هل أنا بحاجة إلى ثمانية أكواب من الماء يوميا؟
بقلم: غراهام لوتون
ترجمة: آية علي
مُعلبة أم من الصنبور؟ فوّارة أم عادية؟ ثمانية أكواب يوميا؟ هناك الكثير من الأكاذيب المختلطة بالحقائق الباردة والمنعشة عن أكثر المغذيات الضرورية للحياة
لم يُسمَّ جعة آدم Adam’s ale من فراغ. يُفترض أن الماء كان هو شراب أسلافنا الأوائل، دون أي شيء آخر. إذا توقّفت عن شربه الآن فستموت خلال أسبوع. إنه الغذاء الوحيد الذي يُعد غيابه على المدى القصير قاتلا. لكن مقدار ما يجب عليك شربه هو أمر مثير للجدل بشكل مفاجئ. فمن الشائع أن نسمع بأنه ثمانية أكواب يوميا –نحو لترين– حتى وإن لم تكن ظمآنا. في عام 2002، حاول الفيزيولوجي هاينز فالتين Heinz Valtin من كلية طب دارتموث Dartmouth Medical School في نيوهامبشير، تعقّب مصدر هذه النصيحة. وكان أقرب ما توصّل إليه هو كتاب من عام 1974 كان قد أعطى بشكل عرضي نصيحة بشرب 6 إلى 8 مشروبات يوميا، ليس الماء فقط وإنما كذلك المشروبات الغازية والقهوة والشاي والحليب. أما من ناحية صحتها العلمية، فإن هاينز لم يجد شيئا. وأما بالنسبة إلى ما ينصح به مجلس الغذاء والتغذية Food and Nutrition Board التابع للأكاديميات الوطنية الأمريكية للعلوم والهندسة والطب National Academies of Science, Engineering and Medicine فهو: « يلبي الغالبية العظمى من الأشخاص الأصحاء احتياجاتها اليومية من الترطيب عبر السماح للعطش بأن يكون مرشدهم.» الاستثناء الوحيد لذلك هو بعض كبار السن الذين تُخفق آليات التغذية الراجعة Feedback mechanisms لديهم، مما يعني أنهم قد يعانون الجفافَ دون أن يشعروا بالعطش. عموما، لن تكسب سوى القليل إذا فعلت أكثر من مجرد إرواء عطشك، فالمياه لا تزيل السموم من الجلد ولا تحسن البشرة بشكل واضح ولا تعالج الإمساك. هناك بعض الدعم للفكرة القائلة إن شرب الماء البارد يمكّنك من حرق سعرات حرارية، وإن شرب الماء مع الوجبة يحد من امتصاص السعرات الحرارية بشكل عام، ربما لأنه يساعدك على الشبع أو يقلل السعرات الحرارية من المشروبات السكريّة. لكن التأثير الكلي للمياه في الوزن أبعد ما يكون عن الوضوح. هناك دليل ضئيل على أن الترطيب الجيد قد يقي من المشكلات الصحية، مثل سرطان القولون والمستقيم وسرطان المثانة وأمراض القلب وارتفاع ضغط الدم والتهابات المسالك البولية وحصى الكلى. ويسهّل الترطيب الجيد على الكلية عملية استخراج الفضلات، مقلّلا بذلك من احتمال تلفها جرّاء العمل الدائم.
ويوجد بالفعل ما يسمى بـ «صداع الجفاف» Dehydration headaches، ويمكن للماء معالجته (مع أن هناك مئات الأسباب التي قد تسبب آلام الرأس)، كما أن شرب المياه بكثرة حينما تكون مصابا بنزلة برد قد يساعدك على تخفيف المخاط وتهدئة الأعراض.
قد لا يكون الماء علاج كل شيء، لكن سلبيات المبالغة فيه خفيفة. فإضافة إلى حالات الوفاة النادرة التي تنتج من فرط الترطيب بين عدّائي المارثوان ومتعاطي عقار النشوة Ecstasy؛ فإن أسوأ ما في الأمر هو أن العديد من الأشخاص الذين يشربون سوائل كثيرة بانتظام يبدو أنهم مصابون بنقص صوديوم الدم Hyponatremia: أي إن لديهم كمية قليلة جدا من الصوديوم في دمائهم. هذه ليست مشكلة كبيرة، لكنها مرتبطة بضعفٍ متوسط في الإدراك، وزيادة خطر السقوط لدى كبار السن. لكن بشكل عام، فإن «هناك آثاراً سلبية قليلة تنجم عن شرب الماء، كما أن الدليل على الآثار الإيجابية واضح جدا،» وذلك وفقا لدراسة حديثة. ولعل أكثر ادعاء غير قابل للتصديق، ويمتلك دعما قويا، هو أن المياه تحسّن التركيز، على الأقل بين الأطفال. وجدت عدة دراسات أن شرب الأطفال من عمر 7 إلى 9 أعوام للماء يحسّن من انتباههم، وفي بعض الحالات، من تذكّرهم. قد يكون أطفال هذا العمر أكثر عرضة للجفاف مما قد يسبب تراجعا في اليقظة والتركيز والذاكرة العاملة.
