تماماً عن أخبار الوباء وكيف يستمر بتدمير إفريقيا.”
وجدت التجربة التايلندية التي ضمت أكثر من 16 ألف شخص أن اللقاح خفَّض خطر العدوى بالفيروس HIV بنسبة متواضعة نحو 31.2 ٪ حيث تلقى المتطوعون في البداية فيروس جدري الكناري Canarypox virus المُعدَّل ليوصل عدة جينات من جينات الفيروس HIV، وتلا ذلك حقنة احتوت فقط على البروتين السطحي للفيروس HIV- البروتين gp120 – مع مادة الشب alum وهي محفز مناعي يستخدم كعنصر مساعد. فقد صُمِّم اللقاحان ليؤمِّنا حماية ضد سلالات من الفيروس HIV المنتشر في تايلند، إذ كان الهدف من هذه المقاربة الثنائية هو تحفيز استجابات مناعية مختلفة.
ومن أجل الدراسة الجديدة أنتج الباحثون لقاحات مضادة للسلالات الشائعة في جنوب إفريقيا، لكنهم اختاروا عنصراً مساعداً أقوى يدعى MF59، كما سيتلقى المشاركون في التجربة حقنةً إضافية من لقاح البروتين gp120 في محاولة لجعل الحماية التي يوفرها اللقاح أكثر استدامة.
ويجادل النقاد في أن المشكلة ليست فقط المستوى المنخفض من الحماية المشاهد في تجربة تايلند. إذ إن الدراسة فشلت أيضا في عرض آلية تفسر سبب الاستفادة البسيطة المُتحقِّقة. ووجد الباحثون الذين يدرسون عينات الدم المخبرية من دراسة تايلند أن الأفراد المُطعَّمين الذين لم يصابوا بالعدوى كانت لديهم مستويات أعلى من الأجسام المضادة التي ترتبط بالبروتين gp120. لكن في التجارب التي تجرى في أنابيب الاختبار، فإن الأجسام المضادة ذاتها لا تمنع الفيروسات من إصابة الخلية، ويعتقد الباحثون أن هذا أمر مهم للحماية. إذ يقول عالم الفيروسات بول بيانياز Paul Bieniasz من مركز أبحاث آرون دايمند للأيدز Aaron Diamond AIDS Research Center في نيويورك: “لا يوجد -بشكل أساسي- أي صلة منطقية بين ما نعرفه وبين تجربة اللقاح هذه، يجب أن يكون هناك نقاش أكثر ذكاء حول الأبحاث التي يجري التحضير لها.”
إذ يعتقد بيانياز وآخرون أن الباحثين يجب أن يركزوا على مقاربات أخرى مثل الأجسام المضادة النادرة التي لديها قدرة غير عادية على تحييد الفيروسات HIV في أنابيب الاختبار، وتكون فعّالة ضد مجال واسع من السلالات الطافرة -وهذا أمر أساسي في أي لقاح يُحضَّر ضد فيروسات طافرة بشكل مستمر. وتحاول مجموعات عديدة تطوير لقاحات يمكنها أن تدرب الجسم على دفع هذه الأجسام المضادة إلى إنتاج تحييد واسع النطاق، لكن التطور مازال بطيئاً من هذه الناحية.
أما جينوفيا فرانشيني Genoveffa Franchini باحثة لقاحات في المعهد الوطني للسرطان National Cancer Institute في بيثيسدا، الولايات المتحدة، فيثير قلقها أمر آخر: العامل المساعد الجديد. ففي مايو من هذا العام، أفادت فرانشيني والعاملون المساعدون في مجلة نيتشر ميديسن Nature Medicine بأن اللقاح الثنائي يعمل في نسانيس المكاك الريسوسي rhesus macaques عند إضافة البروتين gp120 إلى العامل المساعد من مادة الشب، ولكنه لا يعمل عند إضافته إلى العامل المساعد MF59.وفي مؤتمر حديث عن عوز المناعة والأيدز بمختبر كولد سبرينغ هاربر Cold Spring Harbor Laboratory في نيويورك، قالت فرانشيني في هذا الخصوص: “إذا كان فعل العامل المساعد MF59 في النسانيس هو ذاته عند البشر، عندها لن تكون لديك أي حماية في النهاية، ولن تعرف السبب في ذلك.” واقترحت فرانشيني أن العامل المساعد MF59 ربما يُفرط أيضا في تحفيز الجهاز المناعي ويخلق بذلك خلايا هدفية جديدة أمام الفيروس ليصيبها بالعدوى، مما يجعل الأفراد المُطعَّمي باللقاح أكثر عرضة للإصابة، وتقول مُحذِّرة: “هناك هذا القَسَم الذي نؤديه عندما نستكمل الدراسة في كلية الطب ألا وهو: ألاّ نؤذي.”
لكن العامل المساعد MF59 كان فعالاً في دراسة أخرى على النسانيس على حد قول لورنس كوري Lawrence Corey من مركز فريد هتشنسون لأبحاث السرطان Fred Hutchinson Cancer Research Center في سياتل بواشنطن، والذي يترأس الشبكة المشرفة على الدراسة والمُمَوَّلة من قبل المعهد NIAID، إذ يقول: “إن الأفراد المؤمنين بالدراسة لديهم رأي آخر.”
وتعتقد غراي -قائدة فريق الدراسة- أن لدى فرانشيني حجة مقنعة حول إضافة العامل المساعد من مادة الشب إلى التجربة -بحال تمكن العلماء من تأمين المال اللازم لإضافة ذلك إلى تصميم التجربة. لكنها تقول إن تجربة جنوب إفريقيا -كما هي الآن- مصممة بشكل جيد، مع العديد من نقاط التحقق التي يمكن عند أي منها إيقاف التجربة إذا كان اللقاح ضارا، أو حتى إذا اتضح أن الأفراد المُطعَّمين يصابون بالمرض بالمعدل نفسه لإصابة الأفراد في مجموعة دواء الغفل. وتقول غراي: “على أحد ما أن يغامر في هذا الأمر وأن يمتلك الشجاعة ليتقدم إلى الأمام على الرغم من معرفة أننا قد نفشل.”
The ©2016 American Association for the advancement of Sciences. All right reserved.