التحوّل الاستقلابي قد يُؤدّي إلى متلازمة الإرهاق المزمن
بقلم: آندي كوغلان
ترجمة: حازم محمود فرج
أعراض هذه المتلازمة تبدو كما لو كنت تُطفئ مصباح الإنارة. ويزداد تواتر الأدلة التي تشير إلى أن متلازمة الإرهاق المزمن Chronic Fatigue Syndrome (اختصارا: المتلازمة CFS) تحدث بفعل تحوّل الجسم إلى آليات أقل فعالية لتوليد الطاقة.
تؤثر متلازمة الإرهاق المزمن -التي تعرف أيضاً بمتلازمة التهاب الدماغ والنخاع المؤلم للعضل Myalgic encephalomyelitis (اختصارا: المتلازمة ME)، في نحو 2500 ألف فرد في المملكة المتحدة. ويتبدى العرَض الرئيس للمتلازمة CFS في صورة إرهاق جسدي وذهني دائم لا يتحسن باللجوء إلى الراحة أو النوم. وتبدأ المتلازمة CFS عادة بعد إصابة بعدوى خفيفة، لكن أسبابها غير معروفة. وقد اقترح بعض المختصين أن هذه المتلازمة هي ظرف نفسي أفضل طريقة لمداواته بالمعالجة السلوكية الإدراكية Cognitive behavioural therapy.
لكن الأبحاث تشير الآن إلى أن المتلازمة CFS، يمكن لها أن تحدث -في مرات كثيرة- بسبب فقدان الناس قدرتهم على التمثيل الكامل لسكريّات الكربوهيدرات لإنتاج الطاقة للجسم. ولتعويض ذلك، تعتمد خلايا أجسادهم على أنواع وقود أقل مردوداً، مثل الأحماض الأمينية والدسم، وتزيد كمية ملح حِمض اللاكتيك Lactate، وهو ناتج ثانوي مؤلم. ويمكن لهذا الطرح أن يُفسِّر نقطتين: أولاً، انخفاض طاقة الجسم؛ وثانياً، لماذا يمكن حتى لتمرين رياضي خفيف أن يكون مرهقاً ومؤلماً.
لقد قام أويشتاين فلوغ Øystein Fluge -من مستشفى جامعة هوكيلاند Haukeland University في بيرغن، بالنرويج- وفريقه، بدراسة الأحماض الأمينية في 200 شخص يعانون المتلازمة CFS، في 102 شخص آخر لا يعانونها. وقد اكتشفوا وجود مستويات منخفضة بصورة غير طبيعية من أنواع الأحماض الأمينية التي يمكن استخدامها كمصدر طاقة في دماء نساء مصابات بالمتلازمة CFS.
لم يُلاحظ وجود هذه المستويات المنخفضة عند الرجال المصابين بالمتلازمة، لكن ذلك ربما يكون بسبب ميل أجسام الرجال إلى استخلاص الأحماض الأمينية لتوليد الطاقة من العضلات بدلاً من الدم. فقد لاحظ الفريق وجود مستويات عالية من أحد الأحماض الأمينية، وهذه إشارة تدل على حدوث آلية كهذه. ويقول فلوغ: “يبدو أن مرضى المتلازمة CFS، رجالاً ونساءً، ربما يكون لديهم العائق ذاته في عملية استقلاب الكربوهيدرات إلى طاقة، لكنهم ربما يحاولون تعويضها بآليات مختلفة.”
يمتلك كلا الجنسين مستويات عالية من الإنزيمات التي تكبح عمل الإنزيم نازعة هيدروجين البيروفات Pyruvate dehydrogenase (اختصارا: الإنزيم PDH) وهو إنزيم أساسي وحيوي لنقل الكربوهيدرات إلى عُضيّات الميتوكوندريا Mitochondria في الخلية لتوليد الطاقة (Journal of Clinical Investigation, doi.org/bzmn).
وقد ألمحت عدة دراسات إلى أن خللاً في عملية حرق السكر يمكنه أن يسبب المتلازمة CFS، لكن هناك بعض الشكوك في كيفية حدوث هذا الاضطراب. ويقول كريس آرمسترونغ Chris Armstrong -من جامعة ملبورن University of Melbourne في أستراليا- الذي كشفت أبحاثه فروقات مشابهة في مستويات الأحماض الأمينية: “لا نعتقد أن إنزيم PDH وحده هو السبب. نحن نعتقد بوجود مشكلة في عملية استقلاب السكر بصورة عامة.”
ويقول روبرت نافيو Robert Naviaux -من جامعة كاليفورنيا University of California في سان دييغو- الذي اكتشف أدلة تشير إلى استهلاكٍ للأحماض الدسمة عند الأشخاص المصابين بالمتلازمة CFS: “لن يقدم إنزيم واحد في آلية الاستقلاب الإجابة عن سبب حدوث المتلازمة.” وتوحي أدلته المكتشفة تلك أن جزيئات تلك الأحماض يجري تحويلها إلى وقود لتوليد الطاقة.
إذن، فما الذي يمكن أن يُحدِث التحول إلى نمط مختلف من الاستقلاب؟ يعتقد فريق فلوغ أن جهاز المناعة عند شخص ما قد يوقف الإنزيم PDH من العمل – ربما – بفعل عدوى بسيطة.
لقد أظهر فريقه مسبقاً أن استخدام أحد أدوية السرطان لإبادة خلايا مناعية تعرف بالخلايا البائية B-cells عند مرضى المتلازمة CFS يبدو أنه يخفف الحالة. وتصنع هذه الخلايا أجساماً مضادة Antibodies، ويشتبه فلوغ في أن تقوم بعض الأجسام المضادة للأمراض بتعطيل عمل الإنزيم PDH أيضاً.
وتوحي هذه التأثيرات الاستقلابية أن المتلازمة CFS لها سبب كيميائي. ويقول آرمسترونغ: “سأجازف كثيراً بالقول إن ما نراه هو بالتأكيد مفعول فيسيولوجي، وليس أثراً نفسياًجسدياً Psycho-somatic”. وبحسب قوله أيضاً، ربما تكون حاضرة في بعض الحالات قد تكون هناك أيضا عوامل نفسية إضافة إلى كيميائية الدماغ.