معلبة أم من الصنبور؟
بالنسبة إلى البعض؛ تكون مياه الصنبور نظيفة جدا، مع وجود كمية قليلة من المركبات المحتوية على الكلور والمستخدمة في تعقيمها. أما بالنسبة إلى البعض الآخر فإنها ليست نظيفة بما فيه الكفاية، وتعج بمسبّبات الأمراض الضارة، وآثار من المواد الكيميائية. فهناك الفلوريد الذي يضاف إليها لصحة الأسنان: تم شجبه في الخمسينات في أمريكا باعتباره مؤامرة شيوعية، ولا يزال مثيرا للجدل في بعض الأوساط حتى اليوم.
ويفضّل العديد من الأشخاص شراء مياه معلّبة، سواء كان ذلك جراء الأسباب السابقة أو كان ببساطة جرّاء الطعم. في كلتا الحالتين فإن هذا قد يكون مضيعة للمال، على الأقل في معظم المناطق الغربية. وهناك نحو 25 % من المياه المعبأة في الولايات المتحدة هي ببساطة مياه صنبور من مصادر محلّية. ومثل مياه الصنبور؛ تحتوي المياه المعلبة على نسبة كبيرة من الكلور، وذلك لسبب وجيه. أثبتت معالجة المياه بالكلور فعالية لافتة في الوقاية من الأمراض الخطيرة مثل الدوسنتاريا والكوليرا والتيفوئيد. ووفقا لمنظمة الصحة العالمية، فإن الدليل على أن الكلور قد ينتج مواد ثانوية مسرطنة، أو أنه يحتوي على مواد تقلل من خصوبة الرجال هو دليل «غير كاف»، كما أن الخطر ضئيل جدا مقارنة بذلك الناتج من المياه التي لا تُعقّم بشكل جيد. وتحتوي مياه الصنبور على آثار من المستحضرات الدوائية ومستلزمات النظافة ومستحضرات التجميل، لكن وكالة حماية البيئة في الولايات المتحدة تقول: «ليست هناك آثار معروفة في صحة الإنسان جرّاء تعرضه لهذا المستوى المنخفض من المواد في مياه الشرب.» أما بالنسبة إلى إضافة الفلوريد إلى المياه، فليس هناك دليل على تسببه بأي مشكلة صحية، ما عدا الحوادث التي أدت إلى الإفراط في الفلوريد، والذي قد يسبب التقيؤ والإسهال. وهناك أدلة أقوى على أن المعادن الموجودة في بعض المياه المعلبة، وخاصة الصوديوم، يمكن أن تكون ضارة. ومع أن فوائد المياه الغنية بالمعادن مرغوب فيها منذ وقت طويل، إلا أن الاختلاف الهائل بين العلامات التجارية يجعل اختبارها مستحيلا. وبالنسبة إلى الطعم، فإنه يستحيل اختباره هو الآخر بشكل موضوعي. لكن، إذا تسبب في مشكلة فعليك فقط تبريد مياه الصنبور، لأن هذه الطريقة تخفّف من طعم النكهات السيئة بشكل كبير.
ماء… ماء في كل الأرجاء
20 إلى 30 % تقريبا من كمية السوائل التي يستهلكها الشخص العادي تأتي من الطعام. لكن ما الكمية التي تحويها الأطعمة الفردية؟
100 % الماء
90-99 حليب خالي الدسم والشمام والفراولة والبطيخ والخس والملفوف والكرفس والسبانخ والمخللات والكوسا
80-89 عصير الفواكه والزبادي والتفاح والعنب والبرتقال والجزر والإجاص والأناناس والبروكلي
70-79 الموز والأفوكادو والجبن القريش وجبن الريكوتا والبطاطا (المخبوزة) والذرة (المطبوخة) والروبيان
60-69 المعكرونة والبقوليات وسمك السلمون والمثلّجات وصدور الدجاج
50-59 اللحم المفروم والنقانق وجبنة الفيتا وشريحة لحم الخاصرة
40-49 البيتزا
30-39 الجبن الشيدر وخبز البيجلز والخبز العادي
20-29 الببروني والكعك والبسكويت
10-19 الزبدة والسمن والزبيب
1-9 الجوز والفول السوداني (جاف ومحمص) والشابورة والحبوب والمعجنات وزبدة الفول السوداني
0 % الزيوت والسكر