أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
العلوم الاجتماعيةبرامج وتطبيقاتتكنولوجياعلم الإنسانعلم الاجتماع

تطبيق ذكي لمعالجة الإدمان

عندما تحدثت إلى تاشا هيدستروم Tasha Hedstrom هذا المساء، كانت قد أقلعت عن المخدرات لأكثر من 61 يوماً. وتتناول تاشا عقار الفيفيترول Vivitrol، دواء يُثبّط الآثار الممتعة المُصاحبة لتعاطي المواد الأفيونية، ويقلل من الرغبة المُلحة في العودة إليها، بعد أن قاومت إدمانها لمدة 15 عاماً. تذهب تاشا إلى برنامج استشفاء إلزامي بقرار من المحكمة، ثلاثة أيام أسبوعياً، وتتابع تقدمها على تطبيقٍ وجدته على موقع فيسبوك، يُدعى تريغر هيلث Triggr HEALTH. و تقول تاشا إنها لم تجد برامج دعم الأقران -مثل برنامج مدمني المخدرات المجهولين Narcotics Anonymous – برامج مفيدة. فتقول: “لا أحب الجو العام لهذه التجمعات، أشعر بأن الناس يتحدثون عن تعاطي المخدرات ويمجدونه. لا أحب أن أحكي قصتي ألف مرة.”

أصبح تطبيق تريغر طريقة مختلفة للحصول على الدعم. وإضافةً إلى تتبع أيام التعافي، يربط التطبيق تاشا بفريق من مدربي التعافي، يتحدثون معها بشكلٍ دوري على مدار اليوم عبر الرسائل النصية ورسائل التطبيق. وإذا لم تتصل بالتطبيق لمدة يوم كامل، يتصل بها الفريق. ويتحدثون معها عامةً عن أحوال يومها أو الأهداف التي وضعتها لنفسها، لكنهم ساعدوها مؤخراً على مواجهة تحدٍ غير متوقع. لاحق شخص غريب سيارتها إلى باحة وركن سيارته إلى جانبها، ثم عرض عليها المخدرات. ولم تكن تاشا متأكدة مما يجب فعله حينها، فأرسلت رسالة نصية إلى تريغر. تقول: “العلاقة بينهما لا تتعلق بالإدمان فقط. كأنهاعلاقة  قائمة على أساس صداقة. يحتاج المرء إلى وسائل دعم احتياطية.”

في عام 2015، تُوفي 33 ألف شخص في الولايات المتحدة نتيجة تعاطي جرعات زائدة من المواد الأفيونية، وهو أكبر عدد من الوفيات في عام واحد على الإطلاق، ويُقدَّر بأكثر من ضعف العدد المُسجل في عام 2005 وفقاً للمعهد الوطني لتعاطي المخدرات. تدخُل أكثر من نصف مليون حالة المستشفيات لأسباب تتعلق بإدمان المواد الأفيونية في كل عام، بتكلفة تبلغ 15 بليون دولار وفقاً لدراسة حديثة، وتُنفَق عشراتُ البلايين الإضافية على العيادات والعلاجات الأخرى.

يعاني 23 مليون أمريكي اضطراباتٍ متعلقة بالعقاقير غير المشروعة أو الكحوليات، وفقاً لبيانات جمعتها إدارة تعاطي المخدرات والصحة العقلية، التابعة لوزارة الصحة والخدمات الإنسانية في الولايات المتحدة. مع ذلك، يخضع للعلاج أقل من 20% ممن يحتاجون إليه. وبينما قد تكون النماذج الأكثر شيوعاً للعلاج مثل مدمني الكحول المجهولين Alcoholics Anonymous أو مدمني المخدرات المجهولين Narcotics Anonymous فعالة جداً بالنسبة إلى البعض، إلا أن 75% من الأشخاص في هذه البرامج ومثيلاتها ينتكسون في سنتهم الأولى وفقاً لإحدى الدراسات. وعلى الرغم من توافر مجموعة واسعة من العلاجات، يقول جيمس ر. ماكاي James R. McKay خبير الإدمان وأستاذ علم النفس بجامعة بنسلفانيا: “هناك بعض الأشخاص لا يُفلح معهم حقاً أي نوع من أنواع العلاج.”

