أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
اخترنا لكاللغويات

القراءة الذكية: كيف تقرأ أسرع باستيعاب أكبر

بقلم: إيما يونغ
ترجمة: روان دشتي

مع ظهور شبكة الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي أصبح لدينا الكثير لنقرأه. فما هي أفضل طريقة للاستفادة من طوفان الكلمات؟

هجوم الكلمات يبدأ من لحظة استيقاظك من النوم. حتى قبل تبديل ملابسك، قد تبدأ بالتحقق من رسائلك الإلكترونية أو مطالعة الأخبار الصباحية على الإنترنت، وترد على الرسائل النصية، وتتصفح تويترك. بعد ذلك في العمل، يتعين عليك قراءة التقارير، والمذكرات، والمقالات وأيضا المزيد من الرسائل الإلكترونية التي يتعين التعامل معها. وربما أيضا قد تقرأ قليلا من النثر للمتعة.

مع انتشار الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، فإن الجيل الحالي يتعامل مع المعلومات المكتوبة بشكل أكثر من الأجيال السابقة. وهذا الطوفان اليومي من النصوص قد يسبب التوتر. سواء أكنت تكافح للتأقلم أو تود فقط أن تقرأ أكثر ، فإنه من المغري أن تتساءل عمّا إذا كانت هناك طرق أفضل للتعامل مع هذا السيل من النصوص. نحن نعلم أن العقل البشري له قدرات مذهلة. “ الآن يحفظ الناس تسلسل رزمة بطاقات اللعب في أقل من 20 ثانية، ومؤخرا قام أحدهم بحل ثمانية مكعبات روبيك تحت الماء في نَفَس واحد،” كما يقول ديفيد بالوتا David Balota من جامعة واشنطن Washington University في سانت لويس بولاية ميسوري: “ومن المثير للاهتمام تخمين ما إذا كان مثل هذا التدريب فيما يختص بالقراءة نافعا.”

واقعيا، لا يأمل معظمنا أبدا بمواجهة بطلة العالم لست مرات في القراءة السريعة آن جونز Anne Jones، التي سجلت أعلى معدل بقراءة 4251 كلمة في الدقيقة. ولكن هناك طرقا تمكِّن أي شخص من زيادة استيعابه لما يقرأ.

وللاستفادة من قراءة أكثر كفاءة وبشكل أكثر دقة، تحتاج فقط إلى معرفة أي مشورة تتبع وأيها تتجاهل.

ويقرأ الشخص العادي من خريجي الجامعات ما بين 200 و400 كلمة في الدقيقة الواحدة. وتاريخيا كانت القراءة الأكثر جودة دائما مرادفة للقراءة بشكل أسرع. ومنذ أن رسَّخت المعلمة الأمريكية إيفلين وود Evelyn Wood مفهوم القراءة السريعة في الخمسينات من القرن الماضي، أصبح هناك انتشار غير مسبوق للدورات والكتب التي تَعِد الناس بتعليمهم الكيفية التي يقرأون بها بسرعة تصل إلى خمسة أضعاف أكثر دون أي خسارة في الاستيعاب. الآن قامت التكنولوجيا الحديثة بجعل هذه الفكرة أكثر جاذبية. فالتطبيق الهاتفي المسمى بـ Spritz ، على سبيل المثال، يستخدمه الملايين في جميع أنحاء العالم، وفقا للشركة المنتجة. وقد يكون محملا على بعض بشكل مسبق على بعض الهواتف المحمولة.

“حتى وقت قريب، كانت أنظمة القراءة السريعة متوفرة فقط من خلال الدورات التدريبية، لذلك كان يتعين عليك الخروج والتسجيل في هذه الدورات، وقد تستغرق الدورة عدة أسابيع،” كما تقول عالمة النفس المعرفي إليزابيث شوتر Elizabeth Schotter -من جامعة ساوث فلوريدا University of South Florida. وتتابع قائلة: “إن إحدى مميزات المقاربات القائمة على التكنولوجيا، هي أنك لا تحتاج إلى أي تدريب ويمكنك البدء على الفور. وهذه الميزة جذابة حقا، لأن الناس يبحثون دائما عن طرق سريعة وسهلة لحل مشكلات حياتهم -مثل وجود كمية كبيرة من النصوص الواجبة قراءتها.”

