عيادة تدّعي استخدام الخلايا الجذعية لمعالجة متلازمة داون
بقلم: آندي كوغلان
ترجمة: حازم محمود فرج
تقول عيادة في الهند إنها قد استخدمت الخلايا الجذعية لمعالجة متلازمة داون لدى مجموعة من المرضى بلغ عددهم 14 مريضا. لكن هذا الإعلان قد أثارقلق باحثين مستقلين.
تدعي عيادة أنها قد استخدمت الخلايا الجذعية لمعالجة متلازمة داون Down’s syndrome في 14 مريضاً. ويقول جيوتي تيتس Jyoti Titus، وهو أحد مديري عيادة نيوتك ميديوورلد Nutech Mediworld في نيودلهي بالهند: “على حدِّ علمنا، فهذه هي المرة الأولى التي تستخدم فيها الخلايا الجذعية لمعالجة متلازمة داون.”
لقد أطلق هذا الإعلان أجراس الإنذار. إذ إنه ليس معلوماً لدى الخبراء المستقلين في أبحاث الخلايا الجذعية أو متلازمة داون كيف يمكن للخلايا الجذعية -التي تصنع أنواعاً عديدة من الأنسجة- أن تعالج المتلازمة، وهي اضطراب وراثي ناتج من وجود كروموسوم زائد. ويقول جون راسكو John Rasko، من الجمعية الدولية للمعالجة الخلوية International Society for Cellular Therapy: “إن استخدام هذه الخلايا لا يبدو معقولاً من الناحية البيولوجية، وربما يعرِّض الأطفال الصغار إلى مخاطر جانبية جديّة.”
فبعد إثباتها سريرياً، بدأت أولى المعالجات بالخلايا الجذعية بأن تكون متاحة الآن فقط. وفي العام الماضي، أطلقت أول معالجة بالخلايا الجذعية جاهزة بعد نيلها الموافقة التنظيمية في اليابان، وهي تمنع الأعضاء المزروعة من مهاجمة أجسام مستقبليها. كما يُخضِع عددٌ من الفرق البحثية معالجات اختبارية أخرى بالخلايا الجذعية إلى تجارب سريرية صارمة.
لكن مئات العيادات الأخرى حول العالم بدأت بتقديم علاجات بالخلايا الجذعية دون تدقيق السلطات المنظمة. وتقترح براءة اختراع من عام 2007 لغيتا شروف Geeta Shroff، المديرة الطبية للعيادة، أن الخلايا التي تقدمها عيادة نيوتك ميديوورلد ربما تكون مفيدة في معالجة أكثر من 70 نوعاً من الحالات، بدءاً من متلازمة داون إلى مرض آلزايمر، بل وحتى حالات إِنْباتِيَّة Vegetative states.
تركّز معظم معالجات الأطفال المصابين بمتلازمة داون على أوجه الدعم – بما في ذلك المعالجات النُّطقية والسلوكية. ولكن في دراسة نشرت في العام الماضي، ذكرت شروف أن أحد أطفال متلازمة داون طوّر إدراكاً أفضل وتحسناً في صحة ونشاط عضلات أطرافه بعد تلقيه علاجاً بالخلايا الجذعية (Journal of Medical Cases, doi.org/bx3v).
لا ضوابط
تقول إليزابِث فيشر Elizabeth Fisher -من جامعة لندن كوليج University College London: “لم تقارن هذه الدراسة بأفراد مشابهين مصابين بمتلازمة داون، ولا مؤشر على أن هذه المعالجة لها أي تأثير إطلاقا، ولذا فالمؤلفة ليس لديها أساسٌ إطلاقاً لتقول إن عمليات الحقن كانت مفيدة.”
ويذكر تيتس أن من الواضح أن أعراض التحسن التي طرأت على الطفل إنما كانت بسبب المعالجة بالخلايا الجذعية، لأنه لم تقدم له معالجة أخرى، ويقول: “لقد بدأ يناغي ويزحف، وتغيّرت ملامح وجههه.” والآن، يبلغ هذا الطفل من العمر 3 سنوات، وهو يعيش في سنغافورة. ويقول تيتس عنه: “إنه يواصل اكتساب مهارات ملائمة لسنه.”
وتذكر دراسة شروف أنها حقنت الخلايا، التي حُصدت من جنين تبرع به ذووه، في دم الطفل وفي عضلات ظهره وتحت جلده، وأعطيت له أيضاً بصورة رذاذ في أنفه. ويقول تيتس: “للخلايا الجذعية قدرة فطرية innate للإصلاح وإعادة الإنتاج، وهذه هي النقطة التي يعزى إليها تحسن حالة الطفل.”
ويقول فيكتور تيبولفيكس Victor Tybulewicz –من معهد فرانسيس كريك في لندن Francis Crick Institute in London: “ليس هناك طريقة واضحة تبين كيفية عمل هذه المعالجة.” فمن أجل حصول أي تأثير، سيكون لزاما حقن الخلايا الجذعية العصبية في الدماغ، كما يقول.
وتقول فيشر: “يبدو أن مؤلفة الدراسة ليس لديها فكرة أين تذهب (الخلايا) أو ماذا تفعل. بل وما هو أسوأ هو أننا نعلم الآن أنهم قد قاموا بمعالجة 14 مريضاً، وليس واحداً فقط.”
ويقول تيتس إن الآلية التي طورت وفقها الخلايا تعني أن المستقبلين لا يحتاجون إلى مثبطات مناعة. لكن تيبولفيكس لا يوافق على ذلك، ويقول: “أعتقد أن النتيجة الأكثر ترجيحاً لعمليات حقن الخلايا ستكون أنها قد جرى التعرف عليها وتمييزها كعناصر دخيلة، وقضى عليها نظامُ المناعة.” ويذكر تيتس أن تفاصيل أكثر عن الآثار البيولوجية للخلايا الجذعية ستكشف في دراسة قدمت للنشر.
إن عيادة نيوتك ميديوورلد ليست هي العيادة الوحيدة التي تقدم العلاج بالخلايا الجذعية. فقد كشف تحليل أجراه راسكو في السنة الماضية وجود 417 موقعاً إلكترونياً فريداً يعلن عن معالجات بالخلايا الجذعية قدمت إلى المرضى مباشرة. ومن هذه المواقع كان هناك 187 موقعاً تابعا لـ 215 عيادة في الولايات المتحدة، و35 موقعاً تابعا إلى منظمات في الهند.
ومع أن الهند فرضت توجيهات وطنية مُنظِّمة لأبحاث ومعالجات الخلايا الجذعية السريرية منذ عقد من الزمن، إلا أن هذه التوجيهات غير ملزِمة قانوناً.