تُقدم التقنيات الجديدة خياراً آخر، يكمن في الاستفادة من أجهزة الحاسوب التي نحملها في جيوبنا. من بين 165 ألف تطبيق من تطبيقات الهواتف الذكية المخصصة للرعاية الصحية، تُعد تطبيقات الصحة العقلية الفئة الأكبر، التي تشمل مئات الخيارات المتعلقة بالإدمان، وتُقدم اقتباسات ملهمة، وتوفر اتجاهات لأماكن اجتماعات مدمني الكحول المجهولين القريبة، وإرشادات عن التنويم المغناطيسي، إلى جانب مجموعات دعم الأقران عبر الإنترنت.

يطمح تريغر إلى أبعد من ذلك، باستخدام البيانات التي تجمعها الهواتف الذكية، لا تستهدف الشركة فقط مساعدة الأشخاص على التعامل مع الرغبة الملحة في تعاطي المخدرات، والضغوط التي تؤدي بهم إلى تعاطيها، بل والتنبؤ بما إذا كان أحدهم سينتكس، للتدخل في الوقت المناسب.

يجمع تريغر أدلة من عدة أشياء مثل التفاعل مع الشاشة وأنماط الرسائل النصية وسجلات الهاتف وأنماط النوم والموقع. تُجمع هذه المعلومات إضافة إلى المجمَّعة من اتصالات المشاركين مع طاقم المبادرة على منصتها، مثل العقار المفضل وتاريخ استخدامه ووجود كلمات خطيرة مثل “الرغبة المُلّحة” أو “التوتر”، وتُضخ في سلسلة من الخوارزميات. يُتاح للنظام الوصول إلى معلومات عامة عن الرسائل النصية الأخرى ونشاط البريد الإلكتروني، لكن ليس محتوى الرسائل أو المكالمات الخاصة. يبحث التطبيق باستخدام التعلم الآلي عن أنماط تشير إلى زيادة احتمالية الانتكاس، وعندما ترتفع الاحتمالية إلى مستوى خطِر، يتدخل عضو من فريق التعافي أو ينبه فريق الرعاية الخارجية للعميل.

يرفض كلٌ من الشركة والعملاء الإفصاحَ عن تكلفة استخدام المنصة، لكنّ تريغر يتقاضى على ما يبدو رسوماً ضئيلة جداً أو لا شيء في بعض المشاريع التجريبية. فقد حمَّلت تاشا التطبيق مجاناً لكنها الآن تدفع رسوماً شهرية لاستخدام النظام، وتقول إنها أقل من دولارين في اليوم. وربما تكون أكثر طريقة واعدة أمام تريغر لكسب المال هي تقاضي حصة من الأموال التي يوفرها استخدام التطبيق على شركات التأمين والهيئات الحكومية التي تدفع التكاليف الطبية لعلاج الإدمان. العلاج المبدئي للمرضى المقيمين في المستشفى الذي يستمر 30 يوماً، يُمكن أن تصل تكلفته إلى 17 ألف دولار أمريكي، إضافةً إلى تراكم تكاليف زيارات غرفة العناية المركزة وتكاليف أخرى.

يقول كريس أولسن Chris Olsen، الشريك في شركة درايف كابيتال الاستثمارية Drive Capital، إحدى الشركات المستثمرة في تريغر، إن شركة أوهايو ميديكيد Ohio Medicaid تُنفق ما يُقدر بخمس بلايين دولار سنوياً على عدوى التهاب الكبد الوبائي سي التي ترتبط ارتباطاً قوياً بتعاطي المخدرات بالحقن. يقول أولسن: “إن استطعنا الحد من ذلك، أؤمن بأن هذا سيشكل نموذجاً ربحياً في المستقبل.”