ومع ذلك، حتى وقت قريب، كانت لدينا فكرة بسيطة فقط عما إذا كانت طرق سرعة القراءة مفيدة في الواقع. وللتحقق من ذلك عمدت شوتر وزملاؤها إلى تقييم العديد من الاستراتيجيات والنُّظم الأكثر شعبية. غير أن النتائج التي توصلوا إليها كانت مخيبة للآمال.

لنأخذ مثلا “الحل” الأكثر شعبية الذي يقترح أن قراءتك ستتسارع إذا تعلمت التخلص من التحويل السماعي sub-vocalisations. الخدعة هنا هي ألاّ “تسمع” الكلمات في عقلك، وتعتمد فقط على عملية القراءة “البصرية”. إذ إن السماع الداخلي هو مضيعة للوقت جاء من الطريقة التي نتعلم بها القراءة بصوت عال عندما كنا أطفالا، كما تذهب الحجة. ولكن شوتر وزملاءها يشيرون إلى أدلة قوية على أن التخلص من هذا الخطاب الداخلي يقلل من الاستيعاب. فمن المنطقي أن ترجمة المعلومات البصرية إلى شكل سماعي يساعد القراء على فهم ما يقرؤون -كما تقول شوتر- نظرا لأن الشكل الأساسي للغة هو الصوتي والسمعي. فقد بدأ البشر بالتحدث إلى بعضهم البعض على الأقل منذ 100 ألف سنة، لكن لم تكن اللغة المكتوبة قد اخترعت إلا نحو 3400 قبل الميلاد في بلاد ما بين النهرين.

هناك مفهوم آخر يحظى بشعبية ويستخدم بكثرة في التطبيقات الرقمية هو مفهوم تقديم عبارة واحدة بسرعة، واحدة تلو الآخرى. مثل تطبيق Spritz، على سبيل المثال، بحيث يمكن للمستخدمين تحديد معدل القراءة ما بين 250 و1000 كلمة في الدقيقة. وهذه الطريقة ​​تدعي أنها تُلغي ضرورة تحريك عضلات العين.

“إن مقولة بإننا نضيع الوقت في حركات العين غير الضرورية مقولة مقنعة ذاتيا،” كما يقول بالوتا. لكن مع الأسف هذه المقولة خاطئة.

إذ توضح الأبحاث الكيفية التي يقرأ بها البشر السبب في ذلك. فالخطوة الأولى في القراءة هي أن تركز العينان على الأحرف. إذ إن أعلى درجات حدة البصر Visual acuity تكون في مركز المجال البصري Visual field، وهو ما يعادل تقريبا عرض الإبهام على بعد ذراع من العين.

وحركات العين السريعة – المسماة بالحَرَكَة الرَمْشِيَّة Saccades -تسمح للقارئ بأن يحوّل تركيز المجال البصري من كلمة إلى أخرى. كل حركة للعين إلى الأمام تشمل نحو سبعة أحرف. وفي المتوسط تحوم العين نحو 250 ميلي ثانية لكل كلمة واحدة، فالدماغ لا يزال يعمل لفهم ما قد قُرئ للتو مع انتقال العين نحو الكلمة التالية. ولكن القراءة ليست عملية تمضي قدما بمعدل ثابت. ففي نحو 30 في المئة من الوقت، نتخطى كلمة واحدة. وهذه عادة ما تحدث في الكلمات القصيرة جدا (مثل “من” أو “في”)، أو تتكرر بكثرة (مثل “كان” أو “جدا”) أو يمكن التنبؤ بها، في ضوء ما قُرئ للتو. ونعود مرة أخرى إلى الكلمة السابقة في نحو 10 إلى 15 في المئة من الوقت، ربما لأننا أدركنا أننا لم نفهمها بشكل صحيح، أو نريد إعادة النظر في الجملة السابقة نتيجة لإعطائنا معلومات جديدة للمساعدة على الاستيعاب. لكن عند استخدام التطبيقات الرقمية، فإن الكلمات تمر أمامك بلا هوادة خلال النص، ولا تعود المعاينة والمراجعة ممكنة، ومن ثم يقل فهمنا للنص، وفقا لشوتر.

