الليزر يُعيد تفعيل الذكريات “المفقودة” في الفئران المصابة بآلزايمر
بقلم: أليس كلاين Alice Klein
كان يُعتقد أنّ الآلزايمر يمحو الذكريات تماما، ولكن تجربة أُجريت على فأر تشير إلى أنّ الحالة المَرَضية تُفسد قدرتنا على استرجاع الذكريات ولا تمحوها.
أُيقظَت تجربة ذكرياتٍ منسيّة في فئران تظهر عليها أعراض تشبه أعراض الآلزايمر.ويشير الإنجاز إلى أنّ الحالة المَرضيّة قد لا تدمر الذكريات، ولكنها تُضعف قدرتنا على تذكرها بدلا من ذلك.
فقد افترض منذ فترة طويلة أنّ آلزايمر يمحو الذكريات تماما. إذ ينطوي هذا المرض على كتل من البروتينات المتراكمة في الدماغ التي يُعتقد بأنها تدمّر الخلايا العصبية التي تخزن ذكرياتنا.
ولكن دراسة كريستين ديني Christine Denny، من جامعة كولومبيا Columbia University، وفريقها أشار إلى أنّ مرض آلزايمر لا يمسح الذكريات، ولكن يُصبح من الصعب الوصول إليها بدلا من ذلك. وما هو أكثر من ذلك، أنّه يمكن إعادة تفعيلها اصطناعيا.
وقال رالف مارتينز- Ralf Martins، الذي يعمل في جامعة إديث كوان Edith Cowan University بأستراليا، إن النتيجة قد تكون ثورية، وأضاف: «إنّ لها إمكانية قد تؤدي إلى تطوير عقار يساعد على استعادة الذكريات.»
وقد طوّر الباحثون طريقة لتصوير الذكريات الفردية في أدمغة الفئران، لدراسة كيفية تأثّر الذاكرة بمرض آلزايمر . فقد قاموا بهندسة الفئران وراثيا بحيث تتوهج الخلايا العصبية باللون الأصفر عند تخزين الذاكرة، وباللون الأحمر عند استذكارها. وولّدت مجموعتان من هذه الفئران – إحداها كانت سليمة، والأخرى مصابة بحالة تشبه مرض آلزايمر .
“هذه التقنية يمكن أن تكون ثورية.
وقد تؤدي إلى صناعة عقاقير
تساعدنا على استعادة الذكريات “
وطبِّق على كلتا المجموعتين من الفئران اختبار الذاكرة. أولا: عُرِّضت لرائحة الليمون ولصدمات كهربائية. وبعد أسبوع، عُرِّضت لرائحة الليمون نفسها. ومعظم الفئران السليمة جمدت على الفور تحسبا للصدمة. ولكن جَمُد فقط ما يقرب نصف الفئران المصابة بما يشبه آلزايمر، مما يشير إلى أنها لا تذكر بشدة الصلة بين الرائحة والصدمة.
وتطابق هذا السلوك مع ما رآه الفريق في حُصين Hippocampi الفئران – مناطق الدماغ التي تسجل الذكريات. ففي الحيوانات السليمة، تتداخل الخلايا العصبية الحمراء والصفراء، مما يدل على أن الفئران تسترجع ذاكرة الليمون – الصدمة من المكان نفسه الذي خُزِّنت فيها. ولكن في مجموعة فئران آلزايمر، توهجت خلايا مختلفة باللون الأحمر أثناء استدعاء الذاكرة، مما يشير إلى أنها كانت تستحضر الذكريات غير الصحيحة.
وتقول ديني، إن هذا قد يُفسّر سبب تذكّر الناس المصابين بآلزايمر غالبا لذكريات غير صحيحة. وعلى سبيل المثال، كثير من الناس الذين يعانون هذه الحالة لايتذكرون بشكل صحيح أين كانوا خلال هجمات 11 سبتمبر. و تشير هذه النتائج الجديدة إلى أنّ هذا قد يكون بسبب استرجاع خلايا الدماغ معلوماتٍ غير صحيحة.
إعادة تشغيل الذاكرة
باستخدام تقنية الهندسة الوراثية التي تسمى علم البصريات الوراثي – Optogenetics، انطلق فريق ديني لإعادة تنشيط ذاكرة الليمون – الصدمة في الفئران آلزايمر من خلال تسليط شعاع ليزر أزرق عبر كابل ألياف بصرية إلى الدماغ، وكانوا قادرين على تحفيز الخلايا الصفراء العصبية لتخزين الذاكرة، مما دفع الفئران إلى الجمود عندما شمت رائحة الليمون. (Hippocampus, doi.org/b9w8).
ويدل هذا على أنّ الذكريات “المفقودة” قد لا تزال موجودة في الدماغ، ويمكن استرجاعها. ولا يمكن، في الوقت الراهن، تطبيق تقنيات علم البصريات الوراثي على البشر لأنها ليست عملية وغير آمنة بعد للتلاعب بخلايانا العصبية أو اقحام الليزر في أدمغتنا. ولكن في المستقبل، قد تساعد العقاقير أو التقنيات المستهدفة -مثل التحفيز العميق للدماغ- المصابين بآلزايمر على التمكن من الوصول إلى الذكريات المنسية، حسب قول ديني.
ومع ذلك، يحذر مارتينز من أنّ نماذج فئران آلزايمر لا تعكس تماما الحالة في البشر. إذ إنّ عدد الخلايا العصبية التي تموت في الفئران المصابة بآلزايمر، أقل بكثير مما يحدث في البشر، وفقا لقوله.
وهناك دلائل سابقة على أن الذكريات يمكن إعادة إحيائها في الأشخاص الذين يعانون مرض آلزايمر. «الموسيقى هي أفضل مثال، إذ جذبت الكثير من الاهتمام كوسيلة لاسترجاع ذكريات الماضي في هؤلاء المرضى- لذا من المنطقي إمكانية استرجاع الذكربات،» كما يقول مارتينز.
إذا طورنا تقنية مشابهة لتقنية ديني بحيث يمكنها العمل على البشر، قد تكون لها استخدامات أخرى، مثل مساعدة الشهود على تذكّر مشاهد الجريمة. بل وقد نكون قادرين على الاستفادة من ذكريات الطفولة المبكرة.
ومع ذلك، فإنه من غير المحتمل أن نتمكن من إعادة تنشيط الذكريات بشكل انتقائي، لأننا لن نعرف في أي الخلايا العصبية قد خُزّنت، وقد تحمل بعض الخلايا العصبية ذكريات متعددة، كما تقول ديني. وتتابع قائلة: «أنت لا تريد استعادة الذكريات السيئة أيضا.»
نشرت هذه المقالة في مجلة نيوساينتيست، العدد 3136، 9 يوليو 2017.
@ حقوق الترجمة العربية محفوظة لمؤسسة الكويت للتقدم العلمي