يوجد بين أولئك الذين يستخدمون التطبيق اليوم مرضى سبق لهم خوض إعادة التأهيل في مجموعة سبراوت الصحية Sprout Health Group، وهي سلسلة من مراكز علاج الإدمان مقرها في ولاية نيو جيرسي الأمريكية. يقول أريل مايستر- ألداما  Arel Meister-Aldama الرئيس التنفيذي لسبراوت، إن متابعة المريض الخاضع لبرنامج بدوام كامل لمدة 45 يوماً في المتوسط ثم عاد بعدها إلى المجتمع، كانت قبل ظهور تريغر تتم عبر مكالمات هاتفية دورية، ودعوته إلى فعاليات خريجي البرنامج العلاجي، لكن كان من الصعب التأكد مما يفعله هؤلاء الأشخاص في الحقيقة. يحصل المستشارون في سبراوت الآن على تنبيهات من تريغر، عندما يبدو المريض في خطر. يقول مايستر- ألداما: “هناك إنذارات كاذبة، لكن في الغالب نُوقف الأشخاص وهم في طريقهم إلى تجار المخدرات، أو عند انتظارهم خارج حانة ويفكرون في دخولها.”

في الواقع، ارتفعت معدلات عودة الحالات لمصحات سبراوت منذ بدأت الشركة باستخدام تريغر، غير أن تكلفة العناية الإجمالية بالمريض انخفضت. يرجع ذلك لتمكن مستشاريها من مساعدة المرضى في وقت مبكر، ما يجنَّبهم الإقامة باهظة الثمن في مؤسسات العلاج، والحاجة إلى العلاج في حالات الطوارئ. يقول مايستر- ألداما إنه لديه الآن فهماً أفضل لتكاليف العلاج الخاصة بكل مريض بمساعدة البيانات التي يحصل عليها من تريغر، ويتوقع  في المستقبل تمكنه من قبول مبالغ ثابتة من المرضى بدلاً من فرض رسومٍ على الخدمات.

المنصة التي وجدها مايستر- ألداما مفيدة جداً، ما كانت لتنجح لولا انتشار الهواتف الذكية في كل مكان، إضافةً إلى التطورات الأخيرة في التعلم الآلي. ولم تكن لتخرج إلى النور على الإطلاق لولا التجربة المؤلمة لطالبة جامعية بعينها، وتدخل والدتها في الوقت المناسب.

حدس أمومي

خرج بفكرة التطبيق ونظام الرعاية الشامل جون هاسكل John Haskell، الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي لتريجر، في أثناء مروره بفترة صعبة في حياته الخاصة. فقد  صارع هاسكل الهوس الاكتئابي Manic depression بينما كان طالباً جامعياً في ستانفورد، وقضى خمس سنوات في الجامعة دون الحصول على درجة علمية. وقد عانت إحدى صديقاته في ستانفورد كذلك مشكلات في الصحة العقلية وتعاطي المخدرات وصلت بها إلى مرحلة جعلتها لا ترغب في مواصلة العلاج وفكرت في الانتحار. وفي لحظة حرجة بعينها، اتصلت بها والدتها. وضعتها تلك المكالمة في مسارٍ أكثر إيجابية، وعندما سأل هاسكل الأم عما دفعها إلى مكالمة ابنتها في تلك اللحظة تحديداً، أرجعت الفضل إلى “حدس الأم”.