فهمنا للقراءة العادية أيضا يقوض استراتيجية القراءة السريعة المعروفة باسم “تجزئة” المعلومات في حزم chunking. دعاة هذه الاستراتيجية كثيرا ما يزعمون أنه مع الممارسة، يمكن للقراء تعلم التلقي البصري لمجموعات كاملة من الكلمات والعبارات، حتى تلك التي تقع خارج النطاق البصري في دفعة واحدة. وتقول شوتر إن هذه الاستراتيجية غير مفيدة لأن تجزئة المعلومات ليست ممكنة من الناحية الفسيولوجية. وإضافة إلى ذلك، فإن سرعة القراءة محدودة بحدود قدرتنا على الانتباه والتعرف إلى وفهم الكلمات وليس قدرتنا على رؤية هذه الكلمات فقط.

ولأولئك الذين يبحثون عن التفوق في بطولات القراءة السريعة، فإن تقييم شوتر لهذه الاستراتيجيات مثبط للهمم. إذ تقول شوتر: “جميع هذه الاستراتيجيات تبدو ضربا من الجنون.” وتضيف قائلة: “فهي غير قابلة للتصديق. ولكنها تبدو معقولة لك فقط إذا لم تكن قد درست حقا عملية القراءة.”

فلم فلم تثبت علميا الادعاءات أنها تطوّر معدلات قراءة مذهلة، كما صرحت شوتر. ففي مسابقات القراءة السريعة على سبيل المثال، يطلب إلى المتسابقين القرَّاء الإجابة عن أسئلة حول النص المقروء لاختبار فهمهم. ولكن من الممكن الحصول على الإجابة الصحيحة من خلال النظر السريع والتخمين الذكي لسد الثغرات.

لكن الدراسة لا تحمل فقط أخبارا سيئة، إذ تعتقد شوتر أن القارئ “الجيد”، الذي يقرأ في المتوسط 400 كلمة في الدقيقة، يمكن أن يضاعف سرعته على الأرجح -ولكن ليس إلى ثلاثة أضعاف، وهو ما تعد به أغلب أنظمة القراءة السريعة. لكنها تحذر من أن هذا ليس حقا “قراءة”، ولكنه “النظر إلى النص بفعالية” – وسيكون هناك حتما بعض التدهور في الاستيعاب. لكن إذا كان كل ما تريده من الوثيقة هو الجوهر، فإن هذا النهج أكثر ذكاء من القراءة. ولست في حاجة إلى شراء التطبيق أو حضور دورة خاصة. وتوصي شوتر أن تُركِّز على العناوين الفرعية، وعلى أول وآخر جملة من الفقرات، لأنه في كثير من الأحيان يمكن العثور على المعلومات الأساسية فيها -في النصوص المكتوبة “كتابة جيدة” على الأقل. وإذا كانت الجملة الأولى من الفقرة تدل على أنه سيكون من المفيد قراءة بقية الفقرة بعناية، فيمكنك ذلك.

أي استراتيجية من هذا القبيل تتطلب من القارئ سد الثغرات باستخدام افتراضات بناء على ما قُرئ. وإذا كنت تريد أن تقرأ أسرع من دون المساس بالاستيعاب، فلا توجد طرق مختصرة، كما تقول شوتر. الحد الأقصى للسرعة التي تمكننا من التنقل بين الكلمات- في حين نظل نستوعب ما نقرؤه- يتحدد إلى حد كبير بمدى ألفتنا مع تلك الكلمات. بينما شخص واحد قد يتردد في كلمة “Insignificant”، قد يستلزم الأمر كلمة صعبة مثل “Floccinaucinihilipilification” لإبطاء قارئ آخر. فما هي نصيحة شوتر؟ “ربما لا تكون هذه النصيحة الأكثر شعبية ولكن أقول: اقرأ أكثر ووسِّع دائرة المفردات الخاصة بك ومعلوماتك العامة حول العالم.”

لذلك، فإن المقاربة الأكثر ذكاء للقراءة تقوم على تقدير حدودك الخاصة، والاعتراف بعيوب ومزايا النظر السريع. ولكن يجب أن تشمل أيضا الأخذ بعين الاعتبار الوسيلة التي تستخدمها، لأن القراءة من الشاشة ليست هي نفسها القراءة من الورق.

