كيف يمكن مكافحة تلوث الهواء
بقلم: نيك فليمنغ
تبدأ معالجة مشكلاتنا مع تلوث الهواء من تنظيم حركة النقل، ولكن يمكن الإسهام في تنقية الهواء من خلال خفض استهلاك الأفراد للطاقة والزراعة الكثيفة
“خلافاً لإيجاد علاج للسرطان، فإننا نعرف كيف نعالج هذه المشكلة، لأننا فعلنا ذلك من قبل،” يقول مايكل براور Michael Brauer من جامعة بريتش كولومبيا University of British Columbia. ويضيف قائلا: “إن القوانين الجديدة التي أقرت في المملكة المتحدة في أعقاب عام 1952 عندما تسبب الضباب الدخاني الكثيف الملوَّث في وفاة 12 ألفاً من سكان لندن والطريقة التي اعتمدت بها كاليفورنيا معايير لإرغام قطاع صناعة السيارات على الابتكار وتوفير مركبات أنظف كلها تشير إلى الاتجاه الذي يتعين سلوكه.” ومع ذلك، فإننا لا نزال نفتقر إلى الحلول. تشكل وسائل النقل في البلدان الغربية المصدر الرئيس للقلق. فخلال الفترة من 1970 إلى 2012 ارتفع عدد السيارات المملوكة نسبة للفرد الواحد مرتين تقريباً في معظم بلدان أمريكا الشمالية وأوروبا الغربية وأستراليا ونيوزيلندا. وحاولت بعض المدن تقليل عدد السيارات المتحركة في وقت واحد بطرق شتى. فباريس -على سبيل المثال- تسمح للسيارات بالسير في أيام محددة تبعاً لكون رقم لوحاتها فردياً أو زوجياً. وفي فرايبرغ بألمانيا جرى التركيز على توفير وسائل نقل عامة رخيصة وفعالة. وفرضت بلديتا لندن وستوكهولم رسوم ازدحام. ويمثل تقييم هذه الخطط تحدياً، إذ يتعين عزل تأثيرها في التلوث عن عوامل أخرى ربما أسهمت كذلك في تغيير مستويات التلوث. وتشير أفضل الأدلة المتوفرة إما إلى فشل أو ضآلة الأثر القابل للقياس للعديد من الجهود الرئيسة لخفض التلوث الناجم عن وسائل النقل. حتى أن بعض برامج تنظيم أيام السماح بقيادة السيارة على الطرق كان له تداعيات سلبية. إذ تفيد بعض التقارير أن الناس في مكسيكو وبيجين بدأوا بشراء سيارات إضافية بلوحات مختلفة للالتفاف على القيود. وفي أحيان كثيرة، تكون السيارة الثانية أرخص وأكثر تلويثا.
ولم تحقق الرسوم أو المخالفات على استخدام سيارات أكبر وأكثر تلويثاً في المناطق ذات الانبعاثات المنخفضة Low emission zone (المناطق LEZ) نتائج أفضل. فهناك أكثر من 200 منطقة مماثلة في أوروبا. ولكن لدى تقييم المنطقة LEZ في لندن في 2015، وهي الأكبر في العالم، تبين أنه لم يكن لها تأثير في مستويات المُلوِّثات أو المشكلات التنفسية والحساسية ذات الصلة بها لدى الأطفال. وخمَّن معدو الدراسة أن سبب ذلك هو التأخير في اعتماد معايير أوروبية أكثر تشدداً لسيارات نقل البضائع الخفيفة وزيادة نسبة السيارات العاملة بالديزل التي شجعت الحوافز الضريبية على اقتنائها. واتفقت هذه النتائج مع تلك التي توصل إليها لدى تقييم الوضع في خمس مدن هولندية حيث كان للمناطق ذات الانبعاثات المنخفضة تأثير ضئيل في مستويات التلوث الناجم عن وسائل النقل. وفي تقييم يعود إلى عام 2011 لبرنامج رسوم الازدحام في لندن، لم يتم التوصل إلى دليل مقنع بانخفاض التلوث بعد سنتين من اعتمادها. تُعدُّ كوبنهاغن وأمستردام في موقع ريادي عالمياً في تشجيع مواطنيهما على التخلي عن سياراتهم من خلال توفير بنية تحتية أفضل لاستخدام الدراجات ولكن حكومات أخرى فشلت في تحويل وعودها إلى أفعال. وأعلنت الحكومة البريطانية العام الماضي عن خطط طموحة لزيادة المسافات التي يقطعها الدراجون مرتين بحلول 2025، والعمل على زيادة المسافات التي يمشيها الناس بعد اتجاهها إلى الانخفاض، وخفض الوفيات بين راكبي الدراجات وزيادة نسبة الأطفال الذين يذهبون سيراً إلى المدرسة. وعلى الرغم تخصيص مبلغ 316 مليون جنيه إسترليني لتحقيق هذه الأهداف على مدى خمس سنوات في إنجلترا خارج لندن، فإن هذا المبلغ ضئيل جداً مقارنة بالميزانية البالغة 15 بليون جنيه إسترليني المخصصة للمشاريع الرئيسة لتحسين الطرق خلال الفترة نفسها. وفي النهاية، فإنه خارج نطاق الدول المركزية القادرة على فرض قرارها، لا يمكن للحكومات أن تفعل أكثر من هذا. وينبغي أن يدرك الأفراد كذلك أن الملوثات التي يتنفسون تُنتج عندما يقودون لمسافات قصيرة ويهملون عزل منازلهم وخفض فواتير التدفئة أو يشترون لحوماً تحتاج إلى مساحات كبيرة من المراعي التي تنتج الكثير من أكاسيد النيتروجين NOx.
ولكن معرفة ما يمكنكم فعله من أجل إحداث أكبر تأثير يتوقف على مكان إقامتكم. يعمل مشروع “كليرسيتي” ClairCity الذي يموله الاتحاد الأوروبي ويشمل ست مدن أوروبية على إعداد نماذج لتنقية الهواء تتناسب مع مستويات التلوث في كل مدينة لتحديد السلوكيات التي تترك أعظم أثر في هذه المواقع. ويقول غافن شاديك Gavin Shaddick، من جامعة باث في المملكة المتحدة: “نحن في النهاية نتحكم في سلوكنا؛ ونقطة التحول ستحدث عندما تقرر المجتمعات والمجموعات السكانية ومجموعات من الأفراد أن تفعل شيئاً حيال الأمر.”
يك فليمنغ Nic Fleming كاتب غير متفرغ يقيم في بريستول بالمملكة المتحدة