فكر هاسكل في أن الحدس الأمومي شيءٌ ينبغي إعادة إنتاجه بمساعدة التكنولوجيا الذكية. يقول: “كانت تعرف أن هناك خطأ ما. استطاعت الشعور بذلك. لكن المثير للاهتمام -بشكلٍ خاص- في تلك التجربة هو أن الفضل يرجع إلى  نقاط البيانات التي يمكن تتبعها جميعاً على هاتفك.” على سبيل المثال، لطالما أحبَّت صديقته لعبة متعددة اللاعبين على الإنترنت على غرار لعبة سكرابل Scrabble، تُدعى كلمات مع الأصدقاء Words with Friends، لكنها توقفت عن اللعب، وكانت ترسل رسائل نصية في منتصف الليل؛ وهذه إشارة واضحة إلى عجزها عن النوم. يقول هاسكل: “مفهوم الحدس هو مجرد مسألة بيانات. لماذا لا يمكننا تطوير الحدس الأمومي؟”

بعد ست سنوات، تحتل آلة الحدس الأمومي الخاصة بـهاسكل طاولتين طويلتين باللون الأبيض في الطابق الثاني من مبنى بلا مصعد في حي ريفر نورث River North بمدينة شيكاغو. تجلس مجموعة صغيرة من المبرمجين وعلماء البيانات إلى طاولة واحدة، يعملون على بناء التطبيق والمنصة الخاصة به، ويمتلك كثيرٌ منهم خبرات في شركات أكبر مثل غوغل. فعلى الجانب الآخر من الفاصل، يجلس إلى طاولة بيضاء مُماثلة فريق التعافي المُكون من أربعة إلى خمسة أشخاص يتفاعلون مع المشاركين على المنصة. وأمام كلٍ منهم شاشة حاسوب.

يعمل الخبراء التقنيون على البيانات التي تجلبها المجسات من هواتف المشاركين ومن تفاعلاتهم مع فريق التعافي كذلك، ويحددون الأنماط التي تشير إلى تحرك في الاتجاه الخطأ. يراقب تريغر الجميع على المنصة بنشاطٍ على مدار أربع وعشرين ساعة في اليوم، طوال أيام الأسبوع، يتابع خلالها العضو الواحد من فريق التعافي 500 شخص في أي وقت. لدى كل مشارك تقييمٌ على مقياس من 1 إلى 10، مبنيٌّ على أساس الأنماط التي تتبعها خوارزمية تريغر. يعني تقييم 1 أن الأمور تسير على نحوٍ جيدٍ جداً. في حين يُعد تقييم 10 إنذاراً بأن الشخص يظهر نمطاً سلوكياً قد يعني أنه على حافة الانتكاس ويحتاج إلى الاتصال به.

تجري معظم اتصالات الموظفين مع العملاء عبر الرسائل النصية أو رسائل التطبيق. ويعتمد الفريق اعتماداً كبيراً على إنذارات الخوارزميات الخاصة به، في ظل غياب المؤشرات التي يمكن الحصول عليها من اللقاء الشخصي مثل التواصل البصري ولغة الجسد أو نبرة صوت الشخص على الهاتف.

هل أنت روبوت؟

لقد جعلت أنظمة التعلم الآلي منصة تريغر أكثر ذكاءً بمرور الوقت عن طريق دراسة التفاعلات مع المشاركين وملايين نقاط البيانات من هواتفهم الذكية. يبحث النظام عن أي انحراف أو فاصل يكسر الروتين الخاص بالعميل، وتتحسن القدرة على رؤية علامات الانتكاس المحتملة مع استخدام مزيد من الناس للنظام وجمع المزيد من البيانات ودراستها. يمكن لتريغر الآن التنبؤ باحتمالية خروج عميل عن المسار الصحيح خلال الأيام الثلاثة المقبلة بدقةٍ تبلغ 92%، مقارنةً بـ85% من دقتها في  العام الماضى. وتقول الشركة إن التدخل المبكر الذي تُيسره هذه التنبؤات يجعل من الممكن تحسين نتائج العملاء بدرجة كبيرة.