من الصعب جدا تقدير رقم معين يحدد كمية القراءة من على الشاشة. “فلا أحد لديه بيانات ذات مغزى تقوم على مقارنة دقيقة بين وسائل القراءة المختلفة،” كما تقول نعومي بارون Naomi Baron من الجامعة الأمريكية American University في واشنطن العاصمة، مؤلفة كتاب كلمات على الشاشة: مصير القراءة في العالم الرقمي Words Onscreen: The fate of reading in a digital world.

ولكن، وفقا لمركز بيو للأبحاث Pew Research Center في واشنطن العاصمة، فإن ما يقرب من نصف قراء الصحف في الولايات المتحدة يعتمدون حصرا على النسخة المطبوعة. وفي عام 2016، قرأ 65 % من البالغين في الولايات المتحدة كتابا مطبوعا واحدا على الأقل – بانخفاض عن نسبة %71 في عام2011. وخلال الفترة نفسها، ارتفع عدد الأفراد الذين يقرؤون الكتب الرقمية إلى %28 من %17. ولكن في العام الماضي انخفضت مبيعات الكتب الإلكترونية في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة -ثاني أكبر مستهلك في العالم- ربما لأنها أصبحت مكلفة أكثر، كما تقول بارون.

القراءة على الشاشة غالبا ما ينظر إليها على أنها “شيء جيد”، وخصوصا عندما يتعلق الأمر بالتعليم، وتقول آن منغن Anne Mangen -من جامعة ستافنجر في النرويج University of Stavanger- التي ترأس مبادرة الاتحاد الأوروبي المسماة بـ E-READ . ولكن هذا الرأي لم يُختبر على نطاق واسع. “فهناك نقص في المعرفة، ودفعٌ قوي جدا من الصناعات التكنولوجية،” كما تقول. وتتابع قائلة:“كثير من الحوارات والمناقشات والقرارات -في المجال التربوي خاصة- مبنية على افتراضات، وعلى الثقة بالتكنولوجيا. إذ يقول الناس: ‘أوه، لكنها تحفز الطلاب أكثر وهذه هي الطريقة التي يقرأ بها معظم الناس وسيقرؤون بها في المستقبل’.”

في الواقع، فقد شاركت منغن في أبحاث تُشير إلى أن الأفراد يجدون صعوبة في فهم المعلومات المعروضة في شكل PDF على شاشة الحاسوب، مقارنة بالنص نفسه على الورق. وقد يكون السبب في ذلك صعوبة التنقل بين النص على شبكة الإنترنت للعودة إلى الجزء الذي ترغب في إعادة النظر إليه. فالقارئ قد يتذكر أن هذا الجزء من المعلومات كان -تقريبا- في الربع الأول من الوثيقة المطبوعة، أو في ثلث المساحة في الصفحة الفعلية، ولكن تلك المعلومات السياقية مفقودة من الكتاب الإلكتروني. “من المثير للاهتمام أن تقرأ دراسات وجد

ت أن هناك تفضيلا للمادة المطبوعة لأغراض الدراسة،” كما تقول منغن. وهذا قد يساعد على تفسير -ويقدم بعض الدعم- لفكرة أنه من الأفضل قراءة المواد المعقدة -التي نريد أن نفهمها فهما جيدا- على الورق بدلا من الشاشة.

قد ينطبق الأمر نفسه عند قراءة من أجل المتعة. فقد وجدت منغن أن الناس الذين استخدموا جهاز كيندل kindle لقراءة قصة بوليسية قصيرة كانوا أسوأ من قراء الكتاب العادي في تذكر تسلسل أحداث الحبكة، ربما لأن الإحساس الذي نشعر به من تسلل الأحداث في القصة يتوفر في الكتاب العادي ومفقود في القراءة من على جهاز القراءة الإلكترونية، كما تقول. وهناك أيضا بعض الأدلة على أن القراء يشعرون بمزيد من التعاطف مع الشخصيات عندما يقرؤون من النسخة الورقية.

مع ذلك، اعتمادا على الدافع للقراءة، هناك مزايا المحتملة للقراءة على الشاشة وعلى الإنترنت. فخاصية زيادة حجم الحروف هي إحداها. وكذلك وظيفة البحث عن الكلمات الرئيسية، وسهولة الإحالة المرجعية، هي من بين الفوائد الأخرى. لكن، قد تكون هناك مقايضات أيضا. “فاستخدام خاصية ‘البحث’ يؤدي فقط عادةً إلى قراءة عنصر معين نبحث عنه بدلا من أن تستفيد من قراءة النص المحيط بهذا العنصر،” كما تقول بارون.