أقنعت فوضوية البيانات جون سانتير John Santerre عالِم البيانات بتريغر بأن التعلم الآلي يمكن أن يكون فعالاً في حل المشكلة. بعض أهم العلامات التحذيرية التي تُنذر بانزلاق وشيك للعميل ليس لها علاقة مباشرة بالمخدرات أو الكحول. بل هي أحداث حياتية مثل وفاة أحد أفراد الأسرة أو وفاة متعاطٍ آخر، أو علاقة غرامية، أو مشكلة في السكن. انحرافٌ واحد فقط عن الروتين الطبيعي للعميل، مجرد حدث صغير مثل رسالة نصية تأتي في وقت غير مناسب، يزيد من فرصة حدوث انتكاس في الأيام القليلة التالية. لا يحتاج تريغر إلى معرفة هوية مُرسل الرسالة النصية أو فحواها. اختلال الروتين هي المؤشر الحرج.

يجمع تريغر كل البيانات الممكنة عن كيفية مقاومة الناس لرغباتهم المُلحة إذ تتضخم ثم تتضاءل تدريجياً، وشرع تريغر  في العمل على مهمة صعبة لبناء نظام مصمم للعمل بالحد الأدنى من المدخلات البشرية مع إنتاج خدمة مناسبة لكل مشارك. وبينما يُمكن للخوارزميات تحديد مقدمات الزلات، إلا أن التدخل لإيقافها لا يناسب النظام الآلي بالضرورة. يقول هاسكل: “هدفنا هو جعله إنسانياً قدر الإمكان.” مع ذلك، لا يزال العملاء يسألون مدربي التعافي في بعض الأحيان عما إذا كانوا روبوتات. تاشا هيدستروم فعلت ذلك، وردّ تريغر عليها بسؤالها عما إذا كانت هي روبوت. الفكاهة واحدة من التقنيات التي حددت أن الخوارزمية تنجح نجاحاً طيباً مع بعض المشاركين.

يختبر المدربون دوماً الرسائل المرسلة إلى العملاء رداً على مختلف أنواع المشكلات، ويُشاركون الرسائل التي تجد صداها لدى المشاركين مع فريق الهندسة. وعندما تأتي مكالمة مشابهة في وقت لاحق، يتعلم النظام اقتراح تلك الإجابة الفعالة. وما أن يُحدد تريغر أن الشخص معرضٌ لخطر الانتكاس، يحين وقت الجزء الصعب بحق: التدخل لإيقاف السلوك المدمر للذات. يُشرف البشر على التفاعل، لكن عندما ترتفع الخطورة المعرض لها الشخص، يُخطر تريغر أحد أعضاء فريق التعافي تلقائياً بالطريقة الأكثر فعالية في الوصول إلى ذلك العميل، ونوع الرسالة المُرجَّح استجابته لها. وهذا هو أقرب ما وصل إليه تريغر حتى الآن من فكرة هاسكل عن الحدس الرقمي.

لا هواتف ذكية

يُركز هاسكل تركيزاً كبيراً على تطوير الاتصالات مع منظمات خدمة المجتمع. وفي صباحٍ رطب من شهر يناير، كان يقف في قاعة مؤتمرات بمدينة فرامنغهام بولاية ماساتشوستس الأمريكية، يشرح التطبيق بحماس لمجموعة من مستشاري مجلس الفرص بميدلسكس الجنوبية South Middlesex Opportunity Council  (اختصارا: المجلس SMOC)، وهو منظمة محلية غير ربحية. وكان المجلس SMOC قد أطلقت للتو تريجر كجزء من برنامج للتواصل مع متعاطي المخدرات في غرفة الطوارئ بعد تناولهم جرعات زائدة. تُعاني فرامنغهام مثل عديد من أجزاء الشمال الشرقي والغرب الأوسط وأبالاشيا تزايد عدد حالات تعاطي الجرعات الزائدة من المواد الأفيونية، بمتوسط عشر حالات في الشهر في الوقت الراهن.