والتنقل بين المواقع الإلكترونية يمكنه الحد من قدرتنا على التركيز (انظر الإطار: انتباه! انتباه!).

كما هي الحال مع السرعة، فإن أفضل نصيحة هي تعيين وسيلة قراءتك لتلائم أهدافك. ولكن مهما كانت حاجتك من النص، هناك شيء واحد يمكننا جميعا القيام به لنصبح قرّاء أفضل. “العنصر الحاسم ليس هو الوقت الذي نقضيه في القراءة، ولا حتى وسيلة القراءة، ولكنه التركيز على الكتاب أمامك،” كما تقول بارون. “فبعض القراء البطيئين لا يفهمون ما يقرؤونه بسرعة، في حين أن بعض القراء السريعين لديهم قدرة ممتازة فعلا في كل من الذاكرة والتحليل.”

وتقول بارون: “القضية الحقيقية بالنسبة إلي هي أنه عندما يقرأ الشخص عملا يهتم لمحتواه -سواء أكان ذلك العمل خياليا أو غير ذلك- فإن القراءة تستحوذ على اهتمام المرء استحواذا كاملا.”

انتباه! انتباه! 

القراءة مفيدة لك. فقد تبين مؤخرا أن الخيال الأدبي يُحسِّن قدرتنا على فهم عواطف الآخرين.

ووجدت دراسة أيضا أن قراءة كتاب بتركيز من أي نوع يعتبر من وسائل تخفيف الإجهاد Stress. ومع ذلك، فقط مع حصولنا على الدليل الذي يدعم المفهوم القديم من آلاف السنين: “القراءة العلاجية”، تبدو القراءة بهدف المتعة في طريقها إلى الزوال. ففي العام الماضي، قرأ %73 من البالغين في الولايات المتحدة كتابا واحدا على الأقل، في أي شكل – بانخفاض عن نسبة %79 لعام 2011.

قد يكون الأمر ببساطة أننا نكرس وقتنا أكثر لقراءة نصوص أقصر على الإنترنت. لكن ماريان وولف Maryanne Wolf، مديرة مركز القراءة وأبحاث اللغة Centre for Reading and Language Research في جامعة تافتس Tufts University في ماساتشوستس ترى احتمالا أكثر إثارة للقلق. تتطلب العديد من أشكال المواد الرقمية والإنترنت من القارئ نقل التركيز بشكل منتظم من الصوت إلى العروض المرئية، أو من موقع واحد إلى آخر. وهذا- كما تجادل وولف- يمكن أن يُقصِّر مدة تركيزنا Attention spans، مما يجعل من الصعب الإستمرار في التركير على أمر يتطلب تلك المهارة – والاستفادة منها- عند قراءة رواية أدبية أو حتى كتابا غير روائي.

الدليل على هذه الفكرة ما زال قاصرا. ومع ذلك، فإن التقرير الذي نشرته مايكروسوفت في عام 2015 يضع مدى تركيز الفرد الكندي المتوسط في حدود 12 ثانية في عام 2000، و8 ثوان في عام 2013. وفي الوقت نفسه، تشير الدراسات التي تعمد إلى مقاطعة الأفراد أثناء القراءة لفترات عشوائية، والسؤال عما يفكرون به، إلى أن الشرود شائع جدا ومتفاوت للغاية. إذ نقضي ما يتراوح بين 15 و%50 من الوقت سرحانين عن المهمة التي نَكبُّ عليها.

الخبر السار هو أننا يمكننا تحسين قدرتنا على التركيز إذا كان هناك شيء ينبهنا عندما يبدأ اهتمامنا بالابتعاد عما نحن منشغلون به. فإذا كانت نظرية وولف صحيحة، فإن قراءة المزيد من الكتب تساعد على ذلك أيضا. فمبادرة الكتب البطيئة The Slow Books movement التي تشجع الناس على الاستمتاع برفاهية متعة القراءة، توافق على ذلك. وهي تدعو إلى قضاء ما بين 30 و45 دقيقة في اليوم في قراءة كتاب مطبوع أو كتاب إلكتروني مع فَصل الاتصال بشبكة الإنترنت.

إيما يونغ Emma Young كاتبة تقيم في شفيلد بالمملكة المتحدة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

زر الذهاب إلى الأعلى