أعرب بعض المستشارين في الغرفة عن قلقهم من إمكانية عدم امتلاك جميع العملاء المحتملين هواتف ذكية، و أراد بعضهم الآخر خدمة لا يقدمها تريغر: تنبيهات عندما يتصل العميل بتاجر مخدرات أو يعود إلى تعاطيها مرة أخرى. كانت لدى هاسكل إجابات لكل سؤال، لكن بعد شهر ونصف من العرض التقديمي، قالت كريستين فريزرKrystin Fraser مديرة المنحة إن واحداً فقط من بين المشتركين الثمانية الأوائل وافق على تحميل تريغر. لم يكن لدى بعضهم هاتف ذكي، في حين لم يرغب آخرون في وجود شخص ما يراقبهم حسبما أوضحت. خلال الشهر المقبل، اشترك 13 شخصاً آخرين بالتطبيق.

لا تخضع معظم التطبيقات الصحية لإشراف إدارة الغذاء والدواء الأمريكية Food and Drug Administration (اختصارا: الإدارة FDA)،  وقد اختارت الشركة عدم نشر أي تجربة سريرية عن برنامجها، وهو أمر ليست الشركة مُلزمة بفعله. إلا أن الشركة تتتبع  نتائج استخدام الأشخاص لـتريغر على المدى الطويل، ويضع قرارها عبئاً عليها كي تسعى  إلى إظهار أنها صنعت شيئاً استثنائياً بالفعل. إنها تعمل في مجال مزدحم. يقول جون توروس John Torous، مدير برنامج الطب النفسي الرقمي بمركز بيث إسرائيل ديكونيس الطبي في بوسطن Beth Israel Deaconess Medical Center: “هناك عدد متزايد من تطبيقات الصحة النفسية المشكوك في نفعها وفاعليتها.” ويُشارك توروس في دراسة تستخدم بيانات الهواتف في متابعة الأشخاص الذين يعانون مرض الفُصام، وهو اضطراب عقلي يختلف تماماً عن الإدمان، لكن يمكن أن يُشبهه في بعض السلوكيات الكامنة، مثل النوم المتقطع. يقول توروس: “لا يُقدر الناس مدى تعقيد العمل مع هذه البيانات حق قدره. نملك سوقاً ضخمة للهواتف الذكية منذ عشر سنوات، ولم نُحدِث ثورة في مجال الرعاية الصحية العقلية بعد. إن كان الأمر  في سهولة إنشاء تطبيق، لأمكننا القيام به في غضون عشر سنوات. البشر معقدون. يمكننا جمع كل هذه البيانات، لكن كيف يمكننا تحليلها بطريقة سليمة؟”

أما جوكا – بيكا أونيلا Jukka-Pekka Onnela، أستاذ الإحصاء الحيوي من  كلية تي إتش تشان للصحة العامة بجامعة هارفارد Harvard’s T.H. Chan School of Public Health، وشريك توروس في الدراسة المتعلقة بانفصام الشخصية، فيبدوان أكثر تفاؤلاً. فمع ازدياد استخدام الأفراد للهواتف في المزيد من الاحتياجات اليومية مثل جدولة المواعيد وتحديد المواقع والاتصالات، تُصبح البيانات القادمة من هذه الأجهزة قوية جداً جداً، وفقاً لأونيلا. خصوصا في  الظروف التي يشتد  فيها تأثر السلوك بمحيط الشخص والأحداث المعاضرة، كما هي الحال بالنسبة إلى الأشخاص الذين يعانون الاضطرابات النفسية أو الإدمان.

عندما يكون المستخدمون متيقظين قد  تنشط شاشات الهواتف لأكثر من 20 مرة في الساعة. ووجد أونيلا هذه التكرارية مؤشراً موثوقاً به يعبِّر عن أنماط النوم، وهو أمر ضروري لفهم المرض النفسي وعلاجه.

يقول أونيلا: “اقتصر كثيرٌ من القياسات في الماضي على المختبرات أو مكاتب الأطباء. فما نحاول القيام به هو التقاط الأعراض في ذروتها، بالطريقة التي يختبرها الناس بها في حياتهم.”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى